الإصحَاحُ
الثَّانِي عَشَرَ

الضيقة العظيمة والقيامة

يرى القديس هيبوليتس الرومانى أن دانيال تحدث عن الضيقة العظيمة أو
رجسة الخراب التى تحققت جزئيا وعلى مستوى محلى فى أيام أنطيوخس إبيفانس، وتتحقق
على مستوى العالم كله فى أواخر الدهور أيام ضد المسيح. لكن الكثير من الآباء، خاصة
القديس جيروم، يرون أن الحديث هنا واضح عن ضد المسيح وانقضاء الدهر.

 

(1) الضيقة العظيمة

" وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك،

 ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت امة الى ذلك الوقت،

 وفي ذلك الوقت ينجى شعبك كل من يوجد مكتوبا في السفر " [1].

إنه يكمل ما جاء فى الإصحاح السابق، ففى قمة سلطان ضد المسيح يقوم
رئيس الملائكة ميخائيل ويعمل لحساب الكنيسة (كما جاء فى رؤ 12)، وذلك فى فترة
الضيقة العظيمة التى يعلن عنها السيد المسيح (مت 24: 15 – 22).

وسط الضيق ينجى الله شعب دانيال، أى كنيسة المؤمنين المكتوبة أسمائهم
فى سفر الحياة. إنها تتعرض دوما للضيق، لكنها ليست منسية أمام الله، بل كلما اشتدت
الضيقة أظهر الله بالأكثر اهتمامه بها. إنها فى يد مخلصها السيد المسيح الذى يعمل
لبنيانها، ويستخدم ملائكته ورؤساء ملائكته لحمايتها.

 

(2) القيامة

" وكثيرون من الراقدين في تراب الارض يستيقظون،

 هؤلاء الى الحياة الابدية وهؤلاء الى العار للازدراء الابدي.

 والفاهمون يضيئون كضياء الجلد والذين ردوا كثيرين الى البر،

 كالكواكب الى ابد الدهور " [2 – 3].

يعتبر البعض سفر دانيال هو أهم سفر فى العهد القديم يتحدث بوضوح
وبقوة عن القيامة ويحدد زمانها. عندما يأتى يوم الرب العظيم ويضىء الحكماء الذين
أطاعوا الله ككواكب أبدية. وإن كان قد حسب هذا الأمر فوق قدرة دانيال نفسه، إذ
يقول
" وأنا سمعت وما فهمت " [8].

هل تبحث عن  هوت طقسى أعياد الكنيسة القبطية حلول الروح القدس العنصرة ة

واضح أن الحديث هنا عن قيامة واحدة، ودينونة أبدية، ومجد أو عذاب
أبدى.

+ من أقوال القديسين:

القديس جيروم: [أما هؤلاء السادة والمعلمون الذين لهم معرفة الناموس، فسيضيئون
كالسماء، والذين يحثون الشعوب المتخلفة عن الإيمان على الإهتمام بعبادة الله
فيتلألأون ككواكب فى الأبدية].

الأب قيصريوس: [لنهرب بكل قوتنا من معوقات هذا العالم ونطلب بعض الساعات حيث نستطيع
أن نكرس أنفسنا للصلاة أو قراءة الكتاب المقدس لأجل خلاص نفوسنا. هذا يحقق فينا
المكتوب: " والفاهمون يضيئون كضياء الجلد "]
.

 

(3) خاتمة

" اما انت يا دانيال فاخف الكلام واختم السفر الى وقت النهاية.

كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد " [4].

أمر دانيال أن يختم على السفر حتى " إلى وقت النهاية "،
لكن المعرفة تزداد، وإن كان يبقى الإنسان كما فى لغز حتى يتحقق ما ورد فى السفر
تماما. ربما قصد بالختم هنا بقاء النبوات غير واضحة حتى يتحقق الخلاص فى ملء
الأزمنة، وتنكشف أسرار المجىء الثانى كما فى سفر الرؤيا (رؤ 22: 10).

 لهذا يرى كثير من الدارسين أن سفر الرؤيا هو مفتاح سفر دانيال.

" فنظرت انا دانيال واذا باثنين آخرين قد وقفا،

 واحد من هنا على شاطئ النهر وآخر من هناك على شاطئ النهر.

 وقال للرجل اللابس الكتان الذي من فوق مياه النهر:

 الى متى انتهاء العجائب؟

 فسمعت الرجل اللابس الكتان الذي من فوق مياه النهر،

 اذ رفع يمناه ويسراه نحو السموات،

وحلف بالحي الى الابد انه الى زمان وزمانين ونصف.

.فاذا تم تفريق ايدي الشعب المقدس تتم كل هذه.

 وانا سمعت وما فهمت.فقلت يا سيدي ما هي آخر هذه.

 فقال اذهب يا دانيال لان الكلمات مخفية ومختومة الى وقت النهاية.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ى يحزيا 1

 كثيرون يتطهرون ويبيّضون ويمحّصون.

اما الاشرار فيفعلون شرا ولا يفهم احد الاشرار لكن الفاهمون يفهمون
"
[5 – 10]. لكى يختم دانيال السفر رأى ملاكين آخرين واللابس الكتان،
أى كلمة الله قبل التجسد (6: 10).

 سأله أحد الملاكين عن مدة هذه الضيقة، وجاءت الإجابة إلى زمان
وزمانين ونصف زمان، أى إلى ثلاث سنوات ونصف. وهو نصف الأسبوع الذى تحدث عنه دانيال
قبلا، فترة الأضطهاد المرة جدا، تنتهى بكسر عهد الملك المفترس.

" ومن وقت ازالة المحرقة الدائمة واقامة رجس المخرب الف ومئتان
وتسعون يوما.

 طوبى لمن ينتظر ويبلغ الى،

 الالف والثلاث مئة والخمسة والثلاثين يوما " [11 – 12].

يحدد المدة بالأيام لا السنوات 1290 يوما وتعنى ثلاث سنوات ونصف،
تعانى فيها الكنيسة من الضيق الشديد، مضافا إليها 45 يوما (1335 يوما)، ولعل هذه
الفترة هى ما بين قتل ضد المسيح ومجىء السيد المسيح. إنها فترة راحة ليرجع ويتوب
من أنحرف وراء ضد المسيح، وفى نفس الوقت فترة تذكية للمؤمنين حيث يترقبوا بفرح
مجىء المسيح بعد الخلاص من ضد المسيح. لذلك يطوب دانيال النبى من ينتظر ويبلغ 1335
يوما.

" أما انت فاذهب الى النهاية فتستريح وتقوم لقرعتك في نهاية
الايام "
[13].

أخيرا يطلب من دانيال أن يستريح حتى يقوم حين يأتى رب المجد القائل: " ها أنا
آتى سريعا "
رؤ 22.

إن كانت الآراء قد تعددت بخصوص موعد مجىء السيد المسيح، اعتمادا على
تفسيرات مختلفة للنبوات أو على الظواهر الطبيعية مثل كثرة الحروب والزلازل
وغيرها.. فإن الكنيسة تترقب بفرح مجيئه سريعا.. فى يقين أنه قادم، وأنه قادم
سريعا، لكن فى غير استهتار بالإلتزامات الزمنية ولا تراخ، وقد كشف لها السيد
المسيح عن علامات مجيئه الأكيدة لكى تستعد بالصبر وتواجه الضيقات، خاو الضيقة
العظيمة ورجسة الخراب، كما تستعد بالفرح والرجاء أن لها نصيبا معه فى الأحضان
الأبوية.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر إشعياء 25

إنه قادم حقا! وستعبر الأزمنة سريعا، ونفرح ونتهلل بقيامتنا مع
الأموات، ولقائنا معه على السحاب.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي