الإصحَاحُ
السَّادِسُ عَشَرَ

 

–   علامات الأزمنة                                                         (16: 1 4)

–   الخمير وتعليم الفريسيِّين                                               (16: 
512)

–   اعتراف القديس بطرس وأثره في رواية الإنجيل                     (13:1620)

–   أول نبوَّة عن الآلام                                                     (21:1628)

 

علامات الأزمنة

[1:164]                    (مر
8: 1113)، (لو 54:1256)

 

1:164 «وَجَاءَ
إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالصَّدُّوقِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ، فَسَأَلُوهُ أَنْ
يُرِيَهُمْ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ. فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: إِذَا كَانَ
الْمَسَاءُ قُلْتُمْ: صَحْوٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ. وَفِي الصَّبَاحِ:
الْيَوْمَ شِتَاءٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ بِعُبُوسَةٍ. يَا مُرَاؤُونَ!
تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاءِ، وَأَمَّا عَلاَمَاتُ
الأَزْمِنَةِ فَلاَ تَسْتَطِيعُونَ! جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً،
وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. ثُمَّ تَرَكَهُمْ
وَمَضَى».

مرَّة
أخرى مع الفريسيِّين الذين اجتمعوا مع الصدوقيين وهم على طرفيِّ نقيض. فالأوَّلون
يؤمنون بالروح وبالقيامة، والآخرون لا يؤمنون بالروح ولا يؤمنون بالقيامة، والذي
جمعهما معاً هو مقاومة المسيح. والسؤال الذي طرحوه على المسيح أنهم يطلبون آية من
السماء. وهذا في الواقع ما تمَّ في إنجيل ق. يوحنا:
» فأية آية تصنع لنرى ونؤمن بك؟ ماذا تعمل؟ آباؤنا
أكلوا المن في البرية، كما هو مكتوب: أنه أعطاهم خبزاً من السماء ليأكلوا.
«(يو 6: 30و31)

وهكذا
أرادوا أن يستخدموا المسيح لإرادتهم ليصنع لهم ما يريدون، ولم يعلموا أن كل الآيات
التي عُملت في العهد القديم من السماء كانت إما لتوبيخ الشعب أو لمعاقبته، ولم
تحدث آية واحدة طلبها الناس من الله، بل على العكس لمَّا كانت تتم الآية كانوا
يصرخون ويستعفون كما حدث في البروق والرعود والدخان وزلزلة الجبل في سيناء، وقالوا:
إننا نموت (خر 19:20). ولمَّا أعطاهم المن كان بسبب تذمرهم، فكان لتوبيخهم ولم يكن
لملء شهوتهم. فالذي كان يجمع أكثر لا يبقى له إلاَّ القليل، والذي يبيت كان
يَنْتِن علامة على فساد نياتهم. ولمَّا أعطاهم السلوى كان لسد بطونهم حتى أنتن في
أنفهم:
» فتذمَّر كل
جماعة بني إسرائيل على موسى وهرون في البرية. وقال لهما بنو إسرائيل ليتنا متنا
بيد الرب في أرض مصر، إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزاً للشبع. فإنكما
أخرجتمانا إلى هذا القفر لكي تُميتا كل هذا الجمهور بالجوع. فقال الرب لموسى: ها
أنا أُمطر لكم خبزاً من السماء … لكي أمتحنهم أيسلكون في ناموسي أم لا

«
(خر
16: 2
4). هذا هو المن
فهو شاهدٌ على تذمُّرهم.

أمَّا وقوف الشمس في السماء فكان بسبب حرب الإبادة التي نوى
عليها الأموريون:
» حينئذ كلَّم يشوع
الرب يوم أسلم الرب الأموريين أمام بني إسرائيل. وقال أمام عيون إسرائيل يا شمس
دومي على جبعون (موضع الإسرائيليين) ويا قمر على وادي أيلون (موضع العدو حتى تعمى
عيون العدو عند مواجهة إسرائيل). فدامت الشمس
ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه
«(يش 10: 12و13). وهذه علامة من السماء كانت في تاريخ إسرائيل
تذكاراً لحماية الرب لإسرائيل من
الفناء.

أو
كما في أيام دبورة كيف حاربت الكواكب لصالح إسرائيل:
» من السموات حاربوا، الكواكب من حُبُكها (من
مداراتها) حاربت سيسرا (عدو إسرائيل).
«(قض 20:5)

أو
كما في أيام صموئيل النبي حينما أرعد الرب من السماء لحساب إسرائيل:
» وبينما كان صموئيل
يُصعد المحرقة تقدَّم الفلسطينيون لمحاربة إسرائيل فأرعد الرب (من السماء) بصوت
عظيم في ذلك اليوم على الفلسطينيين وأزعجهم،
فانكسروا أمام إسرائيل
«(1صم 10:7). وهكذا نجَّى الله إسرائيل من الفناء.

وكذلك
في أيام إيليا حينما مدَّ الرب يده ليفني الأنبياء الكذبة في إسرائيل:
» وكان عند إصعاد التقدمة
أن إيليا النبي تقدَّم وقال: أيها الرب إله إبراهيم وإسحق وإسرائيل، ليُعلم اليوم
أنك أنت الله في إسرائيل، وإني أنا عبدك وبأمرك قد فعلت كل هذه الأمور (جمع كل
الأنبياء الكذبة الذين يخدمون إيزابل وحبسهم ليذبحهم على نهر قيشون). استجبني يا
رب استجبني، ليعلم هذا الشعب أنك أنت الرب الإله، وأنك أنت حوَّلت قلوبهم رجوعاً
(إليك). فسقطت نار الرب وأكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب، ولحست المياه التي
في القناة.
«(1مل 18: 3638)

على
هذا المنوال طالب الفريسيُّون والصدوقيون المسيح أن يصنع آية من السماء، ولم يدرِ
هؤلاء المراؤون الأشرار أن المسيح لو طلب ناراً كما تصوَّر يعقوب ويوحنا لنزلت
وأكلتهم وقوفاً، ولكن يسوع المسيح لم يكن من هذه الروح:
» لستما تعلمان من أي روح أنتما «(لو 55:9). فالرب يطلب من السماء بركة تحل على الخمس خبزات أو
السبعة لتُشبع الآلاف ويفيض، علامة الملكوت الآتي الذي بلا خبز يكون، ويكون إلى
الشبع والملء. نعم يطلب يسوع من السماء أن تُشفى جميع الأمراض وكل آلام بني البشر.
ولكن الآية العظمى التي عُملت ومن السماء، انعمت عيونهم عنها كما قال هو:
» الحق الحق أقول لكم ليس
موسى أعطاكم الخبز من السماء بل أبي يعطيكم الخبز الحقيقي من السماء … أنا هو
خبز الحياة، مَنْ يُقبل إليَّ فلا يجوع، ومَنْ يؤمن بي فلا يعطش أبداً، ولكني قلت
لكم إنكم قد رأيتموني ولستم تؤمنون
«(يو 6: 3236)
بمعنى أن المسيح كان هو بمثابة المن في العهد الجديد.

كان
تاريخ إسرائيل مليئاً بعلامات السماء العينية ليراها الشعب الفاجر ليرتدع. وأمَّا
في العهد الجديد فآيات السماء تُرى بالروح وتُدرك بالنور، والمسيح نفسه هو آية
السماء العظمى:
»
الله
ظهر في الجسد
«(1تي 16:3)، » والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا!! «(يو
14:1) وكلُّها للخلاص.

السماء المحمرَّة، والسماء المحمرَّة
بعبوسة:

الأُولى
تُرى عند الغروب، فإذا كانت الحمرة صافية كان باكر صحواً، وإذا كان الاحمرار في
الصباح قاتماً بسبب السحب المليئة بالماء كان اليوم مطيراً. هذا يدركه الشعب
الساذج وليس الحكماء والعلماء، ولكنهم ما حصَّلوا معرفة السماء لدى السذَّج، ولا
أدركوا عمق أسرار السماء كالحكماء بالحق.

أمَّا
آية يونان النبي فقد سبق شرحها. ارجع إلى صفحة414.

هكذا
كما ندرك من وجه السماء ما سيصبح عليه اليوم، كان ينبغي على حكماء إسرائيل أن
يوقعوا ما يرونه بعيونهم من أعمال المسيح الكثيرة والمتنوعة على الأزمنة المنصوص
عنها في إشعياء والأنبياء، ليدركوا أن هذه هي أيام المسيَّا. والمسيَّا جاء ليس
للأبرار بل للخطاة للتوبة، لذلك فالأبرار عند أنفسهم لم يتعرَّفوا عليه لأنهم
ارتضوا بخطاياهم وادَّعوا أنهم أبرار!!

 

الخمير وتعليم الفريسيين

[5:1612]                     (مر
8: 14
21)

 

5:1612 «وَلَمَّا
جَاءَ تَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعَبْرِ نَسُوا أَنْ يَأْخُذُوا خُبْزاً. وَقَالَ
لَهُمْ يَسُوعُ: انْظُرُوا وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ
وَالصَّدُّوقِيِّينَ. فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: إِنَّنَا لَمْ
نَأْخُذْ خُبْزاً. فَعَلِمَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي
أَنْفُسِكُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ أَنَّكُمْ لَمْ تَأْخُذُوا خُبْزاً؟
أَحَتَّى الآنَ لاَ تَفْهَمُونَ، وَلاَ تَذْكُرُونَ خَمْسَ خُبْزَاتِ الْخَمْسَةِ
الآلاَفِ وَكَمْ قُفَّةً أَخَذْتُمْ، وَلاَ سَبْعَ خُبْزَاتِ الأَرْبَعَةِ
الآلاَفِ وَكَمْ سَّلاً أَخَذْتُمْ؟ كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ أَنِّي لَيْسَ عَنِ
الْخُبْزِ قُلْتُ لَكُمْ أَنْ تَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ
وَالصَّدُوقِيِّينَ؟ حِينَئِذٍ فَهِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْ يَتَحَرَّزُوا
مِنْ خَمِيرِ الْخُبْزِ، بَلْ مِنْ تَعْلِيمِ الْفَرِّيسِيِّينَ
وَالصَّدُّوقِيِّينَ».

كان
المسيح لا يزال متأثِّراً من طريقة الفريسيِّين والصدوقيين في سؤالهم الماكر عن
عمل آية من السماء لكي يؤمنوا به. فقد تجاوزوا الحق الذي رأوه وأخفوا نياتهم
الكاذبة، وبدأوا يسألون وكأنهم صادقون في سؤالهم. هذا اعتبره المسيح نوعاً من
التعليم الغاش الذي لا يعتمد على الحق، بل على المناورة والخبث في الحصول على
المعرفة، وواضح أنه موسوم بالرياء والكذب والتظاهر بالحق، هذا التعليم قادر أن
يقوِّض أيَّة معرفة للحق. ومن أخطر ما يمكن في تعليم الحقائق عن ملكوت الله أنه
يعتمد أولاً على الصدق المطلق والوداعة الخلقية معاً. لذلك، كان بودّنا أن نقدِّم
شرحاً ثانياً غير الذي قدَّمناه لقول المسيح عن أن ملكوت الله يشبه خميرة صغيرة
خبَّأتها امرأة في ثلاثة أكيال دقيق حتى اختمر العجين كله، بمعنى أن هذا المَثَل
قاله المسيح استهزاءً بملكوت الفريسيِّين الذين بخميرتهم التي هي الشر والرياء
أفسدوا ملكوت إسرائيل كله بالرغم من عددهم القليل. لأن الخميرة في تعليم المسيح
وكل العهد القديم والجديد معاً تشير بقوة إلى الفساد وتأثيره الضار الذي يتفشَّى
في المجتمع كما يسري الخمير في العجين، ليفتِّت تماسك العجين ويجعله في حالة من
الإنحلال حتى يمكن تفريقه إلى خبزات منفصلة. هذا يكون حال المجتمع الذي يتفشَّى
فيه الرياء والشر. كما أن مَثَل المسيح عن ملكوت الله أنه يشبه خميرة صغيرة تخمِّر
العجين كله لا ينطبق على مفهوم الملكوت الذي جاء في جميع أمثال الملكوت أنه لا
يكمل في جيل ولا أجيال إنما في نهاية الأجيال كلها. إذن، كون ملكوت السموات كما
يختمر العجين كله في عجنة واحدة فهذا لا يتوافق مع تعليم المسيح ولا مع حقيقة
ملكوت السموات في مفهومه الواقعي. وبذلك يكون المسيح يتكلَّم هنا عن ملكوت سموات
كاذب أُفسد كله وفي جيل واحد هو جيل الكتبة والفريسيِّين، الذين خرَّبوا ملكوت
إسرائيل وخرَّبوا أنفسهم. ولكن آثرنا أن نأخذ بشرح جميع الآباء والعلماء الذين
عاملوا المَثَل على أن الخميرة تفيد الصلاح، وهذا ضد معنى الخميرة في بقية الكتاب
(1كو 5: 6
8).

وواضح
هنا في قول المسيح كيف أعطى كلمة “خمير” وحدها على أنها إذا أُسندت إلى الكتبة
والفريسيِّين تكفي لتفيد الشر والرياء والتعليم الذي يخرِّب ملكوت الله. وق. متى
نفسه أعطانا هذا الحديث ليكشف لنا عن خطورة مفهوم كلمة “خمير” عند المسيح، إذ ظهر
أنها لا تعني موضوع الخبز لا من بعيد ولا من قريب، وأن نسبتها إلى الخبز نسبة
مضلِّلة. فالخمير بمفرده هو الشر والرياء.

وهذا
يجعلنا نأتي على ذكر المَثَل الآخر الذي قاله المسيح عن بذرة الخردل كيف أنها إذا
زُرعت تصير شجرة كبيرة تتآوى فيها طيور السماء. هذا المَثَل في رأينا كَمَثَل
الخميرة لا يقصد به المسيح إلاَّ ملكوتاً غاشاً، لأن لا حبة الخردل هي أصغر البذور
ولا شجرة الخردل التي لا تتجاوز شجرة الخروع تصلح لأن تعطي أي انطباع عن ملكوت
الله. ففي ظننا أن المسيح قال هذا المَثَل لينعي الذين يتوهَّمون أنهم قادرون
بتعليمهم السريع والمظهري بالإعلانات والبوق وكلام التليفزيون أنهم سيقيمون ملكوت
الله بسرعة، لأن من علامات نمو الملكوت البطء الشديد ثم أنه على مستوى الأجيال.
ولكن هذه الصورة الخردلية للدعايات عن قيام ملكوت الله بالوعظ وأخذ الأصوات وعمل
الإحصائيات، وأن ملايين انضمَّت للمسيح في عظة واحدة، هذه كلها مظاهر خردلية مآلها
إلى الانطفاء والزوال، لأن تعاليم ملكوت الله تحتاج إلى بناء، وبناء على قاعدة،
وقاعدة مبنية على صخر، والصخر هو الإيمان الذي لا يتزعزع، والبناء ليس فردياً بل
مركَّباً معاً ينمو بمؤازرةٍ هيكلاً للرب. ولكن رَأَيْنَا أيضاً أن نتجاوز عن
نظرتنا هذه ونأخذ بمقولة جميع الآباء والعلماء أن مَثَل بذرة الخردل هو على مستوى
إيجابي، وتركنا للقارئ أن يحكم.

 

اعتراف القديس بطرس وأثره في رواية
الإنجيل

[13:1620]                   (مر
8: 2730)، (لو 9: 1821)

 

13:1617 «وَلَمَّا
جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ
قَائِلاً: مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟ فَقَالُوا:
قَوْمٌ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ إِرْمِيَا
أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ. قَالَ لَهُمْ: وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ
إِنِّي أَنَا؟ فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ
ابْنُ اللهِ الْحَيِّ. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ
بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي
السَّمَوَاتِ».

«قيصرية فيلبُّس»:

أرادها
المسيح مكاناً هادئاً بعيداً عن ازدحام الجليل، فهي في أعلى الشمال في أرض نفتالي
بجوار جبل حرمون الذي يرتفع حوالي 9300 قدم فوق سطح البحر، ويُغطَّى بالجليد معظم
أيام السنة، وتقع بجوار الجزء الأسفل الغربي الأخير من سوريا، وهي الآن محتلة
بواسطة إسرائيل. واسم المدينة الآن (بانياس) وقد أسماها الوالي فيلبُّس
(أخو
هيرودس أنتيباس والذي كانت امرأته هيروديا التي أخذها هيرودس لنفسه)
قيصرية على
اسم أغسطس قيصر. وهي في منبع نهر الأُردن ولكن المسيح
لم يدخلها، وقد دُعيت قيصرية فيلبُّس تمييزاً لها عن قيصرية الأخرى التي على شاطئ
البحر بجوار
الكرمل.

فلمَّا
جاءوا إلى هذه المنطقة سأل المسيح تلاميذه عمَّا يقول الناس عنه، ثم ماذا يقولون
هم، ليتعرَّف على مدى تعرُّفهم على شخصه. فأجاب ق. بطرس:
» أنت هو المسيح ابن الله الحيّ « وكان يعني ذلك بوضوح وإيمان أنه هو المسيَّا الموعود. وليس بعدُ
نبيًّا من الأنبياء ولا أي إنسان قابل للموت من بني الإنسان بل مصدر حياة لكل حيّ:

+
» على جبلٍ
عالٍ اصعدي يا مبشِّرة صهيون، ارفعي صوتكِ بقوَّةٍ يا مبشِّرة أُورشليم، ارفعي لا
تخافي، قولي لمدن يهوذا هوذا إلهكِ. هوذا السيد الربُّ بقوةٍ يأتي وذراعه
تحكم له، هوذا أجرته معه وعُمْلَتُهُ قدَّامه. كراعٍ يرعى قطيعه، بذراعه يجمع
الحُملان وفي حضنه يحملها ويقود المرضعات. مَنْ كال بكفِّه المياهَ وقاسَ السموات
بالشِّبر … فبمَنْ تشبِّهون الله وأيَّ شَبَهٍ
تعادلون به … فبمَنْ تشبِّهونني فأساويه يقول القدوس …
«(إش 40: 912و18و25)

«طوبى لك يا سمعان بن يُونَا»:

قابل
المسيح اعتراف ق. بطرس بأن أعطاه الطوبى. وق. متى أعطى الطوبى في إنجيله ثلاث عشرة
مرَّة: (5: 3و4و5و6و7و8و9و10و11، 6:11، 16:13، 17:16، 46:24).

بحث في اسم ق. بطرس:

فهو
بطرس ابن يوحنا، ولقب “يُونَا” (أي يونان) لقب نبوي أعطاه ق. متى فقط:

لو
رجعنا إلى إنجيل ق. يوحنا وقرأنا الآية من (1: 41و42) باليونانية نجدها هكذا:
» هذا وجد أولاً أخاه سمعان، فقال له قد وجدنا مسيَّا الذي
تفسيره المسيح. فجاء به إلى يسوع. فنظر إليه يسوع وقال: أنت سمعان بن “يوحنا”
«
وقد جاءت في الترجمة العربية “يونا” خطأ، والأصل اليوناني
S…mwn Ð uƒÕj ‘Iw£nnou وترجمتها واضحة أنت سمعان بن يوحنا. وقد جاءت في الترجمة
الإنجليزية:“جون”
Simon the son of John. وأيضاً إذا عدنا إلى
الآية (15:21) من إنجيل ق. يوحنا نجدها أيضاً هكذا:

» فبعدما
تغدُّوا قال يسوع لسمعان بطرس: يا سمعان بن يونا
«وهنا أيضاً “يونا” خطأ (في الترجمة العربية)
وتصحيحها بحسب اليونانية:
S…mwn ‘Iw£nnou وبحسب الإنجليزية “جون Simon son of
John
”. إذن، يتحتَّم أن تكون:
“يا سمعان بن يوحنا” ولكن المترجم إلى العربية أخطأ إذ كان متأثِّراً بلقب يونا
الوارد في إنجيل ق. متى (17:16) فقط. وتكرَّر الاسم بالكامل في الآية (يو 16:21):
“يا سمعان
بن
يوحنا
”،
ثم الآية (يو 17:21): “يا سمعان
بن يوحنا”.

أمَّا
قول المسيح للقديس بطرس هنا في رد المسيح:
» طوبى لك يا سمعان بن يونا إن لحماً ودماً
لم يعلن لك هذا …

«
فهي
ليس لها مقابل لا في إنجيل ق. مرقس ولا في إنجيل ق. لوقا ولا في إنجيل ق. يوحنا.
ففي إنجيل ق. مرقس:
»
فأجاب
بطرس وقال له: أنت المسيح فانتهرهم كي لا يقولوا لأحد عنه
«(مر
8: 29و30). وفي إنجيل ق. لوقا:
» فأجاب بطرس وقال: مسيح الله. فانتهرهم وأوصى أن لا يقولوا
ذلك لأحد.
«(لو 9: 20و21)

وهكذا
لم يأتِ لقب “يونا” في أي من الأناجيل إلاَّ في إنجيل ق. متى وحده وفي هذا الموضع
فقط، وطبعاً أتت بالعبرانية: “باريونا
Bariwn£
حتى أُعثر بعض العلماء والمفسرين وقالوا: إن “يونا” حمامة فهو ابن الحمامة، ولكن
ليس هذا صحيحاً. ولا هي اختصار لكلمة
‘Iw£nnou بأن تكون مثلاً (-iwn£) وهذا خطأ إذ تأتي يوحنا دائماً بالعبرانية
بشرط
أن لا تختلط أبداً مع يونا
Joneh التي هي اختصار يونان. ولكن واضح هنا أن ق. متى يقصدها بمعنى
النبي يونان، وأن نداء المسيح له بابن يونان لا يقصد به أباه الجسدي بل هو لقب
نبوي: “أبناء الأنبياء”. وينحصر معناها في نبوَّة يونان النبي التي سبق أن ذكرها
إنجيل ق. متى (4:16)، (39:12). على أنها تعني الموت الإعجازي في بطن الحوت
والقيامة إشارة إلى استشهاد ق. بطرس ونواله إكليل الحياة الأبدية، وهو بذلك يمثِّل
الكنيسة في العالم فعلاً التي تتبع الرب في موته وقيامته. وبالفعل يذكر الإنجيل
بعد ذلك مباشرة حتمية موت المسيح وقيامته (21:16)، بل واشتراك كل مَنْ يتبعه في
ذلك (24:16)([1]).

«إن لحماً ودماً لم يُعلن لك، لكن أبي
الذي في السموات»:

بمعنى
أن الله استعلن يسوع للتلاميذ أنه المسيَّا ابن الله، بهذا الاستعلان الأبوي
لسمعان بن يونا نال لقب الصخرة: “بطرس”.

وفي
هذا الموضع بالذات اقترحنا سابقاً (انظر صفحة 390) أن في
هذه اللحظة تمَّت هذه المقولة التي للمسيح،
والتي وُضعت في إنجيلي القديسين متى ولوقا في غير محلِّهما زمنيًّا، والموجودة في
إنجيل ق.
متى في (مت 11: 25
27):

+
» في ذلك
الوقت أجاب يسوع وقال: أحمدُكَ أيـُّها الآب ربُّ السماء والأرض، لأنك أخفيت هذه
(أنه هو المسيَّا) عن الحكماء والفهماء (الكتبة والفريسيِّين) وأعلنتها للأطفال
(التلاميذ). نعم أيها الآب، لأن هكذا صارت المسرَّة
أمامك. كلُّ شيءٍ قد دُفِعَ إليَّ من أبي، وليس أحدٌ
يعرف الابن إلاَّ الآب، ولا أحد يعرف الآب إلاَّ
الابن، ومَنْ أراد الابن أن يُعلن له.
«ولكي تتضح
شدَّة الصلة بين هذه الآية والموضع الذي نحن بصدده
اعتراف
بطرس
ينبغي أن
نلتفت إلى المرادفات الآتية:

الرد
على اعتراف ق. بطرس: أبي الذي في السموات هو الذي أعلن لك.

التهليل
الذي شكر به المسيح: أيها الآب رب السماء … أخفيت هذه … وأعلنتها للأطفال.

هذا
الاتصال الوثيق بين الآيتين يوثِّق الصلة حتماً بين الموضوعين، بمعنى أن المسيح
قال:
» أحمدك أيها
الآب
« بعد اعتراف ق. بطرس مباشرة.

18:16و19
«وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ
أَبْنِي كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. وَأُعْطِيكَ
مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ
يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ
يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَوَاتِ».

واضح
أن ق. بطرس أول مَنْ أَعلن له الآب السماوي أن يسوع هو المسيح ابن الله. فبهذا
الإعلان
واعتماداً
على اختيار الله للقديس بطرس بالذات دون باقي التلاميذ جميعاً، ليستعلن له حقيقة
المسيح أنه هو ابن الله
أصبح هو بمقتضى
استعلان الله له، وبمقتضى استئمانه على سر المسيَّا، أصبح الأَولى بمقتضى الحال
بأن يرسو عليه أول بناء للكنيسة. فإن كانت الكنيسة شخصية فهو الشخص الأول الذي
تستقر عليه شخصية الكنيسة، وإن كانت الكنيسة هي عقيدة وإيمان كان ق. بطرس وهو أول
مَنْ نطق بالعقيدة والإيمان، فأصبح بالضرورة وحسب الواقع الإيماني أن يكون إيمان
وعقيدة ق. بطرس يكونان هما الكنيسة. ولكن إيمان ق. بطرس والعقيدة التي أرساها الله
بالاستعلان الخاص للقديس بطرس هي ليست القديس بطرس بل إيمان وعقيدة المسيح ابن
الله. ولكن بحسب رؤية كنسية متَّسعة وبحسب نهايات الأمور نرى أن ق. بطرس هو بالفعل
مَنْ يليق به وحده أن تقع قرعة بناء اسم الكنيسة الأُولى على اسمه، كونه الشخص
الذي جمع التوسُّط بين الاتجاه اليهودي والتشدُّد في الدخول إلى المسيحية، الذي
كان يمثِّله يعقوب أخو الرب، والاتجاه الحر الأُممي المتشدِّد في نبذ الناموس
ومتعلِّقاته في الدخول إلى المسيحية. والدليل الواضح على ذلك أنه كرز بنفسه بين
الأُمم، بل وكان أسبق من بولس الرسول في ذلك، ولكنه في نفس الوقت لم يفقد صداقة
يعقوب الرسول، بل تآخى معه في بداية حركة
الكنيسة الأُولى داخل الهيكل. ولكن كان المستقبل بلا جدال للأُمم وليس
لليهود، ليزول من الكنيسة أثر التعصُّب للناموس
نهائياً وتظهر الكنيسة متألِّقة على أكتاف بولس
الرسول.

فالقديس
بطرس هنا بشخصه لا يزيد عن تلميذ بين تلاميذ المسيح، وإيمانه وعقيدته التي أعلنها
الله له خصيصاً لا تخرج عن المسيح كموضوع إيمان الكنيسة وعقيدتها. فحينما قال
المسيح:
» أنت بطرس
وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي
« كان المسيح يطبِّق
قولاً وعملاً ما أعلنه الآب للقديس بطرس، ليكون هو البناء الأول أو الأساس الذي
يبني عليه المسيح كنيسته.

أمَّا
لماذا ق. بطرس بالذات؟ فهذا يُسأل عنه لدى الآب السماوي لأنه اختاره دون سواه
ليستعلن له سر المسيَّا. ق. بطرس هنا ليس صيَّاد بيت صيدا، لأنه لو بقي مع الشباك
ما زاد قط عن صيَّاد سمك، ولكن بطرس الذي رآه المسيح ودعاه ثم لبَّى الدعوة واتّبع
الرب بغيرة وأثبت كفاءته كتلميذ هو الذي أراده الآب السماوي. إذن، ليست مواهب بطرس
ولا إمكانياته من أي نوع، بل دعوته وقبولها وتكريمها وغيرته عليها هي التي أهَّلته
لدى الآب بقياس خاص أن يكون هو أول مَنْ يُستعلن له سر المسيح، الذي هو بدوره سر
الكنيسة.

وقول
المسيح:
» وأبواب
الجحيم لن تقوى عليها

«
يعني بقاءها حيَّة منتصرة
حتى مجيئه لتُخطف معه، كما يقول القديس بولس الرسول:
» لأن الرب نفسه بهُتافٍ، بصوتِ رئيس ملائكةٍ وبوق
الله، سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولاً. ثُمَّ نحن الأحياء
الباقين سنُخطف جميعاً معهم
(الكنيسة) في السحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا
نكون كل حين مع الرب.
 «(1تس 4: 16و17). أمَّا كلمة: » أبواب الجحيم «فأول مَنْ ذكرها هو إشعياء النبي: » أنا قلت في عزِّ أيامي
أذهب إلى أبواب الهاوية

«
(إش 10:38). أمَّا
مناسبتها هنا فلأن المسيح بناها على صخر:
» هأنذا أُؤَسِّس في صهيون حجراً، حجر امتحان (كما
امتحن المسيح بطرس)، حجر زاوية كريماً أساساً مؤسَّساً مَنْ آمن لا يَهْرُبُ
«(إش 16:28). أمَّا مفاتيح ملكوت السموات فهي القرينة لِمَا جاء عن
المسيح نفسه:
» وأجعل
سلطانك في يده فيكون أباً لسكان أُورشليم ولبيت يهوذا. وأجعل مفتاح بيت داود
(ملكوته) على كتفه، فيفتح وليس مَنْ يُغلق ويُغلق وليس مَنْ يفتح
«(إش 22: 21و22). أمَّا الفتح والإغلاق فقد عُرف أولاً أنه كان عمل
الكتبة:
» ويل لكم
أيها الكتبة والفريسيُّون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدَّام
الناس فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون
«(مت
13:23). كذلك المفاتيح:
»
ويل
لكم أيها الناموسيون لأنكم أخذتم مفتاح المعرفة ما دخلتم أنتم والداخلون
منعتموهم
«(لو 52:11). وقوله: » أبواب الجحيم لن تقوى عليها «
كناية عن العواصف العاتية التي تهب عليها من العدو والعالم، والسيول الجارفة التي
يسوقها الشيطان عليها، مع قوي الجحيم المتربِّصة بها. ولكن لن تؤثِّر فيها وفي
أبنائها المؤسّسين على صخر الإيمان بالمسيح. معنى هذا أنه يستحيل أن تقوى التجارب
مهما بلغت من العنف أن تسود على الكنيسة حتى الموت، لأن الكنيسة لن تدخل السماء
تحت موت بل ستُرفع حيَّة ولن يسود عليها الموت بعد، لأنها جسد المسيح بالدرجة
الأُولى.

وأصبح
كل مَنْ يؤمن بالمسيح يبني إيمانه على أساس الرسل (وبطرس أولهم) والأنبياء والمسيح
نفسه حجر الزاوية. هذا البناء الروحي بالإيمان والعقيدة القائمة على المسيح لها
بقاء وديمومة بقاء المسيح ودوامه، المسيح القائم من بين الأموات، والذي لن يسود
عليه الموت بعد، فهي أقوى من الموت وبالتالي أقوى من أبواب الجحيم. فأبواب الجحيم
لن تقوى عليها! لأن الإيمان بالمسيح أقوى من العالم والجحيم والموت الذي سيبطل
كآخر عدو (1كو 15: 26و27).

وليس
عفوياً أن يعطي المسيح مفاتيح ملكوت السموات لبطرس ليربط ويحل، بل على أساس
الإيمان الذي أرسى قواعده، فهذا الإيمان إن شبَّهناه بالمفتاح يصبح كل مفتاح ينطبق
على هذا المفتاح بمواصفات الإيمان الذي فيه، إذا دخل “الكالون” وانطبقت المواصفات
انفتح “الكالون” من ذاته، وبالتالي انفتح الباب السماوي الذي للملكوت. فبطرس لا
يفتح بإرادته ولا يغلق بإرادته، ولكن بمقتضى انطباق إيمان كل إنسان طالب الملكوت.
فطالما انطبق إيمانه على إيمان بطرس الذي أصبح إيمان الكنيسة ينفتح له باب
الملكوت، والذي إيمانه لا يطابق إيمان الكنيسة الذي هو “يسوع المسيح ابن الله” لا
ينفتح له الملكوت، مهما كانت مشيئة الناس.

وهكذا
نرى مشيئة المسيح في تعيين بطرس الصخرة التي يبني عليها كنيسته، وفي إعطائه مفاتيح
ملكوت السموات، وكانت مشيئته في ذلك هي مشيئة الآب.

فإذا
تمسَّكت كنيسة روما بتبعيتها للقديس بطرس وأعطت لنفسها الحق الذي أُعطي للقديس
بطرس فنعم ما عملت. ولكن هذا حق كل كنيسة قامت
وتقوم على إيمان ق. بطرس، إيمان أن “يسوع المسيح هو ابن
الله”! فكما أن
الصخرة التي بنى عليها المسيح صخرة واحدة، فالكنيسة التي بناها المسيح على هذه
الصخرة كنيسة واحدة، لأن الإيمان والعقيدة واحدة. إيمان يسوع المسيح ابن الله.

20:16
«حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ
الْمَسِيحُ».

كان
هذا إيذاناً بانتهاء التعرُّف على المسيح المعلِّم، وقد بدأ التعرُّف بالمسيح
المتألِّم. وقد رأينا الآيات السالفة في إنجيل ق. مرقس هي الفاصلة بين إنجيل
التعليم وإنجيل الآلام (انظر شرح إنجيل ق. مرقس صفحة 63).

 

أول نبوَّة عن الآلام

[21:1628]                   (مر
8: 311:9)، (لو 9: 2227)

 

21:16
«مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ
يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيراً مِنَ
الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ
الثَّالِثِ يَقُومَ».

لا
نجد في التعاليم السابقة أن المسيح أعلن عن آلامه، فهنا يبدأ الإنجيل أن يدخل في
مرحلة الإعلان للتلاميذ عن الآلام القادمة. وكانت هذه أحرج نقطة في حياة التلاميذ،
لأن إيمانهم وصلتهم بالمسيح كانت قائمة على آمال كاذبة: أنه الملك القادم. فكان
ينبغي أن يدخلوا في حقيقة الإيمان الذي يعوزهم حقـًّا أنه المسيَّا المتألِّم من
أجل خلاصهم. كذلك دخولهم في صميم التعليم الأعلى عن قيمة آلامه الخلاصية بعد أن
تأكَّدوا من سلطانه الفائق على الأمراض والموت والشيطان. فالنصف الأول من الإنجيل
تخصَّص في التعرُّف على المسيح، والنصف الثاني على آلامه! فالنصف الأول أظهر
سلطانه، والنصف الثاني سيُظهر مجده. كان النصف الأول عسير الفهم والقبول كثير المصادمة
والمقاومة، ولكن ببلوغنا نهاية النصف الثاني بالقيامة من بين الأموات أصبح النصف
الأول مضيئاً واضح المعنى قوي التأثير:
» موضِّحاً ومُبيِّناً أنه كان ينبغي أن المسيح
يتألَّم ويقوم من الأموات، وأن هذا هو المسيح يسوع الذي أنا أُنادي لكم به.
«(أع 3:17)

وهكذا
بمجرَّد أن قال ق. بطرس معلناً مَنْ هو المسيح الذي عرفوه وعرَّفوه:
» أنت هو المسيح ابن الله « اطمأن المسيح أن الجزء الأول من إنجيله قد أكمل رسالته، وابتدأ في
الحال يتكلَّم عن آلامه.

وقد
تكلَّم عن آلامه بعد ذلك في محطات متتابعة ومتكاملة من التعبيرات الأقل إلى
الأعمق:

التنبُّؤ
الأول:

ففي الآية (21) أعلن أنه سيتألَّم كثيراً من الشيوخ ومن رؤساء الكهنة والكتبة.

التنبُّؤ
الثاني:

وفي أصحاح (22:17و23) أنه سيسلَّم إلى أيدي الناس فيقتلونه وفي اليوم الثالث
يقوم.

التنبُّؤ الثالث:
وفي أصحاح (17:20
19) أنه سيُسلَّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلِّمونه إلى الأُمم لكي يهزأوا به ويجلدوه
ويصلبوه وفي اليوم الثالث
يقوم!!

على
أنه لن ينتهي هذا الأصحاح (16) الذي بدأ يُعلن فيه عن آلامه إلاَّ بعد أن طيَّب
قلوب تلاميذه بالنهاية السعيدة:
» فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ
يجازي كل واحد حسب عمله

«

ولكن
بالرغم من وضوح تنبُّؤ المسيح الدقيق عن كيفية موته والحكم عليه بالموت وليس
بالرجم، والتلميح إلى محاكمة الأُمم له ووصف جميع آلامه، ثم الصلب والموت،
والقيامة؛ لكن لم يستطع التلاميذ على وجه الإطلاق أن يفهموا شيئاً من كل ذلك، لأن
كل آمالهم كانت في ملكه السعيد الآتي وكيف سيجلسون معه في عرشه. لذلك مرَّت عليهم
تنبُّؤات المسيح بالآلام وحكم الموت والصلب والقيامة كأنها كابوس طردوه من
مخيلتهم، ولم يبقَ منه شيء كرصيد يواجهون به هذه الحقائق. لذلك والمسيح في أشد
محنته ناموا، ولمَّا واجهوا الأعداء هربوا، ولمَّا قام من بين الأموات حسب ما
تنبَّأ وكرَّر لم يصدِّقوا، ولمَّا ظهر لهم بشخصه وصوته ظنُّوه خيالاً. لأن العمل
الذي عمله بجملته فائق على الذهن البشري، وبالأكثر على خبرة التاريخ المقدَّس كله.
شيء لم يُسمع به قط أن بعدما عرفوه وآمنوا أنه يسوع المسيح ابن الله يُصلب؟ ويموت؟
لذلك دخلت إليهم القيامة كحلم اقتحمت الوعي وفرضت نفسها بسلطان عمل الله في
القلوب. لذلك حرص المسيح جداً أن لا يخرجوا للكرازة إلاَّ بعد حصولهم على الروح
القدس، الذي سيشدِّد إيمانهم ويطلق لسانهم بالشهادة عن يقين الإيمان.

22:16و23
«فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلاً: حَاشَاكَ
يَارَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي،
لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ بِمَا
لِلنَّاسِ».

اعتقد ق. بطرس أنه أصبح ذا حيثية بالنسبة للمسيح حتى أعطى
لنفسه هذا القدر أن ينتهر
المسيح ™pitim©n أي يوبِّخه rebuke. فقصوره عن فهم ما قاله
المسيح يعبِّر عن جهالة بقدر المسيح، مما اضطر المسيح أن يضعه في حجمه الصحيح،
وبقسوة زجره زجرة فريدة من نوعها لكي توقظه من
غفلته.

لقد
أخذه بطرس على جنب منفرداً لكي يعطيه نصيحة ويوبِّخه بصراحة عن الذي قاله بخصوص
الآلام والقتل!

«حاشاك»: `Ileèj
soi

وفي
أصلها اليوناني: “ليرحمك الله ولا يجعل هذا يحدث”! بمعنى لا يسمح الله بما قلت.
وكأن الذي قاله يغضب الله ولا يتوافق مع رسالته. فرسالته الوحيدة في نظر ق. بطرس
هي التي قالها له:
»
أنت
المسيح ابن الله

«
وبعد ذلك كل ما قاله عن
موت وصلب لا يستقيم له معنى.

«فالتفت وقال لبطرس»:

يبدو
في هذا التعبير نوع من الفزع، لأن المفارقة في مستوى ما تكلَّم به ق. بطرس وحقيقة
المسيح شيء خطير، لذلك دفعه خلفه حيث مكانه الصحيح.

«اذهب عني يا شيطان»: “Upage Ñp…sw mou

اذهب
ورائي
لقد استولى
على فكر بطرس اتجاه شرير مثيل للذي قاله الشيطان تماماً: اسجد لي وأنا أعطيك
العالم. وقد لا يتفق هذا الرد مع ما قاله المسيح سابقاً لبطرس بخصوص الصخرة التي
سيبني عليها كنيسته، ولكن بطرس أخفق في كيف ستُبنى الكنيسة إخفاقاً شنيعاً. فقد
حسب أنها ستُبنى عليه كتلميذه المحبوب، على أساس المسيح مسيَّا المعلِّم الصانع
الخيرات. ولم يدرِ أن موت المسيح الذي أراد أن يتحاشاه هو أساس البنيان كله
والصليب هو قوة الخلاص العتيد أن يكون.

«أنت معثرة لي»:

بالقول
الذي قاله أصبح بطرس عثرة للصليب، لأنه يجسِّد فكر التخلِّي عن الخلاص. لذلك
نحَّاه المسيح تماماً من طريقه بل من أمامه، “اذهب عني”. ويلاحظ القارئ السرعة
والحدَّة والحسم في وقف بطرس عن تكميل كلامه ومؤاخذته الشديدة ليسحب نفسه كليَّة
من الموقف الذي وقفه، وربما المسيح كان أقل عنفاً مع الشيطان نفسه لأنه يدرك قصده
وأسلوبه. أمَّا بطرس هنا فهو يتكلَّم من موقف المحبة والطاعة والخدمة، وهنا
الخطورة التي حتَّمت الحسم. ولكن هناك فرقٌ بين أن يتكلَّم بطرس بما أوحى به الآب
السماوي، وبما أوحى به الشيطان. وبين الاثنين مسافة زمنية تُعَدُّ بالدقائق.

«لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس»:

هذا
هو شكل العثرة
sk£ndalon التي حبك الشيطان
موضعها على يد تلميذ مُخْلِص ولكنَّه غير واعٍ. اهتمام الله هو الصليب:
» الكأس التي أعطاني الآب
ألا أشربها؟
«(يو 11:18). ولكن لكي بعدها يقوم من أجل الخلاص الذي جاء ليكمِّله
بموته.

اهتمام
بطرس على مستوى الناس
»
جيِّد
يا رب أن نكون ههنا

«
ونصنع لك مظلَّة! كان
يجري وراء مسرَّة ومظهر خارجي وهو لا يعلم أن بدون موت المسيح ستكون له دينونة
وغضب إلهي. فإذا سأل الإنسان في تعجُّبه كيف صارت صخرة الإيمان التي بُنِيَتْ
عليها الكنيسة صخرة عثرة، فذلك لكي نفهم ونتيقَّن أن صخرة الكنيسة ليست بطرس، ولكن
المسيح الذي في بطرس الذي حاز على الروح القدس وعاد إلى إخوته!

24:1626 «حِينَئِذٍ
قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِي وَرَائِي
فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَإنَّ مَنْ أَرَادَ
أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي
يَجِدُهَا. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ
كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ
نَفْسِهِ؟».

هذه
الوصية هي من واقع حال ما أخفق فيه بطرس لأنه أراد أن يتهرَّب من الصليب لمجد
نفسه.

«إن أراد»:

المسيح
لا يُلزم أحداً باتِّباعه، لأن اتّباع الرب هو أن نسير على خطواته. والمسيح لا
يُلزم أحداً أن يموت، إلاَّ أن في اتباع خطواته الدامية خلاصاً. وكأنه يقول: مَنْ
أراد أن يموت معي يخلص، ومَنْ لم يُرد أن يموت معي لا يخلص. وأنا لا أطلب ولا
أُسرُّ بموت أحد بل لخلاصه تكفي إرادته، فالذي أمات ذاته بالإرادة فقد صَلَبَها،
فإن يُنكر الإنسان ذاته ويحمل صليبه تابعاً خطواتي يخلص.

فالذي
يستكثر ويستصعب موت ذاته، أي أراد أن يعفيها من أن تموت مع المسيح، فهو دون أن
يدري يكون قد أهلك ذاته أبدياً. ولكن الذي ينكر ذاته معي يحفظها إلى حياة أبدية
معي.

العالم
لذيذ وبديع وكلّه مسرَّات وشهوات: مديح وكرامة وإطراء ووجود بين الناس، وجنَّات
وأفراح وأموال وبنين وبنات، وبعدها موت حتمى لفناء! فماذا يكون قد ربح الإنسان
العاقل في مشوار ينتهي بلا شيء، بل يخسر فيه نفسه المعيَّنة للحياة الأبدية؟ أو
مَنْ أراد أن يفدي نفسه، هل يستطيع أن يعطي شيئاً من أشياء العالم التي يمتلكها
لكي يفدي بها نفسه من حكم الهلاك الأبدي؟ لا مفر … لا بُدَّ أن نسلِّم النفس هنا
للمسيح لتعبر معه مضيق الموت لتقوم معه ببهاء وجمال لميراث الحياة الأبدية معه
أيضاً. ومَضِيق الصليب يعني: شركة المهانة، واحتمال الإساءة، واتهام الزور، وغرامة
بلا سبب، وموت العار! كل ذلك يجوزه الإنسان الذي سلَّم حياته ونفسه للرب دون أن
يرثي لها، لأن هذه ستكون سيرته الداخلية. وهكذا تقف الذات للإنسان، إمَّا يُهلكها
بإرادته، وإمَّا تُهلكه رغم إرادته! وإن كان الكلام للتلاميذ فهو أيضاً لكل مَنْ
يطلب الخلاص.

27:16
«فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ
مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِه».

«سوف يأتي»: mšllei œrcesqai

الترجمة
هنا لا تأتي بالمعنى الدقيق وصحتها: “
is about to come وترجمتها: “على وشك أن يأتي أو سيأتي وشيكاً”. وهذا الكلام
جيد في موضعه بعد أن قرَّر المسيح أن موته حتمي هو، فتجيء هذه الآية مريحة للنفس
التي مزَّقها تصُّور موت الابن الوحيد، وخاصة أنه سيرافقه في مجيئه جوقة ملائكة
العرش المخصَّصين لإعلان مجد المسيح. كذلك فإن قوله:
» وحينئذ يجازي كل واحد «
هذا يعطي للنفس جزاء ما عاشت وعملت. ويلاحظ القارئ قوله:
» حسب عمله «وليس حسب أعماله، كناية عن ما سجَّله لنفسه في
حياته باعتبار أن عمل الإنسان يعبِّر عن خلاصة حياته، إن لصالح الملكوت أو لغيره.
ومجيء المسيح ترافقه الدينونة يجعل اختيار الإنسان بين الحياة مع المسيح أو عدم
الحياة معه أمراً جديًّا ومُلِحًّا. فإن كنا أحراراً في حياتنا فلسنا أحراراً أمام
واقع الدينونة الرهيب. فالذي تسلبه الذات منَّا لمتعة الحياة هنا سندفع ثمنه
الهلاك هناك. وتعبير: حسب “عمله”، يجعل الحياة كلها في مضمونها أمام الدينونة
“كعمل واحد”، إمَّا لحساب الحياة الأبدية، وإمَّا للهلاك. فالقرار ليس سهلاً
بالمرَّة فهو يحتاج لعزم القلب وللثبات بشدَّة في وجه إغراء الراحة والمتعة،
ولوقفة أسد الله الذي لا يتراجع حتى ولو كانت الحياة معركة مع الموت والعدو.
فالموت لا يخيفنا، الذي يخيفنا أن نُلقى في جهنَّم ونُحرم من الله والحياة
الأبدية.

28:16
«الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْماً لاَ يَذُوقُونَ
الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي مَلَكُوتِهِ».

يقصد
بطرس ويعقوب ويوحنا الذين أخذهم المسيح وصعد بهم جبل التجلِّي. الأمر الذي بهر ق.
بطرس وظلَّ يتغنَّى به كل أيام حياته ولا يزال:
» لأننا لم نتبع خُرافاتٍ مُصنَّعةً، إذ
عرَّفناكُم بقوةِ ربنا يسوع المسيح ومجيئه، بل قد كنَّا معاينين عظمته. لأنه أخذ
من الله الآب كرامةً ومجداً، إذ أقبلَ عليه صوتٌ كهذا من المجدِ الأسنى: هذا هو
ابني الحبيب الذي أنا سررت به. ونحن سَمِعنا هذا الصوت مُقبِلاً من السماءِ، إذ
كنَّا معه في الجبل المقدَّس.
«(2بط 1: 1618)

كانت
رحلة المسيح مع تلاميذه الثلاثة إلى جبل حرمون، وهو المتاخم لقيصرية فيلبُّس،
وحدوث التجلِّي الذي جازه المسيح واستعلان مجده بالعين الناظرة أمراً مذهلاً
للتلاميذ، رفع معنوياتهم إلى القمة بعد زلة بطرس بسبب رعبته من فكرة موت المسيح.
وهكذا انقلب اليأس الذي فيه إلى بأس أسد يحكي عن تجربته الإلهية على جبل التجلِّي
واثقاً من المجد الذي للمسيح!

ويعترض
كثير من العلماء على حادثة التجلِّي أن تؤخذ بمفهوم مجيء المسيح في ملكوته.
والغلطة التي عثروا فيها أنهم أضافوا الآية (27) إلى الآية (28) بمعنى أنه سيجيء
للدينونة. ولكن في رأينا أن الآية الثانية (28) هي مصغَّرة من الآية الأُولى حيث
يكون المجيء مجرَّد استعلان كيف سيجيء في مجده
ولكن ليس للدينونة. والذي يكشف مدى صحة هذا الرأي أنه قال:
»
من القيام ههنا قوم «وليس
التلاميذ كلهم. هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى فإن مجيئه للدينونة سيراه الكل
بلا استثناء. أمَّا مجيئه الآن كنموذج في “التجلِّي”، فهو جزئي وموقوت في حياة
التلاميذ وليس بعد موتهم، لهذا أصبح التجلِّي الذي حدث بعد ذلك مباشرة هو الحدث
الوحيد الذي أشار إليه المسيح، ليؤكِّد لبعض التلاميذ صدق مجيئه في النهاية بذات
المجد للدينونة. ومن شهادة ق. بطرس التي سردناها يتضح مدى انبهار ق. بطرس
بالتجلِّي وشهادته عن قوة وعظمة المسيح التي تحقَّقت له في التجلِّي:
» قوة ربنا يسوع
المسيح ومجيئه … كنا معاينين عظمته … أخذ من الله الآب كرامة
ومجداً
إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى
«
كل هذا يحقِّق أن التجلِّي كان صورة للمجيء للدينونة.



([1])
R.H. Gundry, op. cit., p. 332.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر حكمة سليمان 15

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي