الإصحَاحُ
الثَّامِنُ

 

2 –
معجزات في كفر ناحوم ومحيطها (8: 1- 9: 35)

أ –
شفاء الأبرص (8: 1- 4)

8: 1
وَلَمَّا نَزَلَ مِنَ ٱلْجَبَلِ تَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ. 2 وَإِذَا
أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ
أَنْ تُطَهِّرَنِي. 3 فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: أُرِيدُ
فَٱطْهُرْ. وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. 4 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:
ٱنْظُرْ أَنْ لا تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ ٱذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ
لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمِ ٱلْقُرْبَانَ ٱلَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً
لَهُمْ.

البرص
مرض قبيح مكروه، اعتُبر في الماضي لعنة من الله على خطايا شنيعة. فكان المجتمع
يرفض البُرص ويحتقرهم ولا يسمح لهم بالاقتراب من الأصحاء.

لذلك
اشمأزّ أتباع يسوع من الأبرص الذي جاء للمسيح، وتعجّبوا كيف سمح المسيح له
بالاقتراب ولم يطرده، وكيف أن المسيح تجاوز أحكام وتقاليد أمتهم ليخلّص هذا
المسكين المحتقر المطرود.

وأما
الأبرص فآمن من كل قلبه بقدرة المسيح، لسماعه عن أعماله العجيبة، موقناً بألوهيته.
وسجد له أمام الكل وناداه «يارب». وتمتم طالباً الشفاء.

وفوراً
تجاوب المسيح مع هذا التكريس الكلي له. ولم يخش العدوى، بل لمس الجلد المصاب، رغم
امتعاض الجماهير الذين تراجعوا عنه فزعاً وخوفاً. وقد أثبت المسيح للأبرص قوله
الإلهي العظيم «أريد، فأطهر» لمّا طهره وشفاه.

وبهذه
العبارة الموجزة نرى إعلان مشيئة الله الجوهرية الفعالة، لأنه خلقنا ويرشدنا
ويشفينا ويخلّصنا ويقدّسنا ويكمّلنا. فلا تنس أبداً أن المسيح جاوب على صلاة
الأبرص بكلمة واضحة «أريد، فأطهر». فهكذا يلمسك ويمسحك، ويمسك بيدك ويعضدك لتشعر
بمحبته.

وأرسل
المخلّص المَشْفِي إلى الكهنة ليثبتوا هم رسمياً انتصار الله على هذا المرض
الملعون. فلم ينقُض المسيح الناموس ووظائفه، بل أكمله في محبته.

 

ب –
شفاء غلام القائد الروماني (8: 5-13)

8: 5
وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ كَفْرَنَاحُومَ، جَاءَ إِلَيْهِ قَائِدُ مِئَةٍ يَطْلُبُ
إِلَيْهِ 6 وَيَقُولُ: يَا سَيِّدُ، غُلامِي مَطْرُوحٌ فِي ٱلْبَيْتِ
مَفْلُوجاً مُتَعَذِّباً جِدّاً. 7 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا آتِي وَأَشْفِيهِ.
8 فَأَجَابَ قَائِدُ ٱلْمِئَةِ: يَا سَيِّدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقّاً أَنْ
تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي، لٰكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلامِي.
9 لأَنِّي أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ. لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي.
أَقُولُ لِهٰذَا: ٱذْهَبْ فَيَذْهَبُ، وَلآخَرَ: اِيتِ فَيَأْتِي،
وَلِعَبْدِيَ: ٱفْعَلْ هٰذَا فَيَفْعَلُ. 10 فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ
تَعَجَّبَ، وَقَالَ لِلَّذِينَ يَتْبَعُونَ: اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ، لَمْ
أَجِدْ وَلا فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَاناً بِمِقْدَارِ هٰذَا. 11 وَأَقُولُ
لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ ٱلْمَشَارِقِ
وَٱلْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ
فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ، 12 وَأَمَّا بَنُو ٱلْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ
إِلَى ٱلظُّلْمَةِ ٱلْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ ٱلْبُكَاءُ
وَصَرِيرُ ٱلأَسْنَانِ. 13 ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِقَائِدِ ٱلْمِئَةِ:
ٱذْهَبْ، وَكَمَا آمَنْتَ لِيَكُنْ لَكَ. فَبَرَأَ غُلامُهُ فِي تِلْكَ
ٱلسَّاعَةِ.

كان
التقليد اليهودي يحسب الأممي نجساً دنساً كالأبرص، فشفاء غلام القائد الروماني كان
يعني هجوماً جديداً من المسيح على التفاسير المعقّدة للناموس، لأنه استقبل الضابط
الأممي أمام الجميع. وبرهن هذا أن مجيء الله لا يقتصر على شعب اليهود.

كان
هذا الضابط أعظم رجل في كفر ناحوم، وممثلاً للسلطة الاستعمارية الحاكمة. وقد جاء
إلى يسوع الشافي ملتمساً شفاء خادمه، واعترف علانية بعدم استحقاقه قائلاً «لست
مستحقاً أن تدخل تحت سقفي». لأنه قَبِل التقاليد القاضية بأنه لا يحق ليسوع أن
يتنازل ويدخل بيت أممي، فلم يرد إحراج المسيح، مما يدل على أنه كان حسّاساً
وإنسانياً لدرجة أنه احترم تقاليد اليهود الذين يحتقرهم الرومان. واعتبار غلامه
كابن دلَّ على محبة فائقة وتواضع كبير.

وفوق
ذلك نرى أن القائد الروماني كان مؤمناً بقدرة المسيح على شفاء الأمراض، يأمرها أن
تذهب كما يأمر القائد جنوده، فتذعن لأمره لأن كل السلطات السماوية تحت تصرفه.

وقد
سُرَّ المسيح لهذا الإيمان الكبير، الذي لم يجد مثيله بين أتباعه وشعبه، ونال
الإيمان الصادق انتظاره لأن يسوع شهد لطالب الشفاء بالخلاص الأبدي، حيث يستريح
المؤمنون في الفردوس، جالسين مع إبراهيم وإسحق ويعقوب بحضور الله محور رجائنا.
وأما كل الذين لا يؤمنون بقدرة المسيح فيُطرَدون إلى اليأس المستمر، لأنهم لم
يقبلوا محبة الله.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس هـ هاربة ة

الصلاة:
نسجد لك أيها الآب السماوي، لأنك اخترتنا في المسيح إلى راحة القديسين معك. اغفر
قلة إيماننا وضعف ثقتنا. وعلّمنا أن نتكل على استعدادك لشفاء أصدقائنا من الكفر
والخطية اخلق فينا التواضع والانكسار والمحبة للآخرين لنسعى في سبيل خلاصهم ونلحّ
عليك حتى تخلّصهم.

 

ج –
شفاء حماة بطرس (8: 14-17)

8: 14
وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ بُطْرُسَ، رَأَى حَمَاتَهُ مَطْرُوحَةً
وَمَحْمُومَةً، 15 فَلَمَسَ يَدَهَا فَتَرَكَتْهَا ٱلْحُمَّى، فَقَامَتْ
وَخَدَمَتْهُمْ. 16 وَلَمَّا صَارَ ٱلْمَسَاءُ قَدَّمُوا إِلَيْهِ
مَجَانِينَ كَثِيرِينَ، فَأَخْرَجَ ٱلأَرْوَاحَ بِكَلِمَةٍ، وَجَمِيعَ
ٱلْمَرْضَى شَفَاهُمْ، 17 لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ
ٱلنَّبِيِّ: هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا.

بعدما
أبرز البشير متى أن المسيح يحب المنعزلين المطرودين المحتقرين، ولا يرفض الأمميين
المعتبرين نجسين، أظهر كيف أنه رحم إمرأة ضعيفة بالنسبة للرجال المغرورين. وكان
بطرس مقدام التلاميذ متزوجاً. وحين تبع يسوع لم يُلغِ عهد زواجه، لأن الزواج ليس
خطية بل نعمة من الخالق، ونظام سليم في الطبيعة.

وازداد
الضيق في بيت بطرس حين مرضت حماته. وحاول الشيطان منع التلميذ من خدمته. فجاء يسوع
بلا طلب إليه، وأمسك بيد المحمومة، وشفاها بدون كلمة. فجرت قوته إليها وطردت
الحُمَّى في الحال.

وتم
الشفاء كاملاً فقامت للخدمة رأساً. وبرهنت بهذا العمل انسجامها بروح المسيح الذي
أتى بنفسه ليخدِم وليس ليُخدَم. وهكذا يشفينا الرب من سلطة الخطية، ويحررنا من
مشاكلنا المتنوعة، ويمنحنا امتياز الخدمة، فنترك أنانية الدنيا ونعمل في رحاب
المسيح.

وركض
كل الناس الذين شعروا بسلطان يسوع، حاملين مرضاهم ومخبرين عائلاتهم وأهاليهم وجيرانهم
عن المخلّص العظيم الحال بينهم. وهو شفاهم جميعاً. ولم يرفض أحداً، حتى الذي كان
إيمانه ضئيلاً وغير ناضج. فالإيمان ولو كان قليلاً يكفي لينتصر به صاحبه.

وذكر
البشير متى على الخصوص إتيان المجانين الكثيرين. الذين تحرروا من سلطة الأرواح
الشريرة.

وقد
وجد البشير متى تفسيراً لعمل المسيح الخلاصي في نبوة إشعياء 53، حيث نقرأ عن عبد
الله الذي حَمَل أسقامنا، وطهّرنا من ذنوبنا بالكلمات العظيمة «لكن أحزاننا حملها
وأوجاعنا تحمَّلها. وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه
وبحُبُره شُفينا».

 

د –
مبادئ اتِّباع يسوع (8: 18-22)

8: 18
وَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ جُمُوعاً كَثِيرَةً حَوْلَهُ، أَمَرَ بِٱلذَّهَابِ
إِلَى ٱلْعَبْرِ. 19 فَتَقَدَّمَ كَاتِبٌ وَقَالَ لَهُ: يَا مُعَلِّمُ،
أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي. 20 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ
وَلِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ
فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ.

ينبوع
القوة الإلهية هو المسيح الذي يمنح غنى محبته لكل مؤمن به، ويغيّر القلوب، وينير
الأذهان. إنما رغم شفائه للمحتاجين بقى فقيراً محتاجاً لا بيت له ولا مأوى، لأنه
منع ذاته من زخارف الدنيا، ولم يشتهِ مرغّبات العالم.

كان
المسيح فقيراً، وهذا يحرر أتباعه من الرجاء الخاطيء أنهم ينالون وظائف أو مالاً أو
غِنى. ولو أصبحت كنيسة المسيح غنية بالممتلكات والنقود لما كانت كنيسة حقَّة، لأن
محبة الله تدفعنا لبذل ما عندنا لا لجمع الأموال. فإن تبعت يسوع فلا تنتظر غِنى أو
ضماناً أو مركزاً، إلا حلول قوة الله فيك، وتعزية روحه في قلبك. وهذا هو الامتياز
المسيحي.

جاء
للمسيح كاتبٌ خبير بالتوراة، واعترف علانية بعزمه على اّتِّباعه، لأنه وجد في
المسيح خلاصة أفكاره اللاهوتية وتاج مُثله العليا. فأعلن له المسيح أنه جاء عالمنا
خادماً لا فيلسوفاً، عاملاً لا متخيّلاً، فقيراً محتقراً مطروداً لا فقيهاً يجلس
على كرسي مؤلَّه.

وأبرز
يسوع الفرق بين نفسه وعلماء العالم وأحبار الأديان بقوله إنه أفقر من الحيوانات
وأقل استقراراً من الطيور. فالأرض ليست وطنه، وهو غريب فيها، مطرود من البشر
ومصلوب من شعبه. فمن يتبعه يصبح غريباً وفقيراً مثله.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس خ خزي خجل ل

الصلاة:
أيها الآب السماوي، وطننا عندك. في العالم تملك الخطية والمال. فنحن غرباء فيه.
ساعدنا لئلا نطلب غِنى وشرفاً وضماناً لأنفسنا، وحررنا من جميع أوهامنا، لتغيّرنا
إلى خدّام، ويجري منّا الخلاص إلى محيطنا.

 

8: 21
وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلامِيذِهِ: يَا سَيِّدُ، ٱئْذَنْ لِي أَنْ
أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي. 22 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: ٱتْبَعْنِي،
وَدَعِ ٱلْمَوْتٰى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ.

تراكضت
الجماهير نحو المسيح وقد جذبتها كلمته المخلّصة وقوته الشافية. وكثيرون مشوا معه
ليحفظوا كل لفظة من أقواله، ويراقبوا كل عمل يجريه، فشعروا بمحبته العُظمى،
وأحسّوا بجلاله الفائق، لأنه دعاهم لاتِّباعه المُطلق، وطلب منهم الإيمان الكامل.

ولكن
لم يقطع أحد من هؤلاء علاقته بوالده الكبير السن. ربما أراد ملازمته إلى مماته، ثم
يعود إلى المسيح. فعرف الرب أن هذا الشاب سيغيّر نيته إن عاد إلى أهله ومشاكل
أسرته، فيفقد الاتصال به. وهكذا خيَّره بين اتِّباعه حالاً أو الانفصال عنه، ودعاه
من التزاماته العائلية إلى حرية ملكوت الله، لأن كل من تبعه انتقل من الموت إلى
الحياة، ومن الحزن إلى الفرح. وهكذا ذكر في الناموس أنه يجب على رئيس الكهنة وكل
المكرّسين لخدمة الرب ألاَّ يقتربوا للموتى ولا لجثة أبيهم، لأنهم مقدسون للرب
(لاويين 21: 11 والعدد 6: 6). فعلى المؤمن بيسوع ألاَّ يتأثر بالموت ولا بالحزن،
بل أن يشهد للحياة الساكنة فيه، فيتحرر من ارتباطاته العائلية التي تمنعه من
اتِّباع يسوع، فتفوح منه رائحة الحياة الإلهية.

والمسيح
يسمّي كل الناس الطبيعيين موتى متحركين، وفاقدين الحياة الإلهية الأصلية. وجميع
اجتهاداتهم تقودهم نحو الموت حتماً، لأن بذرة الموت تعمل في أفكارهم وأعمالهم. فكل
تعليم وثقافة واقتصاد وسياسة لا تُدخل الإنسان للحياة الأبدية، بل تسارع به إلى
الهاوية. فلا رجاء في دنيانا إلا في المسيح الذي يعطينا حياة لا تزول. ومن يتبعه
يجد أباً جديداً وإخوة وأخوات دائمين. والفرح في عائلة الله أعظم من الحزن في
عائلة البشر. اتكل على الرب من كل قلبك، ولا تلتصق بعائلتك المحبوبة، إلى درجة
تمنعك من عمل مشيئة الله.

الصلاة:
أيها الآب القدوس، نسجد لك لأنك منحتنا الحياة الأبدية في ابنك، فنتعلق به ولا
نتركه. ساعدنا لكيلا نعتبر عائلتنا أهم منك. ولكيلا تُنقِص واجباتُنا الدنيوية
محبتَنا لك. حررنا من خوف الموت، وثبّتنا في فرح حياتك مع كل المحتاجين في حياتهم.

 

هـ –
إسكات العاصفة والأمواج (8: 23-27)

8: 23
وَلَمَّا دَخَلَ ٱلسَّفِينَةَ تَبِعَهُ تَلامِيذُهُ. 24 وَإِذَا
ٱضْطِرَابٌ عَظِيمٌ قَدْ حَدَثَ فِي ٱلْبَحْرِ حَتَّى غَطَّتِ
ٱلأَمْوَاجُ ٱلسَّفِينَةَ، وَكَانَ هُوَ نَائِماً. 25 فَتَقَدَّمَ
تَلامِيذُهُ وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ: يَا سَيِّدُ، نَجِّنَا فَإِنَّنَا
نَهْلِكُ! 26 فَقَالَ لَهُمْ: مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي
ٱلإِيمَانِ؟ ثُمَّ قَامَ وَٱنْتَهَرَ ٱلرِّيَاحَ
وَٱلْبَحْرَ، فَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ. 27 فَتَعَجَّبَ ٱلنَّاسُ
قَائِلِينَ: أَيُّ إِنْسَانٍ هٰذَا! فَإِنَّ ٱلرِّيَاحَ
وَٱلْبَحْرَ جَمِيعاً تُطِيعُهُ.

نام
المسيح في السفينة رغم الخطر المحدق لأن ضميره كان مرتاحاً، وكان عارفاً عناية
أبيه. وله الوعد بأن شعرة واحدة لا تسقط من رأسه بدون إرادته. فكل من يسير مع
المسيح في سفينة الكنيسة، عَبْر بحر الحياة، يطمئن رغم الأخطار، لأن المخلّص
الأمين والقادر على كل شيء معه. ادخل إلى سفينة المسيح ولا تخف، لأنه مرشد حياتك
إن سلمته عجلة قيادتك، فيوصلك حتماً إلى ميناء السلام الأبدي.

على
أن الشركة مع المسيح لا تحفظك من العواصف المفاجئة أو الخطيرة التي تهددك، فهذه
التجارب عادية. إنما يسوع هو ربنا القدير الحافظ.

واستمر
الصيادون في عملهم المضني وسط العاصفة، يفرغون السفينة من الماء المتسرب إليها.
ولمَّا تعالت الأمواج كجبال طامية عليهم خافوا وصرخوا مضطربين. ولمَّا امتلأت
سفينتهم ماء وأوشكت على الغرق، فقدوا صبرهم، وأيقظوا النائم وهزوه صائحين «يارب
نجنا! ألا ترى حالتنا ضيقة؟ كيف تنام ونحن على شفا الهلاك؟».

هل تبحث عن  ئلة مسيحية أقنوم م

ونهض
المسيح من نومه وسط الأخطار المميتة، ووبَّخهم وسط الزوابع، لأن الخطر كان في قلة
إيمانهم. فالمسيح يطلب من أتباعه ثقة مطلقة بعناية الله وحمايته لهم كل لحظة من
حياتهم، لأن الخوف لا يتفق مع محبة الله.

ثم
انتهر المسيح الرياح والأمواج المضطربة، وأمرها بمجرد كلماته أن تهدأ، فهدأت وصار
سكون عظيم. فازداد الخوف في مشاهدي هذه الأعجوبة، لأنهم عاينوا البرهان أن يسوع هو
رب العناصر الطبيعية أيضاً. فحيث يملك المسيح يبدأ الهدوء السماوي في القلوب. فمتى
تسجد لقدرة يسوع مؤمناً بسلطانه على الطبيعة والأرواح والشعوب والضيقات؟ سلّم نفسك
في يده فتعيش مطمئناً وسط الاضطراب.

الصلاة:
أيها الرب يسوع المسيح، أنت القادر على كل شيء. اغفر لنا قلة إيماننا وقت الخطر.
قوِّ محبتنا لك الظاهرة في الثقة المطلقة. امكث معنا، لكيلا نيأس ساعة الضيق.
وافتح أعيننا لنراك، ونبصر أنك المنتصر على كل السلطات والطبيعة والضيقات، وتحب
جماعتك بلا انقطاع.

 

و –
إخراج الشياطين من الملبوسين (8: 28-34)

8: 28
وَلَمَّا جَاءَ إِلَى ٱلْعَبْرِ إِلَى كُورَةِ ٱلْجِرْجَسِيِّينَ
ٱسْتَقْبَلَهُ مَجْنُونَانِ خَارِجَانِ مِنَ ٱلْقُبُورِ هَائِجَانِ
جِدّاً، حَتَّى لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَجْتَازَ مِنْ تِلْكَ
ٱلطَّرِيقِ. 29 وَإِذَا هُمَا قَدْ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: مَا لَنَا وَلَكَ
يَا يَسُوعُ ٱبْنَ ٱللّٰهِ؟ أَجِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ
ٱلْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟ 30 وَكَانَ بَعِيداً مِنْهُمْ قَطِيعُ خَنَازِيرَ
كَثِيرَةٍ تَرْعَى. 31 فَٱلشَّيَاطِينُ طَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: إِنْ
كُنْتَ تُخْرِجُنَا، فَأْذَنْ لَنَا أَنْ نَذْهَبَ إِلَى قَطِيعِ
ٱلْخَنَازِيرِ. 32 فَقَالَ لَهُمُ: ٱمْضُوا. فَخَرَجُوا وَمَضَوْا
إِلَى قَطِيعِ ٱلْخَنَازِيرِ، وَإِذَا قَطِيعُ ٱلْخَنَازِيرِ كُلُّهُ
قَدِ ٱنْدَفَعَ مِنْ عَلَى ٱلْجُرْفِ إِلَى ٱلْبَحْرِ، وَمَاتَ
فِي ٱلْمِيَاهِ. 33 أَمَّا ٱلرُّعَاةُ فَهَرَبُوا وَمَضَوْا إِلَى
ٱلْمَدِينَةِ، وَأَخْبَرُوا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَنْ أَمْرِ
ٱلْمَجْنُونَيْنِ. 34 فَإِذَا كُلُّ ٱلْمَدِينَةِ قَدْ خَرَجَتْ
لِمُلاقَاةِ يَسُوعَ. وَلَمَّا أَبْصَرُوهُ طَلَبُوا أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْ
تُخُومِهِمْ.

المسيح
هو رب عناصر الطبيعة لأنه خلقها ويضبطها، وهو أيضاً الرب على الأرواح والشياطين.

وليس
الكثير من الناس ملبوسين بالشياطين، لأن هذه الحالة المهلكة نادرة. ولكن روح الكفر
والإلحاد والبغضة والعصيان والنجاسة يقود كل الذين لا يؤمنون بالمسيح. ومن يسلّم
نفسه للأبالسة عن طريق اتصاله بالأموات، أو استشارة العرَّافين، أو بأي تلاعب مضاد
للضمير، يسقط في سلطة الأرواح الشريرة، ويتقيد بسلاسل الشر.

تعال
إلى يسوع، لأنه القدير الوحيد ليحررك ويحفظك من كل روح مخرِّب. المسيح هو المحرر
المنجّي المخلِّص من كل ارتباط بالخطية والعادات النجسة. فتعال من قبرك الروحي،
وتقدم إلى يسوع، كما ركض المجنونان إليه، فتختبر تحرير ضميرك والخلاص العظيم.

عرفت
الأبالسة يسوع أكثر مما عرفه الناس، واعترفت جهراً ببنوّته في وحدة الثالوث
الأقدس. فالأرواح النجسة تقشعر من ابن الله كأعداء مغلوبة، والعالم الآخر أكثر
وعياً ومراقبة منّا لتطور ملكوت الله على أرضنا نحن الدنيويين.

ليت
الأحياء يكونون أحكم من الأبالسة، فيسجدون للابن الإلهي ويقبلونه مخلّصاً، فحيث
يملك المسيح على القلوب هناك السلام. يصبح الناس عقلاء، يلبسون بلياقة، ويعيشون
بصبر ونظام وفرح. فاقبل يسوع وكلمته لكيلا تشبه أهل القرية، الذين اهتموا
بخنازيرهم المفقودة أكثر مما اهتموا بالمخلّص الحاضر بينهم.

والتعزية
الكبرى لنا، أن المسيح حرر الملبوسين بمجرد كلمته الإلهية. فتجد في الإنجيل القوة
اللازمة لتحرر نفسك وأصدقاءك.

الصلاة:
أيها الآب السماوي، نشكرك من صميم قلوبنا لأنك ولدتنا من روحك القدوس، ومنعت
الشيطان أن يبث فينا شره. نحن محفوظون بدم ابنك من إبليس. فساعدنا لكيلا نفتح
أذهاننا مرة أخرى للأرواح النجسة، بل نتقدس مترقبين مجيء المسيح المنتصر. وإلى أن
يأتي نلتمس منك تحرير كثيرين من المقيدين بالأرواح الشريرة في محيطنا ليدخلوا إلى
حرية ملكوتك اللطيف.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي