الإصحَاحُ
الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ

 

ج –
مَثَل وليمة العُرس (22: 1- 14)

22: 1
وَجَعَلَ يَسُوعُ يُكَلِّمُهُمْ أَيْضاً بِأَمْثَالٍ قَائِلاً: 2 يُشْبِهُ
مَلَكُوتُ ٱلسَّمَاوَاتِ إِنْسَاناً مَلِكاً صَنَعَ عُرْساً لابْنِهِ، 3
وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ لِيَدْعُوا ٱلْمَدْعُوِّينَ إِلَى ٱلْعُرْسِ،
فَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا. 4 فَأَرْسَلَ أَيْضاً عَبِيداً آخَرِينَ
قَائِلاً: قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ: هُوَذَا غَدَائِي أَعْدَدْتُهُ. ثِيرَانِي
وَمُسَمَّنَاتِي قَدْ ذُبِحَتْ، وَكُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ. تَعَالَوْا إِلَى
ٱلْعُرْسِ! 5 وَلٰكِنَّهُمْ تَهَاوَنُوا وَمَضَوْا، وَاحِدٌ إِلَى
حَقْلِهِ، وَآخَرُ إِلَى تِجَارَتِهِ، 6 وَٱلْبَاقُونَ أَمْسَكُوا عَبِيدَهُ
وَشَتَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ. 7 فَلَمَّا سَمِعَ ٱلْمَلِكُ غَضِبَ،
وَأَرْسَلَ جُنُودَهُ وَأَهْلَكَ أُولَئِكَ ٱلْقَاتِلِينَ وَأَحْرَقَ
مَدِينَتَهُمْ. 8 ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَمَّا ٱلْعُرْسُ فَمُسْتَعَدٌّ،
وَأَمَّا ٱلْمَدْعُوُّونَ فَلَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ. 9
فَٱذْهَبُوا إِلَى مَفَارِقِ ٱلطُّرُقِ، وَكُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ
فَٱدْعُوهُ إِلَى ٱلْعُرْسِ. 10 فَخَرَجَ أُولَئِكَ ٱلْعَبِيدُ
إِلَى ٱلطُّرُقِ، وَجَمَعُوا كُلَّ ٱلَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَشْرَاراً
وَصَالِحِينَ. فَٱمْتَلَأَ ٱلْعُرْسُ مِنَ ٱلْمُتَّكِئِينَ. 11
فَلَمَّا دَخَلَ ٱلْمَلِكُ لِيَنْظُرَ ٱلْمُتَّكِئِينَ، رَأَى هُنَاكَ
إِنْسَاناً لَمْ يَكُنْ لابِساً لِبَاسَ ٱلْعُرْسِ. 12 فَقَالَ لَهُ: يَا
صَاحِبُ، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ لِبَاسُ ٱلْعُرْسِ؟
فَسَكَتَ. 13 حِينَئِذٍ قَالَ ٱلْمَلِكُ لِلْخُدَّامِ: ٱرْبُطُوا
رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ، وَخُذُوهُ وَٱطْرَحُوهُ فِي ٱلظُّلْمَةِ ٱلْخَارِجِيَّةِ.
هُنَاكَ يَكُونُ ٱلْبُكَاءُ وَصَرِيرُ ٱلأَسْنَانِ. 14 لأَنَّ
كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ.

أقام
الله لابنه عُرساً فريداً في نوعه، هو عُرس روحي لا جسدي. وكل المدعوين هم العروس
بنفس الوقت. فجميع الناس مدعوون ليتحدوا في الإيمان مع ابن الله، وهذا الاتحاد الإيماني
يعني فرحاً وسروراً وابتهالاً وشكراً بدون نهاية. إن العهد الجديد كله يشبه عُرساً
ممتليء الأفراح، وليس حرباً بالدموع وسفك الدماء. فالمسيح يدعونا لأسمى غبطة.

وقد
أرسل الله أنبياءه ورسله أولاً لليهود، وبعدئذ لكل العالم. وسعاة الله يركضون
كعبيد حسب إرادة ربهم. وخدمتهم ليست اضطرارية ولا حزينة بل طوعية وبفرح كبير. وهم
لا يتعبون بل يتعاونون، لأنهم لا يطلبون ما لأنفسهم، إنما طلبهم لتمجيد ربهم في كل
حين.

ورسالتهم
هي « كل شيء مُعَدّ لعُرس ابن الله». والغريب في هذا العُرس أن العريس هو ذبيحة
العُرس بنفس الوقت، الذي مات ليبرر المدعوين. فقد جهَّز الله كل شيء لحفلة السماء.
الخلاص تمَّ وحاضر لأجلك ولكل الناس. ونؤكد لك باسم الله: تعال، كل شيء مُعَدّ.

وهناك
يبدأ الأمر الغريب الآخر، وهو أن أكثرية المدعوين لم يأتوا، واحتجّوا بألف سبب
لكيلا يحضروا. وكانت حججهم أكاذيب واهية، دلت على أنهم لم يريدوا أن يكونوا مع
الله ولم يحبوه، إنما أحبوا أنفسهم، فرغبوا بالاستقلال عن محبته.

وبعد
رَفْض المدعوين ابتدأت المفاجأة الكبرى، لأن الله يدعو الدنسين والغرباء والأشرار
والمرضى إلى رحابه. خاصته لم تقبل دعوته، فدعا جميع المساكين إلى عُرس ابنه. وأنت
أيضاً مدعو من الله العظيم شخصياً. فهل تأتي؟

وزيادة
على هذا يهب الله لكل من يقبل دعوته لباس البر المجَّاني. فهل لبست ثوب نعمة الله،
وتزينت بجواهر الروح القدس؟ ومن يظن أنه يتقدم إلى الله بدون لباس بر المسيح
سيُطرد إلى الفزع اللانهائي.

دعا
المسيح الجميع لعُرسه، ولكن قليلين يأتون. وأما الآتون فهم مختارو الله. فهل أنت
منهم وتلبس لباس بره الأبيض؟

 

6 –
ما لقيصر وما لله (22: 15-22)

22:
15 حِينَئِذٍ ذَهَبَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ
بِكَلِمَةٍ. 16 فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلامِيذَهُمْ مَعَ
ٱلْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ
وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ ٱللّٰهِ بِٱلْحَقِّ، وَلا تُبَالِي
بِأَحَدٍ، لأَنَّكَ لا تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ ٱلنَّاسِ. 17 فَقُلْ لَنَا
مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لا؟ 18 فَعَلِمَ
يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ 19
أَرُونِي مُعَامَلَةَ ٱلْجِزْيَةِ. فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَاراً. 20 فَقَالَ
لَهُمْ: لِمَنْ هٰذِهِ ٱلصُّورَةُ وَٱلْكِتَابَةُ؟ 21 قَالُوا
لَهُ: لِقَيْصَرَ. فَقَالَ لَهُمْ: أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ
وَمَا لِلّٰهِ لِلّٰهِ. 22 فَلَمَّا سَمِعُوا تَعَجَّبُوا وَتَرَكُوهُ
وَمَضَوْا.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد جديد سفر أعمال الرسل 03

كره
اليهود الرومان لأنهم وضعوا عليهم الجزية، ولم يتركوا لهم الحرية الكاملة لممارسة
أحكامهم وطقوسهم، فاعتبروا سلطة القيصر كفراً ومضادة لسلطة الله.

فأعدَّ
أعداء المسيح سؤالاً ماكراً يوقع المسيح بورطة، إما مع الرومان أو مع الشعب. وجاء
مع الفقهاء جنود الملك هيرودس ليمسكوه فوراً إن تفوَّه بكلمة ضد السلطة.

وجاوب
المسيح المرائين على سؤالهم بكلمات مبنية على حكمة فائقة، وبسلطان الحق القاطع.
فانتصر حق الله على مكيدة إبليس أبي الكذَّابين. فلم يرفض يسوع دفع الجزية بل
قدَّمها، لأن المال الظالم آت من سكة الدولة ويخصّها. فلا يقدر إنسان أن ينكر شراء
الدولة المعادن الثمينة لصك النقود. فإن طلبت الدولة جزءاً من حقها، فعلينا ألاَّ
نضنّ به، بل نسلّم ما لا يخصّنا بكل طيبة خاطر. والمسيح يطلب إليك ألا تتمسك
بالنقود والكنوز الدنيوية والمواد الميتة، بل سلّمها بفرح.

وأصاب
المسيح المرائين في الصميم، فأوقف محبي المال والسلطة في حضرة الله قائلاً «أعطوا
إذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله». فكل شيء لله، حتى قيصر نفسه لأنه خلقنا.
فأعيننا وأيدينا وأفواهنا وقلوبنا كلها خاصة الله، وليست خاصتنا نحن. ونقودك ووقتك
وعضلاتك كلها لربك، ووالدك وجيرانك وعملك وشعبك وزعماؤك كلهم هبة من الله،
فأرْجِعْ الكل إلى مصدره. توبوا وأدركوا أنه ليس المال والسياسة هما شعار الحياة،
بل الإيمان بالله وابنه. أنت خاصة الله، فمتى تعيش حسب هذا المبدأ؟

إنما
نحن ما زلنا عائشين على الأرض لا في السماء، فيحدث أن بعض الدول تطلب من المؤمنين
خضوعاً في أمور تخصّ البشر. ففي هذه الحالات ينبغي أن نطيع الله أكثر من الناس،
لأن الحق الذي علينا للناس والدولة صغير بنسبة ما لعظمة الله من علو عن كل
مخلوقاته. فطاعة الله تتقدم على خدمتنا للدولة. لنخدم الدولة بما لا يتعارض مع
قداسة الله وإنجيل سلامه.

الصلاة:
أيها الآب نحن نخصّك. والفرق بينك وبين سادتنا الدنيويين كبير بمقدار ما بين
السماء والأرض. ساعدنا لنخدم دولتنا ولا نبالغ بأمور دنيانا، بل نعيش أمامك ليتمجد
اسمك بسلوكنا الحكيم.

 

7 –
في القيامة لا يتزوّجون (22: 23-33)

22:
23 فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ جَاءَ إِلَيْهِ صَدُّوقِيُّونَ،
ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ، فَسَأَلُوهُ: 24 يَا مُعَلِّمُ،
قَالَ مُوسَى: إِنْ مَاتَ أَحَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلادٌ يَتَزَوَّجْ أَخُوهُ
بِٱمْرَأَتِهِ وَيُقِمْ نَسْلاً لأَخِيهِ. 25 فَكَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ
إِخْوَةٍ، وَتَزَوَّجَ ٱلأَوَّلُ وَمَاتَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسْلٌ
تَرَكَ ٱمْرَأَتَهُ لأَخِيهِ. 26 وَكَذٰلِكَ ٱلثَّانِي
وَٱلثَّالِثُ إِلَى ٱلسَّبْعَةِ. 27 وَآخِرَ ٱلْكُلِّ مَاتَتِ
ٱلْمَرْأَةُ أَيْضاً. 28 فَفِي ٱلْقِيَامَةِ لِمَنْ مِنَ
ٱلسَّبْعَةِ تَكُونُ زَوْجَةً؟ فَإِنَّهَا كَانَتْ لِلْجَمِيعِ! 29 فَأَجَابَ
يَسُوعُ: تَضِلُّونَ إِذْ لا تَعْرِفُونَ ٱلْكُتُبَ وَلا قُوَّةَ
ٱللّٰهِ. 30 لأَنَّهُمْ فِي ٱلْقِيَامَةِ لا يُزَوِّجُونَ وَلا
يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلائِكَةِ ٱللّٰهِ فِي
ٱلسَّمَاءِ. 31 وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ ٱلأَمْوَاتِ، أَفَمَا
قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ: 32 أَنَا
إِلٰهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلٰهُ إِسْحَاقَ وَإِلٰهُ يَعْقُوبَ.
لَيْسَ ٱللّٰهُ إِلٰهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلٰهُ أَحْيَاءٍ.
33 فَلَمَّا سَمِعَ ٱلْجُمُوعُ بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ل لاهوت 1

في
زمننا، كما في زمن المسيح، يوجد فريقان متطرفان، أحدهما يؤمن بالرؤى وظهور
الملائكة وقوى الأرواح وتأثير الغيب في الدنيا، بينما الآخرون ينكرون الحياة بعد
الموت والآخرة كلها، لأنهم لا يقدرون أن يتصوّروها بعقولهم المحدودة، فيظنون أن ما
يلمسونه ويدركونه هو الموجود فقط. وكان الصدوقيون من هذه الفئة. ولم يريدوا القضاء
على المسيح بصورة عنيفة، لأنهم مفكرون، بل أرادوا الاستهزاء به ليُضحِكوا الجميع
عليه وليُسقِطوه من تقدير المثقَّفين. ولهذا ألَّفوا رواية منطقية غير واقعية،
غايتها البرهان على أنه لا حياة بعد الموت. فلو وافق يسوع على إمكانية حدوث هذه
القصة، لسقط في نظر كل المثقَّفين، ولو نفاها لحرَّض الفريسيون كل المؤمنين
بالآخرة ضده.

فأصاب
المسيح مخترعي هذه القصة بالجهل، الذي هو اعتدادهم بذكائهم، قائلاً «تضلّون إذ لا
تعرفون الكتب المقدسة ولا قوة الله العظيمة». وبهذه الكلمات دان منطقهم وكسر
كبرياءهم وبرهن لهم أن عقلهم البشري المتفلسف لا يقدر أن يستقصي الكتاب المقدس،
الذي وحده يعلن قوة الله وأسراره. فمن يؤمن يستطيع أن يدرك أسرار الكلمة الموحاة
لنا. ولكن من يجعل عقله مقياساً ومعلماً فوق الأسفار الإلهية يخدع نفسه.

وقال
المسيح إن قيامة الأموات لا تعيد البشر كما كانوا، بل تنقلنا إلى درجة أعلى، إلى
العالم الروحي، حيث تنتهي شهوات الجسد، فيصبح الإنسان محبة طاهرة مع سرور وسلام،
أو يصبح بغضة كاملة مع اضطراب وفزع مستمر. فمن يؤمن بالمسيح الحي يصبح مجيداً حياً
يشبه الملائكة طاهر القلب.

وكل
الذين يؤمنون بالمسيح إيماناً حقاً يتحدون معه وبقوة حياته، فيصيرون أبناء الله
الأحباء، ويعرفون أباهم السماوي بطريقة أفضل مما أُعلِنَت في العهد القديم-وهذا هو
امتياز عهد النعمة، إن الله يتبنى كل الذين قَبِلوا المسيح، ويعطيهم حياة أبدية،
فلا يأتون إلى الدينونة، بل قد انتقلوا من الموت إلى الحياة.

وعلَّمنا
يسوع أن إبراهيم وإسحق ويعقوب ليسوا أمواتاً بل أحياء، لأنهم فتحوا قلوبهم لصوت
الروح القدس وآمنوا بالمسيح الآتي. فمن يلتفت إلى يسوع يحيا.

الصلاة:
أيها الآب السماوي، نعظّمك ونتهلل بفرح عظيم لأنك أقمتنا من بين الأموات وأشركتنا
بحياتك في المسيح. لسنا أمواتاً بالذنوب والخطايا، فقد خلَصْنا بالإيمان بابنك.
املأنا بروحك الطاهر، أقم أصدقاءنا وأقرباءنا من موتهم الروحي، ليشتاقوا إلى
الطهارة ويتّحدوا بحياة المسيح ومسرته.

 

8 –
الوصية العظمى (22: 34-40)

22:
34 أَمَّا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ
ٱلصَّدُّوقِيِّينَ ٱجْتَمَعُوا مَعاً، 35 وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ
مِنْهُمْ، وَهُوَ نَامُوسِيٌّ، لِيُجَرِّبَهُ: 36 يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ
وَصِيَّةٍ هِيَ ٱلْعُظْمَى فِي ٱلنَّامُوسِ؟ 37 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:
تُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ
نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38 هٰذِهِ هِيَ ٱلْوَصِيَّةُ
ٱلأُولَى وَٱلْعُظْمَى. 39 وَٱلثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ
قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40 بِهَاتَيْنِ ٱلْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ
ٱلنَّامُوسُ كُلُّهُ وَٱلأَنْبِيَاءُ.

ما هو
جوهر الناموس؟ إنه الله بالذات القدوس الممتليء بالمحبة، فمحبته القدوسة الكاملة
هي لُب الناموس وجوهره.

ليس
في الله بغضة ولا انتقام. إنه ممتليء بالمحبة العادلة، وهكذا بذل ابنه عوضاً عن
الخُطاة ليخلّصهم. فلنحب نحن الخاطيء أيضاً. وأما الخطية فلنرفضها. المسيح يدعوك
إلى الشركة مع أبيه لتتقوى وتمتليء بمحبته، فقوته تنعش قوتك ومحبته تقدّس حُبَّك.
ومعرفته تملأ قلبك سروراً. لتصبح حياتك كلها شكراً لله.

هل
تحب الله؟ فانشر محبته في محيطك عملياً وباستمرار، واطلب من ربك العزم والبصيرة
والحكمة لممارسة محبته. وإن تعمَّقت في وصية المحبة لله والناس، سترى أن إلهنا
ينتظر منك تسليم قلبك وعقلك له، فلا يبقى مكان للأنانية وحب الذات، لأنك التصقْتَ
بالله تماماً.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس إسكندر جديد 05

ولمَّا
كان كل إنسان أنانياً متكبراً من صغره، يطلب الرب منك التغيّر، فتصبح محباً
للآخرين. ولا يبقى شيء من المحبة لنفسك، بل تتحوَّل إلى تضحية كما بذل المسيح نفسه
فدية عن كثيرين.

الصلاة:
أيها الآب القدوس، أنت المحبة العظيمة، وخلقتنا وتطهّرنا وتقدّسنا وتحفظنا إلى
الآبد. نشكرك لذبيحة ابنك الذي مات لنعيش نحن. نحبك ونسلِّم أنفسنا لخدمتك. استخدم
حياتنا لحمد نعمتك المجيدة، ليعمّ لطفك ورحمتك في بيوتنا ومدارسنا، وفي كل نواحي
الحياة. ساعدنا حتى لا نحب بالكلام بل بالعمل والحق.

 

9 –
المسيح هو الرب (22: 41- 46)

22:
41 وَفِيمَا كَانَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42
مَاذَا تَظُنُّونَ فِي ٱلْمَسِيحِ؟ ٱبْنُ مَنْ هُوَ؟ قَالُوا لَهُ:
ٱبْنُ دَاوُدَ. 43 قَالَ لَهُمْ: فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ
بِٱلرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44 قَالَ ٱلرَّبُّ لِرَبِّي
ٱجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟
45 فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً، فَكَيْفَ يَكُونُ ٱبْنَهُ؟ 46
فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذٰلِكَ
ٱلْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.

ندعو
الله يا رب، وحسناً نفعل، لأن الله خلقنا وهو مالكنا وقاضينا. ففي يده كل السلطان
في السماء وعلى الأرض، وله كل المجد والجلال، والملائكة تخدمه، والكروبيم ينادي
ليلاً ونهاراً «قدوس قدوس قدوس الرب الإله القادر على كل شيء».

وكان
ينبغي على البشر أن يقشعِرُّوا عندما سمع الرُعاة إعلان الملاك فوق حقول بيت لحم
أن الرب قد حضر، فقد بشَّرهم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه وُلد في مدينة داود مخلّص
هو المسيح الرب. فهذه التسمية تعني أن الرب الإله تجسَّد في يسوع، فالخالق تواضع
في صورة عبد. وباتضاعه صار مجرّباً في كل شيء مثلنا، ولكن بلا خطية.

أي
محبة أظهرها الله لنا في اقترابه إلينا بيسوع شخصياً! كل قُوى السموات حلَّت في
طفل المذود. نقرأ في العهد الجديد اسم المسيح «الرب» أكثر من خمسمائة مرة. وهذا
اللقب ينسجم مع نبوات العهد القديم تماماً، حيث أوحى الروح القدس للملك داود أن
الله ظهر كشخصين متكلمين في وحدة جامعة بالنبوة العظيمة «قال الرب لربي…». فاسم
الرب ليس صفة أو أقنوماً فقط، بل شخصاً مستقلاً متكلماً عاملاً. وهذه الحقيقة
الإلهية تتم في المسيح اليوم. وهو جالس عن يمين الله، مالكاً معه كل العالمين في
انسجام المحبة والوحدة الكاملة. إن هذا السر العظيم لا يدركه عقل الإنسان الجامد
الجاف، لأن ليس أحد يقدر أن يسمّي المسيح رباً إلا بالروح القدس (1 كورنثوس 12:
3). ففي شركة الروح نشعر بمحبة الله المتأنسة في المسيح، ونشترك بحياة ربنا بهبة
الإيمان المعطَى لنا.

لم
يستطع اليهود إدراك الكيان الرباني ليسوع، لأنهم قفلوا قلوبهم لمحبته، فكان ينبغي
ليسوع أن يعلن لهم أن الله سيضعهم-وهم أعداء المسيح حقاً موطئاً لقدميه، لأن كل
إنسان وشعب لا يجثو للرب يسوع يهلك. وإدراك هذا الوحي الإلهي يدفعنا للتبشير،
لأننا لا نحب أنفسنا وخلاصنا فحسب، بل ننسجم مع محبة الله، الذي يريد أن جميع
الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يُقبلون.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي