تَفْسِير
إِنْجِيلِ لُوقَا

مدخل
إلي إنجيل القديس لوقا

القمص
بيشوى فهيم

وكيل
مطرانية المنوفيه

 

المدخل
إلي العهد الجديد

+
مرت كلمة إنجيل (
Euaggelion) في استعمالها التاريخي على ثلاث مراحل:

1-
في كتابات المؤلفين اليونانيين القدامى وكانت تعني (المكافأة على نقل أخبار طيبة)
وكذلك كانت تعني (تقدمة شكر على أخبار طيبة منقولة).

2-
في كتابات المؤلفين اليونانيين المتأخرين أضحت تعني (الأخبار الطيبة نفسها).

3-
وأخيراً كانت تستخدم لتشير إلي الكتب التي تتضمن تاريخ حياة السيد المسيح.

+
وتستعمل كلمة إنجيل بكثرة في كتابات العهد الجديد في المعني الثاني للكلمة أي
لتشير إلي أخبار الله الطيبة أو إلي رسالة الخلاص.

+
وأول استعمال للكلمة لتدل على بشارة مكتوبة قد ورد في كتاب تعليم الرسل الأثني
عشر) (أنظر3: 15). وفي حوالي منتصف القرن الثاني للميلاد استعملت الكلمة بشكل قاطع
وبتكرار لتشير إلي القصة المكتوبة عن حياة السيد المسيح.

+
أما الكلمة في حالة الجمع
Euaggelia لتشير إلي البشائر الأربع فقد استخدمت لأول مرة عند يوستينوس
الشهيد في حوالي سنة152م. وتذكر كلمة إنجيل في رسائل الرسول60مرة كما يستعمل الفعل
(يبشر) في رسائله.

+
أما القديس يوحنا فهو يستعملها فقط في سفر الرؤيا{مره واحده يستعمل الاسم ومرتين
يستعمل الفعل في صيغة المبني للمعلوم}.

والقديس
لوقا يستعمل الفعل كثيراًَ ولكن لا يستعمل الاسم إلا على لسان بولس وبطرس في سفر
الأعمال (أع7: 15 + 24: 20).

2-
عدد البشائر كما تعترف وتقر به الكنيسة:

+
لقد شهد القرن الأول الميلادي عدداً كثيراً من الكتب المزورة التي حملت اسم
(إنجيل) كنوع من التضليل أو التمويه.

+
غير أن الكنيسة شجبت هذه الكتب ولم تعترف إلا بالبشائر الأربع الموجودة بين أيدينا
وهي الإنجيل للقديسين متى و مرقس و لوقا و يوحنا. ومن بين هذه الكتب التي رفضتها
الكنيسة وإن كانت قد حملت في عناوينها لفظ الإنجيل.

نذكر
الأتي:

+
إنجيل العبرانيين – إنجيل الاثني عشر – إنجيل المصريين- إنجيل بطرس – إنجيل متياس
إنجيل مريم – إنجيل زكريا أبو يوحنا المعمدان – إنجيل فيلبس – إنجيل يعقوب – إنجيل
نيقوديموس إنجيل متى المزور – إنجيل تاريخ يوسف – إنجيل توما – إنجيل باسيليوس –
إنجيل برثولماوس إنجيل يهوذا الأسخريوطي – إنجيل إندراوس – إنجيل يعقوب بن زبدي –
الإنجيل الأبدي (1).

وفي
القرون الوسطي ظهر كتاب مزور يحمل اسم (إنجيل برنابا).

+
أما بالسبة للأناجيل الأربعة التي نعترف بها فقد كان الآباء الرسوليون يقتبسون من
هذه الأناجيل وإن كانوا لا يبشرون إلي أسماء وإلي عددها وهذه الاقتباسات من قبل
الآباء الرسوليين تشهد لصحة مادة الإنجيل ولقانونيته وإن كانت لا تشهد – إلا بطريق
غير مباشر – لعدد البشائر.

+
ومما يشهد على أن الأناجيل التي اعترفت بها الكنيسة هي الأناجيل الأربعة التي بين
أيدينا الآن إن الترجمة السريانية المسماة بالبشيتو لم تضم غير هذه الأناجيل.
وترجع هذه الترجمة إلي النصف الأول من القرن الثاني. وثمة شهادة ثالثة نستند فيها
إلي وثيقة (موراتورى) وهي وثيقة قديمة ترجع إلي حوالي سنة170م وإن كانت قد اكتشفت
حديثاً وهي لا تشير إلي أكثر من هذه الأناجيل الأربعة ومن أهم الشهادات عن عدد
الأناجيل شهادة تاتيان في كتابة (الدياتسرون) وهو كتاب يضم الأربعة أناجيل ويكشف
عن التناسق الموجود بينها وهذا الدياتسرون يحدد من ناحية عدد الأناجيل بأربعة ومن
ناحية أخري يكشف عن وحده هذه الأناجيل وإنها ليست في الواقع أكثر من إنجيل واحد
وإن الحديث عنها كأربعة أناجيل ليس هو ألا من باب التوسع.

ويترجم
هذا الكتاب بالرباعي. وقد أشار يوسابيوس إلي مؤلف تاتيان وقال في ذلك (على أن مؤسس
شيعتهم الأصلي – أي شيعة الانكراتيين جمع مجموعة من الأناجيل لست أدري بأي كيفية –
وأطلق عليها اسم دياتسرون (أي مكون من أربعة). وهي لا تزال في أيدي البعض).
(يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة 29: 4- ترجمة القمص مرقس داود).

+
ونضيف إلي الشهادات السابقة شهادة إيريناوس وشهادة ترتليانس. وأما بالنسبة
لإيريناوس فقد كان تلميذ بوليكاربوس الذي كان بدوره تلميذاً للرسول يوحنا. وكان
إيريناوس يكرز للغاليين في وسنة178م خلف بوثينوس كأسقف على ليون.

+
وفي أحد كتبه يوجد فصل طويل يحمل العنوان التالي: (أدلة على عدم وجود أكثر أو أقل
من أربعة أناجيل) وهو إذ ينظر إلي الإنجيل يقول عنها (الإنجيل ذو الأربعة لوجه) (
Tetramorphon). ولقد حاول أن يبحث عن السباب التي تفسر العدد أربعة بالنسبة
للإنجيل وقارن بين عدد الأناجيل الأربعة وبين الأربع رياح والشاروبيم ذوي الوجوه
الأربعة وغيرها. وأما ترتليانس فإنه في كتابه

 (ضد
ماركيون) أشار بكل وضوح إلي الأناجيل الأربعة وكان ماركيون قد قبل إنجيل لوقا فقط.
ونضيف إلي هذا كله شهادة أوريجينوس فهو في كتابه الأول عن إنجيل متى الذي يبين فيه
عقيدة الكنيسة يشهد بأنه لا يعرف سوي أربعة أناجيل ويكتب الأتي:

+
بين الأناجيل الأربعة وهي الوحيدة التي لا نزاع بشأنها في كنيسة الله تحت السماء،
عرفت من التقليد أن أولها كتبه متى الذي كان عشاراً ولكنه فيما بعد صار رسولاً
ليسوع المسيح وقد أعد للمنتصرين من اليهود ونشر باللغة العبرانية، والثاني كتبه
مرقس الذي كتبه وفقاً للتعليمات التي تلقاها من بطرس الذي في رسالته الجامعة يعترف
به ابناً قائلاً: تسلم عليكم التي في بابل المختارة معكم وكذا مرقس ابني، والثالث
كتبه لوقا وهو الإنجيل الذي أقره بولس وكتب من أجل المنتصرين من الأمم وأخر الكل
الإنجيل الذي كتبه يوحنا (يوسابيوس25: 6).

أما
يوسابيوس في سياق حديثة عن ترتيب الأناجيل فقد تحدث بإفاضة عن عدد الأناجيل وحددها
في أربعة ونشير هنا إلي قوله بالتفصيل في هذا الشأن.

يقول
يوسابيوس:

+
لقد أتيت بهذا الاقتباس من إكليمنضس هنا للحقيقة والتاريخ ولمنفعة قرائي والآن
لنشُر إلي كتابات هذا الرسول (يوحنا الرسول). التي لا يتطرق إليها شك وأولاً
إنجيله المعروف لكل الكنائس تحت السماء يجب أن تعترف بصحته أما أن الأقدمين قد
وضعوه – بمنطق سليم – في المكان الرابع بعد الأناجيل الثلاثة الأخرى فيمكن إثباته
بالطريقة الآتيه: فإن أولئك الرجال العظماء اللاهوتيين حقاً أقصد بهم رسل المسيح تطهرت
حياتهم وتزينوا بكل فضيلة في نفوسهم ولكنهم لم يكونوا فصيحي اللسان ولقد كانوا
واثقين كل الثقة في السلطان الإلهي الصانع العجائب الذي منحه لهم المخلص ولكنهم لم
يعرفوا ولم يحاولوا أن يعرفوا كيف يذيعون تعاليم معلمهم بلغة فنية فصحي بل
استخدموا فقط إعلانات روح الله العامل معهم وسلطان المسيح الصانع العجائب الذي كان
يظهر فيهم.

وبذلك
أذاعوا معرفة ملكوت السموات في كل العالم غير مفكرين كثيراً في تأليف الكتب. هذا
فعلوه لأنهم وجدوا معونة في خدمتهم ممن هو أعظم من الإنسان. فبولس مثلاً الذي
فاقهم جميعاً في قوة التعبير وغزارة التفكير لم يكتب إلا أقصر الرسائل رغم انه
كانت لدية أسرار غامضة لا تحصي يريد نقلها للكنيسة لأنه قد وصل حتى إلي مناظر
السماء الثالثة ونقل إلي فردوس الله وحسب مستحقاً أن يسمع هناك كلمات لا ينطق بها.

أما
باقي أتباع مخلصنا الأثني عشر رسولاً والسبعون تلميذاً وآخرون كثيرون لا يحصي
عددهم فهم يجهلون هذه الأمور.

ومع
هذا فمن كل رسل الرب لم يترك لنا أحد شيئاً مكتوباً سوي متى ويوحنا. ويقول التقليد
إنهم لم يكتبا إلا تحت ضغط الحاجة لأن متى الذي كرز أولاً للعبرانيين كتب إنجيله
بلغته الوطنية إذا كان على وشك الذهاب إلي شعوب أخري. وبذلك عوض من كان مضطرباً
لمغادرتهم عن الخسارة التي كانت مزمعة أن تحل بهم بسبب مغادرته إياهم. وبعد أن نشر
مرقس ولوقا شفوياً بدأ أخيراً يكتب للسبب التالي: إن الأناجيل الثلاثة السابق
ذكرها إذ وصلت إلي أيدي الجميع وإلي يديه أيضاً.

يقولون
إنه قبلها وشهد بصحتها ولكن كان ينقصها وصف أعمال المسيح في بداية خدمته وها صحيح
لأنه واضح أن الإنجيليين الثلاثة دونوا الأعمال التي فعلها المخلص بعد سجن يوحنا
المعمدان بسنة وبينوا هذا في بداية رواياتهم. فمتى بعد التحدث عن صوم الأربعين
يوماً والتجربة التي تلته يوضح تسلسل روايته بقوله: (ولما سمع أن يوحنا أسلم انصرف
من اليهودية إلي الجليل) (مت12: 4).

ويقول
مرقس أيضاً: وبعدما أسلم يوحنا جاء يسوع إلي الجليل"مر14: 1". أما لوقا
فإنه قبل البدء في روايته عن أعمال يسوع يبين هو أيضاً الوقت عندما يقول إن هيرودس
أضاف إلي جميع الشرور التي فعلها أنه حبس يوحنا في السجن (لو20: 3). ولذلك يقولون
إن يوحنا الرسول إذا طلب منه كتابة إنجيله لهذا السبب دوَّن فيه وصفاً للفترة التي
تجنبها الإنجيليون السابقون وأعمال المسيح فيها.

أي
وصف الأعمال التي فعلها قبل سجن المعمدان ويقول أنه أوضح هذا في الكلمات التالية:
(هذه بداية الآيات التي فعلها يسوع"يو11: 2". وأيضاً عندما أشار إلي
المعمدان وسط التحدث عن أعمال يسوع بأنه كان لا يزال يعُمد في عين نون بقرب ساليم
حيث بيَّن الأمر بكل وضوح في هذه الكلمات: (لأنه لم يكن يوحنا قد ألقي بعد في
السجن"يو23: 3و24". وعلى هذا فإن يوحنا يدون في إنجيله أعمال المسيح
التي تمت قبل سجن المعمدان أما الإنجيليون الثلاثة الآخرون فإنهم يذكرون الحوادث
التي تمت بعد ذلك الوقت (يوسابيوس24: 3).

3-
السمة الأدبية للبشائر الأربع.

+
إذا كان كتاب العهد الجديد يتضمن بشائر أربع تحكي قصة حياة السيد المسيح، فإن أهم
ما يميز هذه البشائر على نحو ما ذكرنا سابقاً – إنها تعبر عن جوانب أو أوجه أو صور
أربع أناجيل أو بشارة واحدة. ويجب أن لا ينظر إلي البشائر على إنها كتب تاريخية
قصدت إلي تسجيل كل ما يتصل بحياة السيد المسيح وتعاليمه. فإن كثيراً مما كان يعرفه
التلاميذ لم يسجلوه في كتاباتهم. وإلي هذا يشير في وضوح القيس يوحنا إذ يقول
(وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب وأما هذه فقد كتبت
لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة
باسمه"يو30: 20و31). ولعلنا هنا يمكن أن نتساءل: ماذا قدمت لنا البشائر عن
الثلاثين سنة الأولي من حياة المسيح إلا هذه الشذرات البسيطة نسبياً التي تتصل
بميلاد السيد المسيح وبزيارته إلي أورشليم في سن الثانية عشر؟

وماذا
قدمت لنا من تعاليم التي نطق بها السيد المسيح عقب قيامته وهو (يظهر لهم أربعين
يوماً ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله"أع3: 1)؟.

هذا
من ناحية ومن ناحية أخري فإن البشائر لم تهدف على الدوام أن تلتزم الترتيب للإحداث
فإن الأحداث ذكرت عن السيد المسيح في البشائر، ما عدا ما أتصل بأحداث الميلاد
وأحداث أسبوع الآلام لم يشر إليها بترتيب زمني.

وكل
هذا ينتهي بنا إلي القول، إن الغاية من البشائر تكن مجرد عملية تسجيل أو تدوين
لتاريخ المسيح بل كان يقصد البشيريون الأربعة كل من زاوية خاصة، إلي أن يشير إلي
ناحية معينة في شخص المسيح ورسالته بحيث تعطيني هذه البشائر جميعها صورة متكاملة
لما يجب أن يستقر في أذهاننا عن السيد المسيح وعن رسالته

فقد
كتب القديس متى إنجيله لليهود ولذلك حرص على أن يقد لهم السيد المسيح من زاوية
التي تهمهم وهي إثبات أن السيد المسيح هو المسيا الذي كانوا ينتظرونه.

وكتب
القديس مرقس للرومانيين وقدم لهم المسيح مخلصاً وظافراً على قوي الشر وعلى الخطية.

قدم
القديس لوقا إنجيله لليونانيين وصور السيد المسيح صورة الكمال والرحمة.

أما
القديس يوحنا فكتب إنجيله للمؤمنين عامة الذين يعرفون المسيح ولكنهم يحتاجون إلي
معرفة أعمق تؤكد لاهوته خاصة بعد ظهور بعض الهرطقات والبدع التي حاولت أن تسيء إلي
شخص المسيح وأن تنقص عن ألوهيته.

 

أولاً:
كاتب الإنجيل القديس لوقا:

الاسم:

كلمة
"لوقا" غالبًا اختصار للكلمة اللاتينية "لوكانوس
Lucanus " أو "لوكيوس" وتعني "حامل النور"، أو
"المستنير". غير أنه يجب التمييز بين لوقا الإنجيلي ولوكيوس المذكور في
(أع 13: 1)، وأيضًا لوكيوس المذكور في (رو 6: 21).

 

الأصل:

كان
القديس لوقا من اصل غير يهودي وهو الوحيد بين كتاب العهد الجديد الذي لم يكن من
أصل يهودي بل كان من الأممين الوثنيين وقد انتقل إلي المسيحية مباشرة دون أن
يتهود.

V في رسالة بولس الرسول إلي أهل كولوسى: يسلم عليكم أرسترخس و مرقس
ابن أخت برنابا ويسوع المدعو يسطس (الذين هم من الختان) (كو11،10: 4). ولم يذكر
القديس لوقا من بينهم بل ذكره منفصلاً في (كو14: 4). أي أن المجموعة الأولى هم من
الختان أي يهود أما الباقون ومنهم لوقا فمن الأمم.

 

موطنه:

يقول
يوسابيوس القيصري المؤرخ الكنسي أن لوقا من أنطاكية سوريا للأسباب الآتية:

1-
سفر الأعمال (الذي كتبه القديس لوقا). يهتم بأنطاكية كمدينة قبلت الإيمان بالمسيح
وقد كانت نقطة بداية كل رحلات بولس الرسول.

2-
في أنطاكية دعي التلاميذ أولاً مسيحيين (أع26: 11).

3-
يذكر إنجيل لوقا من بين الخدام السبعة الذين اختارهم الرسل: نيقولاس دخيل أنطاكية
دليل على أنه يعرف سكان أنطاكية.

 اهتدائه
إلي المسيحية:

1-
قيل أنه أهتدي للمسيحية على يد أحدث التلاميذ الذين نزحوا من أورشليم وقصدوا
أنطاكية في وقت مبكر سنة36عقب التشتت الذي حدث بعد قتل استطفانوس.

2-
قيل أنه أمن على يد القديس بولس كما يقول ترتليانوس.

3-
قيل أنه يسمع بأنباء ظهور السيد المسيح في فلسطين وأنه يشفي جميع الأمراض بغير
عقار أو دواء فظن في مبدأ الأمر أن ذلك خدع فقصد إلي حيث المسيح ليتحقق الخبر
بنفسه فرأي المسيح وآمن به وتتلمذ عليه وصار واحداً من السبعين وهناك رأي يشكك في
كونه من السبعين رسولاً حيث يكتب في أول إنجيله (إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف
(تدوين أو تجميع). قصة في الأمور المتيقنة عندنا (الأحداث التي أجرت بيننا). كما
سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً.

ولكن
مما يؤمن كون القديس لوقا من السبعين رسولا:

1-
أنه الإنجيلي الوحيد الذي أورد خبر تعيين يسوع للسبعين رسولاً. (لو10).

2-
أيد هذا الرأي أوريجينوس – القديس إبيفانوس (351-402). في كتابة الرد على الهرطقات
القديس إيرونيموس (جيروم). (432-430). القديس إغريغوريوس الكبير (590-604م).

3-
كما شهد بذلك السنكسار كذلك يذكر أيضاً السنكسار في اليوم الأول من شهر هاتور
تذكار مكالمة الرب لتلميذي عمواس (كليوباس ورفيقة). وهما من الاثنين وسبعين
رسولاً. كما أن القديس لوقا انفرد بذكر حادثة تلميذي عمواس بالتفصيل (لو13:
24-35).

كرازته
و استشهاده:

ألتقي
مار لوقا بالقديس بولس الرسول أثناء رحلته التبشيرية الثانية في مدينة ترواس عقب
الرؤيا التي رأي فيها بولس رجلاً مقدونيا يقول (أعير إلي مكدونيا وأعنا (أع9: 16).
ثم صحبة في رحلته التبشيرية من ترواس إلي ساموتراكي ينابولس ثم إلي فيلبي بمقاطعة
مكدونيا في (أع6: 16-8).

يتكلم
لوقا كاتب سفر الأعمال بصيغة الغائب الجمع{ اجتازوا، أتوا، يذهبوا}. وفي (أع10:
16). يتكلم لوقا بصيغة المتكلم الجمع (فأقلعنا من ترواس) وبقي القديس لوقا في
فيلبي يعلم ويبشر 7سنوات وأكمل القديس بولس رحلته الثانية – في رحلته التبشيرية
الثالثة أثناء عودته مر بفيلبى ورافق القديس لوقا حتى أورشليم – رافق أيضاً القديس
بولس سنتين أثناء أسر بولس الرسول في قيصرية ثم رافقه أيضاً القديس بولس في رحلته
الأخيرة إلي روما وبقي بالقرب منه طوال مدة السنتين ويظهر ذلك في رسائل الأسر التي
أرسلها بولس الرسول حيث يرسل سلام لوقا الطبيب – ويظهر أنه كان مع القديس بولس
أيضاً في أسره الثاني في روما إلي أن كتب أخر رسائل حيث يكتب فيها (لوقا وحده
معي"2تي11: 4). كرازته بعد استشهاد بولس في رومية في عهد الإمبراطور نيرون ظل
القديس لوقا يبشر في نواحي رومية ويقول بعض الآباء أنه بشر في دلماتيه (شمال غرب
مكدونية). و مكدونية و أخانية فأبلغوا أمره إلي نيرون إمبراطور الرومان ووصفوه
بأنه ساحر فاستدعاه نيرون ولكنه قبل أن يسلم إلي إمبراطور سلم ما عنده من كتب إلي
رجل صياد ولما مثل أمام الإمبراطور إتهمة بالسحر فقال له القديس لوقا إني لست
بساحر لكني رسول سيدي يسوع المسيح ابن الله الحي فأمر الإمبراطور بقطع ساعده
الأيمن الذي ظن أنه يكتب السحر ولكن القديس لوقا بقوة المسيح تناول يده وألصقها في
مكانها فالتصقت ثم فصلها فانفصلت فتعجب الحاضرون وآمن الوزير وزوجته وعدد كبير من
الحاضرين فقطعوا رؤوسهم أما القديس لوقا فألقوا بجسده بعد وضعة في كيس في البحر
فوجده أحد المؤمنين – وكان بتولاً واستشهد في عمر 84سنة وعيد استشهاده 22بابة.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ح حزن ن

ويذكر
القديس جيروم أن ذخائر مع ذخائر إندراوس الرسول كانت في احدي مدن أخانية ثم نقلت
إلي كنيسة الرسول في القسطنطينية.

 

مهنته
ومواهبه:

1-
القديس لوقا الطبيب: كان تلميذاً لأكبر علماء الطب في زمانه وذلك قبل تلمذته
للمسيح – ومن المعروف أنه لم يسمح لأحد أن يمارس مهنة الطب في عهد الرومان قبل أن
يجتاز امتحانات على جانب كبير من الصعوبة. ذكر عنه بولس الرسول. (لوقا الطبيب
الحبيب"كو14: 4"). كما أننا نري أنه لابد أن يكون القديس لوقا وراء
النصائح الطبيعية التي أوردها بولس في رسائله ومنها قوله إلي تلميذه تيموثاوس (لا
تكن في ما بعد شراب ماء بل استعمل خمرا قليلا من اجل معدتك و أسقامك
الكثيرة"1تي: 23: 5). وقوله (لان الرياضة الجسدية نافعة لقليل و لكن التقوى
نافعة لكل شيء إذ لها موعد الحياة الحاضرة و العتيدة. (بعض النفع"1تي8: 4).
أثر ذلك في أسلوب لوقا الطبيب وعباراته ولكماته التي ترد في المواضع المقابلة في
الأناجيل الأخرى:

1-
فانتهره يسوع قائلا اخرس و اخرج منه فصرعه الشيطان في الوسط و خرج منه و لم يضره
شيئا (لو35: 4).

2-
و لما قام من المجمع دخل بيت سمعان و كانت حماة سمعان قد أخذتها حمى شديدة فسألوه
من اجلها. (لو38: 4).

3-
كلمة المفلوج (لو24،18: 5).

4-
في مثل السامرى الصالح (لو30: 10-35). بين حي وميت – جراحاته – ضمد – صب زيتاً
وخمراً.

5-
في مثل الغني ولعازر (لو20: 16-25). مضروب بالقروح – معذب – يبرد لساني.

6-
الجدع. (لو13: 14). (مقطوع الأنف أو الأذن أو اليد أو الشفة أو أحد الأعضاء).

7-
يغشي. (عليهم من الخوف). (لو26: 21).

8-
المرأة النازفة الدم. (لو43: 8-49). منذ اثنتي عشر سنة – لم تقدر أن تشفي من أحد.

9-
الشاب الذي كان به روح ويصرعه. (لو38: 9-43). فيصرخ بغتة فتصرعه مزيداً وبالجهد
يفارقه.

10-
المرأة المنحنية. (لو11: 13-17). وبها روح ضعف ثماني عشرة سنة وكانت منحنية ولم
تقدر أن تنتصب البتة.

+
يتحدث القديس لوقا عن الأطباء بكل احترام إذاً قورن بحديث القديس مرقس. . مثلا

 (وامرأة
بنزف دم منذ اثنتي عشرة سنة و قد أنفقت كل معيشتها للأطباء و لم تقدر أن تشفى من
احد. (لو43: 8). بينما في. (مر25: 5-26) وإمرأة بنزف دم منذ اثنتي عشرة سنه وقد
تألمت كثيرا من أطباء كثيرين وأنفقت كل ما عندها و لم تنتفع شيئا بل صارت إلى حال
أردأ).

2-
القديس لوقا الفنان: ذكر تأودروس القارئ في كتابة تاريخ الكنيسة: إن أفدوكيا
الملكة أرسلت من أورشليم حوالي 400 إلي بولخيريا في القسطنطينية صورة للقديسة
العذراء مريم من عمل القديس لوقا – ويؤكد توما الأكوينى أن القديس لوقا رسم صورة
المسيح الموجودة في روما.

كما
ذكر الأنبا ايسيذوروس في كتابة حل مشكلات الكتاب أن القديس لوقا رسم صورة السيدة
العذراء ويحتضنها الطفل ويقال أنه توجد ثلاث صور منها{واحده في القدس – الأخرى في
روميه – الثالثة في مصر}.

3-
القديس لوقا مؤرخا دقيق: توخي الدقة التامة في كل ما كتب – أخذ مصادرة ممن وصفهم
بأنهم رأوا بأعينهم وكانوا خداماً للكلمة ولا شك أنه يشير هنا إلي العذراء مريم
أولاً وبالذات يقول (إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا
كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين و خداما للكلمة رأيت أنا أيضا إذ
قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثأوفيلس
لتعرف صحة الكلام الذي علمت به (لو1: 1-4).

 

وتتضح
دقة القديس لوقا الإنجيلي في تاريخه للأحداث وتحديد زمان من ذلك:

1-
كان في أيام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة أبيا و امرأته من بنات
هرون و اسمها اليصابات. (لو1: 1-4).

2-
و في تلك الأيام صدر أمر من أوغسطس قيصر بان يكتتب كل المسكونة وهذا الاكتتاب
الأول جرى إذ كان كيرينيوس والي سورية. (لو2،1: 2).

3-
و في السنة الخامسة عشر من سلطنة طيباريوس قيصر إذ كان بيلاطس البنطي واليا على
اليهودية و هيرودس رئيس ربع على الجليل و فيلبس أخوه رئيس ربع على ايطورية و كورة
تراخونيتس و ليسانيوس رئيس ربع على الابلية في أيام رئيس الكهنة حنان و قيافا كانت
كلمة الله على يوحنا بن زكريا في البرية. (لو2،1: 3).

 

ثانياً:
زمان ومكان كتابة إنجيل القديس لوقا:

زمان
كتابة الإنجيل: -كتب القديس لوقا إنجيله بين سنتي 63،58.

مكان
كتابة: غير معروف والآراء تختلف بين قيصرية وأخاينه باليونان و الأسكندرية وأفسس
وروما والأرجح في روما.

 

ثالثاً:
قانونية إنجيل القديس لوقا وصحة نسبه إلي كاتبه:

المصادر
التي استقي منها القديس لوقا معلوماته: في مقدمة الإنجيل (1: 1-4). انه استقي
بإرشاد الروح القدس ما سطرته يده من شهود عيان ولأنه قضي وقتاً طويلاً في فلسطين
أثناء سجن بولس. أعتقد الكثيرون أنه استقي كثيراً مما كتبه وبخاصة ولادة يسوع
وزيارته للهيكل في سن الثانية عشرة من العذراء مريم نفسها.

ويعتقد
البعض أنه ربما كان من بين (الكثيرين الذين أخذوا بتدوين قصة السيد المسيح). هم
كاتبا بشارتي مرقس ومتى ومع ذلك يوجد حوالي 200آية لا تظهر منها شيء في إنجيل مرقس
والأبحاث الحديثة أظهرت أن القديس لوقا لم يعتمد إلا قليلاً على إنجيل متى – وماده
إنجيل القديس لوقا تبدو ضعف ما حواه متى و مرقس.

الأدلة
الخارجية على أن كاتب الإنجيل هو القديس لوقا: ولو أن كاتب الإنجيل لم يذكر اسمه
ولكن الكنيسة بتقليدها الراسخ تؤكد ذلك وأول من نقل هذا التقليد إيرينيؤس (202).
وذكر ذلك في مخطوطة الموراتوري استخدم الشهيد يوستين. (150-165). في دفاعه تعبيرات
من إنجيل لوقا.

يوجد
شهادة وثيقة يرجع تاريخها إلي 170 سنة وهي عبارة عن مقدمة لإنجيل لوقا تهدف إلي
تفنيد ادعاءات ماركيون المبتدع وتشهد هذه الوثيقة بأن لوقا هو كاتب الإنجيل الثالث
هذا بالإضافة إلي شهادة أوريجينوس. (158-253). يوسابيوس. (263-339). ترتليانوس.
(160-220). إكليمنضس الأسكندرى و إيرونيموس. (جيروم337-419).

V ملحوظة: ذكر بولس الرسول كلمة إنجيلي (رو25،16: 2). وفي. (2تي8:
2). فأعتقد البعض أن بولس الرسول أملي هذا الإنجيل المنسوب إلي لوقا لوجود بعض
التشابه بين إنجيل لوقا وروح وأفكار الرسول بولس ويتشابه مع تعاليمه ولكن هذا
الكلام غير صحيح للأسباب الآتية:

1-
يشير بولس الرسول بعبارة إنجيلي إلي تعاليمه عن الرب.

2-
لم يكن إنجيل لوقا قد كتب قبل كلمات بولس الرسول هذه.

3-
القديس لوقا كتب إنجيله بإرشاد الروح القدس شأنه باقي الإنجيلين ولم يمل القديس
بولس عليه شيء.

V الأدلة الداخلية: منذ القرن الثاني الميلادي كان معروفاً أن كاتب
الإنجيل الثالث هو بعينه كاتب سفر الأعمال بدليل:

1-
التشابه في الأسلوب واللغة والأفكار.

2-
يوجهان إلي شخص واحد بعينه هو العزيز ثيؤفيلوس.

3-
في مقدمة سفر الأعمال يتحدث الكاتب عن الإنجيل الثالث فيدعوه بالكلام الأول (أع1:
1). لأن الكلام الثاني للكاتب هو سفر الأعمال ولابد أن يكون الكاتب لسفر الأعمال
هو أحد الذين تبعوا بولس الرسول ورافقوه في رحلاته ذلك لأن الكاتب في بعض المواضع
يتحدث بضمير المتكلم الجمع ولم يكن بولس الرسول في تلك المواضع من الذين تبعوه
ورافقوه إلا القديس لوقا. (أي انه لم يكن معه في هذه المواضع مثل برنابا أو مرقس
أو سوستانيس أو سلوانس). مما يدل على أنه لا يمكن إسناد كتابه سفر الأعمال إلي
واحد منهم فإذ كان القديس لوقا هو كاتب سفر الأعمال فهو الكاتب إذا للإنجيل
الثالث.

رابعاً:
لمن كتب القديس لوقا إنجيله:

 كتب
القديس لوقا إنجيله إلي المسيحيين من الأمم. (غير اليهود). وبالأخص إلي اليونانيين
ولكن من هو يثؤفيلس؟ الذي يذكره القديس لوقا في مقدمة إنجيله ويوجه إليه الإنجيل؟

Œ
ثيؤفيلوس: رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت. (فحصت). كل شيء من الأول. (من أصوله).
بتدقيق أن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز. (صاحب العزة). ثاوفيلس لتعرف صحة
الكلام. (اليقين). الذي عُلمت به. (تلقيته). (لو4،3: 1). وهو نفس الشخص أيضاً الذي
كتب إليه سفر الأعمال

1-
اسم يوناني معناه محبوب من الله أو حبيب الله. كان من الشرفاء وتلقي التعليم عن
الإيمان الجديد بعد أن آمن لوقا وذلك في أنطاكية وهو أنطاكي الجنسية.

2-
هناك رأي بأنه من الأمم الذين اعتنقوا المسيحية وقيل أنه كان من بلاد مصر وكان
شريفاً ويدل على ذلك لقب عزيز. (3: 1). وهو لقب شريف كان يخاطب به في ذلك الوقت
أصحاب الرتب السامية. (أع25: 26،2: 24،26: 23).

3-
ربما أن ثيؤفيلس كان ذا مركز اجتماعي ملحوظ بل ومحتمل انه كان في خدمة الدولة كما
يظهر من لقب عزيز وقيل أنه كان من أنطاكيا لكن الأرجح أنه كان اسكندرنياً والثابت
أنه كان متنصراً أو موعوظاً يستعد للعماد وذلك من قول القديس لوقا له (لتعرف صحة
الكلام الذي وعظت به). ولكن لا يعني هذا أن الإنجيل كتب فقط لفائدة ثيؤفيلوس بل
أنه يمثل جميع الأمميين الذين لهم قد وجه القديس لوقا دعوة الخلاص.

إذاً
لوقا البشير مع أنه عنوان إنجيله باسم هذا الشخص ولكن أنه قد قصد إفادة الكنائس
عموماً وأنه يفكر بنوع خصوصي في احتياجات المسيحيين من الأمم


كتب القديس لوقا إنجيله إلي المنتصرين الأمميين. (غير اليهود). وبالأخص إلي
اليونانيين أصحاب الفكر الهلينى. (اليوناني). المثقفين أصحاب الفلسفات والأدب
والفكر والحكمة لأن لوقا البشير مثقف ثقافة يونانية.

V الأدلة الخارجية: شهادة أوريجينوس وذكر أن الهدف من كتابة هذا
الإنجيل ليس فقط شخص ثيؤفيلس بل من المنتصرين من الأمم. وذكرها يوسابيوس القيصري.

V الأدلة الداخلية: اهتم القديس لوفا بإبداء أقوال السيد المسيح
والمواقف التي يتضح فيها أنه جاء لخلاص جميع الناس من كل الأمم ولا يحصر الخلاص
على اليهود وحدهم:

1-
سيبصر كل بشر خلاص الله. (6: 3).

2-
و بالحق أقول لكم أن أرامل كثيرة كن في إسرائيل في أيام إيليا حين أغلقت السماء
مدة ثلاث سنين و ستة اشهر لما كان جوع عظيم في الأرض كلها و لم يرسل إيليا إلى
واحدة منها إلا إلى امرأة أرملة إلى صرفة صيدا و برص كثيرون كانوا في إسرائيل في
زمان اليشع النبي و لم يطهر واحد منهم إلا نعمان السرياني (لو 4: 25- 27)

3-
فأجاب يوحنا و قال يا معلم رأينا واحدا يخرج الشياطين باسمك فمنعناه لأنه ليس يتبع
معنا فقال له يسوع لا تمنعوه لان من ليس علينا فهو معنا (لو 9: 49)

4-
و أرسل أمام وجهه رسلا فذهبوا و دخلوا قرية للسامريين حتى يعدوا له فلم يقبلوه لان
وجهه كان متجها نحو أورشليم فلما رأى ذلك تلميذاه يعقوب و يوحنا قالا يا رب أتريد
أن نقول أن تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل إيليا أيضا فالتفت و انتهرهما و
قال لستما تعلمان من أي روح انتم لان ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل
ليخلص فمضوا إلى قرية أخرى. (لو52: 9-56).

5-
في مثل السامري الصالح أن قريب الإنسان هو من يصنع به خيراً بغض النظر عن جنسه أو
لونه. (29: 10-37).

6-
في مثل العشاء العظيم حيث عمم رب البيت الدعوة إلي جميع الناس ليحضروا عرس ابنه
(رب البيت هو الله الذي يطلب خلاص الكل"15: 14-24).

7-
في معجزة شفاء العشرة البرص مدح الرب يسوع الأبرص الذي شفاه لأنه رجع وقدم المجد
لله وكان سامرياً ولم يمدح التسعة الآخرين من اليهود مما يبرهن على أن الله فتح
باب الخلاص لجميع الناس من كل الأمم (15: 17-19).

8-
في كتابة القديس لوقا لنسب المسيح لم يرفعه إلي إبراهيم كما فعل القديس متى في
إنجيله وإنما إلي أدم أبي الجنس البشري كله وإلي اله. (23: 3).

9-
في قصة لقاء السيد المسيح مع زكا يقول السيد المسيح (لأن ابن الإنسان قد جاء ليطلب
ويخلص ما قد هلك. (10: 19).

10-
في احدي ظهورات السيد المسيح لتلاميذه بعد القيامة يقول لهم (ينبغي أن يكرز باسمه
بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم. (47: 24).

11-
هو الوحيد الذي ذكر إرسالية السبعين رسولاً الذين يمثلون الخدمة بين الأمم الوثنية
مقابل الإثني عشر الذين يمثلون فقط أسباط إسرائيل. (11: 10).

ثانيا:
تجنب القديس لوقا في إنجيله كل ما يؤذي مشاعر الأمم غير اليهودية:

1-
يقول القديس لوقا (فإن الخطاه أيضاً يفعلون هكذا. (3: 6). بينما القديس متى يقول
في نفس هذا الموقف (أليس الأمميون أيضاً يفعلون هكذا" (مت45: 5).

2-
يقول القديس لوقا. (وتكونون مبغضين من الجميع لأسمي" (17: 21). ويقول القديس
متى في نفس الموقف. (وتكونون مبغضين من جميع الأمم لأجل إسمي. (9: 24).

3-
يذكر القديس متى في إنجيله. (هؤلاء الإثني عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً إلي
طريق أمم لا تمضوا. (مت5: 20). نجد أن القديس لوقا لا يذكر هذه العبارة.

4-
في قصة المرأة الكنعانية. (الفينيقية). قال القديس متى في إنجيله العبارات التي
قالها السيد المسيح (لم أرسل إلا إلي خراف بيت إسرائيل الضالة). (ليس حسن أن يؤخذ
خبز البنيين ويطرح للكلاب. ولكن القديس لوقا لم يذكرها).

ثالثاً:
يذكر القديس لوقا الحوادث التي فيها تمجيد الأمم.

1-
قصة عبد قائد المئه الذي بني مجمعاً يهودياً. (5: 7).

2-
الجند الذين تحدثوا إلي يوحنا المعمدان قائلين وماذا نفعل نحن أيضا لا تظلموا أحد
ولا تشوا بأحد. (14: 3).

 

خامساً:
الغرض (الهدف) من كتابة القديس لوقا إنجيله:

(1)
التدوين بتدقيق: إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف (تدوين) قصة في الأمور المتيقنة
عندنا كما بتدقيق أن أكتب. (لو1: 1-3).

(2)
لتثبيت الإيمان: (خاصة للأمميين).

 حيث
كتب لثيؤفيلس. (والأمم جميعاً). لكي يثبتهم في الإيمان أكتب إليك أيها العزيز
ثيؤفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمت به. (تلقيته). (3: 1-4). كما أنه أراد أن يظهر
ارتباط الخلاص بالإيمان فذكر على فم الرب هذه المقولة أربع مرات"إن إيمانك قد
خلصك "للمرأه الخاطئة. (50: 7). ولنازفة الدم. (48: 8). وللأبرص. (19: 17).
وللأعمى. (42: 18).

(3)
المسيح مخلص العالم من الخطايا والأمراض ومتاعب الحياة: ويعُلم ذلك خاصة للأمميين
وقد سبق ذكرها في الأدلة الداخلية لأن القديس لوقا كتب إنجيله للمنتصرين من
الأمميين، ونضيف أن القديس لوقا اهتم بتعاليم السيد المسيح الإجتماعية التي تشير
إلي الإهتمام بالبشرية فهو وحده الذي أشار إلي قول السيد المسيح. (إذا صنعت غذاء
أو عشاء فلا تدع أصدقاءك ولا أخوتك ولا أقرباءك ولا الجيران الأغنياء لئلا يدعوك
هم أيضاً فيكون لك مكافأة بل إذا صنعت ضيافة فأدع المساكين الجدع والعرج والعمى
فيكون لك الطوبي إذ ليس لهم حتى يكافئك لأنك تكافئ في قيامة الأبرار. (12: 34-14).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ز زبولون ن

 

سادساً:
مميزات وسمات إنجيل القديس لوقا.

أولاً:
المادة: 24 إصحاحاً لكن عدد الآيات 1150 أكثر من آيات إنجيل متى. (28 إصحاحاً).
الأحداث مرتبه زمنياً ويربط القديس لوقا بالتاريخ. محتويات الإنجيل كثيراً جداً
وحوالي نصفها لم يرد في الأناجيل الأخرى ومادة إنجيل القديس لوقا تبدو ضعف ما حواه
متى و مرقس كما سبق ذكره في قانونية إنجيل لوقا لذا فيسمي:

 1)
إنجيل الشمول: الإنجيل الذي يقدم لنا سيرة المسيح كاملة من البشارة بالميلاد إلي
الصعود، فنجد انه انفرد:

أ-
الأحداث: بذكر أحداث الميلاد وطفولة السيد المسيح. (ص2،1). بشارة الملاك جبرائيل
للعذراء بحملها الرب يسوع بالروح القدس الذي حل فيها. زيارة العذراء مريم
لإليصابات زوجة زكريا الكاهن الذي كان قد بشرها الملاك جبرائيل نفسه بميلاد يوحنا
المعمدان، تسبحة العذراء مريم وولادة يوحنا. تسبحة زكريا أبيه. ولادة يسوع المسيح
وظروف ولادته وزمانها ومكانها تقديم العذراء ذبائح بسيطة في الهيكل لابنها. لقاء
السيد المسيح وهو صغير، وعن طاعته لأمه وحواره مع علماء الشريعة في الهيكل وهو ابن
اثنتي عشر سنة. كما انفرد بالأحداث.

ب-
عظة يسوع في المجمع في الناصرة وما جاء فيها من الإشارة إليه في سفر أشعياء. (ص4).

ج-
يسوع يغفر للمرأة الخاطئة. (ص7).

د-
إرسال السبعين. (ص10).

ه
قصة مريم ومرثا. (ص10).

و-
زيارة زكا في بيته. (ص19).

ز-
الحديث عن حساب النفقة والتكأ الأول. (ص14).

ح-
الأسبوع الأخير. (أسبوع الآلام). ذكره القديس لوقا بتفاصيل أكثر من غيره:

1-
الشيطان جاء يغربلكم. (22).

2-
العرق الذي تصبب من المخلص. (22).

3-
ظهور ملاك من السماء كان يقويه.

4-
إرساله إلي هيرودس واحتكار هيرودس له ورده مره أخري إلي بيلاطس وكيف أصبحا صديقين.
(23).

5-
يا بنات أورشليم لا تبكين على. (23).

6-
صلاة يسوع على الصليب وطلب الغفران لصالبيه. (23).

7-
تجديف اللص المصلوب على السيد المسيح والمصلوب الأخر طلب من المسيح أن يذكره فقال
له السيد المسيح اليوم تكون معي في الفردوس. (23).

ط-
تلميذي عمواس. (ص24).

ى-
تفاصيل عن صعود الرب يسوع إلي السماء. سجدوا له ورجعوا إلي أورشليم. (24).

ك-
يشير إلي موعد إرسال الروح القدس وانطلاقهم إلي أورشليم بعد الصعود. (24).

2)
الأمثال: ذكر القديس لوقا28 مثلاً ولكنه انفرد ب16 مثل: مثل المديونين. (ص7). مثل
السامري الصالح. (10). مثل صديق نصف الليل اللحوح. (ص12). مثل رجوع السيد لعبيده
فجأة. (ص12). مثل شجرة التين غير المثمرة. (ص13). مثل المتكأ الأخير. (ص14). مثل
العشاء العظيم. (ص14). مثل حساب النفقة. (ص14). مثل الدرهم المفقود. (ص15). مثل
الابن الضال. (ص15). مثل وكيل الظلم. (ص16). مثل الغني ولعازر. (ص16). مثل العبد
الذي يعمل ما أمر به. (ص17). مثل القاضي الظالم. (ص18). مثل الفريسى والعشار.
(ص18).

3)
المعجزات: ذكر القديس لوقا 24 كعجزة إنفرد بسبعة معجزات: الهرب من الجموع. (ص4).
صيد السمك الكثير. (ص5). إقامة ابن أرملة نايين من الموت. (ص7). شفاء المرأة
المنحنية الظهر. (ص13). الرجل المصاب بداء الاستسقاء. (ص14). شفاء العشرة رجال
البرص. (ص17). إبراء أذن عبد رئيس الكهنة المقطوعة. (ص22).

ثانياً:
التدقيق التاريخي وربط الأحداث بالتاريخ المعاصر: وذلك في الأتي:

1-
"كان في أيام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة أبيا وكان زوجته
من بنات هارون اسمها إليصابات" (5: 1). ويكهن في نوبة مؤقتة.

2-
"وفي تلك الأيام صدر مرسوم من أوغسطس قيصر بإجراء لتسجيل لسكان العالم كله وكان
هذا هو التسجيل الأول الذي جري حين كان كيرينيوس وإلي سوريا. (ص2).

3-
"وفي السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر إذا كان بيلاطس البنطي
والياً على اليهودية و هيرودس رئيس ربع على الجليل وفيلبس أخوة رئيس ربع على
ايطورية وكورة تراخونيتس وليسانيوس رئيس ربع على الابلية في أيام رئيس الكهنة
حنانيا وقيافا كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا في البرية. (ص3).

 

ثالثاً:
الأسلوب واللغة:

1.     الأسلوب:
تصويري بديع يجعلنا نري الأشياء تماماً كما يراها الناظرون رؤية العين فضلاً عن
ذلك فإن إنجيله يتضمن312 كلمة خاصة والكثير من هذه الكلمات يذكر للمرة الأولى
وهناك أيضاً كتب خمس كلمات لاتينية: دينار. (ص7). فلسين. (ص12). لجئون. (ص8).
مكيال. (ص11). منديل. (ص19).

2.
اللغة: كتب القديس لوقا الإنجيل باللغة اليونانية الفصحى وهي أكثر أصالة حتى أن
علماء اللغات ذكر وأنها أجمل لغة وآية في البلاغة ويظهر ذلك في ترجمة تسابيح مريم
و زكريا الكاهن و سمعان الشيخ والملائكة في ليلة عيد الميلاد وغيرها وذلك إلي لغة
يونانية جميلة وسليمة مع احتفاظها بروحها العبرانية ولهجتها الآرامية الأمر الذي
أدهش الناقدين.

سابعاً:
الموضوعات الرئيسية في إنجيل القديس لوقا.

1)
الروح القدس: ركز القديس لوقا على الروح القدس. وأعتبر إنجيله مقدمه لسفر أعمال
الرسل الذي هو سفر أعمال الروح القدس.

1-
في ميلاد يوحنا المعمدان يذكر: (من بطن أمه يمتلئ من الروح القدس" (15: 1).

2-
للسيد المسيح يذكر" (الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك" (35: 1).

3-
يذكر امتلاك أليصابات من الروح القدس. (14: 1).

4-
امتلاء زكريا من الروح القدس لينطق بنبوته. (67: 1).

5-
يذكر الروح القدس ثلاث مرات بخصوص سمعان الشيخ. (27،26،25: 2).

6-
يذكر الروح القدس في حياة السيد المسيح:

أ)
في العماد. (21: 3).

ب)
على جبل التجربة. (رجع من الأردن ممتلئاً من الروح القدس وكان يقتاد بالروح في
البرية. (10: 4).

ج)
ثم في بدء الخدمة"رجع يسوع بقوة الروح القدس إلي الجليل. (4: 4).

د)
انفرد القديس لوقا بذكر أهم طلب يليق أن نطلبه من الأب هو الروح القدس. (فكم
بالحرى الأب الذي من السماء يعطي الروح القدس للذين يسألونه" (13: 12).

8-
أشار إلي حلول الروح القدس"موعد الأب".

9-
في نهاية إنجيله ذكر عن انتظار الروح القدس (حتى تلبسوا قوة من الأعالي. (49: 24).

2)
الصلاة و التسبحة: تبرز الصلاة الصفة الناسوتية لأنها الصلة بين الإنسان وخالقه
أما بالنسبة للسيد المسيح فهذه الصلاة أما أن تكون:

أ)
صلاة مناجاة اقنومية: بين أقنوم الابن وأقنوم الأب داخل الوحدة الثالوثية على غرار
المناجاة التي تدور في داخل الإنسان بينه وبين نفسه.

ب)
صلاة طلب: مثل صلاته في بستان جثيماني حيث كان يصليها كآدم الثاني نائباً عن
البشرية يشفع فيها ويفديها.

وقد
ذكر القديس لوقا الكثير من المرات التي صلي فيها السيد المسيح:

1.
عند قبول العماد من يوحنا. (وإذا كان يصلي انفتحت السماء. (22: 3).

2.
قوله: (أما هو مكان يعتزل في البراري ويصلي. (37: 21،42: 4،16: 5).

3.
قبيل دعوته لتلاميذه الإثني عشر إذ يقول: (وفي تلك الأيام خرج إلي الجبل ليصلي
وقضي الليل كله في الصلاة مع الله" (12: 6).

4.
قبل أن يسأل تلاميذه عن اعتقادهم فيه. من يكون هو؟ إذ قال وفيما هو يصلي على
انفراد كان التلاميذ معه فسألهم قائلاً: من تقول الجموع أني أنا؟ (18: 9).

5.
عند التجلي على الجبل إذ يقول (وصعد إلي الجبل ليصلي وفيما هو يصلي صارت هيئة وجهه
متغيرة ولباسه مبيضاً لامعاً" (29،28: 9).

6.
عندما علم تلاميذه الصلاة الربانية إذ يقول (وإذ كان يصلي في موضع لما فرغ قال
واحد من تلاميذه يا رب علمنا أن نصلي كما علم يوحنا أيضاً تلاميذه فقال لهم متى
صليتم فقولوا: أبانا (2،1: 11).

7.
صلاته وهو على الصليب من أجل صالبيه قائلاً: (يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون
ماذا يفعلون. (24: 23).

8.
كما أن القديس لوقا هو الوحيد الذي ذكر أمثال الرب عن الصلاة: صديق نصف الليل. (5:
11). قاضي الظلم. (1: 18-8). قال لهم مثلاً في أنه ينبغي أن يصلي كل حين ولا يميل.
الفريسى والعشار. (9: 18-14).

التسبيح
هذا بالإضافة إلي أن إنجيل القديس لوقا أكثر سفر في العهد الجديد أثري الكنيسة
بالتسابيح الإنجيلية من أمثلة ذلك:

1-
تسبحة السيدة العذراء. (46: 1-55).

2-
تسبحة اليصابات. (42: 1).

3-
تسبحة الملائكة. (14: 2).

4-
تسبحة سمعان الشيخ. (29: 2-32).

5-
وبعض معظم المعجزات كان يصف فرح الجموع وتمجيدهم وتسبيحهم لله. (26: 5)، (16: 7)
(39: 8)، (43: 9)، (13: 13)، (17: 13)، (15: 17)، (34: 18)، (37: 19)، (53،52،24).

3)
تكريم المرأة: كان اليهود و الأمميين يعاملون المرأة بخشونة وأنها مخلوق أقل من
الرجل فرفع السيد المسيح قدر المرأة وأعطاها كرامتها فقد أورد إنجيل القديس لوقا
حوالي 20 امرأة سواء بالاسم أو بعمل معين قامت به.

فأعطي
صورة حية روحية واضحة لشخصية القديسة العذراء ولشخصية أليصابات في الإصحاحين الأول
والثاني من إنجيله كذلك انفرد بذكر حنة النبية. (وهي أرملة نحو أربع وثمانين سنة
لا تفارق الهيكل عابده بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً. (37: 2).

وكذلك
هو الوحيد الذي ذكر أرملة نايين (17،11: 7). والمرأة الخاطئة التي أحبت كثيراً.
(47: 7). والمرأة المنحنية التي شفيت. (11: 3-13). وزيارة الرب لمريم ومرثا حيث
الأولى اختارت النصيب الصالح الذي لا ينزع منها (42: 10).

وهو
الوحيد الذي ذكر إمرأة الزحمة التي رفعت صوتها بالتصويب بصاحب التطويبات ولامه.
(27: 11). وإن كان بقية الإنجيليين قد ذكروا النسوة اللواتي تبعن الرب من الجليل
إلا أنه الوحيد الذي ذكر إنهن (كن يخدمنه من أموالهن (3،2: 8). وأيضاً انفرد بذكر
المريمات اللواتي أتين إلي القبر وكن أول من بشر بالقيامة. وبعض النسوة اللاتي كان
قد أبرأهن من أرواح شريرة وأمراض مثل مريم المجدلية التي أخرج منها سبعة شياطين.
(2: 8). ويونا زوجة خوزى أمين خزانة هيرودس. (وكيل هيرودس). وسوسنه التي شفيت من
أرواح شريرة. (3: 8).

 

ثامناً:
محتويات إنجيل القديس لوقا.

1-
الاستعداد لميلاد السيد المسيح (80،5: 1).

2-
ميلاد السيد المسيح وطفولته. (1: 2-52).

3-
ظهور المسيح للخدمة. (1: 3 – 13: 4).

4-
خدمة المسيح في الجليل. (4: 14- 50: 9).

5-
خدمة المسيح من الجليل إلي أورشليم. (51: 9-37: 19).

6-
في أورشليم. (38: 19-38: 21).

7-
آلام السيد المسيح. (1: 22-49: 23).

8-
دفن السيد المسيح. (50: 23-56).

9-
قيامة السيد المسيح. (1: 24-49).

10-
صعود السيد المسيح. (50: 24-51).

11-
الرجوع إلي أورشليم. (52: 24-53).

 

تاسعاً:
المسيح في إنجيل القديس لوقا:

1)
المسيح ابن الإنسان: يهتم القديس لوقا بإبراز الصفة الناسوتية للمسيح ويصُور
القديس لوقا وإلي جانبه ثور رابض لأنه قدم المسيح في إنجيله ذبيحة وضحية ليخلص
الخطاه فهو الكاهن والذبيح وفي سلسلة الأنساب يأتي بالمسيح حتى يصل إلي أدم أب
البشرية وليس فقط إلي إبراهيم أب اليهود.

2)
مخلص البشرية: مع أن المسيح ابن الإنسان فهو ابن الله نخلص البشرية وتبعاً لهذا
فإن القديس لوقا يهتم بأن يسجل بشارة الملاك للرعاة بميلاد المخلص بقوله (ولد لكم
اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب. (لو11: 2). ويسجل ما قاله سمعان الشيخ
وهو الوحيد الذي سجل ذلك في إنجيله عندما حمل الطفل يسوع بين يديه (الآن تطلق عبدك
يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام جميع الشعوب نور
إعلان الأمم ومجداً لشعبك إسرائيل. (لو29: 2-31). وإنجيل القديس لوقا ينفرد بأن
كتب عن حنة بنت فنوئيل التي لازمت الهيكل أربعاً وثمانون سنة ويقول عنها. (وقفت
تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم. (لو38: 2).

ويذكر
لوقا بدء خدمة الرب في المجمع اليهودي بالناصرة وكيف قرأ الجزء من سفر أشعياء الذي
يقول فيه. (روح الرب علىّ لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسرى القلوب
لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمى بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية. (18: 4).

3)
صديق البشرية الذي صار مثلنا: ويشعر بآلامنا وشاركنا في كل شيء ما خلا الخطية
وحدها: يسجل القديس لوقا في إنجيله مشاركة السيد المسيح الإنسانية لأرملة نايين
التي أقام ابنها من الموت. (لو7). بكي على أورشليم. (19). معظم الأمثال تبدأ في
الغالب بكلمة إنسان حيث يظهر فيها اللمسة الإنسانية واضحة وهي:

مثل
السامري الصالح. (10). مثل الغني الغبي. (12). مثل العشاء العظيم. (14). مثل
الخروف الضال. (15). مثل الابن الضال. (15). مثل وكيل الظلم. (16). مثل الغني
ولعازر. (16). مثل الفريسى والعشار. (18). مثل الأمناء. (19). مثل الكرم و الكرامون.
(20).

4)
صورة الكمال والرحمة والحنو على الخطاه:

أمثال.
(الخروف الضال، الدرهم المفقود، الابن الضال. (15). ثم يسجل معجزات الشفاء
الكثيرة).

في
مثل العشاء العظيم الذي يقول فيه السيد لعبيده (اذهبوا إلي مفارق الطرق والزموهم
بالدخول حتى يمتلئ بيتي. (لو14). انفرد بذكر قصة المرأة الخاطئه. (ص7). قصة زكا.
(ص19).

الفرح
العظيم الذي يكون في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من 99 باراً لا يحتاجون إلي توبة
كما انفرد بكلمة (يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو23).

وهو
الوحيد الذي ذكر وعد الرب الجميل المفرح لقلب الخطاه حينما أعلن للص اليمين الذي
تاب إنك اليوم تكون معي في الفردوس. (ص23).

 

إنجيل
لوقا

نسبة
السفْر إليه

1.
جاءت شهادة الكنيسة في القرون الأولى واضحة أن الكاتب هو لوقا البشير، كاتب سفر
الأعمال ورفيق الرسول بولس، كما يظهر من كتابات الآباء يوستين الشهيد وإيريناؤس
وأوريجينوس وترتليان.

2.
بجانب هذه الأدلة الخارجية، السفر نفسه يحمل دلائل علي أن كاتبه هو معلمنا لوقا.
فمنها أن هذا السفر موجّه إلى "ثيؤفيلس" نفس الشخص الذي وُجّه إليه سفر
أعمال الرسل، بل وجاءت مقدمة سفر الأعمال تكمل خاتمة إنجيل لوقا، فالكاتب واحد.
والسفران متشابهان في اللغة والأسلوب والأفكار. هذا والتعبيرات الدقيقة التي
استخدمها في وصف الأمراض التي شفاها السيد المسيح تدل على أن الكاتب طبيب، فكطبيب
احترامًا منه لمهنة الطب لم يقل ما ذكره مرقس الرسول عن نازفة الدم: "قد
تألمت كثيرًا من أطباء كثيرين وأنفقت كل ما عندها، ولم تنتفع شيئًا، بل صارت إلى
حال أردأ" (مر 5: 26)، إنما اكتفى بالقول: "قد أنفقت كل معيشتها
للأطباء، ولم تقدر أن تُشفي من أحد" (لو 8: 43).

تاريخ
كتابته

لا
يوجد تقليد ثابت بخصوص تاريخ كتابته أو مكان كتابه، فالقديس إيريناؤس يرى أنه كُتب
قبل استشهاد القديس بولس، بينما القديس جيروم معتمدًا على المؤرخ يوسابيوس القيصري
يراه كتب بعد استشهاد الرسول بولس.

لما
كان هذا الإنجيل قد كُتب قبل سفر الأعمال، و كُتب الأعمال قبل استشهاد الرسول بولس
حتى أنه لم يشر إلى هذا الحدث، لهذا اعتقد كثير من الدرسين أنه كتب ما بين عام 63
و67م. كتبه غالبًا في روما، وإن كان قد رأى البعض أنه كُتب في أخائية أو في
الإسكندرية.

غايته

إن
كان معلمنا متى البشير كيهودي كتب لليهود ليعلن أن يسوع هو المسّيا الملك، الذي
طالما ترقّب الآباء والأنبياء مجيئه، ليكون لهم نصيب في ملكوته الروحي الأبدي، فإن
مار مرقس كتب للرومان ليُعلن أن يسوع هذا هو الخادم العامل، لا بروح السلطة
الزمنية والتشامخ والعنف، بل بروح البذل، فيخلص بأعمال محبته لا بجيوش وقوات
زمنية. أما معلمنا لوقا البشير فكأممى طبيب مثقف أراد أن يخدم أصحاب الفكر
الهيليني، فكتب لليونان عن السيد المسيح بكونه "صديق البشرية كلها"،
يقدم لها أعماله الإلهية الخلاصية، لتحقيق ما عجزت عنه الفلسفة اليونانية والحكمة
البشرية.

لهذا
يُدعى هذا الإنجيل: "إنجيل الصداقة الإلهية" أو "إنجيل المسيح
المخلص". كما دُعي بالإنجيل المسكوني بكونه يمثّل دعوة للبشرية كلها لتقبل
نداء صديقها السماوي، لتتجاوب مع عمله الخلاصي خلال الحب. هذه الغاية سنراها واضحة
خلال حديثنا عن سمات هذا السفر.

كتب
القديس لوقا هذا الإنجيل لصديقه العزيز ثاؤفيلس (1: 3). لقَب "العزيز"
وهو لقب شرف، لهذا جاء الرأي الغالب أنه أحد أشراف الإسكندرية، من أصل إنطاكي
كلوقا البشير نفسه، فكتب إليه كأممى مثله، لا لينتفع منه وحده، وإنما كما قال
العلامة أوريجينوس لينتفع به المنتصرون من الأمم بوجه عام.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر دانيال القس أنطونيوس فهمى ى

لقد
ظن البعض أن لوقا هذا كان عبدًا لسيده ثاؤفيلس الأممي، وإذ عالجه كطبيب وشُفي
كافأه بالعتق من العبودية، فبعث إليه الطبيب لوقا هذا الإنجيل علامة امتنانه
وشكره. وآخرون قالوا أن كلمة "ثاؤفيلس" وهي تعني "المحب لله"
إنما هو اسم استنكاري لأحد أشراف الإسكندرية لم يفصح عنه الإنجيلي حتى لا يتعرض
لمتاعب بسبب مسيحيته. على أي الأحوال، فإن هذا السفر موجه للأمم بوجه عام ليتمتعوا
بصديقهم السماوي كمخلص لنفوسهم.

سماته

1.
إذ قدّم لنا الإنجيلي السيد المسيح بكونه "المخلص صديق البشرية"، كثيرًا
ما حدثنا عن "ابن الإنسان" جاء إلينا يحمل إنسانيتنا لكي يهبنا شركة
الطبيعة الإلهية. فإن كانت الفلسفات اليونانية قدمت أفكارًا مجردة، لكنها لا
تستطيع أن تحتل القلب وتُغير الأعماق، أما ابن الإنسان فجاء صديقًا للإنسان حتى
يقبله في داخله، فيهبه خلال هذه الصداقة الفريدة إمكانيات فائقة تعمل في أعماقه
وتنعكس على تصرفاته. دعوته للسيد "ابن الإنسان" تحطّم شعورنا بغربتنا عن
الله، أو غربته عنّا إذ نزل إلينا ليرافقنا طريقنا.

2.
أهم سمة لهذا الإنجيل إنه إذ يقدم "المخلص الصديق" يقدمه للبشرية كلها،
فهو إنجيل مسكوني. هو دعوة للجميع وليس لليهود فقط. لهذا نلاحظ فيه الآتي:

أ.
إذ كان اليهود يتطلعون إلى أنفسهم أنهم أبرار وبقية الشعوب خطاة، يعلن الإنجيلي أن
السيد المسيح هو "صديق الخطاة"، فانفرد بقوله أن ابن الإنسان، قد جاء
يطلب ويخلص ما قد هلك (19: 10)، كما قدّم لنا مجموعة كبيرة من أقوال السيد وأمثاله
توضح صداقة يسوع المسيح وحنوّه على الخطاة، مثل المثل الخاص بطول الأناة على شجرة
التين العقيمة (13: 6-9)، مثل الخروف الضال، والدرهم المفقود، والابن الضال (15)؛
كما قدّم لنا قصة المرأة الخاطئة (7: 36-50)، وتوبة زكا العشار (19: 1-10)، والوعد
للّص التائب على الصليب (23: 40-43) الخ.

ب.
اقتبس العبارات والأحداث التي تفتح أبواب الرجاء للأمم، كقول إشعياء النبي:
"كل جسد يرى خلاص الرب"، ورسالة إيليا النبي إلى أرملة صرفة صيدا
الأممية (4: 25)، ورسالة إليشع إلى نعمان السرياني الوثني الأممي (4: 27).

ج.
ذكر إرسالية السبعين رسولاً، فإن كان الإثنا عشر تلميذًا يمثلون دعوة اليهود
(الإثني عشر سبطًا) فإن رقم 70 يشير إلى ملء الأمم.

ء.
في نسب السيد المسيح لم يبدأ بإبراهيم بل بآدم أب كل البشرية (3: 38).

3.
إذ هو سفر الصداقة الإلهية المتّجهة نحو الإنسان، فإن هذه الصداقة مقدّمة أيضًا
للأطفال والنساء، مقدسًا الطفولة، ورافعًا من شأن المرأة ودورها الإيجابي، كما
أعطى اهتمامًا خاصًا بالفقراء والمعوزين والمطرودين والمنفيين:

من
جهة الأطفال انفرد بذكر ميلاد يوحنا المعمدان وطفولته، وأيضًا بشارة العذراء
بميلاد الطفل يسوع في شيء من التفصيل، وابتهاج الجنين في أحشاء أليصابات عند دخول
القديسة مريم وسلامها على اليصابات، وختان الطفل يسوع، ودخوله الهيكل مع القديسة
مريم في يوم الأربعين، وذهابه الهيكل في الثانية عشر من عمره الخ.

من
جهة المرأة فقد لاحظ بعض الدارسين أن لوقا البشير إذ قدّم إنجيله المسكوني
(الجامعي) أعطى اهتمامًا خاصًا بالمرأة أكثر من بقية الإنجيليين. ففي العالم
الهيلينى يبدو أن مركز المرأة اجتماعيًا وقانونيًا أفضل منه عند اليهود في ذلك
الحين، لذلك أراد الإنجيلي إظهار أن الرسالة الإنجيلية لا تحدّها التقاليد
اليهودية. انفرد الإنجيلي بذكر حنّة الأرملة المتعبدة في الهيكل (2: 36)، كما سجّل
لنا خدمة مرثا وجلوس مريم أختها عند قدميّ المخلص تنعم بكلماته.

 اهتم
الإنجيلي بالفقراء والمعوزّين والمطرودين والمنفيين. فأُرسلت البشارة إلى فتاة
الناصرة الفقيرة، واهتمت الملائكة بالرعاة البسطاء، وحدّثنا السيد عن الغني ولعازر
المسكين، ووليمة العُرج والعُمي والعُسم، ومثل السامري لصالح، ومثل العشار، وقصة
الزانية في بيت سمعان الفريسي، ومثل الابن الضال، وقصة مريم المجدلية، وقبول اللص
التائب على الصليب الخ. يقول أحد الدارسين: [لقد ظهر اهتمامًا بالأقلّيات
والجماعات المعزولة والمنبوذة، مثل السامريين والبرص والعشارين والجنود، وعامة
الخطاة الذين في خزي، والرعاة الأممين والفقراء، وهؤلاء جميعًا يجدون تشجيعًا في
هذا الإنجيل ].

4.
يرى البعض مثل
Leon-Dufour أنه يمكن إطلاق تعبير "الإنجيل الاجتماعي" على إنجيل
معلمنا لوقا البشير في شيء من التحفظ، معلّلاً ذلك بأنه قد عرض الكثير عن الالتزام
بالعطاء للفقراء (3: 10؛ 14: 12-14)، معلنًا عقوبة من لا يساهم في احتياجاتهم (16:
25)، كما أبرز الالتزام بعدم الظلم أو الوشاية (3: 10-14).

يصعب
أن ندعو إنجيلاً بأنه اجتماعي وآخر أنه روحي، فإن الحياة الإيمانية وحدة واحدة لا
تتجزأ. إن قُدّم العمل الروحي فلا يتجاهل الجانب الاجتماعي، والعكس إن قُدّم عمل اجتماعي
فمن واقع روحي. فما أبرزه الإنجيل بخصوص الاهتمام بالفقراء والمعوزين والمتألمين
والمظلومين، إنما هو ثمر طبيعي لتذوقنا صداقة السيد المسيح لنا، بكونه الصديق
المهتم بالجميع خاصة المحتاجين روحيًّا أو ماديًّا أو اجتماعيًّا أو نفسيًّا.
فيليق بنا كأصدقاء للسيد المسيح أن نردّ حبه بالحب، ونحمل سماته فينا، فما يُقدمه
لنا يحملنا أن نقدّمه بصورة أو بأخرى لإخوتنا.

5.
كصديقٍ لنا ليس فقط يقدم لنا السيد المسيح الخلاص على الصليب، إنما خلال هذا الحب
الذي يدخل إلى حياتنا اليومية، نراه يشاركنا حتى في ولائمنا ويدخل بيوتنا. فنجده
يتناول العشاء في بيت سمعان الفريسي، ويقبل وليمة زكا العشار، ويستجيب لدعوة
تلميذي عمواس واستضافتهما له.

وكصديق
لنا لا يطلب العنف ولا يقبل التعصب، فنراه يوبِّخ يوحنا لأنه طلب نارًا تأكل أهل
السامرة (9: 54)، وزجر التلاميذ قائلاً: "من ليس علينا فهو معنا" (9:
50). إنه "إنجيل الرحمة" أي "إنجيل الغفران العظيم".

وكصديق
لنا يشتاق أن نقبل صداقته ونتجاوب مع حبه، لذا كثيرًا ما يثيرنا لقبول هذه الصداقة
بتقديم مقارنات مثل:

سمعان
الفريسي والمرأة الخاطئة، فقد قدّم الأول بيته ومائدته دون قلبه، أما المرأة
بالرغم من عطاياها الكثيرة لكنها عرفت بالحب أن تتمتع بالصداقة والغفران.

الفريسي
والعشار، الأول دخل الهيكل وله أعمال ناموسية يعتز بها، لكن في كبريائه لم يقدر أن
يصادق الرب، بينما استطاع العشّار وهو في آخر صف أن يدخل إلى قلب الصديق الأعظم
خلال التواضع.

السامري
الصالح واللاوي والكاهن، تمتع الأول بالدخول في هذه الصداقة والتجاوب معها خلال
اتساع قلبه للبشرية، بينما خسر رجلي الدين الصداقة خلال ضيق قلبيهما.

الابن
الضال والابن الأكبر، نال الأول البركة وتمتع بالصداقة خلال التوبة والرجوع، بينما
فقد الابن الأكبر علاقته بالأب بسبب كبريائه.

اللص
التائب واللص الهالك، اغتصب الأول الملكوت في اللحظات الأخيرة.

 

التطويبات
والويلات.

6.
إن كان الفكر اليوناني قد ساد العالم في ذلك الحين، لكنه لم يقدّم للبشرية شعبًا
صادقًا، وفرحًا حقيقيًا، وعاش الإنسان يطلب كل يوم فلسفة جديدة أو فكرًا لم يُسمع
عنه من قبل. لذلك كتب الإنجيلي لوقا هذا السفر ليعلن أن المسيح صديق البشرية، هو
واهب الفرح الداخلي والتسبيح. فقد ضمّ الكثير من التسابيح التي تعتز بها الكنيسة
وتستخدمها في عبادتها وليتورجياتها، مثل تسبحة الميلاد الملائكية (2: 14)، وتسبحة
زكريا (1: 68-79)، وتسبحة القديسة مريم (1: 46-55)، وتسبحة سمعان الشيخ (2:
29-32).

مجيء
الصديق المخلص خلق جوًا من الفرح. فقد افتتح السفر بحديث الملاك لزكريا الكاهن عن
القديس يوحنا السابق لهذا الصديق المخلص، قائلاً: "ويكون لك فرح وابتهاج
وكثيرون سيفرحون بولادته" (1: 14). كما يروي أن ولادته قد أصبغت فرحًا على
الكثيرين (1: 58). أما ميلاد السيد فرافقه انفتاح السماء على الأرض للكرازة بها:
"ها أنا أبشركم بفرحٍ عظيمٍ يكون لجميع الشعب" (2: 10). وعندما عاد
الرسل السبعين من كرازتهم يقول: "فرجع السبعون بفرح قائلين: يا رب حتى الشياطين
تخضع لنا باسمك" (10: 17)، بل قيل: "وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح،
وقال: "أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض، لأنك أخفيت هذه عن الحكماء
والفهماء وأعلنتها للأطفال، نعم أيها الآب هكذا صارت المسرة أمامك" (10: 21).
وكأن الكرازة بهذا الصديق الفريد قد هلّلت قلب المخلص نفسه من أجل البسطاء، وهي
موضع سرور الآب، بل أعلن أنه يكون فرح حتى في السماء عند توبة الخطاة (15: 7، 10،
32).

        إنه
فرح داخلي يملأ قلب الخاطئ التائب، عندما يجد في صديقه كل الشبع، إذ قيل عن زكا:
"فأسرع ونزل وقبله فرحًا" (19: 6). وفرح للجماعة كلها، إذ قيل:
"وفرح كل الجمع بجميع الأعمال المجيدة الكائنة منه" (13: 7). كما قيل عن
دخوله أورشليم: "ابتدأ كل جمهور التلاميذ يفرحون ويسبحون الله بصوت عظيم لأجل
جميع القوات التي نظروا" (19: 37). وقد ختم السفر بالفرح بالصديق القائم من
الأموات والصاعد إلى السماوات، إذ قيل عن التلاميذ حين ظهر لهم صديقهم العجيب:
"وبينما هم غير مصدّقين من الفرح ومتعجبون. . . " (24: 41). وأيضًا بعد
صعوده مباشرة: "رجعوا إلى أورشليم بفرحٍ عظيمٍ" (24: 51).

هكذا
جاء السيد المسيح يحقق سرور الآب، ويفرح هو بالبشرية المخلََّصة بدمه، وتفرح معه السماء،
كما ملأ تلاميذه ورسله فرحًا وسكب على كنيسته بهجته، وأيضًا على الخطاة التائبين.
ولكي يميز بين هذا الفرح وفرح العالم المؤقت ضرب لنا مثل الغني الغبي الذي قال
لنفسه: "استريحي وكلي واشربي وافرحي" (12: 19)؛ لكنه لم يستطع أن يفرح،
إذ سمع الصوت الإلهي: "يا غبي هذه الليلة تُطلب نفسك منك" (12: 20). هذا
كله دفع البعض إلى تلقيبه "إنجيل الفرح المسيحاني".

7.
إذ جاء السيد المسيح صديقًا لنا، قدّم لنا نفسه مثالاً، فظهر كمصلّي في مواقف
كثيرة منها عند عماده (3: 21)، وبعد تطهير الأبرص، وقبل دعوة الإثني عشر تلميذًا
(6: 12)، وعند التجلي (9: 28)، وعلى الصليب من أجل صالبيه، وفي اللحظات الأخيرة من
حياته على الأرض. لقد أراد أن يعلن "الصلاة" كسِرّ لصلتنا بالله
وصداقتنا معه. ظهور السيد كمصلّي إنما يعني أيضًا أنه حملنا فيه لننعم بالاتصال
بالآب.

في
هذا السفر يحدثنا السيد عن الصلاة أكثر من بقية الأسفار، فوَرد فيه الصلاة
الربانية، وشدّد على ضرورة الاستمرار في الصلاة والمثابرة فيها، مقدمًا مثَل
الصديق المحتاج لثلاثة أرغفة يذهب إلى صديقه ويطلب بلجاجة، ومثَل قاضي الظلم الذي
استمع للأرملة من أجل لجاجتها.

8.
يرى البعض أن الأناجيل بوجه عام، وإنجيل لوقا بوجه خاص، لم تهدف إلى مجرد عرض
لحياة السيد المسيح أو تاريخه، قدر ما هدفت إلى تقديم الكنيسة التي عاش فيها السيد
المسيح حيًّا يعمل لأجلها. فهي تتحدث عن مسيح الكنيسة كما تتذوقه بالتفافها حوله
وثبوتها فيه. فالقديس لوقا في إنجيله يعرض بوحي الروح القدس حياة الكنيسة خلال
وجوده على الأرض بالجسد، بينما في سفر الأعمال يعرض حياتها بعريسها خلال وجوده عن
يمين الآب بعد الصعود، واهبًا إيّاها روحه القدوس. إنه الصديق العامل بلا انقطاع،
كان يعمل حين وُجد بالجسد هنا، ولا يزال يعمل بعد صعوده حتى يلتقي بنا على السحاب.

ساد
في الكنيسة الأولى إحساس بأن قدوم السيد المسيح اقترب جدًا، وأنه يتحقق في العصر
الرسولي، الأمر الذي عالجه الرسول بولس في رسالته الثانية إلى أهل تسالونيكي،
مؤكدًا أن السيد لن يأتي إلا بعد ظهور إنسان الخطية، وتحقق حركة الارتداد. فإن
معلمنا لوقا حمل ذات الاتجاه معلنًا في هذا السفر كما في سفر الأعمال أن موت السيد
وقيامته وصعوده المجيد، لا يعني مجيئه الثاني في الحال. ولا بعد خراب أورشليم
مباشرة، إذ أساء البعض فهم كلمات الإنجيلي مرقس (14: 62؛ 9: 1)، فقد أعلن أن ملكوت
المسيا حقيقة واقعة تتم أولاً في الكنيسة هنا، وتتحقق في القلب، وينضم إلى الكنيسة
كل يوم الذين يخلصون. كأن مجيء السيد يتحقق أولاً بحلوله في قلوب المختارين، وإذ
يكمل عمله هنا في العالم يأتي على السحاب.

10.
يرى بعض الدارسين أن إنجيل لوقا جاء مطابقًا للأسفار الستة الأولى من العهد القديم
هكذا:

ا.
سفر التكوين الجديد يصف ميلاد السيد المسيح وطفولته، هذا الذي به تتحقق الخليقة
الجديدة، فبظهور آدم الثاني انطلقت البشرية إلى عالم جديد.

ب.
الخروج الجديد تحقق بتجربة السيد المسيح في البرية أربعين يومًا، حيث غلب لحسابنا،
مقابل تيه شعب إسرائيل أربعين سنة بعد خروجهم وسقوطهم المستمر في التذمر.

ج.
سفر اللاويين الجديد هو إقامة الإثني عشر تلميذًا، وتقديم العظة الخاصة بسيامتهم
كسفر اللاويين آخر (6: 20).

د.
سفر العدد الجديد هو إرسالية السبعين رسولاً.

ه.
القسم الخاص بسفر التثنية يمثل النصيب الأكبر من الإنجيل حيث يضم أجزاء كثيرة من
تعاليم السيد خاصة في (9: 51- 18: 14).

و.
سفر يشوع الذي قدمه معلمنا لوقا هو قصة آلام السيد المسيح وقيامته، فقبول راحاب
الزانية يقابله زكا العشار (لو 19: 1-2).

11.
أبرز الإنجيلي لوقا دور الروح القدس، فأعلن الملاك عن يوحنا المعمدان أنه يمتلئ من
الروح القدس من بطن أمه (1: 15). كما أبرز عمل الروح القدس في التجسد الإلهي (1:
35)، وعمله أيضًا في الأحاديث النبوية (1: 67؛ 2: 25-27)، وفي المعمودية (3: 16)،
وظهوره في عماد السيد (3: 22). هكذا يربط عمل السيد المسيح بعمل روحه القدوس (4:
1، 14، 18؛ 10: 21؛ 11: 13؛ 10: 12).

12.
دُعي هذا السفر بإنجيل الشمول، إذا حوى الكثير من القصص التي لم ترد في الأناجيل
الأخرى وأيضًا الأمثال، يسنده في هذا علاقته الوثيقة بالقديسة مريم.

انفرد
بذكر المعجزات التالية: صيد الأسماك (5: 4-11)، إقامة ابن أرملة نايين (7: 11)، المرأة
التي بها روح الضعف (13: 11-17)، الرجل الأبرص (14: 1-6)، العشرة برص (17: 11-19)،
شفاء أذن ملخس (22: 50-51).

انفرد
أيضًا بذكر الأمثال التالية: المديونان (7: 41-43)، السامري الصالح (14: 25-37)،
الصديق اللجوج (11: 5-8)، الغني الغبي (12: 16-20)، شجرة التين غير المثمرة (13:
6-9)، الدرهم المفقود (15: 8-10)، الابن الضال (15: 11-32)، الوكيل الخائن (16:
1-13)، الغني ولعازر (16: 19-31)، الفريسي والعشار (18: 10-14).

كما
انفرد بذكر أحداث معينة مثل إجابة يوحنا المعمدان على الشعب، بكاء المسيح على
أورشليم، موضوع حديثه مع موسى وإيليا عند التجلي، العرق الذي نزل من جبينه كقطرات
الدم، خطابه لبنات أورشليم، لقاء السيد مع تلميذيّ عمواس، وأيضًا تفاصيل خاصة
بصعوده.

12.
من جهة الأسلوب فكما سبق فتحدثنا في أكثر من موضع أن الروح القدس إذ يعمل في
الكاتب ويلهمه بالكتابة لا يفقده شخصيته، بل يستغل قدراته ويلهمه ويحصّنه من
الخطأ. وقد ظهرت قدرات معلمنا لوقا البشير من جهة الأسلوب، فكطبيبٍ اتسم بالفحص
الدقيق، فجاء محققًا للأمور. وأيضًا كطبيبٍ ورسام في نفس الوقت جاء رقيقًا في
أسلوبه، يحمل لمسات شعرية لطيفة وعذبة، حتى صار إنجيله مصدرًا للفنانين يستوحون
منه أيقوناتهم.

وأيضًا
كصديق ورفيق للقديس بولس في كثير من أسفاره أوجد شيئًا من التشابه بين كتاباتهما،
مما جعل العلامة ترتليان يقول بأن الإنجيلي لوقا قد استنار بالرسول بولس.

 (راجع
لو 4: 22 مع كو4: 6؛ لو 4: 32 مع 1 كو2: 4؛ لو6: 36 مع 2 كو 1: 3؛ لو 6: 39 مع رو
12: 19؛ لو 9: 56 مع 2 كو 10: 18؛ لو 10: 8 مع 1 كو 10: 23؛ لو 11: 41 مع تي 1:
15؛ لو 18: 1 مع 2 تس 1: 11؛ لو 21: 36 مع أف 6: 18؛ لو 22: 19-20 مع 1 كو 11:
23-29؛ لو24: 34 مع 1 كو 15: 5).

 

أقسامه

1.
صديقنا صار مثلنا            1-3

2.
صديقنا يجرَّب مثلنا           4

3.
صديقنا يشعر بآلامنا          5-18

4.
صديقنا المخلص              19-23

5.
صديقنا القائم من الأموات    24

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي