الإصحَاحُ
الْعَاشِرُ

 

3-
المسيح يرسل السبعين من أتباعه إلى كل أنحاء بلاده (10: 1- 16)

 10:
1 وَبَعْدَ ذٰلِكَ عَيَّنَ ٱلرَّبُّ سَبْعِينَ آخَرِينَ أَيْضاً،
وَأَرْسَلَهُمُ ٱثْنَيْنِ ٱثْنَيْنِ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلَى كُلِّ
مَدِينَةٍ وَمَوْضِعٍ حَيْثُ كَانَ هُوَ مُزْمِعاً أَنْ يَأْتِيَ. 2 فَقَالَ
لَهُمْ: إِنَّ ٱلْحَصَادَ كَثِيرٌ، وَلٰكِنَّ ٱلْفَعَلَةَ
قَلِيلُونَ. فَٱطْلُبُوا مِنْ رَبِّ ٱلْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ
فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ.

 

الحصاد
كثير، والعالم ناضج للدينونة، ليحصده ملاك الرب للهلاك. ولكن الله في نعمته لم يبد
الناس بعد، بل يرسل إليهم مرة بعد المرة رسل السلام. فينزل الإنجيل القوي في قلوب
مستعدة، ويأتي بثماره أضعافاً مضاعفة. ويشهد المسيح لك ببصيرته الإهية، أن الحصاد
اليوم كذلك كثير، لأن كثيرين من الناس يتجاوبون مع كلمة الله، ويلبسون قوتها
ويعملون مشيئة المسيح.

 

ولا
يتم حصاد المسيح نظرياً أو عاطفياً، ولا يجلس عماله الحاصدون في الأرائك مرتاحين،
بل أن المسيح يختار فعلة مجتهدين ويرسلهم إلى الحصاد المتعب. فلا يرتاحون ولا
يتخيلون، بل يرهقون ويتعبون بدون تحديد لأوقات العمل، ما دامت الشمس لا تزال تشرق
عليهم.

 

أأنت
عامل للمسيح؟ فاطلب منه شركاء في العمل، مفعمين بالتواضع، وممتلئين بالتصميم
والعزم على الخدمة، يقبلون إرشاد الروح القدس. وهكذا فإن هذا الروح في المسيح قد
أمرنا بأهم طلبة للتبشير. فلا يريد ربك منك الاجتهاد حتى الموت، بل الصلاة لأجل
إرسال فعلة كافين لحصاده، لكي يجمعوا معاً سنابله إلى مخازنه هو، وليس إلى مخازنهم
الخصوصية. فأنت لمن تعمل؟ ألنفسك، أم للمسيح؟ أتشكر ربك لكل معاونيك في الخدمة أم
تتذمر منهم؟ وهل تطلب من ربك كفاية من الخدام المخلصين للعمل في بلادك؟

 

ويدعوك
المسيح اليوم أن تخدمه، كما أرسل آنذاك الرجال السبعين في الخدمة التبشيرية. وقد
رمز بعددهم إلى المجمع اليهودي الرسمي وشيوخ العهد القديم، ليصبحوا شيوخاً في عهده
الجديد، ممتلئين بروحه (سفر الخروج 15: 22 و24: 1 وعدد 11: 16).

 

ولم
يرسلهم المسيح فرادى كل واحد إلى قرية بمفرده، بل أرسلهم اثنين اثنين إلى قرى مختلفة،
لكي يسند أحدهما الآخر ويشجعه. وكيلا يتفاخر واحد على زميله. فإذا تكلم أحدهما صلى
الآخر. وإن نام ذلك سهر الأول. فإذاً قد أعطى المسيح مواهب مختلفة لأتباعه، لكي
يحتاج بعضهم إلى بعض، ويمرنوا أنفسهم في تواضع المحبة. فاعتبر نفسك الأصغر في
فرقتك أيها الأخ، لأن زميلك يحتاج إلى صبر أكثر لاحتمالك، كما تحتاج إلى تأن
لاحتماله أيضاً.

 

10: 3
اِذْهَبُوا. هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ حُمْلانٍ بَيْنَ ذِئَابٍ. 4 لا
تَحْمِلُوا كِيساً وَلا مِزْوَداً وَلا أَحْذِيَةً، وَلا تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ
فِي ٱلطَّرِيقِ.

 

وقد
أرسل المسيح أتباعه كخراف بين ذئاب. تصور ماذا يحدث إذا دخل خروف بين مجموعة
الذئاب الجائعة؟ إنه لا تمر ثانية واحدة إلا وقد افترس هذا المسكين. هكذا يفسر
المسيح خدمة رسله. فالعالم مفعم بالأرواح الشريرة المبغضة للمولودين من روح الميح.
فلهذا يرسلك مخلصك إلى الملبوسين الأشرار، لكي يتغيروا بوداعتك ويصبحوا حملاناً
ودعاء، كما كان يسوع نفسه حمل الله الوديع، الذي افترس من سلطات الظلمة. فموته
غيرنا إلى رعية الله، وأعدنا للموت لأجل العالم الشرير.

 

إن
فهمت مسيرك وهدفك بهذه الطريقة، فلا تهتم بعدئذ لأجل المال واللبس والراحة والغذاء.
ولا تتشوق للأفلام، ولا تتأخر في عملك التبشيري متكلماً عن الأمور الباطلة، بل
تختار الفقر وتتقدم إلى الأخطار، لأن الرب شخصياً يرافقك ويحميك. إن الله هو
مكافأتك الوحيدة. فهل أدركت ماذا يقدمه المسيح لك، إن خدمته؟ اضطهاداً فقراً
موتاً. وعوضاً عن ذلك كله حضوره العظيم. إنه اختارك ويرسلك الآن، ويرشدك. وهو
مسؤول عنك. وليس أحد يقدر أن يخطفك من يده. ويضع يده مقفلاً أفواه الذئاب الجائعة،
حتى تم خدمتك كاملاً.

 

10: 5
وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَقُولُوا أَّوَلاً: سَلامٌ لِهٰذَا
ٱلْبَيْتِ. 6 فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ ٱبْنُ ٱلسَّلامِ يَحِلُّ
سَلامُكُمْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ إِلَيْكُمْ. 7 وَأَقِيمُوا فِي
ذٰلِكَ ٱلْبَيْتِ آكِلِينَو َشَارِبِينَ مِمَّا عِنْدَهُمْ، لأَنَّ
ٱلْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌّ أُجْرَتَهُ. لا تَنْتَقِلُوا مِنْ بَيْتٍ إِلَى
بَيْتٍ.

 

إن
المسيح لا يرسلك إلى كل العالم، بل إلى فئات وعائلات معينة. وحقاً، إنه يقدم
الإنجيل لكل الناس، ولكن فرقاً خاصة فقط، هي التي تلتفت إلى بركات سلام الله.
وتبشير الأفراد ليس هدف خدمتنا دائماً، بل كثيراً ما نقصد ربح العائلات بأكملها.
حمل قوة سلام الله بكلماتك إلى قلوب الآباء والأمهات والإخوة، فيملأ الإيمان
بالمصلوب جو البيت، ويجذب كل الأقرباء إلى روح السلام.

 

ولكن
إذا تقسى بيت مستهزئاً بابن الله، فلا تتعجب وتنقم، بل انصرف هادئاً. لأن دينونة
الله ساقطة على ذلك البيت. اطلب أولاً العائلة الجائعة إلى سلام الله وامكث فيها.
ولا تخجل أن تعيش من تقدماتها وتأكل حتى تشبع ما دمت تخدمهم وتجتهد مصلياً لأجلهم.

 

10: 8
وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ دَخَلْتُمُوهَا وَقَبِلُوكُمْ، فَكُلُوا مِمَّا يُقَدَّمُ
لَكُمْ، 9 وَٱشْفُوا ٱلْمَرْضَى ٱلَّذِينَ فِيهَا، وَقُولُوا
لَهُمْ: قَدِ ٱقْتَرَبَ مِنْكُمْ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ 10
وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ دَخَلْتُمُوها وَلَمْ يَقْبَلُوكُمْ، فَٱخْرُجُوا إِلَى
شَوَارِعِهَا وَقُولُوا: 11 حَتَّى ٱلْغُبَارُ ٱلَّذِي لَصِقَ بِنَا
مِنْ مَدِينَتِكُمْ نَنْفُضُهُ لَكُمْ. وَلٰكِنِ ٱعْلَمُوا
هٰذَا أَنَّهُ قَدِ ٱقْتَرَبَ مِنْكُمْ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ.

 

هل
تصلي لأجل مدينة أو قرية معينة وتحيط بلدتك بصلواتك المستمرة؟ وكثيراً ما يقرر
الروح الساكن في أهل مدينة قبوله الإنجيل أو رفضه. ونجد أحياناً، أن أهالي بلدة
بأسرها يتقسون ضد هذا الروح الشرير، بل امض في طريقك، طالباً قرى غيرها مستعدة
للإنجيل، حيث يخضع كثيرون للمسيح نائلين حياته الأبدية. والعواصم الكبرى، كثيراً
ما لا تكون مسجلة في سفر الحياة السماوية بدرجة هامة، بعكس حالة بعض القرى
المحتقرة في دينانا والممجدة في السماويات. ولكن الحمد لله، فإننا نجد أحياناً في
بعض الدن أحياء فيها إيمان وتقوى، حيث يوجد الفردوس وسط الفساد، بينما توجد قرى
تعم فيها جهنم. انتبه حين تبشر متكلاً على إرشاد الروح القدس ولا تعاند بخدمتك.
اذهب حيثما يقودك روح محبة الله.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد جديد إنجيل يوحنا 19

 

10:
12 وَأَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَكُونُ لِسَدُومَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ
حَالَةٌ أَكْثَرُ ٱحْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ. 13
«وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ
صُنِعَتْ فِي صُورَ وَصَيْدَاءَ ٱلْقُّوَاتُ ٱلْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا،
لَتَابَتَا قَدِيماً جَالِسَتَيْنِ فِي ٱلْمُسُوحِ وَٱلرَّمَادِ. 14
وَلٰكِنَّ صُورَ وَصَيْدَاءَ يَكُونُ لَهُمَا فِي ٱلدِّينِ حَالَةٌ
أَكْثَرُ ٱحْتِمَالاً مِمَّا لَكُمَا. 15 وَأَنْتِ يا كَفْرَنَاحُومُ
ٱلْمُرْتَفِعَةَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ، سَتُهْبَطِينَ إِلَى
ٱلْهَاوِيَةِ. 16 اَلَّذِي يَسْمَعُ مِنْكُمْ يَسْمَعُ مِنِّي، وَٱلَّذِي
يُرْذِلُكُمْ يُرْذِلُنِي، وَٱلَّذِي يُرْذِلُنِي يُرْذِلُ ٱلَّذِي
أَرْسَلَنِي».

 

إن
دينونة الله تسقط على كل فرد وعائلة ومدينة ترفض ابن الله ورسله. والهلاك له درجات
متنوعة. فليس الخبث والكذب يقرران مقدار العقوبة فقط، بل عدم الإيمان ورفض الإنجيل
أولاً. وستقف مدن الجليل التقية في يوم الدين خجلة أمام أهالي المدن افنيقية
بإيمانها بالآلهة الفاسدة، لأن أهل الجليل لم يقبلوا ابن الله بذراعين مفتوحتين.
وسدوم أحرقت بنار السماء، لأجل اللواط العام في المدينة. ولكن كل مدينة لا تقبل
المسيح تدان أكثر، لأن عدم الإيمان والتسليم الناقص إلى المسيح أشد خطية من كل
نجاسة كبيرة. وكفرناحوم كانت مدينة المسيح المختارة، حيث أجرى فيها أكثر عجائبه.
ولكن عامة سكانها سيصيبهم أسوأ العذاب، لأنهم لم يتوبوا توبة صادقة، ولم يتغيروا
في أذهانهم. فيا أيها الأخ، هل سمعت صوت القاضي الأزلي، وتبت حقاً، وآمنت كاملاً
بإنجيل الخلاص؟

 

وحيث
يتحرك المؤمنون بالمسيح، ويعترفون باسم الأسماء، فلا ينفردون بأنفسم متروكين، بل
يرافقهم ربهم شخصياً في الخير والشر، ويعتبر كلامهم كلامه، ويتعامل معهم. فكل
إهانة ورفض وعذاب تحل على رسله، يحترق لها قلبه مباشرة، كما قال لشاول الطروسي،
الذي اضطهد المسيحيين: شاول شاول لماذا تضطهدني؟ وبما أن يسوع وأباه واحد بالروح
والحق، فإن كل تعد على شهود المسيح، إنما هو تعد على الله بالذات. إن الله العلي
هو ترسك ومكافأتك، إن ثبت أميناً في شهادتك للمخلص.

 

الصلاة:
أيها الرب، نسجد لك، لأنك دعوتنا إلى حصادك. اغفر لنا كسلنا وخوفنا وتباطوءنا.
وعلمنا الجهاد بإنجيل السلام، بجرأة لكي تتحول الذئاب إلى حملان، وعائلات ملئت
شراً إلى جزائر من السلام. نشكرك لأنك تمكث معنا، وترافقنا كل الأيام إلى انقضاء
الدهر.

 

4-
نداء البهجة من يسوع عند رجوع السبعين (10: 17- 24)

10:
17 فَرَجَعَ ٱلسَّبْعُونَ بِفَرَحٍ قَائِلِينَ: «يَا رَبُّ، حَتَّى
ٱلشَّيَاطِينُ تَخْضَعُ لَنَا بِٱسْمِكَ». 18 فَقَالَ لَهُمْ:
«رَأَيْتُ ٱلشَّيْطَانَ سَاقِطاً مِثْلَ ٱلْبَرْقِ مِنَ
ٱلسَّمَاءِ. 19 هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَاناً لِتَدُوسُوا ٱلْحَيَّاتِ
وَٱلْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُّوَةِ ٱلْعَدُّوِ، وَلا يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ.
20 وَلٰكِنْ لا تَفْرَحُوا بِهٰذَا أَنَّ ٱلأَرْوَاحَ تَخْضَعُ
لَكُمْ، بَلِ ٱفْرَحُوا بِٱلْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ
فِي ٱلسَّمَاوَاتِ».

 

عاد
السبعون مرسلاً إلى المسيح دون أن تفترسهم ذئاب العالم. وكانت الأرواح الشريرة
تخرج من الملبوسين، عندما كان الرسل يقتربون منهم. فحضور المسيح في خدامه أقوى
وأعظم من كل سلطات الظلمة. ومن يحفظ في رحابه، يصر حملاً وديعاً، ولكن أقوى م أعنف
الذئاب. أتفرح لأجل السلطان الموهوب لك باسم المسيح؟ هل أدركت انتصار ابن الله بواسطة
خدامه؟

 

وقد
حدد المسيح لرسله فرحهم لئلا يتكلوا على أنفسهم في ظفرهم، بل يدركوا قدرة العدو
وعظمة ربهم. ولأجل أمانة المسيح بسلوكه في العالم، وفدائه على الصليب، انتصر على
الشيطان وأسقطه من السماء. فاضمحلت قدرته بواسطة شهادات الرسل الكرام. ولكن انتبه
فالشرير ما زال على الأرض قاصداً إهلاك أولاد الله.

 

فليس
أحد منا قادر على أن يغلب إبليس وجيوش الشر. والمسيح هو الله الحق وسلطانه المجيد
يغلب العالم بالوداعة والتواضع. فمن يدخل إلى شركة ابن الله يتحرر من إنانيته
الخاصة وسلطة الشرير. ويستطيع باسم المسيح أن يغلب العدو المكار. والمعركةهائجة،
والانتصار تحقق على الجلجثة. فآمن فقط تشترك في غلبة المسيح. واطلب من ربك أن يخرج
كل روح شرير من أصدقائك ونفسك، محاذراً إلا تترك شركة المسيح، لكيلا يجد العدو
الشرير سلطة عليك.

 

فيقول
المسيح لك، أنه ليس نتائج خدمتك هي هدف خطة الخلاص، ولا شهرتك الخصوصية، ولا ثمار
روحية معينة باهرة، بل معرفة الله بك. وأنه أبوك، ويدعوك باسمك، وهذ هو المهم.
فاسمك منقوش في ذاكرة الله، وهو يحفظك لأجل أمانته. فليست صلاحيتنا ونتاج خدمتنا،
هي جوهر إيماننا، إنما المعرفة أن الله أبونا. وهو معلن صلاحه في أولاده وقدرة
المسيح في أتباعه.

 

10:
21 وَفِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِٱلرُّوحِ وَقَالَ:
«أَحْمَدُكَ أَيُّهَا ٱلآبُ، رَبُّ ٱلسَّمَاءِ وَٱلأَرْضِ،
لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هٰذِهِ عَنِ ٱلْحُكَمَاءِ وَٱلْفُهَمَاءِ
وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا ٱلآبُ، لأَنْ هٰكَذَا
صَارَتِ ٱلْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ». 22 وَٱلْتَفَتَ إِلَى تَلامِيذِهِ
وَقَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي. وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ
مَنْ هُوَ ٱلاِبْنُ إِلَّا ٱلآبُ، وَلا مَنْ هُو ٱلآبُ إِلَّا
ٱلاِبْنُ، وَمَنْ أَرَادَ ٱلاِبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ». 23
وَٱلْتَفَتَ إِلَى تَلامِيذِهِ عَلَى ٱنْفِرَادٍ وَقَالَ: «طُوبَى
لِلْعُيُونِ ٱلَّتِي تَنْظُرُ مَا تَنْظُرُونَهُ، 24 لأَنِّي أَقُولُ
لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِياءَ كَثِيرِينَ وَمُلُوكاً أَرَادُوا أَنْ يَنْظُرُوا مَا أَنْتُمْ
تَنْظُرُونَ وَلَمْ يَنْظُرُوا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ
وَلَمْ يَسْمَعُوا».

 

فلما
رأى المسيح انتصار الله على مملكة الشيطان تهلل في الروح القدس، لأن هذا كان غاية
مجيء ابن العلي إلى العالم، أن يهلك أعمال الشيطان، ويحرر البشر الضالين من
أربطتهم الشديدة، وينقلهم إلى عائلة الله. فعظم المسيح اسم أبيه من صميم قلب
وحمده، كرب السماء والأرض، الذي خلق الكل في نعمته. وأعلن سلطانه في المخلوقات
صغيرها وكبيرها. وأعلن الله سلطانه كذلك في مساعدي المسيح أيضاً لأنهم آمنوا به،
فحصلوا على قوته وقدرته السرمدية. ولكن الكتبة والمتدينين ورؤساء الكهنة والفلاسفة
ولملوك والولاة، لم يدركوا الله ولا ابنه. وهذه هي الأعجوبة، أن عقل الإنسان
واختباراته، لم تدرك المسيح تلقائياً، بل بواسطة الإيمان وحده. فمن يستودع نفسه
بين يدي المخلص، يعرف مجده في توضاعه ولطفه. أما الذي لا يخلع كبرياءه وعلومه.
وحتى عقله لمستضعف، فإنه لا يعرف الله، الذي أرسل ابنه إلى العالم، بعدما أخلى
نفسه المجيدة. ليريح العالم بالمحبة، لا بالفلسفة أو السيف أو بالمسرات الجسدية.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر الأمثال 15

 

ولأجل
هذا الإيثار وإنكار النفس، دفع الله كل السلطان في السماء وعلى الأرض إلى ابنه.
وبما أن الابن بذل نفسه فدية لكثيرين، فقد وهبه أبوه كل الناس والأرض والكون معاً.
فالمسيح اشترانا لله بدمه. فأصبحنا خاصته. فسواء الرأسماليون أو الاشتاكيون، فإنهم
يغرون أنفسهم غروراً كثيراً، بظنهم أن الفرد أو الأمة تملك الكون لان المسيح هو
صاحب الكل، وقد دفعه أبوه إليه. إن كل الذين لا يعرفون الله، يضلون في حياتهم.

 

ولكن
من يعرف الله؟ ليس إلا الابن والروح القدس، لأنهم واحد. والمسيح قد أتى إلى
عالمنا، ليخبرنا من هو الله. لأن الاسم القديم (الله) هو حجاب سميك أمام حقيقة
العلي المستتر. فهل تعرف من هو الله بالذات؟ لقد علمنا المسيح لننطق بالكلمة:
أبانا الذي في السموات. فتمسك أيها القلب بهذه الكلمة، وأقر أيها العقل عازماً
بهذه الحقيقة، لأن القادر على كل شيء هو أبوك ووالدك الروحي، وهو المحبة كالبحر
المتسع الأعماق.

 

من
أين لنا أن نعرف هذا الإعلان؟ فلسنا نعرفه إلا في شخصية المسيح. انظر إلى يسوع، تر
الله. ولا يوجد أحد يقدر، أن يدرك المسيح، إلا بالروح القدس. ولا إنسان يسمي الله
أباه، إلا بإرادة المسيح. فليست أعمالك الصالحة أو تبرعاتك أو حججك تقرك إلى الله
زلفى، بل مقاصد المسيح وحده. فإن إيماننا لهو هبة من مانح النعم، وليس حقاً
مستحقاً.

 

وبعدما
عظم المسيح أباه، طوب تلاميذه، لأنهم رأوا الله في الجسد، في تواضعه. واختبروا
انتصاره، بواسطة خدماته. قد ابتدأ ملكوت الله بينهم. وكان هذا هو اشتياق آباء
الإيمان والأنبياء الحقيقيين الأمناء. ولهذه الغاية تألموا واستبكوا وتعذبو. أما
الآن فإن المسيح الملك الإلهي قد حضر بين البشر، وكلماته صارت مسموعة لكل ذي قلب
مشتاق. لأن الله تكلم بابنه إلى الناس، كآب لأولاده، وكأخ لإخوته. فهل ترى الله،
وتسمع المسيح؟

 

الصلاة:
أيها الله الثالوث في الوحدة، نسجد لك، لأننا لا نخاف من جلالك المستتر. بل نقترب
منك، كأولاد، وأنت أبونا. وقد أعلن لنا ابنك جوهرك، وآمنا بكلامه وحصلنا على القوة
والحق، لنصبح أولادك. احفظنا في ذكرك ونجنا من الشرير.

 

5-
السامري الصالح (10: 25- 37)

10:
25 وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا
أَعْمَلُ لأَرِثَ ٱلْحَيَاةَ ٱلأَبَدِيَّةَ؟» 26 فَقَالَ لَهُ: «مَا
هُوَ مَكْتُوبٌ فِي ٱلنَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» 27 فَأَجَابَ: «تُحِبُّ
ٱلرَّبَ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ
كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». 28
فَقَالَ لَهُ: «بِٱلصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هٰذَا فَتَحْيَا».

 

يرينا
المسيح في هذه الحادثة، كيف أن الله قد أخفى جوهر ملكوته عن الحكماء والمتعلمين،
ولكنه أعلنه للاطفال والبسطاء. فأتى كاتب خبير بالتوراة إلى يسوع، وسأله في روح
الناموس، ماذا عليّ أن أعمل لأربح النعيم؟ فأراد هذا الإنسان بذل المجهو والعمل
الشاق المتعب، ليس لله بل لنفسه، ليربح إرثاً عظيماً. لقد أراد المسكين ربح السماء
بقوته الخاصة، ولم يعلم خطيته وعيوبه.

 

فهذا
المتعلم الناموسي، الذي جرب يسوع لتفسير خاطئ، قاده الرب مباشرة إلى لب الشريعة.
واصطاده بشبكته الناموسية، حتى كان عليه الاعتراف، بأن محبة الإنسان لله تعني
الحياة الأبدية. فكيف تحب الله؟ كم مرة تفكر فيه طيلة نهارك؟ وبكم من قوتك وقتك
ومالك تضحي عملياً لخالقك؟ لا تكذب على نفسك، فأنت تدور حول نفسك. ومشاكلك تشغلك،
وليس الله محور كونك. لهذا انت مجرم، لأنك جعلت نفسك إلهاً صغيراً، سارقاً المجد
من ربك. فتب واطلب ربك حقاً، وأحبه من كل قلبك. فتنسى نفسك، وتجد فجأة أخاك
الإنسان المسكين، لأن الله يلتقي بك في المحتاجين.

 

وكما
كنت تحب نفسك سابقاً، فإن محبة الله تغيرك إلى محب منحن لكل المضايقين. وكما أن
أفكارك دارت سابقاً حول إرضاء نفسك وأمنياتك النجسة، هكذا تتغير الآن، فتفكر برحمة
الله لضيقات أصدقائك. وتصلي لأجلهم، وتهتم بهم طالباً الضالين، مضحياً وقتك
للغوغاء. لأن ما تعمله لأحد هؤلاء الأصاغر الأشرار، إنما تعمله لله. والمحبة هي
تكميل الناموس. وإن لم تحب، فلا تكون عائشاً حقاً. فارجع إلى محبة الله عاجلاً،
فتجعلك جمرة رأفته غارقاً في المحبة.

 

10:
29 وَأَمَّا هُوَ فَإِذْ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّرَ نَفْسَهُ، سَأَلَ يَسُوعَ:
«وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟» 30 فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنْسَانٌ كَانَ نَازِلاً مِنْ
أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا، فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ، فَعَرَّوْهُ وَجَرَّحُوُ،
وَمَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ. 31 فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِناً نَزَلَ
فِي تِلْكَ ٱلطَّرِيقِ، فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. 32 وَكَذٰلِكَ
لاوِيٌّ أَيْضاً، إِذْ صَارَ عِنْدَ ٱلْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ
مُقَابِلَهُ. 33 وَلٰكِنَّ سَامِرِيّاً مُسَافِراً جَاءَ إِلَيْهِ، وَلَمَّا
رَآهُ تَحَنَّنَ، 34 فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ، وَصَبَّ عَلَيْهَا
زَيْتاً وَخَمْراً، وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُقٍ
وَٱعْتَنَى بِهِ. 35 وَفِي الْغَدِ لَمَّا مَضَى أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ
وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ ٱلْفُنْدُقِ، وَقَالَ لَهُ: ٱعْتَنِ بِهِ،
وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ أَكْثَرَ فَعِنْدَ رُجُوعِي أُوفِيكَ. 36 فَأَيُّ
هٰؤُلاءِ ٱلثَّلاثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيباً لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ
ٱللُّصُوصِ؟» 37 فَقَالَ: «ٱلَّذِي صَنَعَ مَعَهُ ٱلرَّحْمَةَ».
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «ٱذْهَبْ أَنْتَ أَيْضاً وَٱصْنَعْ
هٰكَذَا».

 

ما
أحب الكاتب الخبير عمل المحبة، بل المحاجة والمباحثة. ولم يرد أن يتوب قلبه القاسي
وذهنه المتحجر في نار محبة المسيح، بل لج في الخصومة، ليجرب القدوس، وليستخرج منه
علماً بحدود المحبة. فجاوبه المسيح بسلطان إلهي، إنه قد أدرك بوضوح عمق الناموس.
ولكن هذا العلم لا يكفي، بل المطلوب هو تطبيقه. فأراه ابن الله ما يريد الآب
السماوي، أن نعمله عملياً.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد قديم سفر زكريا 06

 

وإننا
جميعاً نشبه، في هذا المثل، الساقط بين اللصوص، لأن الحياة بلا رحمة. وكل يحاول
سرقة قميص الآخر. وإن حدث لسائق سيارة حادثة ليلاً، فلا يقف أحد من المارين رغم
إشارته إليهم. فيتألم هذا المسكين بحقد. وإن طلب شاب حائر أحد الإخوة، ليستمع
لشكواه وينصحه ويصلي معه، ولم يجد أحداً يجاوبه، فإنه ييأس من جميع الإخوة
ويلعنهم. وإن استرسلت الشعوب الغنية بخيالاتها واسترخائها، ولم تساعد الشعوب
الفقيرة لبنائها، فإن غضب الله لواقع، ما له من دافع.

 

هل
أملت مرة بمساعدة صديق بضائقة مرة، ولم يلتفت إليك، وأنكرك وتظاهر بعدم معرفتك؟
فماذا كان شعورك. اعرف في هذا الأناني قلبك الخاص، لأن طريق حياتك مرصوص
بالمنسحقين والمساكين، الذين كانوا يرجون عونك فمررت بهم بلا عطف.

 

أتريد
أن يلعنوك أمام الله لقساوة قلبك؟ أتخاف من الجراثيم ولا تزور المرضى؟ أتشمئز من
الوساخة فلا تدخل أكواخ اللاجئين؟ هل تكون ذكياً إلى درجة تمنعك عن محادثة
الجهلاء، الذين اختارهم الله ليرثوا ملكوته. هل تريد اليوم أن ترتل في جوق كنستك
فقط أو تتكلم أيضاً مع أصدقائك عن الله؟ أو ليس لديك وقت تضيعه لإغاثة شخاذ وسخ
يطرق بابك. إنك بإهمالك هذا الإنسان المهمل، قد أهملت الله ربك، لأن القدوس المحب
والمسكين المرفوض واحد.

 

أما
السامري المحتقر، فصار قدوة العالم ورمزاً للمسيح بالذات. الذي رحم كل الناس،
وضمنهم إلى المنتهى ودفع ثمن خلاصنا دمه الثمين. وهكذا علمنا المسيح الجواب على
سؤال الكاتب، بتصحيحه سؤاله والإجابة عليه. فليس المهم التساؤل عن الواجبات، التي
بها نرضي الله. لأن هذا يكون تساؤل الأناني البارد. إنما المحب يسأل عن الذين
يحتاجون لتقديم المساعدة ليسارع إلى مساعدتهم. فالمسيح قد غير معنى السؤال عن
القريب تماماً. فليس أحد هو قريبي. ولم يمر بي مروراً عابراً بل تحنن عليّ فخلصني.
فنبه كما أحبنا، ونصبح أقرباء لكل الناس.

 

الصلاة:
يا رب اغفر لي معرفة واجباتي، التي تنقصها أعمال المعروف. غيّر قلبي، لأصبح قريباً
لكل متضايق. وأسرع إليه، وأعينه، كما تسرع أنت إليّ فتخلصني. املأ قلبي بمحبتك،
لكي أحبك وكل الناس في كل حين. وأخدمهم بخدمات عملية.

 

6-
يسوع في ضيافة مرثا ومريم (10: 38- 42)

10:
38 وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ دَخَلَ قَرْيَةً، فَقَبِلَتْهُ ٱمْرَأَةٌ
ٱسْمُهَا مَرْثَا فِي بَيْتِهَا. 39 وَكَانَتْ لِهٰذِهِ أُخْتٌ
تُدْعَى مَرْيَمَ، ٱلَّتِي جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَكَانَتْ
تَسْمَعُ كَلامَهُ. 40 وَأَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ مُرْتَبِكَةً فِي خِدْمَةٍ
كَثِيرَةٍ، فَوَقَفَتْ وَقَالَتْ: «يَا رَبُّ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي
قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدِمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُعِينَنِي!» 41 فَأَجَابَ
يَسُوعُ: «مَرْثَا مَرْثَا، أَنْت تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ
كَثِيرَةٍ، 42 وَلٰكِنَّ ٱلْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ.
فَٱخْتَارَتْ مَرْيَمُ ٱلنَّصِيبَ ٱلصَّالِحَ ٱلَّذِي
لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا».

 

لقد
أرانا المسيح في القراءة السابقة، كيف أن محبتنا لله بدون محبة لأخينا الإنسان
باطلة. والآن فإننا نكاد نسمع تقريباً العكس، إن الأعمال الخيرية ضرورية، ولكن
الهدوء لسماع كلمة الله أهم منها. فنحتاج إلى أذن منتبهة، لصوت الروح القدس،لنعرف
المكان والزمان الذي يلزم فيه مساعدة الإنسان، وأين ومتى ينبغي علينا الهدوء
للاستماع إلى كلمة الله. فالمسيح قد أكمل الأمرين تماماً، لأنه شفى وبشر في العالم
وظل متصلاً بأبيه على الدوام. كما كتب بولس آنذاك: صلوا بلا انقطاع، حتى ولو أثاء
الأعمال اليومية.

 

ولما
دخل يسوع إلى إحدى القرى، تقدم إلى بيت تسكنه أختان مؤمنتان هما أختا لعازر،
فانهمكت مرثا بالضيوف الكثيرين وخدمتهم وتحضير العشاء لأجلهم. أما مريم، فجلست مع
الضيوف واستمعت لإنجيل المسيح، لأن نفسها جاعت إلى كلمة الله.

 

فانفجرت
مرثا مرتبكة بشغلها الكثير محتجة على الرب ومشتكية على أختها قائلة: كيف تسمح
لأختى، أن تجلس كسولة عند قدميك. وأنا أتعب لوحدي، بتحضير الواجبات التي أرهقتني،
فأمرها بالاجتهاد والمساعدة، لتنتهي من تأملاتها الخيالية لتخدم معي الحبة عملياً.

 

فوبخ
يسوع مرثا توبيخاً صارماً، وخاطبها: أيتها الأخت أنت تشرفين على خطر فقدان الخلاص.
لأنك تشتغلين أكثر من اللازم لمنحنا عطاياك الشهية. فاطمئني واسمحي أن أمنحك أنا
أولاً البركة والعطايا الروحية أنا الوهاب. وليس الاي أعرف حاجتك. وباتأكيد فإن
الجسد الإنساني يحتاج إلى قليل من الاعتناء، ولكن النفس أهم. فأنا الآن حاضر مخلص
النفوس. فحددي العمل البيتي، ولا تعملي إلا اللازم الضروري، لكي تكسبي وقتاً
للاستماع إلى إنجيل الخلاص والصلاة.

 

ومريم
أيضاً أشرفت على الخطر. إنها سامعة فقط، ولم تعمل شيئاً عدا الصلاة. ورغم ذلك فقد
طوبها يسوع، لأنها أدركت أن واحداً هو المهم فقط، يسوع المسيح. كل ما في العالم
زائل، حتى أجسادنا الفانية. ولكن الخلاص في المسيح يثبت. لهذا أيها الإنسان، إنك
لا تحتاج إولاً إلى بيت وملابس وعمل وصحة ومدرسة، بل إلى يسوع وحده فبدونه تهلك.
اطلبوا أولاً مخلص العالم وبره، فيزداد لكم كل احتياجاتكم الأخرى.

 

ومن
الخطأ الواضح، أن نسمي مريم صالحة ومرثا طالحة لأنهما كلتاهما أحبتا يسوع، وأكرمتا
الله. وكلتاهما في حاجة إلى تقديس أخلاقهما. فمرثا محتاجة إلى الهدوء للاستماع
ومريم محتاجة إلى الدافع للشغل العملي. علماً أن الاستماع إلى كلمة الله،أهم من
العمل المتواصل. فأكرم يسوع مرثا خصوصاً في يوحنا 11 حيث نجد في العدد الخامس
الأمر الغريب. وكان يسوع يحب مرثا وأختها ولعازر. فنطق باسم مرثا قبل أخويها،
لأنها كانت أهم شخصية في البيت. وقد وضعت أعمالها اليومية تحت إنجيل المسيح، مكتسة
منه قوة للإيمان، وأعطته في نفسها مكاناً علياً.

 

فكم
تسمع كلمة الله، وكم تطبقها في خدمتك؟

الصلاة:
أيها الرب، نشكرك لأنك تأتي إلينا في كلمتك علمنا الاستماع إليك بكل قلوبنا وبكل
أنفسنا وبكل عقولنا. امنح قلبنا قوة سماوية، وأجسادنا راحة علوية لننتعش ونستطيع
القيام بكل الأعمال الضرورية في إرشاد روحك القدوس.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي