الإصحَاحُ
الْعَاشِرُ

 

9 – بداية
التبشير بين الوثنيين بواسطة اهتداء كورنيليوس الروماني قائد المئة (10: 1 – 11:
18)

 1 وَكَانَ
فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ ٱسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ، قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ
ٱلْكَتِيبَةِ ٱلَّتِي تُدْعَى ٱلإِيطَالِيَّةَ. 2 وَهُوَ
تَقِيٌّ وَخَائِفُ ٱللّٰهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ
كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى ٱللّٰهِ فِي كُلِّ حِينٍ. 3
فَرَأَى ظَاهِراً فِي رُؤْيَا نَحْوَ ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ مِنَ
ٱلنَّهَارِ، مَلاكاً مِنَ ٱللّٰهِ دَاخِلاً إِلَيْهِ وَقَائِلاً
لَهُ: «يا كَرْنِيلِيُوسُ». 4 فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ
ٱلْخَوْفُ قَالَ: «مَاذَا يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ لَهُ: «صَلَوَاتُكَ
وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَاراً أَمَامَ ٱللّٰهِ. 5 وَٱلآنَ
أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً وَٱستَدْعِ سِمْعَانَ ٱلْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ.
6 إِنَّهُ نَازِلٌ عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُلٍ دَبَّاغٍ بَيْتُهُ عِنْدَ
ٱلْبَحْرِ. هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ». 7 فَلَمَّا
ٱنْطَلَقَ ٱلْمَلاكُ ٱلَّذِي كَانَ يُكَّلمُ كَرْنِيلِيُوسَ،
نَادَى ٱثْنَيْنِ مِنْ خُدَّامِهِ، وَعَسْكَرِيّاً تَقِيّاً مِنَ
ٱلَّذِينَ كَانُوا يُلازِمُونَهُ، 8 وَأَخْبَرَهُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ
وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى يَافَا.

منذ انسكاب
الروح القدس في عيد العنصرة، حتى الفترة التي قام بها بطرس برحلته الرعوية
للكنائس، كان أعضاء الكنائس يتألفون من يهود مواطنين ومتغربين وسامريين وأممين
متهودين. وجميعهم قد آمنوا بالمسيح وتعمدوا. فكانت الكنائس آنذاك تحوي مسييين من
أصل الديانة اليهودية فقط.

وبسط لوقا
قصة اهتداء الأممي كرنيليوس بطريقة عريضة وبتفصيل، ليوضح أن الله نفسه أثبت بواسطة
مقدام رسله نهائياً وقطعياً، أن الوثنيين الأتقياء هم مختارون للحياة الأبدية
أيضاً. فليس بطرس هو الذي سعى لهذه الطريقة، وما أرادها، بل المسيح فسه هو الذي
تدخل في سيرته، كما تدخل في حياة استفانوس وشاول سابقاً، ليقرر المفرق الفاصل في
تبشير العالم.

من المعروف
أنه عندما يظهر ملاك لمؤمن في العهد الجديد فهذا الظهور يعني، أن الله يبتدئ
بتحقيق خطة تفوق كل العقل. ولكيلا يتزعزع إيمان الأمناء، أرسل الرب ملاكه، لتدرك
حواس الإنسان الخمس، أن الله ينفذ الآن أعجوبة فريدة، ويفتح طريقة جدية لملكوته.
فلإيمان كرنيليوس معنى أساسي لكل الشعوب. ولولا معمودية هذا الأممي الوثني لما أتانا
الإنجيل، ولبقى محصوراً في اليهود.

والضابط
كرنيليوس كان مسؤولاً عن مئة جندي في المركز الروماني (قيصرية)، الذي كان على شاطئ
البحر المتوسط جنوبي جبل الكرمل. وقد تأثر هذا الضابط بالدين اليهودي، الإيمان
بالله الواحد والوصايا العشر ونظام التقوى المختلفة كل الاختلاف عن الحياة
الاجتماعية للأمبراطورية الرومانية، مع شهواتها ولهوها وخوفها وسطحيتها.

لقد التفت
كرنيليوس بقلبه إلى الله. ورتب حياته حسب اعتناقه لمبدئه. فتقواه لم تكن إيماناً
عقلياً، أو تحمساً عاطفياً، إنما أخضع أفكاره واقواله وأعماله لروح دينه. فلم يحب الاستعمارية
على الشعب المسكين، ولكنه ساعد الأفراد المحتاجين شخصاً، وصلى كثيراً. وبالحري فقد
كان قلبه دائماً، في مناجاة مع الله.

والروح
الطيب لمثل هذا الرجل، لا يبقى مستتراً، إنما يظهر، ويجري في بيته وإلى زملائه
وجنوده. فكلهم أخذوا من روحه المصلي الوديع، واستعدوا للإلتقاء بروح الله الجوهري.
فالمؤمن الحق ليس انعزالياً، بل أن دفء محبته يذيب جبال الثلوج في قلو الآخرين،
وابتهالاته لأجل الأقرباء والأصدقاء تنبههم للصلاة أمام الله. وقد قال الله العظيم
القدوس لكرنيليوس الروماني، أن كل واحدة من صلواته مستجابة، وكل حسنة منه معدودة.
فالعلي لا ينسى أعمالك منتظراً صوت قلبك وعطايا يدك ثماراً لإيمانك. عماً أن
صلواتك وصومك ليست هي التي تبررك، بل محبة الله. فطاعاتك هي شكر لهذه المحبة
العظمى.

وأخبر
الملاك كرنيليوس أن يرسل رجالاً إلى يافا، وعين له بيت الدباغ سيمون، حيث يمكث شخص
اسمه بطرس، وأن عليه أن يطلبه إليه. فعلم الضابط أن كل أمر يتطب الطاعة والتنفيذ
فوراً. فأطاع أمر الله، بدون أن يفكر طويلاً أو يبدي قلقاً بظهور الماك. ولم يخف
من الأمور النورية الغريبة، لأن محبة الله لمسته. فآمن بها وتوكل على الرب، الذي
دعاه يومياً في صلواته، موقناً أنه لم يرشده ليستقدم إلى بيته جاسوساً أو رجلاً
خطيراً، بل خادماً لله ومن رسله.

الصلاة: أيها الرب
يسوع، نشكرك لأنك دخلت في تاريخ كنيستك، مرة بعد المرة مرشداً. وهديت خطوات رسلك.
ونشكرك أيضاً، لأنك تستجيب كل صلوات مستقيمة. ولا تنسى العطايا الشاكرة، حتى من
أيدي الناس الذين لا يعرفونك. اجذب كثيراً من لأتقياء إلى ملء خلاصك.

10: 9 ثُمَّ
فِي ٱلْغَدِ فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى
ٱلْمَدِينَةِ، صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى ٱلسَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ
ٱلسَّاعَةِ ٱلسَّادِسَةِ. 10 فَجَاعَ كَثِيراً وَٱشْتَهَى أَنْ
يَأْكُلَ. وَبَيْنمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ، 11
فَرَأَى ٱلسَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِنَاءً نَازِلاً عَلَيْهِ مِثْلَ
مُلاءَةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ وَمُدَلاَّةٍ عَلَى
ٱلأَرْضِ. 12 وَكَانَ فيهَا كُلُّ دَوَابِّ ٱلأَرْضِ
وَٱلْوُحُوشِ وَٱلّزَحَّافَاتِ وَطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ. 13
وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ: «قُمْ يَا بُطْرُسُ، ٱذْبَحْ وَكُلْ». 14 فَقَالَ
بُطْرُسُ: «كَلاَّ يَا رَبُّ، لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئا دَنِساً أَوْ
نَجِساً». 15 فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضاً : صَوْتٌ ثَانِيَةً: «مَا طَهَّرَهُ
ٱللّٰهُ لا تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!» 16 وَكَانَ هٰذَا عَلَى ثَلاثِ
مَرَّاتٍ، ثُمَّ ٱرْتَفَعَ ٱلإِنَاءُ أَيْضاً إِلَى ٱلسَّمَاءِ.

كان بطرس
مصلياً. وبدون الصلوات الروحية ليس إعلان موحى به. فالصلاة وقراءة الكتاب المقدس تشبه
فتح زر الراديو وتعيين الموجة التي تلتقطها. فإن لم تتجه لروح الله القدوس بإرادتك
وصواباً، فإنك لا تسمع صوت الله البتة. ولا تشعر بنعمه ولا تتبر هداه. ولكن من
يدرس الكتاب المقدس مصلياً، فهذا يكون في صلة مع الله.

وصلى بطرس
وكرنيليوس في أوقات معينة يومياً. فكانت أيامهم وأعمالهم منسوجة بالصلوات. فهل
نظمت حياتك للصلاة؟ فإن صلواتك المستمرة وتعمقك في الكتاب المقدس لهي أهم من تناول
الطعام لغذاء جسدك وتقويته، لأن نفسك تجوع إلى الله وبره، وتشتاق إى التنفس
والغذاء والحياة. فلا تحتقر نفسك، بل انفتح لروح الله بالإنجيل يومياً بانتظام،
فتنال نعمة فوق نعمة.

ورأى بطرس
السماء مفتوحة. لقد فكر بطعام مادي لأنه أصبح جائعاً من الصلوات الكثيرة. وجسده
كان متطلباً غذاء. وقد سارع أهل البيت لتهيئة طعامه، وفاحت رائحة طيبة نحو السطح،
حيث كان بطرس مصلياً ومنتظراً. واستخدم الله الجوع القاسي، الذي عااه خادمه. فنقله
إلى غيبوبة وأراه السماء مفتوحة في قيظ الظهيرة. فرأى بطرس فجأة ملاءة كبيرة نازلة
من السماء، حتى لامست الأرض. وفكر أنه واجد فيها لآلئ، أو طعاماً شهياً أو فاكهة
لذيذة. ولكنه ويا للأسف، نظر فوجد عقارب وحيات وحرادين وحرباءات سلاحف وسراطين
بحرية وألوف من الحيوانات والحشرات الأخرى المحسوبة لدى اليهود نجسة. فاقشعر
واشمأز من أشكالها وهيئاتها القبيحة. فهل فهمت معنى رؤية هذه الحيوانات النجسة؟ هي
تشبه البشر. نحن بالحقيقة نجسون. وإذا نظر الله إلينا يشمئز من رجاساتن وفجورنا
وأفكارنا المستكبرة. فهل شعرت مرة بشيء ولو قليل من نجاستك وقلبك الرديء؟

وفجأة سمع
البصير صوتاً: قم يا بطرس، واذبح وكل! ولكن الله يطلب الغلبة على شعورنا المبدئي،
لكي ننسجم بمسرته الإلهية. فعارض بطرس مشيئة الرب حتى في الغيبوبة، محتجاً أن
القدوس بذاته قد منع في ناموسه اليهود أن يأكلوا شيئاً فاسداً أو دنسً رمزاً
لامتناعهم عن كل خطية أو شبهها. فلم يرد بطرس أن يخطئ وينجس نفسه. فدفع بكل قوة
قلبه هذا العرض، الذي ظنه تجربة لئلا ينجس نفسه. فكيف تعارض أنت كل تجربة للخطية،
حتى في نومك أو غيبوبتك؟ طوبى لك إن كرهت من كل جوانحك الخطية. فيقويك الرو القدس
ويرشدك، ويريك منفذاً من التجربة.

ولم يرد
الله أن يأكل بطرس حيوانات سامة، بل طلب منه الإطاعة بلا قيد أو شرط لانسكار موقفه
الناموسي. ولم يجبر العلي بطرس ألا يقشعر جسده للخطية، بل أن يتعلم محبة الخطاة.
أن الخطية تبقى شريرة، ولكن القدوس يحب الخطاة. فلا ريب أن البشر أرار دنسون،
مرفوضون من روح الله، كتلك الحيوانات التي رآها بطرس تدب وتعج في الملاءة. أدرك
نفسه بدقة. هل أنت مشبه للملاك أو الحيوان؟ أفيك إرادة صالحة أكثر أو نوايا سيئة
غالبة؟ إن قلب الإنسان شرير منذ حداثته.

ولكن الله
لم يبد حاملي صورته، بل طهر كل الناس مبدئياً. فدم ابنه أوجد فداء يفوق عقولنا.
جميع الناس أطهار في عيني الله، رغم خطاياهم. لأنه قد صالح العالم لنفسه في
المصلوب. فلا تضيقن الخلاص. هل تعرف مجرماً ما، أو فاسداً أو زانياً، أو تعجرفاً،
أو متخيلاً مسكيناً؟ فاعلم أن يسوع حمل خطاياه على الصليب، وكفر عنها، ومحا سيئاته
نهائياً. إلا أن هذا الخاطئ لم يعرف بعد النعمة المعدة له بهذا الغفران والتكفير.
لا تنس كيف ينظر الله إلى البشر سواسية. منذ سال دم المسيح على الجلجثةفوق الصليب،
يعتبر القدوس كل إنسان طاهراً قديساً. وقد أرى الروح القدس بطرس هذه الرؤية ثلاث
مرات، لأن العقل الطبيعي والشعور الإنساني، لا يقبل أن الفاسد يكون سليماً،
والشرير يعتبر صالحاً، ويراه أمراً مستحيلاً. فالله صبور وأكد لبطرس المتجمدثلاث
مرات، أن الصليب قد غلب عقل الإنسان العادي. وهذه الظهورات الثلاثة تدل على أن
الله الآب والابن والروح القدس، يريد بكل إرادته الخلاصية، أن كل الناس يخلصون
وإلى معرفة الحق يقبلون. قد تم الخلاص. والله ينظر إلى كل البشر، أنهم متبررون بدم
ابنه. ولولا هذا لكان ينبغي أن يبيدهم لأجل قداسته حالاً.

الصلاة: أيها الآب
السماوي، اغفر شكوكي ومعارضة نفسي لخلاصك، واغلب عقلي ووسع قلبي. وأنر إيماني،
لأدرك وسع ومجد خلاصك. وأشهد لكل الناس، أن ابنك الحبيب، غفر على الصليب ذنوب كل
الناس. افتح فمي لقول الحكمة، وامنح اعترافي قوةالحق.

10: 17
وَإِذْ كَانَ بُطْرُسُ يَرْتَابُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا عَسَى أَنْ تَكُونَ
ٱلرُّؤْيَا ٱلَّتِي رَآهَا؟ إِذَا ٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ
أَرْسَلَهُمْ كَرْنِيلِيُوسُ، كَانُوا قَدْ سَأَلُوا عَنْ بَيْتِ سِمْعَانَ
وَوَقَفُوا عَلَىٱلْبَابِ 18 وَنَادَوْا يَسْتَخْبِرُونَ: هَلْ سِمْعَانُ
ٱلْمُلَقَّبُ بُطْرُسَ نَازِلٌ هُنَاكَ؟ 19 وَبَيْنَمَا بُطْرُسُ مُتَفَكِّرٌ
فِي ٱلرُّؤْيَا، قَالَ لَهُ ٱلرُّوحُ: «هُوَذَا ثَلاثَةُ رِجَالٍ
يَطْلُبُونَكَ. 20 لِٰنْ قُمْ وَٱنْزِلْ وَٱذْهَبْ مَعَهُمْ
غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ، لأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ». 21 فَنَزَلَ
بُطْرُسُ إِلَى ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِ
كَرْنِيلِيُوسُ، وَقَالَ: «هَا أَنَا ٱلَّذِي تَطْلُبونَهُ. مَا هُوَ
ٱلسَّبَبُ ٱلَّذِي حَضَرْتُمْ لأَجْلِهِ؟» 22 فَقَالُوا: «إِنَّ
كَرْنِيلِيُوسَ قَائِدَ مِئَةٍ، رَجُلاً بَارّاً وَخَائِفَ ٱللّٰهِ
وَمَشْهُوداً لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةِ ٱلْيَهُودِ، أُوحِيَ إِلَيْهِ
بِمَلاكٍ مُقَدّسٍ أَنْ يَسْتَدْعِيَكَ إِلَى بَيْتِهِ وَيَسْمَعَ مِنْكَ
كَلاماً». 23 فَدَعَاهُمْ إِلَى دَاخِلٍ وَأَضَافَهُمْ. ثُمَّ فِي ٱلْغَدِ
خَرَجَ بُطْرُسُ مَعَهُمْ، وَأُنَاسٌ مِنَ ٱلإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ مِنْ
يَافَا رَافَقُوهُ.

24 وَفِي
ٱلْغَدِ دَخَلُوا قَيْصَرِيَّةَ. وَأَمَّا كَرْنِيلِيُوسُ فَكَانَ
يَنْتَظِرُهُمْ، وَقَدْ دَعَا أَنْسِبَاءَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ ٱلأَقْرَبِينَ.
25 وَلَمَّا دَخَلَ بُطْرُسُ ٱسْتَقْبَلَهُ كَرْنِيلِيُوسُ وَسَجَدَ
وَاقِعاً عَلَ قَدَمَيْهِ. 26 فَأَقَامَهُ بُطْرُسُ قَائِلاً: «قُمْ، أَنَا
أَيْضاً إِنْسَانٌ». 27 ثُمَّ دَخَلَ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ مَعَهُ وَوَجَدَ
كَثِيرِينَ مُجْتَمِعِينَ. 28 فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ
مُحَرَّم عَلَى رَجُلٍ يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ
يَأْتِيَ إِلَيْهِ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي ٱللّٰهُ أَنْ لا
أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ. 29 فَلِذٰلِكَ
جِئْتُ مِنْ دُونِ مُنَاقَضةٍ إِذِ ٱسْتَدْعَيْتُمُونِي.
فَأَسْتَخْبِرُكُمْ: لأَيِّ سَبَبٍ ٱسْتَدْعَيْتُمُونِي؟». 30 فَقَالَ
كَرْنِيلِيُوسُ: «مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إِلَى هٰذِهِ ٱلسَّاعَةِ
كُنْتُ صَائِماً. وَفِي ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ كُنْتُ أُصَلِي فِي
بَيْتِي، وَإِذَا رَجُلٌ قَدْ وَقَفَ أَمَامِي بِلِبَاسٍ لامِعٍ 31 وَقَالَ: يَا
كَرْنِيلِيُوسُ، سُمِعَتْ صَلاتُكَ وَذُكِرَتْ صَدَقَاتُكَ أَمَامَ
ٱللّٰهِ. 32 فَأَرْسِلْ إِلَى يَافَا وَٱسْتَدْعِ سِمْعَانَ
ٱلْمُلَقَّب بُطْرُسَ. إِنَّهُ نَازِلٌ فِي بَيْتِ سِمْعَانَ رَجُلٍ
دَبَّاغٍ عِنْدَ ٱلْبَحْرِ. فَهُوَ مَتَى جَاءَ يُكَلِّمُكَ. 33
فَأَرْسَلْتُ إِلَيْكَ حَالاً. وَأَنْتَ فَعَلْتَ حَسَناً إِذْ جِئْتَ.
وَٱلآنَ نَحْنُ جَمِيعاً حَاضِرُونَ أَمَاَم ٱللّٰهِ لِنَسْمَعَ
جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ ٱللّٰهُ».

ما كان لله
أن يكون فيلسوفاً ناسجاً أفكاراً فارغة بعيدة عن الحقيقة. فلما كلم الله بطرس في
غيبوبته، كان خدام الضابط كرنيليوس في الطريق إليه، وبحثوا عن بيت الدباغ سمعان
ووجدوه سريعاً مقادين بتلك الرائحة الفائحة منه. وسألوا عن ضيفه بطس، رجل الله.

وكان بطرس
ما يزال شبه ضائع مما حدث له من الوحي، الذي لم يفهمه بوضوح. ولما فرك عينيه سمع
جنوداً من الطريق ينادونه باسمه ففزع. فبينما هو في أمواج السماء، إذ حضر رجال البوليس
الذين لعلهم جاءوا لأخذه إلى السجن. لكن الروح القدس دفع مقدم الرسل إلى الأمام
قائلاً له افتح عينيك وأدرك أن رؤيا الله تتحقق الآن في الواقع المنظور. فاذهب مع
هؤلاء النجسين، ولا تفكر أن في مخالفتك للناموس مضادة لله، فأنا أرسلك إلى الأمم.
لا تعتبرهم نجسين لأني أحبهم وقد طهرتهم.

لم يهرب
بطرس من البوليس، بل أطاع صوت الله، وتقدم إلى الجند الروماني مطمئناً، وأعلن
ذاته، وسألهم عن الغاية والسبب الذي دفعهم للقدوم إليه. فقصوا عليه قصصهم أن
كرنيليوس الضابط المؤمن المتواضع المحسن للأتقياء من العهد القديم، قد ظهر ل ملاك
براق وأمره بأن يستقدم بطرس إلى بيته الخاص، ليسمع منه كلمات إلهية.

وعندما سمع
بطرس منهم هذا القول، دعاهم للدخول والراحة لديه، رغم تحظير الناموس ذلك. وأضافهم
ليلة كاملة، على حين جثا هو مصلياً إلى الله، وطالباً منه الإرشاد، لأنه لم يعرف
ماذا يريد المسيح منه، ولا الأقوال التي عليه أن يتكلم بها إلى كنيليوس الوثني.
إنما الذي فهمه أن الله، قد كسر المحظورات الناموسية بواسطة الرؤيا المتكررة
ثلاثاً. وكما أن كرنيليوس أطاع مستسلماً لهدى الله، هكذا رضخ بطرس لإرشاد الروح
القدس رغم شعور ضميره المربوط بتقاليد الناموس.

وفي صباح
الغد ابتدأت رحلته بمحاذاة الشاطئ الفلسطيني من الجنوب إلى الشمال، حيث تقوم
قيصرية. وطلب بطرس إلى بعض الإخوة مرافقته كشهود، لأنه شعر بابتداء شيء يفوق العقل
والإدراك. فلم يرد الرسول اختبار هذه الحقائق الإلهية بنفسه فقط، بل طب شهوداً
يوضحون بعدئذ مقاصد المسيح بصراحة.

وبعد مسيرة
يوم كامل وصلت القافلة في صباح اليوم التالي إلى مقصدها في قيصرية. وحسب الضابط
الوقت الذي يمكن أن يحضر فيه بطرس إليه، متيقناً أن الرسول لا بد أنه يطيع صوت
المسيح مباشرة. فدعا كرنيليوس أقرباءه واصدقاءه الذين حضروا في لباس لعيد، وجلسوا
مشتركين في الصلاة منتظرين الحدث العظيم بينهم.

ولما اقترب
بطرس إلى بيت الضابط، لم ير كرنيليوس فيه ملاكاً براقاً، أو فيلسوفاً عبقرياً، ولا
نبياً بهالة حول رأسه، بل صياداً بسيطاً. ورغم هذا تقدم الضابط إليه وسجد أمامه،
عالماً أن الله يطلب التسليم كاملاً له. فسجود كرنيليوس لبطرس كن تعبيراً لإكرامه
لله في سفيره القادم إليه.

إنما بطرس
منع كل إكرام لذاته بتاتاً. وقال قف كأول كلمة وجهها للضابط. قم سريعاً. لست
إلهاً، لكني إنسان مثلك. فهذا هو المبدأ لكل سفير للمسيح، وكل أسقف وبابا، إنه ليس
أحد يستحق السجود، لأننا جميعاً خطاة متبررون. ولم ينس بطرس ماضيه، إه كان صياداً
غليظاً ومنكراً حالفاً كذوباً. أما الرب فرحمه وفوضه، ليتكلم للشعب والمجمع
الأعلى. وهكذا أرسله الآن أيضاً، ليفتح الباب لتبشير الأمم. فمنع كرنيليوس من
تأليهه وإكرامه الزائد له. وتباحثا كلاهما ودخلا البيت، حيث كانت الجموع تترقب
أعجوبة إلهية على يد الرسول. والحضور كانوا عدداً كبيراً، مزدحمين في الغرفة. وهم
وثنيون ممن يحتقرهم اليهود.

وغلب بطرس
في نفسه شعور الكراهية تجاه الحاضرين، وقال في البداية موضحاً، أنه يستحيل جلوسه
معهم حسب وصية الناموس. ولكنه قد حصل على وصية جديدة من الله، ألا يعتبر إنساناً
ما نجساً أو دنساً. وهكذا قبل أن يشترك ويجلس مع المجتمعين بدون معرضة. ورغم ذلك
وحتى تلك اللحظة، ما كان بطرس عالماً ماذا ينبغي أن يقول ويعمل، لأن فكر تبشير
الأمم كان مستحيلاً وغريباً للمسيحيين من الأصل اليهودي. فسأل الحاضرين، ماذا
يريدون منه. فعجبوا هم أيضاً! لأن رجل الله شاورهم في الأمر. فتدخل إذ ذاككرنيليوس،
وكرر رواية قصته الحاصلة مع الملاك، والتي حدثت قبل أربعة ايام وأضاف جملة عظيمة
قائلاً: نحن الآن حضور أمام وجه الله، لنسمع بدقة الإعلان عما أعطاكه الله. وهذا
هو نفس السؤال، الذي تواجهك به أنظار تلاميذك وجيرانك وأصدقائك. ما هي شهدتك؟ وما
هي معرفتك عن الله؟ وهل لديك رسالة تبلغها؟ أو أنت صامت كسمك؟ أو مختبر شيئاً من
الله، فقل ولا تصمت!

الصلاة: أيها الرب
يسوع المسيح، قلوبنا بطيئة الفهم. وعقولنا عنيدة، وإذهاننا جاهلة. افتح أعيننا،
لنرى كل إنسان مشتاقاً إلى شهادة خلاصك. علمنا إطاعة إرشاد روحك القدوس مباشرة،
لنجد الجياع إلى البر ونشبعهم بخلاصك.

10: 34
فَقَالَ بُطْرُسُ: «بِٱلْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ ٱللّٰهَ لا
يَقْبَلُ ٱلْوُجُوهَ. 35 بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ ٱلَّذِي يَتَّقِيهِ
وَيَصْنَعُ ٱلْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ. 36 ٱلْكَلِمَةُ
ٱلَّتِي أَرْسَلَهَ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يُبَشِّرُ بِٱلسَّلامِ
بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. هٰذَا هُوَ رَبُّ ٱلْكُلِّ. 37 أَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ ٱلأَمْرَ ٱلَّذِي صَارَ فِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ
مُبْتَدِئاً مِنَ ٱلْجَلِيلِ، بَعْدَ ٱلْمَعْمُودِيّةِ ٱلَّتِي
كَرَزَ بِهَا يُوحَنَّا. 38 يَسُوعُ ٱلَّذِي مِنَ ٱلنَّاصِرَةِ كَيْفَ
مَسَحَهُ ٱللّٰهُ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ
وَٱلْقُّوَةِ، ٱلَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْراً وَيَشْفِي جَمِيعَ
ٱلْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَّن ٱللّٰهَ كَانَ
مَعَهُ. 39 وَنَحْنُ شُهُودٌ بِكُلِّ مَا فَعَلَ فِي كُورَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ
وَفِي أُورُشَلِيمَ. ٱلَّذِي أَيْضاً قَتَلُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى
خَشَبَةٍ. 40 هٰذَا أَقَامَهُ ٱللّٰهُ فِي ٱلْيَوْمِ
ٱثَّالِثِ، وَأَعْطَى أَنْ يَصِيرَ ظَاهِراً، 41 لَيْسَ لِجَمِيعِ
ٱلشَّعْبِ، بَلْ ِشُهُودٍ سَبَقَ ٱللّٰهُ
فَٱنْتَخَبَهُمْ. لَنَا نَحْنُ ٱلَّذِينَ أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا
مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ. 42 وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ
لِلشَّعْبِ، وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هٰذَا هُوَ ٱلْمُعَيَّنُ مِنَ
ٱللّٰهِ دَيَّاناً لِلأَحْيَاءِ وَٱلأَمْوَاتِ. 43 لَهُ
يَشْهَدُ جَمِيعُ ٱلأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ
بِٱسْمِهِ غُفْرَان ٱلْخَطَايَا».

عندما ألح
كرنيليوس على بطرس ليعلن معرفته عن الله، استنار مقدام الرسل وأدرك، أن كلمة الله
ليست معطاة لليهود فقط، بل أن كل إنسان تقي مستقيم حنيف يستحق السماع عن الله،
وماذا عمل في المسيح. فهذا الإدراك كان انفتاحاً لعقل بطرس وكل المؤنين المرافقين
له، ولاحظوا أن المسيح الآن، قد بدأ بهدم الحائط الفاصل بينهم وبين الأمم. وعلموا
مندهشين أن الله يقبل إناساً من كل الشعوب واللغات والألوان والدرجات الحضارية
والمترفهة إذا طلبوا الله باستقامة قلب، ومرنوا أنفسهم في الأعمال الصلحة.

وعندئذ أعلن
بطرس هدف الإيمان المسيحي بكل بساطة، ولخص كل معانيه في جملة واحدة واسم واحد.
فقال: يسوع المسيح هو رب الكل. فمن يقبل هذا الوسيط بين الله والناس يحصل على سلام
في ضميره. وهذه الرسالة عن المصالحة الإلهية استودعت أولا لأيدي بناء العهد القديم
الذين ركضوا بين كل المدن والقرى اليهودية والسامرة والجليل. ووصل هذا الخبر إلى
قيصرية بواسطة فيلبس الشماس، الذي بشر اليهود وقليلاً من الأمميين. لكن بمجيء بطرس
إلى هذه البلدة فتح المسيح الإنجيل إلى كل الناس رسمياً، حتى تمت في الرسول الكلمة
المعطاة لإبراهيم: تتبارك فيك جميع قبائل الأرض.

وبعدئذ قص
الرسول على الحاضرين أهم الوقائع لحياة يسوع، كيف نزل من بلدة جبلية في الجليل إلى
وادي الأردن العميق الحار، ليلتقي بيوحنا المعمدان، الذي اجتمع عنده كثير من
المشتاقين إلى الله. وهناك فتح الله السماء ومسح يسوع بالروح القدس عانية، واعطاه
القوة للخدمة، ليشفي كل الأمراض، ويطرد الشياطين، ويكرز بالإنجيل. ولم يقدم يسوع
افكاراً خيالية فلسفية بدون تحقيق عملي، بل عمل ما قال وحقق إرادة الله المعلنة
إنجيله. وبطرس والرسل الباقون كانوا شهوداً لحياة يسوع، ورأوا بأعينهم نه عاش في
انسجام كامل مع الله، الذي عمل بواسطته. فسلطان المسيح لا ريب فيه.

وحصل
المستحيل للعقل الإنساني، أن الناس قتلوا قدوس الله هذا، بطريقة الصلب، على خشبة
العار المعدة للعبيد الفارين وللمجرمين الدنسين. أما الله فأثبت براءة محبة ابنه،
وأعلن قداسته لما أقامه من بين الأموات. حتى أن يسوع تجول مشكوفاً وملمساً بين
الأحياء. ولكنه لم يلتق بكل الناس في مدينة القدس، بل بالنخبة التي منها بطرس.
وعاش معهم وأكل وشرب، ليتأكدوا عن حقيقة جسده الذي قام فيه.

والمسيح
علمهم في الأيام الأربعين التي هي ما بين القيامة والصعود أسرار ملكوت أبيه
السماوي. وقال لهم أن الله قد دفع إليه كل السلطان في السماء وعلى الأرض. وهكذا
يكون يسوع هو الديان لكل البشر، والرب على الأحياء والأموات. وحتى كرنيليوس وكل
المجتمعين كانوا خاصته، ونحن أيضاً.

أما الخوف
من هذا القادر فهو ممنوع، لأن كل الأنبياء الصالحين قد أنبأوا، أن كل من يؤمن باسم
يسوع المسيح ينل غفران الخطايا ولا يدخل إلى دينونة. فالآتي من الله أوجد منفذاً
أكيداً من يوم الدين، وفتح الباب إلى السماء على مصراعيه. فليس عينا الخوف لأجل
خطايانا، ولا الارتجاف لغضب الله العادل، لأن ابن الله غسل بدمه ذنوبنا، وقدسنا
نهائياً وقربنا إلى الله أبينا السماوي.

فمن يؤمن
بهذه الحقائق يتبرر، ومن يقبل إنجيل الخلاص يتقدس. وبهذه الكلمات قدم مقدام الرسل
لأول مرة ملء نعمة يسوع المسيح إلى الأمم الوثنية، وفتح لهم الحق في كفارة المسيح.
فجذب بطرس المستمعين إلى الإيمان والانسجام بمشيئة الله الخلاصية

ولم يثبت
بطرس بكلمات خصوصية وبصائر عميقة أسرار فداء المسيح لاهوتياً ومنطقياً، بل شهد
بحقائق تاريخية شاهداً ليسوع. وذكر هذه الأحداث هو الذي أوجد الخلاص في مستمعيه،
وليس التوبيخ على خطاياهم أو استدرار الدموع. فأرشدهم بطرس ألا ينظروا إليه، بل
رسم يسوع أمام أنظارهم. لأن الإيمان بيسوع وحده يخلص. ومن يثق به، يتقدس.

وفي هذه
المقابلة نجد تثبيتاً تاريخياً فريداً لصلب يسوع، لأن قائد المئة الروماني ما كان
ليوافق البتة على شهادة بطرس عن صلب يسوع لولا أنها حدثت عملياً. ولكن هذه الحقيقة
كانت معروفة وقد وضحها بطرس سبباً لخلاصنا.

الصلاة: أيها الرب
يسوع المسيح أنت رب كل الناس. وقد اشتريتهم لله بدمك الثمين وحصلت بعد قيامتك على
كل السلطان، في السماء وعلى الأرض. فساعدنا أن نستسلم لك تماماً، وتوضح لكل الناس
بلا خوف أنك أنت الرب الوحيد لمجد الله الآب

10: 44
فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهٰذِهِ ٱلأُمُورِ حَلَّ
ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ ٱلَّذِينَ كَانُوا
يَسْمَعُونَ ٱلْكَلِمَةَ. 45 فَٱنْدَهَشَ ٱلْمُؤْمِنُونَ
ٱلَّذِينَ مِنْ أَهْلِ ٱلْخِتَانِ، كُلُّمَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ
لأَنَّ مَوْهِبَةَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ قَدِ ٱنْسَكَبَتْ عَلَى
ٱلأُمَمِ أَيْضاً – 46 لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ
بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ ٱللّٰهَ. حِينَئِذٍ قَالَ بُطْرُسُ: 47
«أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ ٱلْمَاءَ حَتَّى لا يَعْتَمِدَ
هٰؤُلاءِ ٱلَّذِينَ قَبِلُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ كَمَا
نَحْنُ أَيْضاً؟» 48 وَأَمَرَ أَنْ يَعْتَمِدُوا بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ.
حِينَئِذٍ سَأَلُوهُ أَنْ يمْكُثَ أَيَّاماً.

أثبت الله
موعظة بطرس البسيطة عن حقائق حياة المسيح وخلاصه بانسكاب الروح القدس على كل الذين
سمعوا هذه الكلمات. وهذه الحادثة تكسر كل كلمات معقدة متعالية رنانة، وتتجنب كل
موهبة خطابية براقة. فالله يرفض كل متعال أمام الناس، ويكره الروحالمستكبر ويبارك
العظة الموضوعية عن حياة ابنه وصلبه وقيامته بواسطة انسكاب الروح القدس. هل تريد
استنارة أصدقائك وخلاصهم؟ فادرس عظة بطرس أمام الحضور في بيت كرنيليوس، فتدرك كيف
أن الله يوافق على الشهادة البسيطة عن المسيح، ويلهم المتكلم بقوةالسماء.

لقد فتح
الإيمان قلوب المستمعين. فقدر روح الله أن يدخل فيهم بلا مانع. وبرهن الرب الحي
بواسطة هذا الانسكاب لليهود أن الختان ومعرفة الناموس وحفظ الوصايا ليست ضرورية
لنيل هبة الله، بل الإيمان وحده يبرر. وليس لإنسان حق واستحقاق أمام اله. أما الذي
يقبل المسيح ويضع نفسه تحت بر دمه، فهذا مرضي أمام العلي.

إن الروح
القدس في العالم لا يزال يجري منذ عيد العنصرة كأنهر عريضة إلى الذين يؤمنون بيسوع.
وبدون إيمان بالمسيح لا يأتي الروح القدس إلى القلب، لأن الروح يمجد الابن. ولكن
حيث يفتح طالب الله نفسه لإنجيل المسيح ينيره الروح المبارك، وينشئ ثقته في ابن
الانسان، فيدركه ابن الله، حتى تحل حياة المسيح في المؤمن. فالروح القدس يحقق
الايمان بالمسيح بارتكازه في قلوبنا. فليس روح الله فكراً خيالياً أو شعوراً
عابراً أو نتيجة من شعورنا الباطني، بل إنه الجوهر الإلهي الحال في المؤمن.

عندئذ ينبع
من الذي كان أنانياً محبة الله. والذين لم يعرفوا الله من قبل يسمونه أباهم بغبطة.
فتسابيح الحمد وشهادات الانتصار تصعد إلى وحدة الثالوث الأقدس، لأن روح الرب هو
روح الشكر وقوة الحياة وفرح السلام. وليس في إلهنا ضيق، بل فرح وسرة ورأفة. هل
تعرف الحياة في الروح القدس؟ آمن بالرب يسوع وفدائه من كل قلبك، فتمتلئ بحياة
المسيح اليوم.

وفزع اليهود
ولعل بطرس نفسه كان فزعاً أيضاً، لما رأوا كيف انسكب الروح القدس على المؤمنين
بدون معمودية، ووبدون اعتراف بالخطايا أو حركة خاصة من المستمعين. فالإيمان وحده
خلصهم، ليس الأعمال ولا الصلوات ولا الصوم. وليس من حاجة للختان، ولا ضرورة للطقوس
من القيام والقعود والركوع والسجود، لأن الجالسين امتلأوا من محبة الله ونوره
المبين.

فقرر بطرس
عندئذ بجرأة أن الرمز الخارجي لقبول المؤمن في كنيسة المسيح أي المعمودية، لا يجوز
أن يمنع عن الذين قبلهم الله بواسطة انسكاب روحه، وأدخلهم إلى عائلته. والروح
القدس الذي حل في بطرس والمؤمنين من الأصل اليهودي، هو نفسه روح محب الله، الذي
دخل في الوثنيين وحلول الروح القدس عليهم، فعمدوهم مطيعين لإرشاد الرب، وثبتوهم في
اسم يسوع. وكان عدد هؤلاء المتجددين كبيراً، لأن كرنيليوس ملأ بيته بأقرباءه
وأصدقائه. فتكونت كنيسة هناك دفعة واحدة في قيصرية، المركز الروماني الرئسي في
فلسطين.

والمؤمنون
الجدد ألحوا على بطرس وأصدقائه، أن يمكثوا معهم، ويشركوهم بالفرح والاختبارات
والمعارف في ملء خلاص الله. فتكاثر الحمد في تلك الأيام، وتصاعدت التسابيح للآب
والابن، لأنه فتح الباب للأمم على مصراعيه، ليس ببولس بل بمقدام الرسل طرس، وخطط
مسير الكنيسة جهراً ونهائياً. ومنذ هذه الساعة يجري الإنجيل إليك أيضاً، وتستطيع
قبول الروح القدس بواسطة إيمانك بالمسيح يسوع.

الصلاة: أيها الرب
يسوع، نشكرك لأنك أصبحت إنساناً لأجلنا. ومت وتحملت خطايانا على كاهلك. وصالحتنا
مع الله، وقمت من الموت لتبريرنا. ونشكرك لروحك القدوس المعطى لنا. ونطلب إليك
انسكابه على أصدقائنا وأعدائنا.

هل تبحث عن  هوت دستورى الطلاق 38

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي