الإصحَاحُ
السَّادِسُ

 

12 –
تجارب خدمة الإنجيل (2كورنثوس 6: 1 – 10)

1فَإِذْ
نَحْنُ عَامِلُونَ مَعَهُ نَطْلُبُ أَنْ لا تَقْبَلُوا نِعْمَةَ اللّه بَاطِلاً. 2
لأَنَّهُ يَقُولُ: «فِي وَقْتٍ مَقْبُولٍ سَمِعْتُكَ، وَفِي يَوْمِ خَلاصٍ
أَعَنْتُكَ». هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاصٍ. 3
وَلَسْنَا نَجْعَلُ عَثْرَةً فِي شَيْءٍ لِئَلا تُلامَ الخِدْمَةُ. 4 بَلْ فِي
كُلِّ شَيْءٍ نُظْهِرُ أَنْفُسَنَا كَخُدَّامِ اللّه، فِي صَبْرٍ كَثِيرٍ، فِي
شَدَائِدَ، فِي ضَرُورَاتٍ، فِي ضِيقَاتٍ، 5 فِي ضَرَبَاتٍ، فِي سُجُونٍ، فِي
اضْطِرَابَاتٍ، فِي أَتْعَابٍ، فِي أَسْهَارٍ، فِي أَصْوَامٍ، 6 فِي طَهَارَةٍ،
فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي الرُّوحِ القُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلا
رِيَاءٍ، 7 فِي كَلامِ الحَقِّ، فِي قُّوَةِ اللّه بِسِلاحِ البِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَارِ.
8 بِمَجْدٍ وَهَوَانٍ. بِصِيتٍ رَدِيءٍ وَصِيتٍ حَسَنٍ. كَمُضِلِّينَ وَنَحْنُ
صَادِقُونَ. 9 كَمَجْهُولِينَ وَنَحْنُ مَعْرُوفُونَ. كَمَائِتِينَ وَهَا نَحْنُ
نَحْيَا. كَمُؤَدَّبِينَ وَنَحْنُ غَيْرُ مَقْتُولِينَ. 10 كَحَزَانَى وَنَحْنُ
دَائِماً فَرِحُونَ. كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ. كَأَنْ لا شَيْءَ
لَنَا وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ (2كورنثوس 6: 1 – 10).

 

في
هذا الجزء نجد ثلاثة أقسام:

في
الآيات 1 – 5 يوضح الرسول بولس التجارب التي تصيب سفراء المسيح، والتي يجب أن
يحتملوها. فهؤلاء السفراء «عاملون معه» في المناداة بالإنجيل، وفي حث الناس على
قبول خلاص المسيح. لقد قال بولس عن نفسه وعن أبلوس إنهما عاملان مع الله (1كور 3:
9) وهذا يعني أن الله يعمل بالمؤمنين به ليخلص العالم بالمسيح، لا لأن الله محتاج
إلى مساعدة البشر، لكن لأنه يعطيهم أن يشتركوا في شرف الخدمة.

 

ويعمل
خدام المسيح على أن يكون قبول المؤمنين لنعمة الله ليس باطلاً، حتى يقبلوا النعمة
بطريقة صائبة، ويقبلوا الإنجيل الذي أعلنه بولس، ويعيشوا حياةً تُظهِر أنهم قبلوا
نعمة الله في المسيح، وأن محبة المسيح تحصرهم. ويقتبس الرسول كلمات جاءت في إشعياء
49: 8 «في وقت مقبول سمعتك، وفي يوم خلاص أعنتك». ويقول الرسول إن هذا الوقت
المقبول قد جاء «هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص». حل الوقت الذي تحقَّقت
فيه النبّوة. وعلى الذين يخدمون الله أن لا يضعوا عثرة تُعثِر الناس حتى لا تُلام
خدمتهم للمسيح.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس س سَعِيرة ة

 

ثم
يوضح الرسول ما نفحص به الخدمة الحقيقية للخادم:

هل هو
صبور؟ «في صبر كثير» – فعندما تواجهه الضرورات والضيقات، أو عندما تلاقيه الضربات
والسجون والاضطرابات والأتعاب والأسهار والأصوام، هل يحتمل هذه كلها في سبيل خدمة
المسيح؟

 

ويمضي
الرسول ليذكر بعض الصفات التي تميّز الخادم الحقيقي (آيتا 6، 7). هل هو طاهر؟ هل
هو عالم بكلمة الله؟ هل هو طويل الأناة، صبور في مواجهة المواقف المؤلمة؟ هل هو
لطيف يساعد الآخرين ليجدوا سلامهم النفسي؟ هل هو في الروح القدس ممتلئ بقوته؟ هل
هو في محبة بلا رياء؟ يحب من كل قلبه بدون تظاهر؟ هل يقول كلمة الحق التي أُعلنت
في الإنجيل؟ هل هو في قوة الله وليس في قوة نفسه أو قوة الإقناع العقلي؟ هل يلبس
سلاح البر حتى يحمي نفسه من الهجوم الذي يجئ عليه من اليمين ويجئ عليه من اليسار؟
وهل يمسك في يمينه سيف الروح ويمسك بيده اليسرى ترس الإيمان الذي يستطيع به أن
يطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة؟ (أفسس 6: 16، 17).

 

أما
في الآيات 8 – 10 فإن الرسول بولس يقدّم مجموعة من الصفات التي تبدو متناقضة في
الظاهر، لكنها جميعاً ليست متناقضة بل مطلوبة في خادم المسيح الحقيقي. فهو يلْقَى
أحياناً الكرامة وفي أحيان أخرى يلقى الهوان. أحياناً تكون سمعته حسنة وأحياناً
يسيء الناس إلى سمعته. يصدّقه بعض الناس بينما يعتبره البعض الآخر كاذباً. مجهول
عند بعض الناس ومعروف عند البعض الآخر. يحسبه البعض ميتاً لا حياة فيه، بينما يجده
آخرون مليئاً بحياة المسيح. كثيراً ما يصل به الحال قريباً إلى الموت ولكنه يبقى
حياً. يحزن بسبب تجارب ومتاعب كثيرة، ولكن فرح الله يملأ قلبه. لا يملك كثيراً من
أمور هذه الدنيا، ولكن عنده كنزاً من النعمة يُغني كثيراً من الناس. يبدو أنْ لا
شيء عنده من الثروة، لكنه يملك كل شيء، لأنه يملك الثروة الحقيقية.

هل تبحث عن  هوت دفاعى عظمة الكتاب المقدس وحفظ الله له 06

 

13 –
دعوة للإنفصال (2كورنثوس 6: 11-18)

11فَمُنَا
مَفْتُوحٌ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الكُورِنْثِيُّونَ. قَلْبُنَا مُتَّسِعٌ. 12
لَسْتُمْ مُتَضَيِّقِينَ فِينَا بَلْ مُتَضَيِّقِينَ فِي أَحْشَائِكُمْ. 13
فَجَزَاءً لِذالكَ أَقُولُ كَمَا لأَوْلادِي: كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً
مُتَّسِعِينَ! 14 لا تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ المُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ
أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ
الظُّلْمَةِ؟ 15 وَأَيُّ اتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ
لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ المُؤْمِنِ؟ 16 وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللّه
مَعَ الأَوْثَانِ؟ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللّه الحَيِّ، كَمَا قَالَ
اللّه: «إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهاً
وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً. 17 لِذلكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسَطِهِمْ
وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلا تَمَسُّوا نَجِساً فَأَقْبَلَكُمْ، 18
وَأَكُونَ لَكُمْ أَباً وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ» يَقُولُ
الرَّبُّ القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.

 

قبل
أن يطلب الرسول بولس من مؤمني كورنثوس أن ينفصلوا عن العالم، يعبّر لهم عن حبه
الشديد. إن قلبه وفمه مفتوح لهم، فهو يكتب إليهم، وهو يحفظهم في قلبه. فإن كان
هناك ما يمنع وصول حبه إليهم فليس العيب فيه. وهو يطلب منهم أن يوسِّعوا قلوبهم
ليدركوا محبته، وكأنه يقول لهم «عاملونا بمثل ما نعاملكم، وافتحوا أنتم أيضاً
قلوبكم لنا، كما فتحنا نحن قلوبنا لكم».

 

يقدم
الرسول بولس لأهل كورنثوس سبباً من أسباب ضعفهم الروحي، وهو اختلاطهم بغير
المؤمنين، فإنهم كانوا معهم تحت نير واحد. ولعله يقتبس ما جاء في التثنية 22: 10
حيث يقول الله «لا تحرث على ثور وحمار معاً». لقد كانوا يستعملون الثور والحمار في
حمل نير المحراث، ولكن لما كان حجمهما مختلفاً، وقوتهما مختلفة، فلم يكن من
المناسب أن يضعوا الثور والحمار معاً تحت نير المحراث الواحد، فهذا ظلم كبير
لكليهما. وليس المقصود هنا أن المؤمنين يقاطعون غير المؤمنين تماماً، وإلا فيلزمهم
أن يخرجوا من العالم (1كورنثوس 5: 9، 10) وقد قال بولس إنه إنْ دعاكم شخص غير مؤمن
لوليمة وتريدون أن تذهبوا، فكلُّ ما يُقدَّم لكم كُلُوا منه غير فاحصين من أجل
الضمير (1كور 10: 27). على أن الرسول يحذر من انضمام المؤمنين إلى غير المؤمنين في
أهداف الحياة أو في الصفات. وهو يقصد أنه لا يجب أن المؤمن يتزوج من غير المؤمن،
كما لا يجب أن ينضم المؤمن إلى غير المؤمنين في صداقة عميقة، فإن مثل هذه الصداقة
العميقة – وإن بدت بريئة – إلا أنها ستؤذي حياة المؤمن أذى كبيراً، فالمعاشرات
الردية تفسد الأخلاق الجيدة (1كورنثوس 15: 33).

هل تبحث عن  كتب أبوكريفا عهد قديم أسدراس الأول 09

 

ويسأل
الرسول خمسة أسئلة توضح ضرورة انفصال المؤمن الروحي عن غير المؤمنين، وبعد ذلك
يقدم بعض الوعود المباركة التي يقدمها الله للذين ينفصلون عن غير المؤمنين من
أجله.

 

والأسئلة
الخمسة ترينا أشياء مختلفة: ففي جانب نرى البرَّ والنور والمسيح والإيمان وهيكل
الله، وفي الجانب الآخر نرى الإثم والظلمة وبليعال وغير المؤمن والأوثان. والمقصود
ببليعال إبليس. ما أكبر التناقض بين هاتين القائمتين، لا يمكن أن نجمع بين
الاستقامة والعَوَج، النور والظلمة، المسيح وإبليس. ان الذي يحاول أن يجمع بين
الاثنين يشبه من يحاول الجمع بين النار والماء، ولا يسبب لنفسه إلا العذاب
والمتاعب. إن المؤمنين بالمسيح هياكل روحية، يسكن الله في وسطهم، ويسير بينهم كما
كان المسيح يتمشى وسط المنائر السبع، ولذلك فإنهم يجب أن ينفصلوا عن العالم الشرير
ليتمتعوا ببركة حضور الله في وسطهم… كمؤمنين بالمسيح يجب أن نكون في العالم، دون
أن نكون من العالم. وعلينا أن نبتعد عن الأشياء التي تلّوِثنا في هذا العالم، فإذا
أخذنا هذا الموقف فإننا نكون فعلاً أبناء الآب، ويظهر لجميع الناس من عملنا أننا
أبناء الله وبناته.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي