تَفْسِير رِسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ

إبراهيم سعيد

(الكنيسة
المشيخية)

 

مدينة
أفسس

كانت
هذه المدينة واقعة على الساحل الغربي لآسيا الصغرى، وكانت عاصمة ذلك الجزء من
القارة الآسيوية، وقد اشتهرت بعظمتها من النواحي الدينية والسياسية والتجارية.

 

وكان
معظم سكان أفسس من أصل يوناني كما كان بينهم عدد كبير من اليهود المشتغلين
بالتجارة (أع 18 : 19 – 24، 19 : 1، 17، 34).

 

وكان
في تلك المدينة هيكل إلهة اليونانيين والرومانيين الكاذبة التي كانت تدعى عند
الرومانيين " ديانا " وعند اليونانيين " أرطاميس " (أع 19 :
23 – 36) وكان ذلك الهيكل معتبرا وقتئذ أحد عجائب الدنيا السبع*.

 

ويبدو
كأن الروح القدس قصد عن طريق ذلك الهيكل الفخم أن يقود المؤمنين إلى معرفة الحق
السامي الخاص بالهيكل الروحي، أعني " بيت الله " الذي هو كنيسة الله أي
جميع المؤمنين الحقيقيين المبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر
الزاوية " الذي فيه كل البناء مركبا معا ينمو هيكلا مقدسا في الرب. الذي فيه
أنتم أيضاً مبنيون معا مسكنا لله في الروح " (أف 2 : 19 – 22). لقد هدم هيكل
الإلهة ديانا – هدمه الغوطيون سنة 262 ميلادية، أما الكنيسة بيت الله فإن ابواب
الجحيم لن تقوى عليها.

 

لقد
كانت أفسس وقتئذ أعظم مركز للعبادة الوثنية الكاذبة والتي كثرت معها أعمال السحر
والشعوذة (أع 19 : 19) كما اعتقد الجميع في آسيا أن تمثال هذه الإلهة قد هبط من
السماء (أع 19 : 35).

 

· كان
ذلك الهيكل مبنيا من أنقى أنواع الرخام وطوله 425 قدما وعرضه 220 قدما، وكان سقفه
قائما على 127 عمودا من الرخام النقى، وأرتفاع كل عمود اكثر من 60 قدما، وقد
استغرق بناء ذلك الهيكل أكثر من مائتى سنة.

 

وقد
كان في مدينة أفسس مجمع لليهود ولكن ذلك المجمع بممارساته الناموسية المتنوعة لم يستطع
أن يبدد ظلمات الوثنية التي كان الأفسسيون بل وجميع سكان آسيا غارقين فيها. ولكن
شكرا لله فإن شيئا عجيبا حدث هنالك، ذلك أن إنجيل ربنا يسوع المسيح، الذي هو قوة
الله للخلاص قد كرز به في أفسس بل وسمعه جميع سكان آسيا فحطم عظمة تلك الإلهة
الكاذبة فلم تقم لها قائمة بعد ذلك.

 

لقد
استطاع الإنجيل أن يعمل ما كان يخشاه ديمتريوس زعيم الصناع من أن يحسب هيكل
ارطاميس الإلهة العظيمة لا شيء ومن أن تهدم عظمتها، هذه التي يعبدها جميع آسيا
والمسكونة (أع 19 : 27).

 

الكرازة
بالإنجيل في أفسس

لسنا
نعلم بالتحقيق كيف ومتى كرز بالإنجيل في أفسس، ولكننا نعلم أنه لما حل الروح القدس
على المؤمنين الذين كانوا مجتمعين معا في يوم الخمسين، كان بين الرجال اليهود
الأتقياء الساكنين في أو رشليم من كل أمة تحت السماء بعض رجال من آسيا (التي كانت
أفسس عاصمتها) (أع 2 : 9). هؤلاء سمعوا بشارة الإنجيل وتابوا وآمنوا بالمسيح.

 

كذلك
واضح أن الرسول زار مدينة أفسس لأول مرة وهوفي طريقه من كورنثوس إلى سوريا عند
عودته من أو ربا، من سفرته التبشيرية الثانية*، وانه دخل المجمع وحاج اليهود ولكنه
لم يمكث طويلا بل ترك أكيلا وبريسكلا هناك (أع 18 : 19، 20).

 

ثم
واضح أيضاً أن الرب استخدم هنالك ابلوس الاسكندري، الذي أتى إلى أفسس، وكان رجلا
فصيحا ومقتدرا في الكتب وخبيرا في طريق الرب، وكان وهو حار بالروح يتكلم ويعلم
بتدقيق ما يختص بالرب عارفا بمعمودية يوحنا فقط، ولكن إذ سمعه أكيلا وبريسكلا
أخذاه وشرحا له طريق الرب بأكثر تدقيق (أع 18 : 24 – 26).

 

و
واضح بكل يقين أن الرسول العظيم بولس عاد إلى أفسس مرة أخرى، وأن مدة السنوات
الثلاث التي قضاها في أفسس كارزا ومعلما " ليلا ونهارا " أتت بابرك
الثمرات في خلاص نفوس كثيرة وفي تعليم المؤمنين " جهرا وفي كل بيت " (أع
19 : 1-20، 20 : 20-31).

 

 "
فقال لهم فبماذا اعتمدتم؟ " فأجابوه " بمعمودية يوحنا " فالذي حدا
بالرسول أن يسألهم عن المعمودية هو يقينه بأن من أعتمد بالمعمودية المسيحية لا
يمكن أن يجهل حقيقة الولادة الجديدة. لوكانوا اعتمدوا بالمعمودية باسم الرب يسوع
لكانوا بلا ريب عرفوا عن الإنجيل وقوته المخلصة.

 

أن كل
ما كان يدركه هؤلاء التلاميذ قد تعلموه من ابلوس الذي مع أنه كان رجلا فصيحا
ومقتدرا في الكتب وحارا بالروح إلا أنه كان عارفا معمودية يوحنا فقط. فلم يكن
مدركا لحقيقة الفداء الكامل بعمل ربنا يسوع المسيح فوق الصليب وقيامته من بين
الأموات وصعوده إلى السماء. لقد علم ابلوس بمعمودية التوبة التي تتطلع إلى الملك
الآتي، أما المعمودية المسيحية فإنها تتطلع إلى الوراء حيث أكمل عمل الخلاص بذاك
الذي ولد من عذراء وعاش عيشة القداسة الفريدة والكاملة " القدوس "
وتتطلع إلى موته الكفاري وإلى نصرة قيامته، وإلى صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين
الاب. أن المعمودية المسيحية هي برهان اتحاد كل ابن حقيقي لله مع المسيح في الموت
والدفن والقيامة. وقد كانت نتيجة حديث الرسول بولس مع أولئك التلاميذ انهم "
لما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع " (أع 19 : 5).

 

 ثم
إذ تتبعنا الرسول بولس في خدمته في أفسس نجده في مجمع اليهود كان يجاهر مدة ثلاثة
شهور محاجا ومقنعا في ما يختص بملكوت الله " (أع 19 : 8) ولكن لما كان قوم من
اليهود يتقسون ولا يقنعون شاتمين الطريق أمام الجمهور اعتزل عنهم وأفرز التلاميذ
محاجا كل يوم في مدرسة إنسان اسمه تيرانس (ع9) لقد رفض بولس أن يبقى في شركة مع من
ينكرون سيده " أية شركة للنور مع الظلمة. وأي أتفاق للمسيح مع بليعال "
إن الأمر الإلهي الصريح " أخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب " (2 كو6
: 14-18). أن كل خادم أمين للمسيح لا يتوانى عن الانفصال عمن ينكرون اسم سيده أو
قيمة عمله الفدائي.

 

لقد
كانت الكنيسة في أفسس تجتمع في تلك المدرسة، إذ ليست العبرة بمكان الاجتماع
وبفخامة تشييده بل بأمانة المجتمعين باسم الرب وفي حضرته (مت 18 : 20) لقد أراد
الرب أن تسمع آسيا كلمة الإنجيل، ولمدة سنتين استمر بولس كارزا ومعلما في كل يوم "
حتى سمع كلمة الرب يسوع جميع الساكنين في آسيا من يهود ويونانيين " (أع 19:
9، 10).

 

كذلك
كان عمل النعمة في نفوس الذين آمنوا عملا حقيقيا ومثمرا " وكان اسم الرب يسوع
يتعظم. وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم. وكان كثيرون من
الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها أمام الجميع. وحسبوا اثمانها فوجدوها
خمسين ألفا من الفضة. وهكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة " (أع 19 :
17-20).

 

مقاومات
الكرازة في أفسس

مع أن
الله قد بارك كثيراً كرازة وخدمة الرسول بولس في أفسس وأيدها بالقوات " غير
المعتادة " التي صنعها على يديه، إلا أنه لقي مقاومات عنيفة من الشيطان
وأعوانه، فقد بدأت تلك المقاومات عندما كان قوم من اليهود قد قسوا ولم يقنعوا
بكرازته بل كانوا يشتمون الطريق أما الجمهور كما سلفت الاشارة (أع 19 : 9) وفيما
كتبه الرسول نفسه في بعض رسائله نرى كم لقى من المقاومات العنيفة، ففي 1كو15 : 32
يقول " كإنسان قد حاربت وحوشا في أفسس " مشيرا بذلك بدون شك إلى
المقاومات الشديدة التي لقيها هناك ولا سيما من اليهود ثم يقول أيضاً "
ولكنني أمكث في أفسس إلى يوم الخمسين لانه قد انفتح لي باب عظيم فعال ويوجد
معاندون كثيرون " (1كو16 : 8، 9) ثم قوله بعد ذلك في رسالته الثانية "
فاننا لا نريد أن تجهلوا أيها الاخوة من جهة ضيقتنا التي أصابتنا في آسيا إننا
تثقلنا جدا فوق الطاقة حتى أيسنا من الحياة أيضاً " (2كو1 : 8) لقد كانت
للشيطان أيضاً وسائله المتنوعة في مقاومة عمل الله، فلم يكتف بالمقاومات القاسية
التي أثارها على خادم الرب الأمين بولس وعلى خدمته، بل استعمل وسيلة أخرى وهي
تقليـد عمل الله بواسطة سبعة بنين لسكاوا رجل يهودي رئيس كهنة " فشرع قوم من
اليهود الطوافين المعزمين أن يسموا على الذين بهم الأرواح الشريرة باسم الرب يسوع
قائلين نقسم عليك بيسوع الذي يكرز به بولس " لقد كان هؤلاء التعساء المجدفون
يجهلون عاقبة استخدام الاسم القدوس المبارك – اسم ربنا يسوع في سحرهم وعرافتهم،
فالإنسان الذي كان فيه الروح الشرير وثب عليهم وغلبهم وقوى عليهم حتى خرجوا من ذلك
البيت عراة ومجرحين حتى صار ذلك معلوما عند الجميع " وكان اسم الرب يسوع
يتعظم " (أع 19 : 13-17) شكرا لله فانه بالرغم من شدة وقسوة مقاومات العدوفإن
كلمة الرب كانت " تنمو وتقوى بشدة " (أع 19 : 20) لأنه مهما اشتد هجوم
الشيطان وأعوانه فإن كلمة الرب لا يمكن أن ترجع إليه فارغة.

هل تبحث عن  م المسيح المسيح وأمثالة 02

 

لم
تكن هذه كل المقاومات التي لقيها الرسول بولس في أفسس، إذ واجه مقاومة أخرى شديدة
وقاسية، فإن إنسانا اسمه ديمتريوس صائغ صانع هياكل فضة للألهة ارطاميس، كان ذا
نفوذ بين الصناع إذ كان يكسبهم مكسبا ليس بقليل، لذا جمعهم هم والفعلة في مثل ذلك
العمل وهيجهم ضد الرسول بولس قائلا " أنتم تعلمون أن سعتنا انما هي من هذه
الصناعة. وانتم تنظرون وتسمعون انه ليس من أفسس فقط بل من جميع آسيا تقريبا استمال
وأزاغ بولس هذا جمعا كثيراً قائلا أن التي تصنع بالأيادي ليست آلهة. فليس نصيبنا
هذا وحده في خطر من أن يحصل في إهانة بل أيضاً هيكل ارطاميس الإلهة العظيمة أن
يحسب لا شيء وأن سوف تهدم عظمتها هي التي يعبدها جميع آسيا والمسكونة " (أع
19 : 24- 27). عندئذ غضبوا وطفقوا يصرخون قائلين عظيمة هي أرطاميس الأفسسيين حتى
امتلأت المدينة كلها اضطرابا وخطفوا غايوس وارسترخس رفيقي بولس في السفر (ع 28،
29).

 

ثمار خدمة
الرسول في أفسس

 يجدر
بنا أن نشير بكل إيجاز إلى ثمار خدمة الرسول بولس في أفسس أو بالحري إلى نصرة
الإنجيل ليس في أفسس فقط بل وفي كل آسيا (آسيا الصغرى) " حتى سمع كلمة الرب
يسوع جميع الساكنين في آسيا من يهود ويونانيين " (أع 19 : 10). هؤلاء لم
يسمعوا كلمة الله فقط بل أن كثيرين منهم قبلوها، الأمر الذي شهد به ديمتريوس
الصائغ نفسه، فقد اعترف قائلا " انه ليس من أفسس فقط بل ومن جميع آسيا تقريبا
أستمال وأزاغ بولس هذا جمعا كثيراً " (أع 19 : 26) ولقد تأسست بالفعل كنائس
ليس في أفسس فقط بل في جهات أخرى في آسيا. ولهذه الكنائس وجه الرب وهو في المجد
خطاباته السبعة أي التي " إلى الكنائس السبــع التي في آسيا " (رؤ 1 :
11 وص 2، 3).

 

ما
وصلت إليه الحالة في أفسس

في
رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس يكتب هذا الخبر المحزن " أنت تعلم أن جميع
الذين في آسيا (وأفسس ضمنا) ارتدوا عني (أي تركوا الرسول عند القبض عليه في المرة
الأخيرة) " (2تي 1 : 15) ولا ريب أيضاً أن كثيرين تحولوا عن الحق الذي علمهم
بولس إياه، فكأنه قد تحقق ما أنذر الرسول بولس به شيوخ تلك الكنيسة (أع 20 : 29،
30) ولكن بالرغم من ذلك يذكر الرسول في رسالته الثانية إلى تيموثاوس (4 : 12) بأنه
أرسل اليهم تيخيكس، وذلك لفرط عناية الرسول واهتمامه بهم.

 

وفي
خطاب الرب نفسه لتلك الكنيسة (رؤ 2) يمتدحهم كثيراً إلا انه يتهمهم اتهاما خطيرا
بأنهم تركوا محبتهم الأولى وينذرهم بأنه سيزحزح منارتهم من مكانها أن لم يتوبوا.
وهذا ما صار فعلا. إذ أين هي كنيسة أفسس الآن؟

 

مدخل

 "رسالة",
"بولس", "أفسس"- ثلاث كلمات جامعة, كثلاث نجوم لامعة, تسطع في
سماء هذه الرسالة. ولكل من هذه الثلاث الكلمات جاذبية قوية تستميلنا إليها, إذا ما
حاولنا كشف كنوز هذه الرسالة "رسالة", "بولس", "أفسس"-
أو الرسالة, ومرسلها, والمدينة المرسلة إليها:

 

 -أ-
الرسالة: تتبوأ هذه الرسالة عرشاً رفيعاً في قلب كتابات بولس, حساً ومعنى. فهي
قلبها الخافق, وهي الدرة اليتيمة المنتظمة في منتصف عقد رسائله الدرية, هي الرسالة
الوحيدة التي يفخر بها بولس, ويعتبرها حجة "رسوليته" إلى الأمم, ومقياس
درجة "درايته بسر المسيح" (3: 2و3).

 

 حسناً
قال فيها كولردج "هي أسمى كتاب في سجل الوحي. لأنها تجمع بين دفتيها خلاصة
العقائد المسيحية, وهي ملتقى مطاليب الدين المسيحي بمطاليب الدين الطبيعي".

 

 هي
إحدى الرسائل الأربعة التي كتبها بولس الرسول وهو سجين في روما لأول مرة, فهي
اللؤلؤة الرابعة في هذا العقد الرباعي النظيم, المؤلف من رسائله: إلى فيلبي,
وكولوسي, وفيلمون, وأفسس. ومع أن كل واحدة من هذه الرسائل الأربع, تختلف عن الأخرى
معنى ومبنى, إلا أن نغمة واحدة مشتركة تتخللها جميعاً, ونعمة إلهية واحدة أوحت
لبولس بها جميعها. فاقلم واحد, والعقل واحد, والقلب واحد, والروح واحد, لكن الظروف
متباينة, والنعمة أيضاً متنوعة (1بطرس4: 1). ولقد أجاد مونتانوس, إذ شبه نفس بولس
بقيثارة ذات أوتار حساسة, فلما هبت عليها نسمات نعمة الله المتنوعة, أفاضت منها
نغمات عدة. فتارة نسمع دوي رعد قاصف كما في رسالتيه إلى غلاطية, وطوراً نصغي إلى
ترجيع أناشيد عذبة رخيمة, كما في رسالتيه إلى فيليبي وفيلمون, وحيناً نستمع إلى
تسبيح ملائكي يرتفع إلى السماويات في الأعالي كما في الرسالة التي نحن بصددها. وفي
كل هذه النغمات المتعددة, توجد أصداء مشتركة تتخللها جميعاً, فتوّحد ما بينها من
تجانس. ففي رسالة أفسس نجد أصداء متجاوبة مع رسالة كولوسي, وفي رسالة كولوسي نسمع
نغمات مشتركة مع ألحان رسالة فيليبي, وفي رسالة فيليبي نصغي إلى نبرات متفقة مع
أناشيد رسالة فليمون.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 14

 

 في
أحد أيام سنة 60 ميلادية, خرج شخصان من روما, وسارا في الطريق السلطاني المعروف
وقتئذ بـ "طريق ابيوس": اسم أحدهما "تيخيكوس" وهو من آسيا
مولوداً, واسم الثاني "أنسيموس" وهو عبدها رب من مولاه أما أولهما فهو
حامل هذه الرسالة. وقلما أتاحت العناية لإنسان واحد أن يحمل من الكنوز في يوم
واحد, مثلما حمل تيخيكوس في ذلك اليوم- إذ حمل ثلاث رسائل من خير ما كتب بولس
الرسول. رسائله: إلى كولوسي, وإلى فليمون, وإلى أفسس- وآخرها وأفخرها- أو كما قال
فيها آرك جراهام: "هي تاج كتابات بولس الرسول".

 

 هذه
الرسالة ذات مادة وروح. أما مادتها فهي وليدة سجن روما الضيق المظلم, وهي مكتوبة
بقلم بولس أو بإملاء منه. فلقد كتبها في منفاه وسلاسل السجن تقيد جسمه الضعيف
الهزيل. وأما روح هذه الرسالة, فهي منبعثة من "السماويات" في الأعالي-
موطن الحرية, والنور, لأنها صادرة عن روح إله بولس, وحيث روح الرب فهناك الحرية.
فبينما جسد بولس يرسف في السلاسل والقيود, إذا بروحه تتسامى في الأعالي متمتعة
بالشركة الروحية مع "الرفيق الأعلى". إن مادة هذه الرسالة مقيدة بأثقال
بولس وقيوده, لكن روحها محملة "ثقل مجد أبدي" ومشبعة "بغنى المسيح
الذي لا يستقصى".

 

 هذه
الرسالة خالية من الجدل- فهي تختلف عن رسالة غلاطية التي يتغلغل فيها روح الجدل
العنيف. فإذا كان بولس قد كتب رسالة غلاطية بمداد من محلول أشعة نور عقله النير,
فقد كتب هذه الرسالة بمداد من ذوب قلبه الملتهب.

 

 هذه
رسالة خالية من الإشارات الشخصية- فهي رسالة الكنيسة الجامعة في كل عصر وعصر. فيها
رفع الرسول نظره فوق الحدود الضيقة التي تفصل أجزاء الكنيسة عن بعضها, فقدم رسالته
هذه للكنيسة كلها, وقدم فيها أفضل ما عنده. ومن فرط ما غمرته به العناية من أفضال
ونعم, خشع بقلبه شاكراً, وفي شكره سكب خلاصة قلبه, وفي سكيبه المقدس كان ساجداً
وفي سجوده كان متعبداً, وفي تعبده تركنا نحن الواقفين على رمال الوادي مبهوتين,
مندهشين, مرتعدين, نسمع الصوت ولا نميز منه سوى نبرات قليلة تزيدنا شوقاً وحنيناً
إلى تلك "السماويات" العليا, ولا تروى فينا غليلاً, ثم انطلق هو إلى
الأعالي ليرتوي من تلك الينابيع العليا التي لا ينضب لها معين!؟.

 

 إن
الفكرة الأساسية في هذه الرسالة هي: "المسيح والكنيسة". فهي البلاغ
النهائي في تفسير ذلك الإعلان الجليل الذي فاه به المسيح على طريق قيصرية فيلبس:
" على هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها ". فلا غرو
إذ كان الخطاب فيها موجهاً إلى " القديسين والمؤمنين في المسيح يسوع",
أو بعبارة أخرى, إن موضوع هذه الرسالة هو "قصد الله الأزلي المعلن في المسيح,
والمحقق في الكنيسة وبها".

 

 ليس
هذا القصد مقصوراً على دعوة الله للكنيسة, ولا على اتحاد عناصر الكنيسة المتنوعة,
لكنه يمتد فيطوى على كل الجنس البشري الذي قصد الله أن يجمعه في المسيح الذي هو
"الرأس الأعلى". ولكي يفصح الرسول عن هذا القصد, بدأ بالكلام عن حاجة
الفرد إلى الخلاص الذي قدمه المسيح, والفداء الذي أكمله بصليبه, والغفران الذي
أتمه بدمه الكريم ومن هذا تدرج إلى الكلام عن الصلة الكائنة بين المؤمن وسائر
المؤمنين, فهي على مثال الصلة التي تجمع عضواً في الجسد بسائر الأعضاء. وعلى هذه
النسبة المكينة تبنى الصلة بين اليهود والأمم, فلئن اختلفوا جنساً, إلا أنهم واحد
في المسيح.

 

 وجدير
بنا أن نذكر ما قرره الرسول: وهو أن الكنيسة مع سمو مكانتها في قصد الله, ليست
غاية في ذاتها وإنما هي وسيلة لإظهار حكمة الله المتنوعة للعالمين: "حسب قصد
الدهور الذي صنعه في المسيح يسوع ربنا".

 

ب –
صلة هذه الرسالة ببعض أسفار العهد الجديد:

كتبت
هذه الرسالة في نفس الوقت الذي كتبت فيه رسالة بولس الرسول إلى أهل

 

 كولوسي,
فلا عجب إذا وجد بينهما شيء غير قليل من التشابه في اللفظ والمعنى. وإليك بعض هذا
التشابه:

 

"المسيح
رأس الكنيسة": أفسس1: 22= كولوسي1: 18و2: 1

"سمو
المسيح على الملائكة": أفسس1: 22= كولوسي2: 10

"الكنيسة
جسد المسيح": أفسس1: 23, 4: 12, 5: 3= 1: 18و24

"نمو
الجسد": أفسس4: 16= كولوسي2: 19

"وحدانية
الجسد": أفسس2: 16, 4: 4= كولوسي3: 15

"الحالة
الطبيعية التي كان عليها المؤمنون": أفسس2: 2= كولوسي1: 21

"قيامة
المؤمنين في المسيح": أفسس2: 6= كولوسي2: 12, 3: 1

"المؤمنون
محيون في المسيح": أفسس2: 5= كولوسي2: 13

"المؤمنون
مصالحون بموت المسيح": أفسس2: 13= كولوسي1: 20.

 

(10)
"المؤمنون مفتدون بموت المسيح": أفسس1: 7= كولوسي1: 12.

(11)
"المؤمنون سالكون في النور": أفسس5: 8 و9= كولوسي1: 12.

(12)
"المؤمنون متأصلون في المسيح": أفسس3: 17= كولوسي2: 7.

(13)
"المؤمنون مبنيون على أساس": أفسس3: 17= كولوسي1: 23

(14)
"المؤمنون مملؤون في المسيح": أفسس1: 23= كولوسي1: 19.

(15)
"الملء": أفسس1: 23, 3: 19= كولوسي1:: 19, 2: 9.

(16)
"الإنسان العتيق والإنسان الجديد": أفسس4: 22=كولوسي3: 9.

(17)
"سلسلة خطايا ممتنعة": أفسس4: 2و3= كولوسي3: 12-14.

(18)
"غضب الله على العصاة": أفسس5: 6= كولوسي3: 5 و8

(19)
"واجبات بيتية مطلوبة": أفسس5: 22-6: 9= كولوسي3: 8- 4: 1

(20)
"السلوك في الخطية": أفسس2: 2, 4: 17= كولوسي3: 7

(21)
"السلوك في القداسة": أفسس2: 10= كولوسي1: 10

(22)
"افتداء الوقت": أفسس5: 16= كولوسي 4: 5

(23)
"ترنيمات روحية": أفسس5: 19= كولوسي3: 16

(24)
"الصلاة والتضرعات": أفسس6: 18= كولوسي4: 2

(25)
"السر المعلن": أفسس1: 9, 3: 3= كولوسي1: 26 و27

(26)
"الغنى": أفسس1: 7 و18, 2: 7= كولوسي 1: 27, 2: 26

(27)
"الأجيال والدهور": أفسس3: 21= كولوسي1: 2

(28)
"كلمة حق": أفسس1, 13= كولوسي1: 5

(29)
"صفات تيخيكوس ومهمته": أفسس6: 21= كولوسي4: 7

(30)
"المسيحيون مبنيون هيكلاً": أفسس2: 20= كولوسي2: 7

 

 التشابه
بين بعض عبارات في هذه الرسالة وفي أعمال20

"بكل
تواضع": أفسس4: 2= أعمال20: 19

"مشورة
الله": أفسس1: 11= أعمال20: 27

"القدرة
الإلهية": أفسس3: 20= أعمال20: 32

"بناء
المؤمنين": أفسس2: 20= أعمال20: 32

"ميراث
القديسين": أفسس1: 14 و17= أعمال20: 32

 

جـ-
كاتب الرسالة وظروف كتابتها

تحمل
هذه الرسالة اسم بولس الرسول, مقروناً بالتحية في غرتها, كعادته في سائر الرسائل
التي تحمل طابع قلمه الملهم.

 

 وقد
قُبلت هذه الرسالة على مر الأجيال حاملة اسم الرسول المبارك. وقرئت وفسّرت من جمهرة
المفسرين مقرونة باسم بولس. هذه حقيقة تؤيدها سحابة من الشهود الأقوياء- فمن
بوليكاربوس تلميذ يوحنا الرسول وأسقف أزمير, إلى تلميذه أيريناوس الذي نشأ في آسيا
الصغرى في القرن الثاني للميلاد. إلى إغناطيوس الذي عاش في أواخر القرن الثاني,
إلى سائر اللاهوتيين والمفسرين في جميع العصور. فمع أن الآراء قد تباينت وتشبعت في
حقيقة من كُتبت إليهم هذه الرسالة, إلا أنها أجمعت كلها واتفقت على أن كاتبها هو
بولس الرسول.

 

 كتب
بولس هذه الرسالة أثناء إقامته في روما- لا كما تمنى مرة أن يزور روما حراً
طليقاً, معزياً ومتعزياً بالإيمان المشترك بينه وبين مؤمني روما- ولكنه حل فيها
أسيراً سجيناً. غير أن ظلال السجن أتاحت له نوراً باهراً لم يهيئه له بهاء النور
الطبيعي. وضيق غرفته قدم له سعة ورحابة, عز عليه أن يجد مثلهما في باحة العالم
الفسيح. وأوقات خلوته ووحدته, هيأت له فرصة نادرة للتفكير العميق, والإلهام الحر
الطليق, والاتصال الوثيق بالرفيق الأعلى, وفي الوقت نفسه أتاحت له فرصة نادرة
للاتصال بزائريه من مختلف الأقطار والأمصار (أعمال28: 30).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ر رَبع ع

 

 لقد
أجمعت كلمة آباء الكنيسة الأولين, على أن بولس هو كاتب هذه الرسالة. وجلهم أضاء
صفحات كتاباته بمقتبسات من هذه الرسالة على اعتبار أن بولس كاتبها.

 

 غير
أن هذه الإجماع لم يخل من اعتراضات قامت في سبيله: بعضها سلبي, والبعض الآخر
إيجابي:

 

 في
مقدمة الاعتراضات السلبية: إن الرسالة خالية من كل طابع شخصي للرسول. فلا مكان
فيها لتحيته الشخصية التي ألفناها منه في سائر رسائله. ولا مجال فيها لظروف
الكنيسة المحلية الخاصة, كما في كورنثوس وروما وغلاطية.

 

 ومن
الاعتراضات الإيجابية: إن أسلوب الرسول في هذه الرسالة, يختلف بعض الاختلاف عنه في
سائر رسائله. فبين دفتي هذه الرسالة نلتقي بكلمات "فذة" لا نعثر على
مثلها في سائر كتابات الرسول. وسياق الفكر في هذه الرسالة يمتد بالكاتب إلى مدى
بعيد, فيخرجه طوراً عن الموضوع الأصلي , وتارة يفتح أمامه أبواباً جديدة. فضلاً عن
ذلك, فإن العقائد المتضمنة في هذه الرسالة, قد عولجت بطريقة لا عهد لنا بها في
كتاباته الأخرى.

 

 لكن
هذه الاعتراضات- أوجلها- تتضاءل, ولعلها تضمحل, أمام نور الحقائق الآتية:

 

 فالتاريخ
المسيحي في جانب الرأي القائل إن بولس هو كاتب هذه الرسالة ولا شك في أن العلماء
الناقدين الذين عاشوا في القرون المسيحية الأولى, هم خير حكم في هذا الموضوع,
لأنهم كانوا قريبين من ذلك العهد, فتعتبر شهادتهم كأنها شهادة عيان, فيتم فيهم ذلك
القول المأثور: "وشهد شاهد من أهلها".

 

 أما
السبب في خلو هذه الرسالة من الإشارات الشخصية, فقد يظهر لنا متى جئنا إلى بحث هذا
السؤال: "إلى من كتبت هذه الرسالة؟".

 

 ومن
جهة اختلاف أسلوب الرسول في هذه الرسالة, عنه في سائر رسائله, فالسر فيه يرجع إلى
أن أسلوب الكاتب الواحد قد يتخذ أشكالاً مختلفة, باختلاف الموضوعات التي يعالجها,
وفوق ذلك فإن رجلاً خصيب العقل كبولس, قوي الإلهام كرسول الأمم, لا يمكن أن يتقيد
بأسلوب خاص, في كل رسائله. ويقيننا أن هذا الاعتراض حجة في جانب الرسول, لا عليه.

 

 أما
عن كون الرسول قد عالج في هذه الرسالة عقائد لم يعالجها في غيرها أو بطريقة غير
طريقته المعهودة, فإن هذا يُعزى إلى أن معلماً عظيماً كبولس, لا بد أن يخرج من
كنزه جدداً وعتقاء, سيما وأن أحوال كل كنيسة تختلف عنها في الأخرى. ومن المفروض أن
المؤمنين يتقدمون "من نعمة إلى نعمة" ومن "درجة في التمييز إلى
درجة أرقى" فمن الطبيعي أن يزاد لهم النور بقدر ازديادهم في المعرفة, والفهم,
والقابلية. وفي اعتقادنا أنه لو كانت العقائد في هذه الرسالة, مقصورة على العقائد
التي تناولها الرسول في رسائله الأخرى لاعتبرت هذه حجة ضد كتابته هذه الرسالة,
ولقيل لنا إن هذه الرسالة ليست من كتابات بولس؟ بل بقلم شخص أراد أن يحاكيه في
الكتابة فنقل نحن ولم يحسن النقل, لأن هذه الرسالة لم تأتنا بعقيدة جديدة!!!

 

 فالمعترض
لا يكف عن الاعتراض, ولو كان الحق واضحاً كالنهار!. وما أجمل ما قال العلامة هوسن
في هذا الصدد: "ليس لنا من جواب على كل معترض سوى أن نقول واثقين: لا يمكن أن
يكون لهذه الرسالة من كاتب سوى بولس الرسول. فقد شهد أريناوس في بدء القرن الثاني
أن بولس هو الكاتب. فمن إذاً بين بولس وأيريناوس, يكون كاتباً لهذه الرسالة؟ إن
وجد شخص مثل هذا, فلا بد أن تكون له مؤهلات لا تقل عن مؤهلات بولس- في سلامة
الأسلوب, وسلامة الذوق, ودقة التعبير, وإلهام متصل بباب السماء, ووداعة تمس أهداب
الأرض, وصلابة في الحق, وقوة في الشعور, ونور في العقل, ونار في القلب. فإن لم يكن
بولس هو الكاتب, فلا بد أن يكون أفضل من بولس!! فمن هو إذاً؟ أليس الأفضل أن نسلم
بأنه هو بولس؟!

 

د-
إلى من كتبت هذه الرسالة؟

 من
المسلَّم به, أن العبارة "في أفسس" المتضمنة في العدد الأول, ليس موجودة
في بعض النسخ الخطيّة القديمة. وإلى هذه الحقيقة يُعزى السبب في خلو هذه الرسالة
من الإشارات الخاصة إلى الظروف المحلية المحيطة بكنيسة أفسس, مما حدا بجل الباحثين
أن يستنتجوا أن هذه الرسالة "دورية" أُرسلت إلى كنائس تضمها معاً مقاطعة
واحدة- من ضمنها أفسس, وأن الرسول ترك "فراغاً" في العنوان ليملأ باسم
الكنيسة التي يأتي دورها. وأن النسخ الخطيّة المحتفظة بهذه العبارة: "في
أفسس", هي صورة طبق الأصل للنسخة الأولى التي أرسلت إلى أفسس بالذات, باعتبار
كونها إحدى تلك الكنائس أو "مفتاحها".

 

 ومتى
ذكرنا أن تيخيكوس حمل هذه الرسالة مع رسالة كولوسي, وأن اسمه مذكور في كل من
الرسالتين بكل حب وإجلال وإكرام (كو4: 7 و8, أفسس6: 21 و22). وأن هاتين الرسالتين
تتشابهان في مواضع غير قليلة, تبين لنا أن هذه الرسالة, هي في الغالب تلك التي
ذكرت في رسالة كولوسي باسم "الرسالة إلى لاودكية" (كو4: 6).

 

 وبما
أن أفسس كانت على رأس مدائن تلك المقاطعة, ومتقلدة زعامتها سياسياً, وعلمياً, واجتماعياً,
ودينياً, وأنها كانت "مفتاح" مقاطعة آسيا الصغرى, فكان من الطبيعي أن
ترسل هذه الرسالة إلى كل تلك الكنائس "عن طريق" كنيسة أفسس. وإلى هذا
يعزى السبب في وجود العبارة: "في أفسس" في كثير من النسخ الخطية القديمة
جداً.

 

 هذه
هي أفسس عاصمة الدولة الرومانية في آسيا الصغرى. لقد امتازت بغناها الجزيل, وفنها
المبدع, ومعبدها الذي فاق كل طارف وتليد, إذ سلخ من الدهر 220 سنة في إقامته, فشيد
على 127 عاموداً, وبلغ طوله425 قدماً, وعرضه220 قدماً, وارتفاعه70 قدماً- هذا هو
هيكل ديانا.

 

 هذه
هي أفسس التي كانت قبل بزوغ شمس الإنجيل, متحلية بجمالها القبيح, متعظمة بغناها
المفتقر, متفاخرة برفعتها الحقيرة‍ ولكن عندما غمرها نور الإنجيل, خرت
"ديانا" ساجدة عند قدمي الناصري المصلوب.

 

 ولكن
أين هي أفسس الآن؟ لقد أضحت أثراً بعد عين. لأنها اكتفت بالمظهر دون الجوهر,
وانصرفت بـ "الاسم" عن "الحقيقة", "فتركت محبتها
الأولى" (رؤيا2: 5).

 

 ولئن
ذهبت أفسس, فإن رسالتها خالدة. ولئن مضى الرسول فالؤسالة باقية. فالسموات والأرض
تزول, ولكن كلمة الله لا تزول. فلنتقدم إلى دراسة هذه الرسالة بروح التخشع
والتعبد, طالبين من روح الله, أن يعلن لنا ما خفي منها وما استتر, وأن يحقق لنا في
حياتنا العملية, ما وضح منها وما ظهر, لأنها في الواقع كتبت لنا نحن الذين امتدت
بنا الأيام إلى هذا العصر.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي