إبراهيم

 

مقدمة

أولاً:
دعوة إبراهيم

1. الله يختار إبراهيم:

2. الله يختبر إبراهيم:

3. الله يجزل العطاء لإبراهيم:

ثانياً:
نسل إبراهيم

1. أمانة الله:

2. البنوة الجسدية:

3. الله يجزل العطاء لإبراهيم:

4.النسل
الوحيد:

 

——————————————–

 

مقدمة

يحتل
إبراهيم – كأب للشعب المختار- مركزاً ممتازاً في تاريخ الخلاص. فدعوته ليست مجرد
نقطة البداية في تدبير الله، لكنها أيضاً تحدّد الاتجاهات الأساسية لهذا التدبير.

 

أولاً:
دعوة إبراهيم

بدلاً
من أن يعرض كتاب التكوين تاريخ حياة إبراهيم، يعطينا قصة دينية نجد فيها آثار
تيارات ثلاثة من التقاليد: يبرز التقليد اليهوي البركات والوعود الإلهية، والتقليد
الإيلوهيمي إيمان إبراهيم الذي لا يتزعزع، والتقليد الكهنوتي العهد والختان.

وعلى
هذا الضوء، يظهر وجه إبراهيم كوجه رجل اجتذبه الله إليه، ثم اختبره ليجزل عليه
إنعامات تفوق الوصف كأب لشعب لا يحصى له عدد.

 

1. الله يختار إبراهيم:

تسير
حياة إبراهيم كلها في ظلّ مبادرة الله الحرة. يتدخّل الله أولاً فيختار إبراهيم من
عائلة كانت "تعبد آلهة أخرى" (يشوع 24: 2)، "وخرج به" من أور
(الكلدانيين) (تكوين 11: 31)، ويقوده بطرقه الخاصة إلى بلد مجهول (عبرانيين 11: 8
).

وهذه
المبادرة هي مبادرة محبة، فمنذ البداية يظهر الله لإبراهيم كرماً لا حدّ له،
وتبشّر وعوده بمستقبل باهر. والعبارة التي تتردد مراراً هي: "إنني أعطي"
. يعطي الله إبراهيم أرضاً (تكوين 12: 7، 13: 15- 17، 15: 18، 17: 8)، ويباركه
ويكثر نسله إلى أقصى حد (تكوين 12: 2، 16: 10، 22: 17
).

وفي
الحقيقة تبدو الظروف معاكسة لهذه الآمال. فإبراهيم من أهل البادية، وسارة تخطّت سن
الإنجاب. ورغم هذا تتجلّى مجانية وعود الله بشكل أفضل. فمستقبل إبراهيم كان يتوقّف
كله على قدرة الله وجودته. وهكذا يوجز إبراهيم في شخصه حياة شعب الله المختار بدون
أي استحقاق سابق. وكل ما كان مطلوباً منه قبل كل شيء إيمان يقظ وبطولي، وقبول
تدبير الله بدون تحفّظ.

 

2. الله يختبر إبراهيم:

كان
يجب تطهير هذا الإيمان وتقويته بالشدائد. لقد اختبر الله إبراهيم فطلب منه أن
يقدّم كذبيحةٍ ابنه اسحق، الذي كان عليه بالذات يتوقف الوعد (تكوين 22: 1- 2).
"ولم يرفض إبراهيم تقديم ابنه وحيده" (تكوين 22: 12و16) -ونعرف أن
العبادات الكنعانية كانت تقدم الأطفال كذبائح- لكنّ الله هو الذي حفظ اسحق، وعنى
بنفسه على تدبير حمل للمحرقة (تكوين 22: 8، 13- 14). وهكذا تتضح تقوى إبراهيم
العميقة ومخافته لله (22: 12
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر المزامير Psalms 07

ومن
ناحية أخرى، يعلن الله في هذا الظرف نفسه أن تدبيره لم يكن يستهدف الموت، بل
الحياة. فالله "لا يسرّه هلاك الأحياء" (حكمة 1: 13، راجع تثنية 12: 31،
إرميا 7: 31). وسيأتي اليوم الذي يهزم فيه الموت، وحينئذ تظهر ذبيحة اسحق كمشهد له
دلالته النبوية (عبرانيين 11: 19، 2: 14- 17، راجع رومة 8: 32
).

 

3. الله يجزل العطاء لإبراهيم:

أدت
طاعة إبراهييم إلى تثبيت الوعد (تكوين 22: 16- 18) فرأى بداية تحقيقه "وبارك
الرب إبراهيم في كل شيء" (تكوين 24: 1) "ولم يوجد نظيره في المجد"
(سيراخ 44: 20
).

ولم
تكن هذه السعادة فردية. فدعوة إبراهيم هي أن يكون أباً. ومجده في نسله. وبحسب
التقليد الكهنوتي كان تغيير الاسم (من "أبرام" إلى "إبراهيم")
دليلاً على هذا الاتجاه، وقد فُسّر الاسم الجديد بمعنى "أبو جمهور أمم"
(تكوين 17: 5). وكانت لمصير إبراهيم أصداء بعيدة جداً. ولأن الله لم يكن ليكتم عنه
شيئاً مما هو صانعه، فقد بذل كلّ جهده ليتشفع في المدن التي حكم الله عليها
بالتدمير (تكوين 18: 16- 33). وسيمتد أثر أبوته تدريجياً حتى يشمل إشعاعه العالم
كله: "ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تكوين 22: 18). وبالتأمل في هذه
النبوة رأى فيها التقليد اليهودي معنىً عميقاً: "حلف الله له أن كل الأمم
سيباركون في نسله" (سيراخ 44: 22، راجع تكوين 22: 18، في الترجمة السبعينية
).

وهكذا
إذا كان مصير البشرية الخاطئة قد ارتسم في آدم الخاطئ، فإن مصير البشرية المفدّية
قد ارتسم في إبراهيم المؤمن.

 

ثانياً:
نسل إبراهيم

1. أمانة الله:

كانت
وعود الله لإبراهيم موجهة إلى نسله أيضاً (تكوين 13: 15، 17: 7- 8)، الذي يحدّده
الاختيار الإلهي، لم يقطع الله عهداً مع إسماعيل ولا بعد ذلك مع عيسو، بل مع اسحق
ويعقوب (تكوين 17: 15- 22، 21: 8- 14، 27 راجع رومة 9). وقد جدد الله وعوده لهما
(تكوين 26: 3- 5، 28: 13- 14). وهما بدورهما نقلا هذه البركة كميراث لذريتهما. (28:
4، 48: 15- 16، 50: 24
).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب بيت اربئيل ل

ولما
كان نسل إبراهيم مضطهداً في مصر، أمال الله أذنه إلى أنينهم، لأنه "ذكر عهده
مع إبراهيم واسحق ويعقوب" (خروج 2: 23- 25. راجع تثنية 1: 8). "لأنه
تذكّر كلمته القدوسة لإبراهيم عبده، وأخرج شعبه بالسرور" (مزمور 105: 42- 43).
وفيما بعد عزى الله المنفيين في السبي بأن دعاهم "نسل إبراهيم خليلي"
(أشعيا 41: 8
).

وفي
أوقات الشدة، عندما كان كيان بني إسرائيل مهدداً، كان الأنبياء يجددون فيهم الثقة
بتذكيرهم بدعوة إبراهيم: "انظروا إلى الصخر الذي نحتُّم منه، وإلى نقرة الجبّ
التي منها حفرتم. انظروا إلى إبراهيم أبيكم…" (أشعيا 51: 1- 2. راجع 29: 7-
8). وأفضل صلاة تنال رضى الله هي التي تتشفع بإبراهيم: "أذكر إبراهيم…"
(خروج 32: 13، تثنية 9: 27، 1ملوك 18: 36) أو "هب نعمتك لإبراهيم" (ميخا
7: 20
).

 

2. البنوة الجسدية:

وهنالك
طريقة خاطئة للانتماء إلى إبراهيم. فلا يكفي أبداً أن يكون الشخص منحدراً منه
جسدياً لكي يكون وارثاً حقيقياً له، بل يجب أيضاً الانتماء إليه روحياً. فالثقة
التي لا تقترن بخضوع عميق لله هي ثقة خاطئة.

هذا
ما سبق وقاله حزقيال لمعاصريه (حزقيال 33: 24- 29). وحارب يوحنا المعمدان بقوة أشد
هذا الوهم نفسه عند إعلان دينونة الله بقوله: "لا يخطر ببالكم أن تعلِّلوا
النفس فتقولوا: إن أبانا إبراهيم. أقول لكم إن الله قادر على أن يخرج من هذه
الحجارة أبناء لإبراهيم" (متى 3: 9
).

وفي
مَثَل الغني ولعازر، عبثاً نادى الغني الأناني: "يا أبتِ إبراهيم"، فإنه
لم ينل شيئاً منه، إذ بذنبه أقيمت بينهما هوة عميقة (لوقا 16: 24- 26). ويؤكد
الإنجيل الرابع هذه الحقيقة نفسها، فقد كشف يسوع القناع عن خطط اليهود لقتله،
ورماهم بهذه الحقيقة وهي أن بنوّتهم لإبراهيم لم تمنعهم من أن يصيروا في الواقع
أولاد إبليس (يوحنا 8: 37- 44). فالبنوة الجسدية لا تساوي شيئاً بدون الأمانة.

 

3. الأعمال والإيمان:

لكي
تكون هذه الأمانة حقيقية يجب تجنب انحراف آخر. فقد تغنت كل الأجيال بفضائل إبراهيم،
وبطاعته (نحميا 9: 58، سيراخ 44: 20) وببطولته (1 مكابيين 2: 52، حكمة 10: 5- 6).
وسيراً في هذا الاتجاه بالغت بعض التيارات اليهودية في هذا الاعتبار، فركزت كل
ثقتها على الأعمال البشرية، وعلى حفظ أحكام الشريعة حفظاً كاملاً، حتى أنهم نسوا
أن الأمر الجوهري هو الاعتماد على الله.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد قديم سفر ملاخى 00

حارب
يسوع هذا الادّعاء الباطل في مَثَل الفريسي والعشّار (لوقا 18: 9- 14). ثم هدمه
بولس تماماً. فقد اعتمد الرسول على ما ورد في تكوين 15: 6: "فآمن إبراهيم
بالرب فحسب له ذلك براً" لكي يبرهن أن الإيمان لا الأعمال، هو أساس الخلاص،
(غلاطية 3: 6، رومة 4: 3). فليس للإنسان أن يفتخر بنفسه، لأن كل شيء يأتيه من الله
"مجاناً" (رومة 3: 27، 4: 1- 4). ونعمة الله لا تتوقف على أية أعمال
سابقة، وما الأعمال إلا ثمرها. وإنما يجب أن يكون هذا الثمر متوفراً (غلاطية 5: 6،
راجع 1 كورنتس 15: 10)، مثلما كان متوفراً في حياة إبراهيم. وهذا ما يلفت القديس
يعقوب النظر إليه بخصوص النص نفسه (يعقوب 2: 20- 24، راجع عبرانيين 11: 8- 19
).

 

4.النسل
الوحيد:

فمن
هو في آخر الأمر النسل الحقيقي لإبراهيم؟ هو يسوع المسيح ابن إبراهيم (متى 1: 1)،
الذي هو مع ذلك أعظم من إبراهيم (يوحنا 8: 53). بل هو الوحيد في نسل إبراهيم، الذي
يعود إليه بالتمام ميراث الوعد. فهو النسل الوحيد عدا كل الآخرين (غلاطية 3: 16).
وحقاً كان إبراهيم بطبيعة دعوته مشدوداً نحو مجيء يسوع، وكانت بهجته أن يرى ذلك
اليوم من خلال بركات حياته نفسها (يوحنا 8: 56، راجع لوقا 1: 54- 55 و73
).

وتركيز
هذا الموعد في نسل واحد، ليس تضييقاً للوعد، بل هو شرط تعميمه الحقيقي ليشمل
الجميع، والذي حدده أيضاً الله بموجب تدبيره (غلاطية 4: 21- 31، رومة 9: 11). فكل
الذين يؤمنون بالمسيح، سواء أكانوا مختونين أم غير مختونين، من اليهود أم غير
اليهود، من الممكن أن يكون لهم نصيب في بركات إبراهيم (غلاطية 3: 14). ويجعلهم
إيمانهم النسل الروحي لمن آمن وصار منذ ذاك أباً لجميع المؤمنين (رومة 4: 11- 12).
"لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع. فإذا كنتم للمسيح فأنتم بين نسل إبراهيم،
وأنتم الورثة على ما قضى به الوعد" (غلاطية 3: 28-29
).

هذا
هو تاج الحي الإلهي، وقد بلغ به روح الله إلى غايته. وهو أيضاً الكلمة الأخيرة في
هذا "الأجر العظيم" (تكوين 15: 1) الذي وعد الله به إبراهيم. فأبوة
إبراهيم تمتد إلى كل المختارين. ويصبح "حضن إبراهيم" (لوقا 16: 22) موطن
المؤمنين الأخير. وهذا ما تطلبه الكنيسة لهم في الصلاة من أجل الراقدين.

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي