تراخونيتس

 

" إذ كان… فيلبس أخوه رئيس ربع على إيطورية
وكورة تراخونيس " (لو 3: 1)، هذه هي المرة الوحيدة التي يذكر فيها هذا الاسم
الذي معناه " أرض التراكون " أي " الأرض المحجرة الوغرة ".
وتوجد منطقتان بركانيتان إلى الجنوب وإلى الشرق من دمشق، كان اليونانيون يطلقون
عليهما هذا الاسم، أولاهما إلى الشمال الغربي من جبل باشان (جبل الدروز) وتسمى
الآن " للجا " أي " الملجأ أو المأوي"، وهى تقع في وسط إقليم
صالح للزراعة والرعي، والأرجح انه كان مأهولاً على الدوام، رغم انه لم يكن يتسع
لعدد كبير من السكان. أما المنطقة الثانية ففي أقصى الشمال الشرقي من الجبل
ويسميها العرب "الصفا " وهى أكبر مساحة ولكنها منطقة صحراوية موحشة
منعزلة عن المناطق المهولة، وكانت معروفة جيداً عند القدماء، ولكن لم يكن فيها ما
يجتذب أي عدد ولو قليل من السكان إليها، بصخورها الداكنة الوعرة الملتهبة بحرارة
شمس الصحراء، ولذلك ليس لها دور في التاريخ.

هاتان
هما منطقتا " التراكون " اللتان ذكرهما سترابو، فهما أساساً منطقتان
بركانيتان تكونتا من الحمم التي قذفتها البراكين التي خمدت منذ عصور سحيقة. وعندما
بردت تشققت وتقوضت في اشكال غريبة تستلفت النظر. ومتوسط أرتفاع هاتين المنطقتين عن
الأراضي المجاورة هو نحو 30 قدما. و " الصفا " قاحلة جرداء لا ماء فيها.
ولكن هناك حول " اللجا " بعض الينابيع، أما قلب المنطقة فيعتمد على
المياه المخزونة، حيث توجد شقوق كبيرة في الصخور تستخدم كخزانات طبيعية لحفظ مياه
المطر لاستخدامها في فصل الصيف.

وتكاد
" اللجا " أن تكون مثلثة الشكل رأسها إلى الشمال، ويبلغ طول الضلع نحو
25 ميلا، أما القاعدة وهي إلى الجنوب فنحو عشرين ميلاَ. وتغطى المنطقة الصخور
البركانية في كل مكان، تتخللها حفر عميقة مستديرة تحيط بها أسوار لحماية الماشية
من السقوط فيها، وبخاصة في الليل. وحرارة الشمس في الصيف تلهب هذه الصخور العارية
فتشع منها الحرارة وكأنها من فرن، فلا يستطيع طائر أن يحط عليها أو يحلق فوقها.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس م مِحْراب ب

وفي
بعض المناطق، وبخاصة التي يسكنها الدروز تنبت بعض المحاصيل. ويشتهر سكان "
اللجا " بالخشونة والشراسة. وكادت تحتفي غابات البلوط والبطم التي كانت
تغطيها إلى عهد قريب، فقد قطعوها وحولوها إلى فحم. ولعل أرميا كان يشير إلى هذه
المنطقة بقوله: " يسكن الحرة في البرية أرضا سبخة وغير مسكونة " (ارميا
17: 6)
.

وقد
أعطى الإمبراطور أوغسطس منطقة " تراخونيتس لهيرودس الكبير ليقوم بالقضاء على
اللصوص الذين كانوا يحتمون بالكهوف العديدة الموجودة بها. ثم بعد موت هيردوس أعطيت
لفيلبس ابنه (لو 3: 1)، ولما مات بدون أن يعقب وارثاً له، ضمت إلى ولاية سورية، ثم
منحها جاليجولا لاغريباس الأول، وبعد موته في 44 م حكمها ضباط رومانيون، ثم حكمها
اغريباس الثاني من 53 100 م. وفي 106 م ضمت إلى العربية، وقد تمتعت بفترة من
الأزدهار تحت الحكم الروماني، تشهد بها النقوش اليونانية. وتعود كل الآثار
الموجودة بها، تقريباً، إلى هذه الفترة. وتشهد المسارح والمعابد والمباني العامة
والطرق العظيمة بمدى ما وصلت إليه من حضارة وأزدهار. كما أن أطلال الكنائس بها
تشهد على وصول المسيحية إليها في زمن مبكر.

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي