حائط
سياج متوسط

 

يكتب
الرسول بولس إلى المؤمنين في أفسس: "ولكن الآن في المسيح يسوع أنتم الذين
كنتم قبلاً بعبدين صرتم قريبين بدم المسيح. لأنه هو سلامنا الذي جعل الاثنين
واحداً ونقض حائط السياج المتوسط، أي العداوة، مبطلاً بجسده ناموس الوصايا في
فرائض لكي يخلق الاثنين في نفسه إنساناً واحداً جديداً، صانعاً سلاماً، ويصالح
الاثنين في جسد واحد مع الله بالصليب قاتلاً العداوة به" (أف 13: 2 – 16
).

وما
يؤكده الرسول هنا، هو أن المسيح سلامنا، سلام المؤمنين، من اليهود ومن الأمم، فقد
جعل الاثنين واحداً فيه، ونقض حائط السياج المتوسط"أي كان يفصل بينهما.."لكي
يخلق الاثنين في نفسه إنساناً واحداً جديداً
".

(1) حائط السياج المتوسط في الهيكل: كما أن الرسول
بولس يشير بقوله "حائط السياج المتوسط" إلى حاجز كان قائماً فعلاً في
الهيكل أو أورشليم، ولم يكن مسموحاً مطلقاً لأي شخص غير يهودي أن يتخطاه. وكان
لهذا الحاجز علاقة قوية بالقبض على الرسول بولس وسجنه في أورشليم، فقد ثارت جموع
اليهود ثورة عارمة على بولس، لا بسبب عداوتهم الشديدة له باعتباره رسولاً ليسوع
المسيح وكارزاً للعالم فحسب، بل لأنهم ظنوه – خطأ – أنه قد أدخل تروفيمس الأفسسي
إلى الهيكل، إلى ما وراء ذلك الحاجز (أع 29: 21) وبذلك يكون قد نجس الهيكل (أع 6: 24)،
أو كما قالوا للجموع لإثارتهم: إنه "قد أدخل يونانيين أيضا إلى الهيكل ودنس
هذا الموضع المقدس" (أع 28: 21). "فهاجت المدينة كلها وتراكض الشعب
وأمسكوا بولس وجروه خارج الهيكل" وللوقت أغلق اللاويون الأبواب ليمنعوا أي
تدنيس محتمل للهيكل. ولو لم يتدخل أمير الكتيبة، لكانوا مزقوا بولس إرباً.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر إرميا 28

(2) هيكل هيرودس وأقسامه: حينما بنى هيرودس الكبير الهيكل، ضم إليه مساحة
كبيرة تتسع لكل الأفنية، فقد كان الهيكل نفسه ينقسم إلى قسمين: القدس وكان لا
يدخله إلا الكهنة من بنى هرون للخدمة، وقدس الأقداس ولم يكن يدخله إلا رئيس الكهنة
وحده مرة في السنة في يوم الكفارة، وكان خارج ذلك فناء الكهنة، وكان فيه مذبح
المحرقة والمرحضة. وخارج هذا الفناء كان يوجد فناء آخر يدخل إليه بنو إسرائيل،
ويلي ذلك إلى الخارج فناء النساء. وكان الهيكل بقسميه وهذه الأفنية الثلاثة يرتفع
عن سطح الأرض، فكان الخارج من الفناء الأخير ينزل خمس درجات عبر الأبواب المختلفة،
ليجد نفسه في فناء واسع، هو الفناء الخارجي الذي كان مسموحاً بالدخول إليه للأمم
الذين يرغبون في مشاهدة شيء من عظمة الهيكل وتقديم عطاياهم وذبائحهم لله. ولكن لم
يكن مسموحاً لهم مطلقاً بتجاوز هذا الفناء إلى الداخل، وإلا تعرضو للموت. فلم يكن
الحد الفعلي للهيكل هو السور العظيم بأبوابه، بل كان حاجزاً من حجر بارتفاع نحو
خمسة أقدام.

(3) فناء الأمم: كان هذا الحاجز أو "حائط
السياج المتوسط" مبنياً بالرخام ومزخرفاً زخرفة رائعة، وكان فناء الأمم هو
أكثر أفنية الهيكل انخفاضاً، وكان مرصوفاً بالرخام الملون، كما كان مسموحاً
بارتياده للجميع يهوداً و أمماً على السواء، وكان واسعاً جداً. ويقول التقليد
اليهودي إنه كان يشغل مساحة مربعة طول ضلعها 750قدماً. وفي هذا الفناء كانت تباع
الثيران والخراف والحمام للذبائح، فكان شبيهاً بالسوق، كما كانت توضع فيه موائد
الصيارفة. وعند دخول يسوع دخولاً ظافراً إلى أورشليم "دخل إلى الهيكل وأخرج
جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون فالهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة
الحمام" (مت 12: 21). ولا بد أن الجموع كانت حاشدة وبخاصة في أيام الفصح
وسائر الأعياد، ولا بد أن ضجيج الأصوات كان مزعجاً.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ف فَرَح ح

وحدث
في 1871 في أثناء التنقيب في موقع الهيكل، أن عثر مستر "كليرمونت جانو"
(من بعثة صندوق استكشاف فلسطين) على أحد الألواح الرخامية التي كانت جزءاً في هذا
الحاجز الذي يشير إليه الرسول بولس. وهذا اللوح محفوظ في متحف القسطنطينية منقوش
عليه باليونانية بحروف منفصلة ما ترجمته:

"ليس مسموحاً لأي إنسان من أي أمة أخرى أن يتخطى
السياج المحيط بالهيكل، وكل من يضبط لا يلومن إلا نفسه، لأن مصيره الموت
".

ووقتما
كتب بولس الرسول رسالته إلى الكنيسة في أفسس، وقد كتبها وهو في رومية، كان هذا
السياج ما زال قائماً في الهيكل في أورشليم، ومع ذلك لم يخش – أسير يسوع المسيح –
أن يكتب أن المسيح قد نقض حائط السياج المتوسط، وهكذا أصبح للأمم – الذين كانوا
قبلاً أجنبيين وغرباء – كل امتيازات الاقتراب إلى الله، التي لم تكن قبلاً إلا
للإسرائيليين، وهكذا في المسيح، انتهى ذلك الانفصال بين اليهود والأمم من المؤمنين
إلى الأبد.

(4)إزالة السياج: الأرجح أن بولس كتب الرسالة إلى
المؤمنين في أفسس في عام 60 أو 61م، وعليه فإن ذلك السياج لم يظل قائماً في مكانه
من فناء الأمم، سوى نحو عشر سنوات، إذ انهدم حينما أحرق الجنود الرومانيون الهيكل.
ومن بين أنقاض الهيكل اكتشف ذلك اللوح في أيامنا، وعليه التحذير الذي كان يهدد كل
أممي يجرؤ على اجتياز ذلك السياج بالموت، وليذكرنا على الدوام أننا في المسيح وحده
نستطيع الآن الاقتراب إلى الله، وأننا صرنا جسداً واحداً جديداً، فقد نقض المسيح –
بموته – حائط السياج المتوسط، أي العداوة، صانعاً سلاماً لأنه هو – وحده – سلامنا.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر المزامير 37

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي