الخروج

 

التاريخ
والأعداد، وجهة نظر بديلة

 

أولاً
التاريخ:

(أ) الصعوبات: هناك بعض الصعوبات التي تتعلق بتاريخ الخروج. ولكن ثمة
من يظنون أنهم قد استطاعوا تحديد التاريخ تحديداً قاطعاً زاعمين أن كل الصعوبات قد
ذللت متجاهلين الآراء البديلة. والطريق السليم هو تحديد بعض المبادئ اللازمة لحسم
القضية ثم السير على هدى هذه المبادئ.

(ب) قاعدة المفصَّلات: والمبدأ العام هو أن كل قضية تعتمد على شهادة
إنسان كما في كل المسائل التاريخية تتأرجح مثل باب يدور حول مفصلات، فالباب يمكن
أن يغلق مكانا ويفتح آخر، وقد يصدر صريراً غير قليل عند حركته مع أنه يدور حول
مفصلاته، وهكذا الحال في هذه القضية كما في كل قضية يدور حولها جدل تاريخي. فإذا
ما تركنا جانباً الصعوبات المترتبة على التواريخ البديلة للخروج، فيجدر بنا أن
نبحث ونبين بوضوح المفصلات التي تدور حولها هذه القضية:

(1) إن ما جاء في سفر الخروج (1: 11) " فجعلوا
عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم. فبنوا لفرعون مدينتي مخازن فيثوم ورعمسيس
" يثبت بكل جلاء أن الإسرائيليين المسخرين بأمر فرعون قاموا ببناء مدينتي
المخازن فيثوم ورعمسيس، لكنه لا يذكر أي إشارة إلى اسم الملك، لأن كلمة "
فرعون " ليست إلا كناية عن الحكومة (فكلمة فرعون
" Per-aa " في
اللغة المصرية القديمة تعني " البيت الكبير " مثل " الباب العالي
" أو " التاج " ومدينتا المخازن المذكورتين، ظلتا مدة طويلة لغزاً،
وحدد لهما علماء الآثار المصرية القديمة أماكن مختلفة، ولم تتوفر معلومات محددة
عنهما حتى كشف " نافيل
" (Naville) عن أطلال " تل المسخوطة"،
وعندئذ وضحت كل جوانب القضية، وتم التحقق منها ما عدا موقع " أرض سكوت ".
وقد تأيد ذلك فيما بعد باكتشاف شاهد قبر أحد كهنة منطقة " ثوكو
" (Thuku) وهو الاسم
المرادف " لسكوت " في اللغة المصرية القديمة . وزيارة لهذه الخرائب
والفحص الدقيق لما كشف عنه " نافيل " يؤكدان صحة كل جزء من تقريره الذي
كان مثار الكثير من الجدل. فيوجد على المدخل نقش يقرر فيه رمسيس الثاني بكل جلاء: "
أنا بنيت فيثوم ". وقد احتج البعض بأن رمسيس كان ينسب لنفسه أعمال غيره، وقد
كان كذلك في الحقيقة، إلا أن هذا النقش نقش أصيل لم تمتد إليه يد التغيير كما هو
واضح في الآثار التي انتحلها لنفسه. ولا يستطيع أحد قبل رمسيس أن ينقشه هنا،
وبالتأكيد لم ينقشه أحد بعده ما لم تكن هذه الكتابة تقرر الحقيقة. بالإضافة إلى
ذلك، فإن الطوب المستخدم هو نفس النوع الذي اشتهر به رمسيس الثاني، وهكذا نقشت
عليها كل القصة الإسرائيلية عن بناء " فيثوم
".

ووجد
أيضاً في "بيت شان" لوح يقرر فيه رمسيس الثاني أنه بنى
"رعمسيس" المدينة الثانية من مدينتي المخازن، و أنه سخر فى بنائها
العبيد الأسيويين الساميين. ففى "فيثوم" و "بيت شان" نجد إحدى
المفصلات التي تدور حولها قضية تاريخ الخروج، فالإسرائيليون بنوا فيثوم، و رمسيس
الثاني بنى "فيثوم"، إذاً لابد أن رمسيس الثاني كان آخر الملوك الذين
اضطهدوا بنى إسرائيل قبل الخروج مباشرة
.

(2) كشف "ماريت" “Mariette” عند تنقيبه
عن الآثار فى "صوعن" عن لوح أقامه رمسيس الثاني تخليداً لذكرى أبيه
"سيتى" (و إن كان البعض يعتقدون أنه كان لتكريم الإله "ست")
عليه تاريخ محدد
. و
أهم ما فى هذا النقش هو هذا التاريخ الذي قد يكون التاريخ المحدد و الوحيد فى
تاريخ مصر القديم، فيذكر هذا النقش أن اللوح أقيم فى السنة الأربعمائة للملك
"نوبتى
"
(Nubti)
و التاريخ الدقيق للملك "نوبتى" غير معروف تماماً، لكنه
كان قبل "أبو فيس
" (Apophis) بفترة قصيرة أو بعده مباشرة . وحسب شهادة المؤرخ اليونانى "سينكلوس" (Syncillus) كان
"أبو فيس" هو فرعون يوسف . و قيل لأبرام: "اعلم يقيناً أن نسلك
سيكون غريباً فى أرض ليست لهم و يستعبدون لهم فيذلوهم أربع مئة سنة" (تك13: 15
) . و جاء فى سفر الخروج (40: 12)"و أما إقامة بنى إسرائيل التي
أقاموها فى مصر فكانت أربع مئة و ثلاثين سنة" و هكذا نجد أن الأربعمائة السنة
من يوسف إلى موسى، و الأربعمائة السنة المذكورة فى اللوح من "نوبتى" إلى
رمسيس الثاني تتفقان بصورة لا مهرب منها
. و هذه مفصلة أخرى تدور حولها القضية.

هل تبحث عن  هوت طقسى أعياد العهد القديم والجديد 19

(3) كان اللوح الإسرائيلي الذي وجده "بترى" (Petri) فى الرمسيوم
فى 1906 م موضوع جدل كبير، حيث رأى بعض المفسرين أن الإسرائيليين كانوا فى فلسطين
فى ذلك الحين، و على هذا فهو يدعم تاريخ الخروج المبكر
.

و
لكن إن كان البعض يعتقدون ذلك، فهناك آخرون يعتقدون – مستندين إلى أسس قوية – أن
هذا النقش إذا فسر تفسيراً صحيحاً، فإنه يؤيد التاريخ المتأخر للخروج
. و يظهر اسم "إسرائيل" فى هذا النقش بين اسمى
"أشقلون" و "خار
" . و "خار" هو اسم "كنعان" على طريق البحر
الميت

. و يبدو من
ذكر "إسرائيل" بين أشقلون و خار أنها كانت تقع بينهما أي فى منطقة
"قادش برنيع
"
. و لكل اسم
فى القائمة مدلول محدد "لشعب" له موطنه الخاص ما عدا اسرائيل
.
"
فخار" التي تلى إسرائيل كان لها أيضا نفس المدلول، و هو ما ينفق
تماماً مع حالة اسرائيل المرتحلين فى البرية كشعب بلا "وطن خاص" و لا
يتفق إطلاقا مع فكرة أن اسرائيل كان قد استقر فى أرض الموعد حيث يكون له "وطن
خاص
"
. كما ذكر فى
النقش أنه "ليس هناك زرع أو نسل
". و ثار جدل حول أن كلمة "زرع" يجب أن تترجم
"محاصيل"، و لكن نقشين أحدهما لحتشبسوت، و الآخر لرمسيس الثاني، جاءت
فيهما نفس الكلمة للدلالة بكل وضوح على "ابن" أو "ابنة" أو
"أبناء"، فيمثل نقش حتشبسوت الإله "آمون" يخاطب الملكة كابنته
بهذه الكلمة المصرية مع لقب "المقدسة
". و تخيل أباً يخاطب ابنته بأنها "محاصيل مقدسة" . و علية فان الكلمة فى نقش منفتاح (مرنبتاح) تعنى فعلاً
"أبناء
"، و يصبح النقش سخرية من أبناء اسرائيل لم
يدخلوا أرض الموعد لأنهم أمة من النساء قد حرموا من الذرية لقتل مواليدهم الذكور
. ثم يضيف الشاعر (كاتب العبارة) أن "خار أصبحت مثل أرامل
مصر" مما يعنى أن فلسطين كانت تبكى على الإسرائيليين الذين لم يصلوا إليها
بعد، كأرملة تنوح على زوجها
. و
تاريخ هذا النقش هو السنة الخامسة لمرنتباح. و قد جاءت الدعوة لموسى عندما مات
الملك الذي كان يطلب نفسه (خر 23: 2)، و يلزم أن تمر سنة ليعود موسى إلى مصر، ثم
سنتان أخريان قبل مغادرتهم لمصر (وقعت فيه الضربات) ثم سنتان قبل مغادرتهم لسيناء،و
هكذا تم وصولهم إلى قادش برنيع فى السنة الخامسة لمرنتباح، و هكذا نجد مفصلة أخرى
يدور حولها تاريخ الخروج
.

(4) دعيت فلسطين "جسر الأمم" لأنه فى
العالم القديم كان يجب أن يعبر فوق أرضها كل جيش و كل مسافر بين بلدان أفريقيا و
آسيا و أوروبا، إذ لم يكن فى استطاعته عبور البحر، بل كانوا يسيرون بمحازاة الشاطئ
فقط، كما لم يكن فى استطاعتهم اختراق الصحراء، و عرض هذا الجسر (أرض فلسطين) لا
يتجاوز الأربعين ميلاً فى المتوسط، و يضيق إلى عدة قصبات عند ممر "مجدو
" . و كان "لجسر الأمم" هذا فى العالم القديم أهمية أكثر
من تلك التي يوليها العالم الغربي الآن لقناة السويس أو قناة "بنما
" .

و
علاوة على ذلك فان أسفار يشوع و القضاة و صموئيل الأول و الثاني تسرد تاريخ
إسرائيل فى غضون تلك الفترة دون أن تذكر أي إزعاج لهم من الأمم الكبرى فى الجنوب
أو فى الشمال أو فى الشرق، و لم تكن المضايقات تصدر إلا من الأمم الصغيرة المحيطة
بهم، و ذلك على مدى خمسمائة سنة، تركتهم الأمم الكبرى فى خلال تلك القرون، يسيطرون
على "جسر الأمم"، و هكذا عظم شأن اسرائيل، و لو أن الخروج حدث فى
التاريخ المبكر، لكانت هذه الأسفار الكتابية ليست تاريخاً على الإطلاق، لأنه خلال
القرون التالية لذلك التاريخ المبكر، غزا الفراعنة العظام أمينوفيس الثالث وسيتى
الأول و رمسيس الثاني تلك الأرض و نهبوها مراراً، و قد سجلوا ما غنموه منها على
الآثار التي تملأ متاحف العالم و التي لا يمكن تزييفها
. ومع ذلك لم ترد كلمة عن هذه الغزوات فى الكتاب المقدس فى تأريخه
لتلك الحقبة من الزمن
. ومثل
هذا الإهمال أمر لا يصدق. ولكن من الناحية الأخرى و لو أن الخروج حدث فى نهاية حكم
رمسيس الثاني أو فى أوائل حكم مرنبتاح، فان مصر كانت قد أخذت فى الانحدار على مدى
خمسمائة عام حتى جاء شيشق الليبي و نهب الهيكل بعد بنائه بخمسة و عشرين عاماً
. كما قام مرنبتاح و رمسيس الثالث برحلات إلى فلسطين بمحازاة شاطئ
البحر المتوسط – الذي لم يكن الإسرائيليون يسيطرون عليه فى ذلك الوقت – و لكنهم لم
يتوغلوا إلى الداخل، إلى المنطقة التي كانت تشغلها اسرائيل. كما أنه فى بداية نفس
تلك الحقبة (الخمسمائة السنة) بدأت المملكة البابلية القديمة فى الانحدار، لتحل
محلها "أشور"، و لكن الأمر استغرق خمسمائة عام حتى يعظم شأن أشور و تبلغ
أوج عظمتها
. و
هكذا نجد مرة أخرى فترة الخمسمائة سنة تنطبق على أشور كما تنطبق على مصر، و هذه
مفصلة أخرى تدور حولها القضية
.

هل تبحث عن  ئلة مسيحية عدم الإيمان بالمسيح ح

(5) و آخر الكل و أقوى الكل، أن أبحاث معهد زينيا (xenia) فى قرية
"سفر" فى التعاون مع المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية فى أورشليم فى
1926 إلى 1928 م، أسفرت عن العصور على تاريخ علمى مضبوط للدخول إلى أرض كنعان، و
بالتالي إلى تاريخ الخروج،حيث وجدت طبقة كبيرة من الرماد و الفحم و الجير المتخلفة
عن حرب صخور الحوائط الجيرية داخل الباب الشرقي، مما يدل على أن المدينة قد احترقت
بالنار

. و كل شىء
تحت هذا المستوى كان كنعانياً من العصر البرونزي، كل الأواني الفخارية و كل
الأسلحة و الأدوات
. و كل
شىء فوق هذا المستوى كان إسرائيليا من العصر الحديدى، و كل الآنية الفخارية و كل
الأسلحة و كل الأدوات
. و
واضح أن الإسرائيليين قد دخلوا كنعان عند نقطة الإنتقال من العصر البرونزي إلى
العصر الحديدى
. و قد
حدث هذا فجأه عندما شيد الفلسطينيون أفرانهم التي تصهر الحديد فى "جرار"،
و أصبح الحديد متوفراً و رخيصاً، و فى الحال استغنوا عن البرونز
. هل يمكن لأحد أن يقول إن قوة الفلسطينيين قد ظهرت قبل ذلك
بثلاثمائة سنة فى حكم أمينوفيس الثالث، أو أن العصر الحديدى دخل فلسطين فى نهاية
فترة حكم تحتمس الثالث؟ يقول "الآب فنسنت
" (Pere Vincent) إن
العصر الحديدى بدأ حوالي عام 1275 ق.م. و هكذا يثبت تاريخ علمى للخروج فى كريات
سفر يعاصر بداية العصر الحديدى وهذه مفصلة أخرى تدور حولها قضية تاريخ الخروج و
حول هذه المعضلات الخمس تدور القضية و الزمن كفيل بحل كل الصعاب.

ثانياً:
عدد الشعب:

الأدلة
على عدد الشعب أدلة مباشرة و استنتاجية أيضاً:

(1)الخوف: سيطر الخوف على المصريين من تزايد الاسرائيليين،
فبذلوا جهوداً مسعورة لوضع حد لهذه الزيادة بين ذكور الاسرائيليين (الأصحاح الأول
من سفر الخروج)، واستولى الرعب على شعوب كنعان من توقعهم للغزو الإسرائيلي. ومما
لا يصدق أن تخاف الإمبراطورية المصرية العظيمة وجيشها الجرار علاوة على الكثيرين
من المرتزقة، من بني إسرائيل لو أنهم مجرد نفر قليل كما يظن بعض الباحثين. كما أن
الرعب الذي سيطر على الكنعانيين كان أمراً يدعو للسخرية لو كان الإسرائيليون مجرد
قبائل قليلة من البدو
.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر إشعياء 58

(2) جيش
كبير: يشير عدد الذكور فى الأسباط الإثنىعشر إشارة واضحة لوجود جيش كبير، كما أنه
من أكبر الأدلة الإيجابية الثابتة، نوعية الحصون التي استولى عليها الإسرائيليون
فى فلسطين، حيث نقرأ: "ثم رجع يشوع و كل اسرائيل معه إلى دبير (كريات سفر) و
حاربها" (يش 38: 10)، و يؤيد ذلك منظر الحوائط و الأبواب الضخمة فى ذلك الحصن،
فقد كانت الحوائط تعلو إلى أكثر من 40 قدماً، كما كان سمكها يتراوح بين عشرة إلى
أربعة عشر قدماً، و مجهزة بكل ما كان معروفاً من وسائل الدفاع
. و لم تكن هناك حاجة إلى كل الجيش لمحاصرة مثل هذا المكان فحسب،
بل كان يلزم أيضا أن يكون جيشاً كبيراً و قوياً لكي يصمد ضد هجمات المدافعين المرهقة،
و الالتحام بهم يداً بيد،إذ لم يكن يتم الاستيلاء على المدينة إلا عندما يتناقص
عدد المدافعين جداً، بينما تظل القوة المهاجمة على أشدها
.

(3)
الستمائة ألف: عندما نمعن الفكر فى دلالة الستمائة ألف، تتضح أمامنا الأمور، فقد
كان عدد بن اسرائيل نحو "ستمائة ألف ماش من الرجال عدا الأولاد" (خر 37:
12
) . و الكلمة المترجمة "رجال" هي "جيبوريم" و
تعنى "الأشداء" أو "الأقوياء"، كما يقال عنهم "ست مئة
ألف ماش" أى من السائرين على أقدامهم، أي ست مئة ألف شخص قوى يسيرون على
أقدامهم ما عدا الأطفال
. و
الكلمة المترجمة "أولاد" و هنا ليست الكلمة العادية "للأولاد"
و لكنها كلمة مداعبة تحاكى صوت وقع الأقدام الصغيرة من الأطفال الذين يجب أن
يحملوا، بالمقابلة مع المشاة
. و لا يذكر شيئاً بالتحديد عن النساء، فلابد أنهن حسبن بين
"الأقوياء" الذين كانوا يسيرون على الأقدام
. و يمكن تقدير نسبة الرجال إلى النساء فى "الست مئة ألف
ماش"، فنحن نعلم أن المصريين حاولوا أن يهدموا التوازن بين الجنسين لكي
يجعلوا الشعب "أمة من النساء" و بالتالي يصبح غير قادر على القيام بأى
عصيان مسلح. و نحن لا نعلم إلى أى مدى نجحوا فى تنفيذ هذا المخطط الغادر، و
بالتأكيد كان تخفيض عدد الذكور أمراً منطقياً، و هكذا يمكن أن نقول إن الست مائة
ألف ماش كانوا أربع مئة ألف من النساء، و مائتى ألف من الرجال
. و لابد أن عدد الأطفال كان كبيراً كما هي العادة فى الشرق فلو
حسبنا طفلين فقط لكل امرأة، لكان هنا ثمانمائة ألف طفل
. كما أن عدد اللفيف غير معروف على وجه التحديد، فلو اعتبرناهم
مائة ألف، لكان العدد الإجمالي حوالي مليون و نصف مليون، و هو تقدير معقول.

(4) توافق الحقائق: تفجر مسألة تاريخ الخروج و عدد
الشعب كثيراً من المشكلات المتضاربة، و لكنها – مهما تكن – فهي مشكلات ممكنة الحل
رغم ما يبدو فيها من تضارب .ومهما تكن الصعوبات في طريق فهمنا لعناصر هذا التاريخ،
فالزمن كفيل بتذليلها . فالحاجة الى عدد كبير من الاسرائيليين لتبرير خوف المصريين
و الكنعانيين، تقابلها مشقة الرحلة في البرية وبخاصة مع ندرة الينابيع، ولكن القصة
تتطلب الأمرين معا. وصعوبة تقسيم الزمن من إبراهيم الى الخروج، مع ما يبدو من لزوم
فترة زمنية طوية بينهما، وإصرار الكثيرين (المبنى بالدرجة الأولى على أقوال
يوسيفوس، الذي جعل خروج اليهود متفقاً مع طرد البرص من مصر)، يدلان على أن الخروج
حدث في حوالي 1450 ق.م.، وهو ما يتعارض مع الحقيقة الثابتة المعروفة الآن من الكشف
الأثري في "كريات سفر" والذي يدل على أن دخول بني إسرائيل الى كنعان حدث
في بداية العصر الحديدي في فلسطين، أي بعد التاريخ المذكور بحوالي مائتي عام. وهي
صعوبات وإن بدت متضاربة إلا أنها ليست مستحيلة الحل، فنحن في حاجة الى معرفة كل
الحقائق والربط بينها بطريقة سليمة، وعندئذ سنجد أنها جميعها منسجمة تماماً و
متفقة مع ما جاء بالكتاب المقدس
.

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي