خمر

Vin

مقدمة

أولاً:
الخمر في الحياة اليومية

1. في الحياة الدنيوية:

2. في حياة العبادات:

ثانياً:
رمزية الخمر

 

 

مقدمة

يعتبر
الخمر الناتج عن الأرض المقدسة، مع القمح والزيت، جزءاً من الغذاء اليومي (تثنية 8:
8، 11: 4، 1 أيام 12: 41)، وهو يتميز خاصة بكونه "يفرح قلب الإنسان "
(مزمور 104: 15، قضاة 9: 13). فهو يكون أحد عناصر الوليمة الخاصة بالمسيا، ولكن
أيضاً، وقبل كل شيء جزءاً من عشاء الإفخارستيا، حيث يغترف المؤمن الفرح من منبعه: في
محبة المسيح.

أولاً:
الخمر في الحياة اليومية

1. في الحياة الدنيوية:

عندما
ينسب اكتشاف زراعة الكرمة إلى نوح ثم عندما يقدمه منذهلاً من آثار الحمر (تكوين 9،
20-21)، يؤكد التقليد اليهودي في نفس الوقت طابع الإفادة وطابع الضرر في الخمر
معاً. لأنه علامة الرخاء (تكوين 49: 11- 12. أمثال 3: 10). فالحمر يُعدُّ من
الخيرات الثمينة إذ يجعل في الحياة بهجة (سيراخ 32: 6، 40: 20). بشرط تناوله، في
اعتدال وقناعة. وهذا ما يدخل في التوازن الإنساني الذي تمتدحه كتابات الحكمة
باستمرار. فمن مسلمات ابن سيراخ أن "الخمر حيا للإنسان إذا اعتدلت في
شربها" (سيراخ 31-32). مما يضفي مزيداً من التوضيح على ذلك (راجع 2 مكابيين
15: 40
).

وفي
الرسائل الراعوية تتكاثر نصائح الاعتدال (1 تيموتاوس 3: 3 و 8، تيطس 2: 3). على أن
تناول الإنسان الخمر عن وعي أمر محبّذ (1 تيموتاوس 5: 23
).

وقد
أراد يسوع نفسه أن يشرب الخمر رغم نعرضه لسوء الحكم عليه (متى 11: 19
//).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد جديد إنجيل يوحنا 21

والإنسان
الذي يفرط بدلاً من الاعتدال يتعرض لكل أنواع الخطر. فالأنبياء يشجبون بشدة
الرؤساء الذين يحبون الشرب بكثرة، لأنهم بذلك ينسون الله ومسئولياتهم الحقيقية
ازاء شعب يكون مظلوماً ومنقاداً إلى الشر. (عاموس 2: 8، هوشع 7: 5، إشعيا 5: 11،
12، 28: 1، 56: 12). والحكماء يوجهون أكبر اهتمامهم نحو العواقب الشخصية لحالات
التطرف. فالشريب تآله إلى الفقر (أمثال 21: 17)، وإلى العنف (سيراخ 31: 30- 31)،
والخلاعة (19: 2) والظلم في الكلام (أمثال 23: 30- 35). ويؤكد القديس بولس أن
السكر يؤدي إلى التهتك ويؤذي حياة الروح عند المسيحي (أفسس 5: 8
).

2. في حياة العبادات:

ولأن
الخمر يأتي من الله، شأنه شأن كل منتَجات الأرض، فإنه يكون له مجاله في الذبائح.
ومنذ قديم الزمن كانت تقدم في معبد شيلو تقدمات النبيذ (1 صموئيل 1: 24) التي تنيح
إراقة المسكوبات المفروضة عند تقديم الأضاحي (هوشع 9: 4، عدد 15: 5 و10
).

فالخمر
يدخل ضمن البواكير التي تؤول إلى الكهنة (تثنية 18: 4، عدد 18: 12، 2 أيام 31: 5).
وسيكون له أخيراً مكانه في ذبيحة العهد الجديد التي ستضع حدا لهذه الترتيبات
الطقسية.

ومن
جهة أخرى فقد يدفع المقصد الدّينيّ البعض إلى الإمتناع عن الخمر. فاذا كان الكهنة
ملزمين بالإمتناع من تعاطيها أثناء ممارسة وظائفهم، فيرجع ذلك إلى أن هذه الممارسة
تتطلب ضبط النفس كاملاً، ولا شما في شأن التعليم والقضاء (حزقيال 44: 21- 23،
لاويين 10: 9- 10). والإمتناع عن الخمر قد يكون أيضاً تذكرة لذلك الزمن الذي قد
حرم فيه إسرائيل من الخمر، فأخذ يقترب من الله في حياة تقشف (تثنية 29: 5). بل إن
عشيرة الريكابيين قد أرادت بعدما استوطن اليهود زمناً طويلاً في أرض كنعان، أن تحافظ
على أمانة البداوة في الإبتعاد عن الخمر (ارميا 35: 6- 11). ولنفس الغرض كانت هناك
عادة في الزهد تقوم على الإمتناع عن تناول أي نتاج من الكرم، تدليلاً على التكريس
لله وهذا ما يسمى عادة النذراء (راجع عاموس 2: 12). وكان شمشون حتى من قبل مولده
مكرساً هكذا بموجب مشيئة الله (قضاة 13: 4- 5). وتعتبر حالة صموئيل (1 صموئيل 1: 11)
وحالة يوحنا المعمدان (لوقا 1: 15، راجع 7: 33) من الحالات المماثلة. وعند تنظيم
وضع النذراء في الناموس الكهنوتي، قد يكون الإمتناع مقرراً بمثابة نذر مؤقت (عدد 6:
2 – 20
) .

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر هوشع 09

ونجد
ذلك فيما بعد عند الجماعة اليهودية- المسيحية (راجع أعمال 21: 23- 24). وأخيراً
كان المؤمنون مدعوين كثيراً إلى الإمتناع عن الخمر لتحاشي أي اشتباه بالتمثل
بالوثنية: وهذا ما تشهد به اليهودبة ما بحد السبي (دانيال 1: 8، راجع يهوديت 10: 5).
ولعل رغبة في الزهد قد حفزت فيما يبدو بعض المسيحيين على حرمان أنفسهم من الخمر (1
تيموتاوس 5: 23). ويذكر بولس ببساطة أنه لا بد للحكمة والمحبة من أن تنظما مثل هذا
الزهد (رومة 14: 21، راجع 1 كورنتس 10: 31
).

ثانياً:
رمزية الخمر

1. من وجهة نظر دنيوية يرمز الخمر إلى كل ما في
الحياة من بهجة: الصداقة (سيراخ 9: 10)، الحب الإنساني. (نشيد 1: 4، 4: 10)،
وعموماً كل الفرح الذي يحظى به على الأرض، مع ما يحيطه من غموض (جامعة 10: 19،
زكريا 10: 7، يهوديت 12: 13، أيوب 1: 18). ولذلك فالخمرة تشير تارة إلى السكر
الفاسد في العبادات الوثنية (إرميا 51: 7، رؤيا 18: 3)، وطوراً إلى سعادة تلميذ
الحكمة (أمثال 9: 2
).

2. ومن وجهة نظر دينية يكون لرمزية الخمر مجالها في
إطار آخر الأزمنة:

أ)
ففي العهد القديم عندما يعلن الله العقابات الكبرى التي سيزيلها بشعبه الذي يغضبه،
يتكلم عن الحرمان من الخمر (عاموس 5: 11، ميخا 6: 15، صفيا 1: 13، تثنية 28: 39).
إن النبيذ الوحيد الذي يشرب عندئذ يكون خمر غضب الله، عكر كأس الترنح (إشعيا 51: 17،
راجع رؤيا 14: 8، 16: 19). وبالعكس فإن السعادة التى وعد بها الله مؤمنيه، يعبّر
عنها غالباً في صورة وفرة الخمر الكثيرة، كما نشاهد في إعلانات التعزية من
الأنبياء (عاموس 9: 14، هوشع 2: 24، إرميا 31: 12، إشعيا 25: 6، يوئيل 2: 19،
زكريا 9: 17
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر إرميا 20

ب)
وفي العهد الجديد يرمز "الخمر الجديد" إلى أزمنة المسيا. إذ يصرّح يسوع
بأن العهد الجديد المؤسس في شخصه، خمر جديد يشق الزقاق القديمة (مرقس 2: 22//).
وتظهر نفس الفكرة في رواية يوحنا لحدث عرس قانا: فإن خمر العرس، هو الخمر الطيب
المنتظر "حتى الآن هو محبة المسيح، وعلامة الفرح الذي يحققه مجيء المسيح
(يوحنا 2: 10، راجع 4: 23، 5: 25). وأخيراً نجد "الخمر الجديد" في معرض
إعطاء فكرة عن الوليمة في آخر الأزمنة التي يخص بها يسوع المؤمنين في ملكوت أبيه: عندئذٍ
تكمل كل أزمنة الوعد بالمسيا. إن ذكر الخمر هنا ليس على سبيل مجرد الرمز ولكن هو
ما يقود إليه عرض إنشاء الأفخارستيا. فقبل أن يشرب المسيحي الخمر الجديد في ملكوت
الله، سيشرب على مرّ الأيام، الخمر الذي تخول إلى الدم المسكوب من مخلّصه (راجع كورنتس
16: 10
).

إذن
فاستخدام الخمر بالنسبة للمسيحي ليس فقط داعيا لرفع الشكر (كولسي 3: 17، راجع 2: 20-
22)، وإنما هو فرصة تذكره بهذه الذبيحة التي هي ينبوع الخلاص والفرح الأبدي (1
كورنتس 11: 25-26
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي