سحاب

Nuee

مقدمة

1. عمود السحاب والنار:

2. السحاب ومجد الرب:

3. السحاب في آخر الأزمنة:

4. المسيح والسحاب:

5. المسيحيون في السحاب:

 

 

مقدمة

السحاب- مثل الليل أو الظل- يمكن أن يرمز إلى اختبار روحي مزدوج: إمّا
التقرب من الله المفعم خيرات لنا، من الله النافع لنا، أو التأدّب من قبل ذاك الذي
يخبيء وجهه عنا. وفضلاً عن ذلك، فالسحاب هو رمز مفضل لإشارة إلى سرّ وجود الله
معنا: إنه يعلن الله لنا، مع حجبه عنا، في آن
.

إن الرمزية الطبيعية للسحاب، التي تساعد على التأمل في الحكمة الكلية
القدرة (أيوب 26: 22 إلى 37: 24)، كان من شأنها إعانتنا بلا شك على التعبير عن
اختبار حضور الله بيننا
.

وللسحب في الواقع وجهان رئيسيان. فإن كانت خفيفة وسريعة (إشعيا 60: 8)،
فهي تحمل رسالة، وتكون أحياناً خادعة (أيوب 7: 9، هوشع 6: 4، 13: 3، يهوذا 12)،
وفي أحيان أكثر تبشّر بهطول الأمطار النافعة (1 ملوك 18: 44- 45، إشعيا 5: 6،
مزمور 78: 23). ومن هذا يفهم أنها قد تكون "مركبة الله، (مزمور 104: 3
).

ومن جهة أخرى إن كانت السحب مظلمة وكثيفة وثقيلة، كالضباب، فهي تنشر
حجاباً معتّماً حول السماء (أيوب 22: 13- 14)، وحول مسكن الله (مزمور 18: 12)،
فتغطي الأرض بظلّ مرعب (حزقيال 34: 12، 38: 9 و16)، أشبه بعاصفة مخيفة (ناحوم 1: 3،
إرميا 4: 13
).

1. عمود السحاب والنار:

وفق الوصف اليهووي في الخروج، كان يقود العبرانيين في ارتحالهمٍ عمود
له صورة مزدوجة: "وكان الرب يسير أمامهم نهارا في عمود سحاب ليهديهم الطريق،
وليلاً في صورة عمود من نار ليضيء لهم " (خروج 13: 21- 22
).

الرب يرافق شعبه في كل زمان لكي يهدوا به في رحلهم. وهو علاوة على
هذا يكفل لهم الحماية إزاء أعدائهم. والعمود يكيّف ظهوره ليس وفقاً للزمن، بل
وفقاً للناس. "كان من هنا سحاباً مظلماً، وكان من هناك ينير الليل " (خروج
14: 20). بل لقد تحدّث الكتاب المقدّس عن " عمود النار والسحاب " (خروج 14:
24)، مبيّناً هكذا الوجه المزدوج للسر الإلهي: قداسة لا يمكن الخاطيء بلوغها،
ونعمة بالنسبة إلى المختارين
.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر إرميا 28

فالمتناقضات تجد حلّها في الله. وهي بالنسبة إلى الإنسان تعبر عن
قيام الخطيئة أو عدمها. وتواجد السحاب والنار المزدوج، وذلك هو عزيز على التقوى
السرية، قد تكرر في التقاليد اللاحقة (تثنية 1: 33، نحميا 9: 12، مزمور 78: 14، 105:
39، حكمة 17: 20 إلى 18: 4): فلم يتكلّم الله مع تمثال صنعه الإنسان، بل "من
وسط النار، والسحاب، والظلام " (تثنية 5: 22
).

2. السحاب ومجد الرب:

لقد تكلّم الله من سيناء، وكانت سحابة قد غطّت الجبل مدة ستة أيّام،
بينما الرب قد هبط عليه بالنار. (خروج 19: 16- 18). ووفقاً للتقاليد الألوهية
والكهنوتية، التي كان في نظرها عمود السحاب هو "ملاك العهد" (14: 19)،
فعلى حين يكون السحاب هو "روح الله القدوس" (إشعيا 63: 14)، من شأنه أن
يزيد السمو الإلهي رفعة
.

لم تعد هناك نار وسحاب، بل نار في السحاب: فتصبح السحابة حجاباً يحمي
مجد الله من النظرات المنحرفة، لا رغبة في إبراز تفرقة بين البشر بقدر ما هي
لإبراز المسافة القائمة بين الله والإنسان. فالسحاب يمكن بلوغه ويتعذّر ولوجه في
آن، فهو يسمح لنا بالتوصل إلى الله دون رؤيته وجهاً لوجه، تلك الرؤية قد تكون
قاتلة (خروج 33: 20). فمن السحاب الذي يغطّي الجبل، دعا الرب موسى، الذي هو وحده
يستَطيع الدخول هناك (24: 14- 18). ومن جهة أخرى، إن كان السحاب يحوي المجد، فهو
أيضاً يعلنه: "فإذا مجد الرب قد ظهر في السحاب " (16: 10)، ويظل السحاب
ثابتاً لا يتحرّك عند مدخل خيمة الاجتماع (33: 9- 10)، أو يوجه تحركات الشعب (40: 34-
38). وهو إذ يتصل ولو قليلاً بالرمزية السابقة، يرتبط بالمجد الذي هو نار (عدد 9: 15):
وفيه تشتعل نار طوال الليل (خروج 40: 38
).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ك كَتِف ف

وفيما بعد، عند تكريس الهيكل على يد سليمان، " امتلأ" سحاباً،
وامتلأ مجداً (1 ملوك 8: 10- 12، راجع إشعيا 6: 4- 5). سيرى حزقيال هذا السحاب وهو
يحمي " المجد " العتيد قبل أن يغادر الهيكل (حزقيال 10: 3- 4، راجع 43: 4).
وسوف تعلم اليهودية بعودته وعودة المجد معه
.

3. السحاب في آخر الأزمنة:

على نحو حالات ظهور الله في الخروج، يكون يوم " الرب مقترناً
بالغمام والسحب، وهي ترمز إلى مجيء الله كديّان (راجع عدد 17: 7)، سواء خلال
رمزيتها الطبيعيّة، أو بفضل استعارة المركبة السماوية. فمثلاً ان "الظلمة
الكثيفة" (يشوع 24: 7)، تستخدم في وصف مجيء الرب "بأنه يوم سحاب وضباب "
(صفنيا 1: 15، حزقيال 30: 3 و18، 34: 12، ناحوم 1: 3،. يوئيل 2: 2
).

والسحاب يعلن حينئذ عن زوبعة (إرميا 4: 13)، متى عبرت، تركت وراءها
ذكرى حجاب يستتر الرب خلفه: "إلتحفت بسحاب لئلا تبلغ الصلاة" اليك (مراثي
3: 44). والسحاب أيضاً قد يعلن عن عصر خروج نافع جديد (إشعيا 4: 5)، ويؤكد رجاء
الخلاص: لتمطر الغيوم العدل " (إشعيا 45: 8
).

وابتدأ من الاستعارة التي صوّرت لنا الرب قادماً على مركبته (مزمور 104:
3)، "يركب على سحابة سريعة" (إشعيا 19: 1) بين حرسه (2 صموئيل 22: 12،
مزمور 97: 2)، نقشت صورة في الأدب الرؤيوي: " فإذا بمثل ابن البشر آتياً على
سحاب السماء" (دانيال 7: 13) وسلطانه أبديّ لا يزول
.

4. المسيح والسحاب:

قبل أن يأتي ابن البشر على سحاب السماء، حبل به في بطن العذراء مريم،
التي يحل بها ظل الروح القدس وقدره العلي (لوقا 1: 35
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد جديد سفر رؤيا يوحنا اللاهوتى 22

وعندما تجلى يسوع، أظهر السحاب حضور الله، كما كان يحدث في العهد
القديم، وأيضاً مجد الابن (متى 17: ا- 8//). وبعد ذلك يحجبه السحاب عن أنظار
التلاميذ، مما يبرهن على أنه ساكن في السماء، بعيداً عن الأشياء المنظورة (أعمال 1:
9)، مع أنه ماثل أمام مشاهديه (7: 5- 6
).

وكما كان في العهد القديم، سوف يكون السحاب أيضاً مركبته السماوية،
عندما يجيء ابن البشر في اليوم الأخير "مع" السحاب أو "عليه"
(متى 24: 30//، 26: 64//). وفي خلال ذلك فإن الرائي المذكور في كتاب الرؤيا يرى
ابن البشر "راكباً على سحابة بيضاء" (رؤيا 14: 14)، وآتياً تواكبه
الغيوم (1: 7). وهذا هو عتاد رب التاريخ
.

5. المسيحيون في السحاب:

عند التجلي، لم يغطّ السحاب يسوع والأشخاص السماويين فقط، بل
التلاميذ أيضاً (لوقا 9: 34). وهو يوحّد بين السماء والأرض، مكرساً اجتماع
التلاميذ الذي أسسه يسوع حول كلمته
.

وحالما دخلوا في الغمامة السماوية أدرك التلاميذ أنهم من تلك اللحظة
يشكلون جماعة واحدة مع يسوع، بل مع السماء، بقدر ما كانوا يسمعون كلمته
.

ووفقاً لتقليد آخر أفسح المثال الطريق أمام الحقيقة، وأفسح السحاب
الطريق أمام الروح- على نحو ما تنبأت النبوّة- (إشعيا 63: 14). وبينما قبل
العبرانيون المعمودية باسم موسى في السحاب وفي البحر (1 كورنتس 10: 1- 2)،
فالمسيحيون يعتمدون باسم المسيح في الروح القدس وفي الماء
.

والسحابة الحقيقية هي الروح الذي يعلّم (يوحنا 14: 26)، ويرشد (16: 13).
أما " الحجاب "- مثله مثل السحاب- الذي كان يغطّي وجه موسى، فيشعّ منه
مجد مؤقت، قد سقط بالنسبة إلى الذين تحوّلوا نحو الرب الذي هو الروح (2 كورنتس 3: 12-
18
).

ويبقى على أيّ حال صحيحاً أن الصورة عن سحب آخر الأزمنة تحتفظ
بقيمها، فترمز إلى أن المؤمنين في اليوم الأخير يخطفون هم أيضاً من الأرض ليذهبوا
أمام الرب الآتي (1 تسالونيكي 4: 17، راجع رؤيا 11: 12
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي