سحاب

 

السحاب هو الغيم ، والقطعة منه سحابة :

أولاً –   السحاب فى فلسطين :

لم ترد فى الكتاب المقدس سوى إشارات قليلة إلى ارتباط السحب بالظواهر
الجوية . فالطقس فى فلسطين أكثر استقراراً وأقل تقلباً منه فى كثير من البلاد . ففلسطين
عبارة عن شريط طويل ضيق يمتد بين البحر المتوسط غرباً والصحراء شرقاً . والرياح
التى تهب من الغرب ، تأتي دائماً محملة بالأبخرة ، فإن كانت درجة الحرارة فوق
البلاد منخفضة بدرجة كافية ، تكثفت السحب وهطلت الأمطار . أما إذا كانت درجة
الحرارة مرتفعة – كما فى أشهر الصيف الخمسة – فلا تهطل الأمطار رغم ظهور السحب . فالسماء
– بصفة عامة – ملبدة بالغيوم شتاء وصافية صيفاً
.

(1)    السحب المطيرة : فى فصل
الخريف تهب العواصف فجأة من البحر ، وما يبدو مجرد غيمة صغيرة "قدر كف إنسان"
كالتي رآها غلام إيليا (1مل18: 44) صاعدة من البحر ، سرعان ما تتحول فى خلال بضع
ساعات قليلة إلى عاصفة سوداء تهطل "مطراً عظيماً" (1مل18: 45) . فالرياح
الغربية والجنوبية الغربية ممطرة دائماً (انظر لوقا12: 54
).

(2)    سحب بغيضة : تهب أحياناً فى
شهور أبريل ومايو وسبتمبر رياح شرقية قادمة من الصحراء تحمل معها سحباً رملية تملأ
الجو وتنفذ إلى كل شيء . وفى الصيف ، وبخاصة فى شهر أغسطس ، قد تزحف من الجنوب – فى
وقت الأصيل – على ساحل البحر ، سحب منخفضة تعرف علمياً "بالسمحاق الطبقي
" (Cirro – Stratus) تملأ الجو
بالرطوبة مما يزيد الإحساس بالقيظ ، وهي التى يصفها يهوذا بأنها "غيوم بلا
ماء" (يهوذا 12) ، أو كما يقول إشعياء : "حر بظل غيم" (إش 25: 5
).

هل تبحث عن  م الأباء أثناسيوس الرسولى أثناسيوس واللاهوت السكندرى ى

ثانياً – الاستعمالات المجازية :

يكثر فى الكتاب المقدس استخدام "السحاب" استخداماً رمزياً
فى صور مجازية رائعة ، وبخاصة فى سفر أيوب
.

(1)    ففي العهد القديم كان الرب "يهوه"
يستعلن بمجده فى السحاب ، فيقول : "ها أنا آت إليك فى ظلام السحاب" (خر19:
9 ، انظر أيضاً 24: 16 ، 34: 5) . وقد ملأ مجده المكان فى السحاب ، حيث التفتوا "فإذا
مجد الرب قد ظهر فى السحاب" (خر16: 10 ، انظر أيضاً 40: 38 ، عد10: 34) . ويقول
النبي : "التحفت بالسحاب حتى لا تنفذ الصلاة" (مراثي3: 44) و"كان
لما خرج الكهنة من القدس أن السحاب ملأ بيت الرب" (1مل8: 10
).

ونقرأ فى العهد الجديد ، أن ابن الإنسان سيأتي على السحاب ، فيقول :
"ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير" (مت 24: 30
، انظر أيضاً 26: 64 ، مرقس13: 26 ، 14: 62 ، لو 21: 27) . وفوق جبل التجلي ظللت
الرب ومعه موسى وإيليا "سحابة نيرة" (مت17: 5) ، كما أن الرب يسوع
المسيح عند صعوده أخذته سحابة عن أعين الرسل (أع1 : 9) . وسيأتي ثانية مع السحاب (رؤ1:
7) . "ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعاً معهم فى السحب لملاقاة الرب فى
الهواء ، وهكذا نكون كل حين مع الرب" (1تس4: 17
). 

(2)    عمود السحاب : كان عمود
السحاب رمزاً لوجود الله وسط شعبه وقيادته لهم فى رحلاتهم إلى أرض الموعد : "أنت
برحمتك الكثيرة لم تتركهم فى البرية ، ولم يزل عنهم عمود السحاب نهاراً لهدايتهم
فى الطريق" (نح9: 19) (انظر المادة التالية
).

هل تبحث عن  ئلة مسيحية التراتيل بأنغام الأغانى الشعبية ة

(3)    القوس فى السحاب : " قال
الرب لنوح : هذه علامة الميثاق الذي أنا واضعه بيني وبينكم .. وضعت قوسي فى السحاب
، فيكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض ، فيكون متى أنشر سحاباً على الأرض ، وتظهر
القوس فى السحاب ، أني أذكر ميثاقي .. فمتى كانت القوس فى السحاب ، أبصرها لأذكر
ميثاقاً أبدياً .." (تك9: 12-17
).

(4)    السحاب يحجب الضوء : فالسحاب
المتراكم يظلم الجو ويُستخدم رمزاً للدينونة ، فيقول حزقيال النبي : "ويظلم
النهار فى تحفنحيس .. فتغشاها سحابة .. فيعلمون أني أنا الرب" (حز30: 18 و 19
، انظر أيضاً مراثي2: 1
).

(5)    السحب العابرة : يوجد عادة
فرق كبير بين درجات الحرارة فى الليل فى فلسطين ، ودرجات الحرارة فى النهار . فالنهار
دافئ والسحب القادمة من البحر كثيراً ما تتلاشي بفعل حرارة الجو فوق اليابسة ،
وتختفي وكأنها لم تكن . وهكذا يقول الرب : "قد محوت كغيم ذنوبك ، وكسحابة
خطاياك" (إش44: 22) . كما يشير النبي هوشع إلى سرعة زوال هذا السحاب العابر
بالقول : "إن إحسانكم كسحاب الصبح ، وكالندى الماضي باكراً" (هو6: 4) . ويشبه
أيوب سعادته بالسحاب العابر : "فعبرت كالسحاب سعادتي" (أي30: 15
).

(6)    السحاب وقدرة الله المطلقة
وجهالة الإنسان : فالله "يصر المياه فى سحبه" (أي26: 8)، و"السحاب
غبار رجليه" (نا1: 3) . كما أنه يأمر "الغيم أن لا يمطر فلا يمطر"
(إش5: 6) . أما بالنسبة للإنسان : "من يحصي الغيوم بالحكمة ، ومن يسكب أزقاق
السموات؟" (أي38: 37) . و "هل يعلل أحد عن شق الغيم أو قصف مظلته؟"
(أي36: 29) ، "أتدرك موازنة السحاب ، معجزات الكامل المعارف؟" (أي37: 16)
. ويقول الجامعة : "من يراقب السحب لا يحصد" (جا11: 4) . لأن الله هو
الذي يتحكم فى السحب ، ولا يستطيع الإنسان أن يسير غور حكمة الله ، لأن "السحاب
ستر له فلا يُرى" (أي22: 14
).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسى وليم ماكدونلد د

(7)    السحاب والرؤي : ارتبطت
السحب بالعديد من الرؤي ، فقد رأى حزقيال : "وإذا بريح عاصفة جاءت من الشمال
، سحابة عظيمة" (حز1: 4) . ويقول يوحنا الرائي : "ثم نظرت وإذا سحابة
بيضاء ، وعلى السحابة جالس شبه ابن الإنسان" (رؤ14: 14-انظر أيضاً دانيال7: 13
، رؤ10: 1، 11: 12
).

(8)    السحاب المخيف : كما يرمز
السحاب أيضاً للخوف والدمار ، فإن يوم الرب "يوم غيم" (حز30: 3، 34: 12)
. وهو "يوم سخط ، يوم ضيق وشدة ، يوم خراب ودمار ، يوم ظلام وقتام ، يوم سحاب
وضباب" (صف1: 15) . كما يوصف العدو الغازي بأنه "كسحاب يصعد" (إرميا4:
13) . ويتنبأ يوئيل عن هجوم الجراد بأنه "يوم ظلام وقتام ، يوم غيم وضباب"
(يؤ2: 2) ، وهو تشبيه حرفي ومجازي . كما يشبه الجامعة الشيخوخة برجوع "السحب
بعد المطر" (جا12: 2
).

(9)    تشبيهات أخرى : وتستخدم
السحب فى العديد من التشبيهات الأخرى ، مثل سرعة الحركة : "من هؤلاء الطائرون
كسحاب؟" (إش60: 8) ، "وهوذا الرب راكب على سحابة سريعة" (إش19: 1،
انظر مز140: 3) . وكقيد للبحر : "السحاب لباسه والضباب قماطه" (أي38: 9)
. كما تشير السحب إلى الارتفاع الشاهق : "ولو بلغ السموات طوله ومس رأسه
السحاب" (أي20: 6) ، "وأصعد فوق مرتفعات السحاب ، أصير مثل العلي"
(أش14: 14) . كما تشير إلى الكثرة كما فى : "إذ لنا سحابة من الشهود مقدار
هذه" (عب12: 1) . ويرمز "صباح صحو مضئ غب المطر" (2صم23: 4) إلى جو
البر والعدل . كما يشير السحاب إلى المجد المستتر (لا16: 2، أع1: 9، رؤ1: 7
).

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي