فستوس

 

هو “فستوس بوركيوس” الذي خلف “أنطونيوس فيلكس” على ولاية اليهودية. ولا نعرف شيئاً عن ماضيه، كما لا نعلم بالضبط سنة توليه أمر اليهودية، حيث تتراوح الآراء ما بين 57م. إلى 60م. إذ لا يُذكر شيء عن سنة توليه، ولا عن المدة التي مضت بين تعيينه في منصبه، وجلوسه فعلاً على كرسي الولاية، علاوة على أن السفر من روما إلى قيصرية كان يستغرق شهوراً. ولو أمكن تحديد تاريخ ولايته، لساعد ذلك كثيراً على تحديد تواريخ رحلات الرسول بولس
.

ولقد مات “فستوس” قبل أن يعمر طويلاً في الولاية. وكل ما نعلمه عنه هو مثول “الرسول بولس “أمامه للمحاكمة، ثم استعانته بالملك أغريباس الثاني، لاستيضاح الأمور فيما يختص بشكوى اليهود ضد الرسول بولس “ويقول “يوسيفوس” إن “فستوس” كان على النقيض من سلفه “فيلكس” الفاجر، كما من خليفته “ألبينوس” الفاسد الذي خلفه على الولاية. وقد ورث “فستوس” الكثير من المشاكل التي سببها “فيلكس” بسوء إدارته، فشاعت في الولاية الجرائم، وانتشر قطاع الطرق، كما نشبت منازعات كثيرة بين الأحزاب اليهودية، فكان ذلك إرهاصاً بالصراع العنيف الذي اضاف سماً زعافاً إلى محنة التمرد الذي كان على وشك أن يثور بعد ست أو سبع سنوات. وعلم “فستوس” أنه لا يملك إغضاب العناصر المتعاونة مع روما من اليهود، وكانت القضية المعروضة عليه من رؤساء الكهنة، قضية شائكة، إذ كان قد مضى على بولس سنتان في سجن قيصرية، لمماطلة فيلكس في القضية، فقد كان رؤساء اليهود يريدون التخلص من بولس دون ذنب يستوجب ذلك. لذلك كان يجب على “فستوس” دراسة القضية بدقة في ضوء تلك الظروف. فأي حاكم فطن، كان يستطيع أن يرى أن التوتر في فلسطين آخذ في التصاعد إلى نوع من الذروة
.

هل تبحث عن  شخصيات الكتاب المقدس عهد قديم يعقوب ب

وهناك كان الفرق بين موقف “فستوس”، وموقف “بيلاطس البنطي” قبل ذلك بنحو ثلاثين سنة، عندما سعى رؤساء الكهنة للتخلص من إنسان بريء. ولكن الظروف كانت قد تغيرت كثيراً في فلسطين، كما أن “فستوس” لم يكن بينه وبين اليهود، ذلك التوتر الذي كان بينهم وبين “بيلاطس”، لكنه رغم ذلك كان مكلفاً بأن يبذل كل جهده لاحتواء الموقف المتفجر. وعندما واجه “فستوس” هذا المأزق، فتح له “بولس” باباً للخلاص منه، فقد كان “بولس” يدرك خطورة الأوضاع في اليهودية، والفوضى المتزايدة، والأزمة التي كانت تلوح في الأفق، فقطع العقدة وأنقذ “فستوس” من حيرته، بأن أعلن رفع دعواه إلى قيصر (أع 25: 6-12)، وكان “فستوس” مجبراً بقوة القانون الروماني، أن يستجيب لهذا الطلب من مواطن روماني، بل وفعل ذلك بكل سرور إذ لاقى هوى في نفسه، وأنقذه من الحيرة بين إرضاء اليهود، وتبرئة “بولس” التي رآها واضحة
.

وفي نفس الوقت، لحداثة وجوده في اليهودية، وعدم إلمامه بشرائع اليهود، وضرورة كتابة وثيقة واضحة تحمل توقيعه إلى محكمة القيصر، استعان بالملك “أغريباس الثاني” وكان رجلاً مقتدراً وحليفاً مخلصاً لروما، وله إلمام كاف باليهودية وبالمسيحية أيضاً. كما كان من السياسة المتبعة في روما منذ عهد أوغسطس قيصر، احترام وتقدير أسرة هيرودس، طالما كان ذلك ممكناً
.

وعندما كان “الرسول بولس” يقدم دفاعه أمام الملك “أغريباس” والوالي “فستوس” قال “فستوس بصوت عظيم” أنت تهذي يا بولس. الكتب الكثيرة تحولك إلى الهذيان. فقال بولس: “لست أهذي أيها العزيز فستوس، بل أنطق بكلمات الصدق والصحو” (أع 26: 24و25
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي