منحيم
“
منحيم” اسم عبري معناه “مُعّز” (لعله سمى هكذا لوفاة ابن سابق)، وهو اسم الملك السادس عشر من ملوك إسرائيل بعد انقسام المملكة، وهو “ابن جادي” من ترصة (2 مل 15: 14
).
(1) –
حكمه : حكم منحيم على إسرائيل عشر سنوات. والأرجح أنه كان قائدا للقوة التي كانت في ترصة في وقت اغتيال “شلوم بن يابيش” لزكريا بن يربعام الثاني، وآخر ملوك أسرة ياهو بن نمشي. وإذ سمع منحيم باغتيال زكريا، زحف بقواته إلى السامرة واغتال شلوم انتقاماً لسيده، بعد أن ملك شلوم شهراً واحداً، وجلس منحيم على العرش الذي كان قد أصبح شاغراً، والأرجح أن هذا حدث فى 752 ق.م. في السنة التاسعة والثلاثين لعزريا ملك يهوذا (2 مل 15: 17). وحيث أنه ملك عشر سنوات، وأنه توفي في السنة الخمسين لعزريا (2 مل 15: 23)، فإننا نجد في هذا دليلاً على اختلاف طريقة التأريخ في المملكتين
.
(2) –
الظروف السياسية : من الواضح أن لمعرفة أحداث حكمه، يلزمنا الإلمام بالظروف السياسية الدولية، التي وجدت إسرائيل نفسها فيها في منتصف القرن الثامن قبل الميلاد. كان حكم يربعام الثاني (793- 753 ق.م.) عهد استقرار وازدهار واتساع للمملكة، وذلك لأن كلاً من مصر وأشور كانتا تمران بفترة من الضعف، مما أتاح ليربعام أن يستعيد المدن التي كانت قد استولت عليها أرام من قبل، وأن يسيطر على طرق التجارة الدولية التي كانت محطاتها الهامة قد أصبحت في دائرة سلطانه، ولكن رغم هذا الازدهار الظاهر، كانت هناك أمراض اجتماعية خطيرة تنخر في بنية الأمة، أشار إليها النبيان عاموس وهوشع، وتنبأ كل منهما بأنها ستؤدي إلى القضاء على الأمة. وقد أتاح موت يربعام للأحزاب المختلفة أن تتصارع للاستيلاء على الحكم، وهكذا وصل منحيم إلى عرش إسرائيل بعد اغتياله لشلوم الذي كان بدوره قد اغتال زكريا بن يربعام (2مل 15: 8-10
).
وما أن استتب الأمر لمنحيم في إسرائيل، حتى واجه خطراً خارجياً داهماً، إذ تولى عرش أشور الملك “فول” (أو تغلث فلناسر الثالث – 1 أخ 5: 26) الذي تبنى سياسة التوسع غرباً إلى البحر المتوسط (وكان ذلك على الأرجح في 743 ق.م.)، وهنا حدث أول احتكاك بين إسرائيل وأشور، وهى الدولة التي قضت فعلاً على مملكة إسرائيل في 722 ق.م. التي كانت آخذة في الاضمحلال. ففي غضون اثنتي عشرة سنة من موت يربعام الثاني، تولي العرش خمسة ملوك، قام ثلاثة منهم باغتيال من كانوا قبلهم، مما اضطر منحيم معه أن يدفع الملك أشور ألف وزنة من الفضة “لتكون يده معه ليثبت المملكة في يده . ووضع منحيم الفضة على إسرائيل على جميع جبابرة البأس (الأثرياء) .. خمسين شاقل من فضة على كل رجل، أي أنه كان هناك 60.000 رجل من الأثرياء، مما يدل على مدى الازدهار الذي كانت عليه المملكة” (2 مل 15: 19و 20
).
(3) –
أحداث حكم منحيم : بعد أن اغتال منحيم شلوم وأمسك بزمام الحكم بيد قوية، ذهب إلى مدينة تفصح التي يبدو أنها أبت أن تعترف به ملكاً، وكانت تقع إلى الشمال من ترصة، والأرجح أن ذلك حدث وهو في طريقه إلى السامرة قبل اغتيال شلوم، وضربها “وكل ما بها وتخومها…لأنهم لم يفتحوا له، ضربها وشق جميع حواملها” (2مل 15: 16). ويبدو أنه كان في هذه القساوة ما يكفي عبرة لسائر المدن، وهكذا خضعت له جميعها واستتب له الأمر، وبخاصة بعد أن تخلص من خطر أشور بدفع الجزية
.
ولكنه ” عمل الشر في عيني الرب، لم يحد عن خطايا يربعام ابن نباط الذي جعل إسرائيل يخطئ كل أيامه” (2 مل 15: 18). ثم اضطجع منحيم مع آبائه، وملك فقحيا ابنه عوضاً عنه، فكان منحيم الملك الوحيد من ملوك إسرائيل الستة الأخرين، الذي يقال عنه إنه “اضطجع مع آبائه”. كما أنه آخر ملك من ملوك إسرائيل يتولى ابنه العرش بعده
.