موسى

 

أولاً :- الاسم : “موسى” في العبرية يغلب أنه مشتق من كلمة تعني “ينتشل” لأن ابنة فرعون “انتشلته من الماء” (خر 2: 10)، انظر أيضاً 2 صم 22: 7، مز 18: 16). أما في اللغة المصرية القديمة فمعناه “ابن”، وقد جاء في الكثير من أسماء الفراعنة، مثل “أحمس” أي ابن الإله “أح” إله القمر، و”تحوتمس” أي ابن الإله “تحوت” (أو توت)، ورعمسيس (أو رمسيس) أي ابن الإله “رع” وهكذا. ويذكر اسم موسي أكثر من 750 مرة في العهد القديم، 79 مرة في العهد الجديد، وجميعها تشير إلى “موسى” القائد والمشرع والنبي العظيم، فلا يطلق هذا الاسم على شخص آخر في الكتاب المقدس
.

ثانياً :- الخلفية : ينتقل بنا سفر الخروج من موت يوسف وتحنيطه ووضعه في تابوت مصر، في نهاية سفر التكوين، وكان يوسف هو الذي أتى ببني إسرائيل إلى مصر، ينتقل بنا سفر الخروج من هذا الموقف، إلى زمن ولادة موسى الذي أخرج بني إسرائيل من العبودية في مصر. وفي ما بين التاريخين “أثمروا وتوالدوا ونموا وكثروا كثيراً جداً، وإمتلأت الأرض منهم” (خر 1: 7
).


ثم قام ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف”، فثارت المخاوف في نفسه من تكاثر بني إسرائيل خشية أن ينضموا إلى الأعداء إذا قامت حرب في أي وقت، فاتخذ إجراءات قاسية للقضاء عليهم. فأمر قابلتي بني إسرائيل أن تقتلا كل ابن يولد للعبرانيات، ولكن القابلتين خافتا الله ولم تفعلا ما أمرهما به الملك، فأمر فرعون جميع شعبه قائلاً: “كل ابن يولد تطرحونه في النهر، لكن كل بنت تستحيونها” (خر 1: 8-22

).
وفي هذه الظروف وُلد موسى. ويذكر سفر الخروج اسم المدينتين اللتين بناهما بنو إسرائيل لفرعون واسم القابلتين ، ولكنه لا يذكر اسم فرعون ولا اسم ابنة فرعون التي تبنّت موسى
.

ثالثاً:- الأربعون السنة الأولى من عمر موسى
:

(
أ)- مولده : مما يستلفت النظر أن تروى قصة ميلاده دون أن يذكر اسما أبويه اكتفاء بالقول: “وذهب رجل من بيت لاوي وأخذ بنت لاوي” (خر 2: 1)، فلا يذكر اسماهما إلا في الأصحاح السادس، وهما عمرام بن قهات، ويوكابد عمته (خر 6: 20). ثم تأتي عبارة “فحبلت المرأة وولدت ابناً” (خر 2:2)، مما قد يفهم منه أن هذا الابن كان ابنها الأول، ولكننا نعرف أنه كان له أخت أكبر منه، كانت تحرس السفط الذي فيه وضعته أمه بين الحلفاء (خر 2: 4)، وكان لدى هذه الأخت من الحكمة ما جعلها تنتهز الفرصة لتجعل من أم موسى مرضعة له، كما نعرف أيضاً أن أخاه هارون كان يكبره بثلاث سنوات (خر 7:7)، مما يدل على أن أمر فرعون بقتل أولاد العبرانيين صدر بعد ولادة هارون وقبل ولادة موسى
.

وما أعجب تدبيرات الله، إذ تقول ابنه فرعون لأم موسى: “اذهبي بهذا الولد وارضعيه لي وأنا أعطي أجرتك” (خر 2: 9). كما أن ابنة فرعون تصبح راعية للطفل العبراني الذي سيخلص بني إسرائيل من العبودية في مصر، بل وتصبح أماً له
.

(
ب)- طفولته : “ولما كبت الولد جاءت به ابنة فرعون فصار لها ابناً” (خر 2: 10). ولعل الأم حفظت الولد سنتين أو ثلاث سنوات (ارجع إلى 1صم 1: 19- 24)، أو ربما إلى ما بعد ذلك، وفي تلك الأثناء كانت تحضره – بين وقت وآخر- إلى ابنة فرعون باعتباره ابنها. ولكن أمه كانت تغرس فيه المحبة والولاء لإلهه ولشعبه. ولكننا في الحقيقة لا نعلم شيئاً عن تفاصيل هذه السنوات الهامة في تشكيل شخصيته. ويقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: “بالإيمان موسى بعد ما وُلد أخفاه أبواه ثلاثة أشهر … ولم يخشيا أمر الملك” (عب 11: 23)، أي أنهما جازفا بنفسيهما
.

(
جـ)- حياته فى مصر : “وحدث في تلك الأيام، لما كبر موسى” (خر 2: 11). لقد انقضت نحو أربعين سنة بين “لما كبر الولد” (خر 2: 10)، “ولما كبر موسى” (خر 2: 11). ويقول استفانوس عن هذه الفترة إن موسى “تهذب بكل حكمة المصريين، وكان مقتدراً في الأقوال والأعمال” (أع 7: 22)، مما يتضمن أن موسى تلقى من التعليم ما كان يليق بأمير مصري أن يتلقاه. ولكن الكتاب المقدس لا يفرد لهذه المرحلة الهامة من حياة موسى سوى 15 آية (خر 2: 1- 15)، كما أنه لا يفرد سوى خمس آيات (خر 2: 11-15) لوصف ما انتهت إليه هذه المرحلة من حياة موسى، ومع ذلك فإنها تلقي ضوءاً كافياً على نمو شخصيته، فالعبارة: “وحدث في تلك الأيام، لما كبر موسى” (خر 2: 11) مقدمة لحادثين انتهت بهما الأربعون السنة الأولى من حياة موسى (أع 7: 23)، فقد خرج موسى “إلى أخوته لينظر في أثقالهم فرأى رجلاً مصرياً يضرب رجلاً عبرانياً من أخوته، فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد، فقتل المصري وطمره في الرمل” (خر 2: 11 و12). وكان هذا أول شئ قام به موسى تعبيراً عن ارتباطه “بأخوته” بشعبه (عب 11: 23و 24). ولعل ذلك لم يكن عملاً مفاجئاً من موسى، فكثيراً ما شاهد العبرانيين يئنون تحت وطأة أثقالهم “لأن المصريين مرروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن وفي كل عمل في الحقل” (خر 1: 14). وفي هذا دليل على أن موسى كانت عواطفه شديدة من نحو شعبه، وكان قد أصبح، وقتئذ رجلاً في الأربعين من عمره، فلم يحتمل أن يرى أحد أخوته يتعرض لمثل هذه المهانة. والكلمتان “يضرب” (عد 11) “وقتل” (عد 12)، هما نفس الكلمة في العبرية، ولكن ضربة موسى للمصري كانت قاضية، فدفن القتيل في الرمل، ولم يكن هذا عملاً طائشاً عن غير وعي، لأنه قبل أن يقتل المصري “التفت إلى هنا وهناك، ورأى أن ليس أحد” (خر 2: 12)، فقد أخذ دور المنقذ، علاوة على أنه حاول أن يخفي الأمر، فطمر القتيل في الرمل
.

(
د)- الهروب : “ثم خرج في اليوم الثاني، وإذا رجلان عبرانيان يتخاصمان”، فأراد أن يصلح بينهما، فإذا بالمذنب يقول له: “من جعلك رئيساً وقاضياً علينا؟ أمفتكر أنت بقتلي كما قتلت المصري؟” (خر 2: 14). وتبدو المأساة واضحة في كلمات استفانوس : “فظن أن أخوته يفهمون أن الله على يديه يعطيهم نجاة. “أما هم فلم يفهموا” (أع 7: 25). وهكذا اضطر موسى أن يهرب لحياته، إذ عندما “سمع فرعون هذا الأمر”، “طلب أن يقتل موسى فهرب موسى من وجه فرعون” (خر 2: 15
).

رابعاً:- الأربعون السنة الثانية
:

(
أ) موسى في مديان : مرت أربعون سنة سريعاً (أع 7: 23)، وجاء “ابن ابنة فرعون” – أعظم ملوك عصره- إلى أرض مديان “وجلس عند البئر” (خر 2: 15). وبينما هو جالس هكذا، جاءت سبع بنات إلى البئر، ورآهن يستقين لغنم أبيهن- كاهن مديان- ثم رأى جماعة من الرعاة يطردوهن. وكان في إمكان موسى ألا يزج بنفسه في مشكلة لا تعنيه، وبخاصة أنه أصبح غريباً وشريداً نتيجة لتدخله في مشكلة مشابهة، ولكن شهامته أبت عليه ذلك، “فنهض موسى وأنجدهن وسقى غنمهن” (خر 2: 17). ولابد أن كان في مظهره وعمله الشجاع ما أرهب الرعاة الذين أرعبوا البنات السبع، فانسحبوا أمام جرأة هذا الرجل الغريب
.

فلما عادت البنات إلى أبيهن رعوئيل (خر 2: 18، ويدعى أيضاً يثرون – خر 3: 1) أسرع من المعتاد وسألهن عن السبب، “قلن رجل مصري أنقذنا من أيدي الرعاة، وإنه استقى لنا أيضاً وسقى الغنم. فقال لبناته: وأين هو؟ لماذا تركتن الرجل؟ ادعونه ليأكل طعاماً. فارتضى موسى أن يسكن مع الرجل . فأعطى موسى صفورة ابنته (زوجة)” (خر 2: 16- 21. ومعنى “صفورة” هو “عصفورة
“).

(
ب)- موسى ويثرون : ولا يذكر الكتاب متى ارتبط موسي بصفورة، وعندما ولدت له ابنه البكر، دعاه “جرشوم” لأنه قال “كنت نزيلاً في أرض غريبة” (خر 2: 22)، مما يدل على أن موسى لم يكن سعيداً وهو بعيد عن أخوته طيلة أربعين عاماً
.


وحدث في تلك الأيام الكثيرة أن ملك مصر مات” (خر 2: 23)، والأرجح أن ذلك حدث قرب نهاية الأربعين السنة، حيث أن موت ذلك الفرعون هو الذي فتح الباب أمام عودة موسى إلى مصر
.

(
جـ)- موسى أمام العليقة : لقد غطى الأصحاح الثاني من سفر الخروج المرحلتين الأولى والثانية من حياة موسى، أي مدة ثمانين عاماً. وقد انتهت كل من المرحلتين بنقطة فاصلة، الأولى بهروبه من مصر، والثانية بالأمر بعودته إلى مصر
.

كان موسى “يرعى” غنم يثرون حميه كاهن مديان، فساق الغنم إلى وراء البرية، وجاء إلى جبل الله حوريب”. ولعله سبق أن قادها إلى هذا الموضع مراراً من قبل، ولكن حدث في هذه المرة أن” ظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة. فنظر وإذا العليقة تتوقد بالنار، والعليقة لم تكن تحترق”. ولابد أنه كثيراً ما شاهد من قبل أنه متى اشتعلت النار في عليقة، فإنها سرعان ما تحترق بضجيج (جا 7: 6)، فكان عجيبا أن يرى العليقة تتوقد بالنار دون أن تحترق. فقال : “أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم: لماذا لا تحترق العليقة!” وعندما اقترب منها ناداه الله محذراً له بأنه واقف على أرض مقدسة، فلم يكتف موسى بأن يخلع حذاءه من رجليه كما أمره ملاك الرب، بل غطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله” (خر 3: 1-6
).

فأعلن الله نفسه لموسى بأنه إله آبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب، وأنه سمع صراخ شعبه الذي في مصر، وأنه نزل لينقذهم من أيدي المصريين، ويصعدهم إلى “أرض جيدة وواسعة، إلى أرض تفيض لبناً وعسلاً”. وهنا سمع موسى دعوة عجيبة: “فالآن هلم فأرسلك إلى فرعون وتخرج شعبي بني إسرائيل من مصر” (خر 3: 6-10
).

كانت قد مضت أربعون سنة منذ أن حاول إنقاذ أخوته بطريقته الخاصة مما أدى إلى هروبه من مصر، والآن يأتيه هذا التحدي من الله، فلا عجب أن يقول موسى لله: “من أنا حتى أذهب إلى فرعون، وحتى أخرج بني إسرائيل من مصر؟” (خر 3: 11). وإذا كان رد موسى هو ما كان ينتظر من رجل في مثل موقفه، فإن جواب الله على تساؤله، كان عجيباً: “إني أكون معك . وهذه تكون لك العلامة أني أرسلتك. حينما تُخرج الشعب من مصر، تعبدون الله على هذا الجبل” (خر 3: 12
).

وكانت هذه العلامة تحدياً مزدوجاً لموسى: لإيمانه بإله آبائه، ولمحبته لشعبه، الذين رفضوه عند محاولته الأولى لخدمتهم. وإذ أراد موسى أن يتجنب تلك المواجهة، سأل الله : “ها أنا آتي إلى بني إسرائيل وأقول لهم : إله آبائكم أرسلني إليكم، فإذا قالوا لي: ما اسمه فماذا أقول لهم؟ فقال الله لموسى: أهيه الذي أهيه (أي “أنا هو الذي أنا هو”) وقال “هكذا تقول لبني إسرائيل: يهوه إله آبائكم، إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب أرسلني إليكم، هذا اسمي وهذا ذكري إلى دور فدور” (خر 3: 15
).

وجاءه الأمر ثانية: “اذهب اجمع شيوخ إسرائيل وقل لهم: الرب إله آبائكم… ظهر لي قائلاً : إني قد افتقدتكم وما صُنع بكم في مصر. فقلت أصعدكم من مذلة مصر إلى أرض … تفيض لبناً وعسلاً” (خر 3: 16 و17). وطلب منه أن يدخل هو وشيوخ إسرائيل إلى ملك مصر ليطلبوا منه أن يدعهم يمضون سفر ثلاثة أيام في البرية ليذبحوا للرب إله آبائهم الذي ظهر لهم عن طريق موسى. وكان هذا مطلباً متواضعاً، ليكشف عدم معقولية رفض فرعون. ولكن الرب أردف ذلك بالقول : “ولكني أعلم أن ملك مصر لا يدعوكم تمضون ولا بيد قوية. فأمد يدي وأضرب مصر بكل عجائبي التي أصنع فيها، وبعد ذلك يطلقكم” (خر 3: 20
).

وقدم موسى اعتراضاً منطقياً بأن بني إسرائيل لن يصدقوه، ولن يسمعوا لقوله، فأعطاه الله ثلاث آيات: عصاه تتحول إلى حية، ويده تصبح برصاء، والماء يتحول إلى دم. وشتان ما بين هذه الآيات والعلامة التي سبق أن أعطاها الرب لموسى (خر 3: 12)، فهذه الآيات علامات مرئية واقعية، تخضع للحواس، دليلاً على قدرة الله، وتهدف إلى إقناعهم للإيمان بالله، وبأن موسى خادم العلي إله آبائهم. كما أن هذه الآيات كانت تحدياً محدداً لموسى، فقد أرهبت الحية موسى فهرب منها، إلا أنه أطاع عندما أمره الرب أن يمسك بذنبها، وفي الحال أصبحت الحية المخيفة عصا في يده. والبرص مرض مخيف، ولا بد أن منظر يده البرصاء قد ملأ موسى خوفاً وهلعاً، ومع ذلك عندما أمره الرب أدخلها في عبه ثم أخرجها من عبه فإذا هى سليمة خالية من كل أثر للبرص، وتحول الماء إلى دم يجعله شيئاً مقززاً تعافه النفس ولا تستطيع أن تشربه (خر 7: 20 و 21
).

وأثار موسى اعتراضاً آخر، فهو غير مؤهل للقيام بالعمل الذي دعاه إليه الرب، فهو ليس صاحب كلام، أي أنه ليس فصيح اللسان ، بل ثقيل الفم واللسان. “فقال له الرب” من صنع للإنسان فماً أو من يصنع أخرس أو أصم أو بصيراً أو أعمى؟ أما هو أنا الرب؟ فالآن اذهب وأنا أكون مع فمك، وأعلّمك ما تتكلم به”. ومع ذلك ظل موسى يقاوم قائلاً: “استمع أيها السيد: أرسل بيد من ترسل” (خر 4: 13)، أى أرسل أحداً سواي، فغضب الرب، وعيّن له أخاه هارون ليتكلم بلسانه (خر 4: 16)، وكان على موسى أن يأخذ في يده العصا التي تحولت إلى حية ليصنع بها الآيات (خر 4: 17
).

(
د)- عودة موسى إلى يثرون : رجع موسى إلى يثرون حميه ليستأذنه في العودة إلى مصر ليرى أخوته. فقال له يثرون : “اذهب بسلام”، ولم يخبره بإرسال الرب له لإخراج شعبه من مصر. وأعاد الرب الأمر لموسى وهو في مديان: اذهب ارجع إلى مصر. لأنه قد مات جميع القوم الذين كانوا يطلبون نفسه” (خر 4: 18 و19
).

(
هـ)- الرحيل إلى مصر : “فأخذ موسى أمرأته وبنيه وأركبهم على الحمير ورجع إلى مصر. وأخذ موسى عصا الله في يده” (خر 4: 20)، مما يدل على أن ابنيه كان صغيرين، أي أن موسى لم يأخذ صفورة زوجة له إلا قرب نهاية الأربعين السنة الثانية، أو أنها ظلت مدة طويلة (مثل راحيل) عاقراً، قبل أن تلد ابنيها
.

(
و)- عريس دم (4 : 24- 31): في أثناء عودة موسى إلى مصر، حدث شئ عجيب، يلقي بعض الضوء على حياة موسى في مديان، ويؤيد فكرة أن ولدي موسى كانا صغيرين في ذلك الوقت. فما “حدث في الطريق، في المنزل” (خر 4: 24) يدل على أن موسى لم يختن ابنه قبل مغادرته مديان، ولعل ذلك حدث بسبب العجلة وانشغاله بالمهمة التي دعاه إليها الله، أو أن الأرجح هو أن صفورة اعترضت على عملية الختان. ولا يمكن الجزم باعتراضها على ختان جرشوم. لكن في الطريق، في المنزل، عندما أيقنت أن حياة موسى في خطر، وأنها هى المسئولة عن ذلك، قامت بنفسها بإجراء عملية الختان مكرهة، كما يبدو من تكرارها لعبارة ” عريس دم”. ومهما كان الأمر فقد أخطأ موسى في عدم إجراء علامة العهد لابنه، وهو ما كان لزاماً على كل إسرائيلي أن يعمله، فقد كانت عقوبة إهمال ذلك هى الموت (تك 17: 13 و14
).

هل تبحث عن  م الإنسان خبرات فى الحياة الرأي الخاص ص

(
ز)- التقاء موسى بهارون (خر 4: 14 و27): أرسل الرب هارون للالتقاء بموسى عند جبل الله. وكان هذا يتضمن القيام برحلة طويلة، مما قد يعني أن موسى أراد أن يزور البقعة التي دعاه فيها الله لمهمته، ليجدد ثقته وقوته استعداداً للصراع الذي ينتظره. وفي جبل الله تقابل هارون وموسى، “وقبّله” وهو عمل من أعمال المودة الأخوية ودليل على ما كان بينهما من رابطة أخوية قوية، بعد أن افترق أحدهما على الآخر طيلة أربعين عاماً. وكان لدى موسى الكثير ليقوله لهارون، إذ أخبره “بجميع كلام الرب الذي أرسله، وبكل الآيات التي أوصاه بها” (خر 4: 28
).

خامساً:- الأربعون السنة الثالثة والأخيرة : إذا كان قتل موسى للرجل المصري، وهروبه من مصر، حددا نهاية المرحلة الأولى من حياته، وأن الدعوة التي تلقاها في جبل الله – حوريب- جاءته في نهاية المرحلة الثانية. فإذا كان الأمر كذلك، فإن المرحلة الثالثة تبدأ بعودته إلى مصر وشروعه في القيام بالمهمة التي كلفه بها الله، وهى إخراج بني إسرائيل من العبودية في مصر (أع 7: 36). وعلى هذا فالمرحلة الثالثة تنقسم إلى قسمين : الأول منهما هو صراعه مع فرعون الذي ينتهي بنشيد النصرة عقب عبور البحر الأحمر (خر 15). والقسم الثاني صراعه مع بني إسرائيل الذي يصفه هو بنفسه: “قد كنتم تعصون الرب منذ يوم عرفتكم” (تث 9: 24)، فقد شغل هذا الصراع فكر موسى وقلبه من يوم دعوته إلى يوم وفاته
.

(
أ)- موسى وفرعون
:

(1) –
الطلب الأول : بعد أن قدم موسى وهارون نفسيهما لشيوخ الشعب (خر 4: 29- 31)، وقام هارون بدوره في إبلاغهم بجميع الكلام الذي كلم به الرب موسى، وصنع الآيات أمام عيون الشعب، دخل موسى وهارون إلى فرعون وقالا له: “هكذا يقول الرب إله إسرائيل: أطلق شعبي ليعيّدوا لي في البرية” (خر 5: 1). لقد كان طلباً معتدلاً: ليعيدوا لي في البرية”، لكن فرعون قابله بالازدراء: “من هو الرب حتى أسمع لقوله، فأطلق إسرائيل؟ لا أعرف الرب، وإسرائيل لا أطلقه” (خر 5: 2). واتهم موسى وهارون بأنهما يبطلان الشعب من أعماله فزاد قسوة في تسخيره للشعب، إذ منع تزويدهم بالتبن لصنع اللبن، وأصبح عليهم أن “يجمعوا تبناً لأنفسهم” مع عدم تقليل كمية اللبن المفروضة عليهم، مما جعل بني إسرائيل يلومون موسى وهارون قائلين لهما: “ينظر الرب إليكما ويقضى لأنكما أنتنتما رائحتنا في عينى فرعون وفي عيون عبيده حتى تعطيا سيفاً في أيديهم ليقتلونا .. فرجع موسى إلى الرب وقال : ياسيد لماذا أسأت إلى هذا الشعب…؟ (خر 5: 4 – 23)، وهكذا خسر موسى الجولة الأولى
.

(2) –
الصراع مع فرعون : لكن الرب قال لموسى: “الآن تنظر ما أنا أفعل بفرعون. فإنه بيد قوية يطلقهم، وبيد قوية يطردهم من أرضه” (خر 6: 1). وهكذا أصبحت المواجهة بين الله وفرعون، إذ يقول الله لموسى: “أنا الرب. وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحق ويقعوب بأني الإله القادر على كل شئ. وأما معنى هذا أن إله الآباء سيظهر قوته في فداء شعبه بصورة أقوى من كل ما حدث مع الآباء
.

ففي ضوء فشل المقابلة الأولى مع فرعون، أعاد الرب تأكيد وعوده للشعب، مؤكداً لهم أنه يعرف تماماً مدى ما يعانونه من ضيق وأنه سيخلصهم. ولما نقل موسى هذه الأقوال للشعب، “لم يسمعوا لموسى من صغر النفس ومن العبودية القاسية” (خر 6: 9
).

فأمر الرب موسى قائلاً: “ادخل قل فرعون ملك مصر أن يطلق بني إسرائيل من أرضه”، فاحتج موسى قائلاً: “هوذا بنو إسرائيل لم يسمعوا لي، فكيف يسمعني فرعون؟” فأعاد الرب تأكيده بأنه سيخرج “بني إسرائيل من أرض مصر” (خر 6: 10- 13
).

وهنا يذكر الكتاب لأول مرة سلسلة نسب موسى وهارون، ويختمها بالقول مرتين: هذان هما هارون وموسى” (خر 6: 26)، “وهذان هما موسى وهارون” (خر 6: 27
).

ويقول له الرب: “أنا الرب. كلم فرعون ملك مصر بكل ما أكلمك به”. فيعاود موسى اعتذاره بأنه “أغلف الشفتين، كيف يسمع له فرعون؟” (خر 6: 28- 30
).

فقال الرب لموسى : “انظر أنا جعلتك إلهاً لفرعون، وهارون أخوك يكون نبيك. أنت تتكلم بكل ما آمرك . وهارون أخوك يكلم فرعون” (خر 7: 1 و2)، وهذا تعريف رائع لمعنى “نبي” ، فكل ما يقوله الله، ينطق به النبي
.


ولكني أقسّي قلب فرعون” (خر 7: 3). وكان الرب قد سبق أن قال لموسى، وهو في أرض مديان: “ولكني أشدد قلبه حتى لا يطلق الشعب” (خر 4: 21). وتكرر هذا القول أكثر من اثنتي عشرة مرة، وأحياناً لوصف حالة قلب فرعون (7: 14 و22، 8: 19، 9: 7)، وأحيانا أن فرعون “أغلظ قلبه” (8: 15 و32، 9: 34)، وأحياناً أخرى أن الرب قسّي أو شدد أو أغلظ قلب فرعون (4: 21، 7: 3، 9: 12، 10: 1 و20 و27). وأفضل تعليق على هذا هو ما نقرأه في الرسالة إلى الكنيسة في رومية، الأصحاحات 9- 11 التي تختم بالتسبحة الرائعة عن “عمق غنى الله وحكمته وعلمه” (رو 11: 33
).

وأنزل الله بمصر الضربات العشر لإثبات القدرة المطلقة لإله إسرائيل، سلطته المطلقة على الطبيعة، لإقناع فرعون والمصريين بحماقة مقاومة إرادته. فقد تكرر القول إن الهدف من هذه الأحكام الإلهية هو أن “يعرف” (أو يدرك) فرعون وشعبه قوة إله إسرائيل (7: 5 و17، 8: 10 و22، 9: 14 و29، 11: 7، 14: 18)، وكذلك ليعلم بنو إسرائيل أيضاً (6: 7، 10: 2، 11: 7، 14: 31، انظر أيضاً 29: 46، 31: 13
).

وكان أول جواب لفرعون على طلب إطلاق بني إسرائيل – كما سبق التنويه- “من هو الرب حتى أسمع لقوله فأطلق إسرائيل. لا أعرف الرب وإسرائيل لا أطلقه” (خر 5: 2). وقد أرسل الرب الضربات ليكتشف جهله ويكسر إرادته العنيدة. ولم تكن مجرد الصدفة هى التي سببت هذه المواجهة بين فرعون وإله إسرائيل، فلهذا الإله الذي قاومه، كان فرعون يدين بعرشه وسلطانه (خر 9: 16، انظر أيضاً رو 9 : 17
).

وكانت الضربة الأخيرة أقسى جميع الضربات، فيقول الرب: “ضربة واحدة أيضاً أجلب على فرعون وعلى مصر”، فستنجز هذه الضربة ما فشلت فيه كل الضربات السابقة، فلن يطلق فرعون إسرائيل فحسب، بل عندما يطلقكم يطردكم طرداً” (خر 11: 1
).

وقد بلغت الأمور غايتها بما حدث قبيل الضربة الأخيرة، إذ طرد فرعون موسى قائلاً له : اذهب عني. احترز. لا تر وجهى أيضاً. إنك يوم ترى وجهى تموت” (خر 10: 28
).

وفي كل الضربات التي سبقت، كان لموسى وهارون دور هام غير شخصي، ولكن هنا تبدو لمستان شخصيتان، إحداهما هى القول: إن “الرجل موسى كان عظيماً جداً في أرض مصر، في عيون عبيد فرعون وعيون الشعب” (خر 11: 3). والثانية هى أن موسى “خرج من لدن فرعون في حمو الغضب” (خر 11: 8). لقد احتمل موسى الكثير من غطرسة فرعون وتذبذبه، وإصراره على الاستجابة للمطالب التي قدمها له موسى باسم الله. وأخيراً انفجر غضب موسى، وأنذر فرعون بأنه إن لم يستجب لأمر الرب، فإن شعبه سيأتون لموسى” ويسجدون…قائلين : أخرج أنت وجميع الشعب” (خر 11: 8). “ولكن شدد الرب قلب فرعون فلم يطلق بني إسرائيل من أرضه” (خر 11: 10) حتى تُستعلن قوة إله إسرائيل المطلقة في الضربة الأخيرة الرهيبة، وهى موت الأبكار (خر 11: 9 و10
).

(3) –
الخروج : كان موت الأبكار سبباً في إثارة الرأي العام مما اضطر معه فرعون أن يطلق بني إسرائيل الذين كانوا قد عملوا الفصح، فبدأوا في الارتحال من مصر تحت قيادة موسى آخذين معهم أولادهم ومواشيهم وأمتعتهم وعظام يوسف (خر 13: 19)، ففي وسط المشغوليات الضخمة العديدة، لم ينس موسى وصية يوسف التي أوصى بها بني إسرائيل منذ بضعة قرون (تك 50: 25
).

(4) –
عمود السحاب والنار : منذ أن بدأوا في الارتحال تجلت قيادة الله في هذه الظاهرة الخارقة، إذ “كان الرب يسير أمامهم نهاراً في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلاً في عمود نار ليضئ لهم لكي يمشوا نهاراً وليلاً. لم يبرح عمود السحاب نهاراً، وعمود النار ليلاً من أمام الشعب” (خر 13: 21 و22). وكان هذا العمود دليلاً على سير الله معهم، فقد ذكر ثلاث مرات أن ملاك الله كان فيه (خر 14: 19، 23: 20، 32: 34). ومن الواضح أن هذا العمود كان يتغير كثيراً في موضعه. ففي 14: 19 و20 “انتقل عمود السحاب من أمام بني إسرائيل، ووقف وراءهم، فدخل بين عسكر المصريين وعسكر إسرائيل، وصار السحاب والظلام (للمصريين)، وأضاء الليل (لبني إسرائيل)، فلم يقترب هذا إلى ذاك كل الليل” كما نقرأ: “وكان عمود السحاب، إذا دخل موسى الخيمة، ينزل ويقف عند باب الخيمة. ويتكلم الرب مع موسى ” (خر 33: 9). ونقرأ في سفر العدد: “فنزل الرب في عمود سحاب ووقف في باب الخيمة” (عد 12: 5). وكثيراً ما يشار إليه “بالسحابة” ونجد في سفر العدد قولاً مفصلاً عن قيادة “السحابة” للشعب (عد 9: 15- 23- انظر أيضاً 10: 11 و12 و33- 36 ، تث 1: 33)، فكان الهدف الرئيسي من السحابة هو قيادة الشعب في البرية، وإعلان وجود الرب فيما بينهم
.

ونقرأ في سفر العدد (10: 33 و34): “فارتحلوا من جبل الرب مسيرة ثلاثة أيام وتابوت عهد الرب راحل أمامهم… وكانت سحابة عليهم نهاراً في ارتحالهم من المحلة” مما يدل على أن السحابة كانت تتحرك أعلى التابوت. كما نقرأ: “وإذا مجد الرب قد ظهر في السحاب” (خر 16: 10). ونقرأ في سفر العدد (10: 33-36) وصفاً رائعاً عن كيف أن موسى في بداية كل مسيرة وفي نهايتها كان يتلمس إرشاد الله في ارتحالهم في سنوات البرية. وكان ظهور الرب في عمود السحاب أمراً دائماً (خر 13: 22
).

قاد عمود السحاب جموع بني إسرائيل إلى موقف أصبحوا فيه محاصرين بين البحر أمامهم، ومركبات فرعون وراءهم ، وعندما اقتربت مركبات فرعون منهم، فزع بنو إسرائيل جداً، وندبوا مأزقهم الخطير( خر 14: 11 و12) كما فعلوا من قبل (خر 5: 21، 6 : 9). ولكن موسى لم ينزعج، بل قال لهم في ملء الثقة: “لا تخافوا. قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم” (خر 14: 13)، فقد كان موقعهم الذي بدا ميئوساً منه، فرصة لعمل الله. كان على بني إسرائيل أن يتقدموا نحو البحر، وكان على موسى أن يشق لهم طريقاً في وسط البحر، وكان هذا امتحاناً عظيماً لإيمان موسى: “وعبر بنو إسرائيل البحر آمنين ” في وسط البحر على اليابسة والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم. وتبعهم المصريون ودخلوا وراءهم “جميع خيل فرعون ومركباته وفرسانه إلى وسط البحر”. فأمر الرب موسى أن يمد يده ” على البحر ليرجع الماء على المصريين، على مركباتهم وفرسانهم. فمد موسى يده على البحر، فرجع البحر عند إقبال الصبح… فدفع الرب المصريين في وسط البحر، فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر. لم يبق منهم ولا واحد” (خر 14: 22- 29). “ورأى إسرائيل الفعل العظيم الذي صنعه الرب بالمصريين ، فخاف الشعب الرب وآمنوا بالرب وبعبده موسى (خر 14: 31). ورنم موسى وبنو إسرائيل تسبيحاً للرب الذي خلصهم هذا الخلاص العجيب (خر 15
).

(
ب)- موسى وبنو إسرائيل : انتهى تماماً تهديد فرعون ومركباته (خر 14: 13)، ولكن بدأ الصراع بين موسى وبني إسرائيل، وكانت بوادره قد ظهرت من قبل (خر 5: 21، 14: 11). وكان هذا الصراع- الذي دام طويلاً – أشد ثقلاً على صبر موسى. وأصعب امتحاناً لإيمانه ومحبته للرب ولشعبه
.

(1) –
التذمر في البرية : وبعد أن رأى الشعب عمل الله القدير في خلاصهم، وأيقنوا في خلاصهم، وأيقنوا من يد الله العاملة معهم، بقيادة موسى (خر 14: 31)، لم يلبثوا، سوى ثلاثة أيام، حتى تذمروا على موسى قائلين: “ماذا نشرب؟” (خر 15: 24). وفي هذه المرة حوّل لهم الرب مياه “مارة” المرة إلى مياه عذبة بطرح الشجرة التي أراها الرب لموسى، في الماء (خر 15: 25). وبعد أن غادروا واحة إيليم، حيث كانت هناك اثنتا عشرة عين ماء وسبعون نخلة، أتوا “إلى برية سين التي بين إيليم وسيناء”…فتذمر كل جماعة بني إسرائيل على موسى وهارون في البرية، لأجل الطعام، وهناك أعطاهم الله السلوى والمن، بعد أن ظهر لهم مجد الرب في السحاب (خر 16: 1- 15). وذُكرت “السلوى” هنا باقتضاب كحادثة مفردة (خر 16: 13)، أما المن فظل طعامهم الأربعين السنة، وكان عليهم أن يلتقطوه كل صباح بحسب حاجة كل واحد، فيما عدا أيام السبت، إذ كان عليهم أن يلتقطوا نصيباً مضاعفاً في يوم الجمعة. وكان المن “كبرز الكزبرة أبيض وطعمه كرقاق بعسل” (خر 16: 14 –30
).

ثم عادوا وتذمروا مرة أخرى في رفيديم لعدم وجود ماء ليشربوا، فأمر الرب موسى أن يضرب الصخرة في حوريب، فخرج منها ماء، وارتوى الشعب (خر 17: 1-6). وهناك أيضاً انتصروا على عماليق في ظروف كان يجب أن تزيد ثقتهم في الرب، وفي عبده موسى (خر 17: 8- 13
).

(2) –
زيارة يثرون : جاء يثرون كاهن مديان إلى موسى في جبل الله، وأتى معه بصفورة امرأة موسى، وبابنيه، إذ كان قد سمع بكل ما صنع الله وكيف أخرج إسرائيل من مصر، ولما قص موسى على حميه كل ما صنع الرب بفرعون والمصريين من أجل شعبه، فرح يثرون بجميع الخير الذي صنعه الرب لإسرائيل، وقال : الآن قد علمت أن الرب أعظم من جميع الآلهة لأنه في الشئ الذي بغوا به كان عليهم” (خر 18: 8-12). وابتهاج يثرون بما أعطاه الله لإسرائيل من نصرة، وتقديمه محرقة واشتراكه في الوليمة مع شيوخ إسرائيل، كل هذا لا يعني أن يثرون – كما يرى البعض- كان أصلاً ممن يبعدون “يهوه” (الرب
).

ثم قدم يثرون لموسى نصيحة لتنظيم النظر في قضايا الشعب. وعمل موسى بهذه النصيحة، وأوكل لبعض المتقدرين من الشعب، النظر في القضايا الصغرى. أما الدعاوى العسرة فيجيئون بها إلى موسى. ثم صرف موسى حماه فمضى إلى أرضه (خر 18: 13- 27
).

(3) –
الله يتجلى على جبل سيناء (خر 19، 20): إن المنظر الهائل المخيف الذي واكب إعطاء الناموس على جبل سيناء، بكشف لنا عن المزيد من شخصية موسى. ونجد وصفاً لمنظر الجبل في الأصحاح التاسع عشر من سفر الخروج. وعندما دعا الله موسى إلى رأس الجبل أطاع، وعندما نزل من الجبل حذر الشعب من الاقتراب إلى الجبل. ولما تكلم بالوصايا العشر، ارتعد الشعب “ووقفوا من بعيد. وقالوا لموسى: تكلم أنت معنا فنسمع. ولا يتكلم الله لئلا نموت” (خر 20: 18 و19). ويقول لنا كاتب الرسالة إلى العبرانيين إن المنظر كان “هكذا مخيفاً حتى قال موسى: أنا مرتعب ومرتعد” (عب 12: 21). ولكن رغم أن الشعب وقف من بعيد، فإن موسى “اقترب إلى الضباب حيث كان الله” (خر 20 : 21
).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ح حلفى 1

(4) –
هارون والسبعون شيخاً (خر 24): هنا نرى الفرق الكبير بين موسى وسائر الشعب، بما فيهم السبعون شيخاً وهارون وبنوه. فبينما سجد كل أولئك من بعيد، فإن موسى وحده هو الذي اقترب إلى الرب (خر 24: 1و 2). وكان ذلك بعد إقرار العهد، بعد أن قرأ موسى كتاب العهد في مسامع الشعب، “فقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له. وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال: “هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال” (خر 24: 7و 8). وبعد ذلك صعد أولئك الشيوخ. ممثلو الشعب إلى الجبل “ورأوا إله إسرائيل” (خر 24: 10)، ولكن كل ما رأوا كان “شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف وكذات السماء في النقاوة” تحت رجليه ” فرأوا الله وأكلوا وشربوا ” (خر 24: 11
).

وبعد ذلك صرف موسى أربعين نهاراً وأربعين ليلة في الجبل في محضر الله “وكان منظر مجد الرب كنار آكلة على رأس الجبل أمام عيون بني إسرائيل” (خر 24: 17). ولم يأكل موسى ولم يشرب طيلة الأربعين يوماً، فقد كان له كسيده “طعام لآكل” لا يعرفه سائر الناس (يو 4: 32). وذكر “يشوع” هنا (خر 24: 13، 32: 17) يدل على أن يشوع كان قريباً من موسى في أثناء الأربعين يوماً الأولى، بينما في الأربعين يوماً الثانية، كان أمر الرب لموسى : “لا يصعد أحد معك، وأيضاً لا يُرَ أحد في كل الجبل” (خر 34: 3)، إذ “كان خادمه يشوع بن نون… لا يبرح من داخل الخيمة” (خر 33: 11
).

(5) –
موسى وخيمة الشهادة : بعد ذلك المنظر المهيب الذي واكب إعلان الوصايا العشر، ظل منظر مجد الرب يغطي الجبل “ستة أيام، وفي اليوم السابع دُعى موسى من وسط السحاب” فترك هارون وحور مع الشعب (خر 24: 14 و16)، أما موسى فدخل “في وسط السحاب وصعد إلى الجبل. وكان موسى في الجبل أربعين نهاراً وأربعين ليلة” (خر 24: 18)، وهناك أعطاه الرب تفصيل بناء خيمة الشهادة “بحسب جميع ما أنا أريك من مثال المسكن، ومثال جميع آنيته هكذا تصنعون” (خر 25: 9). كما أعاد الرب القول: “انظر فأصنعها على مثالها الذي أظهر لك في الجبل” (خر 25: 40- انظر أيضاً عب 8: 5). وأخيراً أعطى الرب موسي لوحي الشهادة، لوحي حجر مكتوبين بأصبع الله” (خر 31: 18
).

(6) –
الارتداد الأول (أصحاح 32): بينما كان موسى في الجبل يتسلم من الله التعليمات التي على أساسها يسكن الله في وسطهم، ارتد الشعب عن الله الذي وعدوا بأن يطيعوه، وقالوا لهارون : “قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا” (خر 32: 1). لقد عاشوا في بيئة وثنية على مدى بضعة قرون مما ترك أثره فيهم. فاستجاب هارون – أخو موسى- وصنع لهم “عجلاً مسبوكاً. فقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك في أرض مصر. فلما نظر هارون، بني مذبحاً أمامه ونادى هارون وقال : “غداً عيد للرب” (خر 32: 5). وفي هذا الموقف الغريب الخطير، لا عجب أن يُعلن الرب لموسى ما حدث، مما عرضهم للهلاك. ولكن موسى بادر في الحال إلى الشفاعة في الشعب. وعندما نزل موسى من الجبل، وأبصر العجل والرقص، حمي غضبه “وطرح اللوحين من يديه وكسرهما أسفل الجبل، ثم أخذ العجل الذي صنعوا وأحرقه بالنار وطحنه حتى صار ناعماً وذراه على وجه الماء وسقى بني إسرائيل” (خر 32: 7- 20). ثم تحول إلى هارون نفسه طالباً منه تفسيراً لما حدث، فلما سمع منه تفسيره الهزيل، “وقف موسى في باب المحلة وقال: من للرب فإلىّ . فاجتمع إليه جميع بني لاوي”، فأمرهم بأن يمروا في المحلة ويقتلوا كل المذنبين في هذا الأمر، “فوقع من الشعب في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل” (خر 32: 21- 29). وكان هذا العمل من اللاويين عمل طاعة للرب، مما ذكره الرب لهم وكافأهم عليه: “الذي قال عن أبيه وأمه لم أرهما، وبأخوته لم يعترف، وأولاده لم يعرف، بل حفظوا كلامك وصانوا عهدك” (تث 33: 9). “بل على هارون نفسه “غضب الرب جدّاً ليبيده” لولا شفاعة موسى فيه في ذلك الوقت (تث 9: 20
).

(7) –
شفاعة موسى: “فرجع موسى إلى الرب . وقال آه قد أخطأ هذا الشعب خطية عظيمة .. والآن إن غفرت خطيتهم، وإلا فامحني من كتابك الذي كتبت”. وإذ حصل على غفران الله، قال له الرب: “والآن اذهب اهد الشعب إلى حيث كلمتك” أي إلى أرض كنعان (خر 32: 31- 24). وهنا نرى لمحة أعمق عن شخصية موسى، فلم يحاول موسى أن يقلل من خطية عبادة الشعب للعجل الذهبي، أو يعتذر عن خطية هارون أو خطية الشعب، بل وصفها بأنها “خطية عظيمة” . عندما عرض عليه الرب أن يفنى الشعب، ويصير موسى شعباً عظيماً (وكان هذا امتحاناً لمحبة موسى للشعب)، فإن موسى استنجد بمحبة الرب لشعبه، تلك المحبة التي ظهرت في إنقاذه لهم من أرض مصر، إتماماً لمواعيده للآباء، ثم ذكر ما يمكن أن يسئ إلى اسم الله نفسه، لو أنه أهلك الشعب في البرية (خر 32: 11و 12
).

وإذ وعده الرب بالقول: “هوذا ملاكي يسير أمامك” (خر 32: 34) لقيادة الشعب إلى أرض الموعد، “أخذ موسى الخيمة ونصبها له خارج المحلة بعيداً عن المحلة، ودعاها خيمة الاجتماع” (ولعلها كانت خيمة خاصة به)، “وهناك كان يكلم الرب موسى وجهاً لوجه كما يكلم الرجل صاحبه” (خر 33: 11). وأخذ موسى وعداً من الرب: “وجهي يسير فأريحك” (خر 33: 14). ثم طلب من الرب أن يريه مجده، فقال له : “أجيز كل جودتى قدامك… لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش… وأما وجهي فلا يرى” (خر 33: 18- 23
).

ثم أمره الرب أن ينحت لوحين من حجر مل الأولين اللذين كسرهما، ويصعد بهما إلى الجبل، “فنزل الرب في السحاب. فوقف عنده هناك ونادى باسم الرب، فاجتاز الرب قدامه ونادى: الرب الرب إله رحيم ورؤوف بطئ الغضب وكثير الإحسان والوفاء” (خر 34: 6
).

وفى أثناء الأربعين يوماً الثانية التي مكثها موسى مع الله في الجبل، التمس موسى من الله أن يواصل سيره مع شعبه، وأعاد الرب وصاياه وتحذيراته من عبادة الأوثان “لأن الرب اسمه غيور. إله غيور هو” (خر 34: 14). وقد ظهرت هنا – أمام أقسى الامتحانات – عظمة موسى الحقيقية وتواضعه ومحبته لشعبه، ومحبته للرب، وغيرته على كرامة الرب ومجده
.

(8) –
البرقع على وجه موسى : بعد المرة الثانية التي مكث فيها موسى على الجبل، عندما نزل من الجبل كان جلد وجهه يلمع (خر 34: 29- 35) مما جعل هارون وجميع الشعب يخافون أن يقتربوا إليه… “فلما فرغ من الكلام معهم، جعل على وجهه برقعاً (خر 34: 33). ويعطينا الرسول بولس تفسيراً لهذا بالقول: “وليس كما كان موسى يضع برقعاً على وجهه لكي لا ينظر بنو إسرائيل إلى نهاية الزائل” (2 كو 3: 13)، حيث أنه وهو في محضر الله كان جلد وجهه يلمع في كلامه معه، من انعكاس بهاء محضر الله على وجهه (ارجع إلى مت 17: 2، أع 9: 3، رؤ 1: 14
).

(9) –
خيمة الشهادة وطقوسها: فيما يتعلق بخيمة الشهادة وجميع آنيتها وأغطيتها وطقوسها، وثياب الكهنة، من المهم أن نلاحظ التأكيد الشديد على أن يكون كل شئ حسب المثال الذي أراه الرب لموسى في الجبل (خر 25: 9 و40، 26: 30، 27: 8، 39: 32، 43، مع عب 8: 5). وسواء كان موسى قد عرف شيئاً عن خطة بناء المعابد المصرية وطقوس العبادة فيها أم لم يعرف، فإن الأمر المشدد عليه هو أن يصنعها على المثال الذي أراه الله إياه في الجبل في خلال المدتين (كل منهما من أربعين يوماً) اللتين قضاهما مع الله في الجبل، ففي الأصحاحين 39، 40 اللذين بهما وصف إقامة الخيمة تتكرر العبارة : “كما أمر الرب موسى” ومرادفاتها، أكثر من خمس عشر مرة. كما أن السحابة التي غطتها، وبهاء الرب الذي ملأ المسكن، كانا شهادة على أن موسى “قد أكمل العمل” كما أمره الرب (خر 40: 33- 35
).

وبعد تدشين الخيمة الذي يختم به سفر الخروج، يأتي سفر الللاويين الذي فيه أعطى الرب التعليمات بخصوص الذبائح المختلفة (يمكن الرجوع إلى “خيمة الاجتماع” و “الذبائح

(10)-
ثياب هارون وأبنائه : يُخصص الأصحاحان الثامن والتاسع من سفر اللاويين لوصف إقامة هارون وأبنائه لخدمة الكهنوت، ووصف ثيابهم . ومع أن أنصبة هارون وبنيه من الذبائح تذكر في الأصحاحات السبعة الأولى من سفر اللاويين، فإن نصيب موسى لا يذكر إلا في الأصحاح الثامن (8: 29
).

ونجد وصفاً مفصلاً لثياب هارون وأبنائه، وبخاصة ثياب رئيس الكهنة. كما نجد وصفاً لتقديسهم للخدمة، (خر 28، 29، 39: 1- 31 و 41). وقام موسى بإجراءات التكريس (لا 8، 9). وكانت خدمة هارون وثيابه كلها رمزية باعتباره رئيساً للكهنة (لا 6: 22، 16: 32). “فقبل أن يموت هارون ، خلع موسى عنه ثيابه وألبسها ألعازار بن هارون، ليحل محل أبيه رئيساً للكهنة (عد 20: 22- 28). ولكن لم يكن لموسى خليفة، فقد أعطى الله الناموس عن طريقة، ولم يكن الناموس ليتغير بتغير الأجيال (يش 1: 7، ملاخي 4: 4
).

(11)-
ناداب وأبيهو (لا 10): بعد أن قام موسى بإجراءات تقديس هارون وبنيه لخدمتهم، وقعت حادثة من أغرب الحوادث في تاريخ بني إسرائيل. كان لهارون أربعة أبناء، وقد كرسهم موسى ومسحهم جميعاً للخدمة، “وأخذ ابناً هارون ناداب وأبيهو، كل منهما مجمرته وجعلا فيها ناراً ووضعا عليها بخوراً وقرباً أمام الرب ناراً غريبة لم يأمرهما بها”. ويبدو أن عصيان بني إسرائيل وعنادهم، تمثلا في هذا العمل، الذي قاصصه الله بشدة. وقد علّق موسى على ذلك. بالقول: “هذا ما تكلم به الرب : في القريبين مني أتقدس وأمام جميع الشعب أتمجد” (لا 10: 3). وقد كان لهذا التمرد وضع شديد على موسى، حتى إنه لم يبد أي حزن على مصير ابني أخيه، بل طلب من هارون وابنيه الباقيين، ألا يبديا حزناً عليهما، ولكنه قال : “أما أخوتكم، كل بيت إسرائيل فيبكون على الحريق الذي أحرقه الرب” (لا 10: 6
).

(12)-
الارتحال من سيناء : يبدأ سفر العدد بإحصاء بني إسرائيل، ثم بيان مواقع نزولهم حول خيمة الاجتماع، ثم بعض الشرائع الخاصة بالنجاسة وشريعة الغيرة، وشريعة النذير. وبعد ذلك كلم الرب موسى قائلاً: “كلم هارون وبنيه قائلاً: هكذا تباركون بني إسرائيل قائلين لهم: يباركك الرب ويحرسك، يضئ الرب بوجهه عليك ويرحمك. يرفع الرب وجهه إليك ويمنحك سلاماً. فيجعلون اسمي على بني إسرائيل وأنا أباركهم” (عد 6: 22- 27
).

وبعد إقامة المسكن ومسحه وتقديسه وجميع أمتعته والمذبح وجميع أمتعته. وتدشينه ، يذكر كيف كان موسي يتلقى الأوامر من الله : “فلما دخل موسى إلى خيمة الاجتماع ليتكلم معه، كان يسمع الصوت بكلمة من على الغطاء الذي على تابوت الشهادة من بين الكروبين فكلمه” (عد 7: 89
).

ويصف الأصحاح التاسع الفصح الذي احتفل به بنو إسرائيل في أول السنة الثانية لخروجهم من أرض مصر، والتعليمات التي أعطاها الرب لموسى لعمل الفصح في الشهر الثاني، في اليوم الرابع عشر، لمن كان في الشهر الأول- نجساً لميت أو في سفر بعيد (عد 9: 9 – 13)، مما يدل على أن موسى كان – على الدوام- يلجأ إلى الرب في كل مشكلة تطرأ، طلباً لإرشاده (انظر أيضاً عد 15: 32- 35). وقد يبدو عجيباً أن موسى – عند الارتحال من سيناء- يطلب من حوباب- حميه – أن يرافقهم قائلاً له : ” لا تتركنا لأنه بما أنك
تعرف منازلنا في البرية، تكون لنا كعيون” (عد 10: 31). فقد يبدو ذلك وكأنه قلة ثقة من موسى في إرشاد الرب لهم. ولكن الأرجح أن إدراك موسى لمصاعب الطريق ومخاطرها، جعله يرجو مساعدة حوباب الذي يفترض أنه كان يعرف هذه المناطق جيداً، فمع أن موسى كان يثق في إرشاد الله لهم، إلا أنه أيضاً كان منفتحاً للاستعانة بالمهارة البشرية متى توفرت وكانت ذات نفع
.

(13)-
التذمر على المن: ما أن بدأ الارتحال حتى حدث التذمر مرة أخرى (عد 11: 1)، مما جعل غضب الرب يحمى عليهم، فاشتعلت فيهم نار الرب وأحرقت في طرف المحلة. ولم يكن هذا التذمر لعدم وجود طعام، بل لأنهم ملّوا من أكل المن، الخبز الذي من السماء (خر 16)، وطلبوا لحماً (مز 78: 18- 31)، مما أحزن موسى جداً، حتى إنه التمس موته من الرب (عد 11:11- 15). فذاك أفضل له من مواصلة المعاناة من شعب متمرد، إذ من أين له لحم لكل هذا الشعب. وكان جواب الرب له مزدوجاً، فسيعين سبعين رجلاً من شيوخ إسرائيل لمعاونته، وأنه سيعطي الشعب لحماً على مدى شهر من الزمان حتى يخرج من مناخرهم ويصير لهم كراهة (عد 11: 16- 20). ولكن “إذ كان اللحم بعد بين أسنانهم … حمي غضب الرب على الشعب ، وضرب الرب الشعب ضربة عظيمة جداً، فدعى ذلك الموضع قبروت هتأوة (قبر الشهوات) لأنهم هناك دفنوا القوم الذين اشتهوا” (عد 11: 33 و43
).

(14)-
مريم وهارون : حدث شئ غريب أثار – ولابد – مشاعر موسى بشدة، فقد حدث هجوم على شخصه من أقرب الناس إليه، من أخته مريم، ومن أخيه هارون. وفي ذكر اسم مريم أولاً، مع وقوع القصاص عليها، دليل على أنها المحرك الأول لهذا الكلام. وكانت المناسبة هى زواج موسى بامرأة كوشية، مما يرجح معه أنها لم تكن صفورة. فمتى ولماذا تزوج موسى هذه المرأة؟. لا يذكر الكتاب شيئاً عن ذلك، كما لم يذكر لها أسماً. ولم يرد موسى على اتهامات مريم وهارون، ولم يكن في حاجة إلى ذلك، لأن الله سرعان ما تدخل وأثبت لهما أن موسى يشغل موقعاً فريداً،


فلماذا لا تخشيان أن تتكلما على عبدي موسي؟” (عد 12: 8) وأصاب مريم بالبرص، فصرخ موسى إلى الرب – بناء على رجاء من هارون- فشفاها الرب بعد سبعة أيام، توقف فيها الشعب عن الارتحال من حضيروت
.

(15)-
الرفض والتمرد : يذكر سفر العدد (13) أن الرب كلم موسى أن يرسل رجالاً ليتجسسوا ارض كنعان، ولكن نفهم من سفر التثنية (1: 21) أن الشعب هو الذي تقدم أولاً إلى موسى في طلب إرسال الجواسيس، ولابد أن موسى – كعادته- رفع الأمر إلى الرب. فسمح له بذلك. فاختار موسى رئيساً من كل سبط، “فأرسلهم موسى من برية فاران” ليتجسسوا أرض كنعان في “أيام باكورات العنب” (عد 13: 3 و 17 و20). “ثم رجعوا من تجسس الأرض بعد أربعين يوماً ” وأتوا معهم بزرجونة بعنقود واحد من العنب حملوه بالدقرانة بين أثنين مع شئ من الرمان والتين (عد 13: 23- 25). وشهد جميعهم أولاً بأن الأرض حقاً تفيض لبناً وعسلاً (عد 13: 27)، ولكنهم أردفوا بالقول : “غير أن الشعب الساكن في الأرض معتز والمدن حصينة عظيمة جداً، وأيضاً قد رأينا بني عناق هناك” (عد 13: 28 و29). وحاول كالب عبثاً أن يقنعهم بأنهم “قادرون عليها” لأن الرب معهم ، إذ ردوا عليه قائلين : “هى أرض تأكل سكانها وجميع الشعب الذي رأينا فيها أناس طوال القامة. وقد رأينا هناك الجبابرة بني عناق من الجبابرة، فكنا في أعيننا كالجراد، وهكذا كنا في أعينهم (عد 13: 32 و33
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر مراثى إرميا 01

وتذمر كل الشعب على موسى وهارون، وأرادوا الرجوع إلى مصر. ولما قال يشوع وكالب: “الأرض التي مررنا فيها لنتجسسها، الأرض جيدة جداً جداً. إن سر بنا الرب يدخلنا إلى هذه الأرض. ويعطينا إياها. أرضاً تفيض لبناً وعسلاً. إنما لا تتمردوا على الرب ولا تخافوا من شعب الأرض لأنهم خبزنا… والرب معنا. لا تخافوهم” (عد 14: 5- 9
).

فأرادت كل الجماعة أن ترجمهما بالحجارة، لكن “ظهر مجد الرب في خيمة الاجتماع لكل بني إسرائيل. وقال الرب لموسى: “حتى متى يُهينني هذا الشعب… إني أضربهم بالوبأ وأبيدهم وأصيّرك شعباً أكبر وأعظم” (عد 14: 12، أرجع أيضاً إلى خر 32: 10)، لكن موسى توسل مرة أخرى من أجل الشعب، مستنداً على محبة الرب لشعبه، وغيرته على مجده، فصلح الرب عن الشعب، ولكنه قال : حى أنا فتُملأ كل الأرض من مجد الرب. إن جميع الرجال الذين رأوا مجدي وآياتي التي عملتها في مصر وفي البرية، وجربوني الآن عشر مرات، ولم يسمعوا لقولي، لن يروا الأرض التي حلفت لآبائهم. وجميع الذين أهانوني لا يرونها، وأما عبدي كالب، فمن أجل أنه كانت معه روح أخرى وقد اتبعني تماماً، أدخله إلى الأرض التي ذهب إليها وزرعه يرثها” (عد 14: 20- 25). “ومات الرجال الذين أشاعوا المذمة الرديئة على الأرض بالوبأ أمام الرب” (عد 14: 37
).

سادساً:- السنة الأخيرة
:

(
أ)- الفشل في قادش برنيع : يعود بنا الأصحاح العشرون – من سفر العدد – مرة أخرى إلى قادش، حيث ماتت مريم، وخاصم الشعب موسى (عد 20: 3 أرجع أيضاً إلى خر 17: 2)، لأن المكان كان مقفراً وليس به ماء. وهنا حدثت أعظم مأساة في حياة موسى ، فقد أمره الرب: “خذ العصا واجمع الجماعة أنت وهارون أخوك، وكلما الصخرة أمام أعينهم أن تعطي ماءها، فتخرج لها ماء من الصخرة وتسقي الجماعة مواشيهم.. وجمع موسى وهارون الجمهور أمام الصخرة، فقال لهم: اسمعوا أيها المردة “أمن هذه الصخرة نخرج لكم ماء؟ ورفع موسى يده وضرب الصخرة بعصاه مرتين، فخرج ماء غزير فشربت الجماعة ومواشيها. فقال الرب لموسى وهارون: “من أجل أنكما لم تؤمنا بي حتى تقدساني أمام أعَين بني إسرائيل، لذلك لا تُدخلان هذه الجماعة إلى الأرض التي أعطيتهم إياها” (عد 20: 8- 13). ويالها من مأساة لقد ظل موسى وهارون أربعين سنة يقودان الشعب، ويحتملان “عوائدهم في البرية” (أع 13: 18)، وها هما يحرمان من جني ثمر تعبهما. ويذكر المرنم خطبة موسى هذه، قائلاً : “أمروا روحه حتى فرط بشفتيه” (مز 106: 33). وقد يبدو العقاب لا يتناسب مع الخطأ، ولكن علينا أن نذكر أن موسى وهارون كانا يشغلان مكانة بارزة في حياة إسرائيل، وقد حباهما الله امتيازات وكرامة كبيرة، فكانت خطيتهما خطية عصيان وتمرد، وكان عقابهما حسب الناموس هو الموت. وفعلاً مات هارون بعد ذلك بقليل على جبل هور (عد 20: 23- 29). ورغم ما اعترى موسى من حزن عميق، إلا أنه استأنف المسير إلى كنعان، وكان قد أرسل إلى ملك أدوم ملتمساً منه أن يدعهم يمرون في أرضه، في طريق الملك، ولكن ملك أدوم أبى عليهم ذلك (عد 20: 14- 22)، وهكذا ارتحل بنو إسرائيل إلى جبل هور حيث مات هارون بعد أن خلع ثيابه الكهنوتية وألبسها ألعازار ابنه (عد 20: 22- 29
).

(
ب)- هزيمة ملك عراد والأموريين : بادر ملك عراد بني إسرائيل بالحرب، ولكن الرب دفعه وقومه ليد بني إسرائيل، فقضوا عليهم واستولوا على مدنهم (عد 21: 1- 3). وبعد هذه النصرة، تذمر بنو إسرائيل ” على الله وعلى موسى قائلين: “لماذا أصعدتمانا من مصر لنموت في البرية لأنه لا خبز ولا ماء، وقد كرهت أنفسنا الطعام السخيف، فأرسل الرب على الشعب الحيّات المحرقة، فلدغت الشعب فمات قوم كثيرون من إسرائيل” (عد 21: 5و 6). فأتوا إلى موسى معترفين بأنهم قد أخطأوا، فصلى موسى لأجل الشعب، “فقال الرب لموسى: اصنع لك حية محرقة وضعها على راية، فكل من لُدغ ونظر إليها يحيا. فصنع موسى حيه من نحاس ووضعها على الراية، فكان متى لدغت حية إنساناً ونظر إلى حية النحاس يحيا” (عد 21: 7-9) إذ كانت الحية النحاسية رمزاً لصليب المسيح (يو 3: 14و 15). ثم نجد وصفاً لنصرتهم على ملكي الأموريين سيحون وعوج ، وكانت نصرة سريعة خاطفة، إعلاناً لما يستطيع الرب أن يفعله في سائر أرض كنعان، لو أن بني إسرائيل اتكلوا عليه وأطاعوه
.

(
جـ)- الوصول إلى نهر الأردن: وأخيراً نزل بنو إسرائيل في عربات (سهول) موآب عند نهر الأردن مقابل أريحا، على مرأى من أرض الموعد (عد 22: 1
).

تأتى بعد ذلك قصة بلعام (عد 22- 24)، ولا يذكر فيها اسم موسى، ولكنها بالغة الأهمية لما فيها من نبوات ومواعيد عظيمة للشعب. ثم يأتي الأصحاح الخامس والعشرون بقصة مخزية، من القصص العديدة لتعديات بني إسرائيل، فقد زنا الشعب من بنات موآب، وهو ما أشار به بلعام- النبي- العراف- على بالاق ملك موآب. وقد قتل بنو إسرائيل – بعد ذلك- بلعام مع ملوك مديان الخمسة (عد 31: 8). وقد ذكرت هذه الخطية مراراً لتحذير الشعب (يش 13: 22، 2 بط 2: 15، يهوذا 11، رؤ 2: 14). وكانت هذه القصة نبوة بتاريخ بني إسرائيل في أرض الموعد، لأنها كانت أول مرة يواجه فيها بنو إسرائبل – بعد خروجهم من مصر- مباهج ومغريات عبادة الأوثان بما فيها من دعارة وفجور، مما كانوا سيواجهونه في أرض كنعان، وبسبب هذه العبادات أهلك الرب الكنعانيين، وأعطى بني إسرائيل أرضهم. وكانت نتيجة سقوط بني إسرائيل في هذه الخطية، أن أهلك الرب منهم بالوبأ أ ربعة وعشرين ألفاً (عد 25: 1-9
).

وأعقب هذا الوبأ إجراء الإحصاء الثاني لبني إسرائيل (الأصحاح 26) والذي يسجله سفر العدد بطريقة تختلف عن تسجيل الإحصاء الأول (الأصحاح الأول)، كما تختلف الأعداد أيضاً لكل سبط ، ولكن المجموع الكلي (730 و 601) يقل قليلاً عنه في التعداد الأول (550 و 603)، مع ملاحظة زيادة في عدد اللاويين (23.000). “وفي هؤلاء لم يكن إنسان من الذين عدهم موسى وهارون… في برية سيناء…. إلا كالب بن يفنة ويشوع بن نون” (عد 26: 64
).

ثم أثيرت قضية بنات صلفحاد (عد 27: 1-11)، وصدر فيها قرار إبتدائي. ثم أعطى الرب موسى التعليمات الخاصة بإقامة يشوع خليفة له، وكذلك التعليمات الخاصة بالأعياد والتقدمات، وبخاصة أعياد الشهر السابع (الأصحاح 29) والنذور (الأصحاح 30
).

ثم ثأتي وصف الانتقام من المديانيين بشئ من التفصيل عن الغنائم من الناس ومن المواشي. وكانت خيانتهم للرب في أمر بعل فغور هى أخطر خطايا بني إسرائيل المسجلة عن فترة البرية. وما كان اغرب
أن يحدث ذلك في نهاية أيام البرية، رغم وجود موسى معهم، ووقوع أرض الموعد على مرأى منهم
.

وقد وافق موسى على طلب السبطين والنصف، أن يعطيهم الأرض الواقعة في شرقي الأردن (الأصحاح 32)، على شرط أن يعبر كل متجند منهم مع أخواتهم إلى أن يتم إخضاع كل الأرض في غربي الأردن
.

(
د)- خطابات موسى الوداعية – سفر التثنية: ففي سفر التثنية لا نجد موسى الشخصية الرئيسية فحسب، بل والمتكلم الوحيد، حيث يلخص تاريخ بني إسرائيل والدروس التي كان يجب أن يتعلموها من هذا التاريخ
.

لقد قبل موسى حكم الله عليه بعدم دخول أرض كنعان (عد 27: 12-27)، ولكن في خطابه الأول يعبر ثلاث مرات (تث 1: 37، 3: 23- 27، 4: 21-24) عن حزنه البالغ لحرمانه من ذلك. وفي المرات الثلاث يضع اللوم على الشعب قائلاً: “وعلىَّ أيضاً غضب الرب بسببكم قائلاً: وأنت أيضاً لا تدخل إلى هناك” (تث 1: 37، 3: 26، 4: 21)، وكان في ذلك درس لهم في أهمية الطاعة الكاملة للرب. كما يقول : “وعلى هارون غضب الرب جداً ليبيده” لعمله العجل الذهبي (تث 9: 20
).

والأصحاحات الأحد عشر الأولى- في معظمها – استعادة للأحداث الماضية، وتبلغ ذروتها بإعطاء الشريعة على جبل سيناء، مع ملخص للوصايا الأولي (تث 6: 4و 5): “اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا رب واحد، فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك” (ارجع إلى مت 22: 37 و38). وإن كان الرب يسوع قد لخص باقي الوصايا في عبارة: “وقريبك كنفسك” اقتباساً من سفر اللاويين (19: 18)، وإن كانت تجد تعبيراً مفصلاً في سفر التثنية عن الاهتمام بالمسكين والغريب والأرملة واليتيم واللاوي (كما في 15: 7 و8، 16: 11، 24: 1- 22)، فلا يوجد تشديد على لب القسم الثاني من الوصايا، أكثر مما في سفر التثنية
.

ويبدأ موسى، من الأصحاح الثاني عشر، في معالجة موضوع الاستيلاء على الأرض وامتلاكها، وبخاصة المكان الذي سيختاره الرب ليضع اسمه فيه (تث 12: 5). وسيكون هذا المكان – مثل خيمة الشهادة في البرية – مركز العبادة لكل إسرائيل، وقد تكرر هذا الأمر تسع عشرة مرة، وبخاصة في الأصحاح الثاني عشر، ولكنه لا يذكر مطلقاً موقعه ولا اسمه. وينطبق نفس الشئ على نواحي عظيمة أخرى في حياة إسرائيل في أرض الموعد، مثل اختيار ملك (17: 14- 20)، والنبوة (18: 15- 22)، فهى أمور في المستقبل. وإعطاء الشرائع التي يجب أن تحكم إسرائيل “في الأرض التي ذاهب إليها”. ولكن كان أعظم ما اهتم به- بعد خبرة أربعين سنة في قيادة الشعب- هو امتلاك أرض الموعد وإدارتها إدارة حكيمة. فكان في فكره أن استمرارهم في الأرض، كان أخطر من الاستيلاء عليها، والنجاح في الأمرين كان يتوقف على الطاعة الكاملة للرب، حسب وعوده لإبراهيم وإسحق ويعقوب
.

ثم يعبّر عن جميع آماله ومخاوفه في نشيده (تث 32: 1- 43)، فهذا الأصحاح والأصحاح الخامس عشر من سفر الخروج، لهما في العبرية صبغة شعرية مميزة. وما يمكن اعتبار أنه كلمات موسى الأخيرة (تبث 33: 26- 29، ارجع أيضاً إلى 2 صم 23: 1-7)، يجد له صدى في صلاته المسجلة في المزمور التسعين. فموسى – النبي الذي لا مثيل له في العهد القديم – يرى بعين النبوة، البؤس والشقاء والمعاناة التي ستجلبها عليهم خطاياهم وعصيانهم، فيحذرهم بشدة: “أشهد عليكم اليوم السماء والأرض. قد جعلت قدامك الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك” (تث 30: 19). وبهذه الكلمات التحذيرية الحاسمة، مضى هذا المحب العظيم لله ولشعبه، بعد أن أدى خدمته بأمانة، ليأخذ مكافأته ، فقد مات “موسى عبد الرب في أرض موآب حسب قول الرب. ودفنه في الجواء في أرض موآب مقابل بيت فغور. ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم . وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات، ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته”. تث 34: 5- 7
).

وما أجمل ما يُختم به سفر التثنية ، وصفاً لموسى : “ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجهاً لوجه، في جميع الآيات والعجائب التي أرسله الرب ليعملها في أرض مصر بفرعون وبجميع عبيده وكل أرضه، وفي كل اليد الشديدة وكل المخاوف العظيمة التي صنعها موسى أمام أعين جميع إسرائيل” (تث 34: 10- 12
).

(
هـ)- موسى في سائر أسفار العهد القديم : يذكر اسم موسى أكثر من 600 مرة في أسفار الخروج – التثنية ، ونحو 133 مرة في باقي أسفار العهد القديم، منها 57 مرة في سفر يشوع. وأهم هذه الإشارات: يش 8: 30- 35، 24: 5 ، 1 صم 12: 6-8، 1 أخ 23: 14- 17، مز 77: 20، 99: 6، 105، 106، إش 63: 11و12، إرميا 15: 1، دانيال 9: 11-13، ميخا 6: 4 ، ملاخي 4:4، انظر أيضاً هو 12: 13 (حيث لا يذكر اسم موسى صراحة
).

(
و)- موسى في أسفار العهد الجديد : كان كل اليهود والمسيحيين – في عصر الرسل- يؤمنون بأن موسى هو كاتب التوراة (الأسفار الخمسة)، كما نرى ذلك في “شريعة موسى” (لو 2: 22)، “وأوصى موسى” (مت 19: 7)، “لأن موسى “قال” (مر 7: 10)، “وكتب موسى ” (مر 12: 19). وكلها أدلة على صحة ارتباط اسمه بالأسفار المنسوبة إليه. ويذكر اسم موسى في العهد الجديد أكثر من اسم أي شخصية أخرى من شخصيات العهد القديم إذ يذكر 79 مرة، وبخاصة لدوره في إعطاء الشريعة (مت 8: 4، مرقس 7: 10، يو 1: 17، أع 15: 1). ويظهر موسى على جبل التجلي مع الرب يسوع ممثلاً لناموس العهد القديم، مع إيليا ممثل الأنبياء (مت 17: 1-3
).

كما يذكر موسى كنبي ، فقد تنبأ بمجئ المسيا وآلامه (لو 24: 25- 27، أع 3: 22). كما يستشهد العهد الجديد بالكثير من حياة موسى واختباراته كنماذج للحياة في العهد الجديد. وقصة ميلاد المسيح بها الكثير من وجوه الشبه مع قصة ميلاد موسى، فكلاهما نجا في طفولته من خطر القتل (مت 2: 13- 18- مع خر 2: 1- 10). كما أن موعظة المسيح على الجبل، تقابل إعطاء موسى للشريعة على جبل سيناء (مت 5-7)، فهى تقدم الرب يسوع كصاحب السلطان في إعلان مشيئة الله. ونجد في الرسالة إلى غلاطية – بخاصة- مقارنة بين الناموس القديم، والعلاقة الجديدة مع الله في المسيح يسوع. والمقابلة بين موسى والمسيح موضوع بارز في الرسالة إلى العبرانيين (3: 5و6، 9: 11-22). ويقول الرسول يوحنا: “الناموس بموسى أعطى، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا” (يو 1: 17). كما يقول إن المن النازل من السماء في البرية، كان رمزاً “للرب يسوع المسيح” خبز الحياة الحقيقي النازل من المساء” (يو 6: 30- 35
).

وهناك إشارات عديدة إلى موسى أو إلى أحداث ترتبط به، مثل مولده (أع 7: 20، هعب 11: 23)، والعليقة المشتعلة (لو 20: 37)، وسحرة مصر (2 تي 3: 8)، والفصح (1 كو 5: 7 ، عب 11: 28)، والخروج (1 كو 10: 1 و2، عب 3: 16)، وعبور البحر الأحمر (1 كو 10: 1 ، عب 11: 29)، والمن (1 كو 10: 3)، والمجد على وجه موسى (2 كو 3: 7-18)، والماء من الصخرة (1 كو 10: 4)، والحية النحاسية (يو 3: 14)، وترنيمة موسى (رؤ 15: 3
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي