نهر النيل

 

(1)
النيل هو نهر الحياة بالنسبة لمصر ، وهو يجري في الشمال الشرقي من قارة أفريقية ، ولعله لا يوجد نهر آخر له من الأهمية فى تاريخ البلاد التي يجري فيها ، مثلما لنهر النيل . ويبلغ طول نهر النيل نحو 4160 ميلاً فهو أطول أنهار العالم
.

(2)
أسماء النهر : لا يعلم على وجه اليقين أصل الاسم ومعناه ، فقد كان قدماء المصريين يطلقون عليه ببساطـــة ” النهر ” ، وكان من الصعب عليهم أن يظنوا أن هناك نهراً يختلف عن نهر النيل ، حتى إنهم عندما وصلوا إلى نهر الفرات ( في عهد الأسرة الثامنة عشرة ) ووجدوه يجري من الشمال إلى الجنوب ، على عكس اتجاه نهر النيل ، أطلقوا عليه اسم ” النهر المنعكس
” .

(3)
خصائصه المميزة : من الخصائص المميزة لنهر النيل ، وجود ستة جنادل تعترض مساره ، إذ لم يستطع النهر أن يشق طيقه بسهولة ويحفر له مجري منتظما في بعض المناطق ذات التكوينات الصخرية الصلدة . ويوجد أول هذه الجنادل عند أسوان بالقرب من جزيرتى ألفنتين وقيله الشهيرتين . أما الخمسة الباقية فإلى الجنــوب من ذلك ، داخل حدود السودان ، فالثاني يقع بالقرب من مدينة وادي حلفا السودانية
.

والخاصية الثانية المميزة لنهر النيل ، هي أنه يجرى – كما سبقت الاشارة – من الجنوب إلى الشمال ، وكان لذلك أهميته عند المصريين للنقل النهري بالسفن الشراعية . فكانت الرياح الشمالية السائدة ، تساعد على دفع السفن إلى الجنوب ضد التيار ، بينما كان تيار المياه يساعدها على السير شمالاً
.

ثم إن نهر النيل يتميز بعدم اتصاله براوفد على امتداد نحو 1400 ميل ، بعد اتصاله بنوهر عطبرة في شمالي السودان ، وهو آخر روافده ، قادما إليه من الجنوب الشرقي ، إذ يتهادي نهر النيل بعد ذلك بين صحراوين شرقية وغربية ، فى طريقه إلى البحر المتوسط ، ويتفرع في شمالي القاهرة عند القناطر الخيرية إلى فرعين رئيسيين ، هما فرع دمياط شرقاً ، وفرع رشيد غرباً . وقد أقيمت عليه عدة سدود لامكان تزويد الترع والقنوات بالمياه لري الأراضى الزراعية على جانبيه
.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ت توبال قايين 1

ويفيض نهر النيل سنوياً في فصل الصيف ، وهذا الفيضان هو أساس خصوبة التربة بما كان يجلبه من طمي . ومنذ أقدم العصور أنشئت المقاييس فى عدة نقاط على طول النهر لرصد ارتفاعات الفيضانات . إذ كان لارتفاع الفيضان أو انخفاضه أهمية بالغة بالنسبة لمصر ، فكان انخفاضه الشديد يعني القحط ، ومن ثم المجاعة . كما كان ارتفاعه الشديد يعرض البلاد للغرق
.

وظل الحال هكذا حتى أنشئ السد العالي – في الستنيات من القرن العشرين – وراء مدينة أسوان ، ليحجز الجزء الأكبر من مياه الفيضان في بحيرة ناصر ، ويسمح بالتحكم في تصريف مياه النهر
.

وبين خزان أسوان والسد العالي توجد جزيرة فيلة الشهيرة بمعابدها ، كما توجد جزيرة ألفنتين بآثارها الهامة التي تدل على استيطان اليهود بها بعد سقوط أورشليم في يد البابليين
.

وإلى الجنوب قليلا من الدلتا توجد مدينتا القاهرة والجيزة التي تشتهر بأهراماتها الخالدة . وإلى الجنوب منهما توجد أطلال مدينة منف العاصمة الأولى لمصر بعد توحيد الوجهين القبلى والبحرى
.

وتبلغ مساحة الدلتا نحو 125
x 115
ميلا مربعا ، وكان يخترقها قديما سبعة فروع تصب في البحر المتوسط، أما الآن فلا يوجد إلا فرعان هما فرع دمياط شرقا ، وفرع رشيد غربا ، ومدينة رشيد هي التي وُجد عندها حجر رشيد الشهير الذي كان الأساس لفك رموز اللغة الهيروغليفية
.

(4)
أهمية النهر لمصر : لولا نهر النيل لاتنحالت الحياة في الجزء الشمالي الشرقي من قارة أفريقية ، وكما نشأت حضارة مصر العريقة ، وقد قال المؤرخــــان اليونانيـــان : “هيكاتيوس” أولا ، ثم “هيرودوت” إن ” مصر هبة النيل ” . فتربة مصر الخصبة التي جعلت مصر من أغنى البلاد زراعياً على مدى التاريخ ، إنما نشأت عن الطمي الذي جلبه النهر على مدى آلاف السنين . ولم يكن النيل هو مصدر التربة فحسب ، بل كان فيضان النهر سنويا ، يأتي بكميات جديدة من الطمي بما يحمله من مواد عضوية وغير عضوية ، يجدد بها خصوبة التربة ويحيى مواتها . كما أنه كان يغسل التربة عند انحساره عنها ، فتجود بأفضل الحاصلات ويقول الكتاب المقدس : ” فرفع لوط عينيه ورأى كل دائرة الأردن أن جميعها سقي … كجنة الرب ، وكأرض مصر ” ( تك 13 : 10 ) . كما قال الرب للشعب قديما : ” الأرض التى أنت داخل إليها لكي تمتلكها ليست مثل أرض مصر التى خرجت منها ، حيث كنت تزرع زرعك وتسقيه برجلك كبستان بقول ” ( تث 11 : 10 ) كما كان النهر يمد الإنسان باحتياجاته من الماء للشرب والاغتسال وغسيل الثياب ، فحتى أفراد البيت المالك كانوا ينزلون للنهر للاغتسال كما فعلت ابنة فرعون التى تبنت موســــى ( خر 2 : 5 ) ، بل وربما فرعون نفسه ( خر 8 : 20 ) ، إذ كان أبناء الملك – مثلهم مثل أبناء الشعب – يتعلمون السباحة فى بعض أجزائه الهادئة. وكان نهر النيل غني بالأسماك والطيور المائية ، فكان صيد السمك والطيور من الرياضات المحببة عند الطبقات العليا
.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد جديد رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل تسالونيكى 03

وكان نهر النيل الوسيلة الأولى للنقل ، فكانت القوارب والمراكب الشراعية تسير على صفحات مياهه جيئة وذهابا حاملة ” البضائع المختلفة ، والأحجار الضخمة – من الجرانيت وغيره – لبناء المعابد والقصور والقبور في طول البلاد وعرضها . بل ليأخذنا العجب الآن ببراعة نوتية قدماء المصريين فى نقل المسلات الضخمة والتماثيل الثقيلة من المحاجر في الجنوب إلى مختلف الأماكن التى كانت تقام فيها
.

كما كان للنهر أهميته الدينية ، فقد ألَّهه المصريون باسم الإله ” حابي ” ، وكانوا يصورونه فى صورة رجل له أثداء ضخمة متدلية ، وجسم بدين نوعاً ، ليصور – على الأرجح – الوفـــرة والرخاء ، تحيط به أسماك النهر ونباتاته
.

(5)
نهر النيل في الكتاب المقدس : هناك إشارات عديدة لنهر النيل في الكتاب المقدس ، وبخاصة في أسفار موسي الخمسة : في قصة نزول يوسف إلى مصر واستدعائه لعشيرته ، وتفسيره لأحلام فرعون التى كانت تدور حول النهر ( تك 37 – 5 ) . وقصة ولادة موسى ، وإلقائه فى النهر ، وانتشال ابنة فرعون له . ثم ما أنزله الرب 0على يديه من ضربات ، وكانت الأولى والثانية منها موجهة رأساً إلى النهر
.

كما توجد إشارات لنهر النيل في أسفار النبوات . فنقرأ فى نبوة إشعياء ( 7 : 18 ) : ” ويكون في ذلك اليوم أن الرب يصغر للذباب الذي في أقصى تروع مصر ” فى إشارة إلى غزو جيوش مصر لأرض فلسطين . ويقول : وحى من جهة مصر : هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر … ويجف النهر وييبس وتنتن الأنهار ، وتضعـــف وتجـــف ســـواقي مصر … وكل مزرعـــة علــى النيــل تيبــس وتتبـــدد ولا تكــون . والصيادون يئنون … ” ( إش 19 : 1 – 10 ) ، ولكنه يختم هذه النبوة المزعجة بالقول : ” مبارك شعبي مصر ” ( إش 19 : 2
) .

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر صموئيل الثانى 08

وفى نبوته عن صور ، يقول إن ” غلتها زرع شيحور حصاد النيل على مياه كثيرة ” ( إش 23 : 3 ) ، مما يدل على أهمية الحاصلات الزراعية في وادي النيل . ويقول لها الرب : أجتازي أرضك كالنيل يابنت ترشيش ” ( إش 23 : 10 ) إنذاراً لها بأفول نجمها
.

5
كما يتنبأ إرميا قائلا عن فرعون : ” من هذا الصاعد كالنيل ، كأنها تتلاطم أمواجها . تصعد مصر كالنيل وكأنهار تتلاطم المياه ” . ( إرميا 46 : 7 و 8
) .

ويقول الرب لفرعون مصر على فم حزقيال النبي : هأنذا عليك يافرعو ملك مصر ، التمساح الكبير الرابص في وسط أنهاره ، الذي قال نهري لي وأنا عملته لنفسي ، فأجعل خزائم في فكيك ، وألزق سمك أنهارك بحرشفك ، وأطلعك من وسط أنهارك …لأنه قال النهر لي، وأنا عملته” ( حز 29 : 1 – 10
) .

ويصف عاموس النبي خراب مملكة إسرائيل بأن السيد رب الجنود ” يمس الأرض فتذوب … وتطموا كلها كنهر وتنضب كنيل مصر ” ( عا 9 : 5
) .

وأخيراً يتنبأ زكريا النبي عن جمع الرب لشعبه ، وكيف أنه سيجعل ” كل زعماق النهر ” ( النيل ) تجف ( زك 10 : 11
) .

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي