نيّرات

Astres

1.
النيرات في الوثنية القديمة
:

2.
النيرات في خدمة الله
:

3.
إغراء الوثنيّة
:

4.
من النيرات إلى الملاتكة الأشرار
:

5.
الكون المتجدد بالمسيح
:

 

 

1.
النيرات في الوثنية القديمة
:

كان الإنسان، في الشرق القديم، أكثر احساساً منّا بوجود النيّرات. كانت الشمس والقمر والكواكب والنجوم توحي إليه بعالم عجيب، مغاير تماماً لعالمنا: عالم السماء” الذي كان يتصوره بشكل نصف كرات متطابقة، ترسم فيها النيّرات مداراتها. ويسمح دورانها المنتظم بقياس الزمن ووضع تقويم له. ولكنَها كانت توحي أيضاً بأنّ قانون ” الرجوع الدائم ” يسوس العالم ، وأن النيرات، في علوها، تفرض على الأشياء الأرضية أنظمة دورية مقدسة تختلف تماماً عن مصادفات التاريخ المتغيرة
.

فكانت هذه الأجرام النيرة تتراءى له كأنها مظهر لسلطات تفوق الطبيعة وتسيطر على البشرية محددة مصيرها. وكان الإنسان يتعمد تلقائياً لهذه السلطات حتى يحصل على رضاها. فكانت له الشمس والقمر وكوكب الزهرة… الخ. آلهة أو إلاهات، وكانت مجموعات النجوم نفسها ترسم في السماء أشكالاً لغزية كان الإنسان يطلق عليها أسماء اسطورية
.

وكان اهتمام الإنسان بالنيرات يحمله على مراقبتها بانتظام. وقد اشتهر المصريون وسكّان ما بين النهرين بمعارفهم الفلكية، ولكن هذا العالم البدائي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالممارسات التكهّنية، السحرية والوثنية. وهكذا، كان ابن العصور القديمة شبه مستعد لسلطات رهيبة تؤثر في مصيره وتحجب عنه الإله الحقيقي
.

2.
النيرات في خدمة الله
:

إذا فتحنا الكتاب المقدس، تغيّر الجوّ فوراً. حقاً، لا تتمير الكواكب تماماً عن الملائكة التي تشكل البلاط الإلهي (أيّوب 38: 7، مزمور 148: 2- 3): هذه ” الجيوش السماويّة” (تكوين 2: 1)، تعتبر كائنات حية، بيد أنها مخلوقة مثل بقية الكون (عاموس 5: 8، تكوين 1: 4 1-6 1، مزمور 33: 6، 136: 7- 9). يدعوها الله، فتشرق في محارسها (باروك 3: 33- 35) وبأمره تتدخل لتساند شعبه في معاركهم (يشوع 10: 12-13، قضاة 5: 20
).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ أبيئيل ل

فليست النيرات آلهة، ولكنّها خادمة لله ” الصباؤوت “.فإذا نطمت الزمن وحكت النهار والليل، فلأن الله عيّن لها هذه الوظائف الدقيقة (تكوين 1: 15- 16). يمكننا أن نعجب بسطوع الشمس (مزمور 19: 5-7) وبهاء القمر (نشيد 6: 9) وبكمال نظام دورات الفلك (حكمة 7: 18- 20)، ولكن كل ذلك يذيع مجدالله الواحد (مزمور 19: 2) الذي حد د ” أحكام السماوات ” (أيوب 38: 31-33). هكذا، لم تعد النيرات تحجب خالقها، بل تعلنه (حكمة 5:13
).

وبعد تطهيرها من كل شهية وثنية، صارت ترمز إلى الحقائق الأرضية التي توضّح قصد الله: كثرة أبناء ابراهيم (تكوين 15: 5)، ومجيء الملك ابن داود (عدد 24: 17)، ونور الخلاص الآتي (إشعيا 60: 1- 3، ملاخي 3: 20)، أو إلى المجد الأبدي لللأبرار بعد القيامة (دانيال 12 : 3
) .

3.
إغراء الوثنيّة
:

برغم هذا التأكيد في الوحي الكتابي ، لم ينج إسرائيل من تجربة عبادة الكواكب، ففي أزمنة الانحطاط الديني، كانت الشمس والقمر وكل جند السماء تجد أتباعاً للسجود لها (2 ملوك 17: 16، 21: 3 و5، حزقيال 8: 16). وكان الشعب يحاول أن يستميل عطف هذه القوات الكونيّة بدافع من الخوف الغريزي، فيقذم ذبائح “لملكة السماء” عشتاروت أي كوكب الزهرة (إرميا 7: 18، 44: 17- 19)، ويرصد آيات السماء (إرميا 10: 2) ليستبين فيها الأقدار (إشعيا 47: 13
).

ولكنّ صوت الأنبياء يرتفع ضد هذه الردّة إلى الوثنية ويندد بها كتاب التثنية (تثنية 4: 19، 17: 3). ويتدخّل الملك يوشيّا بعنف لاستئصال ممارساتها (2 ملوك 23: 4- 5 و11). ويؤكد إرميا عباد الكواكب بأفظع الأهوال (إرميا 8: 1- 2)، ولكن كان لا بد من حدوث محنة التشتت والسبي، حتى يتوب إسرائيل ويتحرر أخيراً من هذا النوع من الوثنيهَ (راجع أيوب 31: 26 -28) الذي سيبين بطلانه جهراً كتاب الحكمة (حكمة 13: 1-5
).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد قديم سفر المزامير ر ر

4.
من النيرات إلى الملاتكة الأشرار
:

ترك هذا الكفاح الطويل المدى ضد عبادة النيرات بعض انعكاسات في ميدان العقيدة. أجل، كانت الكواكب تشكل شركاً منصوباً للبشر يبعدهم عن الله الحقيقي، وكان هذا دليلاً على ارتباط ما بين الناس وبين سلطات شريرة معادية لله. فمن بين الملائكة الذين يكونون جند السماء، أليس هناك من بينهم ساقطون يحاولون اجتذاب البشر في أثرهم ليعبدوهم؟ إنّ الموضوع الأسطوري القديم، الخاصَ بحرب الآلهة يقدم هنا مجموعة عناصر تسمح لنا أن نتخيّل بصورة شعرية سقوط السلطات السماوية المتمرّدة على الله ( لوسيفوروس: إشعيا 14: 12- 15
).

وسوف تتكمل صورة الشيطان في العهد الجديد بهذه العناصر الرمزية (رؤيا 8: 10، 9: 1، 12: 3- 4 و 7-9)، وبالتالي فلا نعجب أن نسمع تنبؤأ عن الدينونة التي ستحلَ في يوم الرب ضد جند العلاء وعّبادهم الأرضّين (إشعيا 24: 21- 23): تحل النيرات هنا محلَ الشياطين
.

5.
الكون المتجدد بالمسيح
:

في الكون الذي افتداه المسيح تستعيد النيرات دورها المرتب لها من العناية الإلهية، فقد حرر الصليب الشر من الجزع الكوني، الذي كان يًرهب أهل كولسي. أجل، إنهم لم يعودوا مستعبدين ” لأركان العالم “، إذ إنّ المسيح ” خلع أصحاب الرئاسة والسلطة ” حتَى “يعود بهم في ركبه ظافراً ” (كولسي 2: 8 و15- 18، غلاطية 4: 3). فلا حتمية فلكيَة بعد، ولا أقدار مكتوبة في السماء: قد وضع المسيح حدّاً للخرافات الوثنيّة. هناك نجم مزمع أن يعلن عن مولده (متى 2: 2)، مشيرأ إلى أنَ المسيح ذاته هو كوكب الصبح الزاهر (رؤيا 2: 28، 22: 16)، إلى أن يشرق هذا الكوكب نفسه في قلوبنا (2 بطرس 1: 19
).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر المزامير 40

إن الرب يسوع هو الشمس الحقيقية التي تفيء العالم المتجدّد (لوقا 1: 78- 79). وإذا كان من الأكيد أن إظلام الكواكب سوف يمهّد لمجيئه الثاني المجيد (متى 24: 29-11، إشعيا 13: 9- 10، 34: 4، يوئيل 4: 15)، كما دل على وقت موته (متى 27: 45) فذلك لأن العالم الآتي في غنى عن هذه الأنوار المخلوقة: سوف يضيء مجد الله أورشليم الجديدة، وسوف يقوم الحمل مقام مشعلها (رؤيا 21: 23
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي