وسط – وسيط – وساطة

 

الوساطة : التوسط بين أمرين أو بين طرفين متخاصمين ، لتتحقق المصالحة ويحل الوئام محــل الخصام . والوسيط هو من يقوم بالوساطة ، والجم” ” وسطاء ” ( إش 43 : 27
) .

ومع أن كلمة ” وسيط ” ( وهى فى اليونانية ” مسيتيز
” ( Mestes )
، لا تذكر فى العهد الجديد سوى ست مرات ( غل 3 : 10 و 20 ، 1 تى 2 : 5 ، عب 8 : 6 ، 9 : 15 ، 12 : 24 ) ، فإن فكرة الوساطة تجرى فى كل سياق الكتاب المقدس
.

ويقول أيوب عن الله : ” لأنه ليس هو إنسانا مثلى فأجاوبه فنأتى جميعاً إلى المحاكمة . ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا ، ليرفع عنى عصاه ولا يبغتنى رعبه . إذاً أتكلم ولا أخافه ” ( أى 9 : 32 – 35 ) . كما يقول له اليهو : ” إن وجد عنده مرسل ، وسيط واحد من ألف ليعلن للإنسان استقامته ، يتراءُ عليه ويقول : أطلقه عن الهبوط إلى الحفرة ، قد وجدت فدية … فدى نفسى من العبور إلى الحفرة فترى حياتى النور ” ( أى 33 : 23 و 28 ) . وهى بلا شك إشارة واضحة إلى الرب يسوع المسيح ، الوسيط الوحيد
.

ويرد الفعل من الكلمة العبرانية بمعنى ” يُنصف ” ( تك 31 : 27 ، إش 2 : 4 ، 11 : 3 و 4
) .

لقد انقطعت علاقة الشركة بين الله والإنسان نتيجة لسقوط الإنسان وعصيانه ضد الله القدوس ، وأصبح الإنسان فى حاجة ماسة لوسيط للمصالحة مع الله ، وللخلاص فى سلطان الخطية ونتائجها
.

ونرى فى العهد القديم صوراً بسيطة من الوساطة بين الله والإنسان ، قام بها ملائكة وأنبياء ، نقلوا إلى الإنسان كلام الله . كما أن الكهنة كانوا يمثلون الإنسان أمام الله ، الملوك كانوا يمثلون الله فى حكم الإنسان . ولعل موسى أفضل مثال للوساطة فى العهد القديم ، فقد كان وسيطاً فى إعطاء الله الناموس لشعبه قديما ( خر 20 : 19 – 22 ، تث 5 : 4 و 5 ، غل 3 : 19 ) ، كما فى شفاعته فى إسرائيل ( خر 32 : 11 – 14 و 30 – 34
) .

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد جديد رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 07

ولكن لم يكن أحد من كل هؤلاء يستطيع أن يقوم بالوساطة الحاسمة بين الإنسان والله . لقد كان عملهم جميعاً جزئيا ورمزياً . فكان يلزم وجود وسيط يستطيع بنفسه أن يمثل الله للإنسان ، وأن يمثل الإنسان أمام الله . كما كان يجب أن يكون هو نفسه بلا خطية . وإلا لفقد الأهلية للوساطة ، وكان هو نفسه فى حاجة إلى وسيط . كما كان يلزم أن يكون له السلطان للقيام بكل ما يلزم لإعادة العلاقة بين الطرفين المتباعدين ، الله والإنسان . ولا يتوفر كل هذا إلا فى يسوع المسيح ، الله الذى ظهر فى الجسد ، فهو الله وإنسان ، لذلك يقول الرسول بولس – بالروح القدس – : ” يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس ، الإنسان يسوع المسيح ، الذى بذل نفسه فدية لأجل الجميع ” ( 1 تى 2 : 5 و 6 ) . ولم يسعَ الإنسان للمصالحة مع الله ، بل جاء ” الكل من الله الذى صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة ” . أى أن الله كان فى المسيح مصالحاً العالم لنفسه ، غير حاسب لهم خطاياهم … لأنه جعل الذى لم يعرف خطية ، خطية لأجلنا ، لنصير نحن بر الله فيه ” ( 2 كو 5 : 18 – 21 ) . وكل جوانب عمل المسيح ووساطته مرتبطة بشخصه ارتباطاً وثيقا ، فهو ” الله ” ( يو 1 : 1 ) ، وهو الذى أعلن الله للإنسان ( يو 1 : 18 ، عب 1 : 1 ر 2 ) ، وهكذا قام بعمل نبى ، كما أنه كان بلا خطية ، وهكذا استطاع أن يمثل الإنسان أمام الله ( عب 4 : 15 ، 7 : 26 ، 1 بط 2 : 22 ) ، فهو رئيس الكهنة العظيم الجالس فى يمين العظمة فى الأعالى ( عب 1 : 3 ، 4 : 14 ) . ” ولأجل هذا هو وســــــــيط عهد جديد ” ( عب 9 : 15 ، 12 : 24 ) و” وسيط لعهد أعظم ” ( عب 8 : 6 ) . وكهنة العهد القديم ، كان يمنعهم الموت عن البقاء ، ” أما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد ، له كهنوت لا يزول ، فمن ثم يقدر أن يخلص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله ، إذ هو حى فى كل حين ليشفع فيهم ” ( عب 7 : 21 – 25 ، 2 : 11 – 18 ، 4 : 14 – 16 ، يو 3 : 16 و 17 ، رو 5 : 1 – 11 ، أف 1 : 7 ، كو 1 : 20 ، 1 يو 4 : 9 ) وبالإيجاز فانه باعتباره الله المتجسد ، هو وحده الذى يستطيع أن يقوم بخدمة الوسيط ، فقد بذل نفسه فدية عن الإنسان ، فكفر عن خطيته ، إذ حملها هو بنفسه فى جسده على الخشبة ( ( 1 بط 2 : 24 ) . وهو وحده الذى له الحق فى الملك على العالم ، فيوجه التاريخ الآن نحو إتمام مقاصده ، ثم سيتجلى هذا بالقوة فى المُلك الألفى ( مز 2 ، رؤ 19 : 6 – 20 : 6
) .

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب بعلوت 1

وهكذا نرى أن المسيح – باعتباره الله وإنساناً معاً – قد تمم وظائف النبى والكاهن والملك ( ارجع أيضاً إلى مادة ” شفاعة ” فى موضعها من ” حرف الشين ” بالجزء الرابع ، ومادة ” كفارة

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي