أستير4 - تفسير سفر أستير

تفسير

الكتاب المقدس – العهد القديم – القمص تادرس يعقوب


سلسلة “من تفسير وتأملات الآباء الأولين”

أستير4 – تفسير سفر أستير

مردخاي يحث
أستير



محتويات
:


(إظهار/إخفاء)


* تأملات في كتاب أستير:

تفسير سفر أستير:
أستير 1 |

أستير 2

|

أستير 3

|

أستير 4

|

أستير 5

|

أستير 6

|

أستير 7

|

أستير 8

|

أستير 9

|

أستير 10

|

ملخص عام

نص سفر أستير:

أستير 1
|

أستير 2

|

أستير 3

|

أستير 4

|

أستير 5

|

أستير 6

|

أستير 7

|

أستير 8

|

أستير 9

|

أستير 10

|

أستير 11

|

أستير 12

|

أستير 13
|
أستير 14
|
أستير 15
|
أستير 16
|
أستير
كامل

الكتاب المقدس المسموع:
استمع لهذا الأصحاح

تفاسير أسفار الكتاب المقدس

1- تفاسير سفر التكوين
2- تفاسير سفر الخروج
3- تفاسير سفر اللاويين
4- تفاسير سفر العدد
5- تفاسير سفر التثنية
6- تفاسير سفر يشوع
7- تفاسير سفر القضاة
8- تفاسير سفر راعوث
9- تفاسير سفر صموئيل الأول
10- تفاسير سفر صموئيل الثاني
11- تفاسير سفر الملوك الأول
12- تفاسير سفر الملوك الثاني
13- تفاسير سفر أخبار الأيام الأول
14- تفاسير سفر أخبار الأيام الثاني
15- تفاسير سفر عزرا
16- تفاسير سفر نحميا
17- تفاسير سفر طوبيا
18- تفاسير سفر يهوديت
19- تفاسير سفر أستير + التتمة
20- تفاسير سفر أيوب
21- تفاسير سفر المزامير + مز 151
22- تفاسير سفر الأمثال
23- تفاسير سفر الجامعة
24- تفاسير سفر نشيد الأناشيد
25- تفاسير سفر الحكمة
26- تفاسير سفر يشوع بن سيراخ
27- تفاسير سفر إشعياء
28- تفاسير سفر إرميا
29- تفاسير سفر مراثي إرميا
30- تفاسير سفر نبوة باروخ
31- تفاسير سفر حزقيال
32- تفاسير سفر دانيال + التتمة
33- تفاسير سفر هوشع
34- تفاسير سفر يوئيل
35- تفاسير سفر عاموس
36- تفاسير سفر عوبديا
37- تفاسير سفر يونان
38- تفاسير سفر ميخا
39- تفاسير سفر ناحوم
40- تفاسير سفر حبقوق
41- تفاسير سفر صفنيا
42- تفاسير سفر حجي
43- تفاسير سفر زكريا
44- تفاسير سفر ملاخي
45- تفاسير سفر المكابيين الأول
46- تفاسير سفر المكابيين الثاني

1- تفاسير إنجيل متى
2- تفاسير إنجيل مرقس
3- تفاسير إنجيل لوقا
4- تفاسير إنجيل يوحنا
5- تفاسير سفر أعمال الرسل
6- تفاسير الرسالة إلى رومية
7- تفاسير رسالة كورنثوس الأولى
8- تفاسير كورنثوس الثانية
9- تفاسير الرسالة إلى أهل غلاطية
10- تفاسير الرسالة إلى أفسس
11- تفاسير الرسالة إلى فيلبي
12- تفاسير الرسالة إلى كولوسي
13- تفاسير تسالونيكي الأولى
14- تفاسير تسالونيكي الثانية
15- تفاسير رسالة تيموثاوس الأولى
16- تفاسير تيموثاوس الثانية
17- تفاسير الرسالة إلى تيطس
18- تفاسير الرسالة إلى فيلمون
19- تفاسير رسالة العبرانيين
20- تفاسير رسالة يعقوب
21- تفاسير رسالة بطرس الأولى
22- تفاسير رسالة بطرس الثانية
23- تفاسير رسالة يوحنا الأولى
24- تفاسير رسالة يوحنا الثانية
25- تفاسير رسالة يوحنا الثالثة
26- تفاسير رسالة يهوذا
27- تفاسير سفر الرؤيا

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية:
1
234
5678
91011
121314
151617


إذ سمع مردخاي بما فعله هامان
التزم بالتصرف الروحي الحكيم، إذ لبس المسوح وتذلل أمام الله وقدم الصلوات كما
طالب أستير بالصوم والتذلل مع الالتقاء بالملك وكشف خطة هامان. هكذا يسند الصلوات
بانسحاق القلب دون أن يهمل العمل بروح الحكمة البناءة.



1. تذلل مردخاي:

“ولما علم مردخاي كل عُمل شق مردخاي
ثيابه ولبس مسحًا برماد وخرج إلى وسط المدينة وصرخ صرخة عظيمة مُرّة، وجاء إلى
قدام باب الملك لأنه لا يدخل أحد باب الملك وهو لابس مسحًا، وفي كل كورة حيثما وصل
إليها أمر الملك وسنته كانت مناحة عظيمة عند اليهود وصوم وبكاء ونحيب، وانفرش مسح
ورماد لكثيريم” [1-3].

إذ علم مردخاي بما فعله هامان شق ثيابه
علامة الحزن الشديد كما فعل رأوبين حينما رجع إلى البئر ولم يجد يوسف أخاه (تك 37:
29)، ولبس المسوح علامة انسحاق قلبه وتذلله وصرخ صرخة مرّة فقد أدرك أن ما حلّ
بشعبه كان بسببه… هذا وقد تمتع مردخاي بقلب متسع بحب أخوته فلا يطيق أن يرى
آلامهم. إنه كنحميا الذي سمع الأخبار المؤلمة في أورشليم فقال: “جلست وبكيت
ونحت أيامًا وصمت وصليت أمام إله السماء” (نح 1: 4). وحمل الرسول بولس ذات
القلب حين قال: “أقول الصدق في المسيح ولا وضميري شاهد ليّ بالروح القدس، أن
ليّ حزنًا عظيمًا ووجعًا في قلبي لا ينقطع، فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محرومًا
من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد” (رو 9: 1-3).



St-Takla.org Image:
Great mourning among the Jews, with fasting, weeping, and wailing (Esther 4:1-3)

صورة في موقع الأنبا تكلا:
مناحة عظيمة لليهود وبكاء (أستير 4: 1-3)

إن كان
مردخاي يمثل السيد المسيح،
فطريق الخلاص إنما بدأ بشق مردخاي ثيابه ولبس المسوح وخروجه إلى المدينة ليصرخ
صرخة مرّة تهز أبواب السماء، فتخلص أستير الملكة وشعبها من الإبادة. هكذا خلع
السيد المسيح مجده مخليًا ذاته من أجلنا (تمزيق الثياب)، حاملًا جسدنا (لبس
المسوح)، وحالًا في وسطنا على أرضنا (خروجه إلى المدينة) وصرخ على الصليب ليسلم
روحه من أجل خلاصنا. وكما يقول

الأب
أفراهات
: [إذ جلس مردخاي والتحف
بالمسوح أنقذ أستير وشعبها من السيف، إذ لبس المسيح جسدًا… خلص الكنيسة وأولادها
من الموت
(20)].

في كل كورة وصل إليها أمر الملك تحولت
حياة اليهود إلى مناحة وصوم وبكاء كما فرش الكثيرون المسوح ممتثلين بمردخاي…
إنها صورة حيَّة للمؤمنين الذين يتأملون يوم الرب العظيم وإذ يدركون عمل الخطية فيهم
ينوحون مقدمين توبة صادقة ليغتصبوا مراحم الرب.

أخيرًا جاء مردخاي إلى قدام باب الملك
لكنه لم يدخل بسبب المسوح؛ هكذا كان الملوك يعيشون في قصورهم لا يريدون أن يلتقوا
بالمتألمين والمظلومين إذ يهتموا براحتهم النفسية دون مبالاة بالشعب. أغلقوا
الأبواب أمام لابس المسوح لكي ينزل ملك الملوك نفسه لابسًا المسوح، ويشاركهم
آلامهم، وينطلق بهم بروحه القدوس لا إلى باب الملك أو داخل قصره، وإنما إلى حضن
الآب عينه. هكذا أغلق العظماء أبواب قصورهم في وجه المحتاجين لينزل العظيم إليهم
ويحملهم إلى سمواته.




2. حزن أستير وبعث هتاخ
له:

اغتمت أستير جدًا لما سمعت بما فعله
مردخاي، إذ أرسلت إليه ثيابًا لم يقبل أن ينزع محسه عنه. فأرسلت إليه هتاخ أحد
الخصيان الذي بين يديها، فأخبره مردخاي بكل ما فعله هامان وأعطاه صورة من أمر
الملك وطلب منه أن يوصي أستير أن تدخل إلى الملك وتتضرع إليه وتطلب منه لأجل
شعبها.

إن كان في تذلل أمام الله لبس مردخاي
المسوح ففي شجاعة أعلن حزنه وسط المدينة ولم يخف مرارة نفسه، عندما سألته الملكة
أن يلبس ثيابًا أرسلتها إليه رفض. أرسلت إليه هتاخ الذي يبدو أنه كان يهوديًا، إذ
جاء عنه في الترجوم الثاني أنه عمل اسمًا آخر “دانيال”. ولهذا السبب
حدثه مردخاي بصراحة كاملة وسأله أن يعلن الأمر لأستير أن تتدخل بالتقائها مع
الملك.




St-Takla.org Image:
Esther learns about the slaughter of the Jews(Esther 4:4-9)

صورة في موقع الأنبا تكلا:
أستير تعرف بمذبحة اليهود (أستير 4: 4-9)



3. رسائل بين أستير
ومردخاي:

إذ أخبر هتاخ أستير بكلام مردخاي، أرسلت
إليه تقول بأنها لم تُدع لتدخل عند الملك هذه الثلاثين يومًا، فإن دخلت تُقتل ما
لم يمد الملك قضيب الذهب فتحيا. أما هو فعاد يخبرها:
“لا تفتكري في نفسك
إنكِ تنجين في بيت الملك دون جميع اليهود، لأنكِ إن سكتِ سكوتًا في هذا الوقت يكون
الفرج والنجاة لليهود من مكان آخر، وأما أنت وبيت أبيكِ فتبيدون. ومن يعلم أن كنت
لوقت مثل هذا وصلتِ إلى الملك” [13-14].

إن كان مردخاي قد مزق ثيابه ولبس المسوح
وصرخ صرخة مرة في وسط المدينة، ليس يأسًا ولا فقدان رجاء وإنما تذللًا أمام الله
إيمانًا به أنه قادر أن يعمل، وحثًا لشعبه أن يشترك معه في الانسحاق أمام الله…
هذا ما كشفته كلماته لأستير فقد آمن أن الخلاص قادم لا محالة، بأسير أو بغيرها
الله يعمل، إذ يقول لها: “لأنك إن سكت سكوتًا في هذا الوقت يكون الفرج
والنجاة لليهود من مكان آخر”. وكأنه يقول لها: الله لا يعدم الوسيلة، فسيخلص
على كل حال، لكنني أخشى أن تخسري إكليلك فلعله أرسلك إلى هذا الموضع ليعمل بك
فتتمتعين بالإكليل.

ليتنا في وقت التجربة نكون كمردخاي تؤمن
أن الخلاص قادم لا محالة، والله لا بُد وأن ينقذ، لكنه ليتنا نخرج من التجربة غالبين
ومنتصرين لا محطمين وخاسرين. إن آمنا بعمل الله تنتهي التجربة ونكون قد كُللنا في
عينيه، فنقتني لأنفسنا ربحًا على مستوى سماوي.

أكد مردخاي لأستير أن أحداث حياتها ليست
مجموعة من الصدف ولا هي ثمرة جهاد بشري محض، إنما هي خطة إلهية لمجد الله وبنيان
الكنيسة ونمو حياة أستير الروحية. هكذا آمن يوسف عندما قال لإخوته الذين سلموه
للعبودية: “لا تتأسفوا ولا تغتاظوا لأنكم بعتمومي إلى هنا؛ لأنه لاستبقاء
حياة أرسلني الله قدامكم” (تك 45: 5)… فإن كانت أستير قد صارت ملكة أو يوسف
بيع كعبد، فالله سيد التاريخ إنما يدخل بهما إلى حيث يمجداه لحساب الجماعة المقدسة
كلها.

كشف لها مردخاي أن تخرج من دائرة التفكير
الضيق، فلا تفكر في حياتها أو موتها، لأن ما يصيب شعبها يمس حياتها وحياة بيت
أبيها، إذ يقول لها: “لا تفتكري أنكِ تنجين في بيت الملك”. وفي نفس
الوقت أكدّ لها أن العمل الذي تقوم به يقوم به الله نفسه فهو سيخلص حتمًا، فإن مدت
يدها للعمل فالله نفسه كأب ملتزم بالعمل… فلا تخف.

ليتنا نعمل دائمًا منطلقين من دائرة
الأنا، مدركين أن عمل الله الروحي لن يفشل، وأن يده قادرة على الخلاص إن سلمنا
حياتنا بين يديه.

إن كان مردخاي واجه أستير بصراحة وشجاعة
لينزع عنها كل خوف، ففي اتضاع قبلت الملكة رسالته وكانت إجابتها تكشف عن قلب متسع
بالحب الفائق، إذ قالت:
“أذهب أجمع جميع اليهود الموجودين في شوشن وصوموا
من جهتي ولا تأكلوا ولا تشربوا ثلاثة أيام ليلًا ونهارًا، وأنا أيضًا وجواري نصوم
كذلك، وهكذا أدخل إلى الملك خلاف السُنة، فإذا هلكت هلكت” [16].

أحبت أستير شعبها، فقدمت حياتها للموت من
أجلهم: “فإذا هلكت هلكت”. فمع كونها ملكة عظيمة جميلة المنظر، في مقتبل
عمرها، محبوبة من رجلها، لكنها قبلت أن تدخل إليه دون أن يدعوها وهي تعلم وحشيته
لا يعرف الرحمة حتى على أصدقائه فعندما توسل إليه ليسياس أن يعفي ابنه الأكبر من
الحرب مقدمًا أبناءه الخمسة الآخرين ما كان منه إلاَّ إن شطر الولد شطرين وطلب من
الجند أن يسيروا على جثمانه بأقدامهم حتى يعرف الكل حزمه وصرامته
.(انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في

موقع الأنبا تكلا
في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى).



St-Takla.org Image:
Esther decided to go meet the king(Esther 4:10-17)

صورة في موقع الأنبا تكلا:
أستير تقرر زيارة الملك (أستير 4: 10-17)

عرضت حياتها للهلاك بإيمان، فلم تلق
باللوم على مردخاي ولا اتهمته بالكبرياء لعدم خضوعه لهامان، وإنما بإيمان حيّ
أدركت أن خطاياها هي وكل شعبها هي السبب، إذ نسمع في صلاتها التي جاءت في تتمة
أستير تقول: “إنا قد خطئنا أمامك ولذلك أسلمتنا إلى أيدي أعدائنا، لأنّا
عبدنا آلهتهم وأنت عادل يا رب” (أس 14: 6-7)… بالإيمان عرفت مفتاح الخلاص:
الاعتراف بالخطايا والرجوع إلى الله المخلص.

لم تفكر أستير بطريقة بشرية زمنية، فلم
تهتم كيف تتزين وتتطيب لتجتذب الملك، ولا طلبت من مردخاي أن يدبر لها مؤامرة ضد
هامان لكنها عرفت أن الخلاص من الله فلجأت إلى الصوم والصلاة، وطلبت أن يشترك معها
مردخاي وسائر اليهود الذين في مدينة شوشن (سوسة) كما اشتركت جواريها معها… وهنا
نقف عند شركة جواريها معها في صومها عن الأكل والشرب ثلاثة أيام وصلواتها ففي هذا
كشف عن حياة أستير معهم، كانت تعيش معهم لا كآمرة ناهية وإنما كأم تهتم بخلاصهن،
حملن معها روح الورع والتقوى، لذلك شاركن إياها في ضيقتها بفكر روحي لائق! ليتنا
نهتم حتى بالخدم، فنحن مسئولون عن خلاصهم كأخوة لنا يشاركوننا العضوية في الجسد
الواحد.

كان لزامًا أن تدخل أستير إلى الملك،
لكنها أرادت أن تدخل إلى قلبه بالله الذي وحده في يده قلب الملك (أم 21: 1) فلجأت
إليه بالصوم والصلاة حتى يغير طبيعته الحجرية، ويفتح أبوابه لها، فتدخل مع الرب
نفسه ليخلصها مع شعبها. في هذا يقول


القديس أمبروسيوس
:
[أستير بأصوامها
حركت الملك المتعجرف
(21)].
كما يقول
القديس أكلميندس الروماني:
[إذ كانت أستير كاملة في الإيمان عرضت
نفسها لخطر ليس بأقل (من يهوديت)، لكي تنقذ

أسباط إسرائيل الاثني عشر من هلاك
أكيد. فقد توسلت بالصوم والاتضاع إلى الله الأبدي الذي يرى كل شيء، وهو إذ رأى اتضاع روحها خلص الشعب الذي من أجله عرضت نفسها للموت
(22)].
وجاء في كتاب (الدساتير للرسل القديسين): “بالصوم هربت أستير ومردخاي ويهوديت
من مكائد هولفيرنوس وهامان الشريران”
(23).

بحب كامل لشعبها وثقة كاملة في الله
العامل في حياة المتضعين صامت أستير وانطلقت بشجاعة للعمل قائلة: “فإذا هلكت
هلكت”، ليس عدم إيمان بخلاص الله، وإنما بحب مستعدة أن تهلك ليحيا الشعب،
وتموت هي من أجل إخواتها. وكما يقول


القديس أمبروسيوس
:
[لماذا عرضت أستير
حياتها للموت ولم تخف غضب الملك المتوحش؟ أليس لكي تخلص شعبها من الموت، الأمر
اللائق المملوء فضيلة!
(24)].

لقد حملت أستير روح الثلاث فتية الذين
قالوا: “هوذا يوجد إلهنا الذي نعبده يستطيع أن ينجينا من

أتون النار
المقدة
وأن ينقذنا من يدك أيها الملك، وإلاَّ (حتى إن متنا جسديًا) فليكن معلومًا لك أيها
الملك أننا لا نعبد آلهتك ولا نسجد لتمثال الذهب الذي نصبته” (دا 3: 17-18).



St-Takla.org Image:
When Esther heard about Mordecai’s distress, she sent Hathak, one of the Kings
servants, with clothes for him to put on instead of the sackcloth. But he
refused to put them on. (Esther 4: 3-4) – Esther, Bible illustrations by James
Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في
موقع الأنبا تكلا
: “وفي كل كورة حيثما وصل إليها أمر الملك
وسنته، كانت مناحة عظيمة عند اليهود، وصوم وبكاء ونحيب. وانفرش مسح ورماد لكثيرين.
فدخلت جواري أستير وخصيانها وأخبروها، فاغتمت الملكة جدا وأرسلت ثيابا لإلباس
مردخاي، ولأجل نزع مسحه عنه، فلم يقبل” (أستير 4: 3-4) – صور سفر أستير، رسم جيمز
بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

طلبت الصوم انقطاعيًا من كل أكل وشرب
ثلاثة أيام، وكأنها أرادت أن تدخل مع الرب في قبره لتقوم معه في اليوم الثالث. لقد
أمنت بالقادر أن يقيمها هي وشعبها من الموت. كأنها شاركت يونان رمز المسيح فدخلت
في جوف الحوت تعاين دفن السيد المسيح واحتماله الموت عن شعبه لتخرج تكرز ببشارة
الحياة.

جاء في تتمة أستير (ص 14) أنها خلعت ثياب
الملك ولبست ثيابًا للحزن والبكاء وعوض الأطياب المختلفة ألقت على رأسها رمادًا
وذللت جسدها بالصوم وكانت تنتف شعر رأسها، ووقفت تتضرع إلى الله معترفة بخطاياها
هي وشعبها، وتذكره بمواعيده وأعماله مع آبائها، وتسأله أن ينظر إلى مذلة شعبه
وضيقته بأيدي الوثنيين.

آمنت أستير أن الله هو الذي يتكلم على
فمها لتخترق الكلمات قلب هذا الأسد المتوحش، إذ قالت: “إلق في فمي كلامًا
مرصفًا بحضرة ذاك الأسد وحوّل قلبه إلى بغض عدونا لكي يهلك هو وسائر المتواطئين
معه” [13]. فإنها لا تقتنص قلب الملك بجمالها ولا بتدليلها ولا بحكمتها
الذاتية إنما بالله الذي يتكلم في فمها ويعمل في قلب هذا الأسد. يقول


القديس يوحنا
الذهبي الفم
: [أنقذت أستير كل شعب اليهود عندما أوشك على الهلاك التام
باستخدامها هذه الوسيلة (الصلاة)…! لقد سألت الله الرحوم أن يذهب معها إلى
الملك، وقدمت له صلواتها، إذا قالت: “إلق في فمي كلامًا مقبولًا…”
(25)].

في صلاتها كشفت أستير عن حياتها
الداخلية، فقد عاشت كملكة عظيمة صاحبة مجد وكرامة أما قلبها فكان بسيطًا للغاية لم
يدخله شيء من كرامة هذا العالم وملذاته. وكما قالت: “أنت عالم بضرورتي وأنيّ
أكره سمة أُبهتي ومجدي التي أحملها على رأسي أيام بروزي وأمقتها كفرصة الطامث ولا
أحملها في أيام قراري، وأنيّ لم آكل على مائدة هامان ولا لذذت بوليمة الملك ولم
أشرب خمر السكب، ولم أفرح أنا أمتك منذ نقلت إلى ههنا إلى اليوم إلاَّ بك أيها
الرب إله إبراهيم” (أس 14: 16- 18).

هكذا عاشت في القصر كملكة لكنها تدرك
أنها امرأة أسيرة، إكليلها في عينها كخرقة الطامث لا تشتهيه بل تثتثقله، لم تأكل
مع هامان الرجل الثاني بعد الملك ولا وجدت لذه في مائدة الملك، ولا اشتركت في شرب
الخمر المقدم كسكيب للآلهة، ولم يفرحها أحد سوى إله إبراهيم!

وهذا يفسر لنا كيف أنها حين دخلت إلى
الملك قبل اختيارها “لم تطلب شيئًا إلاَّ ما قال عنه هيجاي خصي الملك”
(أس 2: 15)، إذ لم يتعلق قلبها بشيء حتى تاج المُلك!

لقد قدم لنا



القديس أغسطينوس
أستير
مثلًا للذين هم في منصب ولهم مراكز سامية وكبرى ومنهمكون في الأعمال العامة لكن
قلبهم منفتح على السماء، إذ يقول: [من هذا النوع السيدة القديسة أستير التي مع
كونها زوجة الملك لكنها عرضت حياتها للخطر مستشفعة عن شعبها، إذ صلت قالت بأن
الزينة الملوكية بالنسبة لها كخرقة الطامث
(26)].

وحين امتدح

القديس جيروم
إحدى
المكرسات الحديثات للرب، قال: [صارت تبغض كل لباس بهي، وصرخت للرب مثل أستير:
“أنت عالم بضرورتي وأنيّ أكره سمة أُبهتي ومجدي -أي الإكليل الذي لبسته
كملكة- وأمقتها كفرصة الطامث”
(27)].

_____


الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في

موقع الأنبا تكلاهيمانوت
:


(20)

Dem. 21. On Persecution 20.


(21)
Ep. 63: 26.


(22)
Ep. 1: 55.


(23)

Constitution of the Holv Apostles 5: 20


(24)

Duties of the Clergy 3: 2.


(25)

Conc. Statues 3: 6.


(26)

On Ps. 52.


(27)

Ep. 130: 4.


← تفاسير أصحاحات
أستير:

مقدمة |
1 |
2 |
3 |
4 |
5 |
6 |
7 |
8 |
9 |
10 |
11 |
12 |
13 |
14 |
15 |
16

الكتاب المقدس المسموع:
استمع لهذا الأصحاح

تفاسير أسفار الكتاب المقدس

1- تفاسير سفر التكوين
2- تفاسير سفر الخروج
3- تفاسير سفر اللاويين
4- تفاسير سفر العدد
5- تفاسير سفر التثنية
6- تفاسير سفر يشوع
7- تفاسير سفر القضاة
8- تفاسير سفر راعوث
9- تفاسير سفر صموئيل الأول
10- تفاسير سفر صموئيل الثاني
11- تفاسير سفر الملوك الأول
12- تفاسير سفر الملوك الثاني
13- تفاسير سفر أخبار الأيام الأول
14- تفاسير سفر أخبار الأيام الثاني
15- تفاسير سفر عزرا
16- تفاسير سفر نحميا
17- تفاسير سفر طوبيا
18- تفاسير سفر يهوديت
19- تفاسير سفر أستير + التتمة
20- تفاسير سفر أيوب
21- تفاسير سفر المزامير + مز 151
22- تفاسير سفر الأمثال
23- تفاسير سفر الجامعة
24- تفاسير سفر نشيد الأناشيد
25- تفاسير سفر الحكمة
26- تفاسير سفر يشوع بن سيراخ
27- تفاسير سفر إشعياء
28- تفاسير سفر إرميا
29- تفاسير سفر مراثي إرميا
30- تفاسير سفر نبوة باروخ
31- تفاسير سفر حزقيال
32- تفاسير سفر دانيال + التتمة
33- تفاسير سفر هوشع
34- تفاسير سفر يوئيل
35- تفاسير سفر عاموس
36- تفاسير سفر عوبديا
37- تفاسير سفر يونان
38- تفاسير سفر ميخا
39- تفاسير سفر ناحوم
40- تفاسير سفر حبقوق
41- تفاسير سفر صفنيا
42- تفاسير سفر حجي
43- تفاسير سفر زكريا
44- تفاسير سفر ملاخي
45- تفاسير سفر المكابيين الأول
46- تفاسير سفر المكابيين الثاني

1- تفاسير إنجيل متى
2- تفاسير إنجيل مرقس
3- تفاسير إنجيل لوقا
4- تفاسير إنجيل يوحنا
5- تفاسير سفر أعمال الرسل
6- تفاسير الرسالة إلى رومية
7- تفاسير رسالة كورنثوس الأولى
8- تفاسير كورنثوس الثانية
9- تفاسير الرسالة إلى أهل غلاطية
10- تفاسير الرسالة إلى أفسس
11- تفاسير الرسالة إلى فيلبي
12- تفاسير الرسالة إلى كولوسي
13- تفاسير تسالونيكي الأولى
14- تفاسير تسالونيكي الثانية
15- تفاسير رسالة تيموثاوس الأولى
16- تفاسير تيموثاوس الثانية
17- تفاسير الرسالة إلى تيطس
18- تفاسير الرسالة إلى فيلمون
19- تفاسير رسالة العبرانيين
20- تفاسير رسالة يعقوب
21- تفاسير رسالة بطرس الأولى
22- تفاسير رسالة بطرس الثانية
23- تفاسير رسالة يوحنا الأولى
24- تفاسير رسالة يوحنا الثانية
25- تفاسير رسالة يوحنا الثالثة
26- تفاسير رسالة يهوذا
27- تفاسير سفر الرؤيا


هل تبحث عن  يَرِيمُوث البنياميني

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي