أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك


الدكتور القس لبيب ميخائيل


الفصل الأول


الكهنة واللاويون يسألون يوحنا المعمدان

حين جاء ملء الزمان.. أو بعبارة أخرى حين كمُل الزمان، وحان الوقت المعين من الله لولادة المسيح فى بيت لحم.. بدأت عجلة النبوة تدور بعد أن صمتت السماء أربعئمة سنة بعد النبي ملاخي، وتوقف ظهور أنبياء أمناء طيلة هذه القرون.

أجل! حان ملء الزمان، وتهيَأ العالم تماماً لظهور المسيح..

فرضت الإمبراطورية الرومانية سيطرتها على دول كثيرة.. ومهدت الطرق لتربط بها أجزاء إمبراطوريتها الشاسعة، وبهذا كان من السهل على الرسل والمؤمنين بالمسيح أن ينشروا بشارة الإنجيل متنقلين بأمان من مكان إلى مكان بعد صلب المسيح، وقيامته، وصعوده إلى السماء.. إطاعة لأمره الكريم:

” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر” (متى 28: 19و 20).

كذلك أضحت اللغة اليونانية لغة الثقافة والفلسفة، وهى لغة تتميز بالجمال والدقة فى التعبير.. وهذه اللغة كتب الرسل رسائلهم وكتب البشيرون الأناجيل.

ومع هذا كله، كان العالم قد يأس من أن يجد فى وثنيته إشباعاً لحاجاته.. فلم تستطع الوثنية أن تعطي الناس غفراناً تاماً لخاطاياهم، ولا أن ترسم لهم طريقاً صحيحاً للحياة اليومية، ولا أن تعطيهم يقيناً بالحياة الأبدية.. فلما وصل إنجيل المسيح إلى هذا العالم الرازح تحت آثامه وأثقاله بواسطة رسل المسيح، وجد الناس في المسيح الخلاص، والغفران، والحياة الأبدية، والسلام والشبع التام.

صمتت السماء كما ذكرنا آنفاً أربعمئة سنة، ولم يظهر خلال هذه المدة أنبياء في أرض اسرائيل: وإسرائيل هم الشعب الذى خصَه الله بالنبوة والأنبياء.

كان ملاخي آخر أنبياء العهد القديم، وقد تنبأ عن ظهور يوحنا المعمدان، الذي يسميه القرآن يحيى ابن زكريا، وأعلن أن ظهور يوحنا سيكون لتهيئة الطريق لإعلان حقيقة المسيح.

وهذه كلمات نبوة ملاخي:

” هأنذا أرسل ملاكي فيهيَئ الطريق أمامي” (ملاخي 3: 1).

وقبل النبي ملاخي تنبأ النبي إشعياء عن مجئ يوحنا المعمدان لإعداد الطريق للمسيح بالكلمات ” صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب. قوِّموا فى القفر سبيلاً لإلهنا” (إشعياء 40: 3).

وقد أكد مرقس البشير في بشارته أن هاتين النبوتين تمتا حرفياً فى يوحنا المعمدان: فقال فى غرة بشارته:

” بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله كما هو مكتوب فى الأنبياء. ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذى يهيئ طريقك قدامك. صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة. كان يوحنا يعمد فى البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا ” (مرقس 1: 14).

وذاع صيت يوحنا المعمدان..

” وخرج إليه أورشليم وكل اليهودية وجميع الكورة المحيطة بالأردن. واعتمدوا منه فى الأردن معترفين بخطاياهم ” (متى 3: 5و 6).

فى ذلك الوقت ” أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت، فاعترف ولم ينكر وأقرَ أن لست أنا المسيح. فسألوه إذاً ماذا. إيليا أنت؟ فقال لست أنا. النبى أنت؟ فأجاب لا. فقالوا من أنت لنعطي جواباً للذين أرسلونا. ماذا تقول عن نفسك. قال أنا صوت صارخ فى البرية قوّموا طريق الرب كما قال إشعياء النبي” (يوحنا 1: 19-23).

نقرأ فى هذه الآيات أن الكهنة واللاويين قدموا ليوحنا المعمدان ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: هل أنت المسيح؟

السؤال الثاني: هل أنت إيليا؟

السؤال الثالث: هل أنت النبي؟

وكانت إجابة يوحنا المعمدان صريحة ” لست أنا المسيح: ولا إيليا، ولا النبي”.

ويجدر بنا فى هذا المقام أن نسأل: على أي أساس سأل الكهنة واللاويون يوحنا المعمدان هذه الأسئلة؟

والجواب: إن هناك ثلاث نبوات في العهد القديم كان اليهود ينتظرون إتمامها..

وفي الوقت الذي وُلد فيه المسيح، كانت النفوس الأمينة تترقب إتمام هذه النبوات كما يترقب راصدوا الكواكب كوكباً حان موعد ظهوره.

 

· النبوة الأولى خاصة بمجئ المسيح وموته، وسجلها دانيال النبي بالكلمات:

” وبعد اثنين وستين أسبوعاً يُقطع المسيح وليس له ” (دانيال 9: 26).

 

· النبوة الثانية خاصة بمجئ إيليا النبي، وسجلها ملاخي النبي بالكلمات:

” هاأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجئ يوم الرب العظيم والمخوف ” (ملاخي 4: 5).

 

· النبوة الثالثة خاصة بمجئ النبي – الذى مثل موسي – وسجلها موسي النبي بالكلمات:

” يقيم لك الرب إلهك نبياً نبياً من وسطك من إخوتك مثلى. له تسمعون. حسب كل ما طلبت من الرب إلهك في حوريب يوم الاجتماع قائلاً: لا أعود أسمع صوت الرب إلهي ولا أري هذه النار العظيمة أيضاً لئلا أموت. قال لي الرب: قد أحسنوا في ما تكلموا.

أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك: وأجعل كلامي فى فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به. ويكون أن الذى لا يسمع لكلامي الذى يتكلم به باسمي أنا أطالبه” (تثنية 18: 15-19).

 

ويبدو من أسئلة الكهنة واللاويين أنهم لم يعرفوا أن المسيح الذى تنبأ عنه دانيال النبي هو بذاته النبي الذى تنبأ عنه موسي. ولذلك سألوا يوحنا المعمدان: هل أنت المسيح.. هل أنت إيليا؟ هل أنت النبي؟

ونرى في أسفار الأنبياء مثالاً لذلك هو يوحنا المعمدان، فقد تنبأ عنه إشعياء النبي فقال: ” صوت صارخ فى البرية” (إشعياء 40: 3)، وتنبأ عنه ملاخي النبى فقال: ” هأنذا أرسل ملاكي فيهي الطريق أمامي” (ملاخي 3: 1).. والنبوتان تتحدثان عن ذات الشخص الواحد ” يوحنا المعمدان “.. فهو الصوت الصارخ وهو ذاته الملاك الذى يهيئ طريق الرب.

لم يعرف الكهنة واللاويون أن المسيح هو بذاته النبي فسألوا يوحنا ” النبي أنت؟ ” ونرى لزماً علينا أن نحلل نص نبوة موسي تحليلاً دقيقاً، وسنرى فى هذه النبوة الثمينة عدة حقائق تقودنا للتحقق التام من شخصية النبي الذى تنبأ موسى بمجيئه.

أولاً: أن النبي الذي تنبأ موسي بمجيئه كان لا بد أن يكون إسرائيلياً لا عربياً، وهذا يتأكد لنا من نص الكلمات ” يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك” (تثنية 18: 15). فالنبي الذي تنبأ عنه موسي لا بد أن يكون ” إسرائيلياً”.. أن يكون من وسط شعب اسرائيل، لا من جنسية غريبة، وشعب غريب، وهذا الشرط اشترطه الرب فى اختيار الملك الذي يملك على الأمة الاسرائيلية فقال: ” متى أتيت إلى الأرض التي يعطيك الرب إلهك، وامتلكتها وسكنت فيها، فإن قلت: أجعل عليّ ملكاً كجميع الأمم الذين حولي. فإنك تجعل عليك ملكاً. لا يحلّ لك أن تجعل عليك رجلاً أجنبياً ليس هو أخاك” (تثنية 17: 14و 15).

فكما أن الملك الذى يملك على اسرائيل كان لا بد أن يكون من شعب اسرائيل وليس أجنبياً من شعب آخر، كذلك النبي الذى تنبأ عنه موسي لا بد أن يكون من وسط الشعب الإسرائيلى، وأي نبي يأتى من شعب آخر غير شعب اسرائيل لا يمكن أن تنطبق عليه هذه النبوة.

ثانياً: أن النبي الذى تنبأ عنه موسي هو نبي مرسل إلى بنى اسرائيل كما تقول النبوة بوضوح لا غموض فيه.

” يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك مثلي. له تسمعون” (تثنية 18: 15).

فالنبي الذى تنبأ موسي بمجيئه مرسل إلى بني اسرائيل وليس إلى شعب الجزيرة العربية.. وقد قال المسيح: ” لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ” (متى 15: 24)، وقال عنه يوحنا البشير: ” إلى خاصته جاء ” (يوحنا 1: 11)، وشهد القرآن أن المسيح جاء ” رسولاً إلى بني إسرائيل ” (سورة آل عمران 3: 49).

كانت النفوس العطشي فى اسرائيل تتطلع بشوق لمجيء هذا النبي الذى تنبأ عنه موسي.. وعندما أجرى المسيح معجزة إطعام الألوف بخمسة أرغفة وسمكتين، يقول يوحنا البشير: ” فلما رأي الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا أن هذا هو بالحقيقة النبي الآتى إلى العالم ” (يوحنا 6: 14).

أما النبي محمد فقد جاء للعرب، ومن العرب، وبلغة العرب كما يقول القرآن:

” كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ” (سورة البقرة 2: 151).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ت تروفيمس 1

” إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون” (سورة يوسف 12: 2).

” وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى (مكة) ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق فى السعير” (الشورى 42: 7).

 

فنبوة موسي هي بالقطع عن المسيح لا عن محمد.

ثالثاً: إن النبي الذى تنبأ موسي بمجيئه لا بد أن يكون مثل موسي.

” يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك مثلى “، وتستمر النبوة قائلة:

” أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك ” (تثنية 18: 15و 18).

وهنا لننظر عن قرب فى أوجه الشبه بين موسي والمسيح، وهي تؤكد لنا أن المسيح هو النبي الذى مثل موسي، وإنها لا تنطبق على النبي محمد بأي وجه من الوجوه.

 


الفصل الثانى


نبي مثل موسي

فى هذا الفصل سنحلل بتدقيق كل كلمة فى نبوة النبي موسي التي تتحدث عن النبي المنتظر، فتعال معي لتقرأ كلمات هذه النبوة.

” يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك مثلى. له تسمعون. حسب كل ما طلبت من الرب إلهك فى حوريب يوم الاجتماع قائلاً: لا أعود أسمع صوت الرب إلهي ولا أري هذه النار العظيمة أيضاً لئلا أموت. قال لى الرب: قد أحسنوا في ما تكلموا. أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي فى فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به. ويكون أن الإنسان الذى لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه” (تثنية 18: 15- 19).

واضح تماماً من كلمات هذه النبوة أن النبي المنتظر مُقام من الرب إله اسرائيل، وأنه مقام بالدرجة الأولى لشعب اسرائيل ” يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك “. وواضح كذلك أن هذا النبي جاء حسب كل ما طلب الاسرائيليون، ” حسب كل ما طلبت من الرب إلهك في حوريب.. أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك”.

والتحليل الدقيق لهذه النبوة يرينا إنها تنطبق تماماً على المسيح، ولا علاقة ها بالنبي محمد من قريب أو بعيد.. فأوجه الشبه بين موسي والمسيح كثيرة.. وعلينا أن نذكر أن أوجه الشبه هذه يجب أن تكون فى دائرة إنسانية المسيح، لا فى دائرة لاهوته.. فالمسيح باعتباره ابن الله الأزلي، لا شبيه له.. ولكن باعتباره النبي، والكاهن، والملك فيمكن أن نراه في الكثير من شخصيات العهد القديم التي ترمز إليه.

فيوسف كان رمزاً للمسيح، وداود كان رمزاً للمسيح، وملكي صادق كاهن الله العلي كان رمزاً للمسيح.. وكذلك كان موسي رمزاً للمسيح.

يقول موسي فى نبوته لبنى إسرائيل: ” يقيم لك الرب إليهك نبياً..مثلي” ويقول الرب لموسي فى ذات النبوة ” أقيم لهم نبياً..مثلك ” فالنبي الذى تتحدث عنه النبوة لا بدَّ أن يكون مثل موسي.

والآن تعال معي لنرى أوجه الشبه البارزة بين موسي والمسيح.

1. كان موسي يهودياً من بني إسرائيل، والمسيح يهودي من بنى إسرائيل.

2. تعرض موسي فى طفولته الباكرة للموت غرقاً بأمر فرعون ملك مصر، وأنقذ من الغرق بتدخُّل إلهى (خروج 1: 22 و2: 1-10).. وتعرض المسيح للقتل بأمر هيرودس الملك، وأُنقذ من القتل بتدخُّل إلهي (متى 2: 1-15).

3. تهذب موسي بكل حكمة المصريين وكان مقتدراً فى الأقوال والأعمال (أعمال 7: 22) وتقول كلمة الله عن المسيح: ” المدَّخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم” كولوسي 2: 3) وأنه كان مقتدراً فى الفعل والقول (لوقا 24: 19).

4. موسي كان صانعاً للمعجزات، فقد صنع الكثير من المعجزات أمام فرعون: كما صنع الكثير من المعجزات أمام بني اسرائيل، وعمل المعجزات الخارقة للطبيعة دليل على صدق نبوة النبي (خروج 4: 1-9 و17: 3-7)، والمسيح صنع الكثير من المعجزات، وقد قال المسيح وهو الصادق فيما قال: ” وأما أنا فلي شهادة أعظم من يوحنا ؛ لأن الأعمال التي أعطاني الآب لأكملها، هذه الأعمال بعينها التى أنا أعملها هى تشهد لي أن الآب قد أرسلني”(يوحنا 5: 36)، وقال أيضاً ” صدقونى أنى فى الآب والآب فيَّ، وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها ” (يوحنا 4: 11).وقال عنه يوحنا البشير: ” وآيات أُخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب فى هذا الكتاب، وأما هذه فقد كُتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه ” (يوحنا 2: 30و 31).

وقد شهد القرآن بأن المسيح صنع الكثير من المعجزات، ووضع على فمه الكلمات:

” إنى قد جئتكم بآية من ربكم إني أخلق من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأُبرئُ الأكمه (المولود أعمي) والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيتوكم ان في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ” (سورة آل عمران 3: 49).

بينما شهد القرآن أن محمداً لم يصنع معجزة واحدة.. إذ لما طلب منه معاصروه أن يصنع معجزة ليؤمنوا بنبوته عجز عن صنع معجزة واحدة.. وهذه آية القرآن:

” وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه (وقالوا هلا أنزلت إليه معجزات من ربه تؤيده) قل إنما الآيات (المعجزات) عند الله وإنما أنا نذير مبين” (سورة العنكبوت 29: 50).

ومرة ثانية تحداه رجال قريش أن يصنع معجزة فكان رده على تحدِّيهم: ” قل سبحان الله هل كنت إلا بشراً رسولاً” (سورة الإسراء 17: 92).

إن النبي الذى تنبأ موسي بمجيئه لا بد أن يكون صانعاً للمعجزات، ومحمد ليس صانعاً للمعجزات فلا يمكن أن يكون مثل موسي.

5. حرر موسي الشعب الإسرائيلي من عبودية فرعون (خروج 14: 30). والمسيح يحرر من يؤمن به من عبودية الشيطان والخطية.. لقد قال وهو الصادق الأمين أن كلمات نبوة إشعياء القائلة: ” روح الرب عليّ، لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين فى الحرية ” (لوقا 4: 18 مع إشعياء 61: 1)، قد تمت فيه وقال أيضاً: ” إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية.. فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً ” (يوحنا 8: 34و 36).

6. لمع وجه موسي بعد أن قضي عند الرب أربعين نهاراً وأربعين ليلة فوق جبل سيناء (خروج 34: 28-30)، وأضاء وجه المسيح كالشمس عندما صعد مع تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا إلى جبل التجلي (متي 17: 1و 2).

7. جاء موسي بالناموس، وجاء المسيح بالنعمة فكلاهما كان مؤسٍِّساً لدين جديد ” لأن الناموس بموسي أعطي، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا” (يوحنا 1: 17). موسي أسس اليهودية، والمسيح هو أساس ومؤسس المسيحية (متي 16: 15-18).

8. كان الرب يكلم موسي وجهاً لوجه بغير وسيط من الملائكة، كما نقرأ: ” وكان عمود السحاب إذا دخل موسي الخيمة ينزل ويقف عند باب الخيمة ويتكلم الرب مع موسي.. ويكلم الرب موسي وجهاً لوجه، كما يكلم الرجل صاحبه ” (خروج 33: 9-11). ويقول القرآن: وكلَّم الله موسي تكليماً ” (سورة النساء 4: 164).

والنبي الذى تنبأ موسي بمجيئة قيل عنه: ” أقيم لهم نبياً.. مثلك. وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ” (تثنية 18: 18)، هذا معناه أن كلام ذلك النبي هو كلام الله ذاته ” وأجعل كلامي في فمه”. فالله تبارك اسمه هو الذي سيجعل كلامه فى فم ذلك النبي بغير وسيط. أي أن النبي الذى تنبأ عنه موسي لن يتلقي وحيه بواسطة ملاك من ملائكة الله، بل من الله ذاته. وقد قال المسيح لفيلبس أحد تلاميذه: ” ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب في.. الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال فيَّ هو يعمل الأعمال ” (يوحنا 14: 10)، وقال أيضاً: ” تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني ” (يوحنا 7: 16)، وقال عنه كاتب الرسالة إلى العبرانيين: ” الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة. كلمنا في هذه الأيام الأخيرة فى ابنه ” (عبرانيين 1: 1 و2).

فالنبي الذي تنبأ عنه موسي سيجعل الله كلامه في فمه بغير وسيط من الملائكة.. وهذا ينطبق تماماً على المسيح، أما النبي محمد فقد تلقي وحيه من الروح الذي التقاه عند غار حراء بالقرب من مكة، وضغط عليه ثلاث مرات وهو يقول له ” إقرأ ” حتى ظن محمد أنه الموت.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ت تل الكزل ل

9. موسي نطق بكثير من النبوات التي تمت وسوف تتم، فقد تنبأ عن مجيء المسيح (تثنية 18: 15-19)، وأكد المسيح أن نبوة موسي هي عنه إذ قال اليهود: ” لا تظنوا أني أشكوكم إلى الآب. يوجد الذي يشكوكم وهو موسي الذي عليه رجاؤكم.. لأنكم لو كنتم تصدقون موسي لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني” (يوحنا 5: 45، 64). وتنبأ موسي كذلك عن تبديد اليهود فى العالم بسبب تمردهم وعصيانهم وكان ذلك قبل دخولهم إلى أرض كنعان (تثنية 28: 64-68)، كما تنبأ عن عودتهم إلى أرضهم (تثنية 3: 1-10). كذلك نطق المسيح بنبوات عديدة تمت وسوف تتم.. فقد تنبأ عن موته وقيامته (متى 20: 17-19)، وتنبأ عن خراب أورشليم وهدم الهيكل اليهودي (متى 24: 1، 2 ولوقا 19: 41 -44)، وأنبأ بالعلامات التي تسبق مجيئه الثاني إلى العالم (متي 24: 1-41، ولوقا 17: 22-37، ولوقا 21: 5-38).

إن النطق بالنبوات الصادقة دليل صدق نبوة النبي: ” وإن قلت في قلبك. كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب؟ فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر، فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب، بل بطغيان تكلم به النبي، فلا تخف منه ” (تثنية 18: 21و 22).

لقد قال موسي في نبوته: ” يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك مثلي. له تسمعون ” (تثنية 18: 15). وفوق جبل التجلي ظللت سحابة مضيئة التلاميذ الثلاثة بطرس ويعقوب ويوحنا، ” وصوت من السحابة قائلاً: هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا ” (متي 17: 7).

والكلمة الأخيرة في قضية نبوة موسي عن النبي المنتظر، قالها بطرس الرسول لليهود في أورشليم وحسم بها الأمر.. فتعال معي نقرأ كلماته: ” أيها الرجال الإسرائيليون.. إله آبائنا مجد فتاه يسوع الذي أسلمتوه أنتم وأنكرتموه أمام بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه. ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل. ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهود لذلك..

” والآن أيها الإخوة أنا أعلم أنكم بجهالة عملتم كما رؤساؤكم أيضاً. وأما الله فما سبق وأنبأ به بأفواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح قد تمّمه هكذا. فتوبوا وارجعوا لتُمحي خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب. ويرسل يسوع المسيح المُبشّر به لكم قبل. الذي ينبغي أن السماء تقبله إلى أزمنة ردّ كل شيئ التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر. فإن موسي قال للآباء: إن نبياً مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم. له تسمعون في كل ما يكلمكم به. ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبي تُباد من الشعب. وجميع الأنبياء أيضاً من صموئيل فما بعده، جميع الذين تكلموا سبقوا وأنبأوا بهذه الأيام. أنتم أبناء الأنبياء والعهد الذي عاهد به الله آباءنا قائلاً لإبراهيم وبنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض. إليكم أولاً، إذ أقام الله فتاه يسوع، أرسله يبارككم برد كل واحد منكم عن شروره ” (أعمال 3: 13-26).

 

أوضح بطرس الرسول في كلامه لليهود عدة حقائق:

الحقيقة الأولى: أن المسيح قُتل، وأن الله أقامه من الأموت، وأن الرسل شهود بحقيقة قيامته (أعمال 3: 14).

الحقيقة الثانية: أن اليهود صلبوا المسيح وقتلوه لأنهم لم يعرفوا أنه المسيح، المسيا الموعود به بالأنبياء، ” والآن أيها الإخوة أنا أعلم أنكم بجهالة عملتم كما رؤساؤكم أيضاً ” (أعمال 3: 17).

ونفس الكلمات قالها لهم يوحنا المعمدان حين سألوه: ” هل أنت المسيح؟ هل أنت إيليا؟ هل أنت النبي؟..” فقد عرف أن الأمر قد اختلط عليهم، فظنوا أن المسيح هو شخص غير النبي، لاسيما عندما قالوا: ” فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي؟ ” (يوحنا 1: 25) ولذا فقد أجابهم: ” أنا أعمد بماء. ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه. هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه ” (يوحنا 1: 26 و27).

أجل، إن الكهنة واللاويين والفريسيين جهلوا حقيقة المسيح حين جاء ” لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد ” (1كورنثوس 2: 8).

الحقيقة الثالثة: إن النبي الذي تنبأ موسي بمجيئه هو يسوع المسيح.

الحقيقة الرابعة: إن مجئ المسيح فى الجسد هو إتمام لوعد الله الذي وعد به إبراهيم قائلاً: ” وبنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض ” (أعمال 3: 25).

كان لا بد أ، يأتي المسيح، النبي المنتظر الذي تنبأ عنه موسي من بني اسرائيل، لأن الله عزل الشعب اليهودي عن سائر الشعوب قديماً ليكونوا شهوداً له ” أنتم شهودي يقول الرب وعبدي الذي اخترته لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا أني أنا هو قبلي لم يصور إله وبعدي لا يكون. أنا أنا الرب وليس غيري مخلِّص ” (إشعياء 43: 10-12).

والقرآن يذكر أربع آيات تؤكد أن الله فضَّل بني اسرائيل على العالمين وجعل فيهم أنبياء وجعلهم ملوكاً.. فتعال معي لنقرأ آيات القرآن.

” يابي اسرائيل أذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ” (سورة البقرة 2: 47).

” يابني اسرائيل أذكروا نعمتي عليكم وأني فضلتكم على العالمين ” (سورة البقرة 2: 122).

” ولقد آتينا بني اسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلنهم على العالمين ” (سورة الجاثية 45: 16).

” وإذ قال موسي لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وأتاكم مالم يؤت أحداً من العالمين. يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ” (سورة المائدة 5: 20و 21).

وبغير جدال أن الله تبارك اسمه فضّل بني اسرائيل على العالمين لأن المسيح الذي يسميه القرآن ” عيسي ابن مريم” الذي فتح طريق الخلاص للبشر بموته على الصليب، والذي أظهر بهذا الموت الكفاري كمال عدل الله وكمال رحمته وكمال نعمته، كان سيولد في بيت لحم فى أرض اسرائيل، ومن نسل داود النبي ملك اسرائيل.. ويُصلب فوق الجلجثة في أرض اسرائيل، وسوف يعود ثانية إلى أرض اسرائيل ” وتقف قدماه فى ذلك اليوم على جبل الزيتون ” (زكريا 14: 4).. وجبل الزيتون هو جبل قريب من أورشليم في اسرائيل.

 

ومميزاً حتى إنه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك ” (1 ملوك 3: 12). ووصل خبر حكمة سليمان إلى بلاد بعيدة.. أما المسيح فهو أعظم من سليمان، لأنه هو المكتوب عنه ” المدخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم ” (كولوسي 2: 3).. والمكتوب عنه أيضاً ” ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء ” (1 كورنثوس 1: 30)، وإنجيله مقدم للعالم كله.

 


الفصل الثالث


أعظم من جميع الأنبياء

كل دارس للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، يعرف بكل يقين أن يسوع المسيح أعظم من جميع الأنبياء.. وسوف نذكر فيما يلي الآيات التي تؤكد هذا الحق الثمين.

نقرأ في إنجيل متى الكلمات: ” ولما جاء يسوع إلي نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلاً: من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان؟ فقالوا: قوم يوحنا المعمدان. وآخرون إيليا. وآخرون إرميا أو واحد من الأنبياء. قال لهم: وأنتم من تقولون إني أنا؟ فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن الله الحي. فأجاب يسوع وقال له: طوبي لك يا سمعان بن يونا إن لحماً ودماً لم يعلِن لك لكن أبي الذي في السموات” (متى 16: 13-17).

لقد قال المسيح: ” كل شيء دُفع إليَّ من أبي. وليس أحد يعرف الابن إلا الآب.

ولا أحد يعرف الآب إلاّ الابن ومن أراد الابن أن يُعلِن له” (متى 11: 27).

وقد أعلن الآب حقيقة المسيح لبطرس، فقال بطرس للمسيح: ” أنت هو المسيح ابن الله الحي”.

البعيدون عن المسيح ظنوا أنه يوحنا المعمدان، أو إيليا، أو إرميا، أو واحد من الأنبياء. لكن بإعلان من الآب عرف سمعان بطرس أن المسيح هو ابن الله الحي.

هل تبحث عن  م التاريخ كنيسة الأقباط الأرثوذكس مذكرات في تاريخ الكنيسة 08

وباعتبار أن المسيح هو ابن الله الحي، فهو باليقين أعظم من جميع الأنبياء.

وبنوة المسيح لم تحدث في الزمان.. إنه ابن الله منذ الأزل.. نقرأ في سفر الأمثال الكلمات: ” من صعد إلى السموات ونزل؟ من جمع الريح فى حفنتيه؟ من صرّ المياه في ثوب؟ من ثبّت جميع أطراف الأرض؟ ما اسمه وما اسم ابنه إن عرفت؟” (أمثال 30: 4-6).

وبنوّة المسيح لا علاقة لها بالتناسل البشري.. فحاشا لنا أن يخطر ببالنا أن الله تزوّج العذراء وأنجب منها المسيح.. هذا تجديف مرفوض من أي مسيحي.

بنوّة المسيح تعني المساواة بالآب، فحين نقول أن فلاناً ابن خمسين سنة، فنحن نعني أن حياته تساوي خمسين سنة.

وبنوّة المسيح تعني الانتساب إلى الآب، فنحن نسمِّي المصري ابن مصر، والإنجليزي ابن التيمس، والسوري ابن سوريا.. والبنوّة هنا تعني الانتساب والارتباط.

فالمسيح هو ابن الله الأزلي إذ تُحتِّم الأبوّة الأزلية بنوّة أزلية، وهو مساو للآب في الوجود والصفات، لذلك قال: ” أنا والآب واحد” (يوحنا 10: 30)، وهو من ذات طبيعة الآب ” لأنه فيه سُرَّ أن يحل كل الملء” (كولوسي 1: 19)، فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً (كولوسي 2: 9).

ولأن المسيح هو ابن الله فهو باليقين أعظم من جميع الأنبياء.

 

· المسيح أعظم من موسي

مع أن المسيح كان مثل موسي فى كثير من أوجه الشبه باعتباره ابن الإنسان، إلا أنه كان أعظم من موسي باعتباره ابن الله، وعن هذا يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: “من ثم ايها الاخوة القديسون شركاء الدعوة السماوية لاحظوا رسول اعترافنا ورئيس كهنته المسيح يسوع.حال كونه اميناً للذي اقامه كما كان موسى ايضاً في كل بيته فإن هذا قد حُسب أهلاً لمجد اكثر من موسى بمقدار ما لباني البيت من كرامة اكثر من البيت. لان كل بيت يبنيه انسان ما ولكن باني الكل هو الله. وموسى كان اميناً في كل بيته كخادم شهادة للعتيد ان يُتَكلّم به واما المسيح فكابن على بيته. وبيته نحن ان تمسّكنا بثقة الرجاء وافتخاره ثابتة الى النهاية”

(عبرانيين 3: 1-6).

 

· المسيح أعظم من الملك سليمان

قال المسيح وهو الصادق الأمين: ” ملكة التيمن (ملكة سبأ) ستقم فى الدين مع هذا الجيل وتدينه. لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان. وهوذا أعظم من سليمان ههنا” (متى 12: 44).

أعطى الله الملك سليمان قلباً حكيماً ومميزاً إذ قال له: ” هوذا أعطيتك قلباً حكيماً

 

ومميزاً حتى إنه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك ” (1 ملوك 3: 12). ووصل خبر حكمة سليمان إلى بلاد بعيدة.. أما المسيح فهو أعظم من سليمان، لأنه هو المكتوب عنه ” المدخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم ” (كولوسي 2: 3).. والمكتوب عنه أيضاً ” ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء ” (1 كورنثوس 1: 30)، وإنجيله مقدم للعالم كله.

 

· المسيح أعظم من يونان:

قال المسيح: ” رجال نيوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لأنهم تابوا بمناداة يونان وهوذا أعظم من يونان ههنا” (متى 12: 41).

لقد قضي يونان ثلاثة أيام وثلاث ليال في بطن الحوت بسبب عصيانه للأمر الإلهي. أما المسيح فقد مات على الصليب، وقضي في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال بسبب عصيان البشرية، فهو أخذ مكان العصاة حين مات على الصليب، وهو بعمله الفدائي أعظم من يونان.

 

· المسيح أعظم من يوحنا المعمدان:

قال المسيح عن يوحنا المعمدان: ” الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان ” (متى 11: 11). وقال عنه أيضاً أنه ” أفضل من نبي ” (متى 11: 9).

وقال يوحنا المعمدان عن المسيح: ” أنا أعمد بالماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه. هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه ” (يوحنا 1: 26و 27).

” وشهد يوحنا قائلاً إني قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه. وأنا لم أكن أعرفه. لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله ” (يوحنا 1: 32-34).

” ينبغى أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع.. الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع ” (يوحنا 3: 30-31).

والمسيح جاء من السماء وهذه كلماته إلى نيقوديموس رئيس اليهود ” ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء ” (يوحنا 3: 13).

المسيح أعظم من يوحنا، لأن يوحنا كان أفضل من نبي.. أما المسيح فهو ابن الله الذي نزل من السماء.

 

المسيح أعظم من موسى.

وأعظم من الملك سليمان.

وأعظم من يونان.

وأعظم من يوحنا المعمدان.

وهو مع هذا كله أعظم من الهيكل.. إذ قال بفمه الصادق: ” ولكن أقول لكم ههنا أعظم من الهيكل ” (متى 12: 6)., وليس أعظم من الهيكل إلا الرب الساكن في الهيكل.

سيأتي اليوم الذي يقف فيه الناس جميعاً أمام المسيح ليعطوا حساباً عن آثامهم وخطاياهم.

” لأن الآب لا يدين أحداً بل قد أعطي كل الدينونة للابن. لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب. ومن لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله” (يوحنا 5: 22و 23).

ويصور سفر رؤيا يوحنا يوم عودة المسيح ويوم الدينونة فيقول:

” ثم رأيت السماء مفتوحة، وإذا فرس أبيض والجالس عليه يُدعى أميناً وصادقاً وبالعدي يحكم ويحارب. وعيناه كلهيب نار وعلى رأسه تيجان كثيرة وله اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو. وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويُدعى اسمه كلمة الله. والأجناد الذين في السماء كانوا يتبعونه على خيل بيض لابسين بزاً أبيض ونقياً. ومن فمه يخرج سيف ماض لكي يضرب به الأمم. وهو سيرعاهم بعصا من حديد وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء. وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب: ملك الملوك ورب الأرباب ” (رؤيا يوحنا 19: 11-16).

” ثم رأيت عرشاً عظيماً أبيض والجالس عليه الذي من وجهه هربت الأرض والسماء ولم يوجد لهما موضع! ورأيت الأموات صغاراً وكباراً واقفين أمام الله وانفتحت أسفار. وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم. وسلم البحر الأموات الذين فيه وسلم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما ودينوا كل واحد بحسب أعماله. وطُرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني وكل من لم يوجد مكتوباً في سفر الحياة طُرح في بحيرة النار” (رؤيا 20: 11-15).

هذه هي صورة يوم الدينونة الرهيب

يوم تكشف الأسرار

وتفضح الخفايا

ويقف العظيم والحقير عرايا أمام الله ديان الجميع.

ويا له من يوم رهيب..

وإذا سألت كيف أنجو من هذا الموقف العصيب، وهذه النهاية المخزية والمخيفة؟!

تقول لك كلمة الله الصادقة:

” آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص” (أعمال 16: 31).

” الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية. والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله ” (يوحنا 3: 36).

إنها آخرتك، فلا تسمح للتعصب أن يعمي عينيك بل افتح قلبك للمسيح الذي قال وكلامه حق:

” أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي فى الظلمة بل يكون له نور الحياة ” (يوحنا 8: 12).،

واتبع المسيح الذي يناديك:

” تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم” (متى 11: 28).

وهو بكل يقين سيريحك من ثقل خطاياك، ويهبك غفراناً تاماً لكل آثامك، ويرشدك إلى طريق السلوك السوي في الحياة، ويضمن لك ضماناً كاملاً.. الحياة الأبدية في السماء الجديدة والأرض الجديدة (2 بطرس 3: 13).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي