وحى من جهة بلاد العرب
(إشعياء 21: 13-17)
13 وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ.
14 هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ.
15 فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ.
16 فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ
17 وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ».
يحاول المسلم تلفيق نبؤة إشعياء النبى عن بلاد العرب على انها تخص هجرة محمد لاسلام من مكة الى المدينة.
الرد:
الشرح البسيط جدا لهذه النبؤة نرى فيها مايلي:
اولا: نتفق انها تخص بلاد العرب المذكورين في النبؤة (الددانيين وسكان ارض تيماء وقيدار)
ثانيا: جاءت هذه النبؤة في سياق عدة نبؤات تبدأ بالجملة (وحي من جهة) وتبدأ بالنبؤة الخاصة بمملكة بابل (راجع النبؤات من سفر اشعياء نفسه الاصحاحات من 15 الى 23) وخاصة بداية الاصحاح نفسه التي تبدأ بالجملة (وحي من جهة برية البحر) اي البلد التي تقع على الخليج الفارسي (او العربي) والمقصود بها مملكة بابل (اختارت بعض الترجمات ان تكتب ” وحي من جهة بابل”).
ثالثا: كل هذه المدن المذكورة هي الواقعة على خط تجارة بابل مع المدن المحيطة حولها (راجع حزقيال 27: 21)
رابعا: النبؤة تعطي لزمن تحقيقها مدة سنة (كسنة الاجير) تحسب هذه السنة من زمن اطلاق النبؤة على فم النبي اشعياء.
خامسا: النبؤة في اجمالها تخبر المدن المحيطة ببابل بملاقاة الهاربين اليها بالخبز والماء، فهي تتكلم عن هجوم يقع على هذه البلاد وبدراسة النبؤات المتتابعة لاشعياء نفهم ان الهجوم من بابل على اورشليم هو الغاية المقصودة من النبؤات، فهم المعنيين بتلقي النبؤة والتحذر منها.
سادسا: النبؤة ايضا تكررت على لسان النبي ارميا، فذكرت كل البلاد التي يشملهم الهجوم الواقع من مملكة بابل على كل البلاد المحيطة بهم، (راجع ارميا 25: 9 – 27)، اضع هنا بداية الفقرة التي تتكلم عن ارسال الله لمملكة بابل، ثم اسماء الشعوب التي سوف يهجم عليها، لاحظ ان بلاد العرب واورشليم من ضمن المعنيين بهذه النبؤة في نفس التوقيت وبنفس المملكة (بابل) وبنفس الملك (نبوخذنصر).
(إرميا 25: 9 – 27)
9 هانذا ارسل فآخذ كل عشائر الشمال يقول الرب والى نبوخذراصر عبدي ملك بابل وآتي بهم على هذه الارض وعلى كل سكانها وعلى كل هذه الشعوب حواليها فاحرمهم واجعلهم دهشا وصفيرا وخربا ابدية.
15 لانه هكذا قال لي الرب اله اسرائيل.خذ كاس خمر هذا السخط من يدي واسق جميع الشعوب الذين ارسلك انا اليهم اياها.
16 فيشربوا ويترنحوا ويتجننوا من اجل السيف الذي ارسله انا بينهم
17 فأخذت الكاس من يد الرب وسقيت كل الشعوب الذين ارسلني الرب اليهم.
18 اورشليم ومدن يهوذا وملوكها ورؤساءها لجعلها خرابا ودهشا وصفيرا ولعنة كهذا اليوم.
19 وفرعون ملك مصر وعبيده ورؤساءه وكل شعبه.
20 وكل اللفيف وكل ملوك ارض عوص وكل ملوك ارض فلسطين واشقلون وغزة وعقرون وبقية اشدود
21 وادوم وموآب وبني عمون
22 وكل ملوك صور وكل ملوك صيدون وملوك الجزائر التي في عبر البحر
23 وددان وتيماء وبوز وكل مقصوصي الشعر مستديرا
24 وكل ملوك العرب وكل ملوك اللفيف الساكنين في البرية
25 وكل ملوك زمري وكل ملوك عيلام وكل ملوك مادي
26 وكل ملوك الشمال القريبين والبعيدين كل واحد مع اخيه وكل ممالك الارض التي على وجه الارض.وملك شيشك يشرب بعدهم.
27 وتقول لهم.هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل.اشربوا واسكروا وتقيأوا واسقطوا ولا تقوموا من اجل السيف الذي ارسله انا بينكم.
سابعا: النبؤة اذا لا تتحدث عن بلاد العرب وحدها الا ضمن مجموعة كبيرة من البلاد المحيطة بمملكة بابل والمعنية بالهجوم عليها والاستيلاء عليها في زمن وبواسطة ملك واحد هو (نبوخذ نصر) والذي ذكرت النبؤات اسمه تحديدا.
ثامنا: نفهم من الكتاب المقدس نفسه ان النبؤة الخاصة ببلاد العرب، قد تحققت بالفعل في مدة السنة من اطلاقها على فم اشعياء، ويخبر عن تحقيقها النبي ارميا (49: 28 – 30)
(ارميا 49: 28 – 30)
28 عن قيدار وعن ممالك حاصور التي ضربها نبوخذراصر ملك بابل.هكذا قال الرب.قوموا اصعدوا الى قيدار اخربوا بني المشرق.
29 يأخذون خيامهم وغنمهم ويأخذون لانفسهم شققهم وكل آنيتهم وجمالهم وينادون اليهم الخوف من كل جانب
30 اهربوا انهزموا جدا تعمقوا في السكن يا سكان حاصور يقول الرب لان نبوخذراصر ملك بابل قد اشار عليكم مشورة وفكر عليكم فكرا
ولذلك فالنبؤة لا تخص نبي من بلاد العرب ولا هجرة من مكة الى المدينة
فالموضوع اصبح الان واضح ان النبؤة عن هجوم مملكة بابل على المدن المحيطة بها (وتصادف ان بلاد العرب هي احدى هذه البلدان)، وقد اخبر الكتاب المقدس ان النبؤة تم تحقيقها في مدة سنة من اطلاقها.
ولقد وردت كلمة وحي على العربية في اشعياء 21: 13 في العبرية بمعنى من، بحسب، بشأن، على، لأجل، في ” ومن المعروف أن أي كلمة أو حرف في جملة يترجم حسب سياق الكلام والقرينة وليس حسب هوى المترجم وقد ترجمت في العربية ” من، بشأن، على ” وترجمت في أكثر من 20 ترجمة إنجليزية كذلك، كما ترجمت كذلك أيضا في الفرنسية والألمانية.. الخ وفيما يلي نماذج لذلك:
(
SVD
) وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ.
(
ALAB
) نبوءة بشأن شبه الجزيرة العربية: ستبيتين في صحاري بلاد العرب يا قوافل الددانيين،
(
GNA
) وحي على العرب: بيتوا في صحراء العرب، يا قوافل الددانيين!
(
JAB
) قول على العربة: في الغابة في العربة تبيتون يا قوافل الددانيين.
(ASV) The burden upon Arabia
.
(BBE) The word about Arabia
.!
(Bishops) The burthen concernyng Arabia
.
(CEV) This is a message for Arabs
(Darby) The burden against Arabia
.
(DRB) The burden in Arabia
.
(ESV) The oracle concerning Arabia
.
(FDB) L’oracle contre l’Arabie
.
(FLS) Oracle sur l’Arabie
.
(
Geneva
) The burden against
Arabia
.
(GNB) This is a message about
Arabia
.
(GW) This is the divine revelation about
Arabia
.
(INR) Oracolo contro l’Arabia
(IRL) Oracolo contro l’Arabia
(JPS) The burden upon
Arabia
.
(KJV) The burden upon
Arabia
.
(KJVA) The burden upon
Arabia
.
(KJVR) The burden upon
Arabia
(LITV) The burden of
Arabia
(MKJV) The burden against
Arabia
:
(RV) The burden upon
Arabia
.
(Webster) The burden upon
Arabia
.
(YLT) The burden on
Arabia
.
ولكن المعترض المسلم تمسك بكلمة “في” وقالوا أنها نبوة في بلاد العرب وأراد منها نبوة عن محمد نبي الإسلام!!
ونقول ليس هكذا تؤخذ النبوات فالنبوة يجب أن تكون واضحة لا غموض فيها فقد تنبأ العهد القديم بأكثر من 400 نبوة واضحة وصريحة عن المسيح لا غموض ولا لبس فيها مثل ولادته من عذراء وفي بيت لحم وثقب يديه ورجليه وموته نيابة عن البشرية وقيامته من الأموات.. الخ.
أما أن نلتقط كلمة من هنا وأخرى من هناك ونبذل جهدا خارقاً لمحاولة تطبيقها على شخص ما فهذه لا يمكن أن تكون نبوة على الإطلاق.
تقول النبوة المراد تزويرها وتصديرها لصالح محمد
(آيه 14) هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ.
أولاً: الأكل والشراب:
معنى هذا؛ يجب أن تنطبق على محمد وأبي بكر الصديق هذه النبوة حسب كلام الكاتب المعترض؛ وبالتالي؛ يجب أن يكون محمد في هجرته جائعاً خائراً من العطش؛ لأن النبوة تتكلم عن ملاقاة العطشان بالماء والهارب محتاج إلى خبزة.. فهل يا ترى كان هذا هو حال محمد ومن معه في الهجرة من مكة إلى المدينة كما يدعي المعترض؟؟!!!
لنقرأ ما تقوله لنا المراجع الإسلامية في هذا الشأن.
فقد ورد في السيرة النبوية لابن هشام في الجزء الأول وفي صفحة 486 و 487 الآتي:
(وَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ مَوْلَاهُ أَنْ يَرْعَى غَنَمَهُ نَهَارَهُ ثُمّ يُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا، يَأْتِيهِمَا إذَا أَمْسَى فِي الْغَارِ. وَكَانَتْ أَسَمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ تَأْتِيهِمَا مِنْ الطّعَامِ إذَا أَمْسَتْ بِمَا يُصْلِحُهُمَا؛ وَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَرْعَى فِي ُعْيَانِ أَهْلِ مَكّةَ، فَإِذَا أَمْسَى أَرَاحَ عَلَيْهِمَا غَنَمَ أَبِي بَكْرٍ فَاحْتَلَبَا وَذَبَحَا، فَإِذَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ غَدَا مِنْ عِنْدِهِمَا إلَى مَكَّة؛ اتّبَعَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ أَثَرَهُ بِالْغَنَمِ حَتّى يُعَفّي عَلَيْهِ حَتّى إذَا مَضَتْ الثّلَاثُ وَسَكَنَ عَنْهُمَا النّاسُ أَتَاهُمَا صَاحِبُهُمَا الّذِي اسْتَأْجَرَاهُ بِبَعِيرَيْهِمَا وَبَعِيرٍ لَهُ وَأَتَتْهُمَا أَسَمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا بِسُفْرَتِهِمَا)
أمامنا مشهد مختلف تماماً؛ فأسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام في كل مساء؛ بل والأكثر من ذلك فمحمد يُحلب له اللبن ويذبح له من الغنم.. إذن محمد كان يشرب ليس مجرد ماء وإنما حليبا طازجاً ويأكل لحماً خالصاً.. فكيف تكذبون على أنفسكم وتزورون الوحي المقدس؛ حتى ينطبق على محمد؛ وتحاولون إلصاق نبوة بها بشر عطاشى وجياع.. وها هو محمد يشرب اللبن ويأكل اللحم.. دائماً توقعون أنفسكم في متاهات وورطات لم تحسبوا لها حساب.. وبالمناسبة؛ هذه الأحداث واردة في الكثير من المراجع الإسلامية التي تناولت هجرة محمد من مكة إلى المدينة.
فمحمد وأبو بكر الصديق؛ لم يكونا في حالة عطش أو جوع؛ بل وكان معهما الكثير جداً من المال؛ حيث نقرأ في ذات المرجع السابق في الصفحة 486 – 489:
((عن أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ لَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ احْتَمَلَ أَبُو بَكْرٍ مَالَهُ كُلّهُ وَمَعَهُ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ أَوْ سِتّةُ آلَافٍ فَانْطَلَقَ بِهَا مَعَهُ . قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيْنَا جَدّي أَبُو قُحَافَةَ وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَقَالَ وَاَللّهِ إنّي لَا أَرَاهُ قَدْ فَجَعَكُمْ بِمَالِهِ مَعَ نَفْسِهِ . قَالَتْ قُلْت: كَلّا يَا أَبَتِ إنّهُ قَدْ تَرَكَ لَنَا خَيْرًا كَثِيرًا . قَالَتْ فَأَخَذْت أَحْجَارًا فَوَضَعْتهَا فِي كُوّةٍ فِي الْبَيْتِ الّذِي كَانَ أَبِي يَضَعُ مَالَهُ فِيهَا، ثُمّ وَضَعْت عَلَيْهَا ثَوْبًا، ثُمّ أَخَذْت بِيَدِهِ فَقُلْت: يَا أَبَتِ ضَعْ يَدَك عَلَى هَذَا الْمَالِ . قَالَتْ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ إذَا كَانَ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا فَقَدْ أَحْسَنَ وَفِي هَذَا بَلَاغٌ لَكُمْ . وَلَا وَاَللّهِ مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئًا وَلَكِنّي أَرَدْت أَنْ أُسَكّنَ الشّيْخَ بِذَلِكَ)).
ثانياً: شدة الحرب:
(14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ. 15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ.)
يعرض هنا الوحي المقدس لاسباب هروب المقصودين هنا في هذه النبوة؛ أنهم هاربون من شدة الحرب.. ويعبر عن شدة الحرب هذه بتعبير السيف المسلول والقوس المشدود.. وما دام المعترض يقول أن هذه النبوة تخص محمد في هجرته من مكة إلى المدينة؛ فالمتوقع إذن أن يكون محمد هارباً من شدة الحرب!!! وسؤالي للمعترض. اين الحرب التي خاضها محمد في هروبه هو وأبي بكر؟؟!!!
أين الحرب التي خاضها مع أهل قريش؟؟!!! وهل سيخوض الحرب هو وأبو بكر فقط أمام أهل قريش كلهم؟؟!!! طبعاً المراجع الإسلامية تخبرنا أنه لم يكن هناك حرب على الإطلاق خاضها محمد قبل هجرته.. ولا أظن أنك ستجد مرجعاً إسلامياً واحداً سيشفع لك في هذه الخرافة.
غير أننا نجد في السيرة النبوية لابن هشام في الصفحة 486 – 489 الآتي:
((قَالَ انْتَهَى رَسُولُ اللّهِ وَأَبُو بَكْرٍ إلَى الْغَارِ لَيْلًا، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَبْلَ رَسُولِ اللّهِ فَلَمَسَ الْغَارَ لِيَنْظُرَ أَفِيهِ سَبُعٌ أَوْ حَيّةٌ يَقِي رَسُولَ اللّهِ بِنَفْسِهِ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَأَقَامَ رَسُولُ اللّهِ فِي الْغَارِ ثَلَاثًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ فِيهِ حَيْنَ فَقَدُوهُ مِئَةَ نَاقَةٍ لِمَنْ يَرُدّهُ عَلَيْهِمْ . وَكَانَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَكُونُ فِي قُرَيْشٍ نَهَارَهُ مَعَهُمْ يَسْمَعُ مَا يَأْتَمِرُونَ بِهِ وَمَا يَقُولُونَ فِي شَأْنِ رَسُولِ اللّهِ وَأَبِي بَكْرٍ ثُمّ يَأْتِيهِمَا إذَا أَمْسَى فَيُخْبِرُهُمَا الْخَبَرَ.. فَإِذَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ غَدَا مِنْ عِنْدِهِمَا إلَى مَكَّة، اتّبَعَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ أَثَرَهُ بِالْغَنَمِ حَتّى يُعَفّي عَلَيْهِ حَتّى إذَا مَضَتْ الثّلَاثُ وَسَكَنَ عَنْهُمَا النّاسُ أَتَاهُمَا صَاحِبُهُمَا الّذِي اسْتَأْجَرَاهُ بِبَعِيرَيْهِمَا وَبَعِيرٍ لَهُ وَأَتَتْهُمَا أَسَمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا بِسُفْرَتِهِمَا.. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحُدّثْت عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنّهَا قَالَتْ لَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَتَانَا نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ أَبُو جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، فَوَقَفُوا عَلَى بَابِ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إلَيْهِمْ فَقَالُوا: أَيْنَ أَبُوك يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَتْ قُلْت: لَا أَدْرِي وَاَللّهِ أَيْنَ أَبِي؟ قَالَتْ فَرَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ وَكَانَ فَاحِشًا خَبِيثًا، فَلَطَمَ خَدّي لَطْمَةً طُرِحَ مِنْهَا قُرْطِي..))
وهكذا ستمر المراجع الإسلامية؛ تذكر لنا هروب محمد من مكة إلى المدينة دون أن يكون هناك أي حرب خاضها هو أو رفيقه أبو بكر.. لدرجة أنهم يسمونها (هجرة الرسول) وأرخوا سنتهم بإسم الهجرة؛ وليس أكثر من ذلك.. إذن يكذبون هؤلاء المشككين؛ أليس كذلك؟؟!!! نعم هم كذلك.
ثالثاً: المعنى الحقيقي للنبوة: =
هنا ويبقى لنا بعد أن أثبتنا فساد التزوير الذي قاموا به؛ علينا أن نقدم التفسير الصحيح لهذه النبوة التي ارادوا تزويرها لصالح محمد..
فالوحي المقدس يقول: (وحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. 14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ. 15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ. 16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ»).
الكثير من النبوات لها مدلولان نبويان.. واحد في زمني والآخر نبوي.. وسأكتفي هنا أن أعرض مدلولها الزمني المقصودة منه.. هذه النبوة قيلت في القرن الثامن قبل الميلاد على فم اشعياء النبي.. والوحي المقدس واضح جداً؛ فبعد أن قال النبوة؛ حدد فترة وقوعها فقال: («فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ»).
إذن فهذه الأحداث وقعت بعد سنة واحدة فقط من النطق بالنبوة.. وقد حددها بسنة أجير؛ أي أنها سنة حرفية وليست رمزية.. فهي 12 شهراً.. إذن بعد أن نطق اشعياء بسنة واحدة بهذه النبوة؛ جاءت دولة أشور على كل المنطقة بما فيها بلاد العرب ودمرتها وسحقت من فيها واستعبدتهم.. وهرب من هرب من شدة الحرب ومن السيف المسلول ومن القوس المشدود.. أي سيف دولة أشور.. وهكذا كان الوحي المقدس دقيقاً لأبعد الحدود حيث أنه حدد الزمن؛ أن هذا الأمر سيقع بعد سنة من نطق اشعياء النبي بها..
إذن هذه الأحداث وقعت في القرن الثامن قبل الميلاد؛ فكيف يريدون تزويرها وتحويلها إلى القرن السادس بعد الميلاد.. يعني يحاولون القفز بها حوالي 14 قرناً من الزمان؛ هو عمر الإسلام!!!
فعلا فقد تحققت النبوة بهجوم سرجون (وهو لقب يطلق على الملك في ايام اشور) بالهجوم على العرب وهذة المناطق بعد سنة واحدة من نبؤة اشعياء
