أكل كعك الشعير بالخراء

(حزقيال 4: 12-15)

12وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ”.

13وَقَالَ الرَّبُّ: “هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ”.

14فَقُلْتُ: “آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ, هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً, وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ”.

15فَقَالَ لِي: “اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ”.

هل أمر الله حزقيال النبى أن يأكل كعك الشعير بالخراء؟


هل يأمر الله البشر بأكل البراز!!!


؟


 


الرد:

(حزقيال4: 12)
وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ».

أولا البراز أو الخرء هو الفضلات التي تخرج من الإنسان أو الحيوان بعد عملية الهضم، وهي بالإنجليزية
Dung

سنبدأ الحديث عن البراز والفضلات الحيوانية واستخداماتها، ثم ننتقل إلى الحديث عن فضلات الإنسان.

 

براز الحيوانات:

كان له استخدامان أحدهما لا يستخدمه اليهود:


أولا: كانت تُستخدم الفضلات في التسميد (وهذا الاستخدام استخدمه اليهود بالفعل)

فقد كان يؤخذ هذا البراز ويتم خلطة بالماء وبالقش أو التبن لكي يتفكك ثم تُغذى به التُربة للتسميد.

ونقرأ تشبيه لهذا عن موآب:

(أشعياء25: 10) لأَنَّ يَدَ الرَّبِّ تَسْتَقِرُّ عَلَى هذَا الْجَبَلِ، وَيُدَاسُ مُوآبُ فِي مَكَانِهِ كَمَا

يُدَاسُ التِّبْنُ فِي مَاءِ الْمَزْبَلَةِ

.

ونقرأ في المزامير:

(مزمور83: 10)

بَادُوا فِي عَيْنِ دُورٍ. صَارُوا دِمَنًا لِلأَرْضِ

.”

دمنا: معناها فضلات او سماد

ونقرأ أيضا في كتاب أشعياء:

(أشعياء5: 25) مِنْ أَجْلِ ذلِكَ حَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى شَعْبِهِ، وَمَدَّ يَدَهُ عَلَيْهِ وَضَرَبَهُ، حَتَّى ارْتَعَدَتِ الْجِبَالُ وَصَارَتْ جُثَثُهُمْ

كَالزِّبْلِ فِي الأَزِقَّةِ

. مَعَ كُلِّ هذَا لَمْ يَرْتَدَّ غَضَبُهُ، بَلْ يَدُهُ مَمْدُودَةٌ بَعْدُ.”

وقد كان يتم جرف هذه الفضلات من الشوارع والأزقة وتوضع في أكوام في أماكن ثابتة خارج الأسوار، ويُسمى

باب الدمن (باب الفضلات)
كالذي كان موجودا في أورشليم كما نقرأ في كتاب نحميا:

(نحميا2: 13)

وَخَرَجْتُ مِنْ بَابِ الْوَادِي

لَيْلاً أَمَامَ عَيْنِ التِّنِّينِ

إِلَى بَابِ الدِّمْنِ

، وَصِرْتُ أَتَفَرَّسُ فِي أَسْوَارِ أُورُشَلِيمَ الْمُنْهَدِمَةِ وَأَبْوَابِهَا الَّتِي أَكَلَتْهَا النَّارُ.”

ثم تؤخذ هذه الأكوام لكي تُوضع وتُرش بها الحقول.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر زكريا 06

 

ويوضع هذا السمار في حُفر تُحفر حول جذور النبات إلى يومنا هذا كما نقرأ في:

(لوقا13: 8) فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّدُ، اتْرُكْهَا هذِهِ السَّنَةَ أَيْضًا،

حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلَهَا وَأَضَعَ زِبْلاً.”

كان هذا هو الإستخدام الاول لفضلات الحيوانات، التي كانت تُجمع.

 


ثانيا: كانت الفضلات تُستخدم كوقود بعد تجفيفها، وهذا كان مرفوضا ونجسا بالنسبة لليهود، بالرغم من انتشاره في جميع البلدان الشرقية

نظرا لعدم توافر وقو في البلدان الشرقية دائما، فقد كانت الشعوب تُجفف فضلات الحيوانات وتستخدمها كوقود بدلا من الأخشاب، وقد كانت تُستخدم في إحماء الأفران لإتمام عملية الخبز.

لنتذكر هذه النقطة، لأننا سنستخدمها عندما نصل لشرح العدد المُراد..

 

بعد هذه الخلفية الفكرية عن استخدامات البراز والفضلات الحيوانية، دعونا ننتقل إلى مطالعة الإصحاح الرابع من كتاب حزقيال الذي احتوى على العدد الذي نناقشه:

(حزقيال4: 12)
وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ».

 

لنتأمل الإصحاح من بدايته:

(حزقيال4: 1-3)”
1 «وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ لِبْنَةً وَضَعْهَا أَمَامَكَ، وَارْسُمْ عَلَيْهَا مَدِينَةَ أُورُشَلِيمَ. 2 وَاجْعَلْ عَلَيْهَا حِصَارًا، وَابْنِ عَلَيْهَا بُرْجًا، وَأَقِمْ عَلَيْهَا مِتْرَسَةً، وَاجْعَلْ عَلَيْهَا جُيُوشًا، وَأَقِمْ عَلَيْهَا مَجَانِقَ حَوْلَهَا. 3 وَخُذْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ صَاجًا مِنْ حَدِيدٍ وَانْصِبْهُ سُورًا مِنْ حَدِيدٍ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ، وَثَبِّتْ وَجْهَكَ عَلَيْهَا، فَتَكُونَ فِي حِصَارٍ وَتُحَاصِرَهَا.

تِلْكَ آيَةٌ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ

.”

أي أن الله هنا يُكلم حزقيال ويخبره بأن يصنع محاكاه لحصار ما سيتعرض له اسرائيل “
فَتَكُونَ فِي حِصَارٍ وَتُحَاصِرَهَا”

ثم ننتقل في الأعداد التالية لنقرأ:

(حزقيال4: 10-11)” 10 وَطَعَامُكَ الَّذِي تَأْكُلُهُ يَكُونُ بِالْوَزْنِ. كُلَّ يَوْمٍ عِشْرِينَ شَاقِلاً. مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ تَأْكُلُهُ. 11 وَتَشْرَبُ الْمَاءَ بِالْكَيْلِ، سُدْسَ الْهِينِ، مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ تَشْرَبُهُ.”

 

هذه الأعداد تصف وضع حادث فيه مجاعة شديدة، أي أن الإسرائيليين في هذا الحصار ستواجههم مجاعة شديدة .

الشاقل يكافيء 10 جرام

وعشرين شاقل = 200 جرام من الطعام في اليوم … وهذا دليل على الجوع الشديد الذي سيحل على الإسرائيليين.

وبالنسبة للماء، فيقول الوحي:
وَتَشْرَبُ الْمَاءَ بِالْكَيْلِ، سُدْسَ الْهِينِ

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر العدد 30

الهين يكافيء 3.8 لتر، وسدس الهين يكافيء 6. لتر ماء، وسدس لتر ماء في اليوم هو كم قليل جدا.

 

ولتوكيد أمر المجاعة ننقل آخر عددين من هذا الإصحاح:

(حزقيال4: 16-17)” 16 وَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ،

هأَنَذَا أُكَسِّرُ قِوَامَ الْخُبْزِ

فِي أُورُشَلِيمَ،

فَيَأْكُلُونَ الْخُبْزَ بِالْوَزْنِ

وَبِالْغَمِّ،

وَيَشْرَبُونَ الْمَاءَ بِالْكَيْلِ

وَبِالْحَيْرَةِ، 17

لِكَيْ يُعْوِزَهُمُ الْخُبْزُ وَالْمَاءُ

، وَيَتَحَيَّرُوا الرَّجُلُ وَأَخُوهُ وَيَفْنَوْا بِإِثْمِهِمْ».”

كل هذه التعبيرات تدل على المجاعة الشديدة:

1-
         


 كسر قوام الخبز

2-
         


يأكلون الخبز بالوزن

3-
         


يشربون الماء بالكيل

4-
         


يعوزهم الخبز والماء

 

إذن سيحدث حصار للمدينة وهذا الحصار سيطول، وسينتج عنه إنتهاء الخشب والفحم داخل اسرائيل، ولن يجدوا ما يستخدموه في إشعال الأفران لعمل الطعام والخبز… وهنا يأتي دور العدد، الذي هو محور المقال:

(حزقيال4: 12) وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ».

 

أي أنه نتيجة لعدم توافر مادة تُستخدم في احمار الأفران وإشعالها كالخشب أو الفحم، فإن اليهود سيضطرون إلى استخدام برازهم وفضلاتهم في إشعال هذه الأفران، وهذا الفعل لطالما اعتبروه نجاسة، ولم يقوموا باستخدامه على عكس بقية الشعوب الشرقيه الذين استخدموا الفضلات في احماء الأفران..

 

ثم يتبعه الوحي بالعدد القائل:

(حزقيال4: 13) وَقَالَ الرَّبُّ: «هكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ».

نفهم من العددين 12،13 أن الحصار اليهودي سيؤدي إلى حدوث مجاعة شديدة، وسيؤدي إلى نفاذ جميع موارد اليهود، حتى أنهم لن يجدوا ما يشعلوا به الأفران كالخب وغيره، وسيضطروا إلى استخدام برازهم الشخصي كبقية الشعوب .

بالإضافة إلى أنهم سيتشتتون وسط الأمم التي اعتبروها نجسة، وسيأكلوا طعامهم بالطريقة النجسة أيضا.

 

وتجد أن حزقيال يقول لله:

(حزقيال4: 14) فَقُلْتُ: «آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً، وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ».

فقال له الله:

(حزقيال4: 15) فَقَالَ لِي: «اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ، فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ».

أي أن الله هنا بدل لحزقيال براز الإنسان ببراز البقر لكي يستخدمه في احماء الفرن.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ج جدال مجادلة ة

 

كأدلة إضافية نحلل النص حرفيا لنفهم ونؤكد للقاريء أن المقصود هو استخدام الفضلات والبراز في إحماء الفرن وليس في خلطها بالطعام:

(حزقيال4: 12)
وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ».

 

لتوضيح النص نقسمه بهذه الطريقة:

تأكل كعكا من الشعير، تخبزه أمام عيونهم، على الخرء الذي يخرج من الإنسان.

 

يقول الكتاب تخبز على ..

أعتقد أن هذا السؤال لا يصمد أمام القراءة المتأنية حتى، ولذلك لن أطيل أكثر من هذا في مناقشة هذا السؤال ..

يعتبر اليهود البراز هو نجاسة، وبراز الإنسان هو نجس اكثر من براز الحيوان.

وعندما قال الله لحزقيال أن يخبز أمام بني اسرائيل الخبز على براز البقر، فهو نجس أيضا ولكن نجس بدرقة اقل من براز الإنسان في الفكر اليهودي.

أي أن مسألة البراز بشكل عام، براز الإنسان أو براز الحيوان تفيد النجاسة التي سيصبح فيها اليهود، ومشابهتهم لبقية الدول الشرقية الأخرى

كما يفيد طول الحصار ونفاذ مواردهم تماما

ويفيد أنهم سيتشتتوا أيضا بين الأمم ويتنجسوا بنجاساتهم.

 

تلخيص لما جاء في البحث:

1-
         


البراز كان يُستخدم كسماد طبيعي للأراضي الزراعية،وهذا كان معروف لدي اليهود والدول الشرقية جميعا

2-
         


البراز كان يستخدم كوقود لإشعال الأفران لطهي الطعام، كانت الدول الشرقية تستخدمة، ولكن اليهود كانوا يعتبرونه نجاسة

3-
         


كان اليهود يستخدمون الأخشاب والفحم في إشعال الأفران

4-
         


كان الله يُخبر اليهود بأنهم سيتم حصارهم، وأنه من شدة الحصار ستحدث مجاعة قوية

5-
         


سيطول الحصار لدرجة نفاذ كل موارد اليهود وعدم وجود ما يشعلوا به الأفران

6-
   


سيستخدم اليهود نظرا للمجاعة والحصار، البراز في إشعال الأفران وهذا دليل على طول الحصار وعلى النجاسة التي سيصبحون بها

 

References
:

1-
         


American Tract Society Bible Dictionary

2-
         


Fausset’s Bible Dictionary

3-
         


Easton’s Bible Dictionary

4-
         


Smith’s Bible Dictionary

5-
         


Ken Carson , Survey Of The Old Testament, Prophet Ezekiel

6-
         


معجم الألفاظ العسرة، سعيد مرقص

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي