سفر المكابيين الأول

عرف سفر المكابيين أولاً بسفر الحشمونيين و السبب في ذلك هو أن عائلة يهوذا المكابي كانت تسمى عائلة بني حشمناي أو العائلة الحشمونية.

هناك آراء عن تفسير كلمة “المكابي”، فرأى يقول أن كلمة “مكابي” مشتقة من الكلمة العبرية “كابا” ومعناها “أباد” أو “أتلف”وذلك في إشارة إلى أن المكابيين أبادوا أعدائهم، ورأى آخرون أن الكلمة مشتقة من “مخابي” ومعناها “الجراح” أو “العذبات” نسبة إلى ما ألحقوه بأعدائهم، بينما يرى فريق ثالث أن الكلمة مشتقة من اللفظ “مخابا” أي “مخبأ” لأن بني حشمناي اختبئوا أولاً في الجبال والمغائر هرباً من أعدائهم.

 

الأسفار الأخرى المسماة أيضاً بالمكابيين:

ظهرت بعض الكتب الأخرى المسماة بالمكابيين أيضاً، غير أن أي من الكنائس لم تعترف بها، وقد سميت خطأ بهذه التسمية، فهي لا تخص المكابيين بل تورد أخباراً ونقاشات لقضايا تشبه ذلك المعنى بها سفري المكابيين القانونيين.

ولعل كلمة المكابيين قد أطلقت بشكل عام للدلالة على كل من يضطهد لأجل الإيمان اليهودي. وهذه الأسفار الثلاثة ليست قانونية ورغم أنها تحتوي على بعض المعلومات التاريخية السليمة إلا إنها مليئة بالأغلاط والأساطير والمفارقات.

 

كاتب سفر المكابيين الأول:

الكاتب يهودي من فلسطين تقي غير متعصب وهو شاهد أمين لأحداث السفر نظراً لوقوفه على كافة الأحداث وجغرافية المكان بدقة وهو مشبع بروح وطنية، و أما عن أسلوبه في الكتابة فهو بسيط وصريح يحمل على الثقة بكتابه دون أن يترك مجالاً للشك.

 

كاتب سفر المكابيين الثاني:

من الضروري أن نعرف أولاً أن سفر المكابيين الثاني ليس تلخيصاً للأول ولكنه تلخيص للمؤلفات التي وضعها “ياسون القيريني”(القيرواني) وهو يهودي سكندري من شتات القيروان. فليس هناك دليل على صحة ما قيل عن أن الكاتب ربما كان يهوذا المكابي نفسه أو يوسيفوس. ولكن المرجح أن الكاتب هو أحد أبناء أو أحفاد “هركانوس” والذي أراد أن يجعل لعائلته اسماً.

 

تاريخ كتابة السفر:

من المؤكد أن السفر كتب قبل سنة 63ق.م حين أصبحت اليهودية ولاية رومانية. ومع ذلك فلا مانع من أن يكون الكاتب قد بدأ عمله في أيام سمعان، فيبدوا من خلال كتاباته أنه شاهد عيان , وأنه معاصر للشخصيات الرئيسية في الأحداث والتي يشير فيها إلى أن فترة حكم سمعان كانت فترة سلام.

 

اللغة الأصلية للسفر:

يجمع العلماء والنقاد على أن سفري المكابيين قد كتب أولاً بالعبرية. ويؤكد القديس جيروم والعلامة أوريجانوس عبرية السفر أو أنه قد كتب بالآرامية الفلسطينية الشائعة في ذلك الوقت.

 

قانونية السفر:

1- رفض اليهود الأسفار القانونية الثانية ومنها سفري المكابيين لكونهم لم يجدونها في الأصل العبري، مع أنه أتضح بالأدلة العلمية والتاريخية أن جميع الترجمات المتاحة حالياً لها أصل عبري مفقود، أما من جهة اللغة العبرية والتي يشترط اليهود أن تكون الأسفار مكتوبة بها أصلاً فهم يعتبرونها “لغة الوحي” أو “لغة السماء” أو “اللسان المقدس”.

 

 2- ومن المجامع التي أقرت قانونية سفري المكابيين: –

أ-مجمع نيقية سنة 325م

ب-مجمع هيبو سنة 393م.

ج-مجمع قرطاج الثالث سنة 397م.

د-مجمع قرطاج الثاني سنة 419م.

ه-مجمع ترنت للكاثوليك سنة 1545م.

و-مجمع القسطنطينية لليونان الأرثوذكس سنة 1672م.

 

3- من القديسين الذين شهدوا بقانونية سفري المكابيين:

• القديس كليمندس السكندري – العلامة ترتليان – القديس كبريانوس – العلامة أوريجانوس – القديس باسيليوس الكبير – القديس أثناسيوس الرسولي – القديس أغسطينوس – القديس يوحنا فم الذهب – القديس مار افرام السرياني.

 

4-اقتباسات العهد الجديد من السفر:

“لأنه هو سلامنا الذي جعل الاثنين “أمر ألكيمس أن يهدم حائط الفناء واحداً ونقض حائط السياج المتوسط.” الداخلي للقدس فهدم أعمال الأنبياء

(أفسس14: 2). وشرع في التدمير.”(1مكا54: 9).

 

“وكان هناك في البرية أربعين “فتجلى رب الأرواح وكل سلطان تجلياً يوماً يجرب من الشيطان”. عظيماً.”

(2مكا24: 3). (مرقس13: 1).

 

“وظهر له ملاك من السماء “إذ تراءى من يرى كل شيء فأسرعوا يقويه”.

(لوقا43: 22). إلى الفرار”.(2مكا22: 12).

وهناك الكثير من هذه الاقتباسات.

 

الأدلة الخارجية لقانونية السفر:

سفرا المكابيين الأول والثاني هما آخر أسفار التوارة وقد جاءا ضمن قائمة الأسفار القانونية للعهد القديم الوارده في قوانين الرسل. أنظر القانون (رقم 85)، والتي أثبتها الشيخ “الصفي بن العسال” في كتابه (مجموعة القوانين-الباب الثاني). وورد السفران في الترجمة السبعينية للتوارة التي تمت في الأسكندرية عام 280 ق.م، والتي مازالت أقدم نسخها الخطية موجودة حتي الآن، وهي النسخه السينائية والنسخة السكندرية والنسخة الفاتيكانية، وكلها تقريباً من القرن الرابع الميلادي. وقد قال القديس مارأفرام إن سفري المكابيين الأول والثاني كانا موجودين في الترجمة السيريانية علاوه علي وجودهما في الترجمة اليونانية السبعينية. (راجع كتاب مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب طبعة 1919 ص 167). هذا وقد جاء ذِكْر هذين السفرين في الترجمة القبطية بلهجاتها المختلفة، وهي أقدم التراجم بعد السبعينية. كما ذكِرَ هذان السفران أيضاً في نسخة توراه (الفولجاتا)، وهي نسخة التوراه القديمة المعتمده لدي الكنيسة الكاثوليكية. هذا وقد أشرنا سابقاً (وعلي وجه التحديد في المقدمة العامة للآسفار القانونية التي كتبناها في صدر الكتاب الأول من هذه السلسلة-طوبيا..) الي المجامع العديدة التي أقرت صحة هذين السفرين وكذا صحة باقي مجموعة الأسفار القانونية الثانية التي حذفها البروتستانت.

هذا وبرغم تنكُّر البرتستانت لصحة هذين السفرين، فقد ورد في بعض كتبهم ما يشير الي عظمة محتوي السفرين. فقد جاء في كتابهم (مرشد الطالبين الي كتاب الحق الثمين-طبعة بيروت 1937 صفحة 303) عن سفر المكابيين الأول أنه (يحتوي مواد تاريخية عظيمة الآهمية)، كما جاء في نفس الكتاب صفحة 306 (يروي هذا السفر الجهاد الباسل الذي قام به خمسة أبناء ميتاس الكاهن علي ملوك سورية وإستمر ثلاثاً وثلاثين سنة من عام 168 حتي 135 ق.م). أمَّا عن سفر المكابيين الثاني فقد وصفة نفس المرجع السابق ص 307 بقولة (يتضمن هذا السفر التاريخ اليهودي من حوالي 175 إلي سنة 160 ق.م مسبوقاً برسالتين من السلطة الكهنوتية في أورشليم الي اليهود الذين في مصر تحثهم علي إعتبار الهيكل علي جبل صهيون مركز الخدمة الدينية وتدعوهم الي حضور عيد التدشين).

والقسم التاريخي الذي يصف الإضطهاد الشديد الذي جري في عهد (انطيوخوس أبيخانوس) وما جري ليهوذا وإنتصاره في كتاب البروستانت (جغرافية الكتاب وتاريخة-تأليف تشارلس فوستر كنت-طبعة بيروت سنة 1923- صفحة 181-208) يستشهد الكاتب في أقواله بالكثير مما تضمنه هذان السفران. وعلي سبيل المثال يتحدث الكاتب فيما يذكره (أسباب حرب المكابيين ص 183، 184) عن نفس ما ورد في الاصحاح الأول من سفر المكابيين الأول وفي صفحتي 184، 185 يتحدث الكاتب فيما ذكره (مودين-الشرارة الأولي للعصيان) عن نفس ماورد في 1مك 2 وفي 185، 186 حيث يتحدث عن (أخلاق يهوذا وعمله وعقبة بيت حوردن) يستشهد بما جاء في 1مك 3 وهكذا نجد الكاتب يملأ صفحات كتابه من 181-208 بأحاديث منقولة نقلاً مباشراً تقريباً وبترتيب متطابق ليس فيه أعمال أو إجتهاد عن سفري المكابيين بما لا يدع مجالاً للشك أن الكاتب يثق كل الثقة في قانونية وصدق وصحة هذين السفرين اللذين تتفق الحوادث والأماكن والأشخاص والمواقيت الموجودة فيهما مع الحقيقة المجردة المتعارف عليها ومع ماهو منطبع في ذهن الكاتب المؤرِخ من دقائق عِلمية وتاريخية وجغرافية، وهناك دلائل كثيرة تؤكد صحة هذين السفرين وقانونيتها.. ذلك أن الكثير من آباء الكنيسة من قديسي الأجيال الأولي قد إستشهدوا في كتبهم وعظاتهم وكتاباتهم إستشهاداً مباشراً مما ورد فيها. فالقديس أغريغوريوس الثاؤلوغوس كتب مقالاً عن سفري المكابيين، ويوحنا فم الذهب كتب ثلاث مقالات في مدح المكابيين، والبابا أثناسيوس الرسولي في كتابه (تفسير دانيال) إستشهد بهذين السفرين. وغير هؤلاء نجد أن القديسين إكليمندس الإسكندري وترتليانوس وكبريانوس وأغريغوريوس التريتري وامبروسيوس وكيرلس وإيرونميوس ومارأفرام قد نقلوا عن هذين السفرين في كتابتهم وأقوالهم.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ص صمارايم 1

 

الأدلة الداخلية علي قانونية السفر: –

هناك عدة إقتباسات من هذين السفرين ذُكِرَت في أسفار العهد القديم والجديد ومعني هذا أن سفري المكابيين في نظر كتاب أسفار الوحي سفران قانونيان صحيحان موحي بهما. وقد جاءت شهادات الصالحين القريبى العهد من الرسل مصداقاً علي ذلك بل أن الإسرائلين الذين كانت لغتهم يونانية كانوا يقرأون هذين السفرين في إجتماعتهم في زمان الشتات وكانا عندهم من بين الكتب المقدسة ولعل نبياً كدانيال (الذي أُعتُبِرَ سفره من الأسفار التي جمعها عزرا) حينما يتنبأ بالأعمال التي جاءت في هذين السفرين، يصادق ويختم بنبوته هذه علي أن السفرين صادقين وموحى بهما. فهو في (دانيال 11: 3-32) إذ يتحدث عن السفن التي تأتي من كتيم (= التي هي جزيرة قبرص) إنما يتنبأ عن الإسكندر المكدوني الذي خرج من أرض كتيم وأوقع بداريوس ملك فارس (أنظر 1مك 1: 1-وقابله بما ورد في دا 11: 3). وإذ يتحدث عن الآذرع التي تقوم منه وتنجِّس المقدس الحصين، إنما يتنبأ ومن بينهم أنطيوكس الشهير الملقب في سفر المكابين الأول (الجرثومه الآثيمة) الذي صعد إلي أورشليم بجيش كثيف ودخل المقدس بتجبر وأخذ مافيه من ذهب وفضة وأوان مقدسة نفيسة ومجامر وأكاليل وكنوز وحُلي، وسفك الدم الزكي ونجس المقدس (أنظر 1مك 1: 7، 11، 22، 23، 24، 25، 39)، وقابل هذا بما ورد في (دا11: 31). وبعد أن تنبأ دانيال بالأعمال التي يعملها أنطيوكس نجده يتحدث ممتدحاً فضل المكابين وغيرتهم بقوله “32 وَالْمُتَعَدُّونَ عَلَى الْعَهْدِ يُغْوِيهِمْ بِالتَّمَلُّقَاتِ. أَمَّا الشَّعْبُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ إِلَهَهُمْ فَيَقْوُونَ وَيَعْمَلُونَ. 33وَالْفَاهِمُونَ مِنَ الشَّعْبِ يُعَلِّمُونَ كَثِيرِينَ. وَيَعْثُرُونَ بِالسَّيْفِ وَبِاللَّهِيبِ وَبِالسَّبْيِ وَبِالنَّهْبِ أَيَّاماً.” (دا 11: 32، 33). وبالإضافة لما جاء في سفر دانيال نجد أن كُتاب أسفار العهد الجديد قد إقتبسوا من سفري المكابيين كما سنري بعد: –

1- قول يوحنا البشير عن عيد التجديد ” 22وَكَانَ عِيدُ التجْدِيدِ فِي أورشليم وَكَانَ شِتَاءٌ.” (يو10: 22) إنما هو قول لم يشترك فيه أحد من البشيرين سواه. وعيد التجديد الذي يتحدث عنه يوحنا إنما يشير الي العيد الذي رسمه يهوذا المكابي في اليوم الخامس والعشرين من الشهر التاسع (1مك 4: 59) ترتيباً علي ما عمله من تطهير الهكيل وتجديده حيث ورد في السفر قوله عن يهوذا المكابي ورجاله (وإن يهوذا وإخواته قالوا ها أن أعدائنا قد إنسحقوا فلنصعد الآن لتطهير المقادس وتدشينها فإجتمع كل الجيش وصعدوا الي جبل صهيون.. فطهروا المقادس ورفعوا الحجارة المدنسة الي موضع نجس. ثم ائتمروا في مذبح المحرقة المدنس ماذا يصنعون به فخطرت لهم مشورة صالحة أن يهدموه لئلا يكون لهم عاراً لتدنيس الأمم إياه فهو المذبح. ووضعوا الحجارة في جبل البيت في موضع لائق إلي أن ياتي نبي ويجيب عنها ثم أخذوا حجارة غير منحوتة وفاقاً للشريعة وبنو المذبح الجديد علي رسم الأول وبنوا المقادس وداخل البيت وقدسوا الديار وصنعوا آنية مقدسة جديدة وحملوا المنارة ومذبح البخور والمائدة الي الهيكل)..(1مك 4: 36-49) وهذا القول ينطبق ويتطابق تماماً مع ماورد عن يهوذا المكابي في (2مك 10: 1- 8) حيث يقول (أما المكابي والذين معه فبإمداد الرب إستردُّوا الهيكل والمدنية. وهدَّموا المذابح التي كان الأجانب قد بنوها في الساحة وخرَّبوا المعابد. وطهَّروا الهيكل وصنعوا مذبحاً آخر واقتدحوا حجارة اقتبسوا منها ناراً وقدَّموا ذبيحة بعد فترة سنتين وهيأوا البخور والسرج وخبز التقدمة. وبعد ما أتموا ذلك إبتهلوا إلى الرب وقد خرُّوا بصدورهم أن لا يصابوا بمثل تلك الشرور لكن إن خطئوا يؤدبهم هو برفق ولا يسلَّمهم إلى أمم كافرة وحشية. وأتفق أنه في مثل اليوم الذي فيه نجَّست الغرباء الهيكل، في ذلك اليوم عينه تم تطهير الهيكل وهو اليوم الخامس والعشرون من ذلك الشهرالذي هو شهر كسلو. فعيَّدوا ثمانية أيام بفرح كما في عيد المظال وهم يذكرون كيف قضوا عيد المظال قُبيل ذلك في الجبال والمغاور مثل وحوش البرية. ولذلك سبَّحوا لمن يسَّرَ تطهير هيكله وفي أيديهم غصون ذات أوراق وأفنان خضر وسعف. ورسموا رسماً عاماً علي جميع أمة اليهود ان يعيدوا هذه الأيام في كل سنة.)

 

3- قول بولس الرسول عن “33 الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرّاً، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، 34 أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَّوُوا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ ” (عب 11: 33، 34) إنما يشير به الي أولئك المكابيين الذين قهروا فيلبس وفرساوس ملك كتيم في الحرب وكل من قاتلهم واخضعوهم وكسروا انطيوكس الكبير ملك اسية الذي زحف لقتالهم ومعة مئة وعشرون فيلاً وفرسان وعجلات وجيش كثير جداً. وقبضوا عليه حياً وضربوا عليه وعلي الذين يملكون بعده جزية عظيمة ورهائن ووضائع معلومة (1مك 8: 5-7). كما يشير قول بولس الرسول في رسالته إلى العبرانين أيضاً الي يهوذا وجيشه حيث جاء في المكابين الثاني (ولمَّا اصبح المكابي في جيش لم تعد الأمم تثبت أمامه اذا كان سخط الرب قد استحال الي رحمة. فجعل يفاجئ المدن والقري ويحرقها حتي اذا استولي علي مواضع توافقه تغلب علي الاعداء في مواقع جمة. وكان اكثر غاراته ليلاً فذاع خبر شجاعتة في كل مكان (2مك 8: 5-7).

هل تبحث عن  ئلة مسيحية كسر النذر ر

 

سِفرا المكابيين الأول والثاني هما آخر أسفار التوراة. وقد جاءا ضمن قائمة الأسفار القانونية للعهد القديم الواردة في قوانين الرسل (=انظر القانون رقم 85) والتي أثبتها الشيخ الصفي بن العسال في كتابه (مجموعة القوانين-الباب الثاني). وورد السفران في الترجمة السبعينيّة للتوراة التي تمَّت في الإسكندرية عام 280 ق.م. والتي مازالت أقدم نسخها الخطيّة موجودة حتى الآن؛ وهي النسخة السينائيّة والنسخة الأسكندرية والنسخة الفاتيكانية، وكلها تقريباً من القرن الرابع الميلادي. وقد قال القديس مار أفرام أن سفريّ المكابيين الأول والثاني كانا موجودين في الترجمة السريانية علاوة على وجودهما في الترجمة اليونانية السبعينيّة (=راجع كتاب مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب-طبعة 1919 ص167). هذا، وقد جاء ذِكر هذين السفرين في الترجمة القبطية بلهجاتها المختلفة، وهي أقدم التراجِم بعد السبعينيّة. كما ذكر هذان السفران أيضاً في نسخة توراة (الفلجاتا)، وهي نسخة التوراة القديمة المُعتمَدة لدى الكنيسة الكاثوليكيّة. هذا، وقد أشرنا من سابق (وعلى الأخص في المقدمة العامة للأسفار القانونيّة التي كتبناها في هذا الموقع) إلى المجامع العديدة التي أقرَّت صِحَّة هذين السفرين، وكذا صحة باقي مجموعة الاسفار القانونيه الثانيه التي حذفها البروتستانت.

 وقد كان عدد أسفار المكابيين التي تحدَّثَت عن تاريخ إنتصار اليهود على أعدائهم ومستعمريهم وإستقلالهم كأمّة بقيادة الأسرة الماكبيّة، هو خمسة أسفار، لم تقبل منها الكنيستان الأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة إلا السفرين الأول والثاني فقط، وهما السِّفران القانونيّان المشهود بصِحَّتهما. وقد أصدر مجمع “ترينت” للكنيسة الرومانية الكاثوليكيّة المنعقِد في عام 1546 قراراً أيضاً بهذا المعنى، خصوصاً وقد ثبت أن مادة الأسفار الثلاثة الباقية غير مقبولة ومشكوك في صحة إنتسابها إلى الوحي الإلهي.

 

 هذا، وبرغم تنكُّر البروتستانت لصِحَّة هذين السفرين، فقد ورد في بعض كتبهم ما يشير إلى عظمة مُحتوى السفرين. فقد جاء في كتابهم (مرشد الطالبين إلى كتاب الحق الثمين-طبعة بيروت 1937 ص303) عن سفر المكابين الأول أنه “يحتوي مواد تاريخيّة عظيمة الأهميّة”، كما جاء في نفس الكتاب ص306 “يروي هذا السفر الجهاد الباسل الذي قام به خمسة أبناء متياس الكاهن على ملوك سورية وإستمر ثلاثاً وثلاثين سنة من عام 168 حتى 135 ق.م. أما عن سفر المكابيين الثاني، فقد وصفه نفس المرجع السابق ص307 بقوله “يتضمَّن هذا السفر التاريخ اليهودي من حوالي سنة 175 إلى سنة 160 ق.م. مسبوقاً برسالتين من السلطة الكهنوتيّة في اورشليم إلى اليهود الذين في مصر تحانِثهم على إعتبار الهيكل على جبل صهيون مركز الخدمة الدينيّة وتدعوانهم إلى حضور عيد التدشين. والقسم التاريخي منه يصف الإضطهاد الشديد الذي جرى في عهد “أنطوخوس أبيغانس” وما جرى ليهوذا وإنتصاره”.. وفي الكتاب البروتستانتي “جغرافية الكتاب وتاريخه-تأليف تشارلز فوستر كِنت-طبعة بيروت 1923 -ص181-208، يستهِد الكاتِب في أقواله بالكثير مما تضمنّه هذان السِّفران. وعلى سبيل المثال يتحدَّث فيما ذكره عن أسباب الحرب المكابية ص184،183 عن نفس ما ورد في الإصحاح الأول من سفر المكابيين الأول. وفي صفحتيّ 185،184 يتحدَّث الكاتب فيما ذكره (مودين-الشرارة الأولى للعصيان) عن نفس ما ورد في 1مك2. وفي ص186،185 حيث يتحدث عن (أخلاق يهوذا وعمله-وعقبة بين حوردن) يستشهد بما جاء في 1مك3، وهكذا نجد الكاتب يملأ صفحات كتابه من ص181-208 بأحاديث منقولة نقلاً مباشراً تقريباً، وبترتيب متطابِق ليس فيه إعمال أو إجتهاد من سفريّ المكابيين، بما لا يدع مجالاً للشك أن الكاتِب يثِق كل الثِّقة في قانونية وصدق وصحة هذين السفرين اللذين تتفق الحوادث والأماكن والأشخاص والمواقيت الموجودة فيها مع الحقيقة المجرِّدة المُتعارَف عليها ومع ما هو منطبِع في ذهن الكاتِب المؤرِّخ من دقائق علميّة وتاريخيّة وجغرافيّة.

 

 وهناك دلائل كثيرة تؤكِّد صحة هذين السفرين وقانونيّتهما؛ ذلك أن الكثير من آباء الكنيسة من قديسي الأجيال الأولى قد إستشهدوا في كتبهم وعِظاتهم وكتاباتهم إستشهاداً مباشراً مما ورد فيها. فالقديس إغريغوريوس الثاؤلوغوس كتب مقالاً عن سفريّ المكابيين. ويوحنا ذهبى الفم كتب ثلاث مقالات في مدح المكابيين. والبابا اثاناسيوس الرسولي في كتابه (تفسير دانيال) إستشهد بهذين السفرين. وغير هؤلاء نجد أن القديسين إكليمندس الاسكندري، وترتليانوس وكبريانوس وأغريغوريوس النزنزي وأمبروسيوس وكيرلس وإيرونيموس ومار أفرام قد نقلوا عن هذين السفرين في كتاباتهم وأقوالهم.

 وأكثر من هذا، فإن هناك عدة إقتباسات من هذين السفرين ذُكِرَت في أسفار العهد القديم والجديد. ومعنى هذا أن سفريّ المكابيين في نظر كُتَّاب أسفار الوحي سِفران قانونيّان صحيحان موحى بهما. وقد جاءت شهادات الصالحين القريبي العهد من الرسل مِصداقاً لذلك. بل إن الإسرائيليين الذين كانت لغتهم يونانية كانوا يقرأون هذين السفرين في إجتماعاتهم في زمان الشتات، وكانا عندهم من بين الكتب المقدسة. ولعل نبيّاً كدانيال (=الذي إعتبر سفره من الأسفار التي جمعها عزرا) حينما يتنبَّأ بالأعمال التي جاءت في هذين السفرين، يُصادِق ويختم بنبوّته هذه على أن السفرين صادقان وموحى بهما. فهو في (دا3: 11-32) إذ يتحدَّث عن السفن التي تأتي من كِتِّيم (=التي هي جزيرة قبرص) إنما يتنبَّأ عن الاكسندر المقدوني الذي خرج من أرض كتيم وأوقع بداريوس ملك فارِس (انظر 1مك1: 1-وقابله بما ورد في دا3: 11)، وإذ يتحدَّث عن الأذرع التي تقوم منه وتنجِّس المقدس الحصين، إنما يتنبأ ومن بينهم أنطوكيوس الشهير الملقب في سفر المكابيين الأول (الجرثومة الخبيثة) الذي صعد إلى أورشليم بجيش كثيف ودخل المقدِس بتجبُّر وأخذ ما فيه من ذهب وفضة وأوانٍ مقدسة نفيسة ومجامر وأكاليل وكنوز وحلى وسفك الدم الزكيّ ونجَّس المقدس (انظر 1مك7: 1، 11، 22-25-وقابل هذا بما ورد في دا31: 11). وبعد أن تنبأ دانيال بالأعمال التي يعملها أنطوكيوس، نجده يتحدث مُمْتَدِحاً فضل المكابيين وغيرتهم بقوله “أما الشعب الذين يعرفون إلههم فيقوون ويعملون. والفاهِمون من الشعب يعلمون كثيرين ويعثرون بالسيف واللهيب وبالسبي وبالنَّهب أيّاماً..” (دا32: 11، 33).

هل تبحث عن  م المسيح المسيح هل هو الله أم ابن الله أم هو بشر 12

 وبالإضافة لما جاء في سفر دانيال، نجد أن كتبة أسفار العهد الجديد قد إقتبسوا من سفريّ المكابيين:

1- قول يوحنا البشير عن عيد التجديد “وكان عيد التجديد في أورشليم وكان شتاء” (يو22: 10) إنما هو قول لم يشترك فيه أحد من البشيرين سواه. وعيد التجديد الذي يتحدَّث عنه يوحنا، إنما يشير إلى العيد الذي رسمه يهوذا المكابي في اليوم الخامس والعشرين من الشهر التاسِع (1مك59: 4) ترتيباً على ما عمله من تطهير الهيكل وتجديده؛ حيث ورد في السفر قوله عن يهوذا المكابي ورِجاله: ” وان يهوذا واخوته قالوا ها ان اعداءنا قد انسحقوا فلنصعد الان لتطهير المقادس وتدشينها. فاجتمع كل الجيش وصعدوا الى جبل صهيون.. فطهروا المقادس ورفعوا الحجارة المدنسة الى موضع نجس. ثم ائتمروا في مذبح المحرقة المدنس ماذا يصنعون به. فخطرت لهم مشورة صالحة ان يهدموه لئلا يكون لهم عارا لتدنيس الامم اياه فهدموا المذبح. ووضعوا الحجارة في جبل البيت في موضع لائق الى ان ياتي نبي ويجيب عنها. ثم اخذوا حجارة غير منحوتة وفاقا للشريعة وبنوا المذبح الجديد على رسم الاول. وبنوا المقادس وداخل البيت وقدسوا الديار. وصنعوا آنية مقدسة جديدة وحملوا المنارة ومذبح البخور والمائدة الى الهيكل..” (1مك36: 4-49). وهذا القول ينطبق ويتطابق تماماً مع ما ورد عن يهوذا المكابي (2مك1: 10-8)، حيث يقول: “اما المكابى والذين معه، فبامداد الرب استردوا الهيكل والمدينة. وهدموا المذابح التي كان الاجانب قد بنوها في الساحة وخربوا المعابد، وطهروا الهيكل وصنعوا مذبحا اخر واقتدحوا حجارة اقتبسوا منها نارا وقدموا ذبيحة.. واتفق انه في مثل اليوم الذي فيه نجست الغرباء الهيكل في ذلك اليوم عينه ثم تطهير الهيكل وهو اليوم الخامس والعشرون من ذلك الشهر الذي هو شهر كسلو. فعيّدوا ثمانية ايام بفرح.. ورسموا رسما عاما على جميع امة اليهود ان يعيدوا هذه الايام في كل سنة.”

2- قول بولس الرسول في العبرانيين عمَّن عُذِّبوا بسبب تمسكِهم بديانتهم وعقيدتهم “.. وآخرون عذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة افضل. وآخرون تجربوا في هزء وجلد ثم في قيود ايضا وحبس. رجموا نشروا جربوا ماتوا قتلا بالسيف طافوا في جلود غنم وجلود معزى معتازين مكروبين مذلين. وهم لم يكن العالم مستحقا لهم. تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الارض..” (عب35: 11-38)، إنما يقصد به أولئك الأتقياء الذين عذَّبهم أنطيوكس الملك وفيلبس وكيله الذي عيّنه على مدينة أورشليم في أيام المكابيين أمثال مَنْ كانوا يُساقون قسراً كل شهر يوم مولد الملك للتضحية والقتل (2مك7/6). وأمثال المرأتين اللتين سُعيَ بهما أنهما ختنتا أولادهما فعلّقوا أطفالهما على أثديهما وطافوا بهما في المدينة علانية ثم ألقوهما عن السور (2مك10: 6). وأمثال أولئك القوم الذين لجأوا إلى مغاور لإقامة السبت سراً فوشي بهم إلى فيلبس فأحرقوهم بالنار (2مك11: 6). وأمثال ألعازر من متقدمي الكتبة الطاعن في السن وهو إبن تسعين سنة الذي أكرهوه بفتح فيه على أكي لحم الخنزير فقذف لحم الخنزير من فيه فقادوه إلى الموت، حتى مات من كثرة الضرب تارِكاً موته قدوة شهامة وتذكار فضيلة لأمته بأسرها (1مك18: 6-31). وأمثال الأخوة الأبطال السبعة وأمهم الذين عذّبوهم بالمقارع وقطعوا ألسنتهم وحمّوا الطواجِن والقدور وقلوهم على النار فإستشهدوا كلهم في يوم واحد ببسالة مفضلين الموت على أن يموتوا على الإيمان على أن يعيشوا مُستهينين بشريعة إلههم مُطيعين لأوامر الملك الشرير (1مك7).

3- قول بولس الرسول عن “الذين بالايمان: قهروا ممالك، صنعوا براً، نالوا مواعيد، سدوا افواه اسود، أطفأوا قوة النار، نجو من حد السيف، تقووا من ضعف، صاروا اشداء في الحرب، هزموا جيوش غرباء.” (عب33: 11، 34) إنما يشير إلى أولئك المكابيين الذين ” قهروا فيلبس وفرساوس ملك كتِّيم في الحرب وكل من قاتلهم واخضعوهم. وكسروا انطيوكس الكبير ملك آسية الذي زحف لقتالهم ومعه مئة وعشرون فيلا وفرسان وعجلات وجيش كثير جداً. وقبضوا عليه حياً وضربوا عليه وعلى الذين يملكون بعده جزية عظيمة ورهائن ووضائع معلومة.” (1مك5: 8-7). كما يشير قول بولس في العبرانيين أيضاً إلى يهوذا وجيشه حيث جاء في المكابيين الثاني “لما اصبح المكابى في جيش لم تعد الامم تثبت امامه اذ كان سخط الرب قد استحال الى رحمة. فجعل يفاجئ المدن والقرى ويحرقها حتى اذا استولى على مواضع توافقه تغلب على الاعداء في مواقع جمة، وكان اكثر غاراته ليلا فذاع خبر شجاعته في كل مكان.” (2مك5: 8-7).

 

اقتباس لفظي للسيد المسيح

رجسة الخراب

امكابيين 57

و في اليوم الخامس عشر من كسلو في السنة المئة والخامسة والاربعين بنوا رجاسة الخراب على المذبح وبنوا مذابح في مدن يهوذا من كل ناحية

مع

1) إنجيل متى 24: 15

«فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ
¬
لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ
¬

2) إنجيل مرقس 13: 14

فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ، قَائِمَةً حَيْثُ لاَ يَنْبَغِي.
¬
لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ
¬
فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ،

 

1 مكا 2: 26

و غار للشريعة كما فعل فنحاس بزمري بن سالو

ذكر اسم زمري الذي لم ياتي في سفر العدد 25

6 وَإِذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَ وَقَدَّمَ إِلَى إِخْوَتِهِ الْمِدْيَانِيَّةَ، أَمَامَ عَيْنَيْ مُوسَى وَأَعْيُنِ كُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُمْ بَاكُونَ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ.

7 فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ فِينْحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ الْكَاهِنِ، قَامَ مِنْ وَسَطِ الْجَمَاعَةِ وَأَخَذَ رُمْحًا بِيَدِهِ،

8 وَدَخَلَ وَرَاءَ الرَّجُلِ الإِسْرَائِيلِيِّ إِلَى الْقُبَّةِ وَطَعَنَ كِلَيْهِمَا، الرَّجُلَ الإِسْرَائِيلِيَّ وَالْمَرْأَةَ فِي بَطْنِهَا. فَامْتَنَعَ الْوَبَأُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

9 وَكَانَ الَّذِينَ مَاتُوا بِالْوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا.

صنع الحرب في السبت 1 مكا 2: 41

 

17: 7

جعلوا لحوم اصفيائك وسفكوا دماءهم حول اورشليم ولم يكن لهم من دافن

والنبوة المشار إليها تجد معانيها في (صف1: 1-3: 2)

 

2.     مكابيين 12

.       44 لانه لو لم يكن مترجيا قيامة الذين سقطوا لكانت صلاته من اجل الموتى باطلا وعبثا

2.     إنجيل لوقا 20: 38

وَلَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ، لأَنَّ الْجَمِيعَ عِنْدَهُ أَحْيَاءٌ».

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي