إن كنت قد أحسنت التأليف

الرد على شبهة سفر المكابيين الثاني 15: 38

الشبهة

يقول الوحي المقدّس في (المكابيين الثاني 15: 38): ” هذا ما تَمَّ مِن أَمرِ نِكانور. وبِما أَنَّه مُنذُ تِلكَ الأَيَّام بَقِيَتِ المَدينَةُ في حَوزَه العِبْرانِيِّين، فأَنا أَيضاً أَجعَلُ هُنا خاتِمَةَ كَلامي. 38 فإِن كُنتُ قد أَحسَنتُ التَّأليفَ ووُفِّقتُ مِنه، فذلك ما كُنتُ أَتمَنَّى. وإِن كانَ ضَعيفاً ودونَ الوَسَط، فإِنِّي قد بَذَلْتُ وُسْعي. 39 وكَما أنَّ شُربَ الخَمرِ وَحدَها أَو شُربَ الماءِ وَحدَه مُضِرٌّ، وإِنَّما تَطيبُ الخَمرُ مَمْزوجَةً بِالماء وتُعْطي لَذَّةً وطَرَباً، كذلك تَنْميقُ الكَلامِ يُطرِبُ مَسامِعَ مُطالِعي السِّفر. إِنتَهى”

فكيف يكون هذا كلام الله وهو يصفه هنا بالضعف ولم يعرف الكاتب إذا كان كلامه سيحقق الهدف أم لا؟!

 


الرد:

لو كلف المعترض نفسه وبحث عن معنى المصدر “ألف” فى المعاجم العربية ما كان لهذه الشبهة وجود. لأن التأليف فى معناه هو الكتابه او فن الخطابه او اسلوب توصيل الرساله الى الطرف الاخر والوحى فى المسيحيه هو الكتابه بارشاد الروح القدس.

بمعنى ان الوحى الخارج من فكر الله وصل الى كاتب السفر لكى يوصله الى البشر بما فيها من نبؤات او رساله معينه او وصيه معينه ويتأثر السفر بثقافة الكاتب فى ابلاغ الرساله، وايضا الشخص الذى سيقرأ السفر.

بمعنى ان الاناجيل الاربعه مع كونها تحكى قصه ميلاد وحياة ومعجزات وصلب وقيامة السيد المسيح، الا انها اختلفت فى مضمونها بين كل انجيل لان كل منهم يبلغ أو يخاطب فئه معينه من الناس. وهنا كانت الحكمة الإلهية فى كتابة أربعة أناجيل كل إنجيل منهم موجه إلى شعب معين وفئة معينة تفهم الوحى الإلهى وفقاً لموروثها العقيدى والثقافى.

ورسالات بولس تحمل داخلها تعبيرات كانت تستخدم فى الفلسفه انذاك، لذلك يقول الكتاب ان الكتاب كله موحى به من الله ونافع للتعليم، لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس.

وبالرجوع للآية: (فإن كنت قد أحسنت التأليف) فهى يمكن أن تعطى اكثر من معنى:

1- من الممكن ان يكون المقصود هنا كلامه عن (تأليف القلوب والجموع) في احتفال حضره الجميع، بمعنى ان التأليف هنا ليس الكتاب بل (القلوب المجتمعة)

والقرآن أشار إلى هذا النوع من التأليف أو الألفة:

فالقرآن يقول: (ألف) بين قلوبكم، وايضا (المؤلفة قلوبهم)

– “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً…” (آل عمران: 103)

– “وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” (الأنفال: 63)

– “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ…” (التوبة: 60)

 

2- من الممكن ان يكون (تأليف) بمعنى (جمع الاحداث معا في كتاب واحد) او الاعتياد على الشيء.

مثل قول القرآن: (ألف الشيء = أى إعتاد عليه)

– “وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ” (البقرة: 170)

– “إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ” (الصافات: 69)

 

ورد في قاموس الغني باب التأليف:

تَأْلِيفٌ – ج: تَآلِيفُ. [أ ل ف]. (مص. أَلَّفَ). 1.”هَذَا الكِتَابُ مِنْ تَأْلِيفِهِ”: مَنْ وَضْعِهِ، أَيْ هُوَ الَّذِي كَتَبَهُ، أَيْ أَلَّفَهُ. 2.”يَتَطَلَّبُ تَأْلِيفُ كِتَابٍ مَعْرِفَةً تَامَّةً بِمَادَّتِهِ”: تَجْمِيعُ مَعْلُومَاتِهِ أَوْ تَحْلِيلُهَا أَوْ نَقْدُهَا فِي عِلْمٍ مِنَ العُلُومِ.

 

جاء في قاموس نجعة الزائد باب التأليف:

التَّأْلِيفِ

تَقُولُ: هَذَا كِتَاب نَفِيس، جَلِيل، جَامِع، غَزِير الْمَادَّةِ، جَزِيل الْمَبَاحِث، جَمّالْ فَوَائِد، سَدِيد الْمَنْهَج، حَسَن الْمَنْحَى، مُطَّرِد التَّنْسِيق، قَرِيب الْمَنَالِ، دَانِي الْقُطُوف، سَهْل الشَّرِيعَةِ، سَهْل الأُسْلُوبِ، عَذْب الْمَوْرِدِ، نَاصِع الْبَيَانِ، وَاضِح التَّعْبِيرِ، مُشْرِق الدَّلالَةِ، مُتَسَنِّي التَّحْصِيل، تُدْرِكُ فَوَائِدَهُ عَلَى غَيْرِ مَئُونَة، وَلا كَدّ ذِهْن، وَلا جَهْد فِكْر، وَلا إِعْنَات رَوِيَّة، وَلا إِرْهَاقَ خَاطِر .

وَقَدْ تَصَفَّحْت مُؤَلَّف كَذَا فَإِذَا هُوَ كِتَابٌ أَنِيقٌ، فَصِيح الْخُطْبَةِ، حَسَن الدِّيبَاجَةِ، مُحْكَم الْوَضْعِ، مُتَنَاسِق التَّبْوِيبِ، مُطَّرِد الْفُصُول، وَقَدْ طُوِي عَلَى كَذَا بَابًا، وَكُسِرعَلَى كَذَا بَابًا، وَتُرْجِم بِاسْمِ كَذَا، وَأُلِّف بِرَسْم فُلان. وَهُوَ كِتَابٌ فَرِيدٌ فِي فَنِّهِ، مَبْسُوط الْعِبَارَة، مُسْهَ بالشَّرْح، مُشْبَع الْفُصُول، مُسْتَوْعِب لأَطْرَافِ الْفَنِّ، جَامِع لِشَتِيت الْفَوَائِد، وَمَنْثُور الْمَسَائِل، وَمُتَشَعِّب الأَغْرَاضِ، قَدْ اِسْتَوْعَبَ أُصُولَ هَذَا الْعِلْمِ، وَأَحَاطَ بِفُرُوعِهِ، وَاسْتَقْصَى غَرَائِب مَسَائِلِهِ، وَشَوَاذّهَا، وَنَوَادِرهَا، وَلَمْ يَدَعْ آبِدَة إِلا قَيَّدهَا، وَلا شَارِدَة إِلا رَدَّهَا إِلَيْهِ. وَهُوَ الْغَايَةُ الَّتِي لَيْسَ وَرَاءهَا مَذْهَب لِطَالِب، وَلا مُرَاغ لِمُسْتَفِيد، وَلا مُرَاد لِبَاحِث، وَلا مَضْرِب لِرَائِد، لَمْ يُصَنَّفْ فِي بَابِهِ أَجْمَع مِنْهُ، وَلا أَرْصَفَ عْبِيرًا، وَلا أَمْتَن سَرْدًا، وَقَدْ نُزِّه عَنْ التَّعْقِيدِ، وَالإِشْكَال، وَالإِبْهَام، وَالتَّعْمِيَةِ، وَاللَّبْس، وَالْخَلَل، وَاللَّغْو، وَالْحَشْو، وَالرَّكَاكَة، وَالتَّعَسُّف، وَالْحَزَازَة، وَحُصِّن مِنْ نَظَرِ النَّاقِدِ، وَالْمُعْتَرِض، وَالْمُخَطِّئ، وَالْمُسَوِّئ، وَالْمُتَعَقِّب، وَالْمُسْتَدْرِك، وَارْتَفَعَ عَنْ مَقَامِ الْمُتَحَدِّي، وَالْمُعَارِض، وَإِنَّمَا قُصَارَى مُعَارِضه أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَيْهِ، وَيَنْسِجَ فِي التَّأْلِيفِ عَلَيْهِ.

وَتَقُولُ: هَذَا مُؤَلَّف مُخْتَصَر، وَجِيز، وَمُوجَز، وَمُدْمَج التَّأْلِيف، جَزْل التَّعْبِيرِ، مُحْكَم الْحُدُودِ، ضَابِط التَّعَارِيف، حَسَن التَّفْرِيع لِلْمَسَائِلِ، مُتَتَابِع النَّسَقِ، مُتَشَاكِل الأَطْرَاف.

وَهُوَ مَتْن مَتِين الرَّصْف، مُحْكَم الْقَوَاعِدِ، مَنِيع الْمَطْلَب، حَصِين الْمَدَاخِلِ، قَدْ لَخَّصْت فِيهِ قَوَاعِدَ الْعِلْمِ أَحْسَن تَلْخِيص، وَحَرَّرْت مَسَائِلَهُ أَحْسَن تَحْرِير.

وَعَلَيْهِ شَرْحٌ لَطِيفٌ، كَافِل بِبَيَان غَامِضه، وَإِيضَاحِ مُبْهَمِه، وَحَلِّ مُشْكِله، وَتَفْصِيلِ مُجْمَلِهِ، وَبَسْط مُوجَزِه، وَتَقْرِيب بِعِيدِهِ، وَالْكَشْفِ عَنْ دَقَائِق أَغْرَاضِهِ، وَخَفِيّ مَقَاصِده، وَلَطِيف إِشَارَاتِهِ، وَمَكْنُون أَسْرَارِهِ، وَمُقْفَل مَسَائِله.

وَهِيَ الْمُؤَلَّفَاتُ، وَالْمُصَنَّفَاتُ، وَالْمَجَامِيع، وَالدَّوَاوِينُ، وَالرَّسَائِلُ، وَالْمُتُونُ، وَالشُّرُوح، وَالْحَوَاشِي.

 

لسان العرب

باب: ألف وألَّف بينهما أوقع الألفة والإصلاح والأَلِف خطَّها الكتابَ جمع مسائله. المؤَلِّف منشئُ الكتب أو جامع مسائل العلم في كتاب يُعرَف بالمؤَلَّف

 

قاموس محيط المحيط:

وأَلَّفْتُ بين الشيئين تأْلِيفًا فتأَلَّفا و أْتَلَفا وفي التنزيل العزيز: لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فيمن جعل الهاء مفعولًا ورحلةَ مفعولًا ثانيًا , وقد يجوز أَن يكون المفعول هنا واحدًا على قولك آلَفْتُ الشيء كأَلِفْتُه وتكون الهاء والميم في موضع الفاعل كما تقول عجبت من ضَرْبِ زيدٍ عمرًا , وقال أَبو إسحَق في لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ

 

القاموس المحيط:

(وألَّفَ) بَيْنَهُما تَأليفاً أوْقَعَ الأُلْفَةَ وألِفاً خَطَّها والأَلْفَ كَمَّلَهُ

 


أولا: نص الأية في الأصل العبري، وهو أًصل لغة الوحي في السفر

(وإِمْ هايا دِبّوري يافِه و عارووخ عَلْ أفنايو، زٍه هايا حُفِْتْسي، وْإِم قَلْ هُوو وْ رافِه، هَلّوو عَسيتي إِت أًشِرْ هايا بْكوحي؟)

 

وتترجم حرفيا كالآتي كمال يقرر علماء اللغة العبرية:

{ فإذا كان كلامي جميل ومُرَتّب على شكله، هذه كانت رغبتي.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر التكوين 33

وإذا مُخْتَصَرْ هو و مُلَخّص (قليل هو وموجَزْ – بسيط هو وكافٍ)، ألم أعمل ما كان بقوتي؟! }

 

هذا بالنسبة للأصل العبري لترجمة السفر وهو الفيصل ولكن نورد هنا ما أوردته الترجمات المختلفة مع ان العبري يكفي ولكن ناتي بها هنا لزيادة الفائدة وتأكيد ما قلناه أعلاه مع الوضع في الإعتبار أنه إذا وجد الأصل بطلت الترجمة وأيضا يجب معرفة أن التراجم منها ما هو مبسط ينقل المفهوم العام وليس النص الحرفي، ومنها ما هو ميّسّر مفسّر تهتم بنقل معاني الكلمات دون نصها الحرفي ولكننا نوردها أستكمالا للبحث علما بان الأصل العبري كاف

 

الترجمات

جاءت في ترجمة (
KJVA
) :

2Ma
15:38
And
if I have done well, and as is
fitting the story, it is that which I desired: but if
slenderlyand meanly, it is that which I could attain unto.

 
وجاءت في (
KJVR – 1611
) :

And if I have done well, and as is fitting the story, it is that which I desired: but if slenderly, and meanly, it is that which I could attaine vnto.

وجاءت في ترجمة (
Geneva Bible
)

 
If I have done well, and
as the story required, it is the thing that I desired: but if I have spoken
slenderlyand
barely, it is that I could.

وجاءت في (
Bishops’ Bible 1568
)

If I have done well and as the story required, it is the thing that I desired: but if I have spoken
sclenderly & barely, I have done that I could.

ووردت في (
New Revised Standard Version
)

So I will here end my story.
If it is well told and to the point, that is what I myself desired; if it is
poorly done and mediocre, that was the best I could do

 

ثانيا: معنى آية

وْإِم قَلْ هُوو وْ رافِه = ” مُخْتَصَرْ هو و مُلَخّص”

أو ” قليل هو و موجَزْ”، ” بسيط هو وكافٍ:

نلاحظ أن كاتب السفر المقدس حينما قاده الوحي الإلهي أن يكتب هذا السفر الجليل كتاريخ يحقق فيه الله نبوات الأنبياء السابقين الذين سبقوا وتنبأوا كثيرا عن هذه الفترة وعن إنتضارات وإنكسار المكابيين كما في سفري دانيال النبي إصحاح 11 و زكريا في الأصحاحات الأخيرة التي جاءت متوافقة تماما التوافق ومنطبقة على الأحداث التاريخية التي دونها البشر والمؤرخين العاديين من رجال الدولة اليونانية في كتبهم عن تلك الفترة كالمؤرخ ياسون القيريني وياسون هو يهودى سكندرى من شتات القيروان، وضع كتبه الخمسة فى زمن قريب من الأحداث، أى بعد سنة 160 ق.م. بقليل، وهو مطَلع بشكل جيد على الأحوال فى أورشليم والدوائر الحكومية للسلوقيين وموظفيها وألقابهم، وإلى جانب كونه يهودياً راسخ الإيمان فهو أيضاً ذو ثقافة يونانية كبيرة، ومن علامات تقواه تسجيله للصلوات التي ُرفعت قبل بدء المعارك وبعدها، فجاءت كتبه في خمسة مجدلدات كبيرة جدا يصعب على القارىء البسيط العادي الغير متخصص أن يتابعها

وقد أكد الوحي هذه الحقيقة في سفر المكابيين الثاني 2: 23 – 30 قائلا:

(تلك الأمور التى عرضها ياسون القيريني فى خمسة كتب سنُحاول اختصارها فى مُجلد واحد.24ولما رأينا كثرة الأرقام والصعوبة التى تعترض من أراد الخوض فى أخبار التاريخ لغزارة المواد، 25كان من هَمَّنا أن نُوفِّر المتعة للمُطالِع والسهولة للحافظ والفائدة للجميع. 26فلم يكن تَكَلُّفنا هذا التلخيص أمراً سهلاً، بل تمَّ بالعرق والسهر، 27كما أنَّ الذى يُعِد مأدبة ويبتغي منفعة الناس لا يكون الأمرُ عليه سهلاً. غير أننا لمنفعة الكثيرين سنتحمل هذا العمل الشاق عن طيبة نفس، 28تاركين التدقيق فى تفاصيل كل من الأحداث لأهل التاريخ، ومُلتزمين التقيُّد بقواعد التلخيص. 29فإنه كما ينبغى لمن يُهندِس بيتاً جديداً أن يهتم بمُجمل البناء، ولمن يقوم بتزيينه بِرُسوم مدهونة أن يدقق النظر فى ما يناسب قواعد التزيين، فهكذا يكون أمرنا على ما أرى. 30فإنَّ تَقصِّي الأمور والإحاطة بالمسائل والبحث عن جزء فجزء من شأن مُصَنِّف التاريخ. 31وأما المُلخِّص فمُرخَّص له أن يسوق الحديث بإيجاز، مع إهمال استنفاد الموضوع.)

 

فيتضح لنا الآن ما معنى قول الوحي هنا (وْإِم قَلْ هُوو وْ رافِه) التي نُقِلت للعربية في الترجمات المعنوية المبسطة المُيَسّرة المُتصرّفة التي لا تنقل نص وحرف الوحي المقدس وإنما تنقل المفهوم العام والمقصود حسبما يفهم المترجم من النص العبري قاصدة نقل المعنى دون النص الحرفي أو أصل كلمات الوحي إذ أهتم المترجم أن ينقل المفهوم العام دون التقيد بالنص وهو الأمر الذي لا مشكلة فيه لأنها ترجمة (اليسوعية الحديثة) يقول أصحابها في اول صفحاتها عنها أنها مُُيَسّرة مبسطة سلسة تنقل معاني ومفهوم الكلام دون التقيد بالنص الأصلي إذ تقول في هذه الأية: (أَحسَنتُ التَّأليفَ ووُفِّقتُ مِنه، فذلك ما كُنتُ أَتمَنَّى. وإِن كانَ ضَعيفاً ودونَ الوَسَط، فإِنِّي قد بَذَلْتُ وُسْعي)

 

لذا يتضح أولا أن المقصود هو أن كاتب الوحي بوحي وإرشاد من روح الله القدوس كتب عن تاريخ هذه الفترة الهامة والتحقيقات النبوية السابقة التي سبق وتنبأ عنها انبياء كرام أجلاء كزكريا النبي ودانيال بالتفصيل فكتب عن فترة حكم المكابيين بإختصار وأيجاز دون الخوض في تفاصيل غير ذات بال ولا تهم القارى العادي وهو الأمر الذي اكده الأصل العبري للآية طبقا للمعاني الأصلية لكلمات الوحي جاءت بما يناسب القصة، موجزة، ملخصة، كافية فلا يوجد تشكيك في الوحي بل أن الكم المكتوب صغير وكاف وموجز مقارنة بما كتبه ياسون القيريني فالذي قصده الله هو أن يوجه الرساله للناس ببساطة، لأن غرض الكاتب هنا هو أيصال رسالة إلهية ألا وهي أن النبوات السابقة عن رجال الله الأفاضل والقديسين في هذه الفترة لابد وأن تتحقق التي سبق فأنبأ بها خاصة النبي دانيال وزكريا النبيين وثانيا أن الوحي ليس كتاب تاريخي وإن كان كل ما ذكره وأورده موجزا خالي من أي خطأ أو نقص.فالكتاب المقدس يهتم بقصة خلاص الله للإنسان وأن كلامه الإلهي لابد وأن يتك متحققا في التاريخ.

 

ثالثا: المعانى الكتابية واللغوية المختلفة لكلمة (رافِه) التي استخدمها الوحي كما جاءت في العهد القديم:

 

רפה

râphâh

جاءت في العهد القديم 47 مرة بالمعاني الستة الآتية


1- الكف عن الشيء والانتهاء منه والتوقف عن ممارسة عمل ما:

(جاءت عدة مرات بهذا المعنى): في كل هذه المرات تعطي معني الكف عن ممارسة عمل ما أو التوقف عنه وهو الأمر الذي وردت به هنا في سفر المكابيين أن الكاتب توقف عن كتابة السفر وانتهى منه وهذا من دقة الوحي.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ق قصر قاصر ر

1- (نحميا 6: 3) فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِمَا رُسُلاً قَائِلاً: [إِنِّي أَنَا عَامِلٌ عَمَلاً عَظِيماً فَلاَ أَقْدُِرُ أَنْ أَنْزِلَ. لِمَاذَا يَبْطُلُ الْعَمَلُ بَيْنَمَا أَتْرُكُهُ وَأَنْزِلُ إِلَيْكُمَا؟]

2- (1 صمؤيل 15: 19) فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «كُفَّ فَأُخْبِرَكَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ إِلَيَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ». فَقَالَ لَهُ: «تَكَلَّمْ».

3- (2 صمؤيل 24: 16) وَبَسَطَ الْمَلاَكُ يَدَهُ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِيُهْلِكَهَا، فَنَدِمَ الرَّبُّ عَنِ الشَّرِّ وَقَالَ لِلْمَلاَكِ الْمُهْلِكِ الشَّعْبَ: «كَفَى! الآنَ رُدَّ يَدَكَ». وَكَانَ مَلاَكُ الرَّبِّ عِنْدَ بَيْدَرِ أَرُونَةَ الْيَبُوسِيِّ.

4- (حزقيال 1: 24) فَلَمَّا سَارَتْ سَمِعْتُ صَوْتَ أَجْنِحَتِهَا كَخَرِيرِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ, كَصَوْتِ الْقَدِيرِ, صَوْتَ ضَجَّةٍ كَصَوْتِ جَيْشٍ. وَلَمَّا وَقَفَتْ أَرْخَتْ أَجْنِحَتَهَا.

 


2- إتركني:

وتاتي بمعنى اتركني او دعني لتدل على عقاب سيوقعه الله على أناس معينين كما في حالة إسرائيل أو توسل من ضحية بريئة لأبيها الناذر نذر خاطىء كما في حالة يفتاح أو أمر رجل الله ألا يوقف سيدة مرة النفس (2 ملوك 4: 27) أو شكوى إنسان معذب لله بنوع من العتاب للخالق (أيوب 7: 19)، وهو الأمر المستبعد هنا في سفر المكابيين إذ لا تصف هذه المعاني رسالة ما لأشخاص، وبالتالي فلا يكون معناها الترك هنا.

1- (تثنية 9: 14) أُتْرُكْنِي فَأُبِيدَهُمْ وَأَمْحُوَ اسْمَهُمْ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ وَأَجْعَلكَ شَعْباً أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ مِنْهُمْ.

2- (قضاة 11: 37) ثُمَّ قَالَتْ لأَبِيهَا: «فَلْيُفْعَلْ لِي هَذَا الأَمْرُ: اتْرُكْنِي شَهْرَيْنِ فَأَذْهَبَ وَأَنْزِلَ عَلَى الْجِبَالِ وَأَبْكِيَ عَذْرَاوِيَّتِي أَنَا وَصَاحِبَاتِي».

(1 صموئيل 11: 13) فَقَالَ لَهُ شُيُوخُ يَابِيشَ: «اتْرُكْنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَنُرْسِلَ رُسُلاً إِلَى جَمِيعِ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ. فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُخَلِّصُنَا نَخْرُجْ إِلَيْكَ».

 


3- الإهمال، الخذلان:

وهنا في هذه الأربع مرات تجيء كوعد من الله لرجاله الأمناء أو تشجيع من نبي الله للملك وهو الأمر المستبعد هنا في سفر المكابيين كلية لأن الأية لا تتكلم عن وعد إلهي أو تشجيعي.

1- (تثنية 31: 6): تَشَدَّدُوا وَتَشَجَّعُوا. لا تَخَافُوا وَلا تَرْهَبُوا وُجُوهَهُمْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ سَائِرٌ مَعَكَ. لا يُهْمِلُكَ وَلا يَتْرُكُكَ».

2- (تثنية 31: 8): وَالرَّبُّ سَائِرٌ أَمَامَكَ. هُوَ يَكُونُ مَعَكَ. لا يُهْمِلُكَ وَلا يَتْرُكُكَ. لا تَخَفْ وَلا تَرْتَعِبْ».

 


4- الذهاب أو الترك:

وتفيد هنا معنى ان يذهب شخص ما عن الأخرويتركه وحيدا وطبعا لا ينطبق هنا لأن الآية تتحدث عن توقف الكاتب عن كتابة كلام الله الموحى به ولا تتكلم عن مفارقة شخص لللآخر.

1- (خروج 4: 26) فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ اجْلِ الْخِتَانِ».

2- (نشيد الأنشاد 4: 3) فَمَا جَاوَزْتُهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ بَيْتَ أُمِّي وَحُجْرَةَ مَنْ حَبِلَتْ بِي.

3- (تثنية 4: 31) لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ رَحِيمٌ لا يَتْرُكُكَ وَلا يُهْلِكُكَ وَلا يَنْسَى عَهْدَ آبَائِكَ الذِي أَقْسَمَ لهُمْ عَليْهِ.

 


5- إرتخت:

(تأتي كوصف لأناس أشرار جدا يوقع الله عليهم قضاؤه الإلهي فتفارقهم قوتهم كنتيجة لوقوفهم أمام قوة قضاء الله الديان وهو الأمر المستبعد في هذه الأية هنا أو تأتي بمعنى توقف عن عمل ما مثل توقف الكاروبيم عن تحريك أجنحتها) ولاحظ ان هذا الوصف يأتي على شخص بشري كابن شاول او ملك بابل أو على مدينة عاصية كدمشق قديما أو على الأمة الإسرائيلية في زمن حزقيال لأنهم رفضوا كلام الله ولا تصف مطلقا كتابة ما وبالتالي يكون مستبعدا مجيئها بمعني الرخاوة أو الوهن في سفر المكابيين:

1- (2 صم 4: 1) وَلَمَّا سَمِعَ ابْنُ شَاوُلَ أَنَّ أَبْنَيْرَ قَدْ مَاتَ فِي حَبْرُونَ ارْتَخَتْ يَدَاهُ، وَارْتَاعَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ.

2- (إرميا 49: 24) ارْتَخَتْ دِمَشْقُ وَالْتَفَتَتْ لِلْهَرَبِ. أَمْسَكَتْهَا الرَِّعْدَةُ وَأَخَذَهَا الضِّيقُ وَالأَوْجَاعُ كَمَاخِضٍ.

3- (إرميا 50: 43)سَمِعَ مَلِكُ بَابِلَ خَبَرَهُمْ فَارْتَخَتْ يَدَاهُ. أَخَذَتْهُ الضِّيقَةُ وَالْوَجَعُ كَمَاخِضٍ

4- (إشعياء 13: 6 – 7) وَلْوِلُوا لأَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَرِيبٌ قَادِمٌ كَخَرَابٍ مِنَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لِذَلِكَ تَرْتَخِي كُلُّ الأَيَادِي وَيَذُوبُ كُلُّ قَلْبِ إِنْسَانٍ

 


6– الضعف:

وواضح انها تتكلم عن ضعف جسدي:

(إرميا 38: 4) فَقَالَ الرُّؤَسَاءُ لِلْمَلِكِ: [لِيُقْتَلْ هَذَا الرَّجُلُ لأَنَّهُ بِذَلِكَ يُضْعِفُ أَيَادِيَ رِجَالِ الْحَرْبِ الْبَاقِينَ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ وَأَيَادِيَ كُلِّ الشَّعْبِ إِذْ يُكَلِّمُهُمْ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلاَمِ. لأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لاَ يَطْلُبُ السَّلاَمَ لِهَذَا الشَّعْبِ بَلِ الشَّرَّ].

يتضح لنا الآن بعد أن عرفنا المعاني المختلفة والمتنوعة لكلمة (رافه) العبرية التي استخدمها روح الله القدوس هنا في هذه الأية الكريمة، كيف أن الوحي المقدس المنزّه عن كل خطأ أو شائبة خطأ أصاب حينما أستخدم هذه الكلمة التي تعني (توقف عن ممارسة عمل ما كان يزاوله شخص) وهي الكلمة التي استخدما الوحي في خاتمة السفر ليقول لنا أن كاتب السفر توقف عن الكتابة هنا، كما أن أيضا من معانيها (الإيجاز وعدم الإسهاب والتطويل) وهو الأمر الذي برع فيه الوحي في كتابة أحداث وتواريخ هذه الفترة الطويلة المعقدة دونما إخلال .

 

رابعا: العديد من الأيات جاءت بأساليب إنشائية عديدة في شكل سؤال لغرض بياني أو استفهامي إما لتخجيل القارىء أو إفحامه أو إقناعه فهل لنا أن نرفض هذه الأيات بنفس المنطق بدعوى أنها غير إلهية أو أن الكاتب كان يجهل – وهو الأمر الذي أستخدمه القرآن عديدا في نصوصه -؟؟!!:

1- (1 كورنثوس 1: 16): (وَعَمَّدْتُ أَيْضاً بَيْتَ اسْتِفَانُوسَ. عَدَا ذَلِكَ لَسْتُ أَعْلَمُ هَلْ عَمَّدْتُ أَحَداً آخَرَ)، هل فعلا لا يعلم ما يقوم به الرسول إن كان قام بتعميد أناس آخرين أم لا؟! أم أنه أسلوب أدبي غرضه التواضع وعدم الإسهاب فيما قام به دونما حاجة هنا؟!

2- (1 كورنثوس 7: 25): (وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً.)، فهل فعلا كان الرسول يكتب من عنده وليس عنده أمر أو وصية من الرب بهذا الشأن وبالتالي تصبح المسألة راي خاص؟! أم انه الأسلوب المتواضع في الكتابة، وكيف يكون رأي خاص و هو القائل: كل الكتاب موحى به من الله؟! أم ان المقصود أن الرب في أيام جسده على الأرض لم يعطي فيهن رأيه الخاص لنه لم يُسأل عن هذا الأمر؟!

3- (1 كورنثوس 7: 40): (وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ اللهِ.)، هل كان بولس لا يعرف و يظن مجرد ظن أن عنده روح الله؟؟ أم أنه التواضع الذي يُخَجِّل السامع ليدرك إنه إذا كان الرسول الموحى له وصاحب السلطان لم يستخدمه بل بأدب جم وتواضيع عظيم قال (أظن أني أنا عندي روح الله) ليخجل السامع في تمسكه برأيه وعناده؟ ألا نستخدم نفس هذا الأسلوب في كلامنا بصيغة الشك لنخجل السامع كقولك مثلا إذا كنت طبيبا وهناك من يرفض الدواء المعطى له: أظن أني انا دكتور ولا ايه؟

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر إرميا Jeremiah 49

4- (1 بطرس 5: 12): (بِيَدِ سِلْوَانُسَ الأَخِ الأَمِينِ، كَمَا أَظُنُّ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ بِكَلِمَاتٍ قَلِيلَةٍ وَاعِظاً وَشَاهِداً، أَنَّ هَذِهِ هِيَ نِعْمَةُ اللهِ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي فِيهَا تَقُومُونَ.)،هل لا يدرك بطرس أن كلماته القليلة هي للوعظ والإرشاد؟! أم أنه التواضع الذي لا يريد أن يقول أن كلماته القليلة هي للنصح واللإرشاد؟؟؟ لماذا لم يخرج علينا المعترضون رافضين هذه الرسائل المقدسة بدعوى هذه الكلمات؟؟ من له أذنان للسمع فليسمع

هذا وقد ورد أيضا في أيات الكتاب المقدس بعض الأيات التي يظهر فيها الدور البشري في تدوين الأسفار، ولم يُنْقِص ذلك من قدسية السفر أو يُشكّك في الوحي المقدس، وإليك بعض الأيات التي يظهر فيها هذا الأسلوب

5- (1 كورنثوس 7: 12): (وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا لاَ الرَّبُّ: إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ فَلاَ يَتْرُكْهَا.) أي أن الأمر الذي سيقوله لهم لم يعطي فيه المسيح رأيا أيام وجوده على الأرض وهو أي أن بولس كرسول أخذ يمين الشركة من أئمة وكبار التلاميذ وقد أقامه الله رسولا وهاديا للبشرية جمعاء سيعطي رأيه في هذه المسالة التي لم تطرح للسؤال أيام المسيح

6- (غلاطية 3: 15): أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ أَقُولُ «لَيْسَ أَحَدٌ يُبْطِلُ عَهْداً قَدْ تَمَكَّنَ وَلَوْ مِنْ إِنْسَانٍ، أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ».) فهل نرفض هنا رسالة غلاطية بدعوى أن الرسول كان يتكلم بالحكمة الإنسانية والمنطق البشري دون أن يكون له وحي من الله؟!!! ام أن هذا الاستفهام غرضه التأكيد والتحقق من عدم امكانية أبطال عهد قد تمكّن أن بقوله أنه (بحسب المنطق البشري العادي = بحسب الإنسان) …

7- (رومية 3: 5): (وَلَكِنْ إِنْ كَانَ إِثْمُنَا يُبَيِّنُ بِرَّ اللهِ فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَلَعَلَّ اللهَ الَّذِي يَجْلِبُ الْغَضَبَ ظَالِمٌ؟ أَتَكَلَّمُ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ.) فهل نرفض أيضا رسالة رومية لأن الرسول كان يستخدم أسلوب السؤال الإنشائي ويتكلم بالمنطق البشري؟!!! كلا طبعا. أم أنه سؤال كان يطرحه الكثيرين وقد ذكره الوحي على فم بولس الرسول ليرد على حجتهم وسؤالهم بردود إلهية تقيم عليهم الحجة؟

 

خامسا: حتى لو كانت الكلمة تعني (ضعف)، فهل هذا يعني أن السفر غير موحى به؟ ألم يستخدم الوحي نفس هذه الكلمة على كلام الرسول بولس حينما اورد اتهامات الضالين ورد عليها؟ ألم يقل الكتاب عن الرب يسوع أنه صلب من ضعف واصفا حال تجسده وبشريته في مواجهة الدينونة الالهية كنالئب والذبيح عنا؟ أولم يستخدم الوحي نفس الكلمة عن الله حينما أورد ما هو شائع على ألسنة الناس حينذاك ورد على هذه المقولة، فهل يرفضهم أحدا ما كان؟!! كلا طبعا، ولكن ياليتهم يفهمون ويرجعون للمكتوب دونما تكبر.

1. (1 كورنثوس 1: 25): (لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!)، فهل فعلا الله ضعيف أم أنه أسلوب ادبي كما هو موضح مما يسبق الأية ويليها وهو بنفسه سيرد على هذا السؤال الذي كان يطرحه الكثيرين أيامه؟!! – راجع تفسير الرسالة –

2. (1 كورنثوس 2: 3): (وَأَنَا كُنْتُ عِنْدَكُمْ فِي ضُعْفٍ وَخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ كَثِيرَةٍ. (هل كان بولس رسول الأمم ضعيف وخائف ومرتعد كثيرا وهو يبشرهم؟!! أين إذن قوة الله وثقته ورجائه في الله، أم انه ضعف الطبيعة البشرية العادي حتى في التبشير. ألا ينطبق نفس المعنى على كاتب سفري المكابيين في حالة إذا ترجمت الكلمة العبرية لضعف؟ وهي الكلمة المتعددة المعاني والتي تترجم أيضا (كاف – موجز – مختصر)؟!!

3. (2 كورنثوس 11: 30): (إِنْ كَانَ يَجِبُ الاِفْتِخَارُ، فَسَأَفْتَخِرُ بِأُمُورِ ضُعْفِي.)، هنا يفتخر الرسول بضعفاته، يفتخر بتواضعه، ولم يقل أحد يوما ما أن هذا الأسلوب ضد الوحي المقدس لأنه استخدم كلمة ضعف عن نفسه وفي الأية السابقة عن كلام بشارته .

4. اتهم بعض الكورنثيون كلام بولس بالضعف والحقارة

(2 كورنثوس 10: 10): (لأَنَّهُ يَقُولُ: «الرَّسَائِلُ ثَقِيلَةٌ وَقَوِيَّةٌ، وَأَمَّا حُضُورُ الْجَسَدِ فَضَعِيفٌ وَالْكَلاَمُ حَقِيرٌ».) فهل يليق وصف كلام الله بالحقارة هنا؟ كلا طبعا ومع ذلك لم يرفض احد الرسالة بدعوى أنها أوردت اتهامات بعض الكفرة لكلام رسول الله بولس وردت عليهم بقوة

5. (2 كورنثوس 10: 10): (ثُمَّ أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ بِوَدَاعَةِ الْمَسِيحِ وَحِلْمِهِ، أَنَا نَفْسِي بُولُسُ الَّذِي فِي الْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ بَيْنَكُمْ، وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ عَلَيْكُمْ.)

6. بل وأكثر من هذا قيل عن الرب يسوع نفسه أن صلب من ضعف

(2 كورنثوس 13: 4): (لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ صُلِبَ مِنْ ضُعْفٍ لَكِنَّهُ حَيٌّ بِقُوَّةِ اللهِ. فَنَحْنُ أَيْضاً ضُعَفَاءُ فِيهِ، لَكِنَّنَا سَنَحْيَا مَعَهُ بِقُوَّةِ اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ.) ومع ذلك لم يقل أحد نرفض لأنها قالت أن المسيح صلب من ضعف (كابن انسان وبشر عادي) وهو القوي الذي قال لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها بسلطان لاهوته المحيي.

 

هذا الرد لغير المسيحيين،

أما بالنسبة لبعض الطوائف المسيحية التى لا تعترف بسفر المكابيين الثانى كوحى إلهى، ويستندون على قول الكاتب عن الوهن والتقصير والتأليف مما ينفي موضع الوحي عن الكتاب:

فنقول لهم إذا كان الأمر هكذا فما تفسيركم لأقوال بولس الرسول التالية:

1.
“أما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب..” (1كو12: 7)

2.
“أيها الإخوة بحسب الإنسان أقول” (غل15: 3) وكذلك (رو5: 3) فهل أقوال بولس هذه تنفي أنه كان يتكلم بوحي من الروح القدس.

3.
وراجع (1كو25: 1) فنجد بولس يقول “ضعف الله أقوى من الناس” (1كو25: 1) وعن نفسه ينسب الضعف (1كو3: 2). فلماذا ننكر أن أقوال سفر المكابيين الثاني هي أسفار إلهية لأن كاتبها ينسب لنفسه الوهن والتقصير (39). لكنها كلمات إتضاع منه.

 

وأخيرا فلنسمع الله محذرا إيانا من الإستماع للتعاليم الخاطئة:

{ اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ. اعْكُفْ عَلَى ذَلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ. وَبِّخِ، انْتَهِرْ، عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ وَتَعْلِيمٍ. 3لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، 4فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ. 5وَأَمَّا أَنْتَ فَاصْحُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ. اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ. تَمِّمْ خِدْمَتَكَ } (تيموثاوس الثانية 4: 2 – 5).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي