المسيح لا يقدر أن يعمل من نفسه شيئ


ا

النص الأول:

(يوحنا 5: 19) فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ

النص الثانى:

(يوحنا 5: 30) أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.

يقول المعترض ان هناك نصين يفيدان بان المسيح لا قوة له وانما يستمد قوته من الله؟

 

الرد:


النص الأول:


يو 5: 19 فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ

لو قرأ المعترض العددين السابقين لهذا العدد لفهم تماما مغزى قول المسيح هذا!

17 فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ».

18 فَمِنْ أَجْلِ هَذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ اللَّهَ أَبُوهُ مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللَّهِ.

فالمسيح يساوى أعماله باعمال الاب تماما واليهود فهموا انه يعادل نفسه بالله ثم ياتى قول المسيح ان الابن لا يقدر ان يفعل من نفسه شيئا الا ما ينظر الاب ليس لأن الابن مجرد مخلوق يطيع ألهه بل لسبب أخر يبينه الشق الثانى من النص والذى لا يستطيع مسلم ان يقترب منه الا وهو “لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ”

 

فالابن والاب واحد جوهريا وذاتيا فلا يعقل ابدا ان يفعل الابن شيئا ولا يفعله الاب وهم واحد ولأجل ذلك يقول النص مهما عمل ذاك اى الاب فان الابن ايضا يقوم بعمله , ودقق فى كلمة “مهما” فهى تعنى لامحدودية هذه القدرة المتماثلة بين الاب والابن لسبب واحد فقط وهو ان الاب والابن واحد جوهريا وذاتيا.

 

يشرح القمص تادرس يعقوب ملطى النص فيؤكد ما قلناه سابقا قائلا:

 في حديثه دومًا يؤكد حقيقتين: وحدانية اللَّه، وأنه واحد مع الآب ومساوٍ له.إذ أراد اليهود أن يقتلوه ليس فقط لأنه كسر السبت بل وقال أيضًا أن اللَّه أبوه، معادلاً نفسه باللَّه. لم يكن رد الفعل أنه قال: “لماذا تريدون قتلي، إني لست معادلاً لأبي”. لو كان السيد المسيح أقل من اللَّه من جهة اللاهوت لالتزم بتوضيح ذلك. لكنه أوضح أنه لا تناقض بينه وبين الآب، لأن ما يفعله الآب إنما يفعله بالابن الذي هو قوة اللَّه وحكمته. “كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان” (يو 1: 2). يقول أن ما يرى الآب هو يفعله؛ ماذا يعني أن ما يرى الآب هو فاعله؟ هل ينظر ما فعله الآب فيكرر ذات الفعل؟ مستحيل! لكن إذ يقوما بذات العمل، فهو واحد مع أبيه في الإرادة، لذلك يتمم الفعل الإلهي الذي حسب مسرة أبيه. وفي نفس الوقت حسب مسرته هو. لا يقدر الابن أن يفعل شيئًا من ذاته بسبب الوحدة التي لا تنفصم مع الآب، ولا يفعل الآب شيئًا دون الابن بسبب الوحدة اللانهائية، لأن الابن هو قوة الله وحكمة الله وكلمة الله. يقدر الكائن المخلوق أن يفعل شيئًا من ذاته، إذ يستطيع أن يخطئ الأمر الذي لن يقدر الله أن يفعله لأنه قدوس بلا خطية. أما الابن فلن يقدر أن يفعل إلاَّ ما يرى الآب فاعله. كأنه يقول لهم إن اتهمتموني بكسر السبت، فأنا لا أفعل شيئًا إلاَّ ما أرى الآب فاعله، فهل تحسبونه كاسرًا السبت؟!

 

ويقول القديس اغسطينوس:

يُظهر الآب له ما سيفعله لكي ما يُفعل بالابن. إذن ما نحن نوضحه أيها المحبوبون، الأمر الذي نسأله، كيف يرى الكلمة؟ كيف يُرى الآب بواسطة الكلمة؟ وما هو الذي يراه الكلمة؟ لست أتجاسر هكذا ولا أتهور فأعدكم إنني أشرح هذا لنفسي أو لكم. إنني أقدر قياسكم وأعرف قياسي…

لقد عني بذلك ألا نفهم بأن الآب يفعل بعض الأعمال التي يراها الابن، والابن يفعل أعمالاً أخرى بعد أن يرى ما فاعله الآب. وإنما كلا من الآب والابن يفعلان ذات الأعمال… فإن كان الابن يفعل ذات أعمال الآب، وإن كان الآب يفعل ما يفعله بالابن، فالآب لا يفعل شيئًا والابن شيئًا آخر، إنما أعمال الآب والابن هي واحدة بعينها. أقدم لكم مثالاً الذي أظن أنه ليس بصعبٍ عليكم، عندما نكتب خطابات تُشكل أولاً بقلوبنا وبعد ذلك بأيدينا… القلب واليد يقومان بعمل الخطابات. أتظنون أن القلب يشكل خطابات والأيدي خطابات أخرى؟ ذات الخطابات تفعلها القلب عقليًا واليد تشكلها ماديًا. انظروا كيف أن ذات الأمور تتم ولكن ليس بنفس الطريقة. لذلك لم يكن كافيًا للرب أن يقول: “مهما عمل الآب فهذا يعمله الابن أيضًا”، لكن كان لازمًا أن يضيف: “وبنفس الكيفية”… إن كان يفعل هذه الأمور بذات الكيفية، إذن فليتيقظوا، وليتحطم اليهود، وليؤمن المسيحي، وليقتنع المبتدع، فإن الابن مساوي للآب.

 

و يقول القديس يوحنا ذهبى الفم:

 إن سألت: فما معنى قول المسيح “لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئًا”؟ أجبتك: معناه أنه لا يقدر أن يعمل عملاً مضادًا لأبيه ولا غريبًا عنه. وهذا قول يوضح معادلته لأبيه واتفاقه معه كثيرًا جدًا. قول المسيح: “لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئًا إلا ما ينظر الآب يعمل” كأنه يقول: “إنه ممتنع عليّ وغير ممكن أن أعمل عملاً مضادًا”. وقوله: “لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك” بهذا القول أوضح مشابهته التامة لأبيه.ماذا يعني: لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئًا؟ إنه لا يقدر أن يعمل من نفسه شيئًا في مضادة للآب، ليس شيء مغايرًا، ليس شيء غريبًا، مما يظهر بالأكثر المساواة والاتفاق التام. لماذا لم يقل: “لا يعمل شيئًا مضادًا” عوض قوله: “لا يقدر أن يعمل”؟ وذلك لكي يثبت عدم التغير والمساواة الدقيقة، فإن هذا القول لا يتهمه بالضعف، بل يشهد لقوته العظيمة… وذلك كالقول: “يستحيل على الله أن يخطئ”، لا يتهمه بالضعف، بل يشهد لقوته التي لا يُنطق بها…هكذا المعنى هنا هو أنه قادر، أي مستحيل أن يفعل شيئًا مضادًا للآب.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ك كيرينيوس 1

 

ويقول القديس امبروسيوس:

 ليس للابن ولا للروح شيء من ذاتهما، لأن الثالوث لا يتحدث عن أمرٍ خارج عن ذاته… لا يظن أحد أنه يوجد أي اختلاف في العمل سواء من جهة الزمن أو التدبير بين الآب والابن، بل يؤمن في وحدة ذات العملية. تكمن الحرية (للثالوث القدوس) لا في وجود اختلافات بل في وحدة الإرادة.لقد حقَّ للابن وثبّت مساواته للآب، مساواة حقيقية، مستبعدًا كل اختلاف في اللاهوت.

 

ويقول القديس كيرلس الاورشاليمى:

صنع المسيح كل الأشياء، لا بمعنى أن الآب تنقصه قوة لخلق أعماله، إنما لأنه أراد أن يحكم الابن على أعماله فأعطاه اللَّه رسم الأمور المخلوقة. إذ يقول الابن مكرمًا أبيه: “لا يقدر الابن أن يعمل شيئًا إلا ما ينظر الآب يعمل. لأنه مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك” (يو 19: 5). وأيضًا: “أبي يعمل حتى الآن وأنا اعمل”. فلا يوجد تعارض في العمل، إذ يقول الرب في الأناجيل: “كل ما هو لي فهو لك. وما هو لك فهو لي” (يو 10: 17). هذا نتعلمه بالتأكيد من العهدين القديم والجديد، لأن الذي قال: “نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا” (تك 26: 1) بالتأكيد تكلم مع اقنوم معه. وأوضح من هذا كلمات المرتل: “هو قال فكانت. وهو أمر فخلقت” (مز 5: 148). فكما لو أن الآب أمر وتكلم، والابن صنع كل شيء كأمر الآب.

 

ويحذرنا القديس أغسطينوس من التفسير المادي:

إنه لم يقل: “لا يقدر الابن أن يفعل شيئا من ذاته إلاَّ ما يسمع الآب يأمر به” بل يقول: “لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئًا، إلا ما ينظر الاب يعمل”. أنظر هل تفهم هذا هكذا: الآب يفعل شيئًا، والابن يصغي ليري ماذا يفعل هو أيضًا، وأنه يفعل شيئا آخر مثلما يفعل الآب. ما يفعله الآب بمن يفعل هذا؟ إن لم يكن بالابن، إن لم بالكلمة، فإنك تجدف ضد الإنجيل، “لأن كل شئ به كان” (يو ١: ٣). إذن ما يفعله الآب إنما يفعله بالكلمة. فإن كان بالكلمة يفعل هذا إنما يفعله بالابن. فمن هو هذا الآخر الذي يصغي ليفعل شيئًا يرى الآب فاعله؟الآب لا يفعل أشياء والابن أشياء أخرى، فإن كل الأشياء التي يفعلها الآب إنما يصنعها بالابن. الابن أقام لعازر، ألم يقمه الآب؟ الابن أعطى النظر للأعمى، ألم يهبه الآب البصر؟ يعمل الآب بالابن في الروح القدس. إنه الثالوث، لكن عمل الثالوث هو واحد، العظمة واحدة، الأزلية واحدة، الأبدية واحدة، والأعمال واحدة. لم يخلق الآب بعض الناس والابن آخرين والروح القدس آخرين. خلق الآب والابن والروح القدس إنسانًا واحدًا بعينه…

 

وبنفس ما شرح القديسيين الاوائل قال ايضا أدم كلارك
Adam Clarke
فى تفسيره:

The Son can do nothing of himself – Because of his inseparable union with the Father: nor can the Father do any thing of himself, because of his infinite unity with the Son

 “الابن لا يستطيع ان يفعل من نفسه شيئا , لأجل الأتحاد الملازم مع الاب ايضا الاب لا يستطيع ان يفعل من نفسه شيئا بسبب وحدته اللانهائية مع الابن”

 

و يقول مارفين فينسون
Marvin Vincent
فى كتابه
Vincent’s Word Studies
:

 
But what He seeth

Referring to can do nothing, not to of himself. Jesus, being one with God, can do nothing apart from Him
.

“الا ما ينظر , تشير الى عدم فعل اى شىء من نفسه , يسوع , هو واحد مع الله الاب ولا يستطيع فعل شىء بعيدا عنه” وهو بذلك يؤكد قول اباء الكنيسة فى وحدانية الاب مع الابن.

ويقول جون ويسلى
John Wesley
فى تفسيره:

 
The Son can do nothing of himself – This is not his imperfection, but his glory, resulting from his eternal, intimate, indissoluble unity with the Father

 “الابن لا يستطيع ان يفعل شئ من نفسه , ليس هذا عيبا فيه وانما هو مجده ناتجا عن الوحدة الازلية السرمدية الحميمة مع الاب”

 

ويقول البرت بارنس
Albert Barnes
فى تفسيره: –

When it is said that he can “do nothing” of himself, it is meant that such is the union subsisting between the Father and the Son that he can do nothing “independently” or separate from the Father

 “حينما يقال انه لا يقدر ان يفعل شيئا من نفسه هذا يعنى الاتحاد المعاش بين الاب والابن حتى انه لا يستطيع ان يفعل شىء مستقل او منفصل عن الاب”

ويقول جاميسون وفاوست وبراون فى تفسيرهم
Jamison,Fausset & Brown Commentary
: –

 

the Son can do nothing of himself — that is, apart from and in rivalry of the Father, as they supposed. The meaning is, “The Son can have no separate interest or action from the Father
.”

 “الابن لا يستطيع ان يفعل من نفسه شيئا , هذا انه من الاب , المعنى انه الابن لا يمكن ان يفعل شيئا منفصل عن الاب”

 

وهكذا نرى اتفاق الاباء فى القرون الاولى وعلماء المسيحية فى العصر الحديث على المغزى الصحيح للنص من انه لا يمكن ان يفعل الابن شيئا منفصلا عن الاب ذلك نتيجة الوحدة الجوهرية والذاتية فتستد افواه هؤلاء المبطلين المبتدعين الذين يتجرأون على كتاب الله المقدس.

 


النص الثانى:


يو 5: 30 أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.

دعونا نبدأ من العدد الخامس والعشرون من الاصحاح لنرى سياق هذا المقطع كاملا

يقول الوحى على لسان البشير يوحنا

25 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللَّهِ وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ.

26 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ كَذَلِكَ أَعْطَى الاِبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ع عتلاي ي

27 وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً أَنْ يَدِينَ أَيْضاً لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ.

28 لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ

29 فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ.

30 أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.

 

اذن فمن سياق الكلام الحديث هنا عن يوم الدينونة وقد بين السيد المسيح ان الاموات سيحيون بسماع صوته ففى هذه اشارة لسلطانه العظيم حتى على الموتى الذين بمجرد سماع اصواتهم سيحيون وقد بين وحدانية الذات بين الاب والابن واعطى سلطانا أن يدين أيضا (الاعطاء اقنوميا) ليس لشىء الا لأنه ايضا ابن الانسان اى انه ممثل الانسان امام العدالة الالهية وهو دائن الانسان ايضا امام العدالة الالهية فكما كان يشفع طوال الوقت وهو عن يمين الاب (اقنوميا وليس ذاتيا) هو نفسه سيدين بنى الانسان وحين يسمع الذين فى القبور صوته يخرج كل منهم من الذين قاموا من الاموات فيذهب الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة والذين فعلوا السيئات الى قيامة الدينونة….اذن الحديث وصل بنا هنا عن قيامة الاموات وذهاب كل فرد ممن قاموا الى مكان المجازاة وبكل تأكيد لن يذهبوا قبل حسابهم جميعا وكما اوضحنا ان الذى سيدين البشر هو ابن الانسان اى يسوع المسيح اذن يسوع هو الدائن وهنا نأتى للعدد رقم 30 والذى يمثل لهؤلاء الجهال مشكلة.!

 

وصلنا الى قيامة الاموات ويوم الدينونة وهنا يؤكد المسيح مسلكه فى يوم الدينونه الذى اعلنه فى العدد السابق ان الصالحين سيذهبوا الى الحياة والسيئيين الى الدينونة وهنا قال انه لا يستطيع فعل اى شىء للمدينيين من نفسه فقد انقضت فترة الحياة على الارض وانتهت فرصة التوبة ولا مجال للتوبة الان والمسيح لا يستطيع فعل شىء للبشر من نفسه كأن يدخل من عمل السيئات الملكوت او من عمل الصالحات الجحيم فكما سيسمع من من كل انسان سيدينه اى اذا كان الانسان سىء سيدينه كما يسمع منه ولن يجازيه اكثر مما يستحق واذا كان انسان خيٌر سيدينه كما يسمع منه ولن يظلمه ونجد سبب ذلك حين قال المسيح ان دينونته عادلة وبالطبع كيف لا يكون عادل وهو من قبل كل هذا العناء كى لا يجور على عدله.

 

ثم ياتى قول المسيح “لأنى لا اطلب مشيئتى بل مشيئة الذى ارسلنى) وهنا تتضح وحدانية المشيئة بين الاب والابن ذاتيا ووحدانية الارادة بين الاب والابن ويقول ذهبى الفم مؤكدا هذا الكلام ” كأن المسيح يقول هنا: “إنكم لم تبصروا فيّ فعلاً غريبًا مخالفًا، ولا عملاً لا يريده أبي”.

 

ويشرح القس انطونيوس فكرى هذا النص وسياقه كاملا فى الاصحاح فيقول:


آية (19): “فأجاب يسوع وقال لهم الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلاّ ما ينظر الآب يعمل لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك.”

حينما تذمروا على قوله أن الآب أبيه بدأ يشرح بالأكثر علاقته بالآب وأن الآب أرسله ليعطي حياة للبشر ولاحظ أن المسيح لم يقل لهم أنتم فهمتم خطأ، فأنا لست مساوياً لله، بل تدرج بهم ليثبت لهم أنه الله.
لا يقدر=لا يفهم منها العجز بل كما نقول أن الله لا يقدر أن يكذب، أو لا يقدر أن ينكر نفسه (2تي13: 2). فمن مستلزمات طبيعة الله الابن المطابقة التامة لطبيعة الله الآب وإرادته، ولا يقدر أن يفعل ما يخالف الآب فهذا يصبح ضد طبيعته. فالابن يستطيع كل شئ إلاّ شيئاً واحداً وهو أن تكون له إرادة مخالفة للآب. بل مهما عمل الإبن فهو متمشي مع عمل الآب. والآب والابن يعملان معاً في وحدة. هما متفقان تماماً بلا خلاف فهم في وحدة. فالآب هو الله غير المنظور والابن هو الله المنظور، ويعمل الأعمال المنظورة. والابن لا يعمل شيئاً ما لم يكن الآب يريده فإرادتهما واحدة. كما يكون في قلبي مشاعر تترجمها يدي إلى خطاب مكتوب. فالقلب واليد يعملان معاً. المسيح هنا يشرح علاقته بالآب إذ حنقوا عليه عندما قال “أبي” في (آية17) عسى أن تنفتح قلوبهم. والمسيح يتدرج مع الفريسيين في موضوع علاقته بالآب حتى يعلن نفسه بوضوح (آية24،30). ولنلاحظ أن وحدة العمل تتمشى مع وحدة الإرادة، وهذا يشير لجوهر الوحدة المطلق. وبالتالي فالمسيح لن يكسر السبت ما لم يكن الآب موافقاً على عمله=
الابن لا يقدر أن يعمل من نفسه شيئاً إلاّ ما ينظر الآب يعمل=أي أعمال الابن غير منفصلة عن أعمال الآب. هذا القول لا يلغي سلطان الابن بل يعلن وحدة الإرادة التي لا تنفصم.
ينظر=يرى فكر الآب فهو فكره وعقله، فهو يرى أي يعرف ما يريده الآب فيعمله. تعني المعرفة المستمرة والرؤية الواضحة للآب فهما واحد. وجاءت في المضارع. فالمسيح يتكلم هنا وهو في الجسد. أمّا حينما يقول وأنا ما سمعته منه (38: 8) أو أتكلم بما رأيت (26: 8) فهذه تشير لما رآه وسمعه قبل تجسده عند الآب. وقوله رآه وسمعه إشارة لإتحادهما الفريد فلا أحد يعرف الآب أو يراه أو يسمعه سوى الابن الذي هو في حضن الآب (يو18: 1) وهو واحد معه (يو30: 10). وقارن مع (36: 5،42: 8) لتعرف أن المسيح له وجود سابق على تجسده. والمسيح يقول هذا لنصدق بلا ريبة كل ما يقوله والإيمان بلا فحص، فالآب والابن واحد وكل ما يعمل الآب يراه الابن وحده أي يعرفه معرفة التطابق، وبإعتباره الله المتجسد يعمل بمقتضاه لأن إرادتهما واحدة، بل الابن يستعلن إرادة الآب.
مهما عمل ذاك (الآب) يعمله الإبن كذلك=هنا تظهر قوة الابن المطلقة واللانهائية. هو يعمل مع الآب في شركة عمل بلا إنفصال. يعمل معه في إنسجام وإتفاق.


 


آية (30): “أنا لا اقدر أن افعل من نفسي شيئاً كما اسمع أدين ودينونتي عادلة لأني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني.”

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ر رام م

هذه الآية وصلة بين ما سبق الذي تحدث فيه يسوع عن مساواته مع الآب وبين بقية الإصحاح الذي يتكلم فيه عن الشهادة له. المسيح هنا لأول مرة يقول
أنا.فظهر بوضوح أنه يقصد نفسه بكل ما سبق
كما أسمع أدين=تعنى إستحالة الإنفصال بين الأقنومين في الرأي أو العمل وتشير للإتفاق التام. هي إشارة لمعرفة تامة لفكر الآب لذلك يقول
دينونتي عادلة= فهو لا يطلب شيئاً لنفسه. ما دام هناك تساوي مطلق فهذه تشير أن لهما إرادة واحدة فالآب يريد والإبن ينفذ ويعلن لنا أي يستعلن إرادة الآب، فهو وحدهُ الذي يعرف مشيئة الآب. ولا توجد خليقة ما مهما كانت تستطيع أن ترى الله وتسمعه وتعرفه وتعرف إرادته إلاّ الإبن الذي هو من طبيعة الآب، لذلك فهذه الآية تشير لطبيعة المسيح الإلهية (يو18: 1).
لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني=مشيئة الإبن أن يعمل مشيئة الذي أرسله (يو34: 4) ومشيئة الآب نجدها في (يو39: 6،40) وبهذا نرى أن مشيئة الآب والإبن في إنسجام تام ووحدة، فمشيئة الله أن الجميع يخلصون. هذه الآية تكرار للآية (19) ولكن هنا يوضح أن الإبن في آية (19) هو يسوع نفسه، لذلك يقول هنا “أنا” وهو لا يعمل شيئاً بدون شركة مع الآب. فالنبوة فيها إتصال الآب بالإبن.

 

الآيات (19-23) نرى فيها تسلسل لطيف جداً. ففي آية (19) نرى الإبن يعمل ما يعمله الآب. وفي آية (20) يشرح لماذا فيقول
لأنالآب يحب الإبن. ثم يقول وسيريه أعمالاً أعظم. وفي آية (21) يقول
لأنالابن يحيي. إذاً إقامة الأموات هي الأعمال الأعظم. والإبن سيحيي من يشاء
لأنهله الدينونة آية (22) ولكن ما معنى يريه
جميع ما هو يعمله.. وسيريه.. وكما أسمع أدين(آية30).

نرى في آية (19) التساوي المطلق بين الآب والإبن=
مهما عمل ذاك فهذا يعمله الإبن كذلك.والسبب في آية (20) هو المحبة. فالله محبة، ينبع محبة. والإبن هو المحبوب (أف6: 1). والروح القدس هو روح المحبة. هي وحدة أساسها المحبة. وبسبب هذه الوحدة والمحبة، فالإبن يعمل كل ما يعمله الآب، وله كل ما للآب
ويريه جميع ما هو يعمله=يريه تعني المعرفة الكاملة بما يريد الآب. فلا يعرف الآب إلا الإبن ولا أحد يعرف الإبن إلاّ الآب (لو22: 10). هي معرفة التطابق الناشئ عن الوحدة. ولكن داخل المشورة الثالوثية لكل أقنوم عمله. فالآب يريد. والإبن ينفذ. فالآب يريد أن الجميع يخلصون، والإبن يقدم التجسد والفداء. الآب يريد أن يعطي حياة للبشر، وهذا ما يعمله الإبن والآب خلق العالم بالإبن، ويفعل كل الأشياء بالإبن، فالإبن به كان كل شئ. بل الإبن سيقوم بتجميع البشر في جسده ليقدم الخضوع للآب، ويعطي البشر حياة فهو له حياة في ذاته. بل هو الوحيد الذي بجسده أطاع كل الوصايا. والمسيح له أعمال هذه قال عنها أن الآب أراه إياها أو يريه إياها. وله أقوال وتعاليم ودينونة قال عنها أنه سمعها من الآب. وبنفس المفهوم يقال هذا عن الروح القدس “كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية” (يو13: 16). فهي معرفة التطابق الناشئ عن المعرفة نتيجة الوحدة، الوحدة التي في طبيعة الله بالمحبة. والآب يريد والإبن يَعْمَلْ ويُعَلِّمْ. والروح القدس يُخْبِرْ.

وبهذا المفهوم فالمسيح يقول لهم.. وإن شقيت في السبت فأنا لم أخالف وصايا الآب. وكيف أخالفها إن كان هناك هذه الوحدة وهذا الحب.

وإذا قال المسيح
يريهافهو يقصد الأعمال التي يعملها الآن. وإذا قال
سيريهفهو يقصد الأعمال التي سيعملها في المستقبل كإقامة أموات، بل قيامته هو شخصياً. وإذا قال
رأيتفهذا إشارة لسابق وجوده قبل التجسد.

وقول السيد المسيح هنا أنه يحيي من يشاء فهذا إشارة لأنه هو يهوه، فهذه مقدرة الله فقط (تث29: 32+ 2مل7: 5+ 1صم6: 2). وهذا ما يفهمه اليهود الذين يكلمهم المسيح. ويعلن المسيح أيضاً بوضوح أنه يهوه إذ هو الديان، وكان يغفر الخطايا. هو ينقلهم بالتدريج ليفهموا من هو.

وإذا فهموا من هو فيكرموه كما يكرموا الآب آية (23). ومن يرفضه ولا يؤمن به أو لا يكرمه فمصيره الدينونة آية (24).

 


في هذه الآيات نرى العلاقة بين الآب والإبن:

1)

فهما مشيئة واحدة:

فالإبن لا يقدر أن تكون له إرادة منفصلة في العمل عن إرادة أبيه.

2)

غير منفصلين:

فالإبن ينظر كل ما للآب ويسمع كل ما عند الآب (وهكذا الروح القدس).

3)

نفس القدرة:

كل ما يفعله الآب يفعله الآبن.

4)

الحب يربط بينهما:

فالإبن يعرف كل أسرار الآب.

5)

كل ما للآب هو للإبن:

فالإبن يحيي من يشاء وهذا عمل الآب. وهذه عبارة لم تقال عن إيليا أو غيره حين أقاموا أموات.

6)

الإبن هو الديان:

وهذا عمل الآب “أديان الأرض كلها..” (تك25: 18).

7)

لهما نفس الكرامة:

فكما يكرمون الآب عليهم أن يكرموا الإبن أيضاً.

إذاً هما متساويان.

 

بعد دحض الشبهة نود ان نشير الى ان هذا الاصحاح ملىء بأدلة لاهوت السيد المسيح نذكر منها:

17 فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ». (مساواة اعماله باعمال الاب)

18 فَمِنْ أَجْلِ هَذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ اللَّهَ أَبُوهُ مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللَّهِ. (شهادة اليهود لماساوته للأب)

21 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي كَذَلِكَ الاِبْنُ أَيْضاً يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. (مساواة قدرته بنفس قدرة الأب)

23 لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الاِبْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. (مساواة كرامته بكرامة الاب)

26 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ كَذَلِكَ أَعْطَى الاِبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ (مساواة جوهر الابن لجوهر الاب).

“ونعلم ان أبن الله قد جاء واعطانا بصيرة لنعرف الحق,و نحن فى الحق فى ابنه يسوع المسيح, هذا هو الاله الحق والحياة الابدية” (1يو5: 20)

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي