فصل (
45) يتبرر العاملون بالناموس ليس بأعمالهم بل بالنعمة يتبارك أسم الله و قديسيه في معانٍ مختلفة
ولم يقصد الآن أن يناقض نفسه في قوله: “الذين يعلمون بالناموس هم يبررون” (رو2: 13) كما لو كان تبريرهم يأتي بأعمالهم وليس بالنعمة؛ لأنه يصرح أن الإنسان يتبرر مجانا بنعمة الله بدون أعمال الناموس (رو3: 24، 28) قاصدا بكلمة “مجانا” أن الأعمال لا تسبق التبرير إذا أنه في عبارة أخرى يقول بصراحة: “فإن كان بالنعمة فليس بعد بالأعمال والإ فليست النعمة بعد نعمة” (رو11: 6) ولكن تقريره أن: “الذين يعملون بالناموس يتبررون” (رو11: 13) يجب أن يفهم كذلك كما نعرف أنهم خلافا إلى ذلك لا يعملون بالناموس إذا لم يتبرروا لكي لا ينالون التبرير فيما بعد لكونهم عاملون بالناموس ولكن التبرير يسبقهم كعاملون بالناموس. فماذا تعني كلمة “تبرروا سوى أصبحوا أبرارا” بواسطة الله طبعا الذي يبرر الإنسان الشرير إلى أن يصبح إنسانا تقيا؟ لأننا إذا أردنا أن نعبر عن حقيقة معينه بأن يقول: “الرجال سيتحررون” فإن هذه الجملة ستفهم بالطبع كأنها تؤكد أن التحرير سيمنح لهؤلاء الذين أصبحوا الآن رجالا ولكن إذا أردنا أن نقول الرجال سيخلقون فلا تفهم بالتأكيد كأننا نؤكد أن الخلق سيحدث للذين هم الآن في الوجود ولكن أنهم أصبحوا رجالا بعملية الخلق نفسها، وإذا قيل بمثل هذه الطريقة أن العاملين بالناموس سيكرمون فإننا سنفسر التقرير بطريقة سليمة إذا افترضنا أن الكرامة كانت يجب أن تمنح لهؤلاء الذين كانوا يعملون بالناموس سابقا: ولكن عندما يكون البرهان: “الذين يعملون بالناموس يتبررون” فماذا تعني سوى أن الإنسان المستقيم سيتبرر؟ إذ أن الذين يعملون بالناموس هم أشخاص مستقيمون (أبرار).
وهكذا تصل إلى نفس الشيء كما لو قيل أن الذين يعملون بالناموس سيخلقون. ليس الذين خلقوا سابقا ولكن لكي يقدروا أن يصيروا هكذا. لكي بهذا يفهم اليهود الذين كانوا يسمعون الناموس أنهم يريدون نعمة الله الذي يبرر لكي يمكنهم أن يعملوا بها أيضا. أو أن تعبير “يتبررون” استعمل بمعنى “أنهم يعتبرون أو يحسبون كأنهم أبراراً. كما نسب إلى إنسان معين ذكر في الإنجيل: “وأما هو فإذا أراد أن يبرر نفسه” (لو 10: 29) بمعنى أنه أراد أن يعد ويحسب نفسه باراً وبمثل هذه الطريقة تضيف معنى إلى التقرير “الله يقدس قديسيه” ومعنى آخر إلى الكلمات “ليتقدس اسمك” (مت6: 9)
إذا أنه في الحالة الأولى نفترض أن الكلمات تعني أن الذين لم يكونوا قبلا قديسين يجعلهم الله قديسين. وفي الحالة الأخرى أن الشخص الذي يصلي يجب أن يعتبر ما هو مقدس دائما في ذاته مقدسا أيضا بالنسبة للناس- وبكلمة يكون مخوفا برهبة مقدسة.