الباب الثانى


إدانة هرطقة أبوليناريوس

أدانت عدة مجامع مكانية فى روما (377م)، والإسكندرية (378م)، وأنطاكية (379م) تعاليم أبوليناريوس. ثم أدين فى المجمع المسكونى الثانى الذى انعقد فى القسطنطينية (381 م).

كان رأى آباء مجمع القسطنطينية أن السيد المسيح كان له روح إنسانية عاقلة لأنه جاء لخلاص البشر وليس لخلاص الحيوانات. وأنه كان ينبغى أن تكون للمسيح إنسانية كاملة لكى يتم افتداء الطبيعة الإنسانية. وأن الروح البشرية مثلها مثل الجسد فى حاجة إلى الفداء وهى مسئولة عن سقوط الإنسان. فبدون الروح البشرية العاقلة كيف يكون الإنسان مسئولاً مسئولية أدبية عن خطيئته؟ فالروح البشرية أخطأت مع الجسد وتحتاج إلى الخلاص، ولهذا يجب أن يتخذها كلمة الله مع الجسد لأن ما لم يُتَخَذ لا يمكن أن يخلص.

مثلما قال القديس غريغوريوس النازيانزى عبارته المشهورة ضد أبوليناريوس فى رسالة إلى الكاهن كليدونيوس “لأن ما لم يتخذه (الله الكلمة) فإنه لم يعالجه؛ ولكن ما تم توحيده بلاهوته فهذا يخلص”. (





[1]




)

إن أهم ما شغل الآباء ضد الأبولينارية هو “أن النفس الإنسانية العاقلة
،بقدرتها على الاختيار، كانت هى مقر الخطيئة؛ ولو لم يوحّد الكلمة هذه النفس بنفسه، فإن خلاص الجنس البشرى لم يكن ممكناً”. (





[2]




)

 

ردود الفعل ضد الأبولينارية:

ظهرت ردود الفعل ضد الأبولينارية فى نفس منطقة أبوليناريوس (سوريا) فى شخص ديودور أسقف طرسوس (394م)
Diodore of Tarsus
وثيئودور الموبسويستى فى كيليكيا (428م)
Theodore of Mopsuestia in Cilicia
.

 


ديودور الطرسوسى:

إدّعى ديودور أن اللاهوت سوف ينتقص إذا كوّن الكلمة والجسد اتحاداً جوهرياً
substantial
(أو أقنومياً) مشابهاً لذلك الذى ينتج عن اتحاد الجسد والنفس (العاقلة) فى الإنسان.

 فى رد فعله على ذلك (أى على فكرة تكوين الكلمة والجسد إتحاداً جوهرياً) قادته نظريته الخاصة إلى الفصل بين اللاهوت والناسوت. وهذا أوصله إلى التمييز (





[3]




) بين ابن الله وابن داود. وقال (





[4]




) إن الكتب المقدسة تضع حداً فاصلاً بين أفعال الابنين… فلماذا يحصل من يجدفون على ابن الإنسان على الغفران، بينما من يجدفون على الروح (الروح القدس) لا يحصلون على الغفران؟ (





[5]




)

 


ثيئودور الموبسويستى

:

أراد ثيئودور الموبسويستى أن يؤكد الإنسانية الكاملة للمسيح واعتبر أن الإنسانية الكاملة لا تتحقق إلا إذا كان المسيح شخصاً إنسانياً لأنه اعتقد أنه لا وجود كامل بلا شخصية. وبهذا لم يكتف بتأكيد وجود طبيعة إنسانية كاملة للسيد المسيح، ولكنه تمادى إلى تأكيد اتخاذ الله الكلمة لإنسان تام يستخدمه كأداة لخلاص البشرية، واعتبر أن الله الكلمة قد سكن فى هذا الإنسان بالإرادة الصالحة، وأنه قد اتحد به اتحاداً خارجياً فقط. واستخدم عبارة اتصال
conjoining
sunafeia
(سينافيا)
بدلاً من كلمة اتحاد
enwsiV
 
union
(إينوسيس)
. وبهذا فقد جعل فى المسيح شخصين أحدهما إلهى والآخر إنسانى وقد كونا معاً شخصاً واحداً هو شخص الاتحاد (اتحاد خارجى) مشبهاً إياه بإتحاد الرجل بالمرأة.

قال المؤرخ هيفلى (
C.J. Hefele (




[6]





:

علاوة على ذلك، فقد نظر ثيئودور الموبسويستى إلى اتحاد اللاهوت والناسوت فى السيد المسيح فقط بمعنى
enoikhsiV
(انيكيسيس)
أى سكنى، لأن بالنسبة له فكرة التجسد كانت تبدو مطابقة لفكرة تحول اللوغوس (الكلمة) إلى إنسان، ولذلك رفضها كفكرة منافية للعقل. ومع ذلك هو يعتقد بأنه عندما يحل الله فى أى شخص، فهو لا يسكن فيه بحسب طبيعته، وبالتالى ليس بالتعبير عن قوته، ولكن بمسرته
eudoki
a
(إفذوكيا) الصالحة. هذه السكنى ليست متشابهة فى جميع الأبرار، ولكن مقياسها يتقرر بقياس مسرة
eudoki
a
للاهوت. ولكنها لم تحدث أبداً لأحد بنفس الدرجة العالية التى للسيد المسيح.

وقال المؤرخ هيفلى (





[7]




)

C.J. Hefele
: “يمكن لثيئودور أن يبقى على الطبيعتين فى كمالهما، ويعترض أساساً على امتزاجهما. وهو يشرح أيضاً أن هذا هو غرضه، حينما قال “إن الاختلاط لا يلائم الطبيعتين، فهناك فرق بين الشكل الإلهى وشكل العبد، بين الهيكل المُتخَذ وبين ذاك الذى سكن فيه، بين ذاك الذى انحل بالموت وذاك الذى أقامه، بين ذاك الذى صار كاملاً من خلال آلامه وذاك الذى صيّره كاملاً، إلى آخره. يجب أن يحفظ هذا الفرق: فكل طبيعة تبقى غير ذائبة فى ذاتها من جهة جوهرها” (





[8]




). لكن ثيئودور فى خطئه الجوهرى.. لم يحفظ فقط وجود طبيعتين فى المسيح،
إنما
شخصين أيضاً، وهو نفسه قال ليس هناك كيان

subsistence
يمكن أن يظن أنه كامل بدون شخصية. لكن كما أنه لم يتجاهل حقيقة أن ضمير الكنيسة قد رفض هذا الازدواج فى شخصية المسيح، إلا أنه سعى إلى التخلص من الصعوبة وكرر القول صريحاً: “إن الطبيعتين اللتين اتحدتا معاً كونتا شخصاً واحداً فقط، كما أن الرجل والمرأة هما جسد واحد… فإذا أمعنا الفكر فى الطبيعتين فى تمايزهما يجب علينا أن نعرف طبيعة الكلمة على أنه كامل وتام، وكذلك شخصه. وأيضاً طبيعة وشخص الإنسان على أنها كاملة وتامة. وإذا -من ناحية أخرى- نظرنا إلى الاتصال
sunafeia

(سينافيا) نقول أنه شخص واحد”. (





[9]




) إن نفس صورة الوحدة بين الرجل وزوجته تبيِّن أن ثيئودور لم يفترض اتحاداً حقيقياً لطبيعتين فى المسيح، ولكن تصوره كان لصلة خارجية بين الاثنين. علاوة على ذلك فإن التعبير “إتصال”


conjoining

sunafeia

(سينافيا) الذى يختاره هنا بدلاً من كلمة “اتحاد”

union

enwsiV

(إنوسيس) التى يستعملها فى مواضع أخرى، مشتقة من الفعل

sunaptw
(سينابتو)
)
ا
لراقصين الممسكين بأيدى بعضهم البعض

أى يصل بعضهم بالبعض الآخر) تعبر فقط عن ارتباط خارجى، وتوطد معاً. لذلك فهو مرفوض بوضوح
..بواسطة علماء الكنيسة. كما أن ثيئودور قد عيّن مجرد صلة خارجية فى العبارة التى اقتبسناها الآن “أن الكلمة سكن فى الإنسان المُتَخَذ كما فى هيكل”. وكما أن الهيكل والتمثال القائم بداخله هما واحد فى المظهر الخارجى هكذا فإن اللاهوت والناسوت فى المسيح يظهران من الخارج فقط فى حقيقتهما كشخص واحد، ولكنهما فى جوهرهما يستمرا شخصين.”

هل تبحث عن  شبهات الكتاب المقدس عهد جديد إنجيل يوحنا المرأة الزانية ج 05

 

نسطور (





[10]




)

من مدرسة ثيئودور جاء نسطور، الذى ارتبطت باسمه الحقبة الأولى للنزاع الكرستولوجى الكبير. ولد نسطور فى جرمانيكيا وهى مدينة بسوريا، ثم أتى إلى أنطاكيا فى سن مبكرة، أساساً بغرض نيل قسطاً أكبر من التعليم العالمى. وسريعاً ما تميز بالطلاقة العظمى فى التحدث الارتجالى مع صوت قوى وشجى، وبعد ذلك بقليل إلتحق بدير
Euprepius
يوبريبيوس فى أنطاكيا، ومن هناك عيّن شماساً ثم قسيساً فى كاتدرائية أنطاكيا. ككاهن، وعظ كثيراً وبقبول ملحوظ، مع تمتعه أيضاً بسمعة كونه ناسكاً صارماً وكثيراً ما أظهر حماساً عظيماً.. ورغبة فى مدح الجموع له خاصة فى عظاته. (





[11]




) كنتيجة للشهرة التى نالها بعد موت الأسقف سيسينيوس أسقف القسطنطينية فى 24 ديسمبر عام 427م فقد رُفع إلى هذا الكرسى الشهير، وترجّى شعبه أن ينالوا فيه خلفاً من أنطاكيا لذهبى الفم أسقف القسطنطينية. منذ وقت سيامته فى 10 أبريل عام 428م أظهر إعجاباً عظيماً بعمل الوعظ وحماساً ضد الهراطقة. ففى عظته الأولى خاطب الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير بالكلمات التالية: “أعطنى أيها الإمبراطور الأرض نقية من الهراطقة وأنا سوف أعطيك السماء، ساعدنى لأشن حرباً ضد الهراطقة وأنا سوف أساعدك فى حربك ضد الفرس.” (





[12]




) وبعد ذلك بأيام قليلة صمم على حرم الأريوسيين من الكنيسة الصغيرة التى كانوا لا

ي
زالو
ن
يمتلكونها فى القسطنطينية، حتى أنهم اقتيدوا إلى إشعال النار فيها بأنفسهم، والتى بسببها نال نسطور من الهراطقة ومن كثير من الأرثوذكس لقب “حارق متعمد”. بالإضافة إلى ذلك فقد هاجم النوفاتيين والأربعتعشرية والمكدونيين ونال من الإمبراطور عديداً من الأحكام المشددة ضد الهراطقة. وفى رسالة.. ليوحنا أسقف أنطاكية، يؤكد نسطور أنه فى وقت وصوله إلى القسطنطينية وجد خصوماً (متضادين) موجودين فعلاً. لقّب أحد أطرافهم القديسة العذراء بلقب “والدة الإله” وآخر بأنها مجرد “والدة إنسان”. وحتى يتم التوسط بينهما قال إنه اقترح عبارة “والدة المسيح” معتقداً أن كلا الطرفين سوف يرضى بها (





[13]




)… من ناحية أخرى فإن سقراط يقص أن “الكاهن أنسطاسيوس صديق نسطور، الذى أحضره معه إلى القسطنطينية قد حذَّر سامعيه يوماً ما، فى عظة أنه لا يجب أن

يطلق أحد على
مريم لقب والدة الإله
qeotokoV
(ثيئوتوكوس)
لأن مريم كانت إنسانة والله لا يمكن أن يولد من إنسان”. (





[14]




) هذا الهجوم على المعتقد القديم والمصطلح الكنسى المقبول حتى ذلك الوقت، قد سبب هياجاً عظيماً وإضطراباً وسط الإكليروس والعلمانيين. وتقدّم نسطور نفسه ودافع عن خطاب صديقه فى عدة عظات. وإتفق أحد الأطراف (المتضادة) معه، وعارضه الأخر…

وفقاً لهذا التقييم للأمر، فإن نسطور لم يجد النزاع قائماً بالفعل فى القسطنطينية، ولكنه مع صديقه أنسطاسيوس كانا أول من أثاره. ومع ذلك فإن العظات الموجودة لدينا، كما ذكرنا، والتى ألقاها فى هذا الموضوع لا زالت محفوظة لنا جزئياً، وهى كافية بالتمام لدحض تأكيدات الكثيرين غير الدقيقة بأن نسطور فى الواقع لم يعلِّم شيئاً ذا سمة هرطوقية. ففى خطبته الأولى هتف بعاطفة “إنهم يسألون إن كان من الممكن أن تدعى مريم والدة الإله. لكن هل لله أم إذاً؟ فى هذه الحالة يجب أن نعذر الوثنية التى تكلمت عن أمهّات للآلهة، لكن بولس لم يكن كاذباً حينما قال عن لاهوت المسيح (عب7: 3) أنه بلا أب، بلا أم، بلا نسب. لا يا أصدقائى لم تحمل مريم الله.. المخلوق لم يحمل الخالق إنما حملت الإنسان الذى هو أداة اللاهوت. لم يضع الروح القدس الكلمة، لكنه أمد له من العذراء المطوبة، بهيكل حتى يمكنه سكناه.. أنا أكرِّم هذه الحُلة التى استفاد منها من أجل ذاك الذى احتجب فى داخلها ولم ينفصل عنها.. أنا أفرِّق الطبائع وأوحِّد التوقير. تبصَّر فى معنى هذا الكلام. فإن ذاك الذى تشكّل فى رحم مريم لم يكن الله نفسه لكن الله إتخذه.. وبسبب ذاك الذى إتَّخَذَ فإن المُتَّخَذْ أيضاً يدعى الله.” (





[15]




)

أما خطبته الثانية فتبدأ بتعبير لاذع ضد أسلافه، كما لو أنه لم يكن لديهم الوقت لقيادة الناس نحو معرفة أعمق بالله. ومن هنا يتحول ثانية إلى موضوعه الرئيسى أن المسيح له طبيعة مزدوجة وكرامة موحَّدة. فيقول: “حينما تتكلم الأسفار المقدسة عن ميلاد المسيح أو موته فهى لا تدعوه الله أبداً بل المسيح أو يسوع أو الرب… مريم إذاً يمكن أن تدعى خريستوتوكوس
CristotokoV
(والدة المسيح)
وحملت
ا
بن الله
بقدر ما
حملت الإنسان، الذى بسبب
ا
تحاده (




) ب

ا
بن الله (بالمعنى الخاص) يمكن أن يدعى إبن الله (بالمعنى الأوسع). وبنفس الطريقة يمكن أن يقال أن إبن الله مات وليس أن الله مات.. إذن فلنحفظ اتصال الطبيعتين
fusewn thrwmen sunafeian
الغير مختلط ولنعترف بالله فى الإنسان وبسبب هذا الإتصال الإلهى نوقر ونكرّم الإنسان المعبود مع الله الكلى القدرة.” (





[16]




)

 
فى خطابه الثالث يقول: “إن الأريوسيين يضعون اللوغوس فقط تحت الآب لكن هؤلاء الناس (الذين يعلِّمون بالثيئوتوكوس
qeotokoV

ويتكلمون عن ميلاد الله) يضعونه تحت مريم أيضاً، مؤكّدين أنه أحدث منها، ومعطين اللاهوت خالق الكل، أماً زمنية كأصل له. إذاً لم يكن ذاك الذى حملته إنساناً إنما الله الكلمة، إذاً لم تكن هى أم ذاك الذى ولد، لأنه كيف تكون هى أم ذاك الذى له طبيعة مختلفة عنها؟ لكن إن كانت تدعى أمه، إذاً فإن ذاك الذى ولد ليس ذو طبيعة إلهية، لكنه إنسان حيث أن كل أم تحمل من له نفس جوهرها (مادتها). لم يولد الله الكلمة إذاً من مريم، لكنه سكن فى ذاك الذى ولد من مريم.”

هل تبحث عن  شبهات الكتاب المقدس عهد جديد سفر أعمال الرسل الألسنة النارية ة

من السهل أن نرى أن نسطور قد تبنّى وجهة نظر معلمه ثيئودور الموبسويستى.. وقد أنذره كثير من كهنته بالإنسحاب من شركته ووعظوا ضده. وصرخ الشعب “لدينا إمبراطوراً، لكن ليس لدينا أسقفاً”. والبعض ومنهم علمانيون تكلّموا ضده علناً حينما كان يعظ، وبالأخص شخصاً بإسم يوسابيوس وهو بلا شك نفس الذى صار فيما بعد أسقف دورليم، والذى على الرغم من كونه علمانياً فى ذلك الوقت، إلا أنه كان أول من كانت له نظرة ثاقبة وعارض الهرطقة الجديدة. لهذا السبب استعمل نسطور له ولآخرين لقب “الرجال البؤساء” (





[17]




) وإستدعى الشرطة ضدهم، وتم جلدهم وسجنهم، وهؤلاء الآخرين هم بالتحديد بعض الرهبان، الذين وصل إلينا فى أيامنا هذه

(




)

إتهامهم الموجه للإمبراطور ضد نسطور. (





[18]




)

ولقد كان

لكن بطريقة أكثر حذراً

أن دخل بروكلوس أسقف سيزيكوس ضمن القائمة. كان فيما سبق، كاهناً على القسطنطينية، وعين بواسطة البطريرك سيسنيوس أسقفاً لسيزيكوس. لكن سكان تلك المدينة لم يقبلوه، ولذلك استمر يعيش فى القسطنطينية. فبدعوة من نسطور للوعظ فى إحدى أعياد العذراء عام 429 استغل الفرصة ليصف، فى حضوره، الكرامة والوقار الذى لمريم كوالدة الإله فى كثير من العبارات البليغة والمأخوذة من الكتاب المقدس، وليدافع عن العبارة الموضوعة للمساءلة فى أسلوب ماهر (





[19]




)… وجد نسطور أنه من اللازم إلقاء عظة ثانية للتو حتى يحذّر، كما قال، من كانوا حاضرين ضد تقديم الإكرام الزائد لمريم، وضد الرأى الذى يقول أن كلمة الله (اللوغوس) يمكن أن يولد مرتين (مرة أزلياً من الآب والمرة الثانية من مريم). فقال

(نسطور)
إن ذاك الذى يقول ببساطة أن الله مولود من مريم يجعل من العقيدة المسيحية سخرة للوثنيين، لأن الوثنيون سوف يجاوبون “لا أستطيع أن أعبد إلهاً يولد ويموت ويدفن”… هل أقيم الكلمة من الأموات؟ وإذا كان معطى الحياة (اللوغوس) قد مات، من يمكنه أن يعطى الحياة إذاً؟ إن سر الألوهة يجب أن يعبّر عنه بالأسلوب التالى: “أن الكلمة الذى سكن فى هيكل شكَّله (كوَّنه) الروح القدس هو شئ والهيكل نفسه المختلف عن الله الساكن فيه هو آخر”. (





[20]




)

فى خطاب آخر ألقى بعد ذلك ضد بروكلوس؛ شرح أنه يستطيع أن يسمح بتعبير ثيئوتوكوس
qeotokoV
إذا فهم بالصواب، ولكنه أجبر على معارضته لأن كلاً من الأريوسيين والأبوليناريين حموا أنفسهم وراءه. إن لم يتم التمييز بين الطبيعتين بما يكفى، فإن أريوسياً قد يأخذ كل نصوص الأسفار هذه التى تشير إلى الضعة والمذلة
tapeinwsiV

(تابينوسيس) التى كانت للمسيح كإنسان، مثل عدم معرفته وغيره، ويحوله إلى طبيعته الإلهية ليثبت بها نظريته فى أن الابن أقل من الآب. علاوة على ذلك فإن نسطور ينسب لأولئك الذين يستخدمون لقب ثيؤتوكوس

qeotokoV
الرأى بأن اللاهوت، من وجهة نظرهم، بدأ أولاً خلال مريم، وهذا بالطبع لم يؤكده أحد، وأنه تجنباً لهذا الرأى يقترح بدلاً من عبارة “الله ولد من مريم” أن يسمح بعبارة “الله مر من خلال مريم”. (





[21]




)

هناك مقتطفات لعظة أخرى
(





[22]





)
موجهة كليةً ضد تبادل الخواص
communicatio idiomatum

(أى تبادل الألقاب الإلهية والإنسانية للسيد المسيح فى مقابل خواصه الإنسانية والإلهية) وبالتحديد ضد عبارة “تألّم الكلمة”، ولكن يبقى خطابه الرابع ضد بروكلوس هو الأكثر أهمية ويحوى الكلمات التالية: “إنهم يدعون اللاهوت معطى الحياة قابلاً للموت، ويتجاسرون على إنزال اللوغوس إلى مستوى خرافات المسرح، كما لو كان (كطفل) ملفوفاً بخرق ثم بعد ذلك يموت.. لم يقتل بيلاطس اللاهوت – إنما حُلة اللاهوت. ولم يكن اللوغوس هو الذى لف بثوب كتّانى بواسطة يوسف الرامى… لم يمت واهب الحياة لأنه من الذى سوف يقيمه إذاً إذا مات.. ولكى يصنع مرضاة البشر

ا
تخذ المسيح شخص الطبيعة الخاطئة (البشرية) .. أنا أعبد هذا الإنسان (الرجل) مع اللاهوت ومثل آلات صلاح الرب.. والثوب الأرجوانى الحى الذى للملك… ذاك الذى تشكَّل فى رحم مريم ليس الله نفسه.. لكن لأن الله سكن فى ذاك الذى
ا
تخذه، إذاً فإن هذا الذى
ا
تُّخِذَ أيضاً يدعى الله بسبب ذاك الذى إتخذه. ليس الله هو الذى تألم لكن الله
ا
تصل بالجسد المصلوب… لذلك سوف ندعو العذراء القديسة ثيئوذوخوس
qeodocoV
(وعاء الله) وليس ثيئوتوكوس
qeotokoV
 (والدة الإله)، لأن الله الآب وحده هو الثيئوتوكوس، ولكننا سوف نوقّر هذه الطبيعة التى هى حُلة الله مع ذاك الذى إستخدم هذه الحُلة
، سوف نفّرق الطبائع ونوحّد الكرامة، سوف نعترف بشخص مزدوج ونعبده كواحد.” (





[23]




)

من كل ما تقدم نرى أن نسطور… بدلاً من أن يوحّد الطبيعة البشرية بالشخص الإلهى، هو دائماً يفترض وحدة الشخص الإنسانى مع اللاهوت… لم يستطع أن يسمو إلى الفكرة المجردة، أو يفكر فى الطبيعة البشرية بدون شخصية، ولا اكتسب فكرة الوحدة التى للطبيعة البشرية مع الشخص الإلهى. لذلك فإنه يقول حتماً أن المسيح إتخذ شخص البشرية الخاطئة، ويستطيع أن يوحِّد اللاهوت بالناسوت فى المسيح خارجياً فقط، لأنه
يعتبر الناسوت شخصاًكما هو مبيَّن فى كل الصور والتشبيهات التى يستخدمها. إن اللاهوت يسكن فقط فى الناسوت كما يقول، فالناسوت هو مجرد هيكل وحلة للاهوت، أما اللاهوت فلم يولد من مريم فى نفس الوقت مع الناسوت، ولكنه مرّ فقط خلال مريم. واللاهوت لم يتألم مع الناسوت، ولكنه بقى غير متألم فى الإنسان

الذى
يقاسى
الألم، وهذا لا يكون مستطاعاً إلا إذا كان للطبيعة البشرية مركزاً وشخصية خاصة تملكها. أما إذا كان الشخصى فى المسيح هو اللاهوت، واللاهوت فقط (بمعنى أن شخص المسيح هو نفس شخص كلمة الله)، إذاً، إذا تألم المسيح يجب أن اللاهوت أيضاً يكون قد دخل فى آلامه، والطبيعة البشرية لا يمكن أن تتألم وحدها، لأنه لا يكون لها كيان شخصى خاص. هكذا أيضاً (إذا كان الشخصى فى المسيح هو اللاهوت، واللاهوت فقط) فإن شخص واحد فقط هو الذى يمكن أن يولد من مريم، ولأن الشخصى فى المسيح هو اللاهوت فقط (فى هذه الحالة)، يجب أن يكون هذا قد اشترك فى الميلاد رغم أنه فى ذاته هو غير قابل للميلاد والألم.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ع عِير ر

 

كتابات نسطور المتأخرة:

نسب البعض كتاب “بازار هيراقليدس”
Bazar of Heracleides
إلى نسطور باعتبار أنه كتبه فى منفاه باسم مستعار. وقد حاول فى هذا الكتاب -كما يبدو- تبرئة نفسه. ولكنه -على العكس-أكّد هرطقته المعروفة فى اعتقاده بأن شخص يسوع المسيح ليس هو نفسه شخص ابن الله الكلمة. أى الاعتقاد باتحاد
شخصيناتحاداً خارجياً فقط فى الصورة. وهذا يهدم كل عقيدة الفداء لأن الله الكلمة لا يكون هو هو نفسه الفادى المصلوب مخلّص العالم ولا يصير لكلمات يوحنا الإنجيلى الخالدة “هكذا أحب الله العالم حتى بذل
ابنه الوحيدلكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يو3: 16) أى معنى. بل كيف يتحقق قول الرب بفم نبيه أشعياء ” أنا أنا الرب و
ليس غيرىمخلّص” (أش43: 11).

وفيما يلى النصوص التى نسبت إلى نسطور فى الكتاب المذكور “بازار هراقليدز”
Bazar of Heracleides
:

 

1- هما
شخصان

Two prosopa
: شخص ذاك الذى ألبَس وشخص (الآخر) الذى لَبِس. (





[24]




)

2- لذلك فإن صورة الله هى التعبير التام عن الله الإنسان. فصورة الله المفهومة من هذا المنطلق يمكن أن نظن أنها الشخص الإلهى. الله سكن فى المسيح وكشف ذاته للبشر من خلاله. مع أن
الشخصان

Two prosopa
هما فى الحقيقة صورة واحدة لله. (





[25]




)

3- يجب ألا ننسى أن الطبيعتين يستلزمان أقنومين و
شخصين

Two persons (prosopons)
متحدين فيه بقرض بسيط (
simple loan
) وتبادل. (





[26]




)





[1]


St. Gregory of Nazianza, Ep. to Cledonius the Priest Against Apollinarius,
N. & P.N.
Fathers, Vol. VII, series 2, Epistle 101, p. 440, Eerdmans Michigan, Sept. 1978.




[2]


Kelly, J.N.D.,
Early Christian Doctrines, Chapter XI -Fourth Century Christology – Fifth Edition-  A. and C. Black- London 1977, p.296.




[3]


Cf. Kelly, J.N.D., Early Christian Doctrines, Chapter XI-Fourth Centry christology- Fifth Edition- A and C Black, London 1977, p. 303, quoting R.
Abramowski, Z.N.T.W. 42
(1949), E.g. frg. 42.




[4]


Cf. ibid., quoting.
Abramowski, Z.N.T.W. 42 (1949), E.g. frg. 19: cf. frg. 42.




[5]


Cf. ibid., p.303.




[6]


Hefele
,C.J.,
A History of the Councils of the Church, Vol III, p. 5 – AMS Press 1972, reprinted from the edition of 1883 Edinburgh.




[7]


Ibid. pp. 6,7.




[8]


Cf. Hefele, C.J., p. 6, quoting
Dorner, l.c. S. 52 and

§19 in Hardouin and Mansi, ll. cc.


14Cf. Hefele, C.J., p. 6-7, quoting
Hardouin and Mansi, ll. cc.

§

29; Dorner, l.c. p.52.




[10]


Cf. Hefele
,C.J., p. 9-17.
 

كل ما ورد تحت هذا العنوان “نسطور” مأخوذ عن كتاب المؤرخ هيفيلى.




[11]


Cf. Hefele, C.J., quoting
Socrat. Hist. Eccl. Lib, vii. C. 29; Theodoret. Haeret, Fabul. lib. iv. c. 12; Evargrius. Hist. Eccl. i. 7; Gennad. De Scrip. eccl. c. 53 Vincent. Lirin. c. 16.




[12]


Cf. Hefele, C.J., quoting
Socrat. Hist. Eccl. vii. 29.




[13]


Cf. Hefele, C.J., quoting
Mansi, t. v. p. 573; Hardouin, t.i.p. 1331.




[14]


According to Cyril of Alexandria
(Ep. vi. p. 30, Ep. ix. P.37, Opp.t.v.ed. Aubert; and in Mansi, t. iv. P. 1014).




[15]


Cf. Hefele, C.J., pp. 12-13, quoting
Marius Mercat. ed. Garnier-Migne, p. 757 sqq.






يقصد اتحاد فى الكرامة وليس فى الطبيعة كما سبق أن ذكر فى خطابه الأول.




[16]


Cf. Hefele, C.J., quoting
Loofs, Nestoriana, p. 249.




[17]


Cf. Hefele, C.J., quoting
Marius Merc. l.c. p.770 ;  Cyrill.

Opp. t. iv. P.20; Tillemont, t. xiv.P. 318.






المتكلم هنا هو المؤرخ هيفيلى عن المرجع الذى ذكره.




[18]


Cf. Hefele, C.J., quoting
Hardouin. t. i. p. 1136; Mansi, t. iv. P.1102.




[19]


Cf. Hefele, C.J., quoting
Marius Mercator l. c. p.775 sqq.; Mansi t. iv. p.578 sqq.




[20]


Cf. Hefele, C.J., quoting
Marins Mercator, l.c., p.782.




[21]


Cf. Hefele, C.J., quoting
Ibid. p.785.




[22]


Cf. Hefele, C.J., quoting
Ibid. p.787.




[23]


Cf. Hefele, C.J., quoting
Marius Merc. l.c. pp. 789-801.




[24]



Bazar of Heraclides(LH 193), quoted by Bernard Dupuy, OP, ‘The Christology of Nestorius’ published in Pro Oriente,
Syriac Dialogue,
First Non-Official Consultation on Dialogue within the Syriac Tradition, Hofburg Marschallstiege II A-1010 Vienna, June 1994, p. 113.




[25]


Rowan Greer : ‘
The Image of God and the Prosopic Union in Nestorius’Bazar of Heracleides in Lux in Lumine, Essays to Honor W. Norman Pittenger, edited by R. A. Morris jr., New York 1996, p. 50; quoted by Metropolitan Aprem G. Mooken in his paper “
Was Nestorius a Nestorian?” published in Pro Oriente,
Syriac Dialogue,
First Non-Official Consultation, Vienna 1994, p. 223.




[26]


R. Nau, Paris 1910, ed. Letouzey et Ane,
Le Livre d’Heraclide de Damas(=L.H.); p. 28.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي