معضلات لا يحلها إلا الكتاب المقدس
إلى الشريعة وإلى الشهادة إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر
(
إشعياء8: 20
)
في مجال العلوم الطبيعية
اقتنع الجيولوجيون جميعاً من دراسة مكونات الأرض وغيرها أن هناك بداية للإنسان، وقبل ذلك كانت بداية للثدييات، وقبلها بداية للطيور والزحافات والأسماك. بل وحتى الحيوانات الدنيئة لها بداية. ونفس الشيء في عالم النبات. وكذلك للجبال والصخور، للأراضي والبحور. وتختلف تقديرات العلماء لهذه البداية؛ فهناك مثلاً من يقدر عمر الأرض بنحو10 مليون سنة، وهناك من يصل تقديره لعمرها إلى10 آلاف مليون سنة. لكن الكل – مع اختلاف تقديراتهم – مُجمِع أن الأرض وما فيها لها بدء.
ولقد سبق أن رأينا في الفصل السابق كيف أثبت العلم أن كتلة الأجرام السماوية تتناقص باستمرار، مما يثبت استحالة أزليتها. وهكذا فإن الكون كله، بسماواته وأرضه، له بداية. العلم يؤكد أنه لابد أن يكون له بدء. أما الكتاب المقدس فبسلطان إلهي يقرر في أول كلمات له « في البدء*خلق الله السموات والأرض ».
والعلم لم يستطع أن يقدم تفسيراً عن كيفية هذه البداية. لأن العلم حقيقة يبدأ من حيث انتهى الخلق، فيفسر مظاهر الخليقة. أما كيف نشأ الكون، فلا فلسفات الأقدمين ولا أبحاث المتأخرين قدمت الإجابة الشافية على هذه المعضلة.
فهل عند الكتاب المقدس الحل؟ نعم، لأننا « بالإيمان نفهم أن العالمين أُتقِنَت بكلمة الله حتى لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر»
(
عب11: 3
)
. حقاً إننا « بالإيمان نفهم »، وبدونه لا يمكن أن نفهم.
في أوائل القرن العشرين ظهرت نظرية العالم الرياضي الفذ ألبرت اينشتين التي تقول:
الطاقة
(
الناتجة
)
= الكتلة
(
المفقودة أو المتحولة
)
× مربع السرعة
(
سرعة الضوء
)
وبمساعدة هذه النظرية أمكن تحويل الكتلة إلى طاقة؛ تفتتت الذرة وتلاشت كتلة بسيطة منها، ونتج عن ذلك طاقة رهيبة. كما أمكن مؤخراً حدوث العكس فتحولت الطاقة الهائلة إلى كتلة بسيطة.
هذا ما حدث بالنسبة للخلق. ففي الأزل حيث لم يكن سوى الله
الكلى القدرة، كانت كلمته المصحوبة بالقوة العظيمة جداً، هي الوسيلة لإيجاد هذا الكون « أَلا تعلمون؟ ألا تسمعون؟ أَلم تُخبَروا من البداءة؟ أَلم تفهموا من أساسات الأرض؟.. ارفعوا إلى العلاء عيونكم وانظروا من خلق هذه..
لكثرة القوةوكونه
شديد القدرةلا يُفقَد أحد »
(
إش40: 21-26
)
.
إذاً فالخلق بكلمة قدرة الله، كما يقول الكتاب، هو الحل الوحيد المعقول والمنطقي للمعضلة.
في مجال علم الحياة
يعتبر العلماء اليوم أن كل أشكال الحياة، هي نتيجة ظروف عشوائية تحركت بعملية تطور خلال ملايين وبلايين السنين. فبالأسف قد أسقط غالبية العلماء الله من حساباتهم. وكتعبير وليم كلي جعلوا الحقب الطويلة إلههم، والظروف العشوائية إلهتهم، وبتزاوجهما معاً نتج الكون كله وما عليه حتى الإنسان.
على أنه ليس لدى العلماء دليل إيجابي يقدمونه على نظريتهم هذه، بل إنها مبنية على افتراضات. ورغم أن نظريتهم هذه اصطدمت بعقبات كثيرة، أشهرها “الحلقة المفقودة” في سلسلة التطور، فكل ما ظنوه مكملاً لهذه الحلقة اتضح أنه هزل في موضع الجد*، إلا أنهم يعتبرونها أكثر معقولية من قبول الله. فيا للأسف!!
لكن حتى لو اكتملت هذه الحلقات كلها، تبقى نظريتهم عرجاء. لأن ظهور نوع من حياة أرقى، ناتج من حياة أدنى، حتى لو حدث، لا يعنى الخلق. ويظل السؤال من الذي أوجد الحياة في صورتها البدائية حيث لم يكن أحد ليوجدها، ولا شئ لتنشأ عنه عشوائياً؟
لن نجد الحل الصحيح سوى في الكتاب المقدس. قال الله « نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا »
(
تك1: 26
)
. لاحظ الدقة العجيبة هنا؛ فإن تعبير الخلق
(
وهو إيجاد شئ لم يكن له سابق وجود، من لا شيء
)
لم يرد في تكوين1 سوى ثلاث مرات فقط. ففي البدء
خلقالله السماوات والأرض
(
ع1
)
، أي خلق الله المادة، أما تغير أشكالها فليس بخلق. ثم في اليوم الخامس
خلقالله النفس الحية في الحيوانات. لأنه مهما حاول البشر إيجاد الحياة من المواد الكيماوية والهواء فقط كما زعم بعض الفلاسفة الملحدين هو هراء. وقول الماديين إن الإنسان مجرد مادة متحركة هو زعم باطل. الله وحده هو الذي يعطى الجميع حياة ونفساً وكل شئ
(
أع 17: 25
)
. ثم بعد ذلك في اليوم السادس قال الله « نعمل الإنسان ».
والإنسان كائن ثلاثي: جسد يربطه بالأرض التي منها أُخِذ، وهو في هذا يشبه النبات، ولا يستوجب تكوين الجسد خلقاً من الله. ثم نفس، بها يشعر ويتألم ويفرح إلخ، مثل ما للحيوان. ونظراً لأن النفس قد خُلِقَت في اليوم الخامس فلم يستوجب تكوينها في الإنسان خلقاً جديداً. لكن بعد أن جبل الرب الإله آدم من الأرض تراباً، فإنه اختصه دون سائر المخلوقات بأن نفخ فيه نسمة حياة
(
هي الروح
)
، وبها أصبح الإنسان هو الكائن الوحيد الذي له توافق أدبي مع الله، كما له صفة الخلود. لذا ترد كلمة الخلق للمرة الثالثة في تكوين1، فبعد أن قال الله « نعمل الإنسان »
(
ع26
)
، يرد القول «
فخلقالله الإنسان »
(
ع27
)
!
هذا ما يقوله الكتاب المقدس عن أصل الإنسان. وقديماً قال فلاسفة الإغريق إننا ذرية الله
(
أع17: 28
)
وهم في هذا على صواب، بعكس ما قاله الفلاسفة أخيراً إننا ذرية القرود!! يا ليتهم أنصتوا إلى كلام بلدد الشوحي « تعقلوا وبعد نتكلم. لماذا حسبنا كالبهيمة وتنجسنا في عيونكم؟!»
(
أى
18
: 2، 3
)
.
وهكذا مرة ثانية يقدم الكتاب المقدس حلاً لمشكلة لم يستطع العلم للآن ولن يستطيع أن يعطى لها حلاً.
في مجال علم الفلسفة واللاهوتيات
الله، الواحد الأزلي، تُرى ما الذي كان يفعله خلال الأزلية السحيقة، قبل أن يخلق الكون وما فيه من ملائكة وبشر؟ في الأزلية، حيث لم يكن أحد سواه ماذا كان يفعل؟ هل كان يتكلم ويسمع ويحب، أم أنه كان صامتاً معتزلاً وفي حالة سكون. إن قلنا إنه لم يكن يتكلم ويسمع ويحب، لكان معنى ذلك أنه قد طرأ عليه التغيير، لأنجه قد تكلم إلى الآباء بالأنبياء، كما أنه اليوم سامع للصلاة، كما أنه يحب إذ أنه الودود. نعم؛ إن قلنا إنه كان ساكناً لا يتكلم ولا يسمع ولا يحب، ثم تكلم وسمع وأحب فقد تغير، والله تعالى منزه عن التغيير أو التطور؛ لأنه الكامل أزلاً وأبداً. ومن الجانب الآخر إن قلنا إنه كان يتكلم ويسمع ويحب في الأزل، قبل خلق الملائكة أو البشر، فمع من كان يتكلم؟ ولمن كان يسمع؟ ومن كان يحب؟!
إنها حقاً معضلة، حيّرت الفلاسفة، وجعلتهم يفضلون عدم الخوض في غمارها إذ شعروا بأن حلها ليس عندهم. وقد عبر أحدهم على ذلك بالقول “البحث في ذات الله إشراك، والجهل بذاته إدراك”. وقال آخر “تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا، لأنه مهما خطر ببالكم عنه فهو بخلافه”.
أما الكتاب المقدس فلأنه كتاب الله الذي فيه أعلن الله لنا ذاته، فقد أخبرنا أن هذا الإله الواحد ثلاثة أقانيم “متحدون دون اختلاط أو امتزاج، ومتميزون دون افتراق أو انقسام”. وبهذا فإن الله الواحد كان في الأزل يمارس كل الصفات والأعمال الإلهية من حديث واستماع ونظر ومحبة.. إلخ، بين أقانيم اللاهوت، بل وقبل وجود المخلوقات، وبغض النظر عن وجودها، لأن كماله، له المجد، يقتضي أن يكون هو مكتفياً في ذاته بذاته.
إذا فوحدانية الله ليست وحدانية مجردة أو مطلقة، بل هي وحدانية جامعة مانعة؛ جامعة لكل ما هو لازم لها، ومانعة لكل ما عداه. وبناء على ذلك فإن الله منذ الأزل هو كليم وسميع، محب ومحبوب، ناظر ومنظور، دون أن يكون هناك شريك معه، ودون احتياجه جلّت عظمته – إلى شئ أو شخص في الوجود. فليس من المنطقي أو المعقول أن صفات الله كانت عاطلة في الأزل، ثم صارت عاملة عندما شرع في الخلق!
ومع أنه ليس في دائرة الملموسات وحدة شبيهة بهذه الوحدة الجامعة المانعة، إلا أنه أمر طبيعي أن يكون الخالق أسمى من المخلوق « فبمن تشبهونني فأساويه يقول القدوس »
(
إش40: 25
)
بل إن سمو هذه الحقيقة فوق العقل، دليل على أنها ليست من اختراع العقل البشرى، ولا من نتاجه لأنها أعلى منه، وإن كانت ليست ضده ولا تتعارض معه.
وهكذا أعطى الكتاب المقدس حلاً لمشكلة حيرت الفلاسفة ولا تزال
في مجال علم الجيولوجيا
قال أحد علماء الجيولوجيا “إن أعظم مشكلة لم تستطع كل النظريات الجيولوجية أن تعطي لها التفسير المقبول من الجميع هي تلك الظاهرة المدهشة، لاختلاط بقايا حيوانات من أنواع مختلفة وبيئات متباينة، اكتُشفت بكميات هائلة مدفونة معاً داخل أجزاء متعددة في كل أنحاء الأرض، من ضمنها تلك الأنواع من الحيوانات التي اندثرت”.
وفي طبقات الأرض وُجِدت أيضاً أمور أخرى غريبة؛ فإن بقايا حيوانات لا يمكن أن تعيش إلا في أعماق المحيطات وجدت معجونة في الصخور الموجودة على قمم الجبال، وعظام حيوانات أخرى لا تعيش إلا في المناطق الحارة وجدت مدفونة في التربة المتجمدة من المناطق القطبية. كما أن هناك اكتشافات أخرى حديثة عن جبال بحرية ما هي في الحقيقة إلا جزر غارقة في وسط المياه، لعل أشهرها قارة أتلانتا في المحيط الأطلنطي. وثمة أكثر من دليل على أن هناك بعض المناطق تحت المحيط بأعماق تزيد عن 300 متراً كانت يوماً ما فوق الماء!!
حاول الجيولوجيون وضع النظريات لتفسير هذه الظواهر، وتعددت نظرياتهم، أما من كان منهم يؤمن بوحي الكتاب المقدس وما ورد فيه، فقد أدرك على الفور أن الطوفان*هو الإجابة المقنعة تماماً على تلك الظواهر!
فتلك الأعداد الهائلة التي تقدر بالمئات والآلاف لأنواع مختلفة من الحيوانات مدفونة معاً في فترة واحدة، لا شك أنها دُفِنَت بسب كارثة عظيمة. وتكرار هذه الظاهرة في كل أنحاء الأرض معناه أن هذه الكارثة كانت على مستوى العالم كله.
والطوفان بطبيعة الحال لم يكن مطراً كالذي نعرفه، إذ أنه غطى الأرض كلها تماماً. والكتاب المقدس نفسه يستخدم تعبيراً فريداً إذ يقول « انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء »
(
تك7: 11
)
. فما معنى هذا؟
إذاً رجعنا إلى تكوين1، نفهم أن الله أوجد الجلد في اليوم الثاني ليكون فاصلاً بين مياه ومياه. المياه التي تحت الجلد تكونت منها البحار، وأما تلك التي فوق الجلد فهي – على الأرجح – التي استخدمت لإغراق الأرض بالطوفان.
ولعله ملفت للنظر أنه في اليوم الثاني فقط لا نقرأ القول « رأى الله ذلك أنه حسن »، لأن الدينونة هي عمل الله الغريب، لأنه « يسرّ بالرأفة »
(
مى7:
18
، إش28: 21
)
.
فقبل الطوفان كان في الجلد – أي في منطقة الفراغ اللانهائي – غلاف مائي أحاط بالكرة الأرضية، يوضحه قول الرسول بطرس « السماوات كانت منذ القديم
(
أي قبل الطوفان
)
والأرض، بكلمة الله قائمة من الماء وبالماء »
(
2بط 3: 5
)
، وكلمة « بالماء » ترد في الأصل « في المياه »؛ محاطة بها. هذا الغلاف المائي جعل الأرض كلها أشبه ببيوت النباتات الزجاجية، فكانت حرارتها معتدلة طول العام. وكان نتيجة لزوال هذا الغلاف بالطوفان أن ظهر الفارق في درجات الحرارة على مدار السنة*. هذا يفسر لنا وجود بقايا نباتات وحيوانات استوائية في مناطق القطبين.
أما بالنسبة لينابيع الغمر العظيم، فمعروف أن الأرض حالياً في دورانها حول محورها تدور بميل قدره 23.5 درجة، مسببة تغير الجو في فصول العام. ويرجح بعض العلماء أن الأمر لم يكن هكذا من البدء بل قد حدث هذا الميل بصدد الطوفان فكان نتيجة هذا الميل الفجائي، طغيان للماء على اليابسة وهو ما أسماه الكتاب بانفجار ينابيع الغمر العظيم
(
إشارة لمياه المحيطات العميقة
)
، وهو ما يفسر ظهور بقايا حيوانات بحرية وسط الأرض اليابسة، وأن كثيراً من الأراضي التي كانت مسكونة يوماً أصبحت الآن مغمورة وسط المياه.
بقى السؤال: أين ذهبت هذه المياه الهائلة التي أغرقت الأرض كلها؟
أولاً
: إن حدوث التغير في الظروف الجوية، ساعد على تكوين منطقتي الجليد القطبيتين اللتين يقول عنهما الخبراء إنهما لو ذابتا لأغرقتا معظم الأرض.
ثانياً
: يرجح جداً حدوث تغير في قشرة الكرة الأرضية، فارتفعت الأرض في بعض الأماكن، وبالتالي انخفضت في أماكن أخرى مستوعبة الزائد من المياه. فهناك في الطبيعة آثار باقية لهذا التغيير ليس من السهل تفسيرها، إذ في كثير من الأماكن توجد طبقات الصخور الأقدم عمراً فوق الطبقات الأحدث عمراً. ويؤيد هذا التفسير ما ذكره الكتاب المقدس في مزمور104، فإن الطوفان إذ كسا الأرض حتى غطى الجبال
(
ع6
)
، فقد تداخل الرب لإنهاء هذه الحالة
(
ع7
)
، فيقول « تصعد الجبال*، تنزل
(
المياه
)
إلى البقاع، إلى الموضع الذي أسسته لها. وضعت لها تخماً لا تتعداه. لا ترجع لتغطى الأرض »
(
ع8
)
.
ثالثاً
: إنه بلا شك قد حدث ارتفاع عام في مستوى الماء في الأرض. وقد تأكد مؤخراً بواسطة سفن غواصات الأعماق في سلاح البحرية الأمريكية أن مستوى الماء كان منخفضاً بكثير عما هو عليه الآن!
في مجال علم التاريخ والميثولوجي
بالإضافة إلى الطوفان
(
الذي سبقت الإشارة إليه في الفصل الخامس عشر
)
، هناك حادث آخر تحدثت عنه أهم السجلات التاريخية المحفوظة في العالم؛ كسجلات مصر والصين واليونان. فهيرودتس الملقب بأبي التاريخ، قال في تسجيله لتاريخ مصر القديم إن بعض الكهنة المصريين أروه مخطوطات قديمة تتحدث عن يوم أطول بكثير من المعتاد! وفي الصين هناك كتابات قديمة ذكرت أن حادثاً مشابهاً قد حدث أثناء حكم الإمبراطور “ييو”. وبمراجعة سجلات تواريخهم اتضح أنه كان يحكم الصين في زمن يشوع بن نون شخص بهذا الاسم. بل وحتى تاريخ الهند والمكسيك يتحدث عن توقف للشمس وتأخرها في الغروب في نفس العام الذي فيه دخل يشوع والشعب أرض الموعد!
هذا الحادث، سببه وكيفية حدوثه، مذكور بالتفصيل في يشوع10. ولعهد قريب كان النقاد يتخذون من هذا الأصحاح سلاحاً قوياً للطعن في صحة كلمة الله على أساس خطئه واستحالته عملياً، واليوم أصبح هذا الأصحاح نفسه من أقوى الأدلة على دقة وصحة ما ورد في الكتاب المقدس، كما سيتضح فيما يلي.
في عام
18
90 قام عالم الرياضيات “توتن” بعمليات حسابية دقيقة، حسب فيها أزمنة الاعتدال والكسوف والعبور الشمسي من أيامه رجوعاً إلى المنقلب الشتائي في زمن يشوع، فوجد أنه يقع يوم الأربعاء. ثم قام بالحساب عكسياً اعتباراً من يوم الخليقة صعوداً إلى نفس الزمن السابق، فوجد أنه يقع يوم الثلاثاء!! الفرق إذاً هو يوم كامل، فهل هناك من حل لهذه الأحجية سوى هذا اليوم الطويل على عهد يشوع؟
لكن مشكلة أخرى تقابلنا وهي قول الكتاب « فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل بالغروب نحو يوم كامل »
(
يش10: 13
)
. لاحظ القول “نحو يوم كامل” وليس يوماً كاملاً؛ فأين الاختلاف؟
يسجل الكتاب المقدس حادثاً آخر أيام الملك حزقيا فيه رجعت الشمس إلى الوراء عشر درجات
(
أي ما يعادل أربعين دقيقة
)
. فإذا أضفنا هذه المدة إلى مدة توقف الشمس أيام يشوع التي حسبها عالم الرياضيات توتن بأنها تساوى 23 ساعة و20 دقيقة، لنتج لنا هذا اليوم الكامل!
ثمة اعتراض آخر أثاره المعترضون وهو قول يشوع « فدامت* الشمس ووقف القمر »، فمعروف أن تعاقب الليل والنهار لا ينتج بسبب حركة الشمس بل دوران الأرض حول محورها أمام الشمس. ومع أن الكتاب المقدس كما أوضحنا في الفصل السابق لا يستخدم التعبيرات الفنية التي لا يفهمها سوى الخاصة، إلا أن هذه الكلمة نفسها ظهر أنها تحمل دقة الكتاب العجيبة. فبفعل الموجات الشمسية الهائلة الذبذبات
(
400 بليون ذبذبة / ثانية
)
، التي تقع على سطح الأرض يحدث دوران الأرض حول محورها. فلو قلت هذه الذبذبات لقلت سرعة دوران الأرض، ولو بطلت هذه الذبذبات لتوقفت الأرض. ولهذا نقرأ أيضاً أن القمر وقف!!
هذا هو حل اللغز الذي اتفقت عليه ميثولوجيا شعوب متباعدة لم تكن على اتصال بعضها بالآخر.
معضلة المعضلات وحل الكتاب لها
وكم من معضلات وتساؤلات أخرى يجيب عليها الكتاب المقدس. لكن أهم هذه المشكلات جميعها التي يعطى كتاب الله حلاً جذرياً لها لا تجد نظيراً له على الإطلاق، هي مشكلة الخطية. فأنت تعرف أنك كثيراً ما تخطئ ضد الله؛ ومع أن الله رحيم غفور لكنه أيضاً بار وقدوس. إذا أُمسِك القاتل متلبساً بجريمته فإنه لا يمكن أن يقف أمام المحكمة ليعلن أنه تاب ولن يعود للقتل مرة أخرى. ولا ينفع أيضاً أن يتعهد أمام المحكمة ببناء ملجأ للأيتام أو أن يعطى كل أمواله للأعمال الخيرية مقابل أن تسامحه المحكمة، فهذه الأمور لا تبرر القاتل ولا تبرر الزاني. فهل نظن أن عدل الله وبره أقل من عدل الإنسان؟! إنك ستقف يوماً أمام عدالة الله فماذا ستكون حجتك يومئذ؟! وإذا كان الله مستعداً أن يرحم فعلى أي أساس؟
كتاب الله يعطى حلاً للسؤال الخالد « كيف يتبرر الإنسان عند الله؟»
(
أى25: 4
)
. إنه يقدم لك قصة المسيح ابن الله، الذي جاء ليموت وهو البار لأجل الفجار. والآن كل من يؤمن به، فإن عدالة الله تطالب بتبريره، لأن بديله قد دفع أجرة خطاياه. وبهذا فقد اجتمع الشتيتان في الصليب؛ رحمة الله وحقه
(
انظر مز85: 10
)
، وكلاهما يطالب بتبرير المذنب الذي آمن بالمسيح!! هذا هو مضمون الإعلان العظيم « متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه.. ليكون
(
الله
)
باراً ويبرر من هو من الإيمان بيسوع »
(
رو3: 24-26
)
.
أتؤمن بابن الله؟ اقرأ الكتاب المقدس بتواضع باعتباره صوت الله إليك، واعرف منه طريق الخلاص. « اسمعوا واصغوا. لا تتعظموا لأن الرب تكلم »
(
إر13: 15
)
.
يعقِّلُ كلَ من جهل
ومنه العلمُ قد نهل
لسائلك إذا سأل
ويبدي الحلّ والفصلَ
وفتحُ كلامه نورٌ
وفيه كنوزُ معرفةٍ
فيا من تطلب الحلَّ
فعدْ للوحي يخبركَ
ونختم الفصل بعبارتين لاثنين من المشاهير؛ الأولى قالها العالم المشهور ميخائيل فراداي مكتشف مغناطيسية الكهرباء “لماذا يضل الناس وعندهم هذا الكتاب الثمين، الكتاب المقدس ليرشدهم؟!” كما قال الرئيس الأمريكي أبراهام لنكولن “لقد تأكد لي منذ فترة بعيدة أن الإيمان بالكتاب المقدس كما يعلن هو نفسه أمر أقل صعوبة من عدم الإيمان به”
عزيزي: إن من يُصِر على رفض الكتاب المقدس سيكتشف، لكن بعد فوات الأوان، أنه لا يوجد أصعب من عدم الإيمان به!!