أنت الذى ربطنى بكل الأدوية المؤدية للحياة
ماهو عملك ؟ ومن أين أتيت؟ وماهى أرضك ؟ ومن أي شعب أنت ؟ (يونان٨:١) هذا ما سأله الملاحون ليونان النبي
عندما كان هارباً من وجه الرب..
وأنا اليوم أسأل نفسى عن يونان النبى؟!
لكى يحكى لنا عما حدث له..؟! ولمدينة نينوى العظيمة ؟!
أسأل لكى يحكى عن خبرته فى حلاوة العشرة مع الله؟!
فياترى ماذا يحكى؟! وماذا يقول؟!
أنا يونان.. أنا ذقت ولمست.. ونظرت حلاوة الرب.
. عرفته أكثر.. وعرفت كيف يحب البشر..
وكيف يقبل بهم الى التوبة ؟!
عرفت ما هى لذة الله.. فلذته فى بنى آدم.
. وعرفت أن الله يريد الكل يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون..
عرفت من أنا ؟! وأدركت حقيقة طبيعتي؟! وعلمت مقدار جهلى؟!
الدرس أنا تلقيته بالكامل.. وهو ما تردده الكنيسه فى تسابيح كيهك..
عندما تقول ( أنا طبعى الخطية. وانت يالله طبعك الإحسان.
. ليس عبد بلا خطية.. ولا سيد بلا غفران.)
أنا أخجل من طبعى.. وأمل منه.
. وليس لى مهرب سوى إحسانات الله.. وهذه هى طبيعته.
عرفت طبيعتي.. وأدركت مقدار جهلى.
. فكيف فكرت فى أن أهرب من إله السماء..
وأنا أعلم أنه صانع البحر والبر؟!
علمنى الرب كيف يحول العقوبة إلى خلاص ؟
وأدركت جيداً أن الله هو وحده الذى يعطى الخلاص
الذى يفعل كل شىء فى كل أحد..
الملاحون الذين كنت معهم فى السفينة..
كانت لهم إلهه متنوعة.. ولكن بالريح الشديدة..
والنوء العظيم.. وغضب البحر.. الذى كاد أن يكسر السفينه..
وبعدما عرفوا بأننى كنت هارباً من وجه الرب..
هم تعرفوا على الرب.. وله ذبحوا ذبيحة.. ونذروا نذروا..
أنا يونان.. تأملت فيما صنعت.. فقد نزلت هارباً.
. وأختبأت فى جوف السفينة.. والذى كنت هاربا منه..
أخذني وأنزلنى إلى جوف الحوت.. وهناك أغلق على.. وعلمنى ؟
أدركت كيف أنا طردت نفسى من أمام عينى الرب بإرادتي..؟!
وأدركت لماذا أعد الرب حوتا ليبتلعنى؟! علمت لماذا الغمر كان يحيط بى؟! ولماذا العشب التف حول راسى؟! ولماذا أنا نزلت إلى أسافل الجبال؟!
أيقنت جيداً فى كل ما حدث لى.. بأن الرب يريد أن أعود.
. وانظر الى هيكل قدسه (يو٤:٢).
الرب جعلني أدخل إلي الأعماق.. وجعلني أبني له مذبحاً عائماً.
. وعلمني كيف أصلي إليه.. ومغاليق الأرض علي إلي الأبد( يو ٦:٢)
وصيرني مثل كاهن يخدم في أعماق المياة .
. وهناك سلمني كيف أقدم ذبيحتي؟!
كيف أقدمها من أعماقي وأنا في الأعماق؟!
الرب أيقظني.. وعرفني كيف كنت مهزوماً من أفكاري تائهاً.
. وغارقاً إلي الأعماق بسببها.. وأيقنت أن الرب تلقفني
وقذفني إلي البر..
دخلت مدينة نينوي وسرت فيها يوماً واحداً..
وأهم ما قلته أن المدينة تنقلب بعد أربعين يوماً ؟!
أهل نينوى تابوا.. ونادوا بصوم..
ولبسوا المسوح من كبيرهم إلى صغيرهم..
ورجع كل واحد عن طريقه الردية..
وأنا مـن بعيد جلست أترقب ماذا يحدث؟!
لم أكن مدركـا الضعفات التى فىّ.. لم أفطـن بأنى أغتـاظ بالصواب؟!
لم أفطن بأننى أخطـات عندمـا فضلت المـوت علـى الحياة..
وقلت أكثر من مرة “موتى خير من حياتى” (يون٨،٣:٤).
أنا تعرفت على الطبيب الحقيقى الذى أنفسنا.. وأجسادنا
.. وأرواحنا.. فالرب عندما نظر إلى أمراضي من عصيان..
وذات قوية.. وغيظ شديد.. وشهوة للموت..
ربطني بكل الأدوية المؤدية للحياة..
الأدوية كانت فى الريــح الشديدة.. والنـوء العظيم.. وهيجـان البحر.
. والحوت المعد مــن قبـل الرب.. وتوبـة أهـل مدينة نينوى العظيمة.
. والشمس .. واليقطينة.. والدودة..
عالجنى الرب لما رآنى مغموماً وحزيناً.. إذ أعد لى يقطينة..
ظللت على رأسى لكى تخلصنى من غمى (يـون٦:٤)
. وباليقطينـة فرحت فرحاً عظيماً (يون٦:٤).
ولكى يعلمنى الرب قدر محبته وشفقته على الشعب التائب..
أعد لى دودة عند طلوع الفجر.. فأكلت اليقطينة التى هي بنـت ليلة
واحدة.. وبنت ليلة هلكــت؟! فقلت حقاً كيـف لا يشفق الرب
علـى مدينة بها إثنتا عشرة ربوة رجعوا إليه بكل قلوبهم..
فرحت جداً بكلام يونان النبي عن حلاوة الله.. وعن محبته..
وعن طول أناته.. وعن رحمته.. وعن كثرة إحساناته.
. وعن طرق معالجته لضعفاتنا..
وقلت يا ترى ماذا تكون إجابـة كـل منا عندمـا يسأل؟!
ما هو عملك؟! ومن أين أتيت؟! ما هى أرضك؟! ومـن أى شعب أنت؟!
أبينا الأنبا كيرلس قديس ميلانو❤️