أبعاد فلك نوح: إن كان الفلك يشير إلي التمتع بخلاص السيد المسيح المجاني والدخول في معرفة أسرار الله الفائقة خلال الصليب حتى دعاه العلامة أوريجانوس “مكتبة الكلام الإلهي” أو “مكتبة العلم الإلهي”، لذا جاءت أبعاده من طول وعرض وارتفاع تشير إلى الإيمان والمحبة والرجاء، إذ يقول: [من كان قادرًا أن يسمع كلام الرب والأمور الإلهية بالرغم من ثقل الشر وكثرة الرذائل، تاركًا عنه الأمور الفانية السريعة الزوال، فمثل هذا يبني في قلبه فلك الخلاص ويكرس في نفسه مكتبة الكلام الإلهي، فيعطى له الإيمان والمحبة والرجاء كطول وعرض وارتفاع. فالإيمان بالثالوث القدوس هو الطول الممتد إلى الخلود، والعرض هو المحبة التي تبسطها العواطف اللطيفة الرقيقة، وأما الارتفاع فهو الرجاء الذي يحمله إلى حيث الحق السماوي، إذ ونحن علي الأرض تكون “سيرتنا في السموات” (في 3: 20)(175)]. في أكثر تفصيل يقول بأن الطول 300 ذراعًا، لأن رقم 100 يشير إلى قطيع المسيح العاقل (لو 15: 4، 5) والذي يحرص السيد المسيح ألا يضيع منه خروف واحد. فإن هذا القطيع يتقدس خلال معرفته بالثالوث القدوس (100 × 3)، أو الإيمان به. أما عرض الفلك فهو 50 ذراعًا، وقد رأينا في دراستنا لسفر الخروج والعدد أن رقم 50 يشير إلي التمتع بغفران الخطايا(176)، كما كان يحدث مع اليوبيل (السنة الخمسين) حيث يتم عفو عام وشامل وتحرير للعبيد والأرض، وأيضًا كما حدث في يوم الخمسين حين حلّ الروح القدس علي التلاميذ في العلية ليهب الكنيسة طبيعة سماوية متحررة من الخطية. فالعرض يشير إلى المحبة، محبة الله الغافرة وحبنا الساتر لضعفات الآخرين. أما العلو فثلاثون ذراعًا يشير إلي ارتفاع الإنسان إلى الله كما انطلق يوسف في سن الثلاثين من السجن إلى القصر ليمسك بتدبير شئون المملكة… إذن ليُبْنَ الفلك الروحي فينا لتكون لنا المعرفة الحقة الاختبارية، طوله الإيمان الحيّ بالثالوث القدوس، وعرضه الحب الحق لله والناس، وارتفاعه الرجاء في السمويات.

هل تبحث عن  ذكر ايليا في انجيل متى ( الاصحاح السابع عشر من الآية 1- 8)

ويري القديس أغسطينوس(177) في أبعاد الفلك رمزًا لجسد السيد المسيح، فالفلك أبعاده هكذا 300 × 50 × 30، والإنسان الكامل في نظر هذا القديس طوله من قمة رأسه حتى أخمص قدميه ستة أضعاف عرضه من جانبيه (300: 50)، وعشرة أضعاف ارتفاعه (سُمكه) من الظهر إلى الصدر (300: 30). وكأن الفلك يشير إلى كلمة الله الذي صار جسدًا، فحملنا فيه ليعبر بنا خلال الطوفان إلى الأرض الجديدة التي له.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي