أحصي مع أثمة

“أحصي مع أثمة” (مر15: 28)

استكمل معلمنا لوقا البشير حديثه عن طريق الصليب فقال: “وجاءوا أيضًا باثنين آخرين مذنبين ليقتلا معه” (لو23: 32).
وذكر معلمنا مرقس الإنجيلي أمر هذين المذنبين فقال: “وصلبوا معه لصين واحدًا عن يمينه وآخر عن يساره. فتم الكتابالقائل: وأحصى مع أثمة” (مر15: 27، 28).
لم تكن مصادفة أن يموت السيد المسيح مع المذنبين لأن النبوة تقول إنه “سكب للموت نفسه، وأحصى مع أثمة، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين” (إش53: 12).
لقد “دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع” (رو5: 12). وجاء السيد المسيح لكي يحمل خطايا كثيرين ويشفع في المذنبين أي أنه لم يمت عن خطية نفسه -فهو بلا خطية- بل عن خطايا غيره. ولكنه تألم: البار من أجل الأثمة، القدوس عوضًا عن الخطاة. لكنه على أية حال كما اشترك الأولاد في اللحم والدم اشترك فيهما هو أيضًا، وكما اشتركوا في الموت اشترك فيه هو أيضًا “لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس، ويعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية” (عب2: 14، 15).
أحصي مع أثمة
كان منتهى الاتضاع: لا أن يقبل السيد المسيح أن يموت فقط، وهو برئ وبلا خطية، بل أن يموت مع الخطاة.. ضمن المذنبين.. وأن يحصى في وسط الأثمة، والمجرمين.
مات مع الخطاة.. لكي يموتوا هم معه.. ولكي يتغنى كل خاطئ متمتع بالخلاص: “مع المسيح صلبت”.. كما قال معلمنا بولس الرسول: “دفنا معه بالمعمودية للموت” (رو6: 4). “عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صُلب معه، ليبطل جسد الخطية” (رو6: 6).
كان عارًا كبيرًا أن يسير السيد المسيح في موكب الأثمة، وهو القدوس البار الذي بلا خطية، وكان عارًا أكبر أن يصلب في الوسط بين لصين، الواحد عن يمينه والآخر عن يساره، وكأنه هو رئيس العصاة والمذنبين.!!
ما هذا العرش يا إلهي البار، الذي علقوك عليه كملك..؟! هل هو عرش الخزي والعار..؟! إنه عار خطيتي لكي تملك على عرش قلبي في الوسط..
إن العالم يتطلع نحوك يا قدوس، وأنت معلق على الجلجثة بين لصين، لكي يرى كل إنسان نفسه هناك فوق الجلجثة مصلوبًا معك بصورة رمزية عجيبة.
على يمينك الخطاة التائبون، وعن يسارك الخطاة غير التائبين.. عن يمينك الخراف، وعن يسارك الجداء.. وأنت يا سيدي في الوسط رئيسًا للكهنة.. شفيعًا في الخطاة.. فأنت الحمل والراعي.. الكاهن والذبيحة.. الهيكل والقربان.
أنت يا رئيس الحياة.. كنت رئيسًا بين المائتين.. لأنك أنت الذي حملت خطايا العالم كله.. وهكذا وأنت الحياة قد عبرت بالمائتين التائبين من الموت إلى الحياة.
)عندما انحدرت إلى الموت، أيها الحياة الذي لا يموت. حينئذ أمتَّ الجحيم ببرق لاهوتك. وعندما أقمت الأموات من تحت الثرى. صرخ نحوك جميع القوات السمائيين أيها المسيح الإله معطى الحياة المجد لك((من ألحان قداس القديس يوحنا ذهبي الفم).
في تواضعه قبل السيد المسيح أن يحمل عار خطايانا في جسده.. ولكن هذا قد تألّق بمجد المحبة والفداء، كقول معلمنا بولس الرسول: “ولكن الذي وضع قليلًا عن الملائكة يسوع، نراه مكللًا بالمجد والكرامة من أجل ألم الموت لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد،لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل، وبه الكل، وهو آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد، أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام” (عب2: 9، 10).
كان رئيسًا للحياة، وصار رئيسًا للخلاص.. رئيسًا في الآلام.. هو الرأس المكلل بالأشواك لأجل الكنيسة التي هي جسده، والتي تحمل أيضًا سمات الرب يسوع.
في صلاة الساعة السادسة تتغنى الكنيسة بمحبة السيد المسيح وتقول “صنعت خلاصًا في وسط الأرض كلها أيها المسيحإلهنا، عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود الصليب، فلهذا كل الأمم تصرخ قائلة المجد لك يا رب”.
هكذا كان السيد المسيح معلقًا في الوسط بين اللصين، وقد بسط يديه نحو الكل يدعوهم للخلاص. وسوف يبقى منظر الجلجثة الخالد، يهتف نحو الأجيال جميعًا يدعوهم إلى الخلاص بالإيمان به والميلاد الجديد بالمعمودية، يدعوهم إلى شركة آلامه والتمتع بمجده.. يدعوهم إلى العبور بدمه.. يدعوهم نحو السماء؛ وهو معلق بين الأرض والسماء؛ لأنه هو الطريق المؤدى إلى الحياة الأبدية.. فهو الوسيط.. وهو الباكورة.. وهو خادم الأقداس السمائية.. وهو السابق الذي ذهب ليعد لنا الطريق.
هل تبحث عن  كنيسة الشهيد مارجرجس القبطية الأرثوذكسية، عزبة بشرى، الفشن، بني سويف، مصر

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي