أسرع اهرب إلى حضن الله
إنَّ حرب الأفكار أثناء الضيقة هي أخطر أنواع الحروب، لأنها قد تشمل أفكار التشكيك في الإيمان، أو أفكار الخوف والقلق، أو أفكار اليأس، أو الهروب من المسئولية والواجب، أو أفكار خيانة الأمانة، ولكن ما هو سبيل النجاة من هذه الأفكار المظلمة؟
أمر الملاكان لوط بالهرب خارج المدينة ودائرتها سريعًا لكي لا يهلك، بقولهما: “أَسْرِعِ اهْرُبْ إِلَى هُنَاكَ لأَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا حَتَّى تَجِيءَ إِلَى هُنَاكَ. لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُ الْمَدِينَةِ صُوغَرَ” (تك 19: 22) ولكننا نلاحظ أن الملاكان قد وعدا لوط أن لا يحرقا المدينتين قبل خروجه هو أسرته، فلماذا إذًا هذه العجلة ما دام هما المتحكمان في الأمر؟!
لقد حثَّ الملاكان لوط على السرعة خوفًا عليه وعلى أسرته، لأن الإنسان إن لم يهرب سريعًا من أفكار الشر وقت التجربة، تحاصره نيران الشر، كما لو كان وسط نيران حريق يزداد لهيبه لحظة بعد لحظة حتى يحاصر ضحيته فيهلك، لأن وقت النجاة قد فات.
لقد هرب يوسف الصديق من الخطية سريعًا بعد أن ترك رداءه ورائه، لئلا يعطله عن الهرب. وقد أمر الرب بالهروب من ضيق آخر الأيام سريعًا، بقوله: “وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ إِلَى الْبَيْتِ وَلاَ يَدْخُلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا، وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجِعْ إِلَى الْوَرَاءِ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ” (مر 13: 15، 16).
قد يهرب الإنسان من مكان يشعر فيه بالخطر، لكن كيف يهرب من أفكار الخوف أو اليأس أو الهم؟ إن الهروب إلى حضرة الرب بالصلاة هو الملجأ، الذي يرفع عن المجربين أمثال هذه الأفكار المظلمة، كقول المرنم: “اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا لِذلِكَ لاَ نَخْشَى وَلَوْ تَزَحْزَحَتِ الأَرْضُ، وَلَوِ انْقَلَبَتِ الْجِبَالُ إِلَى قَلْبِ الْبِحَارِ” (مز 46: 1، 2).
إن الصلاة تُثمر فينا فرحًا لأن الله يسكب فينا محبته بالروح القدس وقت الصلاة، كقوله: “وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا” (رو 5: 5).
القارئ العزيز… لا تستمع لفترات طويلة للأخبار السلبية الهدامة. درب نفسك على الهرب سريعًا حينما تهجم عليك الأفكار المظلمة… إلجأ لله بالصلاة بطريقة منتظمة لتقضِ على الضيق الذي يتسلل إلى نفسك، ولا تستسلم إذا شعرت بعدم شوق إلى الصلاة، بل اغصب نفسك، حينئذ ستجد عونًا وعزاءً سماويًا وستمتلئ بنعمة عظيمة.
.