أعظمك يا إلهي الملك

مزمور ربطته صلاة المجمع بمزامير المجدلة التي تليه. مزمور ردّدته جماعة قمران فأتبعت كل آية من آياته بالقرار التالي: تبارك الربّ، وليُمدح اسمه إلى الأبد (رج مز 136). مزمور يرد في قسمين. في الأول (آ 1- 12)، نجد سلسلة من النداءات للمديح. وفي الثاني ترد الأسباب التي تدفعنا إلى هذا المديح.
ويبدأ المرتّل فيدعو نفسه إلى تعظيم الله ومباركة اسمه. بعد هذا، يمتزج صوته بصوت الجماعة التي تحيط به. وفي آ 12، يكون تمييز بين الذين نعموا بعطيّة الله وسائر بني آدم. وهكذا يمتدّ الشكر من الفرد إلى جماعة المؤمنين، ومن الجماعة إلى البشريّة كلها. المؤمن يشكر، بل يبارك، بل يحسّ بانخطاف أمام ربّه. فعظمة الله السامية وبهاء مجده وقدرة معجزاته تؤثّر فيه. وعنايته المجانيّة وأمانته الحانية ورحمته الواسعة تجاه أخصّائه تحيرّه فلا يستطيع أن يفهم. وهكذا التقت قدرة الله ومحبّته في عمله من أجل أخصّائه. أي إله مثل هذا الإله؟
الله ملك في الماضي، وهو الآن ملك، وسيبقى ملكاً إلى الأبد (آ 13). وهو يحقّق بملكه العدل والانصاف. وهو أمين لمواعيده، بارّ في التزاماته. وترد لفظة “جميع” ثماني مرات، فتخرجنا من إطار وطنيّ إلى إطار مسكوني.
لا شكّ في أن الربّ يدافع عن أخضائه (آ 14)، يرزقهم طعامهم في حينه (آ 15- 16)، يُغدق عليهم خيراته ويخلّصهم (آ 19)، ولكنه ياتوم بعمل الدينونة: يسهر على جميع محبّيه من أي مكان جاؤوا. ويدمّر جميع الأشرار سواء كانوا من شعبه أم من سائر الشعوب. عندئذٍ لن يبارك المؤمنُ وحده الله وينطق فمه بالتهليل. لن يبارك إسرائيلُ وحده الله، بل “كل البشر يباركون اسمه القدّوس” (آ 21). ولن يبارَك الله في وقت محدّد، بل يبارَك من جيل إلى جيل (آ 13)، من الآن وإلى الأبد (آ 21)

أعظّمك يا إلهي الملك، وأقدّم لك الحمد وأرفع التهليل
أريد أن أتعرّف إليك في كل ظواهر الطبيعة والكون
وأدعو الكون كلّه ليسجد لك ويقرّب لك الأناشيد والمدائح
أريد أن أسبّحك مع الأبرار، لأن التسبيح يجدر بالمستقيمين.

أعظّمك لأن أعمالك تملأ الكون، ولأن مراحمك تحنو على كل بشر
أنت ترحم شعبك وخاصتك، أنت تتحنّن على أبرارك وأتقيائك
أنت تدعوهم ليباركوك، فيصل نشيدُ بركتهم إلى أقاصي المعمورة
وأنت ترحم يا ربّ جميع الأمم، فتفيض عليهم نعمَك وتُغدق عليهم خيراتك
ولهذا تنتظر منهم أن يعظّموك، لأنك صالح لجميع البشر.

كلّ العيون ترتفع إليك، كلّ الأيادي تمتدّ إليك
كلّ الخلائق تنتظر رحمتك، كلّ حيّ يتطلّع إلى عطاياك
كلّ بشر يبارك اسمك، وكلّ فم ينطق بالتهليل لك
كلّ كلمات الإنسان لا تفيك حقك، وكلّ حروف كلماتنا لا تكفي لنشيدك
كلّ ما نقوله لا يقارَن بعملك العظيم من جيل إلى جيل.

هل تبحث عن  مثل الغَنِيٌّ ولَعازَر الفقير المريض -"إلى مَكانِ العَذابِ هذا"

أنت ملك عظيم، بل أنت أعظم من كل ما في الكون
أنت ملك حميد ومجيد، وبهاؤك وجلالك لا يحدهما حدّ
أنت إله حنون، أنت إله رحوم، ورحمتك تفيض على الجميع
أنت إله صالح، ولا حدّ لصلاحك، أنت إله عادل، ولا شيء يوازي عدلك
أنت الإله الجبّار والقريب ممن يدعونك، أنت الإله المسلّط والسامع استغاثة الضعفاء.
إليك نوجّه قلوبنا وعقولنا ونفوسنا لنتأمّل في عجائبك ونخبر بأعمالك.

أعظّمك يا إلهي الملك، وأبارك اسمك إلى الأبد
أباركك يوماً بعد يوم، وأهلّل لاسمك إلى الأبد.

أعظّمك يا ربّ وأحمدك، فالحمد صالح لك، والعزف يليق باسمك أيها الحيّ
أعظّمك، وأنشد لك، وأحدّث في جميع الشعوب بعجائبك
أعظّمك، وأهتف لك، وأذكر رحمتك وأمانتك لشعبك وكنيستك
أعظّمك وأبارك اسمك، فرحمتك إلى جيل وجيل، وأمانتك إلى الأبد.

أنت وراء كل شيء، فماذا نستطيع أن نقول فيك
أي مديح يتفوّه به لساننا، وأي كلمة تقدر أن تعبّر عنك
بأي شيء يتعلّق عقلنا وأنت فوق كل عقل وفهم.
ماذا نقول عنك وكل كلمة تخرج منك،
أنت لا تُعرف، وكل فكر ومعرفة يخرجان منك
كيف أسمّيك، وكلّ الأسماء لك أنت يا من لا نستطيع أن نعطيك إسماً.
أنت غاية كل خليقة، أنت وراء كل الخلائق، المجد لك يا ربّ الخلائق.

الربِّ عظيم وحميد جداً، وعظمته لا حدود لها
يسبحّ أعمالك جيلٌ بعد جيل، وبجبروتك يخبرون
يخبرون ببهاء مجد جلالك، وأنا أتأمل عجائب تدبيرك
بعزة أعمالك الرهيبة يتكلّمون وأنا بعظمائمك أحدّث
يفيضون بذكر كثرة صلاحك وبعدلك يرنّمون.

عظمتك لا حدود لها، نمدحها ولا نتوقّف عن المديح
عظمتك لا حدود لها، ومديحنا لن يكون له حدود
تباركت يا الله، يا أبا ربنا يسوع المسيح، تباركت إلى الأبد
تباركت يا من كشفت عن عزتك القديرة في المسيح، فأقمته من بين الأموات، وأجلسته عن يمينك في السموات.
تباركت يا من رفعت ابنك يسوع، ووهبت له الاسم الذي يفوق كل الأسماء.

تباركت لأنك أتيت عجائب، لذلك أخبر الأجيال الآتية بذراعك الجبّارة
ما سمعناه، ما عرقاه، ما أخبرنا به آباؤنا، نخبر به أبناءنا فيمجّدون اسمك
مآثرك رأيناها فكيف نسكت عنها، خلاصك اختبرناه فكيف لا نحدّث به
نريد أن يكون صوتُنا جوقة تجمع البشر من كل عرق وجنس، تجمع الناس الذين عاشوا في الماضي والذين يعيشون في المستقبل.

ننظر إلى الأعمال، ونمدحك يا صانع هذه الأعمال
ننطلق من الخلائق، ونصل إليك أيهّا الخالق، يا من أتقنت جميع الخلائق
نحن لا نمتدح الخلائق وننساك أيها الخالق، فإن فعلنا نكون جهلة وضالين
نحن لا نحبّ الخلائق ونهملك يا الله، لأننا إن فعلنا هكذا أضعناك وأضعنا الخلائق معك.

هل تبحث عن  بطركنا ابن الرسل حدد لنا الأسفار

السموات تحدّث بمجد، فكيف نسكت نحن يا الله بعد أن أعطيتنا النطق والكلام
الأفلاك تخبر بعمل يديك، فكيف ينسى الإنسان الذي سلّطته على أعمال يديك
الليل يخبر الليل والنهار يحدّث النهار، ومؤمنوك يخبرون بعجائبك ويحدّثون بأفعالك
ونحن نشاركهم يا ربّ ونفتخر أن نقضي أيامنا بإعلان آياتك
صوت المياه هو صوتك، صوت الرياح هو صوتك
وأعظم من صوت هذه وتلك، صولة الإنسان المصنوع على صورتك ومثالك.

ننشد يا ربّ صلاحك، ونشيد يا رب بعدلك
لا دَين لأحد عليك، فأنت تعطي لأنك كلّي الصلاح
لا محاباة عندك، فأنت تدبّر الناس وسائر الخلائق بالمساواة
فما أعظم صلاحك يا ربّ، تحفظه للمتّقين لك، المحتمين بعدالتك وبرّك
من يشابهك في الغيوم، من مثلك أيها الربّ القدير.

الرب حنون رحوم، بطيء عن الغضب وعظيم الرحمة
الربّ صالح للجميع، ومراحمه على كل ما خلق
تحمدك يا ربّ خلائقك، ويباركك أتقياؤك.

أنت تتصرّف معنا كأب، يا إله الرحمة والحنان
أنت تتصرّف معنا كأب، يا إله المحبّة والعطف والصلاح
أنت تتصرّف معنا كأب، فتطيل روحك علينا، وتغفر لنا خطايانا
حين تخلق وحين تبزر فأنت أب، حين تعاقب وحين تجازي أنت أب
وابوّتك لا تتصل نقط بشعبك، بل تصل إلى جميع شعوب الأرض.

أنت سمّيت نفسك: الإله الرحوم والحنون والطويل البال، صاحب العهد والأمانة
تحفظ محبتك للألوف وتغفر لنا ذنوبنا وخطايانا
لا تعاملنا بحسب خطايانا، ولا تعاقبنا على حساب آثامنا
تشرق أنوارك علينا يا إله الرأفة والبرارة.

أنت تقدر على كل شيء، لذلك ترحم كل شيء
تغمض عيونك عن خطايا البشر لتعطيهم مهلة ليعرفوا خطاياهم ويقرّوا بها
أنت تحبّ كل الخلائق، ولا تكره شيئاً مما صنعت
فلو أبغضت خليقة، لما أوجدتها، بل كيف تكون إن لم تدعُها إلى الوجود، وكيف تدوم إلا بإرادتك.

يتكلّمون بمجد ملكوتك، ويحدّثون بجبروتك
حتى يعرّفوا بني البشر جبروتك ومجد بهاء ملكوتك
ملكوتك ملكوت أبدي، وسلطانك يدوم جيلاً بعد جيل
الربّ أمين في كل أقواله، ورحيم في جميع أعماله.

مبارك أنت يا الله، يا من تعتني بخلائقك كما يعتني أب بأولاده
لهذا تمجّدك خلائقك، وتتحدّث عن جبروتك وقدرتك
مبارك أنت يا ملكاً مجيداً، تسود الشعوب بمحبّتك وعدلك
مبارك ملكوتك، وليتقدّس اسمك كما في السماء كذلك على الأرض.

ملكوتك يأتي حين تسود الكون وتوجّه تاريخ البشر
ملكوتك يأتي حين تؤسّس الأرض على قواعدها وتكسوها الغمر لباساً
ملكوتك يأتي حين تفجّر العيون في الوهاد وتسقي جميع وحوش البرية
ملكوتك يأتي حين تصنع القمر لليل والشمس للنهار
ملكوتك يأتي حين تصنع البحر العظيم المترامي الاطراف وتضع له حداً فلا يتعدّاه
ملكوتك يأتي من خلال التاريخ فترسم مخطّطك عبر أعمال البشر وأقوالهم.

هل تبحث عن  رسالة من ام النور. لك اليوم

الربّ يسند كل العاثرين ويقوّم كل المنحنين
تنظر إليك عيون الجميع، وأنت ترزقهم طعامهم في حينه
تفتح يدك فتُشبع بخيراتك كل حيّ
الرب عادل في كل طرقه، ورحيم في جمع أعماله
الرب قريب من جميع الذين يخافونه، ومن جميع الذين يدعونه بالحق
الرب يعمل ما يرضي الذين يخافونه، ويسمع استغاثتهم ويخلّصهم
الربّ يسهر على جميع محبيّه ويدمّر جميع الأشرار
بالتلهيل للربّ ينطق فمي وكل بشر يبارك اسمه القدّوس إلى الأبد.

إذا أردنا أن يعرف الناس ملكوتك، فعلينا نحن المؤمنين أن نعلنه على العالم
إذا أردنا أن يؤمن الناس بملكوتك، فعلينا نحن الأتقياء أن نعيش هذا الملكوت في حياتنا اليوميّة
إذا أردنا أن يخضع الناس لهذا الملكوت، فعلينا أن نبدأ فنخضع لك ونعمل لك ونعمل مشيئتك على الأرض
ملكوتك ملكوت شامل، ملكوتك ملكوت أبديّ، فعلّمنا أن نعمل من أجل هذا الملكوت

فنحن نطلب ملكوتك يا ربّ ونطلب الحياة البارّة التي تدعونا إليها
ونحن متأكّدون أنك تعطينا الباقي فلا نهتمّ بطعام أو لباس
أنت تستجيب دوماً إلى دعاء مخلوقاتك، أنت تسمع وتعطيهم ما يرغبون
والشرط الذي تضعه: أن ندعوك، ونجن متيقّنون من حاجتنا إليك
أن ندعوك ونحن واثقون بصلاحك، واثقون أنك تلبّي طلباتنا الخيرّة.
وإذ نحصل على ما تعطينا من الخير، نمدحك من أجل عطاياك، بل نمدحك لأنك تعطينا ذاتك

نمدحك مع ابنك يسوع يوم قال: أحمدك يا أبت رب السماء والأرض
ونعظمك مع ابنك يسوع الذي طلب منك أن تمجّد اسمك
وننشدك مع الكنيسة وأبنائها الذين يرفعون إليك صلاتهم قبل أن يتناولوا طعامهم فيقولون: بارك يا ربّ.

بل تكون صلاتنا مع ابنك يسوع في كل ظروف حياتنا، أكانت حسنة أم سيّئة
فكلّ شيء يعود لخيرنا، نحن المؤمنين بك، إذا أخذناه بالطاعة لمشيئتك
لهذا لا نخاف شيئاً ولا نهتم بشيء، بل نلقي همّنا عليك.

تدعونا إلى أن ننظر إلى طير السماء، وإلى زنبق الحقل
تفهمنا أن شعر رأسنا محصى، تعلّمنا أننا أفضل من العصافير
وتغدق علينا خيراتك الفيّاضة، تغدقها من دون حساب
لهذا نشكرك عن كل خيرات الأرض، ونحن بحاجة إلى ما يكفي يومنا
ونشكرك أيضاً عن خيرات السماء، وبالأخصّ جسد ابنك ودمه
فيلدُم شكرنا ومديحنا من الآن وإلى أبد الآبدين. آمين

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي