admin
نشر منذ سنتين
4
أين ترعى؟ أين تربض وقت الظهيرة؟
(نش 1: 7)
أين ترعى؟ أين تربض وقت الظهيرة؟
إنه نداء من النفس البشرية، التي بعدت عن حظيرة الرب، ولكنها ما تزال تحبه وتبحث عن طريقه..
فهى تناديه قائلة: أين ترعى؟ أين اجدك؟ أين الطريق إليك ” يا من تحبة نفسى”.
أنا وإن بعدت عنك بالعمل لم أبعد عنك بالحب.
ما أزال احن إليك، وأشتاق إلى الأيام التي عشتها معك، واسأل أين أنت؟ كيف أصل إليك؟ أين ترعى؟ وأين تربض وقت الظهيرة.
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟

وقت الظهيرة:

” وقت الظهيرة “، عندما تشتد حرارة الحر، ولا تستطيع الطبيعة أن تحتمل، أين أجدك لتحمينى من ضربة الشمس بالنهار؟ هذه الشمس التي لوحتنى، فصرت سوداء، أين ظللك الذي يحمينى منها، لنه ” تحت ظلك أشتهيت أن أجلس” (نش 2: 3). أنا أعرف أنك تحمى رعيتك في ذلك الوقت، فلا تضربها الشمس، فأين تربض وقت الظهيرة.
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟

أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟

إنها نفس بعيدة عن الله، ولكن تشتاق إليه..
هناك نفوس متمتعة بالرب ولذة عشرته، تقول في غمرة الحب الإلهى ” شماله تحت رأسى ويمينه تعانقنى” (نش 2: 6)، أنا لحبيبى وحبيبى لى” (نش 2: 6)، ” أنا لحبيبى وحبيبى لي ” (نش 6: 3). وهناك نفوس أخرى بعيدة عن الرب، ولكنها غير مهتمة، لا تشتاق إلى الله، وإن اشتاقت إلى الله، وإن اشتاقت يدركها اليأس..
أما هذه فتشتاق إلى الرب، على الرغم من الخطية.
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
هذه النقطة تجعلنا لا ندين الآخرين، ولا ننظر في إشمئزاز إلى البعدين عن الرب.
فهناك نفوس تحبه على الرغم من بعدها.
مثل بطرس الذي أنكر الرب ثلاث مرات، ومع ذلك قال له ” انت يا رب تعلم كل شيء، انت تعلم انى احبك ” (يو 21: 17). كذلك هذه النفس تقول ” يا من تحبه نفسى”.
كيف تحبه وهى بعيده والرب يقول ” من يحبنى يحفظ وصاياى”.
إن الخطية عندها قد يكون سببها الضعف، وليس عدم الحب.
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
أين تربض وقت الظهيرة، عندما أحتاج إلى ظلك، انا الذي قد يفرحنى ظل يقطينه (يون 4: 6)، فكم بالأولى ظلك أنت؟!
أولادك في وقت التجربة ولهيبها، أنت تظلل عليهم بجناحيك فيستريحون في كنفك. كيف أستريح أنا ايضا؟
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
هذه العذراء بعدت عن الرب بالجسد، ولم تبعد بالروح، بعدت بالعمل ولم تبعد بالعاطفة.
الأخطاء التي تقع فيها دخيلة عليها، وليست في طبيعتها.
إن طبيعتها على صورة الله ومثاله، لذلك تشتاق إلى الله بالطبع، وإن كانت تخطئ بالضعف وبالضغط الخارجى.
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
حسن أن الإنسان في فترات فتوره وضعفه، يتذكر أيامه الجميلة الحلوة مع الله، ويقول له أين ترعى؟
أنت يا من ترعى الكل، ارعانى أنا أيضا معهم.
هناك أشخاص في حالة الخطية يقطعون صلتهم بالله، ويبعدون عنه، ويهربون منه، فلا كنيسة، ولا صلاة، ولا إجتماعات، ولا أية واسطة من وسائط النعمة. وحجة الواحد منهم بأى وجه أكلم الله في خطيتى؟
مثال ذلك آدم الذي هرب من الله عندما أخطأ..
إختفى وراء الشجرة، وقال له ” سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأنى عريان فأختبأت” (تك 3: 10).
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟

أين ترعى؟

أما هذه النفس ففى بعدها تبحث عن الرب: أين يرعى؟
نسمع إجابة عن هذا السؤال في آيات كثيرة من سفر النشيد تقول “الراعى بين السوسن” (نش 2: 16)، ” حبيبى نزل إلى جنته، إلى خمائل الطيب، ليرعى في الجنات ويجمع السوسن” (نش 6: 2).
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
أنا عارف يا رب أنك نزلت إلى خمائل الطيب، وسط قديسيك.
هؤلاء الذين لحياتهم رائحة ذكية، نشتم منهم رائحة المسيح. خميلة منهم اسمها ” خميلة التأمل والعبادة ” نزلت إليها. وأخرى اسمها ” خميلة التعب والجهاد ” نزلت إليها. وثالثة إسمها ” خميلة الخدمة والسعى وراء النفوس الضائعة”. وخمائل أخرى خاصة بالفضائل الجميلة.
أنت يا رب وسط قديسيك، في خمائل الطيب ، ترعى في الجنات. كل قديس منهم عبارة عن شجرة موثقة ثمرا، تطرح ثلاثين وستين ومائة (مت 13: 23).
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
ولكن ماذا عن شخص مثلى، يعيش في الأشواك؟ هل تنزل إلى أشواكه يا رب كما نزلت إلى الجنات وخمائل الطيب؟
أم هذا الإنسان لا نصيب له عندك، إذ ليس في حياته شيء من السوسن؟
أنا أومن يا رب أنك في بحثك عن الخروف الضال مشيت على الجبال والتلال والأشواك (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)..
أنا لست في مستوى الجنات وخمائل الطيب. ربما اصل إليها عندما أصطلح معك، وأتحول إلى خميلة طيب، وإلى غصن في شجرة مثمرة في جناتك. اما الآن، فكيف الطريق إليك! أين ترعى؟
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
يجيب الرب في محبته: أننى ارعى في كل مكان..
كنت في أتون النار، أرعى الثلاثة فتية، في أرض بابل.
اهتممت بهم، فلم تحترق شعرة من رؤوسهم، ولم تدخل رائحة النار في ثيابهم، ولم ينزعجوا. ام ير الناس مع الثلاثة فتية شخصا رابعا شبيهاَ بأبن الآلهة؟! (دا 3: 25).
لا تخف إذن يا حبيبى إن كنت في أتون النار، كم بالأولى إن كانت مجرد ضربة شمس وقت الظهيرة.. !
إننى أرعاك وسط النار. ولست أرعى فقط وسط السوسن.
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
قيل عن يهوشع في سفر زكريا إنه ” شعلة منتشلة من النار” (زك 3: 2). كاد يحترق وسط النار، ولكن يد الله الذي يرعى وسط النار انتشلته..
مبارك أنت يا رب، حتى الذين يقعون في النار ويشتعلون، لا تتركهم، بل ترعاهم هناك وسط النار، وتنتشلهم.. !
وليس وسط النار فقط، بل أيضا وسط الوحوش..
قال بولس الرسول ” حاربت وحوشا في افسس”. ووسط الوحوش قال له الرب ” لا تخف. لا يقع بك أحد ليؤذيك” (أع 18: 10).
إن الله يقوم بعمله الرعوى في جب الأسود أيضا، كما قام به في أتون النار، كما كان يرعى يونان النبى حتى وهو في بطن الحوت (يون 2)!! أتسأل أين ترعى؟
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
إننى أرعى حيثما توجد أنت. حيث الرعية هناك الراعى.
كنت في أتون النار، في جب الأسود، في جوف الحوت، أنا معك، أرعاك، ” لا أهملك ولا أتركك”.
” ها أنا معكم كل الأيام، وإلى إنقضاء الدهر”.
في وسط البحر الهايج، السفينة تلاطمه الأمواج، وتكاد تغرق. ولكن الرب أيضا يرعى وسط الأمواج، ينتهرها، وينتهر البحر والرياح، وينقذ التلاميذ (مت 14: 24 33)..
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
الله كان يرعى في وسط البحر الأحمر، وفي البرية، وفي أرض السبى. أتسأل أين يرعى؟ هناك في قلبك..
إنه يبحث عنك، أكثر مما تبحث عنه. وفيما ترفع صوتك، هو يستجيب ومهما كنت مغتربا، هو يرعاك في أرض غربتك، كما رعى يوسف في أرض مصر، ودانيال وحزقيال في أرض السبى. كل الأرض هى له..
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
أين ترعى؟ سؤال تسأله نفس تريد الوصول إلى الله. هل أصل إليك بالمعرفة، بالقراءة، بالصلاة، بالطقس، بالألحان، بالأجتماعات؟..
أين ترعى؟ أين تربض وقتق الظهيرة؟ لقد جربت كل هذه الوسائل ولم أصل إليك! فما السبب؟
غالبا تكون قد طلبت الطريق، ولم تطلب الله الذي يوصل إليه هذا الطريق ّ طلبت العبادة والمعرفة ولم تطلب الله!
كثير من الناس ينشغلون بالوسيلة عن الهدف! يصلون ويصومون ويرنمون ويقرأون، ولكن الله ليس في قلوبهم، وليس في أهدافهم. فاطلب الله وحده، حينئذ تجده..
أين ترعى؟  أين تربض وقت الظهيرة؟
يقول الرب للنفس التي تبحث عنه ” إن لم تعرفى أيتها الجميلة بين النساء فأخرجى على أثار الغنم” (نش 1: 8).
تتبعى آثار الغنم التي مشت قبلك في الطريق نحوى.
القديس موسى الأسود، كان واحدًا من الغنم التي تاهت، ثم عرفت الطريق فتتبعى آثاره. كذلك أوغسطينوس وبلاجيوس، ومريم القبطية.
هناك غنيمات سارت في طريق التأمل ووصلت، وأخرى في طريق الخدمة ووصلت.. كل طريق روحى تحبينه ستجدين آثار الغنم فيه، فتتبعيها. وسير القديسين لا تنتهى..
كما سلك هؤلاء، فلنسلك نحن أيضًا..
” إخرجى على آثار الغنم، ارعى جداءك عند مساكن الرعاة”.
قال لها جداءك ولم يقل خرافك، لأنها نفس خاطئة. ثم حولها إلى مساكن الرعاة، لأنه أقام قادة روحيين لشعبه..
هل تبحث عن  القديس سرجيوس أب الرهبنة الروسية

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي