admin
نشر منذ سنتين
4

أَلا تُؤِمِنُ بِأَنِّي في الآبِ وأَنَّ الآبَ فيَّ؟

أَلا تُؤِمِنُ بِأَنِّي في الآبِ وأَنَّ الآبَ فيَّ؟ إنَّ الكَلامَ الَّذي أَقولُه لكم لا أَقولُه مِن عِندي بلِ الآبُ المُقيمُ فِيَّ يَعمَلُ أَعمالَه.

تشير عبارة “أَلا تُؤِمِنُ” الى سؤال يتوجب على فيلس ان يؤمن وان يتيقن بقول المسيح أنه ” الابنُ الوَحيدُ الَّذي في حِضْنِ الآب هو الَّذي أَخبَرَ عَنه” (يوحنا 1: 18).
والإيمان هو الذي يُعطى الرؤية الحقيقية أن الابن والآب هما كيانٌ واحدٌ بلا انفصال كما جاء في تعليم يسوع ” أَنا والآبُ واحِد”(يوحنا 10: 30)، “مَن رآني رأَى الَّذي أَرسَلَني”(يوحنا 12: 45)؛ وهذا يدلُّ على ان رؤية الله الآب بالمسيح لا تتتم الا بعين الايمان؛ أمَّا عبارة “بِأَنِّي في الآبِ وأَنَّ الآبَ فيَّ؟” فتشير الى اتحاد تام بين الآب والابن. فالآب حاضر بالابن بأقواله واعماله وانهما أقنومان متميِّزان لان المسيح قال “ أَنِّي في الآبِ ” ولم يقل “أنا الآب” لكنهما متساويان في الجوهر.
ويُعلق القديس كيرلس ” ليس يسوع كمن وُجد خارجًا عنه، ولا في زمنٍ، بل في جوهر الآب مشرقًا منه، وذلك كأشعة الشمس المشرقة، وحرارة النار المتضمنة في صُلبها، شريكه الدائم في الوجود معه مع عدم الانفصال عنه، فلا يوجد الواحد دون الآخر”؛ أمَّا عبارة ” إنَّ الكَلامَ الَّذي أَقولُه لكم لا أَقولُه مِن عِندي ” فتشير إلى كلام يسوع الذي هو كلام الآب الذي اوصاه بما يقول ويتكلم ” لِأَنِّي لم أَتَكَلَّمْ مِن عِندي بلِ الآبُ الَّذي أَرسَلَني هو الَّذي أَوصاني بِما أَقولُ وأَتكَلَّم” (يوحنا 12: 49).

ويُعلن الآب لنا بكلمات يسوع وأعماله. فانه أتى من عند الآب والآب يتكلم في ابنه كما جاء في تعليم صاحب الرسالة الى العبرانيين ” كَلَّمَنا في آخِرِ الأَيَّام هذِه بِابْنٍ جَعَلَه وارِثًا لِكُلِّ شيء وبِه أَنشَأَ العالَمِين” (عبرانيين 1: 2). لذلك إن الذين يخضعون بلا تحفظ لمشيئة الله عندهم حسّ الله، فهم وحدهم قادرون على معرفة ما لتعليم يسوع من ميزة إلهية؛ أمَّا عبارة “ المُقيمُ فِيَّ ” في الأصل اليوناني ἐν ἐμοὶ μένων (معناها الحال فيَّ) فتشير الى اتحاد الاب بالابن يسوع. فلو كان المسيح نبياً فقط لقال الآب الذي ارسلني.

فقوله ذلك دليل على انه الله لا انبي كسائر الأنبياء ” إِنَّ أَبي ما يَزالُ يَعمَل، وأَنا أَعملُ أَيضاً” (يوحنا 5: 17)، وفي موضع آخر يقول أيضا ” لا يَستَطيعُ الابنُ أَن يَفعَلَ شيئاً مِن عندِه بل لا يَفعَلُ إِلاَّ ما يَرى الآبَ يَفعَلُه. فما فَعَلَه الآب يَفعَلُه الابْنُ على مِثالِه؟ امَّا عبارة “الآبُ المُقيمُ فِيَّ يَعمَلُ أَعمالَه” فتشير الى أعمال المسيح التي هي اعلان إرادة الآب وإظهار محبته ومشيئته نحو الإنسان، لان المسيح هو “قُدرَةُ اللّه وحِكمَةُ اللّه”(قورنتس 1: 24)، ” وبِه أَنشَأَ العالَمِين” (عبرانيين 1: 2).

وكشفت الآيات عن عمل الخلاص بصورة حسّية كما حدث في معجزة الخمر في عرس قانا الجليل “هذِه أُولى آياتِ يسوع أَتى بها في قانا الجَليل، فأَظهَرَ مَجدَه فَآمَنَ بِه تَلاميذُه ” (يوحنا 2: 11). فالآب يعمل مع الابن كما صرّح يسوع ” إِذا كُنتُ لا أَعمَلُ أَعمالَ أَبي فَلا تُصَدِّقوني” (يوحنا 10: 37). وخلاصة هذه الآية ان الذي سمع صوت الابن سمع صوت الآب أيضا والذي رأى اعمال الابن رأى أعمال الاب كذلك.
هل تبحث عن  تكون العقوبة لونًا من العلاج

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي