“وَانْتَقَلَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ هُنَاكَ إِلَى أَرْضِ الْجَنُوبِ، وَسَكَنَ بَيْنَ قَادِشَ وَشُورَ، وَتَغَرَّبَ فِي جَرَارَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ سَارَةَ امْرَأَتِهِ: «هِيَ أُخْتِي». فَأَرْسَلَ أَبِيمَالِكُ مَلِكُ جَرَارَ وَأَخَذَ سَارَةَ. فَجَاءَ اللهُ إِلَى أَبِيمَالِكَ فِي حُلْمِ اللَّيْلِ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ مَيِّتٌ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَخَذْتَهَا، فَإِنَّهَا مُتَزَوِّجَةٌ بِبَعْل». وَلكِنْ لَمْ يَكُنْ أَبِيمَالِكُ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، أَأُمَّةً بَارَّةً تَقْتُلُ؟ أَلَمْ يَقُلْ هُوَ لِي: إِنَّهَا أُخْتِي، وَهِيَ أَيْضًا نَفْسُهَا قَالَتْ: هُوَ أَخِي؟ بِسَلاَمَةِ قَلْبِي وَنَقَاوَةِ يَدَيَّ فَعَلْتُ هذَا». فَقَالَ لَهُ اللهُ فِي الْحُلْمِ: «أَنَا أَيْضًا عَلِمْتُ أَنَّكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هذَا. وَأَنَا أَيْضًا أَمْسَكْتُكَ عَنْ أَنْ تُخْطِئَ إِلَيَّ، لِذلِكَ لَمْ أَدَعْكَ تَمَسُّهَا. فَالآنَ رُدَّ امْرَأَةَ الرَّجُلِ، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ، فَيُصَلِّيَ لأَجْلِكَ فَتَحْيَا. وَإِنْ كُنْتَ لَسْتَ تَرُدُّهَا، فَاعْلَمْ أَنَّكَ مَوْتًا تَمُوتُ، أَنْتَ وَكُلُّ مَنْ لَكَ».” تك 1:20-7
كما تكلمنا فإن إبرهيم كان قد خاف مرتين في أراضٍ غريبة و قال عن ساراي إمرأته “هِيَ أُخْتِي” خوفاً على نفسه! المرة الأولى كانت في مصر و المرة الثانية في جرار. و أود أن أُركز هنا قليلاً على المرة الثانية على الرغم من إنها زمنياً متأخرة عن السياق الذي نتحدث عنه.
إعتقادي و ربما إعتقاد الكثيرين أن الرب في العهد القديم إختار شعب إسرائيل شعباً له و بالتالي خصهم بالمميزات و الحماية و……إلخ. و لكن تأتي قصتي إبرهيم و إخفاؤه أن ساراي إمرأته لتوضح لنا أن الرب كان يتكلم إلى باقي الناس و لو حتى بأشكال مختلفة مثلما حدث مع فرعون في المرة الأولى و أبيمالك ملك جرار في القصة التي نتناولها هنا. كان من الممكن أن يتحدث الرب مع إبرهيم هنا بدلاً من أبيمالك و لكن الله تكلم مع أبيمالك ليُثبت لنا أنه يُحب و يُريد الخير لكل البشر و لهذا يتكلم الكتاب عن الله “الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ” 1تي4:2 و أظن أن كلمة “جَمِيعَ” هنا إنما تدحض هذا الفكر المغلوط الذي لا يعكس شخصية الله و المثال العملي الذي رأيناه يُزيد على برهنة خطأ هذا الفكر المغلوط.
النقطة الثانية المُثيرة هنا هو كيف كان يتكلم الرب مع هؤلاء الشعوب! نجد الله يُبين حنانه و محبته لملك جرار في هذا الحديث و يقول له أشياء لم يقولها حتى لإبرهيم. فمثلاً يقول الرب لأبيمالك “وَأَنَا أَيْضًا أَمْسَكْتُكَ عَنْ أَنْ تُخْطِئَ إِلَيَّ، لِذلِكَ لَمْ أَدَعْكَ تَمَسُّهَا”! الرب أمسك أبيمالك عن أن يُخطئ إليه و لم يفعل نفس الشئ مع إبرهيم عندما هرب و “تغرب” أو عندما أخفى زواجه بساراي؟! أليس هذا غريباً؟! الله يُحب أبيمالك جداً و كان يعلم بسلامة قلبه فساء في عيني الرب أن يفعل هذا الشر العظيم أمامه. لم يقل الرب لأبيمالك {أنا أمسكتك عن أن تُخطئ من أجل إبرهيم عبدي}! لا بل قال “أَمْسَكْتُكَ عَنْ أَنْ تُخْطِئَ إِلَيَّ” لأن الرب لا يُحب أن تتأثر علاقته بأبيمالك لأنه يحبه هو!
التشبيه الذي يأتي إلى ذهني هنا هو أن الرب كان كأب يتعامل في هذا الموقف مع إثنين من أبنائه, إبرهيم و أبيمالك و على الرغم من أن الرب كان يعلم أن أحدهم أخطأ و هو إبرهيم لم يشأ أن تؤثر هذه الخطية على أبيمالك البرئ أو حتى على الذي أخطأ نفسه فتدخل الرب بحل بسيط أنقذ به الإبنين! أعلم أن البعض قد تربى على فكرة أن الرب ينتظر خطاينا حتى يُعاقبنا عليها و لكن هذا الفكر هو أبعد ما يكون عن الحقيقة و يأتي موقف مثل الذي نتحدث عنه هنا ليقتل الشك باليقين من أن الرب، إله المحبة، يُبرهن في كل المواقف هذه المحبة التي “لاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ” 1كو5:13،6. و لذلك منع الرب أبيمالك أن يُخطئ إليه، لإنه علم فكر قلبه النقي و منع عواقب خطأ إبرهيم التي كان من الممكن أن يندم عليها طوال الع مر.
أخيراً أسأل: هل هذا هو الإله المحب المُتأني الذي نؤمن به أم إننا ما زلنا نتشبث بفكرة الإله الغاضب طوال الوقت الذي يتتطلع لعقابنا؟
الصلاة: (صلاتي أن توحد الصلوات الآتية قلوبنا أمام الرب)
صلاة عامة: نطلب يا رب سلاماً لمصر.
صلاة شخصية: أطلب يا رب أن تُعلن لي عن نفسك و عن محبتك للبشرية.
سَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. في 7:4