وكان حكام إثيوبيا من أصل أجنبي، فالزنوج رغم شجاعتهم وقناعتهم كانوا بطيئ التفكير، ورغم أنهم خضعوا على مدى أجيال طويلة لحكم جيرانهم المتحضرين، وقد وصلوا في بعض الأوقات إلى المراكز العليا في الدولة، إلا أن الشعب في مجموعه لم يتأثر بتلك الحضارة.
وقد استوطن الحبشة منذ فجر التاريخ شعب قوقازي جاء عبر البحر الأحمر من شبه الجزيرة العربية. فالأحباش الحقيقيون _ كما يقول بروفسور ليتمان – ” ليس بهم دماء زنجية ولا صفات زنجية، فهم عمومًا ذو بنيان قوي ووجه وسم وملامح مستقيمة، وتقاطيع منتظمة ، وعيون حادة البصر، وشعور طويلة مسترسلة أو مجعدة قليلًا، ولونهم زيتوني قاتم يقرب من الأسمر “.
والاكتشافات الحديثة تثبت صلتهم الوثيقة ، عرقًا ولغة، بسكان جنوبي شبه الجزيرة العربية وبخاصة مملكة سبأ (السبئيين الذين اشتهروا بالقوة) التي اكتشف مؤخرًا الكثير من مخلفاتها المعمارية والثقافية. وترجع أقدم النقوش السبئية في الحبشة إلى ما قبل 2600 سنة، وهي عظيمة القيمة فيما يتعلق بما جاء عنها في التوراة، وبخاصة فيما يقوله يوسيفوس من أن ملكة سبأ كانت ملكة على الحبشة.
والفالاش هم جماعة من اليهود يعيشون بالقرب من بحيرة تسانا، وهم يشبهون الأحباش في مظهرهم، ولعلهم من جنس واحد. وديانتهم هي الديانة الموسوية حسب الترجمة الحبشية للتوراة لأنهم يجهلون العبرية. ولا نعلم على وجه اليقين متى صاروا يهودًا، فقد كان العلماء قديمًا يرجعون بذلك إلى عصر سليمان أو على الأقل إلى السبي البابلي، ولكن يرجع به البعض إلى العصر المسيحي، لجهلهم بأحكام التلمود. ولكن ما اكتشف حديثًا من أنه كان يوجد مجتمع يهودي زاهر في منطقة أسوان في القرن السادس قبل الميلاد، يجعل من الواضح أن التأثير اليهودي قد وصل إلى مصر قبل ذلك التاريخ. ومع أنه من المعروف تمسك الأحباش بالعادات القديمة، إلا أن الخصائص اليهوديةواضحة في كل البلاد. وكان الشعار المكتوب على الرسائل الرسمية هو “أسد سبط يهوذا قد غلب”. وهو واحد من العبارات الكثيرة الشائعة. ومع أن بعض الطقوس، مثل الختان و حفظ السبت، يمكن أن تكون قد تسربت من قدماء المصريين أو الأقباط المسيحيين، إلا أن الأثر اليهودي أقوى من أن يُنكر. وجميع الرحالة يتحدثون عن نشاط الفالاش ورقتهم وكرمهم الشديد. وإلى جانب هؤلاء توجد مجتمعات كثيرة من أجناس مختلطة في إثيوبيا، ولكن أصولها جميعها ترجع إلى الجنس الزنجي أو السامي أو المصري.