إرشادات العذراء الكلية القداسة
إحفظي يا ابنتي ، السرَّ في داخلك ، كما فعلت أنا في سفري إلى بيت لحم وفضلي رغبة غيرك على رغبتك ، وأطيعي رؤساءك وآباءك الروحين طاعة عمياء ، حتى لو كنتِ على علم بأنه سيحصل عكس توقُّعاتهم .
أريد إن تكوني مفصولة عن العالم ، محتقَرةً ومرفوضة منه كما كنت في بيت لحم . ماذا سيتنفعكِ اعتبارات البشر وماذا ستخسرين لو حُرمتِ منها ؟ إنها ليست سوى كَذِبٌ وبطلان ، إنها ليست سوى خيال هارب . فتخلَّي إذاً عن كل ما تشتمّين منه رائحة العالم. وإن لم يحتقرك هو بقدر ما تَودَّين ، إحتقريه أنت بقدر ما يستحق . إحفظي قلبك في الاستقلال والتخلي عن كلِّ شيء . وابقي وحدك مع الله وحده ، حتى تتقبَّلي بغزارة أمواج حبِّه . وتتّصلي به بحرية تامة . لا تدعي أية صعوبة تعيقك عن أي فضيلة أو كمال مهما يكن صعباً . إن أردت إن تكوني كاملة لا تتوقفي فقط عند إبتغاء محبة السيد والخلاص الأبدي ، ولكن أعملي أيضاً لتقديس الآخرين ، ولكي تجعلي ابني محبوباً وتكوين كآلة بيده يستعملك عندما يريد لخير مجده الأعظم .
ولكي تنجحي في ذلك ، تعلمي مني بأي خوف وتقوى ، وبأي احترام متضِّع ، وبأي حب حنون عليك أن تعامليه ، إعملي ما كنت أعمله عندما كان بين ذراعي وخصوصاً عندما تتقبلينه في سرِّ الافخارستيا العظيم . عندما يدخل إلى فمك ، إِعلَمي أنه يقول لك من جديد ما كان يقوله لي : كوني شبيهة بي . وهو يريد أن تشعري نحوه عندئذٍ وبالاخص بنفس عرفان الجميل حتى وكأنه نزل من السماء لأجلك وحدك .