لم يكن إشعياء محتاجاً أن يرى اللّه فحسب ، بل كان عليه أن يرى كيف يخدم السرافيم اللّه والكلمة « سرافيم » من أصل عبرى معناه « الملتهبين » « الصانع ملائكته رياحاً وخدامه ناراً ملتهبة » ” مز 104 : 4 ” وكان لكل واحد ستة أجنحة ، فهناك جناحان للطيران ، وبهما يطير ملتهباً فى غيرته لخدمة اللّه !! … والخدمة المسيحية ، لابد أن تكون هكذا ، … كان واحد من خدام اللّه الصينيين ، وكان غيوراً للمسيح ، فى الولايات المتحدة ، ينتقل فى القطارات وهو يوزع النبذ المسيحية ، وذات مرة رأى أمامه سيدة تبدو غنية وأنيقة ، وقدم لها نبذة عن الخلاص ، … وإذا سألته عما فيها قال : إنها قصة جميلة أرجو أن تقرأيها ، فصاحت في ووجهه : لا أريد ، وألقتها فى وجهه ، .. وقد راعه أكثر أن الكمسارى قال له : إن هذا ممنوع وتألم الرجل ، وهو يسأل نفسه كيف يمكن أن يمنع هذا فى بلد خرج منه المرسلون إلى العالم لينادوا ببشرى الخلاص ؟ … ولكن واحداً من الجالسين تقدم إليه وهز يده قائلا : إنك هززت قلبى من الأعماق ، إذ أرى أحدهم يشتغل بعمل سيده !! … كان هذا الخادم يأخذ أجنحة السرافيم وهو يقف فى الطريق يصلى ويرنم بالأغانى المسيحية ، وقد هز نفوساً كثيرة بحياته الملتهبة فى خدمة سيده !! … على أن السرافيم يعطوننا صورة أخرى ، صورة الإتضاع فى حضرة اللّه ، إذ يغطى كل واحد منهم وجهه بجناحين ، لأنه لا يجسر أن ينظر إلى وجهه اللّه !! … وفى الحقيقة إن الاتضاع من أهم صفات الخادم المسيحى ، وما ير هذا الخادم نفسه على وضعها الحقيقى فى حضرة اللّه ، كما كان يرى داود نفسه كبرغوث أو كلب ميت أو لا شئ على الإطلاق ، … فإنه لا يستطيع أن يقوم بالخدمة أبداً !! .. تقابل أحد خدام اللّه مع عضو ثرثار ، وكان هذا العضو يتحدث كثيراً ، ويكرر الكلام ، والراعى مستعجل يريد الذهاب إلى مكان ما ، وأخيراً قال له : أنا مشغول وينبغى أن أذهب بسرعة !! … ألا تعرف من أنا !! ؟ … وقال العضو : نعم أعرف ، فانت الواعظ !! … ولكن هذه الكلمة رنت فى أذن خادم اللّه وقال : هل ينظر الناس إلى أنا ، وهل أوجه الالتفات إلى نفسى أم إلى المسيح!!؟… وذهب إلى بيته ، وأغلق على نفسه ، وظل هناك حتى صلب الإنسان العتيق … وعاد ليعظ : « ينبغى أن ذلك يزيد وأنى أنا أنقص » ” يو 3 : 03 ز .. كان هناك واعظ ينقلونه من كنيسة إلى كنيسة ، لأنه كان جافاً ويترك الجفاف فى كل مكان ذهب إليه!!.. وقال له الشخص المسئول فى المجمع : أنا لا أستطيع أن أعينك فى كنيسة ، إنهم يصفونك بالقصبة العجوز الجافة … وبكى الرجل العجوز وقال : أعطنى هذه الفرصة الأخيرة … فعين فى قرية ، وفزعت القرية إذ سمعت بخبر تعيينه .. لكنه دخل إلى مخدعه ، وصارع مع اللّه ، وعندما خرج ، خرج إنساناً آخر ، حتى كانوا يصفونه بالقول : إن القصبة العجوز اشتعلت فيها النار بعد الاتضاع والبكاء فى حضرة اللّه !! … وكان الجناحان الأخيران يغطيان القدمين ، وهو الأمر الثالث فى الخدمة ، ونعنى به الاحترام الكلى لعمل اللّه ورسالته ، … تعود أحدهم أن يدخل الكنيسة دون أن يرفع قبعته ، وإذ سأله الراعى عن السر فى ذلك … قال : لا تؤاخذنى لعدم رفع القبعة ، فقال الراعى : لا مؤاخذه . فهذا ليس بيتى !! … إن من أهم مقومات الخدمة المسيحية الإجلال والاحترام الكامل للّه وبيته وخدمته ورسالته !!