* لم تكن طبيعة بولس الرسول تختلف عن طبيعتنا؛ ولا نفسه مختلفة عن نفوسنا، ولا عاش في عالمٍ آخرٍ، بل سكن في نفس العالم والمدينة وخضع لنفس القوانين والعادات، لكنه فاق في الفضيلة كل البشر في الماضي والحاضر. الآن، أين هؤلاء المعترضين على صعوبة الفضيلة وسهولة الخطية؟ فهذا الرجل يدينهم بكلماته: “لأن خفة ضيقاتنا الوقتية تُنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجدٍ أبديٍ” (2 كو 17:4). فإن كانت ضيقاته محتملة وخفيفة، فكم بالحري ضيقاتنا التي إن قارنتها صارت كلا شيء أو مجرد لذٌات…؟
احتضن بولس الآلام بمحبة بلا مُقابل، وتحْمَل بكل فرحٍ ما اعترضه من صعوبات وعوائق في طريق الفضيلة. فلم يتضايق من ضعف الجسد أو ضغوط المسئولية أو بطش العادات، ولا من أي شيءٍ آخر. عِلاوة على ذلك فاقت مسئولياته كل مهام القادة والملوك، لكنه كان يزداد في الفضيلة يوميًا. وصار ازدياد المخاطر سببًا في التهاب غيرته بالأكثر، فقال: “أنسى ما هو وراء، وأمتد إلى ما هو قدام” (في 13:3).

عندما اقترب منه الموت، دعا الجميع لمشاركته هذا الفرح، قائلًا: “وبهذا عينه كونوا أنتم مسرورين أيضًا، وأفرحوا معي” (في 18:2). فكان يتهلل فرحًا في الضيق والألم وفي كل مذلةٍ. كتب إلى أهل كورنثوس: “لذلك أُسَر بالضيقات والشتائم الضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح” (2 كو 10:12). ودَعا ذلك أذرع العدالة، موضًحًا أنها مصدر مثمر لفائدته، فصار لا يُهزَم أمام أعدائه. وبالرغم من الضرب والاضطهاد والشتم كان كمن في عرسٍ مبهجٍ، مُصحِحًَا الكثير من مفاهيم النصرة، متهللًا فرحًا، شاكرًا الله بقوله: “ولكن شكرًا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين” (2 كو 14:2).


القديس يوحنا الذهبي الفم

هل تبحث عن  آيات من الكتاب المقدس عن وصية بوعد | الوعود الإلهية | المواعيد الإلهية | وصايا بوعود -4

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي