اذكرني يا رب

اذكرني يا رب

«ادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي»
( مز 50: 15 )




ألقى اللص التائب بنفسه على النعمة الظاهرة في الوعد الإلهي: «ادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي» ( مز 50: 15 )، ولذلك قال للرب: «اذْكُرنِي يَا رَبُّ». وفي هذا القول يُظهِر اللص رغبته في الارتباط مع الرب، وهذا الارتباط هو الخلاص الكامل. ففي اللحظة التي يرتبط فيها الخاطئ الهالك المذنب المسكين، مع الرب يسوع الذي رُفِعَ على الصليب، في تلك اللحظة ينال الخلاص الأبدي، بغض النظر عن كل شروره ورذائله. قد تكون خطاياه حمراء كالدودي أو سودا كالليل البهيم، ولكنه بمجرد الارتباط مع الله المُخلِّص، ينال خلاصًا أبديًا، وتُمحى كغيم ذنوبه، وينال القبول أمام الله باستحقاقات اسم الفادي الكريم.

وهذا عين ما حصل مع اللص التائب، فقد نال في الحال خلاصًا كاملاً أبديًا. وهكذا منحه الرب فوق ما طلب أو افتكر. لقد كانت طلبته: «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». أما الرب فقال له سأعطيك أكثر من ذلك بكثير: «إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ». وهنا نرى صفات الخلاص الثلاث: وهي أنه خلاص حاضر «الْيَوْمَ»، وخلاص شخصي «تَكُونُ (أنت)»، وخلاص كامل «مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».

وما أروع أن الرب لا يفوه كلمة تقريع، ولا يُبدي أية إشارة إلى حياة اللص الماضية، بما فيها من شرور وفظائع، ولا يُلمِح أدنى تلميح عن التجديف والتعيير السابقين! إن شيئًا من هذا لا يتفق مع خدمة النعمة التي أتى بها ربنا المجيد. فقد كان يُخلِّص كل مَن يأتي إليه، لأنه جاء ليفعل مشيئة الآب، وكل مَن أتى إليه كان مُجتذبًا من الآب. وكم في هذا الاجتذاب من التدريبات للنفس، والتوبيخات للضمير، والاقناعات المُرّة بعمل الروح القدس. كم فيه من التخلِّي عن الذات وإخضاع الإرادة وإذلالها، بل كم فيه من التخبطات بين الشك واليقين، والخوف والرجاء! كل هذا له أهميته، ولكن ما نُشير إليه هنا، هو النعمة الكاملة المُتسامحة، التي قابل بها المسيح، اللص المصلوب التائب.
.

هل تبحث عن  المَزْمُورُ الثَانِي والسَبْعُونَ سفر المزامير القمص تادرس يعقوب ملطي

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي