اصرفهم لكي يمضوا إلى الضياع والقرى حوالينا
ويبتاعوا لهم خبزًا، لأن ليس عندهم ما يأكلون.
فأجاب وقال لهم: أَعطوهم أنتم ليأكلوا
( مر 6: 36 ، 37)
كان حول الرب جمع كبير من أُناس جائعين والوقت كان قد مضى، وأمام حالة كهذه، أتى التلاميذ إلى السيد وقالوا له: «اِصْرِفْهُمْ». أخشى أن يكون الكثيرون منا الآن مثل هؤلاء التلاميذ قديمًا، يقولون: “اِصْرِفْهُمْ، لا نريد أن نُثقل بهذه الجموع الجائعة، لا نريد أن تكون أعوازهم سبب مشغولية لنا”. ولاحظ أن التلاميذ لا ينكرون حاجة الجموع إلى الطعام، يقولون: «اِصْرِفْهُمْ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الضِّيَاعِ وَالْقُرَى حَوَالَيْنَا وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ خُبْزًا، لأَنْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ». ومعنى كلمة «اِصْرِفْهُمْ»، أبعدهم عنك.
أيها الأحباء: أَ نقول نحن هكذا؟ أخشى أننا نقوله في بعض الأحيان. يقول السيد: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا». ليت الرب يجعل آذاننا تستمع لهذا الصوت.
أيها الأحباء: هل فكرتم في أن تُعطوا الآخرين ليأكلوا، أم لا تفكرون سوى في إطعام أنفسكم؟ هل فكرتم أن كثيرين حولكم جياع روحيًا، يموتون من عدم الطعام الروحي؟ أوَ لم تسمعوا كلمات السيد: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا»؟ إن كلماته هذه توبخ الكثيرين منا، وهي كلمات ترن في آذاننا على الدوام: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا».
إن التلاميذ فكَّروا فقط في قلة ما بين أيديهم، وقالوا ما معناه كيف نستطيع نحن الفقراء المساكين أن نعطيهم ليأكلوا؟ وهذه هي على الدوام لغة عدم الإيمان، لغة الاتكال على المصادر البشرية دون النظر إلى بركة الرب التي تُغني.
ليت الرب الذي قال في مناسبة أخرى «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ» ( مر 8: 2 )، يَهَبنا مقدارًا أكبر من شفقته فنذكر، بالصلاة والخدمة، نفوس الخطاة المساكين. كم من نفوس حولنا تهلك جوعًا، ونحن لا نبالي، مع أننا نستطيع أن نقدم لها خبز الحياة.
عزيزي: هل تسير وعيناك مفتوحتان لترى كل فرصة يعطيك إياها الرب لخدمة هذه النفوس، معتمدًا على قوة الروح القدس؟ .