الأصحاح الأول تفسير رسالة تسالونيكي الثانية القمص أنطونيوس فكري

المقدمة

هذه الرسالة مشهورة بنبوءة لبولس الرسول، إذ أوحي له الروح القدس عن قيام حركة إرتداد عنيفة للغاية وهذه ستكون أمَّر مما تعانيه الكنيسة في عصره، وفيها يتجسم الشيطان في شخص إبن الهلاك إو إنسان الخطية الذي يقاوم مملكة السيد المسيح في أواخر الدهور. ويعتبر ظهور هذا الشخص وهذه الضيقة علامة علي إقتراب ظهور المسيح في مجيئه الثاني. وهذه الحركة ستسبق مجئ المسيح الثاني مباشرة.

الرسول حتي يلهب شوق المجاهدين الروحيين للعمل بفرح كلمهم في الرسالة الأولي عن أن المسيح سيأتى فجأة وأن يوم مجيئه سيأتي كلص، وعلينا أن نتوقعه في كل وقت. وربما أساء البعض فهم هدف الرسول وظنوا أن مجئ المسيح هو علي الأبواب، فباع البعض ممتلكاتهم وأهمل الكثيرون أعمالهم اليومية، خصوصاً أنه علي ما يبدو وصلت رسالة مزورة منسوبة للرسول أن موعد مجئ المسيح بات علي الأبواب، مما سبب تشويشاً في الكنيسة لذلك أرسل الرسول هذه الرسالة يطلب فيها:

  1. أن يعيشوا حياتهم بطريقة طبيعية ويعملوا أعمالهم بلا تشويش، فالمسيح لن يأتي إن لم يأتي إنسان الخطية والضيقة أولاً.
  2. أعطاهم علامة علي أن الرسائل الصادرة منه شخصياً تنتهي بالسلام الذي يكتبه في آخر كل رسالة بيده (2تس3: 17 (. وخط الرسول كان مميزا فهو يكتب بأحرف كبيرة بسبب ضعف نظره. لذلك كان يملى رسائله على آخرين ليكتبونها.
  3. إذ كانت الكنيسة لا تزال تحت الضيق كتب إليهم بأسلوب أبوي يشجعهم علي إحتمال الألم ويوضح السلوك اللائق بهم كأولاد الله.
  4. نفهم من كلام الرسول أنه من الخطأ تحديد موعد للمجئ الثاني ولكن ليس من الخطأ فهم العلامات للإستعداد. وعلينا أن نكون مستعدين دائماً.

كتب الرسالة بعد شهور من كتابة الرسالة الأولي أي حوالي منتصف عام 53م وكتبها من كورنثوس وكان تيموثاوس وسيلا مازالا معه.

وأقسام الرسالة كما يأتي:

(ص 1) تشكرات لله.

(ص 2) يتحدث بأسلوب رؤيوى.

(ص 3) يتحدث بأسلوب عملي.

الإصحاح الأول

الأعداد 1-2

الآيات (1 – 2): –

“1بُولُسُ وَسِلْوَانُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ، إِلَى كَنِيسَةِ التَّسَالُونِيكِيِّينَ، فِي اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: 2نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.”.

هل تبحث عن  12- الصليب وسر التوبة والاعتراف

اللهِ أَبِينَا = الرسول سيتحدث عن ضيق وإرتداد عظيم، ويسبق بقوله أبينا ويعطي لهم شعور بالإطمئنان، فإذا كان الله أبانا فلماذا الخوف مما سيحدث.

الأعداد 3-4

الآيات (3 – 4): –

“3يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ كَمَا يَحِقُّ، لأَنَّ إِيمَانَكُمْ يَنْمُو كَثِيرًا، وَمَحَبَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ جَمِيعًا بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ تَزْدَادُ، 4حَتَّى إِنَّنَا نَحْنُ أَنْفُسَنَا نَفْتَخِرُ بِكُمْ فِي كَنَائِسِ اللهِ، مِنْ أَجْلِ صَبْرِكُمْ وَإِيمَانِكُمْ فِي جَمِيعِ اضْطِهَادَاتِكُمْ وَالضِّيقَاتِ الَّتِي تَحْتَمِلُونَهَا.”.

في الرسالة الأولي مدحهم علي محبتهم وإيمانهم وهنا يمدحهم علي إزديادهم ونموهم فيها. وبهذا نفهم أن الإيمان ينمو والمحبة تنمو وهذا علامة صحة للإنسان المسيحي. ولاحظ أنه يشكر الله علي هذا، فهذا عمل الله فينا، أن ينمي فينا الإيمان والمحبة. والرسول يشْكُرَ فيَ كُلَّ حِينٍ = أي حتي في الضيقات. بل أن الضيقات نري فيها يد المسيح الذى يشترك معنا دائما فى حمل الصليب بصورة واضحة، فيزداد إيماننا والتلاميذ طلبوا هذا من المسيح “زد إيماننا” (لو 17: 5) ومن خلال الضيقات يزداد الحب لله وللإخوة شركاء الألم = اضْطِهَادَاتِكُمْ وَالضِّيقَاتِ الَّتِي تَحْتَمِلُونَهَا. الصبر الذى يتكلم عنه لا علاقة له بالشجاعة والجلد الذى يتسم بهما الأبطال بين البشر، بل هو ناشئ عن التعزية الإلهية التى يعطيها الله لمن يقرر الثبات على الإيمان.

العدد 5

آية (5): –

“5بَيِّنَةً عَلَى قَضَاءِ اللهِ الْعَادِلِ، أَنَّكُمْ تُؤَهَّلُونَ لِمَلَكُوتِ اللهِ الَّذِي لأَجْلِهِ تَتَأَلَّمُونَ أَيْضًا.”.

الإيمان البطولي وإحتمال الألم بصبر كان فيه الدليل على أن الله إلي جانبهم، وهكذا أظهر الله القاضي العادل بواسطة الشجاعة والصبر والمحبة والإيمان التي ملأت قلوبهم، بأن القضية في صالحهم إذ أنه ساندهم. وهذه الشجاعة والصبر… كانت البينة أو العربون الذي أعطي لهم تأكيداً علي المكافأة النهائية، وهي عربون الأفراح النهائية في السماء، وأيضاً لعقوبة الأشرار الذين يضطهدونهم. كان تسبيح الشهداء أكبر دليل علي حضور الله وسطهم، والعكس فالشقاء والتعاسة فى حياة الأشرار بينة علي تعاستهم الأبدية؟

هل تبحث عن  دشَمِيداع

العدد 6

آية (6): –

“6إِذْ هُوَ عَادِلٌ عِنْدَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يُضَايِقُونَكُمْ يُجَازِيهِمْ ضِيقًا.”.

الله يجازى المضايقين ضيقاً إن أصروا على موقفهم بلا توبة. وفى ذلك الوقت أثار اليهود فتنة إنتهت بذبح 30000 منهم.

العدد 7

آية (7): –

“7 وَإِيَّاكُمُ الَّذِينَ تَتَضَايَقُونَ رَاحَةً مَعَنَا، عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ الرَّبِّ يَسُوعَ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ.”.

يفتح الرسول أعينهم على راحة السماء التي تنتظرهم عند مجئ الرب ثانية لكي يتعزوا في ضيقتهم.

اسْتِعْلاَنِ الرَّبِّ يَسُوعَ = هذا يحدث حين يُستعلن للكل من هو الرب يسوع الذى نعبده، حين يأتى المسيح رب المجد على السحاب مع ملائكته (مت25: 31، 32) للدينونة فيميز الأشرار من الأبرار. فيخزى الأشرار الذين كانوا أصحاب سلطان يوماً ما، ومن إشترك مع المسيح في آلامه سيشترك معه في مجده الأبدي. مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ = أنتم الآن في مظهر الضعف، لكن يوم إستعلان المسيح تشاركون الملائكة إستمتاعهم بقوة ربنا وملكنا يسوع المسيح كما إختبرها الملائكة من قبل. السيد يقول لنا ولكل متألم الآن “أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة”.

العدد 8

آية (8): –

“8فِي نَارِ لَهِيبٍ، مُعْطِيًا نَقْمَةً لِلَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ، وَالَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.”.

فِي نَارِ لَهِيبٍ = فإلهنا نار آكلة + (مز 50: 3) + (مز 97: 3) + (عب 12: 29). هذه النار هي نار العدل الإلهي التي لا تطيق الشر بل تبيده فالذين يختارون الفساد يحل بهم الفساد ليبيدهم، والذين يضايقون الغير ظلماً يكال لهم بذات الضيق وهذا ليس فقط لغير المؤمنين بل للمؤمنين الأشرار أولاً، ولليهود الذين عندهم نبوات واضحة عن المسيح ويرفضون الإيمان.

العدد 9

آية (9): –

“9الَّذِينَ سَيُعَاقَبُونَ بِهَلاَكٍ أَبَدِيٍّ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ وَمِنْ مَجْدِ قُوَّتِهِ.”.

بِهَلاَكٍ أَبَدِيٍّ = لا رجعة فيه ولا توقف ويبدأ بظهور المسيح في مجده، كالنور الذي يدين الظلمة ويفضحها مبدداً إياها، مجيئه سر فرحنا وهلاك الأشرار.

العدد 10

آية (10): –

“10مَتَى جَاءَ لِيَتَمَجَّدَ فِي قِدِّيسِيهِ وَيُتَعَجَّبَ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ. لأَنَّ شَهَادَتَنَا عِنْدَكُمْ صُدِّقَتْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ.”.

هل تبحث عن  الكاثوليكون من رساله معلمنا يعقوب (5 : 16 - 20) يوم الجمعة

يَتَمَجَّدَ فِي قِدِّيسِيهِ = من الذي يتمجد الله أم قديسوه؟ الله يتمجد في قديسيه فعندما يرى المتكبرون الذين سبقوا فجلدوهم وإحتقروهم واستهزئوا بهم أنهم الآن هم قريبون منه جداً، إنه مجد لله كما هو مجد لهم، إنه مجده ومجدهم معاً، مجد له إذ هو لم يتركهم، ومجد لهم أنهم تأهلوا لكرامة عظيمة كهذه، مجدهم هو مجد الله ظاهرا فيهم وينعكس عليهم فتكون لهم أجساد ممجدة (يو 17: 10 + 22) + (1يو3: 2).

شَهَادَتَنَا عِنْدَكُمْ صُدِّقَتْ = ستتمجدون فى ذلك اليوم لأنكم صدقتم كرازتى.

الأعداد 11-12

الآيات (11 – 12): –

“11الأَمْرُ الَّذِي لأَجْلِهِ نُصَلِّي أَيْضًا كُلَّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ: أَنْ يُؤَهِّلَكُمْ إِلهُنَا لِلدَّعْوَةِ، وَيُكَمِّلَ كُلَّ مَسَرَّةِ الصَّلاَحِ وَعَمَلَ الإِيمَانِ بِقُوَّةٍ، 12لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اسْمُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِيكُمْ، وَأَنْتُمْ فِيهِ، بِنِعْمَةِ إِلهِنَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.”.

الأَمْرُ الَّذِي = هو أن يتمجد الله فيهم في ذلك اليوم، وأن يثبتوا على إيمانهم ليتمجدوا.

نُصَلِّي = الراعي الحقيقي لا يكف عن الصلاة لأجل شعبه (1صم 12: 24).

يُؤَهِّلَكُمْ إِلهُنَا لِلدَّعْوَةِ = أن يجعلكم إلهنا أهلاً لدعوة الإيمان لكي تسيروا كما ينبغي ويجب علي المؤمنين، محركاً قلوبكم إلي طلب كل خير، ومحبة كل صلاح ومثبتاً لكم فى الإيمان عند نزول الشدائد والإضطهادات، لأن قوة الإيمان تظهر خصوصاً وقت الشدة والإضطهاد لأجل المسيح، وبهذا تكونوا مستحقين للدعوة الإلهية، ثابتين فيها. والله هو صاحب الدعوة الإلهية والرسول ما هو إلا مقدم صلوات يستدر بها مراحم الله. ودور الشعب هو إعلان الإيمان خلال العمل بقوة الروح.

يُكَمِّلَ كُلَّ مَسَرَّةِ الصَّلاَحِ = بعمل روحه القدوس، ليحقق الله غرضه فينا، الذي هو القداسة الكاملة، وغرض الله ومسرته هي صالحة من نحونا.

لكَيْ يَتَمَجَّدَ اسْمُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِيكُمْ = حسن سيرتكم وثباتكم على الإيمان وقت الإضطهاد هو مجلبة للمجد والكرامة لاسم المسيح. وكان ثبات الشهداء سبب إيمان للكثيرين. غاية حياتنا أن يتمجد إسم الله القدوس…

لذلك عَلِّمنا يارب أن نصلي “ليتقدس اسمك” من كل القلب.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي