الأصحاح الثالث والعشرون سفر صموئيل الأول القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثالث والعشرون

الأعداد 1-14

الآيات (1 – 14): –

“1فَأَخْبَرُوا دَاوُدَ قَائِلِينَ: «هُوَذَا الْفِلِسْطِينِيُّونَ يُحَارِبُونَ قَعِيلَةَ وَيَنْهَبُونَ الْبَيَادِرَ». 2فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ الرَّبِّ قَائِلاً: «أَأَذْهَبُ وَأَضْرِبُ هؤُلاَءِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ » فَقَالَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ: «اذْهَبْ وَاضْرِبِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَخَلِّصْ قَعِيلَةَ». 3فَقَالَ رِجَالُ دَاوُدَ لَهُ: «هَا نَحْنُ ههُنَا فِي يَهُوذَا خَائِفُونَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِذَا ذَهَبْنَا إِلَى قَعِيلَةَ ضِدَّ صُفُوفِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ » 4فَعَادَ أَيْضًا دَاوُدُ وَسَأَلَ مِنَ الرَّبِّ، فَأَجَابَهُ الرَّبُّ وَقَالَ: «قُمِ انْزِلْ إِلَى قَعِيلَةَ، فَإِنِّي أَدْفَعُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ لِيَدِكَ». 5فَذَهَبَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ إِلَى قَعِيلَةَ، وَحَارَبَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَسَاقَ مَوَاشِيَهُمْ، وَضَرَبَهُمْ ضَرْبَةً عَظِيمَةً، وَخَلَّصَ دَاوُدُ سُكَّانَ قَعِيلَةَ. 6 وَكَانَ لَمَّا هَرَبَ أَبِيَاثَارُ بْنُ أَخِيمَالِكَ إِلَى دَاوُدَ إِلَى قَعِيلَةَ نَزَلَ وَبِيَدِهِ أَفُودٌ. 7فَأُخْبِرَ شَاوُلُ بِأَنَّ دَاوُدَ قَدْ جَاءَ إِلَى قَعِيلَةَ، فَقَالَ شَاوُلُ: «قَدْ نَبَذَهُ اللهُ إِلَى يَدِي، لأَنَّهُ قَدْ أُغْلِقَ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ إِلَى مَدِينَةٍ لَهَا أَبْوَابٌ وَعَوَارِضُ». 8 وَدَعَا شَاوُلُ جَمِيعَ الشَّعْبِ لِلْحَرْبِ لِلنُّزُولِ إِلَى قَعِيلَةَ لِمُحَاصَرَةِ دَاوُدَ وَرِجَالِهِ. 9فَلَمَّا عَرَفَ دَاوُدُ أَنَّ شَاوُلَ مُنْشِئٌ عَلَيْهِ الشَّرَّ، قَالَ لأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ قَدِّمِ الأَفُودَ. 10ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ: «يَا رَبُّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ، إِنَّ عَبْدَكَ قَدْ سَمِعَ بِأَنَّ شَاوُلَ يُحَاوِلُ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى قَعِيلَةَ لِكَيْ يُخْرِبَ الْمَدِينَةَ بِسَبَبِي. 11فَهَلْ يُسَلِّمُنِي أَهْلُ قَعِيلَةَ لِيَدِهِ؟ هَلْ يَنْزِلُ شَاوُلُ كَمَا سَمِعَ عَبْدُكَ؟ يَارَبُّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ، أَخْبِرْ عَبْدَكَ». فَقَالَ الرَّبُّ: «يَنْزِلُ». 12فَقَالَ دَاوُدُ: «هَلْ يُسَلِّمُنِي أَهْلُ قَعِيلَةَ مَعَ رِجَالِي لِيَدِ شَاوُلَ؟ » فَقَالَ الرَّبُّ: «يُسَلِّمُونَ». 13فَقَامَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ، نَحْوُ سِتِّ مِئَةِ رَجُل، وَخَرَجُوا مِنْ قَعِيلَةَ وَذَهَبُوا حَيْثُمَا ذَهَبُوا. فَأُخْبِرَ شَاوُلُ بِأَنَّ دَاوُدَ قَدْ أَفْلَتَ مِنْ قَعِيلَةَ، فَعَدَلَ عَنِ الْخُرُوجِ. 14 وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي الْبَرِّيَّةِ فِي الْحُصُونِ وَمَكَثَ فِي الْجَبَلِ فِي بَرِّيَّةِ زِيفٍ. وَكَانَ شَاوُلُ يَطْلُبُهُ كُلَّ الأَيَّامِ، وَلكِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ اللهُ لِيَدِهِ.”.

فى (1) يَنْهَبُونَ الْبَيَادِرَ: كانوا يأتون لينهبوا المخازن (مخازن الغلال) بعد جمع الحبوب فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ الرَّبِّ: داود معهُ الآن جاد النبى وأبياثار الكاهن وتعلّم أن لا يتخذ قراراً دون أن يسأل الرب. ولاحظ لماذا يهاجم الفسطينيين إسرائيل.

1 – الله ترك شاول.

2 – داود القائد العظيم تركهُ وهرب وصار وحيداً.

3 – ضاعت كل طاقات شاول فى الحقد ضد داود وأصبح هدفُه قتل داود وليس الإنتصار على أعداء الشعب. عجيب أن يرى الإنسان أن أصدقاءه أعداءً، ولا يرى العدو الحقيقى الذى يحطم حياته. ولاحظ أن الشعب فقد الأمل فى شاول، فحين هاجمهم الفلسطينيين لجأوا إلى داود ولم يلجأوا إلى شاول. فشاول أصبح لا هدف لهُ سوى مطاردة داود. فالأشرار دائماً لا يطيقون الأبرار ويهاجمونهم. وداود ذو القلب الملتهب غيرة نحو شعبه حينما سمع بهذا الإعتداء ضدهم سأل الرب فوراً هل يحارب. الآن أدرك داود لماذا طلب منهُ الرب أن يرجع ليهوذا فهو الآن يستخدمه ليدافع عن شعبه وآية (6): – تشير أن أبياثار كان يقوم بعملهُ الكهنوتى ويسأل الرب.

هل تبحث عن  راعوث والقرارات الصحيحة

عجيب أن يكون هناك عدو مثل الفلسطينيين محيطين بمملكة شاول ويهددونها يوميا، وشاول يضع كل إهتمامه بقتل داود حتى لا يرث داود الملك، إهتمام شاول وتمسكه بشهوة الملك جعله يهمل الجهاد ضد العدو الحقيقى الفلسطينى، واضعا نصب عينيه قتل داود حتى لا يرث داود العرش شهوة قلب شاول. وكانت النتيجة أن العدو الحقيقى هو الذى قتل شاول. وأليس هذا تماما هو ما يحدث فى حياة كل منا، إذ ننشغل بشهواتنا عن جهادنا ضد عدونا الحقيقى الذى هو “قتال للناس منذ البدء” (يو8: 44). وعدونا هذا هو “كأسد زائر يجول يلتمس من يبتلعه هو” (1بط5: 8).

فى هذا نرى أن الشيطان يمثله هنا الفلسطينيين الذين ينهبون البيادر تاركين الشعب جوعى، ولاحظ أن المهتم بشهواته يجوع روحيا فلا شبع حقيقى سوى بالله، وهذا الشبع الروحى الحقيقى ينهبه الشيطان بإلهائنا بشهوات هذا العالم تاركين الحياة المقدسة مع الله، كما كان شاول منشغلا بشهوته فى الملك.

وأنا يمثلنى هنا شاول الملك المهتم بملك العالم وليس بحياته وحياة شعبه فقتله الفلسطينيون.

وفى (7): – عجيب أن شاول الشرير يقول أن الله عمل معهُ، فليس للشرير أن يتصور أن الله يسانده فى شره. وعجيب أن الملك يتخلى عن قائد ناجح كهذا كان يجب أن يكرمه لإنتصاره. وقارن بين آية (8) وآية (9) تجد أن شاول يدعو الشعب ليقتل داود، وداود يسأل الله ويلتجأ لهُ ليرشده هل يذهب للحرب ضد الفلسطينيين وذلك ليحمى مملكة شاول وشعب شاول بل وشاول نفسه، فداود ذاهب ليحارب أعداء شاول. ولكن لماذا طلب الله من داود أن يهرب فهل الله غير قادر أن يحميه؟ السبب أنه كانت ستحدث حرب ويُقتل كثيرين من الشعب، والله يريد حقن الدماء. بالإضافة لأنه يرى أن هذا الوقت ليس هو الوقت المناسب ليموت شاول فى معركة وقد يموت بيد داود. الله لا يريد لداود أن يقتل مسيح الرب ولا يريد لداود أن يحارب ضد ملك إسرائيل. وفى (13) ذَهَبُوا حَيْثُمَا ذَهَبُوا: أى هائمين على وجوههم. وكثيراً ما نكون تائهين فى مشاكل وكأننا بلا مرشد ولكن لنثق أن عين الرب علينا.

هل تبحث عن  مثل الوزنات الأنبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة

الأعداد 15-29

الآيات (15 – 29): –

“15فَرَأَى دَاوُدُ أَنَّ شَاوُلَ قَدْ خَرَجَ يَطْلُبُ نَفْسَهُ. وَكَانَ دَاوُدُ فِي بَرِّيَّةِ زِيفٍ فِي الْغَابِ. 16فَقَامَ يُونَاثَانُ بْنُ شَاوُلَ وَذَهَبَ إِلَى دَاوُدَ إِلَى الْغَابِ وَشَدَّدَ يَدَهُ بِاللهِ، 17 وَقَالَ لَهُ: «لاَ تَخَفْ لأَنَّ يَدَ شَاوُلَ أَبِي لاَ تَجِدُكَ، وَأَنْتَ تَمْلِكُ عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَأَنَا أَكُونُ لَكَ ثَانِيًا. وَشَاوُلُ أَبِي أَيْضًا يَعْلَمُ ذلِكَ». 18فَقَطَعَا كِلاَهُمَا عَهْدًا أَمَامَ الرَّبِّ. وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي الْغَابِ، وَأَمَّا يُونَاثَانُ فَمَضَى إِلَى بَيْتِهِ. 19فَصَعِدَ الزِّيفِيُّونَ إِلَى شَاوُلَ إِلَى جِبْعَةَ قَائِلِينَ: «أَلَيْسَ دَاوُدُ مُخْتَبِئًا عِنْدَنَا فِي حُصُونٍ فِي الْغَابِ، فِي تَلِّ حَخِيلَةَ الَّتِي إِلَى يَمِينِ الْقَفْرِ؟ 20فَالآنَ حَسَبَ كُلِّ شَهْوَةِ نَفْسِكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ فِي النُّزُولِ انْزِلْ، وَعَلَيْنَا أَنْ نُسَلِّمَهُ لِيَدِ الْمَلِكِ». 21فَقَالَ شَاوُلُ: «مُبَارَكُونَ أَنْتُمْ مِنَ الرَّبِّ لأَنَّكُمْ قَدْ أَشْفَقْتُمْ عَلَيَّ. 22فَاذْهَبُوا أَكِّدُوا أَيْضًا، وَاعْلَمُوا وَانْظُرُوا مَكَانَهُ حَيْثُ تَكُونُ رِجْلُهُ وَمَنْ رَآهُ هُنَاكَ، لأَنَّهُ قِيلَ لِي إِنَّهُ مَكْرًا يَمْكُرُ. 23فَانْظُرُوا وَاعْلَمُوا جَمِيعَ الْمُخْتَبَآتِ الَّتِي يَخْتَبِئُ فِيهَا، ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَيَّ عَلَى تَأْكِيدٍ، فَأَسِيرَ مَعَكُمْ. وَيَكُونُ إِذَا وُجِدَ فِي الأَرْضِ، أَنِّي أُفَتِّشُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ أُلُوفِ يَهُوذَا». 24فَقَامُوا وَذَهَبُوا إِلَى زِيفٍ قُدَّامَ شَاوُلَ. وَكَانَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ فِي بَرِّيَّةِ مَعُونٍ، فِي السَّهْلِ عَنْ يَمِينِ الْقَفْرِ. 25 وَذَهَبَ شَاوُلُ وَرِجَالُهُ لِلتَّفْتِيشِ. فَأَخْبَرُوا دَاوُدَ، فَنَزَلَ إِلَى الصَّخْرِ وَأَقَامَ فِي بَرِّيَّةِ مَعُونٍ. فَلَمَّا سَمِعَ شَاوُلُ تَبعَ دَاوُدَ إِلَى بَرِّيَّةِ مَعُونٍ. 26فَذَهَبَ شَاوُلُ عَنْ جَانِبِ الْجَبَلِ مِنْ هُنَا، وَدَاوُدُ وَرِجَالُهُ عَنْ جَانِبِ الْجَبَلِ مِنْ هُنَاكَ. وَكَانَ دَاوُدُ يَفِرُّ فِي الذَّهَابِ مِنْ أَمَامِ شَاوُلَ، وَكَانَ شَاوُلُ وَرِجَالُهُ يُحَاوِطُونَ دَاوُدَ وَرِجَالَهُ لِكَيْ يَأْخُذُوهُمْ. 27فَجَاءَ رَسُولٌ إِلَى شَاوُلَ يَقُولُ: «أَسْرِعْ وَاذْهَبْ لأَنَّ الْفِلِسْطِينِيِّينَ قَدِ اقْتَحَمُوا الأَرْضَ». 28فَرَجَعَ شَاوُلُ عَنِ اتِّبَاعِ دَاوُدَ، وَذَهَبَ لِلِقَاءِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. لِذلِكَ دُعِيَ ذلِكَ الْمَوْضِعُ «صَخْرَةَ الزَّلَقَاتِ». 29 وَصَعِدَ دَاوُدُ مِنْ هُنَاكَ وَأَقَامَ فِي حُصُونِ عَيْنِ جَدْيٍ.”.

كان عجيباً أن أهل قعيلة الذين أنقذهم داود أن يكونوا مستعدين أن يسلموه لشاول ولكن نجد لهم عذراً فى أن شاول سيحاصرهم فى مدينتهم. ولكن الأعجب أن نرى أهل زيف يسعون هم من أنفسهم ليسلموا داود لشاول. وربما كان ذلك طمعاً فى مراكز يعطيها لهم شاول أو خوفاً بلا مبرر أن يهاجم شاول قراهم بحثاً عن داود. المهم أن شاول لم يسألهم أن يسلموا داود، ولكن هى مبادرة منهم مثل يهوذا الذى ذهب لرؤساء الكهنة يسأل … كم تدفعون لى وأنا أسلمه إليكم. وداود إلتجأ إلى زيف لأن فيها حصون طبيعية. وكان يمكن لأهل زيف أن يطلبوا من داود أن يفارقهم إن كانوا خائفين بدلاً من أن يغدروا به. وداود رتل المزمور (54) حين فعل الزيفيون ذلك. وفى (21) عجيب أن يباركهم شاول على هذا ويطلب لهم بركة الرب. فإسم الرب قريب من لسانه بعيد جداً عن قلبه. وعجيب أن يتصور شاول أنه هو المظلوم وأن داود هو الظالم. وفى (22) طلب شاول من الزيفيون بخبراتهم فى المنطقة أن يقتفوا أثار أقدام داود حتى يجدونه: حَيْثُ تَكُونُ رِجْلُهُ. وفى (23) بِجَمِيعِ أُلُوفِ يَهُوذَا = أى يفتش بتدقيق فى أرض يهوذا كلها. وأخيراً عَرِف شاول مكان داود وكان مختبأ فى جبل بينما شاول على جبل مقابل وبينهما صخور وعرة لا يمكن عبورها. ولكن شاول بدأ يحيط بداود ويحاصره حتى لا يفلت. ولكن الله أوجد منفذاً لداود إذ جاءت رسالة لشاول أن الفلسطينيين إقتحموا الأرض (آية27) ويقول المفسرون أن الأرض هنا هى أملاك شاول الشخصية وإلاّ لما ترك داود ونزل ليحارب الفلسطينيين صَخْرَةَ الزَّلَقَاتِ = إذ فيه زلق شاول أى تعثر فلم يمسك داود. وفى آية (29) نجد أن داود ذهب من هناك وأقام فى حصون عين جدى وهى حصون طبيعية كالصخور والمغاير على البحر الميت، هذه كانت محاولات شاول ضد داود لكن يتخللها الآيات (16 – 18) حيث نجد صورة متناقضة للكراهية وهى صورة محبة يوناثان العجيبة. حيث يتلاقى داود ويوناثان للمرة الأخيرة. ولم يكن يوناثان قادراً على أن يقدم لداود شيئاً سوى محبته وهذه أثمن من كل شئ. ولقد مات يوناثان قبل أن يتسلم داود الملك فالله برحمته نقل يوناثان للسماء فهو يعرف ضعف الطبيعة البشرية فكان هناك إحتمال بعد موت شاول، ويوناثان يعرف أنه الوريث أنه يبدأ فى الصراع على العرش ويفقد هذه النقاوة، ولكن الله من محبته نقله للسماء وهو فى نقاوته. وما كان أصعب على داود أن يأخذ العرش من هذا الصديق الوفى. والله لم يسمح بهذا المأزق.

هل تبحث عن  إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي