الأصحاح الثاني سفر نحميا القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثانى

الأعداد 1-8

الأيات (1 – 8): –

“1 وَفِي شَهْرِ نِيسَانَ فِي السَّنَةِ الْعِشْرِينَ لأَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ، كَانَتْ خَمْرٌ أَمَامَهُ، فَحَمَلْتُ الْخَمْرَ وَأَعْطَيْتُ الْمَلِكَ. وَلَمْ أَكُنْ قَبْلُ مُكْمَدُا أَمَامَهُ. 2فَقَالَ لِي الْمَلِكُ: «لِمَاذَا وَجْهُكَ مُكْمَدٌّ وَأَنْتَ غَيْرُ مَرِيضٍ؟ مَا هذَا إِلاَّ كآبَةَ قَلْبٍ! ». فَخِفْتُ كَثِيرًا جِدًّا، 3 وَقُلْتُ لِلْمَلِكِ: «لِيَحْيَ الْمَلِكُ إِلَى الأَبَدِ. كَيْفَ لاَ يَكْمَدُّ وَجْهِي وَالْمَدِينَةُ بَيْتُ مَقَابِرِ آبَائِي خَرَابٌ، وَأَبْوَابُهَا قَدْ أَكَلَتْهَا النَّارُ؟ » 4فَقَالَ لِي الْمَلِكُ: «مَاذَا طَالِبٌ أَنْتَ؟ » فَصَلَّيْتُ إِلَى إِلهِ السَّمَاءِ، 5 وَقُلْتُ لِلْمَلِكِ: «إِذَا سُرَّ الْمَلِكُ، وَإِذَا أَحْسَنَ عَبْدُكَ أَمَامَكَ، تُرْسِلُنِي إِلَى يَهُوذَا، إِلَى مَدِينَةِ قُبُورِ آبَائِي فَأَبْنِيهَا». 6فَقَالَ لِي الْمَلِكُ، وَالْمَلِكَةُ جَالِسَةٌ بِجَانِبِهِ: «إِلَى مَتَى يَكُونُ سَفَرُكَ، وَمَتَى تَرْجعُ؟ » فَحَسُنَ لَدَى الْمَلِكِ وَأَرْسَلَنِي، فَعَيَّنْتُ لَهُ زَمَانًا. 7 وَقُلْتُ لِلْمَلِكِ: «إِنْ حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ فَلْتُعْطَ لِي رَسَائِلُ إِلَى وُلاَةِ عَبْرِ النَّهْرِ لِكَيْ يُجِيزُونِي حَتَّى أَصِلَ إِلَى يَهُوذَا، 8 وَرِسَالَةٌ إِلَى آسَافَ حَارِسِ فِرْدَوْسِ الْمَلِكِ لِكَيْ يُعْطِيَنِي أَخْشَابًا لِسَقْفِ أَبْوَابِ الْقَصْرِ الَّذِي لِلْبَيْتِ، وَلِسُورِ الْمَدِينَةِ، وَلِلْبَيْتِ الَّذِي أَدْخُلُ إِلَيْهِ». فَأَعْطَانِي الْمَلِكُ حَسَبَ يَدِ إِلهِي الصَّالِحَةِ عَلَيَّ.”.

رأينا فى الإصحاح السابق كيف جاهد نحميا مع الله وصارع معه فى صلاته ونرى هنا كيف جاهد مع الملك ومع الأعداء ثم مع شعبه فجعلهم يعملون ويبنون، وغلب واستجيبت صلاته. فصار مثل “يعقوب الذى جاهد مع الله والناس وقدر” (تك 28: 32). لماذا وجهك مكمد… فخفت كثيراً جداً = من واجبات الساقى أن يشرب قليلاً من الخمر قبلما يعطيها للملك ليؤكد لهُ أنها بدون سم. ونحميا خاف حينما لاحظ الملك إضطرابه وحزنه فهذا يعتبر عند الملوك دليل عدم رضى أو تمرد وعصيان، أو أن يكون إضطرابه بسبب أنه يدبر مؤامرة ضد الملك وقد وضع السم فى الكأس التى يقدمها للملك، لذلك هو خائف من أن يتذوقها الآن. وفى حالات كهذه يأمر الملك بقتل الشخص فوراً.

بيت مقابر أبائى = كانت المقابر مقدسة عند القدماء ومنهم ملك فارس، ومعنى كلام نحميا أن قبور أبائى محطمة وأنا أريد أن أذهب لأكرم الأموات وأرمم القبور، ونحميا بهذا يحرك مشاعر الملك نحو شعب اليهود ونحو نحميا. فصليت إلى إله السماء = هو صلى كثيراً وجلس قبل وقوفه أمام الملك وبكى وتذلل وصلى ومع هذا وقبل أن يجيب الملك نجده يصلى ثانية. ولاحظ أن وقوفه الآن أمام الملك يأتى بعد سماعه الأخبار عن أورشليم بحوالى أربعة أشهر، ولاحظ أنه يصلى لإله السماء بينما هو واقف أمام ملك فارس فهو يشعر أنه واقف أمام ملك السماء والأرض دائماً أيا كان مكانهُ. وهناك ملحوظة أخرى أن ملك فارس الوثنى إهتم بأن يسأل نحميا لماذا وجهه مكمد وحاول أن يرضيه فكم بالأولى الله يهتم بأن يكون عبيده فى فرح. فأبنيها = هنا لهُ طلبين: -.

  1. أن تبنى الأسوار.
  2. أن يُعينه الملك على هذا العمل.
هل تبحث عن  مثل الغني ولعازر من لوقا الإصحاح 16: 19- 31

والملكة جالسة = هذه العبارة أو الملحوظة تعنى.

إما أن نحميا كان يعتمد على الملكة وتعاونها معهُ وانها ستعينه وتؤيد مطلبه كصديقة لليهود. أو تعنى عكس هذا تماماً أن الملكة كانت ضد اليهود وضده ورغم هذا وافق الملك. وفى كلتا الحالتين نرى تأثير الله القوى على الملك وتدبير الله.

فعينت له زماناً = هو ذهب لأورشليم وبعد أن أكمل عملهُ عاد للملك ليقدم تقريراً ثم عاد ثانية كوالٍ على أورشليم. فردوس الملك = هى كلمة فارسية تعنى مكان مسور فيه أشجار. القصر = أو قلعة كانت للبيت أى بجانب الهيكل. البيت الذى أدخل إليه = أى بيت نحميا لكونه صار والياً. وفى هذا البيت أضاف كثيرين بكرم. فالملك أعطاه أكثر من طلبه فقد عينه والٍ أيضاً (14: 5) حسب يد إلهى الصالحة = لاحظ أنه لم يقل الملك أعطانى لأمانتى معهُ ولأننى خدمته بأمانة بل الله هو الذى فعل.

الأعداد 9-10

الأيات (9 – 10): –

“9فَأَتَيْتُ إِلَى وُلاَةِ عَبْرِ النَّهْرِ وَأَعْطَيْتُهُمْ رَسَائِلَ الْمَلِكِ. وَأَرْسَلَ مَعِي الْمَلِكُ رُؤَسَاءَ جَيْشٍ وَفُرْسَانًا. 10 وَلَمَّا سَمِعَ سَنْبَلَّطُ الْحُورُونِيُّ وَطُوبِيَّا الْعَبْدُ الْعَمُّونِيُّ سَاءَهُمَا مَسَاءَةً عَظِيمَةً، لأَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ يَطْلُبُ خَيْرًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ.”.

رؤساء جيش وفرسان = نحميا لم يطلب ولكن الملك أرسل معهُ وهو كوالٍ يكون له قوة حراسة ومن يرسله الملك يرسل معهُ قوة حراسة ومن يرسلهُ الله يرسل معهُ جيش ملائكة. ونلاحظ أن عزرا لإيمانه لم يطلب قوة حراسة ونحميا لإيمانه أيضاً لم يطلب بل الملك أعطاه فلماذا يرفض. فالله قد يسخر لنا وسائل بشرية عادية لحمايتنا.

سنبلط الحورونى = من بيت حورون شمال غرب أورشليم بحوالى 28 كم والظاهر أنه من رؤساء السامريين. وظهر من أوراق الألفنتين انه كان والياً على السامرة. وربما كان يطمع فى أن يتولى يهوذا أيضاً. طوبيا العبد = رفيق سنبلط فى مقاومة اليهود وربما كان حاكماً على العمونيين وكان هناك كراهية شديدة بين اليهود والعمونيين.

هل تبحث عن  بَارْيَشُوع الساحر

جاء رجل ربما قال سنبلط وطوبيا هذا “جاء رجل” يقصد الإحتقار لشخص نحميا.

الأعداد 11-18

الأيات (11 – 18): –

“11فَجِئْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَكُنْتُ هُنَاكَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. 12ثُمَّ قُمْتُ لَيْلاً أَنَا وَرِجَالٌ قَلِيلُونَ مَعِي، وَلَمْ أُخْبِرْ أَحَدًا بِمَا جَعَلَهُ إِلهِي فِي قَلْبِي لأَعْمَلَهُ فِي أُورُشَلِيمَ. وَلَمْ يَكُنْ مَعِي بَهِيمَةٌ إِلاَّ الْبَهِيمَةُ الَّتِي كُنْتُ رَاكِبَهَا. 13 وَخَرَجْتُ مِنْ بَابِ الْوَادِي لَيْلاً أَمَامَ عَيْنِ التِّنِّينِ إِلَى بَابِ الدِّمْنِ، وَصِرْتُ أَتَفَرَّسُ فِي أَسْوَارِ أُورُشَلِيمَ الْمُنْهَدِمَةِ وَأَبْوَابِهَا الَّتِي أَكَلَتْهَا النَّارُ. 14 وَعَبَرْتُ إِلَى بَابِ الْعَيْنِ وَإِلَى بِرْكَةِ الْمَلِكِ، وَلَمْ يَكُنْ مَكَانٌ لِعُبُورِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي تَحْتِي. 15فَصَعِدْتُ فِي الْوَادِي لَيْلاً وَكُنْتُ أَتَفَرَّسُ فِي السُّورِ، ثُمَّ عُدْتُ فَدَخَلْتُ مِنْ بَابِ الْوَادِي رَاجِعًا. 16 وَلَمْ يَعْرِفِ الْوُلاَةُ إِلَى أَيْنَ ذَهَبْتُ، وَلاَ مَا أَنَا عَامِلٌ، وَلَمْ أُخْبِرْ إِلَى ذلِكَ الْوَقْتِ الْيَهُودَ وَالْكَهَنَةَ وَالأَشْرَافَ وَالْوُلاَةَ وَبَاقِي عَامِلِي الْعَمَلِ. 17ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَرَوْنَ الشَّرَّ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ، كَيْفَ أَنَّ أُورُشَلِيمَ خَرِبَةٌ، وَأَبْوَابَهَا قَدْ أُحْرِقَتْ بِالنَّارِ. هَلُمَّ فَنَبْنِيَ سُورَ أُورُشَلِيمَ وَلاَ نَكُونُ بَعْدُ عَارًا». 18 وَأَخْبَرْتُهُمْ عَنْ يَدِ إِلهِي الصَّالِحَةِ عَلَيَّ، وَأَيْضًا عَنْ كَلاَمِ الْمَلِكِ الَّذِي قَالَهُ لِي، فَقَالُوا: «لِنَقُمْ وَلْنَبْنِ». وَشَدَّدُوا أَيَادِيَهُمْ لِلْخَيْرِ.”.

ثلاثة أيام = إلى أن تنصرف أعين المراقبين له. ومن المؤكد ان نحميا رجل الصلاة قضى هذه الثلاثة أيام فى الصلاة.

قمت ليلاً = جعل الأمر سراً حتى يعد كل شىء حتى لا يقاوموه ويفسدوا العمل وهو أراد أن يعاين بنفسه كل شىء ليحدد حجم العمل. باب الوادى = وادى إبن هنوم. ونحميا خرج منهُ ودار دورة كاملة حول المدينة وعاد ودخل من باب الوادى الذى خرج منهُ.

عين التنين = سميت هكذا لأنهم جعلوا تمثال تنين يخرج الماء من فمه. ثم قلت لهم = هو جمع الأشراف وباقى العاملين وشجعهم فالعمل عمل جماعى.

هَلُمَّ فَنَبْنِيَ سُورَ أُورُشَلِيمَ وَلاَ نَكُونُ بَعْدُ عَارًا = السور الحقيقى الذى يدافع عن شعب الله هو الله نفسه الذى قال عن نفسه “أكون لها سور من نار” (زك2: 5). وبنفس المفهوم يقول المرنم فى المزمور “إن لم يحفظ الرب المدينة فباطلا يسهر الحارس” (مز127: 1). فلماذا يبنى نحميا السور؟ هذا ما نسميه الجهاد. وهكذا بنى نوح الفلك، ولكن الله هو الذى “أغلق عليه” (تك7: 16) فلم تدخل المياه إلى داخل الفلك. وعمل الله هذا نسميه النعمة. ولكن حتى تعمل النعمة معنا وتحفظنا لا بد من الجهاد. وهذا ما عمله نحميا تماما، فلقد جاهد وبنى السور ولكن نعمة الله كانت لأورشليم سورا من نار. لكن حين حاصرها نبوخذ نصر والرومان بعد ذلك، لم تصمد هذه الأسوار أمامهم وسقطت وسقطت معها أورشليم إذ كان الله غاضبا عليهم. فما يحمينا حقيقة هو رضا الله علينا فلنجاهد فى صلواتنا وأصوامنا فهذه أسلحتنا ضد الشيطان (مر9: 29)، ونرفض إغراءات الخطايا التى هى سلاح إبليس. ومن يفعل لا تطوله يد إبليس فالله يحميه كسور من نار، بل يكون له سلطان أن يدوس إبليس (لو10: 19). أما من يمتنع عن الجهاد ويقبل من يد إبليس خطايا يرضى بها شهواته يذله إبليس ويدوس هو عليه ويصبح عارا إذ يفضحه إبليس.

هل تبحث عن  الكاثوليكون من رساله بطرس الثانية ( 3 : 1 - 18 ) يوم الاحد

الأعداد 19-20

الأيات (19 – 20): –

“19 وَلَمَّا سَمِعَ سَنْبَلَّطُ الْحُورُونِيُّ وَطُوبِيَّا الْعَبْدُ الْعَمُّونِيُّ وَجَشَمٌ الْعَرَبِيُّ هَزَأُوا بِنَا وَاحْتَقَرُونَا، وَقَالُوا: «مَا هذَا الأَمْرُ الَّذِي أَنْتُمْ عَامِلُونَ؟ أَعَلَى الْمَلِكِ تَتَمَرَّدُونَ؟ ». 20فَأَجَبْتُهُمْ وَقُلْتُ لَهُمْ: «إِنَّ إِلهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ لَكُمْ نَصِيبٌ وَلاَ حَقٌّ وَلاَ ذِكْرٌ فِي أُورُشَلِيمَ».”.

جشم العربى = أحد رؤساء العرب. وواضح أنه كان هناك إتحاد بين السامريين والعمونيين والعرب ضد اليهود، بل غالباً كان هناك شعوب أخرى ضد اليهود. إحتقرونا = لأن اليهود كانوا قليلى العدد وغير قادرين على العمل. أعلى الملك تتمردون = ربما لم يعلموا بأن هناك أمر من ملك فارس بالبناء. ولكنهم حاولوا تخويف الشعب من البناء. ونجد أن نحميا لم يقل لهم أن ملك فارس أصدر أمراً بالبناء بل قال إله السماء يعطينا النجاح، هناك دائماً مقاومات لكل أعمال الله والمقاومات هنا إشتملت على:

  1. الإستهزاء بالعمل.
  2. إحتقار القائمين به.
  3. تخويفهم بإتهامهم بأنهم متمردين على الملك.

وكان رد نحميا “إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبنى” ولاحظ أن نحميا لم يُشر للمرسوم الملكى الذى معه، فهو يعتمد على الله وليس الملك.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي