الأصحاح الرابع تفسير الرسالة إلى فيلبي القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع

العدد 1

آية (1): –

“1إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ وَالْمُشْتَاقَ إِلَيْهِمْ، يَا سُرُورِي وَإِكْلِيلِي، اثْبُتُوا هكَذَا فِي الرَّبِّ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ.”.

إذًا… اثبتوا: قوله “إذًا” يعنى أن هذه الآية عائدة على ما قبلها، والمعنى أنه مادام يا إخوتى أنتم منتظرون مجىء الرب إذاً اثبتوا فى الرب: اثبتوا فيما أنتم فيه كمواطنين سماويين، وإلتزموا بكل ما توجبه عليكم هذه المواطنة السماوية، ولا ترتدوا لمحبة لذات وشهوات العالم. وقوله “اثبتوا فى الرب” يعنى، أن الرب الذى نحن متحدون به هو الذى سيقودنا فى معركة منتصرة لهذا المجد المُعد. يا سرورى: ذِكرهم يُدخل السرور لقلبه لطهارة سيرتهم وطاعتهم وكرمهم ومحبتهم. بل هم إكليلى: كان الفائز فى السباق يُلبسونه إكليل زهور. وكان المتسابق يظل يجاهد العام كله فى تدريبات شاقة وهو يحلم بأن يلبس هذا الإكليل. وحينما يحصل عليه يفتخر به. والرسول يجاهد كل عمره لخلاصهم، ويفتخر بإيمانهم، وسيكلل بسببهم فى الأبدية.

العدد 2

آية (2): –

“2أَطْلُبُ إِلَى أَفُودِيَةَ وَأَطْلُبُ إِلَى سِنْتِيخِي أَنْ تَفْتَكِرَا فِكْرًا وَاحِدًا فِي الرَّبِّ.”.

يطلب الرسول من كلتيهما أن تتنازل عن ما بينهما من خلاف ويتوافقا فى فكر واحد، فلا يحرما نفسيهما من الشركة والفرح فى الرب. وهذا سبق ومَهَّدَ له (فى27: 1 – 30 + 1: 2 – 8). والخلاف بينهما يعطل عمل الكرازة وعمل الروح القدس. ويبدو أن هاتين المرأتين كان لهما مركزاً هاماً فى الكنيسة. وكان النساء أول من آمن فى فيليبى وربما كانت إفودية وسنتيخى عند النهر حيث تُقام الصلاة (أع13: 16). ثم صارتا خادمات وكارزات أو خادمات للمحتاجين. وخصام هاتين الخادمتين يسبب شقاقاً وتحزباً فى الكنيسة فتتأثر الكنيسة ككل.

العدد 3

آية (3): –

“3نَعَمْ أَسْأَلُكَ أَنْتَ أَيْضًا، يَا شَرِيكِي الْمُخْلِصَ، سَاعِدْ هَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ جَاهَدَتَا مَعِي فِي الإِنْجِيلِ، مَعَ أَكْلِيمَنْدُسَ أَيْضًا وَبَاقِي الْعَامِلِينَ مَعِي، الَّذِينَ أَسْمَاؤُهُمْ فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ.”.

شريكى: الكلمة تشير لاشتراك ثورين فى محراث، وهذا الشريك المخلص إذاً كان قد احتمل مع بولس نير الخدمة وإحتمال الضيقات والمصاعب. وشاركه فى الخدمة أيضاً إكليمنضس وإفودية وسنتيخى، وحتى لا ينسى باقى الذين تعبوا معه قال “وباقى العاملين معى”. وما هو نصيب من يعمل فى كرم الرب؟ أسماؤهم فى سفر الحياة. والضيقات التى إحتملوها كانت بسبب الاضطهاد الذى حدث فى فيليبى وفى كل مكان. جاهدتا معى فى الإنجيل: والرسول يشجعهما بقوله هذا، فيذكر لهما ماضيهما ومحبتهما لله لينسوا خلافاتهن. ولكن من هو هذا الشريك الذى يشير إليه الرسول؟ قيلت آراء كثيرة:

  1. هو شخص مشهور فى فيليبى له مركز قيادى وهم يعرفونه وكان معاوناً لبولس وقيل ربما سيلا أو لوقا أو أسقف فيليبى أو أبفرودتس.
  2. قيل إن كلمة شريكى باليونانية هى “سيزيجيوس”، فقالوا أنه شخص اسمه سيزيجيوس، ووصفه الرسول بأنه مخلص.
  3. قال القديس يوحنا فم الذهب إنه زوج إفودية أو سنتيخى.

والرسول يطلب من إكليمنضس ومن الشريك هذا مساعدته فى عمل الصلح بين المرأتين.

العدد 4

آية (4): –

“4اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا.”.

إفرحوا فى الرب: فلا فرح حقيقى إلاّ بالثبات فى المسيح، ومن هو ثابت فى المسيح يملأه الروح القدس فرحاً فالفرح ثمرة من ثمار الروح القدس. والله يريدنا ان نفرح، فهو خلق الانسان فى جنة عَدْنْ، وعَدْنْ كلمة عبرية معناها فرح وبهجة.

يدعو الرسول أهل فيليبى للفرح الدائم، كثمرة طبيعية لاتحادهم بالرب: إفرحوا فى الرب. ومن ثمار الروح القدس الفرح. والفرح الذى يعطيه لنا الرب لا يتأثر بأى ظروف خارجية، ولا يستطيع أحد أن ينزعه منّا (يو22: 16)، مهما كانت الآلام المحيطة بنا، كما سبح بولس فَرحاً فى سجنه فى فيليبى، أماّ أفراح العالم فسريعاً ما تزول. ويصل الإنسان لهذا الفرح سريعاً إذا بدأ يحزن على خطاياه، ويقدم توبة، فالخطية تسبب عدم الثبات فى الرب.

العدد 5

آية (5): –

“5لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ.”.

حلمكم: المعنى باليونانية (كونوا بلا غضب / لا تكونوا قساة / تحملوا بالصبر إساءات الغير / التساهل مع الآخرين فى الحقوق الشخصية كما فعل إبراهيم مع لوط). وهذه الصفات لا تتوافر إلاّ لمن استطاع أن يفرح بالرب، والفرح نابع من المحبة التى هى من ثمار الإمتلاء من الروح القدس. والمحبة والفرح يعطيان إتساع قلب وإحتمال وضبط للنفس وتسامح ووداعة ولطف.

الرب قريب: “ماران آثا” (1كو22: 16). هى كلمة الصبر التى كان يرددها المسيحيون الأوائل لإعلان فرحهم بقرب مجىء المسيح. وهكذا علينا دائماً أن نتوقع قرب مجيئه بفرح وإشتياق ولهفة. ولاحظ التسلسل الرائع فى كلمات الرسول ففى آية (1) قال اثبتوا فى الرب وفى آية (4) قال افرحوا فى الرب فلا فرح حقيقى بدون ثبات فى الرب. وهنا يتكلم عن التساهل فى الحقوق وهذا يكون سهلاً وممكناً لمن يعيش فى فرح وينتظر الرب باشتياق. فالذى ينشغل بمجىء الرب يتساهل فى حقوقه الشخصية.

الأعداد 6-7

الأيات (6 – 7): – “

6لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. 7 وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. “.

هل تبحث عن  كيف نعرف الله عظه رائعه للبابا شنوده الثالث How to know GOD Pope Shenouda III

لا تهتموا بشىء: لا تقلقوا ولا ترتبكوا ولا تضطربوا أمام هموم الحياة. ولاحظ أنه لم يقل لا تفكروا فى ترتيب أموركم التى فى الغد، بل قال لا تحملوا هم هذه الأمور (مت25: 6) + (1كو32: 7). بل بالصلاة: فالصلاة تملأ القلب سلاماً، فإذ نسمع صوت الله فى قلوبنا نهدأ. وهناك طريقتين للتفكير حينما تواجهنا مشكلة محيرة، الأولى: ان نفكر ونعمل العقل وحده للتوصل الى حل، واذا كانت المشكلة كبيرة نصل لليأس. والثانية: هى أن نشرك معنا الله فى التفكير… مثلاً يرفع الانسان قلبه لله ويقول انت لن تتركنى وحدى يا رب فى هذه الضيقة…. ألست انا إبنك… أنا أثق أنك تحبنى ولن تتخلى عنى…. فإذا فعلت يملأ الله قلبك تعزية.

والصلاة تعنى التسبيح… أماّ الدعاء: فهو توسل الشخص فى تقديم طلباته، وهذا يشمل طلب غفران الخطية. مع الشكر: فالشاكر يزيده الله نعمة فوق نعمة، فحينما نرجع لله بالشكر على عطية من عطاياه، يزيدنا الله من عطايا نعمته، كما رأينا فى شفاء العشرة البرص (لو 11: 17 – 19) فالذى عاد شاكراً حصل على الخلاص، بعد أن كان قد حصل على الشفاء الجسدى. بهذا يرسم الرسول خطة نتبعها فى صلواتنا أثناء أى ضيقة. فيجب أن تشمل الصلاة هذه العناصر: (التسبيح والتمجيد لله + الطلب من أجل حل المشكلة + الشكر المستمر حتى وسط الضيقة). والشكر هو عنصر مرافق هام لكل صلاة، بل نحن نبدأ به أى صلاة فى كنيستنا.

سلام الله الذى يفوق كل عقل: كثيراً ما تصادفنا ضيقات أو مشاكل لا نجد لها حلاً بعقولنا، أو يصادفنا مكدر يهدد سلامنا ولا نجد له حلاً، ونصرخ لله فيعطينا سلاماً يتغلب على القلق والخوف وحيرة العقل التى نعانى منها، فسلام الله يفوق ويتفوق على حيرة عقولنا العاجزة، فيغمر السلام عقولنا وقلوبنا بطريقة تفوق أفهامنا. فمع أن الشىء المحير الذى طلبنا إزالته مازال باقياً، أو المشكلة أو المُكدِّر مازال باقياً، نجد أنفسنا وقد ارتفعنا فوقه ولم يعد يقدر أن يكدرنا أو يفقدنا سلامنا. وهذا ما عَبَّر عنه الرسول بصورة أخرى حين قال “مكتئبين فى كل شىء لكن غير متضايقين، متحيرين لكن غير يائسين” (2كو8: 4). والفرح فى الرب (آية4) وسلام الله الذى يفوق كل عقل (آية7) هما عطايا من الله لنحيا فى نصرة وسط أحزان وضيقات هذا العالم. فالنصرة فى المسيحية هى أن نحيا فى فرح وسلام بالرغم من المشاكل الخارجية وليست هى فى نزع الضيقة الخارجية وهذا ما كان يعنيه السيد المسيح بقوله “ولاينزع أحد فرحكم منكم” (يو22: 16).

سلام الله الذى يفوق كل عقل: which surpasses all understanding بحسب ترجمة (NKJV) والمعنى ان لدى الله حلولا لمشكلتنا 1) تفوق تصورنا وافهامنا 2) تعطى سلاما يسود العقل، يتغلب على الحيرة التى فيه.

يحفظ: كلمة لها طابع عسكرى فى اليونانية وتعنى يُحْكِمْ حراسة شىء ما. إذاً صلوا ولا تقلقوا وسلام الله الذى لا يُعبَّر عنه ولا يمكن للعقل البشرى أن يدركه أو يمنحه، سلام الله هذا سوف يُحكم حراسة قلوبكم وأفكاركم فى المسيح. أى سوف يمنع القلق أن يتسرب لها وسيمنع أى محاولات من إبليس لزرع الهم واليأس.

يواجه الإنسان مشاكل لايجد لها حلولا ويحتار العقل فيها، ومع الصلاة يسود السلام القلب. وهذا السلام الذى يعطيه الروح القدس يتفوق (surpasses) على حيرة العقل. فيسود السلام على الإنسان. وسنظل فى هذه الحيرة طالما نحن فى الجسد. ولكن عمل الروح القدس يعطى سلاما يغلب هذا القلق لمن يصلى ويلتصق بالله.

الأعداد 8-9

الأيات (8 – 9): –

“8أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَق، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا. 9 وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ.”.

علينا أن لا نكف فقط عن السيئات بل نمتلىء بالإيجابيات وعمل الخير، فإن كنا قد حسبنا العالم نفاية وتركنا السيئات، فعلينا أن ننشغل بشىء ما وليكن ما ننشغل به حسن، نحن ذاهبون للسماء فلننشغل بما للسماء.

أخيرًا: تعنى خلاصة الأمر كله. كل ما هو حق: عليكم أن تنشغل أفكاركم بما هو حق فى نظر الله. والحق عكس الباطل. الباطل هو العالم بكل ما فيه من ملذات ودرجات عظيمة، وأموال، ومراكز… هذا قيل عنه باطل الأباطيل. أما الحق فهو المسيح، الذى قال عن نفسه “أنا هو الطريق والحق والحياة”. الحق هو الله، وهو السماء والأبدية. هذا ما قال عنه الرسول “إن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق” (كو1: 3). أما من يهتم بالعالم فهو يهتم بالباطل. وقيل عن إبليس “رئيس هذا العالم” وهو “الكذاب وأبو الكذاب”. وقوله كل ما هو… يشير لأن لا ينقسم قلبنا بين الحق والباطل “لاتعرجوا بين الفرقتين”. كل ما هو جليل: أى موقر ومستحق الاعتبار. عادل: إستقامة التصرف فيما يليق بالآخرين. طاهر: تشمل الأفكار الطاهرة والسلوك الطاهر. كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ: المقصود كل ما يسر الله، ويبعث السرور فى قلوب الناس. صيته حسن: أن يشتهر عنكم الأمانة مثلاً، تكون سمعتكم حسنة. إن كانت فضيلة: ضرورة التفكير فى كل ما هو فضيلة والاهتمام بأن تكون فينا كل الفضائل، وأن نرفض كل ما هو رذيلة. مدح: أى ليمدح الناس أعمالكم وهذه مثل “ليرى الناس أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذى فى السموات”. وقد تعنى ليمدح كل واحد الآخر ليشجعه. عموماً نحن لا نتسول المدح من الناس، بل نسعى لأن تكون تصرفاتنا تمجد الله فلا ينتقد أحد الله بسببنا (1كو 5: 4).

هل تبحث عن  ذياع صية ابونا مينا للمسيحيين ومسلمين يسعون إليه للتبرك منه

ما تعلمتموه…: راجع (فى 17: 3). ونرى هنا أهمية التقليد والتعليم الشفهى الذى نقل لنا طرق ممارسة الأسرار. إله السلام: يملأ القلب بالسلام ويسحق الشيطان (رو 20: 16).

العدد 10

آية (10): –

“10ثُمَّ إِنِّي فَرِحْتُ بِالرَّبِّ جِدًّا لأَنَّكُمُ الآنَ قَدْ أَزْهَرَ أَيْضًا مَرَّةً اعْتِنَاؤُكُمْ بِي الَّذِي كُنْتُمْ تَعْتَنُونَهُ، وَلكِنْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ فُرْصَةٌ.”.

فرحت بالرب: هو يفرح بالرب كما علمهم (فى4: 4). وليس بالعطايا التى أرسلوها. هو يفرح بالرب الذى وضع المحبة فى قلوبهم فأرسلوا عطاياهم. أزهر: هى كلمة تشير للشجرة اليابسة التى أفرخت. أى أفرخت شجرة محبتكم لى، فإعتنيتم بى ووفرتم احتياجاتى. فهم لم يرسلوا له أى شىء فى سجنه ليس عن تقصير أو نقص محبة منهم إنما لأنه = لم تكن لكم فرصة، حتى جاءهم أبفرودتس فأرسلوا معه.

الأعداد 11-13

الأيات (11 – 13): –

“11لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ، فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ. 12أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ. 13أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي.”.

ليس.. من جهة احتياج: هو كان محتاج فعلاً لعطاياهم، ليأكل وليدفع أجرة المنزل الذى أستأجره فى روما (أع 30: 28). ولكنه يرفض أن تكون خدمته سبباً فى مكاسب مادية له.

قد تعلمت: لقد حصل على طبيعة جديدة بعد أن صار مسيحياً. ويُضاف لذلك أن كثرة أسفاره، وكثرة آلامه كانوا له كمدرسة خاصة.

مكتفيًا: قانعًا بما عندى، بأقل قدر من المأكل والملبس. أعرف أن أتضع: أى أعيش فى أقل مستوى للمعيشة. أن أستفضل: أى أستبقى فوق كفايتى من كل ما كان لى مهما كان قليلاً. وما يفضل يعطيه للمحتاج. فكلمة أستفضل: أفيض على الآخرين، وربما كانت هناك فترات وفرة وغنى مادى فى حياته، ولكنه فى غناه لم يستكبر، وفى فقره لم يتذمر، فالله رفعه فوق هذا وذاك. فى كل شئ: فى كل الظروف التى واجهتنى. تدربت أن أشبع وأجوع: الحياة الروحية عمومًا تحتاج إلى تدريب وجهاد. وهو إذا جاع يقبل الجوع من يدى الرب ويحاول أن يستفيد به، وإذا شبع يشكر. ولكن هناك من فى ضيقه يتذمر، وفى أفراحه ينسى الله. ولكن بولس تعلَّم أن يحيا فى المسيح على أى حال، ولذلك كان المسيح يقويه فى كل شىء على كل حال. ومعنى كلام بولس لأهل فيليبى أن فرحه لم يكن لأنه فى احتياج للمعونة بل بمحبتهم التى ظهرت فى عطاياهم. لقد تعلَّم أن يعيش بالقليل وهو فى حالة رضى بالرب، ومهما كان له من ضعف بشرى ففى المسيح كان يجد كفايته ولا يحتاج مع المسيح لأى شىء آخر: أستطيع كل شىء فى المسيح الذى يقوينى: فى المسيح أى لاننى ثابت فيه وهو له إمكانيات لانهائية، وبهذه الامكانيات يمكننى أن افعل أي شئ. ولم يزل المسيح مصدر قوة لنا فى كل شىء (فى حياتنا الروحية والمادية) كما كان لبولس. وهذه الآية رد على قول المسيح بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً (يو5: 15، وراجع 2كو12: 9، 10). ولكن علينا أن نعرف أن ما سيتحقق ونستطيع عمله هو ما يوافق إرادة الله ولمجد إسمه.

فى المسيح = أى ثبات فى المسيح اللانهائى – وهذا يعطى لمن يثبت فى المسيح إمكانيات لا نهائية، هى إمكانيات حياة المسيح الذى فيه. وهاهو بولس الرسول ما زال يكرز للآن فى كل زمان وفى كل مكان بكتاباته. أما من يريد أن ينسب نجاح العمل لنفسه سيأخذ إعجاب الناس لكنه سيقع فى حيز المحدود الذى هو إمكانيات البشر العاجزة، بل وكل محدود له نهاية. وكل نهاية هى الموت. لذلك نفهم أن شجرة الحياة هى الإتحاد بالمسيح. وشجرة معرفة الخير والشر هى الخطية التى تفصلنا عن المسيح، والمسيح هو الحياة. إذاً فشجرة معرفة الخير والشر التى أكل منها آدم أدت للموت لأنه وقع فى حيز المحدود بإنفصاله عن الله.

هل تبحث عن  القديس ثيودوروس التيروني

أجاب مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن سؤال “كلمنا عن إنجازاتك فى فترة حبريتك” فأجاب “لم نتعود أن نتكلم عن إنجازاتنا بل عن ما عمله الله بنا”.

وكل من يفهم أن الله هو الذى يعمل به وينسب كل نجاح له فى عمله إلى الله، ينطلق فى نجاحه إلى أفاق لا نهائية مثل بولس الرسول.

الذكاء الروحى: – هو أسلوب يتبعه الخادم الذى يريد أن تنجح خدمته، ويتمجد بها إسم الله. ويتلخص فى أنه عليه أن يفهم أن الله يعمل به، وأنه هو مجرد أداة فى يد الله فلا ينسب أى نجاح فى الخدمة لنفسه بل لله. وهذا ما قال عنه الرسول أنه “يجاهد قانونيا” (2تى2: 5) “وأيضا إن كان أحد يجاهد، لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا” وقوله يكلل يعنى أن من يسلك بالذكاء الروحى وينسب نجاح الخدمة لله مخفيا ذاته يظهره الله ويحبه الناس، فالله هو الذى يضع محبة هذا الخادم فى قلوب الناس. بل أن العجيب أن الله ينسب العمل لهذا الخادم مع أن العمل عمل الله. ونرى تطبيق هذا فى خدمة وعمل مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث.

أما من يفرح بثمار عمله فيبدأ يتكلم عن نفسه معجبا بنفسه وبنجاحه، فهو يسرق عمل الله وينسبه لنفسه. وهو قد يلاقى بعض الإعجاب به، ولكن هذا سيكون لوقت محدود. وسيتغير الحال بدوافع الغيرة من البعض. بل من فصل نفسه عن الله يقع فى حيز المحدود ويبدأ نجاح خدمته فى التآكل.

الأعداد 14-16

الأيات (14 – 16): – “

14غَيْرَ أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ حَسَنًا إِذِ اشْتَرَكْتُمْ فِي ضِيقَتِي. 15 وَأَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ أَيُّهَا الْفِيلِبِّيُّونَ أَنَّهُ فِي بَدَاءَةِ الإِنْجِيلِ، لَمَّا خَرَجْتُ مِنْ مَكِدُونِيَّةَ، لَمْ تُشَارِكْنِي كَنِيسَةٌ وَاحِدَةٌ فِي حِسَابِ الْعَطَاءِ وَالأَخْذِ إِلاَّ أَنْتُمْ وَحْدَكُمْ. 16فَإِنَّكُمْ فِي تَسَالُونِيكِي أَيْضًا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ لِحَاجَتِي. “.

إذ قال إنه غير محتاج لشىء وإنه مستكفى، وحتى لا يفهم أهل فيليبى أن الرسول يحط من قدر ما قدموه له، يقول إن كل ما عملتموه لى فهو حسن. إذ أنكم شاركتمونى فى ضيقتى فى سجنى، ليس بعطاياكم فقط بل بمحبتكم ومشاعركم. لقد شعرت فى محبتكم أن ضيقتى هى ضيقة لكم. وهذا ليس بالجديد عليكم فأنتم منذ بدأتُ الكرازة بينكم بالإنجيل وحتى خروجى من مكدونية (كانت آخر مدينة زارها هناك هى بيرية منذ 10 سنوات)، لم تشاركنى كنيسة واحدة كما شاركتمونى، وبالأخص فى مشاعركم بأنكم مدينون لى بالكثير، مقابل ما أخذتموه منى فى رعايتكم وكرازتكم وتنمية إيمانكم، وأرسلتم لمساعدتى وأنا فى تسالونيكى وهى مدينة ذات ثراء كبير. إلاّ أنتم وحدكم: لم يقبل الرسول سوى منهم لثقته فى محبتهم له. العطاء والأخذ: بولس أعطاهم روحيات وأخذ منهم ماديات. وهم أخذوا روحيات وأعطوه ماديات.

العدد 17

آية (17): –

“17لَيْسَ أَنِّي أَطْلُبُ الْعَطِيَّةَ، بَلْ أَطْلُبُ الثَّمَرَ الْمُتَكَاثِرَ لِحِسَابِكُمْ.”.

لا يُفهم من حديثى هذا أننى أجتهد فى طلب عطايا أكثر منكم، بل أطلب لكم الثمر المتكاثر فى البر، أى الثمر الروحى المتكاثر فى أعمال المحبة ويزداد رصيدكم من أعمال البر والإحسان، والله لا ينسى تعب المحبة.

الأعداد 18-20

الأيات (18 – 20): –

“18 وَلكِنِّي قَدِ اسْتَوْفَيْتُ كُلَّ شَيْءٍ وَاسْتَفْضَلْتُ. قَدِ امْتَلأْتُ إِذْ قَبِلْتُ مِنْ أَبَفْرُودِتُسَ الأَشْيَاءَ الَّتِي مِنْ عِنْدِكُمْ، نَسِيمَ رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ، ذَبِيحَةً مَقْبُولَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ. 19فَيَمْلأُ إِلهِي كُلَّ احْتِيَاجِكُمْ بِحَسَبِ غِنَاهُ فِي الْمَجْدِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 20 وَللهِ وَأَبِينَا الْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدَّاهِرِينَ. آمِينَ.”.

استفضلت: تقدماتكم جعلتنى أستوفى كل حاجاتى بل زادت عن حاجتى. ذبيحة مقبولة نسيم رائحة طيبة: هذه كلمات تستخدم مع ذبائح العهد القديم (تك 21: 8) + (لا9: 1). فهو اعتبر العطايا ذبيحة حب (عب16: 13). والرائحة الطيبة هى رائحة المحبة التى قدموا بها عطاياهم. فيملأ إلهى: قوله إلهى يشير لإحساسه بأن الله إله خاص له “أنا لحبيبى وحبيبى لى” (نش 16: 2، 3: 6). وهذا الإحساس يقوى العلاقة بينى وبين الله. بولس إختبر العلاقة الخاصة بين الله وبينه وعرف محبة الله وحنانه.

بحسب غناه: إذاً فعطايا الله لنا بغير حدود لأن غناه بغير حدود.

ولله وأبينا: هو الله وهو أبينا. وما أجمل أن نعرف أن الله هو أبونا.

الأعداد 21-23

الأيات (21 – 23): –

“21سَلِّمُوا عَلَى كُلِّ قِدِّيسٍ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الإِخْوَةُ الَّذِينَ مَعِي. 22يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ جَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ مِنْ بَيْتِ قَيْصَرَ. 23نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.”.

لاسيما الذين من بيت قيصر: كان الرسول قد قاد بعض الجنود وموظفى القصر للإيمان، وربما بعض من عائلة قيصر. فكان الجنود الذين يحرسونه يسمعونه وينقلون الأخبار للآخرين فيأتون إليه. ويسمعونه فيؤمنوا.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي